عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ / ما كُلُّ يَومٍ يُستَطاعُ خِصامي
لا تَحسَبي الصَحبَ الَّذينَ عَهِدتِهِم / صَحبي وَلا تِلكَ الخِيامَ خِيامي
أَنا مَن عَرَفتِ فَأَوقِدي نارَ الوَغى / ما بَينَنا وَتَعَرَّفي إِقدامي
إِن كانَ قَد أَدمى حُسامُكِ مَفرقي / ظُلماً لَسَوفَ تَرَينَ وَقعَ حُسامي
لا يُطمِعَنَّكِ فِيَّ هُلكُ مُقَدَّمٍ / فَالقَوسُ قَوسي وَالسِهامُ سِهامي
وَمُقَدَّمٌ لا شَكَّ طَودٌ باذِخٌ / يَعلُو عَلى الهَضَباتِ وَالآكامِ
وَلَقَد فَقَدنا مِنهُ أَروَعَ ماجِداً / سَهلَ الجَنابِ مُؤَدَّبَ الخُدّامِ
كَم مُقلَةٍ ذَرَفَت عَلَيهِ وَكَم حَشىً / لِمَماتِهِ حُشِيَت بِنارِ غَرامِ
يا طِيبَ دَولتِهِ الَّتي أَيّامُها / شِيَةُ الزَمانِ وَغُرَّةُ الأَيّامِ
لَو كانَ يَفدِيهِ الرَدى لَفَدَيتُهُ / بِأَكارمِ الأَخوالِ وَالأَعمامِ
يا شامِتاً جَهلاً بِيَومِ وَفاتِهِ / صَبراً فَما الدُنيا بِدارِ مُقامِ
إِن كانَ ذَاكَ العَرشُ ثُلَّ فَقَد رَسى / في إِثرِهِ عَلمٌ مِنَ الأَعلامِ
أَو كانَ ذاكَ السَيفُ فُلَّ فَقَد أَتى / سَيفٌ إِذا ما سُلَّ غَيرُ كَهامِ
في أَيِّ يَومٍ لَم نُصَب بِمُتَوَّجٍ / ضَخمِ الدَسيعَةِ صادِقِ الإِقدامِ
لَكِنَّ فينا عِندَ كُلِّ مُصيبَةٍ / تَستَوكِفُ العَبَراتِ صَبرُ كِرامِ
وَإِذا مَضى مِنّا هُمامٌ ماجِدٌ / لَم يَمضِ إِلّا عَن طَريقِ هُمامِ
هَل شَدَّ عَقدَ التاجِ بَعدَ مُقَدَّمٍ / إِلّا فَتى قَومي وَسِلكُ نِظامي
مَن في المُلوكِ إِذا تُعَدُّ كَفاضِلٍ / لِعَطا الرَغائِبِ أَو لِضَربِ الهامِ
مَلِكٌ إِذا قابَلتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / مُستَجدِياً قابَلتَ بَدرَ تَمامِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى اِنهِلالِ يَمينِهِ / يَومَ النَوالِ رَأَيتَ فَيضَ غَمامِ
وَإِذا اِنتَضى العضبَ المُهَنَّدَ وَاِعِتَزى / أَيقَنت أَنَّ اليَومَ يَومُ صِدامِ
لَو لَم يَقُم في المُلكِ ضاعَ وَلَم يَعُد / عُمرَ السِنينِ وَمُدَّةَ الأَعوامِ
يَوماهُ يَومُ نَدىً وَيَومُ وَغىً فَما / دامَت صَوارِمُهُ فَهُنَّ دَوامِ
وَالكَرُّ بَعدَ الفَرِّ عادَتُهُ إِذا / ضاقَ المَكَرُّ وَقيلَ بِالإِحجامِ
كَم وَقعَةٍ تَرَكَ العِدى وَجِباهُها / لِلسَيفِ ساجِدَةٌ عَلى الأَقدامِ
وَلَطالَما خَلّى الرُؤوسَ كَأَنَّها / لِلبُعدِ ساخِطَةٌ عَلى الأَجسامِ
طَودٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَإِذا يُهاجُ فَأَيُّ لَيثِ زِحامِ
أَمضى عَلى الأَهوالِ مِن ذي رَونَقٍ / صافي الحَديدَةِ مِخذَمٍ صَمصامِ
مُتَوَقِّدُ العَزَماتِ تَأبى نَفسُهُ / لَغوَ الحَديثِ وَمَجلِسَ الآثامِ
لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ عَزمَهُ / لَأَراكَ كَالشَمّامِ صَخرَ شَمامِ
لَو أَنَّ لِلضِرغامِ بَعضَ إِبائِهِ / لَاِستَبدَلَ الآكامَ بِالآجامِ
لَو أَنَّ لِلبَحرِ الخِضَمِّ سَماحَهُ / لَغَدا مَقِيلَ العِينِ وَالآرامِ
ما حاتِمٌ في الجُودِ يَعدِلُهُ وَلا / كَعبٌ وَلا قَيسٌ أَبُو بِسطامِ
إِقدامُ جَسّاسٍ وَعِزَّةُ هانِئٍ / وَعَفافُ بِسطامٍ وَنَفسُ عِصامِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ أَعِزَّةٍ / سُمحٍ عَلى العِلّاتِ غَيرِ لِئامِ
وَقِرى النُفوسِ إِذا تَحَطَّمَتِ القَنا / في الدارِعينَ وَفَرَّ كُلُّ مُحامِ
لا يَفزَعُونَ إِذا الصَريخُ دَهاهُمُ / إِلّا إِلى الإِسراجِ وَالإِلجامِ
وَإِذا الرِجالُ تَحَلَّلَت آراؤُها / كانُوا وُلاةَ النَقضِ وَالإِبرامِ
وَإِذا السُنونُ تتَابَعَت أَلفَيتَهُم / كَنزَ العُفاةِ وَكافِلي الأَيتامِ
مَلَكُوا الأَقاليمَ العِظامَ وَأَهلَها / بِالمُرهَفاتِ البيضِ لا الأَقلامِ
وَتَفَيَّحُوا كُلَّ البِلادِ وَسُيِّرَت / أَخبارُهُم في مَغرِبٍ وَشَآمِ
إِن فُوخِرُوا جاؤُوا بِفَضلٍ ذي النَدى / وَبِجَعفَرٍ وَشَبِيبٍ القَمقامِ
وَأَبى سِنانٍ وَاِبنِهِ وَمُحمَّدٍ / مُدني اليَسارِ وَمُبعِدِ الإِعدامِ
يا اِبنَ المُلوكِ النازِلينَ مِنَ العُلى / في كُلِّ ذِروَةِ غارِبٍ وَسَنامِ
يَفديكَ لِلعَلياءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ / أَعمى عَنِ المَعرُوفِ أَو مُتَعامِ
وَليَهنِكَ المُلكُ الَّذي أَسَّستَهُ / بِالكُرهِ مِن شانيكَ وَالإِرغامِ
وَاِرفَع وَضَع وَاِقطَع وَصِل وَاِمنَع وَهَب / وَاِنفَع وَضُرَّ وَقُم وَسامِ وَرامِ
وَاِخفِض جَناحَكَ لِلعَشيرَةِ وَاِرعَها / بِرِعايَةِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
وَاِشدُد يَداً بِأَبي قِناعٍ إِنَّهُ / نِعمَ المُحامي دُونَها وَالحامي
وَاِشكُر لَهُ السَعيَ الَّذي اِنقادَت بِهِ / لَكَ وُلد سامٍ حَيثُ شِئتَ وَحامِ
وَاِرضَ الَّذي يَرضى وَقَدِّم أَمرَهُ / وَأَطِعهُ طاعَةَ مُقتَدٍ لِإِمامِ
وَأَبُو قِناعٍ غَيرُ نِكسٍ إِن عَرى / خَطبٌ شَديدُ الأَخذِ بِالأَكظامِ
الطاعِنُ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ / تَنثاعُ مِن خَلفٍ وَمِن قُدّامِ
وَالمُطعِمُ الضِيفانَ مِن قَمَعِ الذُرى / عَبطاً إِذا ما ضُنَّ بِالجُلّامِ
أَحيا جُرَيّاً في السَماحَةِ وَاِبتَني / شَرَفاً أَنافَ عُلىً عَلى بَهرامِ
لَم يَبقَ في حَيّي نِزارٍ مِثلُهُ / لِسَدادِ ثَغرٍ أَو لِعَقدِ ذِمامِ
يُنمى إِلى الشُمِّ الغَطارِفِ وَالذُرى / مِن حارِثٍ وَالسادَةِ الحُكّامِ
وَلِحارِثٍ عُرِفَت رِئاسَةُ عامِرٍ / في جاهِلِيَّتِها وَفي الإِسلامِ
لَيسُوا كَقَومٍ كُلُّ ما عُرِفُوا بِهِ / ثِقلُ النُفوسِ وَخِفَّةُ الأَحلامِ
لا زلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُؤَيَّداً / بِالنَصرِ مَحبُوّاً بِكُلِّ مَرامِ