خلّوا الشام و داميات كلامها
خلّوا الشام و داميات كلامها / لا تهتكوا الأستار عن آلامها
عربيّة الأنساب تطرب للوغى / في جاهليّتها و في إسلامها
فإذا أراد زمامها ذو قّوّة / شمست على الباغي بفضل زمامها
عطفت عليه بالسّيوف كأنّها / من حزمها صيغت و من إقدامها
السمر حول قبابها مركوزة / و البيض لامعة بظلّ خيامها
و لقد أراد بها القويّ تحكّما / فتنمّرت أنفا على حكّامها
إن صدّها ذو التاج عن حاجاتها / سألته حاجتها بحدّ حسامها
ألغارة الشعواء عيد كماتها / و دم اللطّلى المشبوب كأس مدامها
ورأيتها ظمأى الجوانح للعلى / فعلى الدم المهراق بلّ أوامها
الروض محتاج لقطر دمائها / يوم الحميّة لا لقطر غمامها
و الحق تبلغه ببأس حماتها / لا باستكانتها و لا استرحامها
البأس كلّ البأس كالأشجّ فباهها / أو كالأعزّ الوائليّ فسامها
يا ابن الشام و ما نظمت قصائدي / إلاّ لهزّ عراقها و شامها
تشدو الحمائم في الشّام و إنّما / أنغام هذا الشعر من أنغامها
الحرّ يؤسر و الحمائم حرّة / يا ليت لي في الشام حظّ حمامها
أليوم معركة الحياة فما الذي / أعددت من عدد ليوم صدامها
من ليس يمنع حقّه في حربها / هيهات يمنع حقّه بسلامها
و إذا تنكّبت الزحام ففترة / و تخرّ منجدلا غداة زحامها
للأقوياء شريعة مكتوبة / بالسيف شيب حلالها بحرامها
أمنّول الأمم الضعيفة حقّها / و مديلها القهّار من ظلاّمها
فصل الخطاب دنا فأيّد أمّة / لم تبغ إلاّ حقّها بقيامها
و اسمح لنصرك أن يرفرف فوقها / و يطاول الجوزاء في أعلامها
يا ربّ علّمها المسير إلى الردى / بسبيل عزّتها و نيل مرامها
هذي دماء كرامها مطلولة / فاقبل ضحيّتها دماء كرامها
لا ترتجي إلاّ حياة حرّة / يا ربّ أجر صلاتها و صيامها
إن لم ترجّ الفوز قبل حمامها / فاسمح به يا ربّ بعد حمامها
هيهات تنخذل الشام و قد بدا / أثر القراع على شبا صمصامها
ووراء حقّ الغوطتين عصابة / آساد غابتها شموس ظلامها
ألباذلون دماءهم يوم الوغى / و الثائرون بها على أخصامها
ما للذئاب مدلّة في حيّها / أو لا تخاف الشرّ من ضرغامها
النار خامدة اللهيب فحاذروا / يا ظالمي قحطان من إضرامها
إن تقتلوا آباءها بسيوفكم / قترقّبوا الغارات من أيتامها