القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف الرَّضي الكل
المجموع : 14
وَسَمَتكَ حالِيَةُ الرَبيعِ المُرهِمُ
وَسَمَتكَ حالِيَةُ الرَبيعِ المُرهِمُ / وَسَقَتكَ ساقِيَةُ الغَمامِ المُرزِمِ
وَغَدَت عَلَيكَ مِنَ الحَيا بِمُوَدِّعٍ / لا عَن قِلىً وَمِنَ النَدى بِمُسَلِّمِ
قَد كُنتُ أَعذُلُ قَبلَ مَوتِكَ مَن بَكى / فَاليَومَ لي عَجَبٌ مِنَ المُتَبَسِّمِ
وَأَذودُ دَمعي أَن يَبُلَّ مَحاجِري / فَاليَومَ أَعلَمُهُ بِما لَم يَعلَمِ
لا قُلتُ بَعدَكَ لِلمَدامِعِ كَفكِفي / مِن عَبرَةٍ وَلَوَ اِنَّ دَمعي مِن دَمي
إِنَّ اِبنَ موسى وَالبَقاءُ إِلى مَدىً / أَعطى القِيادَ بِمارِنٍ لَم يُخطَمِ
وَمَضى رَحيضَ الثَوبِ غَيرَ مُدَنَّسٍ / وَقَضى نَقِيَّ العودِ غَيرَ مُوَصَّمِ
وَحَماهُ أَبيَضُ عِرضِهِ وَثَنائِهُ / ضَمُّ اليَدَينِ إِلى بَياضِ الدِرهَمِ
وَغَني عَنِ الدُنيا وَكانَ شَجىً لَها / إِنَّ الغَنِيَّ قَذىً لِطَرفِ المُعدِمِ
مَلَأَ الزَمانَ مَنائِحاً وَجَرائِحاً / خَبَطاً بِبُؤسى في الرِجالِ وَأَنعُمِ
وَاِستَخدَمَ الأَيّامَ في أَوطارِهِ / فَبَلَغنَ أَبعَدَ غايَةِ المُستَخدَمِ
اليَومَ أَغمَدتُ المُهَنَّدَ في الثَرى / وَدَفَنتُ هَضبَ مُتالِعٍ وَيَلَملَمِ
وَغَدَت عَرانينُ العُلى وَأَكُفُّها / مِن بَينِ أَجدَعَ بَعدَهُ أَو أَجذَمِ
مُتَبَلِّجٌ كَرَماً إِذا سُئِلَ الجَدا / مَطَرَ النَدى أَمَماً وَلَم يَتَغَيَّمِ
جَذلانُ تُطلِعُ مِنهُ أَندِيَةُ العُلى / وَجهاً كَريمَ الخَدِّ غَيرَ مُلَطَّمِ
يَرمي المَغارِمَ بِالتِلادِ وَيَنثَني / ثَلِجَ الضَميرِ كَأَنَّهُ لَم يُغرَمِ
الواهِبَ النَعَمَ الجَراجِرَ عادَةً / مِن ذي يَدَينِ إِذا سَخا لَم يَندَمِ
جاءَت بِها حُمرَ الرَبيعِ مَشيدَةً / حَمراءَ تَحسَبُها عُروقَ العَندَمِ
مُتَبَقِّلاتٌ بِاللَديدِ وَرامَةٍ / بَينَ القَنا المَنزوعِ وَالمُتَلَهذِمِ
بِيَدَي أَغَرَّ يَرُدُّ أَلوِيَةَ القَنا / غِبَّ الوَقائِعِ يُعتَصَرنَ مِنَ الدَمِ
وَيَقولُ لِلنَفسِ الكَريمَةِ سَلِّمي / يَومَ اللِقاءِ وَلا يَقولُ لَها اِسلَمي
هَتَفَ الحِمامُ بِهِ فَكانَ وَصاتَهُ / بَذلُ الرَغائِبِ وَاِحتِمالُ المَغرَمِ
هَل يورِثُ الرَجُلُ الكَريمُ إِذا مَضى / إِلّا بَواقِيَ مِن عُلىً وَتَكَرُّمِ
يَأبى النَدى تَركَ الثَراءِ عَلى الفَتى / وَيَقِلُّ ميراثُ الجَوادِ المُنعِمِ
مَلَأَت فَضائِلُكَ البِلادَ وَنَقَّبَت / في الأَرضِ يَقذِفُها الخَبيرُ إِلى العَمي
فَكَأَنَّ مَجدَكَ بارِقٌ في مُزنَةٍ / قِبَلَ العُيونِ وَغُرَّةٌ في أَدهَمِ
أَنعاكَ لِلخَيلِ المُغيرَةِ شُزَّباً / خَبَطَ المَغارَ بِهِنَّ مَن لَم يُجرِمِ
كَالسِربِ أَوجَسَ نَبأَةً مِن قانِصٍ / فَمَضى يَلُفُّ مُؤَخَّراً بِمُقَدَّمُ
وَاليَومُ مُقذٍ لِلعُيونِ بِنَقعِهِ / لا يَهتَدي فيهِ البَنانُ إِلى الفَمِ
لَم يَبقَ غَيرُ شَفافَةٍ مِن شَمسِهِ / كَمَضيقِ وَجهِ الفارِسِ المُتَلَثِّمِ
مِن خائِضٍ غَمرَ الدِماءِ يَبُلُّهُ / بَلَّ النَدى مَطَرَ القَنا المُتَحَطِّمِ
أَو ناقِشٍ مِن جِلدِهِ شَوكَ القَنا / عَن كُلِّ فاغِرَةٍ كَشَدقِ الأَعلَمِ
أَو مُفلِتٍ حُمَةَ السِنانِ نَجَت بِهِ / رَوعاءُ لا تَدَعُ العِذارَ لِمُلجِمِ
يَنزو بِهِ الفَرعُ الكَذوبُ وَيَتَّقي / مُرَّ الحَديثِ بِكُلِّ يَومٍ أَيوَمِ
وَيَروعُهُ وَصفُ الشُجاعِ لِطَعنَةٍ / مِن ذابِلٍ أَو ضَربَةٍ مِن مِخذَمِ
حَتّى يَظُنَّ الصُبحَ سَيفاً مُنتَضىً / أَهوى إِلَيهِ مَعَ الكَمِيِّ المُعلِمِ
وَمُقاوِمٍ عَرَضَ الكَلامُ بُرودَهُ / فيهِنَّ بَينَ مُعَضَّدٍ وَمُسَهَّمِ
أَغضى لَها المُتَشَدِّقونَ وَسَلَّموا / لِهَديرِ شِقشِقَةِ الفَنيقِ المُقرَمِ
بِالرَأيِ تَقبَلُهُ العُقولُ ضَرورَةً / عِندَ النَوائِبِ لا بِكَيفَ وَلالِمِ
حَمَلَ العَظائِمَ وَالمَغارِمَ ناهِضاً / وَمَضى عَلى وَضَحِ الطَريقِ الأَقوَمِ
حَتّى إِذا أَرمى الجِذابُ مِلاطُهُ / وَأَوى الزِمامُ لِأَنفِهِ وَالمَلطَمِ
طَرَحَ الوُسوقَ فَلَم يَدَع مِن بَعدِهِ / عِندَ العَظيمَةِ حامِلاً لِلمُعظَمِ
كَالنِقضِ قَد عَرَكَ الدُؤوبَ صِفاحُهُ / عَركَ الضِباعِ مِنَ العِنانِ المُؤدِمِ
رَقَدَ المُلوكُ بِحَزمِ أَبلَجَ رَأيُهُ / فَلَقٌ لِعاشِيَةِ العُقولِ النُوَّمِ
تَنفَضُّ عَنهُ النائِباتُ كَأَنَّها / وَبَرُ المُوَقَّعِ نَشَّ تَحتَ الميسَمِ
كانوا إِذا قَعَدَ البِكارُ بِثِقلِهِم / قالوا لِذا العودِ الجُلالِ تَقَدَّمِ
عَمري لَقَد قَذَفوا الكُروبَ بِفارِجٍ / مِنهُ وَقَد رَجَموا الخُطوبَ بِمِرجَمِ
فَكَأَنَّما قَرَعوا القَنا بِعُتَيبَةٍ / وَلَقوا العِدا بِرَبيعَةِ بنِ مُكَدَّمِ
رَقاءُ أَضغانٍ يَسُلُّ شَباتَها / حَتّى يُغَيِّرَ طَبعَ سُمِّ الأَرقَمِ
سَبعٌ وَتِسعونَ اِهتَبَلنَ لَكَ العِدا / حَتّى مَضَوا وَغَبَرتَ غَيرَ مُذَمَّمِ
لَم يَلحَقوا فيها بِشَأوِكَ بَعدَما / أَمَلوا فَعاقَهُمُ اِعتِراضُ الأَزلَمِ
إِلّا بَقايا مِن غُبارِكَ أَصبَحَت / غُصَصاً وَأَقذاءً لِعَينٍ أَو فَمِ
إِن يَتبَعوا عَقِبَيكَ في طَلَبِ العُلى / فَالذِئبُ يَعسُلُ في طَريقِ الضَيغَمِ
هَل مِن أَبٍ كَأَبي لِجُرحِ مُلِمَّةٍ / أَعيا وَشَعبِ عَظيمَةٍ لَم يُلأَمِ
إِنَّ الخُطوبَ الطارِقاتِ فَجَعنَنا / بِحِمى الأَبِيِّ وَجُنَّةِ المُستَلئِمِ
بِمُمَهَّلٍ في الغابِرينَ مُؤَخَّرٍ / وَمُحَفَّزٍ في السابِقينَ مُقَدَّمِ
الطاهِرِ اِبنِ الطاهِرينَ وَمَن يَكُن / لِأَبٍ إِلى جِذمِ النُبُوَّةِ يَعظُمِ
مِن مَعشَرٍ تَخِذوا المَكارِمَ طُعمَةً / وَرَوُوا مِنَ الشَرَفِ الأَعَزِّ الأَقدَمِ
مِن جائِدٍ أَو ذائِدٍ أَو عاقِرٍ / أَو ماطِرٍ أَو مُنعِمٍ أَو مُرغِمِ
وَفَروا عَلى المَجدِ المُشيدِ هُمومَهُم / وَتَهاوَنوا بِالنائِلِ المُتَهَدِّمِ
عيصٌ أَلَفَّ تَقابَلَت شُعُباتُهُ / في المَجدِ شَجرَ مُقَوَّمٍ لِمُقَوَّمِ
يَتَعاوَرونَ المَكرُماتِ وِلادَةً / مِن بَينِ جَدٍّ في المَكارِمِ وَاِبنِمِ
قَد قُلتُ لِلحُسّادِ حينَ تَقارَضوا / حُرَقَ القُلوبِ جَوىً وَحَرقَ الأُرَّمِ
لا تَحسُدوا المُتَرادِفينَ عَلى العُلى / وَالغالِبينَ عَلى السَنامِ الأَكوَمِ
وَالطاعِنينَ بِكُلِّ جَدٍّ مِدعَسٌ / وَالماطِرينَ بِكُلِّ نيلٍ مُرزِمِ
لَكُمُ الفُضولُ إِذا تَكونُ وَقيعَةٌ / أَو غارَةٌ وَلَهُم صَفِيُّ المَغنَمِ
عَطِرونَ ما لِأُنوفِكُم مِن طيبِهِم / بَينَ المَجامِعِ غَيرَ شَمِّ المَرغَمِ
يَتَسانَدونَ إِلى عُلى عادِيَّةٍ / وَمَكارِمٍ قُدمٍ وَمَجدٍ قَشعَمِ
مُتَزَيِّدينَ إِلى السُؤالِ وَعِندَكُم / أُمُّ العَظاءِ مُفِذَّةً لَم تُتئِمِ
فَتَعَلَّقوا عَجَبَ المَذَلَّةِ وَاِترُكوا / رَفعَ العُيونِ إِلى البِناءِ الأَعظَمِ
تِلكَ الأُسودُ فَمَن يَجُرُّ فَريسَها / أَم مَن يَمُرُّ بِغابِها المُتَأَجِّمِ
حُطَّت بِأَطرافِ البِلادِ قُبورُهُم / رُقُمُ النُجومِ سُقوفُ لَيلٍ مُظلِمِ
وَكَفاكَ مِن شَرَفِ القَبيلِ بِأَن تَرى / بَدَدَ القُبورُ لِمُنجِدٍ أَو مُتهِمِ
عُدّوا جِبالاً لِلعَلاءِ وَإِن غَدَوا / أَمشاجَ مَجدٍ في رَمائِمِ أَعظُمِ
وَضَعَت بِتِلكَ صَفايِحاً وَضَرايِحاً / أَثقالَ أَوطَفَ بِالرُعودِ مُزَمزِمِ
وَسَقَت ثَراهُنَّ الدُموعُ مُرِشَّةً / فَغَنينَ عَن قَطرِ الغَمائِمِ وَالسُمِي
جَدَثٌ بِبابِلَ أُشرِجَت رُجُماتُهُ / طَبَقاً عَلى مَطَرِ النَدى المُتَهَزِّمِ
ضِمنَ السَماحَةِ في مَلاثِ إِزارِهِ / وَالمَجدُ في نُوّارِهِ المُتَكَمِّمِ
لا تَحسَبَن جَدَثاً طَواهُ ضَريحُهُ / قَبراً فَذاكَ مَغارُ بَعضِ الأَنجُمِ
أَعرَيتَ ظَهري لِلعِدا وَلَوِ اِتَّقى / بِزُهاءِ مُزدَحِمِ العَديدِ عَرَمرَمِ
وَكَشَفتَ لِلأَيّامِ عَورَةَ مَقتَلي / حَتّى رَدَدنَ عَلَيَّ بَعدَكَ أَسهُمي
قَد كُنتَ ما بَيني وَبَينَ سِهامِها / فَاليَومَ لا يُخطينَ شاكِلَةَ الرَمِي
هَل تَسمَعَنَّ مِنَ الزَمانِ ظُلامَتي / فيما جَنى وَإِلى الزَمانِ تَظَلُّمي
قُل لِلنَوائِبِ لا أُقيلُكَ عَثرَةً / فَتَشَزَّني لِوَقائِعي وَاِستَسلِمي
لا تَصفَحَنَّ عَنِ المُلِمِّ إِذا جَنى / وَإِذا المَضارِبُ أَمكَنَتكَ فَصَمِّمِ
فَالغِمرُ مَن تَرَكَ الجَزاءَ عَلى الأَذى / وَأَقامَ يَنظُرُ عُذرَةً مِن مُجرِمِ
وَمَحوكَةٍ كَالدِرعِ أَحكَمَ سَردَها / صَنَعٌ فَأَفصَحَ في الزَمانِ الأَعجَمِ
عَضَّلتُها زَمَناً لِأَطلُبَ كُفؤَها / وَزَفَفتُها لَكَ نِعمَ بَعلُ الأَيِّمِ
إِنّي نَزَلتُ وَكُنتُ غَيرَ مُذَلَّلٍ / بَيتَ المُهانِ وَأَنتَ عَينُ المُكرَمِ
لا أَشتَكي ضُرّي مِن ال
لا أَشتَكي ضُرّي مِن ال / ناسِ وَهُم مَن أَعلَمُ
إِنَّ إِلَهاً مَسَّ بِال / ضُرِّ جَوادٌ مُنعِمُ
أَشكو الَّذي يَرحَمُني / إِلى الَّذي لا يَرحَمُ
قَد يَبلُغُ الرَجُلُ الجَبانُ بِمالِهِ
قَد يَبلُغُ الرَجُلُ الجَبانُ بِمالِهِ / ما لَيسَ يَبلُغُهُ الشُجاعُ المُعدَمُ
لا تَخدَعَن عَنهُ فَرُبَّ ضَريبَةٍ / يَنبو الحُسامُ بِها وَيَمضي الدِرهَمُ
هِيَ سُلوَةٌ ذَهَبَت بِكُلِّ غَرامِ
هِيَ سُلوَةٌ ذَهَبَت بِكُلِّ غَرامِ / وَالحُبُّ نَهبُ تَطاوُلِ الأَيّامِ
وَلَقَد نَضَحتُ مِنَ السُلُوِّ وَبَردِهِ / حَرَّ الجَوى فَبَرَدتُ أَيَّ ضِرامِ
مِن بَعدِ ما أَظمى الغَليلُ جَوانِحي / وَأَطالَ مِن مَلَلِ الزُلالِ أُوامي
نَشَزَ الجَنيبُ عَلى ثَنِيّاتِ الهَوى / وَنَجَوتُ مَرمِيّاً إِلَيَّ زِمامي
سَلوانَ لا أُعطي الجَآذِرَ لَفتَةً / أَو نَظرَةً إِلّا بِعَينِ لَمامِ
نَفَضَ الصَبابَةَ خاطِري وَجَوانِحي / وَأَبى المَذَلَّةَ مَنزِلي وَمَقامي
وَالحُبُّ داءٌ يَضمَحِلُّ كَأَنَّما / تَرغو رَوازِحُهُ بِغَيرِ لُغامِ
لا يَدَّعِ العُذّالُ نَزعَ صَبابَتي / بِيَدي حَسَرتُ عَنِ الغَرامِ لِثامي
قَد كانَتِ الصَبَواتُ تَعسِفُ مِقوَدي / فَالآنَ سَوفَ أُطيلُ مِن إِجمامي
هَيهاتَ يَخفِضُني الزَمانُ وَإِنَّما / بَيني وَبَينَ الذُلِّ حَدُّ حُسامي
لا أَرتَضي بِالماءِ إِلّا جَمَّةً / وَلَرُبَّ طافِحَةٍ بِغَيرِ جِمامِ
وَأَصُدُّ عَن ماءِ القَليبِ وَماؤُهُ / في حَيِّزِ الإِكرابِ وَالأَوذامِ
وَلَقَد لَبِستُ مِنَ القَناعَةِ جُبَّةً / تَضفو عَلَيَّ وَلا تَبينُ لِذامِ
كَم ذَلَّلَ العُدمُ العَزيزَ وَعَظَّمَت / نَفَحاتُ هَذا المالِ غَيرَ عُظامِ
ما هَمُّ مَن حُرِمَ الثَراءَ إِذا سَما / وَأَحَظُّ مِن شَرَفٍ وَمِن إِعظامِ
شَحَبَ الزَمانُ عَلَيَّ بَعدَ غَضارَةٍ / وَإِذا نَقَضتُ فَقَد قَضَيتُ تَمامي
وَجَرى الثِقافُ عَلى أَوائِلِ صَعدَتي / فَاِقتَصَّ مِن طَرَبي وَفَضلِ عُرامي
عَنّي إِلَيكَ فَما الوِصالُ بِنافِعٍ / مَن لا يُعَذَّبُ قَلبُهُ بِغَرامِ
ما كُنتُ أَسمَحُ بِالسَلامِ لِمُعرِضٍ / وَعَلى أَميرِ المُؤمِنينَ سَلامي
مَلِكٌ سَما حَتّى تَحَلَّقَ في العُلى / وَأَذَلَّ عِرنينَ الزَمانِ السامي
يا اِبنَ القَماقِمِ وَالغَطارِفَةِ الأُلى / قِمَمِ العُلى وَدَعائِمِ الإِسلامِ
الطَودُ أَيهَمُ وَالسَماءُ عَريضَةٌ / وَاليَومَ أَيوَمُ وَالقَلَمَّسُ طامِ
سيماءُ مُشتَهِرٍ وَقَلبُ مُشَيَّعٍ / وَأَناةُ مُقتَدِرٍ وَرَأيُ إِمامِ
أَمرُ الخِلافَةِ في يَدَيكَ وَإِنَّما / هِيَ عُقبَةٌ تُقضى بِكُلِّ هُمامِ
قَد كانَ جَدُّكَ عِصمَةَ العُربِ الأُلى / وَالآنَ أَنتَ لَهُم مِنَ الإِعدامِ
حَفِظوا أَياديكَ الجِسامَ وَإِنَّما / وُصّوا بِحِفظِ الخَيلِ وَالأَنعامِ
بِالطائِعِ الهادي الإِمامِ أَطاعَني / أَمَلي وَسَهَّلَ لي الزَمانُ مَرامي
مِن مَعشَرٍ ما فيهِمُ إِلّا فَتىً / أَو جائِدٍ أَو ذائِدٍ أَو حامِ
قَومٌ إِذا عَزَموا الغِوارَ تَراجَعوا / يَتَقاسَمونَ ضَراغِمَ الآجامِ
لا يَستَقِرُّ المالُ فَوقَ أَكُفِّهِم / كَالسَيلِ يَزلَقُ عَن ذُرى الأَعلامِ
البَيتُ ذو العَمَدِ الطِوالِ يُظِلُّهُم / بَينَ القَنا وَالحامِلِ الهَمهامِ
يَفديكَ كُلُّ مُزَنَّدٍ وَمُعَرِّدٍ / يَومَ الوَغى وَمُطاوِلٍ وَمُسامِ
وَمُبَخِّلٍ أَعطى القَليلَ وَرُبَّما / سَمَحَت حُروفُ التاءِ لِلتَمتامِ
أَثَرُ النُدوبِ بِصَفحَتَيهِ وَنَحرِهِ / لِصَفا مُرادٍ أَو سِهامِ مَرامِ
طَلَبَ الغِنى لا لِلحَياءِ وَلا النَدى / ما كُلُّ عارٍ جاءَ لِلإِحرامِ
أَحَسودَ ذي النورِ المُبينِ عَلى العُلى / إِربَع عَلى ظَلَعٍ وَأَنفُكَ دامِ
إِمّا تُنازِعهُ العَلاءَ فَإِنَّهُ / قَرمٌ يُخاطِرُهُ بُوَيزِلُ عامِ
وَلَرُبَّ قِرنٍ فاتَ أَطرافَ القَنا / حَتّى أَخَذتَ عَلَيهِ بِالأَقلامِ
وَوَلِعتَ في جِدِّ الحَدِيثِ وَهَزلِهِ / وَلَعَ القَواضِبِ بِالطُلى وَالهامِ
في فَيلَقٍ جَمِّ الذَوابِلِ وَالظُبى / مُثرٍ مِنَ الإِسراجِ وَالإِلجامِ
مُتَدَفِّقِ القُطرَينِ يَرجُفُ نَقعُهُ / بِعَصائِبِ الراياتِ وَالأَعلامِ
فَكَأَنَّهُ وَالنَقعُ فَوقَ رِواقِهِ / سَيلٌ يُسايِرُ مُستَطيلَ غَمامِ
ما زِلتَ تَكشِفُهُ بِمَصقولِ القَرا / وَالخَيلُ بَينَ مُغيرَةٍ وَصِيامِ
قَلقَلتَ مِن أَعطافِهِ فَكَأَنَّما / فَجَّرتَ يُنبوعاً عَلى الأَقدامِ
طِرفٌ يَتيهِ عَلى اللِجامِ تَكَبُّراً / فَتَكادُ تَركَبُهُ بِغَيرِ لِجامِ
وَيَدٌ تَصولُ عَلى الحُسامِ شَجاعَةً / فَتَكادُ تَبسُطُها بِغَيرِ حُسامِ
وَالطَعنُ يَرجِعُ بِالقَنا وَصُدورُها / خَطّاطَةٌ خَلفَ الجِيادِ دَوامِ
حُمرُ الكُعوبِ كَأَنَّما أَلوى بِها / نَضخٌ مِنَ الشَيّانِ وَالعُلّامِ
إيهاً وَأَنتَ حَياً إِلى أَوطانِهِ / دَفعُ الزَمانِ بِمُعرِقٍ وَشَآمِ
هَذا الحُسَينُ وَقَد جَذَبتَ بِضَبعِهِ / جَذباً يُمِرُّ قَرائِنَ الأَرحامِ
أَعطَيتَهُ مَحضَ المَوَدَّةِ وَالهَوى / وَغَرائِبَ الإِعزازِ وَالإِكرامِ
وَرَدَدتَهُ بِالقَولِ لَيسَ بِخُلَّبٍ / في عَقبِهِ وَالوَعدُ غَيرُ جَهامِ
مُتَناوِلاً طَرَفَ الفَخارِ يَجُرُّهُ / وَيَقودُ مُصعَبَهُ بِغَيرِ زِمامِ
لَمّا رَآكَ رَأى النَبِيَّ مُحَمَّداً / في بُردَةِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
وَرَأى بِمَجلِسِكَ المُعَرِّقِ في العُلى / حَرَمَ الرَجاءِ وَقُبَّةَ الإِسلامِ
أَوسَعتَ مِن خَطَواتِهِ في مَوقِفٍ / مُتَغَلغِلٍ بِتَضايُقِ الأَقدامِ
وَرَفَعتَ ناظِرَهُ إِلَيكَ مُسَلِّماً / في أَيِّ أُبَّهَةٍ وَأَيِّ مَقامِ
وَمِنَ القُلوبِ سَواكِنٌ وَخَوافِقٌ / وَمِنَ العُيونِ غَوامِضٌ وَسَوامِ
قَرَّبتَ مِن فَمِهِ أَنامِلَ راحَةٍ / مَعروفَةٍ بِالنَقضِ وَالإِبرامِ
وَخَصَصتَهُ بِالبِشرِ مِنكَ وَإِنَّما / بِشرُ الإِمامِ قَرابَةُ الإِنعامِ
بِرُّ الأَقارِبِ وَالأَباعِدِ واجِبٌ / وَأَحَقُّ بِالنُعمى بَنو الأَعمامِ
لا تَشمِتَنَّ بِهِ الأَعادي بَعدَما / عَرَضوا مِنَ الأَحقادِ وَالأَوغامِ
هِيَ قَولَةٌ لا يُستَطاعُ رُجوعُها / كَالسَهمِ يَخرُجُ عَن بَنانِ الرامي
وَالقَولُ يَعرِضُ كَالهِلالِ فَإِن مَشى / فيهِ الفَعالُ فَذاكَ بَدرُ تَمامِ
وَلَرُبَّ فاعِلِ فِعلَةٍ لا تَنثَني / لَو رامَ رَجعَتَها بِكُلِّ مَرامِ
وَكَذا المُلوكُ تَقَوَّضوا وَاِستَصعَبوا / تَقويضَ ما رَفَعوا مِنَ الآطامِ
وَغَدا سِنانُ اِبنُ المُشَلِّلِ عاجِزاً / عَن نَقضِ ما عَلّى مِنَ الأَهرامِ
وَكَذاكَ عَمروٌ ذو المَعابِلِ فاتَهُ / بَعدَ اِضطِرابِ النَزعِ رَدُّ سِهامِ
وَيلٌ لِمَغرورٍ عَصاكَ فَإِنَّهُ / مُتَعَرِّضٌ لِمَخالِبِ الضِرغامِ
هَيهاتَ طاعَتُكَ النَجاةُ وَحُبُّكُ ال / تَقوى وَشُكرُكَ أَفضَلُ الأَقسامِ
فَاِسلَم أَميرَ المُؤمِنينَ لِغِبطَةٍ / مَعقودَةٍ بِذَوائِبِ الأَعوامِ
وَتَمَلَّ أَيّامَ البَقاءِ وَلا تَزَل / تَطغى بِشُكرِكَ أَلسُنُ الأَقوامِ
نَفسٌ يُحَرِّمُها الحِمامُ مَهابَةً / لَيسَ النُفوسُ عَلى الرَدى بِحَرامِ
فَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّ نورَكَ لَم يَزَل / مُستَهزِئاً بِالظُلمِ وَالإِظلامِ
وَالمَجدُ يُخبِرُ عَن فِعالِكَ أَنَّهُ / يُدلي إِلَيهِ بِحُرمَةٍ وَذِمامِ
فَاِسمَع أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما ال / أَسماعُ أَبوابٌ إِلى الأَفهامِ
القَولُ في الإِطراءِ غَيرُ مُبَلَّدٍ / وَالشُكرُ لِلنَعماءِ غَيرُ عُقامِ
جاءَتكَ مُحصَدَةَ القُوى حَبّارَةً / تَستَعبِدُ الأَرواحَ في الأَجسامِ
مَن لي بِإِنشاديكَها في مَوقِفٍ / أَعتَدُّهُ شَرَفاً مَدى أَيّامي
لا أَدَّعي فيهِ الغُلُوَّ وَإِنَّما / يوفي عَلى قُلَلِ الرِجالِ كَلامي
لِلَّهِ ثُمَّ لَكَ المَحَلُّ الأَعظَمُ
لِلَّهِ ثُمَّ لَكَ المَحَلُّ الأَعظَمُ / وَإِلَيكَ يَنتَسِبُ العَلاءُ الأَقدَمُ
وَلَكَ التُراثُ مِنَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / وَالبَيتُ وَالحَجَرُ العَظيمُ وَزَمزَمُ
ما ناقَلَت رَكبُ الرِكابِ إِلى مِنىً / وأَراقَ مِن عَلَقِ الدِماءِ المَوسِمِ
خَطَرٌ مِنَ الدُنيا يَجُلُّ وَسورَةٌ / تَعلو وَقَدرٌ زائِدٌ يَتَقَدَّمُ
تَمضي المُلوكُ وَأَنتَ طَودٌ ثابِتٌ / يَنجابُ عَنكَ مُتَوَّجٌ وَمُعَمَّمُ
ما ذاكَ إِلّا أَنَّ غَربَكَ مِنهُمُ / أَمضى وَأَنَّ عُلُوَّ مَجدِكَ أَعظَمُ
إِنَّ الخِلافَةَ مُذ نَهَضتَ بِعِبئِها / هَدَأَ الضَميرُ بِها وَنامَ النُوَّمُ
قَد كانَ مِنبَرُها تَضاءَلَ خيفَةً / وَاِستَلَّ مِنهُ الهِزبَرِيُّ الأَعظَمُ
حَتّى تَخَمَّطَ مِنكَ فَوقَ سَراتِهِ / وَالأَرضُ راجِفَةٌ فَنيقٌ مُقرَمُ
لِلَّهِ أَيُّ مُقامِ دينٍ قُمتَهُ / وَالأَمرُ مَردودُ القَضِيَّةِ مُبرَمُ
فَكَأَنَّما كُنتَ النَبِيَّ مُناجِزاً / بِالقَولِ أَو بِلِسانِهِ تَتَكَلَّمُ
أَيّامَ طَلَّقَها المُطيعُ وَأَوحَشَت / مُذ زالَ عَن ذا الغابِ ذاكَ الضَيغَمُ
فَمَضى وَأَعقَبَ بَعدَهُ مُتَيَقِّظاً / سِجلاهُ بوسى في الزَمانِ وَأَنعُمُ
كَالغَيثِ يَخلُفُهُ الرَبيعُ وَبَعضُهُم / كَالنارِ يَخلُفُها الرَمادُ المُظلِمُ
لا تَهتَدي نُوَبُ الزَمانِ لِدَولَةٍ / اللَهُ فيها وَالنَبِيُّ وَأَنتُمُ
شَرَفاً بَني العَبّاسِ مَدَّ رِواقَهُ / وَعُلىً تُسانِدُها القَنا وَالأَنجُمُ
كَم مَهمَهٍ لَبِسَت إِلَيكَ رِكابُنا / وَالأَرضُ بُردٌ بِالمُنونِ مُسَهَّمِ
حَتّى تَراعَفَتِ المَناسِمُ وَالذُرى / فَسَواءٌ الأَعلى دَماً وَالمِنسَمِ
هُنَّ القِسِيُّ مِنَ النُحولِ فَإِن سَما / طَلَبٌ فَهُنَّ مِنَ النَجاءِ الأَسهُمُ
يَضمَنَّ أَمراً ما تَضَمَّنَ مِثلَهُ / أَيّامَ أَيّامَ الجَديلُ وَشَدقَمُ
في حَيثُ لا وِردُ العَطاءِ مُصَرَّدٌ / أَبَداً وَلا فِعلُ الزَمانِ مِذَمَّمُ
وَأَنا النَذيرُ لِمارِقٍ يَمَّمتُهُ / مِن ضَوءِ نارٍ لِلطُغاةِ مُضَرَّمُ
حَمراءُ جاهِلَةُ الشَرارِ مَهولَةٌ / لِلناظِرينَ لَها دُخانٌ أَدهَمُ
وَمُلَملِمٌ يَرمي العَدُوَّ بِرُكنِهِ / ماضٍ كَفِهرِ المِنجَنيقِ مُلَملِمُ
في مَعرَكٍ فُقِدَ التَكَلُّمُ تَحتَهُ / لِلرَوعِ إِلّا أَزمَلٌ وَتَغَمغُمُ
كَثُرَ الحَديدُ بِهِ فَبَعضٌ يَتَّقي / كَلمَ الطِعانِ بِها وَبَعضٌ يُكلَمُ
مِن كُلِّ ضاحِكَةِ القَتيرِ كَأَنَّها / بُردٌ أَعارَكَهُ الشُجاعُ الأَرقَمُ
وَطَويلِ سالِفَةِ السِنانِ يَؤودُهُ / خَطِلُ الكُعوبِ وَفي الضُلوعِ يُقَوَّمُ
وَمُرَقرَقِ الغَربَينِ إِلّا كُلفَةً / مِمّا يُطَبِّقُ دائِماً وَيُصَمِّمُ
في فِتيَةٍ رَكِبوا العُلى مِن هاشِمٍ / يَرمونَ أَقطارَ العَدُوِّ كَما رُموا
يَجري الحَياءُ الغَضُّ في قَسَماتِهِم / في حينَ يَجري في أَكُفِّهِمُ الدَمُ
فَإِذا غَضِبتَ فَأَنتَ أَنتَ شُجاعَةٌ / توفي عَلى عَضبِ الرَدى وَهُمُ هُمُ
بِحَمائِلِ المَلِكِ الجَليلِ مُقَلَّدٌ / وَبِخاتَمِ النَبَإِ العَظيمِ مُخَتَّمُ
وَعَظُمتَ قَدراً أَن يَروقَكَ مَغنَمٌ / أَو أَن يَصِرَّ عَلى بَنانِكَ دِرهَمُ
هِيَ راحَةٌ ما تَستَفيقُ مِنَ النَدى / أَبَدَ الزَمانِ وَبَدرَةٌ لا تُختَمُ
مَلِكٌ تَلاعَبَ بِالهَوى عَزَماتُهُ / بُعداً بِهِ عَمّا يَقولُ اللُوَّمُ
عالٍ عَلى نَظَرِ الزَمانِ مُبَرَّأٌ / مِمّا يَمُنُّ بِهِ الزَمانُ وَيَثلِمُ
بَينا يُضيءُ عَلى الزَمانِ فَيَنجَلي / حَتّى يُغيرُ عَلى الضِياءِ فَيُظلِمُ
النَفعُ وَالإِضرارُ شُغلُ لِسانِهِ / لِيُراشَ عافٍ أَو يُضَعضَعَ مُجرِمُ
وَيَروحُ عَنهُ وَلِيُّهُ وَعَدُوُّهُ / هَذا يَزيدُ غِنىً وَهَذا يَعدَمُ
فَعَلى المُقارِبِ مَطلَعٌ مُتَبَلِّجٌ / وَعَلى المُجانِبِ عارِضٌ مُتَجَهِّمُ
في كُلِّ يَومٍ خالِعٌ مُتَأَخِّرٌ / يَردى وَجَدٌّ غالِبٌ مُتَقَدِّمُ
وَفُتوحُ أَمصارٍ تَروحُ وَتَغتَدي / عَفواً إِلَيكَ وَغَيرُها يُتَجَشَّمُ
لَولاكَ لَم يَكُ مِثلُها ما يُرتَقى / عُلواً وَلَم يَكُ مِثلُها ما يُغنَمُ
ما كانَ يَومي دونَ مَدحِكَ أَنَّني / صَبٌّ بِغَيرِ جَلالِ وَجهِكَ مُغرَمُ
لَكِنَّها نَفسٌ تُصانُ لِتُنتَضى / وَتُجَمَّ مِن طولِ المَقالِ فَتُفعَمُ
أَنتَ العُلى فَلِقَصدِها ما أَقتَني / مِن جَوهَرٍ وَلِمَدحِها ما أَنظِمُ
ما حَقُّ مِثلي أَن يُضاعَ وَقَولُهُ / باقي العِمادِ عَلى الزَمانِ مُخَيِّمُ
وَأَجَلُّ ما أَبقى الرِجالُ فَضيلَةٌ / تَمتاحُها أُذُنٌ وَيودِقُها فَمُ
وَأَنا القَريبُ قَرابَةً مَعلومَةً / وَالعِرقُ يَضرِبُ وَالقَرائِبُ تُلحَمُ
إِنّي لَأَرجو مِنكَ أَن سَيَكونَ لي / يَومٌ أَغيظُ بِهِ الأَعادي أَيوَمُ
وَأَنالُ عِندَكَ رُتبَةً مَصقولَةً / إِن عايَنَ الأَعداءُ رَونَقَها عَموا
إِنّي وَإِن ضَرَبَ الحِجابُ بِطَودِهِ / أَو حالَ دونَكَ يَذبُلٌ وَيَلَملَمُ
لَأَراكَ في مِرآةِ جودِكَ مِثلَما / يَلقى العِيانَ الناظِرُ المُتَوَسِّمُ
وَلَقَد أَطاعَكَ مِن عَلِيٍّ ناصِحٌ / ماضي الجَنانِ إِذا أَظَلَّكَ مُغرَمُ
يُرضيكَ ظاهِرُهُ وَبَينَ ضُلوعِهِ / قَلبٌ بِما يُدني إِلَيكَ مُتَيَّمُ
فَاِشدُد يَدَيكَ بِهِ يَدُم لَكَ ناقِضٌ / فيما يَؤُدُّ مِنَ الأُمورِ وَمُبرَمُ
عِلماً أَقولُ بَديهَةً وَرَوِيَّةً / وَيَضَلُّ عِندَكَ قائِلٌ لا يَعلَمُ
شِعراً أُثيرُ بِهِ العَجاجَ بَسالَةً / كَالطَعنِ يُدمي وَالقَنا يَتَحَطَّمُ
وَفَصاحَةٌ لَولا الحَياءُ لَهَجَّنَت / أَعلامَ ما قالَ الوَليدُ وَمُسلِمُ
وَخَطابَةً لِلسَمعِ في جَنَباتِها / شُغلٌ يَعُقُ عَنِ الَّذي يَتَرَنَّمُ
فَعَلى ما يَطلُبُ غايَتي مُتَسَرِّعاً / غُلُقُ الجَنانِ أَقولُ ما لا يَفهَمِ
هَيهاتَ أَقعَدَكَ الحَضيضُ مُؤَخِّراً / عَنّي وَجاوَرَني السُها وَالمِرزَمُ
أَزدادُ فِكراً في الزَمانِ فَإِصبَعي / لِنَواجِذي أَبَدَ اللَيالي تَرأَمُ
وَأَرى الحَليمَ يُنالُ مِن إِعراضِهِ / وَيَسُلَّ مِقوَلَهُ السَفيهُ فَيَعظُمُ
يَقتادُ مَخشِيَّ الرِجالِ مُرادَهُ / عَفواً وَيُظلَمُ كُلُّ مَن لا يَظلِمُ
قَلبٌ يُسيغُ الحادِثاتِ وَعِندَهُ / عَزمٌ عَلى نُوَبِ الزَمانِ مُصَمِّمُ
يا دَهرُ دونَكَ قَد تَماثَلَ مُدنَفٌ / وَاِقتَصَّ مُهتَضَمٌ وَأَورَقَ مُعدِمُ
إِنّي عَلَيكَ إِذا اِمتَلَأتَ حَمِيَّةً / بِنَدى أَميرِ المُؤمِنينَ مُحَرَّمُ
وَمُذِ اِدَّرَعتَ عَطاءَهُ وَفِناءَهُ / أَرمي وَيَرميني الزَمانُ فَأَسلَمُ
وَإِذا الإِمامُ أَعارَ قَلبِيَ هِمَّةً / فَالأَمرُ أَمري وَالمَعاطِسُ تُرغَمُ
أَتَرى دِيارَ الحَيِّ بِال
أَتَرى دِيارَ الحَيِّ بِال / جِزعَينِ باقِيَةَ الخِيامِ
أَم فَرَّقَتهُم خِلفَةُ ال / أَيّامِ أَو نَجَعُ الغَمامِ
ماذا عَلى الرُكبانِ لَو / حَيَّوا طُلولَكَ بِالسَلامِ
أَو بَلَّغوا عَن واجِدٍ / لَفَّ الضُلوعَ عَلى الغَرامِ
داءٌ وَصَلتُ بِها الهَوى / وَقَطَعتُ أَقرانَ المَلامِ
وَبَلَوتُ مِن سُكرِ الشَبا / بِ أَجَنُّ مِن سُكرِ المُدامِ
أَيّامَ أَنظُرُ في مَعا / طِفِ شَملَتي نَظَرَ القَطامي
وَأَروحُ قائِدَ فِتيَةٍ / سودِ الغَدائِرِ وَالجُمامِ
سَقَياً لِأَزمانٍ بِها / كُنتُ المُلَقَّبَ بِالغُلامِ
قَد قُلتُ لِلرَكبِ الهُجو / دِ عَلى الأَماعِزِ وَالإِكامِ
هُبّوا فَقَد تَتَيَقَّظُ ال / أَجدادُ لِلقَومِ النِيامِ
زَمّوا المَطِيَّ وَأَحلَسوا / مِنها عَلى الدُبُرِ الدَوامي
وَدَعوا نَواظِرَها مِنَ ال / إِرقالِ تَعمى بِاللُغامِ
حَتّى تُنيخوا في حِمى / صَعبِ المَراقي وَالمَرامي
مَلِكِ المُلوكِ بِهِ يُرا / وَحُ بَينَ عَفوٍ وَاِنتِقامِ
ما إِن أُبالي مِن وَرا / ئي بَعدَ أَن يُضحي أَمامي
كَاللَيثِ يَقتَنِصُ الرِجا / لَ وَلا يُغيرُ عَلى السَوامِ
يُظمي الرِواءَ إِذا سَطا / وَإِذا سَخا أَروى الظَوامي
القائِدُ الجُردِ العِتا / قِ يَجُلنَ في بيضٍ وَلامِ
مِن كُلِّ ذي خُصَلٍ مُرا / حِ السَوطِ مَكدودِ اللِجامِ
وَمُسَوَّمِ الراياتِ يَخ / فِقُ في الجَماهيرِ العِظامِ
وَمُخَوِّلِ النِعَمِ الجِسا / مِ وَنازِعِ النِعَمِ الجِسامِ
إِنَّ الجِيادَ عَلى المَرا / بِطِ تَشتَكي طولَ الجُمامِ
تَرمي بِأَعيُنِها إِلى / البَلَدِ اليَماني وَالشَآمِ
يَصهُلنَ مِن شَوقٍ إِلى / قَطعِ المَفاوِزِ وَالمَوامي
وَمُصِرَّةِ الآذانِ تَر / قُبُ وَثبَةً بَعدَ القِيامِ
فَاِصدُم بِها ثَغرَ العِدا / بِجَوانِبِ اللَجِبِ اللُهامِ
يَحمِلنَ أُسدَ الغابِ قَد / عَقَدوا الدَوابِرَ بِاللِمامِ
مُستَلئِمينَ بِها كَأَن / نَ رُؤوسَهُم بيضُ النَعامِ
مِن كُلِّ هَفّافِ القَمي / صِ أَشَمَّ مَعروقِ العِظامِ
ماضٍ كَأَنَّ ذِراعَهُ / مِن قائِمِ العَضبِ الحُسامِ
يَغدونَ في فيحِ الفَلا / مُتَجارِحينَ مِنَ الزَحامِ
يَتَفَيَّؤونَ عَجاجَةً / كَجآجِىءِ الغَيمِ الرُكامِ
حَتّى تَقودَ مِنَ المَطا / لِبِ كُلَّ مَمنوعِ الزَمامِ
لا تَغرُرَنَّكَ مِن عَدُو / وِكَ رَميَةٌ مِن غَيرِ رامِ
أَشلى بِها الضِرغامُ حَت / تى هَبَّ مِن طيبِ المَنامِ
هِيَ عِندَهُ سَبَبُ الشَبا / بِ وَعِندَنا سَبَبُ الفِطامِ
أَنّى يُقَرطِسُ ذو العَمى / غَرَضَ المَرامي بِالسِهامِ
هَيهاتَ أَن تَطَأَ الذِئا / بُ مَرابِضَ اللَيثِ الهُمامِ
أَينَ النُجومُ مِنَ الحَصى / أَينَ النُضارُ مِنَ الرُغامِ
غَلَبَت عَلى كَرَمِ المَعا / رِقِ فيهِ أَخلاقُ اللِئامِ
فَذَوَت نَضارَتُهُ وَغُص / نُكَ دونَهُ رَيّانُ نامِ
طَلَبَ العُلى خَبَطاً فَضَل / لَ ضَلالَ عاشِيَةِ الظَلامِ
يَحدو بِها سَفَهاً وَقَد / عَلِقَت يَمينُكَ بِالخُطامِ
يا كاشِفَ الكَربِ المُلِم / مِ وَكافِيَ الداءِ العُقامِ
بُلِّغتَ غاياتِ المُنى / وَوَرِثتَ أَعمارَ الأَنامِ
فَاِسلَم عَلى غَيظِ الزَما / نِ وَدُم عَلى رُغمِ الحِمامِ
وَتَهَنَّ بِالتَحويلِ غَي / رَ مُحَوَّلٍ عَن ذا المَقامِ
مُتَمَلِّياً بِالعُمرُ يُع / طيكَ الرَدى عَقدَ الذِمامِ
لا زِلتَ تَلبَسُ كُلَّ عا / مٍ واعِدٍ بِبُلوغِ عامِ
لَو كانَ شَيءٌ دائِماً / بَشَّرتُ مُلكَكَ بِالدَوامِ
وَكَأَنَّما أولى الصَباحِ وَقَد بَدا
وَكَأَنَّما أولى الصَباحِ وَقَد بَدا / فَوقَ الطُوَيلِعِ راكِبٌ مُتَلَثِّمُ
وَأَذاعَ بِالظَلماءِ فَتقٌ واضِحٌ / كَالطَعنَةِ النَجلاءِ يَتبَعُها الدَمُ
شَوقٌ يُعَرِّضُ لا إِلى الآرامِ
شَوقٌ يُعَرِّضُ لا إِلى الآرامِ / وَجَوىً يُخادِعُني عَنِ الأَحلامِ
وَمُقيلُ صَبرٍ شَذَّبَتهُ يَدُ الهَوى / في غَيرِ ما طَرَبٍ وَلا اِستِغرامِ
بَل في اِنتِزاعِ المَجدِ مِن سَكَناتِهِ / بِمَطالِبٍ تَسطو عَلى الأَيّامِ
وَمَناقِبٍ تَبقى وَيَفنى أَهلُها / إِذ كُلُّ عَيشٍ فُرصَةٌ لِحِمامِ
لَعَذَرتُ مَن في المَجدِ يَمرَضُ فِكرُهُ / وَتَكُنُّ فيهِ بَواطِنُ الآلامِ
يا راكِباً تَخدي بِهِ عَيرانَةٌ / سُرُحٌ تَشُقُّ جَلابِبَ الآكامِ
خَوصاءُ تَحسَبُ عَينَها ماوِيَّةً / نَظَرَت بِها الفَلَواتُ شَخصَ غَمامِ
جارٍ كَأَنَّ رَبابَهُ مُتَعَلِّمٌ / شِيَمَ الرِياحِ الهوجِ في الإِقدامِ
أَقرِ السَلامَ فَتىً تَخاوَصُ هَيبَةً / عَنهُ عُيونُ تَحِيَّتي وَسَلامي
سَيفٌ صَقيلٌ أَغمَدَتهُ عُداتُهُ / فَاِستُلَّ وَهوَ مِنَ الأَعادي دامِ
ما ضَرَّهُ مِن أَن يُشامَ وَما اِقتَنى / صَدَأً يُشَبَّهُ نَصلُهُ بِكَهامِ
إِن غِبتَ عَنّا فَالقُلوبُ حَواضِرٌ / في حَيثُ أَنتَ نَوازِعُ الأَوهامِ
وَنُفوسُنا مَرضى تَشَبَّثُ مِنكُمُ / بِثناً يُطَهِّرُها مِنَ الأَسقامِ
يا أَيُّها ذا النَدبُ دِعوَةَ مُدنِفٍ / عَلِقَت ضَمائِرُهُ بِكُلِّ غَرامِ
لَمّا ذَكَرتُكَ عادَ قَلبي شَوقُهُ / فَبَكَينَ عَنهُ مَدامِعَ الأَقلامِ
خَلَّفتَني زَرعاً فَطُلتُ وَإِنَّما / ذاكَ الغِرارُ نُمِي إِلى الصَمصامِ
كَم مَدحَةٍ لي في عُلاكَ كَأَنَّما / تَفتَرُّ عَن خُلقِ الغَمامِ الهامي
أَكدَت عَلَيَّ الأَرضُ مِن أَطرافِها / وَتَدَرَّعَت بِمَدارِعِ الإِظلامِ
وَعَهِدتُها خَضراءَ كَيفَ لَقيتُها / أَبصَرتُ فيها مَسرَحاً لِسَوامي
أَشكو وَأَكتُمُ بَعضَ ما أَنا واجِدٌ / فَأَعافُ أَن أَشكو مِنَ الإِعدامِ
وَإِذا ظَفِرتُ مِنَ المَناقِبِ بِالمُنى / أَهوَنتُ بِالأَرزاقِ وَالأَقسامِ
جاءَتكَ تَحدوها يَدا ذي فاقَةٍ / وَهيَ السَفينُ لَهُ إِلى الإِنعامِ
فَاِعرِف لَهُ ما مَتَّ مِن شِعري بِهِ / فَلَقَد أَتاكَ بِحُرمَةٍ وَذِمامِ
قالَ الضَميرُ بِما عَلِم
قالَ الضَميرُ بِما عَلِم / أَنتَ المُحَكَّمُ فَاِحتَكِم
خَجِلٌ يُنَمِّقُ عُذرَهُ / وَالعُذرُ شاهِدُ مَن نَدِم
لا تَلزِمَنّي زَلَّةً / سَفَهَت عَلَيَّ بِها القَدَم
فَلَقَلَّما غَضِبَت عَلى / أَشبالِها أُسدُ الأَجَم
هَل أَنتَ إِلّا البَدرُ يَط / رِفُ صَوءُهُ مُقَلَ الظُلَم
صافَحتُ راحَتَهُ وَحَش / وُ بَنانِها عَبَقُ الكَرَم
فَكَأَنَّما جَذَبَت يَدي / بِذُؤابَتي سَيلِ العَرِم
جاءَت كَأَنَّ بِعِطفِها / خَجَلَ المَحولِ مِنَ الدِيَم
حَطَّت إِلَيكَ مِنَ الضَم / ئِرِ في رِشاءٍ مِن نَدَم
لِلَّهِ جيدٌ ما تَمَه
لِلَّهِ جيدٌ ما تَمَه / هَدَ غَيرَ أَحشاءِ المَكارِم
فَتَطَوَّقَ العَلياءَ وَه / وَ قَريبُ عَهدٍ بِالتَمائِم
نيطَت بِعِطفَيهِ حَما / لاتُ المَغانِمِ وَالمَغارِم
أَلبَسَتني نِعَماً عَلى نِعَمِ
أَلبَسَتني نِعَماً عَلى نِعَمِ / وَرَفَعَت لي عَلَماً عَلى عَلَمِ
وَعَلَوتَ بي حَتّى مَشَيتُ عَلى / بُسطٍ مِنَ الأَعناقِ وَالقِمَمِ
فَلا أَشكُرَنَّ نَداكَ ما شَكَرَت / خُضرُ الرِياضِ صَنائِعَ الدِيَمِ
فَالحَمدُ يُبقي ذِكرَ كُلِّ فَتىً / وَيُبينُ قَدرَ مَواقِعِ الكَرَمِ
وَالشِكرُ مَهرٌ لِلصَنيعَةِ إِن / طُلِبَت مُهورُ عَقائِلِ النِعَمِ
هِيَ ما عَلِمتَ فَهَل تُرَدُّ هُمومُها
هِيَ ما عَلِمتَ فَهَل تُرَدُّ هُمومُها / نُوَبٌ أَراقِمُ لا يُبِلُّ سَليمُها
أَرواحُنا دَينٌ وَما أَنفاسُنا / إِلّا قَضاءٌ وَالزَمانُ غَريمُها
فَلِأَيِّ حالٍ تَستَلِذُّ نُفوسُنا / نَفَحاتِ عَيشٍ لا يَدومُ نَعيمُها
يَمضي الزَمانُ وَلا نُحِسُّ كَأَنَّهُ / ريحٌ تَمُرُّ وَلا يُشَمِّ نَسيمُها
لَم يَشفَعِ الدَهرُ الخَؤونُ لِمُهجَةٍ / في العُمرِ إِلّا عادَ وَهوَ خَصيمُها
وَكَأَنَّما الدُنيا الغَرورَةُ بُردَةٌ / بِيَدَي بِلىً وَيَروقُنا تَسهيمُها
يا دَهرُ كَم أَسهَرتَني مِن لَيلَةٍ / قَد كُنتُ فيكَ أَنامُها وَأُنيمُها
وَالأَرضُ دارٌ لا يَلَذُّ نَزيلُها / عُمرَ الزَمانِ وَلا يَذيمُ مُقيمُها
كَم باعِ أَبّاءٍ تَفُلَّ بُطونُها / وَأَديمِ جَبّارٍ يَقُدُّ أَديمُها
قَبرٌ عَلى قَبرٍ لَنا وَأَواخِرٌ / يَلقى رَميمَ الأَوَّلينَ رَميمُها
إِنَّ الوَزيرَ وَإِن تَطَرَّقَهُ الرَدى / وَعَدا عَليهِ مِنَ الخُطوبِ ذَميمُها
مُستَلئِمٌ لَقِيَتهُ أَو لَم تَلقَهُ / بِنَوائِبٍ بيضُ المَنونِ وَشيمُها
الدَمعُ أَعظَمُ مَن تُحارِبُ جُرأَةً / فَاِنظُر لِعَينٍ ما أُبيحَ حَريمُها
وَتَعَزَّ إِن مِنَ العَزاءِ شَجاعَةً / وَأَعَزُّ ما عَزّى نُفوساً خيمُها
بِمَكارِمٍ غُرَّ الوُجوهِ تُنيلُها / وَمَقاوِمٍ غُلبِ الرِقابِ تَقَومُها
كَم ذاهِبٍ أَبكى النَواظِرَ مُدَّةً / وَمَضى وَطابَ لِمُقلَةٍ تَهويمُها
أَو ثَغرِ مَحزونٍ تَبَسَّمَ سَلوَةً / وَالعَينُ لَمّا يَرقَ بَعدُ سُجومُها
إِنّي لَأَرجو أَن يَكونَ مَقامُها / في حُفرَةٍ خَضَلُ الغَمامِ نَديمُها
مِن كُلِّ غادِيَةٍ سُلافَةُ بارِقٍ / وَمِنَ الرِياضِ رَطيبُها وَعَميمُها
في رِفقَةٍ لا يَستَطيلُ سَفيفُها / أَبَداً وَلا يَدري المَقالَ حَليمُها
مِثلُ الكَبيرِ مِنَ الرِجالِ صَغيرُها / يَبلى وَلا يَدري المَقالَ حَليمُها
ما ضَرَّ راحِلَةً وَأَنتَ وَراءَها / مِن أَن يَكونَ عَلى المَنونُ قَدومُها
تَرَكَتكَ طَوداً لا يُرامُ وَجَمرَةً / لا تُصطَلى وَيَداً يُذَلُّ مُضيمُها
هَل خَبَّرَت لَمّا أَتَت بِكَ ما الَّذي / في مَهدِها أَو ما يَصُمُّ حَزيمُها
أَم هَل دَرَت أَنَّ الحُسامَ جَنينُها / طَلقاً وَإِنَّ أَبا العَلاءِ فَطيمُها
وَكَأَنتَ فَلتَلِدِ النِساءُ نَباهَةً / أَو لا فَمُنجِبَةُ النِساءِ عَقيمُها
صَبراً فَما اِعتاضَ المُصابُ كَصَبرِه / شَيئاً إِذا غَمَرَ القُلوبَ هُمومُها
في الذاهِبِ المَوروثِ سَلوَةُ وارِثٍ / وَأَمَرُّ ما وَرِثَ الرِجالُ غُمومُها
ما ساجَلَتكَ مِنَ المَقاوِلِ عُصبَةٌ / إِلّا وَضَلَّ مَقالُها وَغَريمُها
إِن قيلَ إِقدامٌ فَأَنتَ شُجاعُها / أَو قيلَ إِعطاءٌ فَأَنتَ كَريمُها
هَذا وَكَم لَكَ مِن عَزائِمَ جَمَّةٍ / في كُلِّ حادِثَةٍ تُضيءُ نُجومُها
وَتَهُزُّ أَحشاءَ البِلادِ بِضُمِّرٍ / يَرِدُ الطِعانَ أَغَرُّها وَبَهيمُها
غَرثى يُنازِعُها النَجاءَ نَجائِبٌ / قَد هَلَّلَت بَعدَ الرِواءِ جُرومُها
إِن كانَ رُزؤُكَ ذا جَسيماً فَالَّذي / يُنمى إِلَيكَ مِنَ الأُمورِ جَسيمُها
وَلَأَنتَ أَنجَدُ صابِرٍ لِمُلِمَّةٍ / وَأَعَزُّ مَن يَنجابُ عَنهُ أَرومُها
لِلنَإِباتِ مِنَ الرِجالِ جَريئُها / يَومَ اللِقاءِ وَلِلعَظيمِ عَظيمُها
ما إِن رَأَيتُ كَمَعشَرٍ صَبَروا
ما إِن رَأَيتُ كَمَعشَرٍ صَبَروا / لِقَوارِعِ اللَزَباتِ وَالأَزمِ
بَسَطوا الوُجوهَ وَفي ضُلوعِهِمُ / حُرَقُ الجَوى وَمَآلِمُ الكَلمِ
جَمَحَت بِهِم خَيلُ الأَسى فَثَنوا / أَعناقَها بِأَعِنَّةِ الحَزمِ
تَأبى اللَيالي أَن تُديما
تَأبى اللَيالي أَن تُديما / بُؤساً لِخَلقٍ أَو نَعيما
وَنَوائِبُ الأَيّامِ يَط / رُقنَ الوَرى بيضاً وَشيما
وَالدَهرُ يوجِفُ فيهِ مُع / وَجَّ الطَريقِ وَمُستَقيما
وَالمَرءُ بِالإِقبالِ يَب / لُغُ وادِعاً خَطَراً جَسيما
وَيَنالُ بُغيَتَهُ وَما / أَنضى الذَميلَ وَلا الرَسيما
وَإِذا اِنقَضى إِقبالُهُ / رَجَعَ الشَفيعُ لَهُ خَصيما
بَينا يَسيغُ شَرابَهُ / حَتّى يَغَصَّ بِهِ وُجوما
وَهُوَ الزَمانُ إِذا نَبا / سَلَبَ الَّذي أَعطى قَديما
كَالريحِ تَرجِعُ عاصِفاً / مِن بَعدِ ما بَدَأَت نَسيما
يَستَكهِمُ العَضبَ القَطو / عَ وَيُزلِقُ الرُمحَ القَويما
وَيَعودُ بِالرَأسِ الطَمو / حِ العَينِ مِطراقاً أَميما
كَم ذابِلٍ قادَ الجِيا / دَ القُبَّ يَعلُكُنَ الشَكيما
كَعَواسِلِ الذُؤبانِ يَذرَع / نَ الأَماعِزَ وَالخُرُما
وَمُجَمِّرٍ لِلجَيشِ قَد / نَسِيَت ضَوامِرُهُ الجُموما
قَلِقٌ عَلى الأَنماطِ حَ / تّى يُدرِكَ الثارَ المُنيما
لا يُصدِرُ الراياتِ حَ / تّى يَعتَصِرنَ دَماً جَمرَما
عَصَفَ الحِمامُ بِهِ وَفَر / رَقَ ذَلِكَ الجَمعَ العَميما
وَرَمى بِهِ غَرَضَ الرَدى / عُريانَ قَد خَلَعَ النَعيما
زالَ الوَزيرُ وَكانَ لي / وَزراً أُجُرُّ بِهِ الخُصوما
فَالآنَ أَغدو لِلعِدا / وَنِبالِها غَرَضاً رَجيما
سَدَّ العُلى وَأَنارَ لا / فَظَّ القَضاءِ وَلا ظَلوما
حَتّى إِذا لَم يَبقَ إِ / لاّ أَن يُلامَ وَأَن يُليما
طَرَحَ العَناءَ عَلى اللِئا / مِ مُجانِباً وَمَضى كَريما
لَم يَعتَقِلهُ الحَبسُ مُم / تَهَناً وَلَم يُعزَل ذَميما
أَفنى العِدا وَقَضى المُنى / وَبَنى العُلى وَنَجا سَليما
الحامِلُ العِبءِ الَّذي / أَعيا المَصاعِبَ وَالقُروما
سَئِموهُ فَاِحتَمَلَ المَغا / رِمَ لا أَلِفَ وَلا سَؤوما
أَنقاهُمُ جَيباً إِذا / عُدّوا وَأَملَسُهُم أَديما
وَجهٌ كَأَنَّ البَدرَ شا / طَرَهُ الضِياءَ أَو النُجوما
لَو قابَلَ اللَيلَ البَهي / مَ لَمَزَّقَ اللَيلَ البَهيما
يَجلو الهُمومَ وَرُبُّ وَج / هٍ إِن بَدا جَلَبَ الهُموما
خَلَصَ النَجيُّ مُشاوِراً / قَلباً عَلى النَجوى كَتوما
وَمُنَبِّهاً عَزماً إِذا / ما هَزَّ لَم يوجَد نَؤوما
في الأَمرِ يَتَّهِمُ القَري / بَ عَليهِ وَالخِلَّ الحَميما
حَتّى سَما فَحَدا بِها / بَزلاءَ ناجِيَةً سَعوما
كانَ العَظيمَ وَغَيرُ بَد / عٍ مِنهُ إِن رَكِبَ العَظيما
خُطَطٌ يُجَبِّنَّ المُشَ / جَّعَ أَو يُسَفِّهنَ الحَليما
وَالحُرُّ مِن حَذَرِ الهَوا / نِ يُزايلُ الأَمرَ الجَسيما
وَيُليحُ مِن خَوفِ الأَذى / فَرَقاً وَيَدَّرِعُ الكُلوما
وَالضَيمُ أَروَحُ مِنهُ مَط / رورُ الظُبى بَلَغَ الصَميما
بَعَثوا سِواكَ لَها فَكا / نَ مُبَلَّدا عَنها مَليما
وَالعاجِزُ المَأفونُ أَق / عَدُ ما يَكونُ إِذا أُقيما
فَسَقى بِلادَكَ حيثُ كُن / تَ المُزنُ مُنبَعِقاً هَزيما
فَلَقَد سَقى خَدَّيَّ ذِك / رُكَ دَمعَ عَينَيَّ السَجوما
وَرَعَتكَ عَينُ اللَهِ مِق / لاقَ الرَكائِبِ أَومُقيما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025