المجموع : 21
لا تَستَعِر جَلَداً على هِجرانِهِم
لا تَستَعِر جَلَداً على هِجرانِهِم / فقُواكَ تَضعُفُ عن صُدُودٍ دَائِمِ
واعلَمْ بأنَّكَ إن رجَعتَ إليهِمُ / طوعاً وإلاّ عُدتَ عودَةَ راغِمِ
قَسَماً بِمَن لَم يُبقِ خَو
قَسَماً بِمَن لَم يُبقِ خَو / فُ رَقيبِهِ لي منهُ قِسَما
خافَ الوشاةَ فصدّ حَت / تَى في الرّقادِ إِذا ألَمّا
لأُخَاطِرنَّ بمُهجَتِي / في حبِّه إِمّا وإِمّا
ما استَجْهَلَتْك مَعالمٌ ورُسُومُ
ما استَجْهَلَتْك مَعالمٌ ورُسُومُ / إلاّ لِيُعْلَنَ سِرُّكَ المكتُومُ
أوَ بَعدَ نَاهِيةِ المشيبِ جَهالةٌ / يأبى الوقارُ عليكَ والتّحلِيمُ
مَا جُرتَ في داجِي الشّبابِ فكيفَ إذْ / وَضَحَتْ بِفَودِك للمشيب نُجومُ
أعوَاذِلي كُفّوا فَليس بِمُسمعِي / نُصْحٌ وبعضُ النّاصحينَ مَلُومُ
وَقَرَتْ دَواعي البَينِ سَمعِيَ بَعدهُم / فَلِمَن يُعنِّفُ ناصحٌ ويَلومُ
لي كلّ يومٍ رَوعةٌ بمودَّعٍ / ونَوىً فَهمِّي طارِفٌ وقديمُ
وعَلَى الرّكائبِ مَاطلٌ بِديُونِنَا / عَسِرُ القَضَاءِ مع اليَسارِ ظَلُومُ
مُتَبَسِّمٌ عَن ذي غُروبٍ واضحٍ / يُعزَى إليه اللؤْلُؤُ الْمنظومُ
في وجْهِهِ ماءُ الملاَحةِ حَائرٌ / فقلوبُنا الظّمأى عليه تَحومُ
أتْبَعتُهم قَرحَى الجفونِ كليلةً / تُصحِي بدَمعِي تَارةً وتَغيمُ
مَسْمُولَةً بمَدَامعٍ حالَت دماً / فكأنّما إنسانُها مَكلُومُ
يا نَازِحاً ضَنّ الزّمانُ بقُربهِ / وجْدِي عليكَ وإن رَحلتَ مُقِيمُ
لي مقلَةٌ قَذِيَتْ ببُعدِكَ بَرَّها / فيضُ الدّموعِ وعقَّها التّهويمُ
ساوَى بِعادُك ليلَها ونَهارَها / كلٌّ كما قَضَتِ الهمومُ بَهيمُ
كم أنشأتْ ذِكرَاكَ بين جَوانِحي / من زَفرةٍ قَلبِي بها مَوسُومُ
نَفَسٌ يقومُ له إعوجاجُ أضالعي / ويَضيقُ عن نَزَواتِه الحيزُومُ
مَا أخْطأتْ فيكَ النّوى عادَاتِها / لكنَّ تَقْرِيفَ الكُلومِ أليمُ
إنْ لَم تُطِيقَا يومَ رَامَه
إنْ لَم تُطِيقَا يومَ رَامَه / أن تُسعِدَا فَذَرَا المَلامَهْ
عَنّفْتُمَانِي أنْ مَررْ / تُ بِمنْزلٍ أقْضِي ذِمَامَهْ
هو منزلُ الأحبابِ لم / يدعَ البِلَى إلاّ رِمَامَهْ
وعليَّ حقٌّ أن تُصا / فِحُ سُحبُ أجْفانِي رَغَامَهْ
وأبِيكُما لأُرَوِّيَنْ / نَ ولَو بِسَحِّ دَمٍ أُوَامَهْ
ما الدّمعُ للأطْلاَلِ لَ / كِنْ أهلُها أجرَوْا سِجَامَهْ
فإلاَمَ لومُكُما أفي / رَعْيِ العُهُودِ عليّ آمَهْ
واهاً لقلبٍ لا يفَو / زُ بسَلْوةٍ تَشفي هُيَامَهْ
غَرَضاً لبَينٍ لا يَزا / لُ مُقَرْطِساً فِيه سِهَامَهْ
أبداً يدُ الأيامِ تق / رفُ كلما اندمَلَتِ كِلاَمَهْ
إن لم أبُحْ بهوَاك قُلنَ لَوائِمي
إن لم أبُحْ بهوَاك قُلنَ لَوائِمي / ذَا مُبْطلٌ ما الكَتْمُ شِيمةُ هَائِمِ
وإنِ ادَّعى خوفَ الوُشاةِ فَما الهَوَى / للخَوفِ مُذْ خُلِقَ الهَوى بمُلاَئمِ
لا تَكْذِبنّ فَما لأبناءِ الهَوى / رأيٌ يحذِّرُهُم عواقبَ نَادِمِ
شُغلَت قُلُوبُهُمُ بروْعات النّوَى / والهَجرِ عن خَوفِ الزّمانِ العَارِمِ
فتراهُمُ صوَراً كظلٍّ ماثِلٍ / لا يَرعَوُون لزاجِرٍ أو لاَئِمِ
واهاً لأيّامِ الحِمَى لو أنّها / دامَتْ وهل عَيشٌ يَسرُّ بِدَائِمِ
إذ أجْتَلِي القَمَرَ المُرَدّى بالدُّجَى / يجلُو الشُموسَ على القَضِيبِ النّاعِمِ
سُكْري بنَاظرِه ورَاحِ رُضَابِه / وكؤوسِه طولَ الزّمان مُلازِمي
ماغَال عَقْلِيَ قطُّ سِحرُ جُفونِه / إلاّ جَعلتُ ذُؤابَتيْه تَمائِمي
ثم افْتَرقْنا بغتةً فَإذا الّذي / كُنّا نُسرُّ به فُكاهَةُ حَالِمِ
كَم قَدْ جَزِعتُ لبَيْنِ من فَارَقْتُه
كَم قَدْ جَزِعتُ لبَيْنِ من فَارَقْتُه / وصبَرْتُ عنه والحشَا يَتَضرّمُ
كالقَوسِ تَرمِي السّهمَ ثُمّ تَرِنُّ من / جزعٍ ويبدو اليأسُ منه فَتكْظِمُ
والوجْدُ لو اجدى على ذي لوعةٍ / ما مات بالكَمَدِ القديمِ متَمّمُ
مَالي وللجبلِ الأغَرّ وإنّما
مَالي وللجبلِ الأغَرّ وإنّما / كلّ الهوَى جبلٌ أشمّ بَهيمُ
موفٍ على أرضِ الشّآمِ كأنّما / جُونُ السحائب في ذُرَاهُ جُثُومُ
ما زال مَطْرَحَ نَاظِرِي حتى إذا / لاحَت بفَودِي للمَشيبِ نُجومُ
فَارقتُه ونأيتُ عنه وما نَأى / وجْدِي به وهوَى الكريمِ كريمُ
فإذا ذكرتُ النّازِلِينَ بِسَهْلهِ / وبهم وإن شَطّت نَوَايَ أهِيمُ
دارَت بي الأرضُ الفضاءُ كأنّما / بِي المُومُ أو لَعِبتْ بِيَ الخُرطُومُ
أَبَني السُّرَى والبيدِ لا
أَبَني السُّرَى والبيدِ لا / أغْرَى الزّمانُ بكم عُرامَهْ
هل فيكُمُ مِنْ مُبلِغٍ / عنّي السّلاَمَ أبَا سلامَهْ
وتحيّةً كَشذا فتي / قِ المِسكِ صُفّقَ بالمُدامَهْ
تُهدَى يضوعُ نسيمُها / لأغرَّ عَصّاءٍ مَلاَمَهْ
من جَامِحِ العَزَماتِ لا / يَرضَى على هُونٍ مُقَامَهْ
وقَّعنَ غَارِبَه الخُطو / بُ ولم يزل يأبَى الظُّلاَمَهْ
يا بن الخَضارِمَةِ الكِرا / مِ أولي المكارِم والكَرامَهْ
من كلّ بسّامٍ تَسحُ / حُ يداهُ للعافِينَ سَامَهْ
خَضِلِ الجنَابِ إذا تَردْ / دَى الجوُّ من مَحلٍ قَتَامَهْ
أأُسأمُ خَسفاً ثمّ لا / آبَى فلستُ إذاً أُسَامَهْ
هيهاتَ لا ترضَى المعا / لِي صاحِباً يرضَى اُهتضَامَهْ
وعلامَ يخشَى النّاسَ مَن / لم يخشَ في حالٍ حِمامَهْ
مَن لا تَراهُ إثرَ شي / ءٍ فائِتٍ يُبدي النّدامَهْ
وإذا حوَى الرغباتِ أمْ / ضَى للعلا فيها احتكَامَهْ
لو أنكرَتْ أجفانُه / طيفَ الخيالِ جَفَا مَنَامَهْ
وافَتكَ حالِكةُ السَّوادِ يَخالُها
وافَتكَ حالِكةُ السَّوادِ يَخالُها / صِبْغَ الشّبابِ النّاظِرُ المتَوسِّمُ
فيها رِماحُ الخَطِّ مُرْهَفَةَ الشّبَا / تُردِي الطّعِينَ ولا يُضَرِّجُها دَمُ
من كلِّ أهيفَ إن جَرَى في طرسِهِ / نَاجى فأفْهَمَ وهْو لا يَتكلّمُ
بيضُ الأيادي في سوادِ لُعابِهِ / فكأنّما الأرزاقُ منه تُقَسَّمُ
تَحوِي مُسلّطَةً عليها يَختَشي / من حدّها الماضِي الحُسامُ المخْذَمُ
تَأديبُها لهُمُ بقَطعِ رُؤوسِهم / إن قَصّروا في السّعيِ عما تَرسُمُ
فانعَم بحُسنِ قَبولِهَا مُتَطوِّلاً / فالشكْرُ لاَ يَحويهِ إلاّ مُنعِمُ
قل للرّجاءِ إليكَ قَد
قل للرّجاءِ إليكَ قَد / أتْعبتني بَعْدَ الكِرَامِ
قد عمّ داءُ البُخلِ حَتْ / تَى شاعَ في كلِّ الأَنامِ
فَأَكُفُّهُم بالبُخل مُقْ / فَلَةٌ على سُحتِ الحُطَامِ
فإِلامَ ترتادُ المَحُو / لَ وتَرتَجي رِيَّ الجَهامِ
يا أخي الشّاكِي لِما أش / كُوهُ والحَاملَ هَمّي
ونسيبَ الوُدِّ لا نِسْ / بَةَ آباءٍ وعَمِّ
ظَلَمَتْنِي دولةُ العَدْ / لِ فَمَنْ يكشِفُ ظُلمِي
ومتَى يُحْكَمُ لي بالْ / عَدلِ والحاكِمُ خَصْمِي
لا تُطلِعَنَّ لسانَ شَكْوى بَائِحٍ
لا تُطلِعَنَّ لسانَ شَكْوى بَائِحٍ / ضَجَراً على سِرِّ الفؤاد الكاتِمِ
واُعلَمْ بأنَّ جَمِيعَ ما فيه بنُو الدْ / دُنيا يزولُ زوالَ حُلمِ النّائِمِ
قالت وأحزَنَها بياضُ مفَارقي
قالت وأحزَنَها بياضُ مفَارقي / ماذَا فقلتُ تريكةُ الأيّامِ
فَبَكَتْ وقالَت هل لهَا من وَارِدٍ / أو رائدٍ يوماً فقلتُ حِمَامِي
انظر إلى لَعِبِ الزَّمانِ بأهلِهِ
انظر إلى لَعِبِ الزَّمانِ بأهلِهِ / فكأنَّهم وكأنَّهُ أحلامُ
قد كانَ كَفِّي مألفاً لمهنَّدٍ / تُعرَى القلوبُ له وتُفرى الهَامُ
ولأسْمرٍ لدْنِ الكعوبِ وِجارُهُ / حيثُ استَمَرَّ الفكرُ والأوهامُ
تَتَزايلُ الأبطالُ عَنّي مثلَما / نَفَرت من الأَسدِ الهَصُورِ نَعامُ
فرَجَعتُ أحملُ بعد سبعينَ العصَا / فاعْجبْ لما تأتِي بهِ الأيَّامُ
وإذا الحِمامُ أبى مُعاجلَةَ الفتى / فحياتُهُ لا تُكْذَبنَّ حِمامُ
من مُبْلغٌ عني فلا
من مُبْلغٌ عني فلا / نَ الدّين والأنباءُ تَنْمي
أنّي هجرتُك لا كظنْ / نِكَ طائعاً لكنْ برَغمِي
أوهَتْ خطوبُ الدهرِ من / هِمَمِي وفلَّتْ حدَّ عَزمي
ورَمَتْنِيَ الأيَّامُ عن / قوسي فأردتني بسَهمِي
وغدَا الذين بهم أُسَلْ / لِي الهمَّ حين يُلِمُّ هَمِّي
هذي ديار بني أبي ومعاشري
هذي ديار بني أبي ومعاشري / قفر عليها وحشة وظلام
درست محافظة لهم وتوحشت / من بعدهم وتعفت الأعلام
فإذا مررت بها فقل متمثلا / يا دار ما صنعت بك الأيام
قل للذي فقد الأحبة وانثنى
قل للذي فقد الأحبة وانثنى / يسقي منازلهم دموعا تسجم
ماذا وقوفك في الديار مسائلا / عن أهلها ومتى يجيب الأبكم
سل عنهم صرف الزّمان فإنه / بهم من الدار المحيلة أعلم
أفناهم ريب المنون وهذه / آثارهم عظة لمن يتوسم
هي شيمة الأيام كف تبتني / مذ كانت الدنيا وكف تهدم
وإذا رأيت محسدين فقلما / ترجيهم الأيام حتى يرحموا
وترى تقلب هذه الدنيا بنا / وكأننا فيها سكارى نوم
هذي منازلهم وأن
هذي منازلهم وأن / ت بهم معنى مغرم
فاسفح دموعك في ثرا / ها أو يمازجها الدم
وأسأل بهم صرف الزما / ن فإنه هو أعلم
يخبرك أن القوم قد / قدموا على ما قدموا
وغدا نخيم حيث حلوا / في القبور وخيموا
يا دار لو روت محولك أدمعي
يا دار لو روت محولك أدمعي / لسفحتها بك أو يمازجها الدم
لكن دمع العين يحسب قطره / ماء برودا وهو جمر مضرم
وإذا رأيتك قفرة من معشري / وبني أبي وهم لعمرك ما هم
فكأنني عاينت حفرة مالك / وكأنني وجدا عليه متمم
نظَرَت إلى ذي شيبة متهدم
نظَرَت إلى ذي شيبة متهدم / أفناه ما أفنى من الأعوام
يمشي وتقدمه العصا وقد انحنى / فكأنها وتر لقوس الرامي
ورأت سمات الأريحية والندى / ودلائل المعروف والإقدام
واستخبرت عني فقلت لها امرؤ / نائي المواطن من كرام الشام
نبت الديار به وضاق فسيحها / عنه ففارقها بغير ملام
قالت من أي الناس أنت فقلت من / أولاد منقذ في ذرى وسنام
من معشر أبدا تروح رماحهم / بدم العدا مخضوبة الأعلام
تحمي البلاد سيوفهم وتبيح ما / تحميه دونهم سيوف الحامي
النازلين بكل ثغر خائف / والآمنين معرة الجرام
وإذا أتاهم مستجير خائف / آوى إلى حرم من الأحرام
وإذا أناخ السائلون بجوهم / عادوا ثقال الظهر بالإنعام
كم فيهم عند الحقوق إذا عرت / من باذل متبرع بسام
تغني يداه إذا هما همتا ندى / في المحل عن صوب الغمام الهامي
يتهللون طلاقة ويخافهم / لسطاهم الأساد في الآجام
قالت فأين هم فقلت أبادهم / دهر وهل باق على الأيام
وودت لو ناهلتهم كأس الردى / ووردت قبلهم حياض حمامي
فحياة مثلي بعد عز باذخ / ومعاشر غلب ومال نام
ونفاذ أمر لا يرد يطيعه / فيما قضى العاصي من الأقوام
لأشد من غصص الحمام وراحتي / بالموت غاية منيتي ومرامي
فبكت بزفرة موجع لو صادفت / حجراً لذاب من الزفير الحامي
أسفي على عصر الشباب تصرمت
أسفي على عصر الشباب تصرمت / أيامه لا بل على أيامي
لم أبكه أسفا على مرح الصبا / ووصال غانية وشرب مدام
لكن على جلدي وخوضي معركا / يرتاع فيه الموت من إقدامي
بيدي حسام كلما جردته / يوم الوغى أغمدته في الهام
ولصدر معتدل الكعوب حطمته / في صدر كبش كتيبة قمقام
ونزال فرسان الهياج وكلهم / فوق لهول تقحمي ومقامي
ولقتلي الأسد الضواري نحطها / كالرعد قعقع في متون غمام
تلقى إذا لاقيتها أسدا له / بأس يبيح به حمى الآجام
لو أن عين أبي زبيد عاينت / فتكاته لأقر بالإحجام
فحملت من بعد الثمانين العصا / متيقنا إنذارها لحمامي