المجموع : 8
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي / تمضى ولا تمضى بها آلامي
فِيمَ التجُّلدُ كالخُضابِ للمَّةٍ / نصلت وفيم السَّلم دون سلامِ
نفسي على حربٍ وبُعدُكَ كارثى / وعواطفي ثكلى عليك دوامى
ليست حروبُ الدهر في أَجرامه / أقسى وأفظعَ من عميقِ كلاَمى
في كل يوم بل بكل هنيهةٍ / هذا خيالك ما يزال أمامي
قلبي يحادُثه وأسمعُ صوَته / أدباً تَّنزهَ عن أذىً وخصام
مستغرقا فيما يقول كراهبٍ / مستغرقٍ بنوافح الإلهام
وجرت بلاغتهُ بحلو تسلسلٍ / كتسلسلِ الغدَران بالأنغامِ
وَحَوت وداعتهُ الترفع مثلما / حوت المرؤة عزّةَ المتسامى
يُدلى برائعة المعاني للنُّهى / وكأنَّها نَخبُ الشرابِ لظامى
إلاّ نُهاىَ فما يُبُّل ظَماؤه / وتردني الأحزانُ عن أوهامى
قد كنتَ لي مثلَ الجمال بما وَعَى / من فطنةٍ وعواطفٍ ومرامى
وُسمِّو أخلاقٍ وصحةِ بنيةٍ / عَّزت على الأرواح والأجسام
قد كنتَ لى الأملَ الجديد بحاضري / وبمقبلي فتبددت أعوامى
وحسبتُ في كف القضاء سعادي / فإذا الشقاء لديه فضلُ زمامي
يا للمصاب وقد تقَّنعَ ساخرا / بالحب والأمل العريض النامى
متظاهراً في الأصدقاء فَغَّرنا / هذا الشمولُ لبسمةِ الأّيام
حتى دُهِينا ذاهلينَ بخطبنا / في كل ما صُنَّاه من أحلام
وكأنّما تلك المواهبُ لم تكن / وكأنما الإنصاف جِدُّ حرِام
هذا طوافي حول قبركَ خاشعاً / أبكى كأنَّ الدمعَ من إحرامي
وأسيرُ فوق ثَرَاكَ لا مترفقاً / ورعاً فحسبُ بل الشهيدَ الدامى
أمشى كأنَّ جواهراً مبثوثةً / هذا الثرى فيردّني إقدامى
يا عقلُ لا تفكر فذاك ضلالةٌ / واخسأ وياعينَ الحبيب تَعامى
هذى عدالة عاَلمٍ مُتبجحٍ / بالشرّ بل عدل الآله السامى
هذا مآلُ الألمعية والهدَى / والنبلِ تحت جنادلٍ ورغام
هذى هي العقبىَ لأحلام الصبىَ / ونهايةُ الايمانِ والأحلام
كنا نُهيئُ كيف شئتَ معالماً / للعرس فانقلبت شهودَ حِمامِ
فلمت تركت الفاقديك تفجعوا / وهم الرجالُ عليك كالأيتامِ
لهفى بُنَّى وأنتَ بين نوابتٍ / نجمت عواطفَ لوعةٍ وغرام
رفَّت على ريح الغروب حزينةً / وتلهفت بمرارةٍ وأوام
ما كان أجدرَ منك بين جُموعنا / حّياً وأبعد منك عن نُّوامِ
غَدرَت بك الدنيا كأنَّك لم تكن / كنزاً لها بشبابهِ المقدام
أو أن لُطفك ما أمدَّ جمالها / بجماله وحنانه البسَّامِ
يا تاركي في لَوعةٍ لم يشفها / جَلدِى ولم يذهب بها إسلامي
دعني أزورك شاكياً ومُسائلاً / بل لاجئاص من لوعتي وضراميِ
على وعلك في التحادثِ نرتضى / بعضَ العزاءِ وأستقيه مُدامي
أي الحوادث جندلتك بِختلهَا / فُقتلتَ قتلَ الزهرِ في الأكمام
أي المظالم فرّقتك عن التي / قَدستَ للآباد لا الأعوام
أى الفواجع جُمِّعت في ليلةٍ / ظلماءَ قادتنا لدهر ظلام
حتى تنفستَ السموم مُسالما / ففقدتَ حين فقدُت كَّل سلامى
سأعيش ذكراك الحَّب وكلُّنا / ذاك المحُّب على مدى أيامى
وأجئ زائركَ الوفَّى كأنني / لم افتقدكَ ولم يكن إلمامي
على بحبي واندماجي أشتفى / بعضَ الشفاءِ ويهتدى لوَّامى
وأنالُ ثأرى من زمانٍ فاجرٍ / فَلذَاك أكرمُ لي من استسلامي
أهل الحميةِ والحميةُ أنتمو
أهل الحميةِ والحميةُ أنتمو / لا تفعلوا فعلاً يلوثه الدمُ
هيهاتَ للعربِ الكرامِ برشدِهِم / أَن يستبيحوا ما يهون ويُذمَمُ
الخائفون اللاجئون إليكمو / زحفت عليهم في الجنانِ جهنمُ
وفدوا عليكم تحت راية حُبِّهم / وولائهم متبتلين وَأحرمُوا
جعلوا بكم آمالهم وتطلعوا / لحنانكم من بَعدِ ما قد أعَدمُوا
وتسابقوا ليدّعموا لفخاركم / مُلكاً ولو فيه الأشُّم المدعَمُ
أيقالُ أنتم خاذلوهم بعدَما / أنسوا إليكم صادقين وأسلموا
أيقالث قد أخَذ البرئُ بظلكِّم / ظُلماً بما صنعَ الخبيثُ المجرمُ
ما هذهِ شيمُ العروبةِ بل نرى / شيمَ العروبةَ كُلَّها يُستلهمُ
إن يجزع الاردن فهو بحزنه / مرآةُ أحزانٍ طفحنَ تُعمَّمُ
والحزنُ بالصبر الجميل مقامُه / أسمى من الحزن الذي يتجهَّمُ
شَقيت فلسطينُ العزيزةُ حقبةً / وبكلِّ جُرحٍ غائرٍ منها فَمُ
لا ترجموَها من جريرةِ مُذنبٍ / والمحسنون جموعُها لم يأثموا
جَادُوا بلا من بكلِّ يتيمةٍ / في الفكرِ حين تعَّذبوا وتيتموا
جادوا بما غَذَّى القلوب نبيلةً / وَهُمُ الجياعُ ونُبلهم لا يُهزمَ
سَكنوا العراءَ مع الصخور فروِّعَت / خجلاً وأشفقت الصخورُ عليهمو
هم بِضعةٌ منا فإن لم نَحمهم / فالعارُ يومَ مصابهم أن يرجَموا
شعراءَ مصر ولا أقول جميعكم
شعراءَ مصر ولا أقول جميعكم / ما بالكم صرتم نكايةَ أهلكم
هل أذنبت مصر الرؤوم فخيركم / في صمتهِ والذلَ مَيسمُ جُلِّكم
يا ناصرينَ الظلمَ دون تَوَّرعٍ / متقلبين على تنوع شكلكم
لم تدَّعونَ الفن في أفعالكم / والفن قد خنقته وصمةُ فِعلكم
عَّم الفسادُ وأنتمو أعوانُهُ / فإليهِ مرجعُ حَوِلكم أو طوِلكم
قاطعتموني واستبحتم سقوَتي / وكأنني ما كنت منَشدَ قَولكم
بل لم أزل أشدو بتغريدٍ لكم / أنيَّ تنَّزهَ عن حقارة ذُلكم
فيمَ التشُّدق بالسموِّ بشعرِكم / وهو التبيعُ لمن هوى من قَبلكم
لا تحسبوا الكتَّابَ أحقرَ منكمو / فَمثالهم مُستلهمٌ من مِثلكم
الحوت حينَ تسبحونَ لعرضِهِ / قلبَ السفينةَ عابثاً من حولكم
يا للدعارِة والهوانِ فَعرضُكم / أَمسىَ الرهينَ لِجبنكم ولجهلكم
وإذا شُتمتُ فَشتمىِ في غُربَتي / شرفٌ أتية به آيةُ فضلكم
كانت بدايتها ختام زعيم
كانت بدايتها ختام زعيم / ونهاية الإجلال والتكريم
من كان رمز كفاحنا وفخارنا / أمسى أثيما بل وايّ أثيم
قالوا تخلّص من مديحك أمسه / هيهات لست وإن هوى بلئيم
ماضيه ماضي أمتي فأمانتي / وكرامتي ذكراه بالتعظيم
والآن أذرف مدمعي لرثائه / حيّا فما ألقاه غير رميم
وأعاف ذكر زنيمة غالى بها / فهوى من العلياء أيّ زنيم
حييت يا يوم العلم
حييت يا يوم العلم / يا من تألق بالشمم
يا مستعزا بالنجوم / تبسمت لمن ابتسم
يا من تدفق بالحياة / كأنها السيل العرم
يا من يذكرنا بأنواع / البطولة والكرم
كيف الشجاعة والنظام / تآلفا بأسا أتم
كيف السماحة بالنفوس / أخص ما يبني الأمم
كيف التحرر والإخاء / هما ذراعا من حكم
يا من ترفرف فيه آمال / تغذي من حلم
يا من تسير به المواكب / كالقصائد والنغم
يا من حديث شعاره / فوق المواعظ والقلم
يا من تنال رموزه من / كل جبّار ظلم
يا من به التاريخ يشمخ / فوق مبناه الأشم
يا من تضمخب الدموع / وبالدماء بلا ندم
يا من حبته التضحيات / بكل مجد يغتنم
يا من تساوت فيه / أفراح البرية والألم
يا من تقدس كل ما / فيه ونور والتأم
أشرق على الدنيا / شعار غد أبي لم ينم
يسمو به الإنسان فوق / صغاره فوق العدم
ويرى الحقيقة كنزه / والسلم اشرف مغتنم
لا أن ينال لترهات هن / نعمة من وهم
ما اجدر الإنسان باستع / لائه فوق الرمم
إن التنازع والحروب مماته / مهما اعتصم
والموت لا يحيي ولا يجدي / ولو سكن الهرم
فدم المذكر للأمم وانشر / عظاتك يا علم
لي قلة في الأصدقاء حسبتهم
لي قلة في الأصدقاء حسبتهم / فوق الجواهر للبخيل المعدم
لم ينظروا يوما إلي بريبة / بل بجلوني كالنبي الملهم
منهم قبست أشعتي وإليهمو / عادت مفاخرها وعدت إليهم
دار الزمان ولم يدورا حوله / وتجمعوا حولي وحول تألمي
خلقوا لي الأفراح من صلب الأسى / حتى كأن الكارثات تنعمي
لا منهمو من باع كنز مودتي / وكأنه قد باع عرضي أو دمي
تخذ النفاق طعامه وشرابه / والكيد مهنته وبارك مأتمي
ومضى يمن علي بعد نكاية / ما للنكاية غير فرط تبسمي
إني امرؤ أحيا لأن عقيدتي / تحيا ولست بمن يدنس مرقمي
ولأنني فوق الظنون ومبدئي / ما كان للراضين أو للوم
وإذا طعنت من الذي أحببته / فعليّ وزري لا عرفت تندمي
دنيا سأقطعها بغير ترحم / منها ولم أبخل لها بترحمي
يا من يعيش مشاغبا وحياته / خدع على خدع وجم توهم
لا تحسبني بعد غدرك وامقا / إن المحبة لا تكون لأرقم
إن كان أعماني تودد ماكر / متنفنّن أو ساحر مترنم
فالحق يأبى أن أضيع رحمتي / والعدل يأبى أن أضلل كالعمي
بشراك هذا العم عي
بشراك هذا العم عي / سى صار فينا العم سام
أنظر إلى عثنونه / فلقد تزايد واستقام
قد كان في حزم الشيو / خ فصار في زهو الغلام
من ذا يطاوله وه / ذي الناطحات له تقام
اليوم يملك كل شيء / حوله ملك الهيام
في موطن حر به / الأحرار خدام السلام
لا عيب فيه سوى سما / حته التي تغري اللئام
فيه المساواة العمي / مة ملة وله ذمام
فرص النهوض تكافأت / فيه كذرات الغمام
لا بدع إن جذب النجو / م إله واعتنق الدوام
واليوم يغنم فضل عي / سى الشامخ الحر الهمام
كم موقف للحق نذ / كره له عاما فعام
كم من نصائح بثها / كالنور يخترق الظلام
فتناوبوا أنخابه / بالحب لا وهج المدام
إن الكؤوس من الولا / ء أحب من راح وجام
اليوم يوم الصفو نغ / نمه وما الصفو حرام
متضاحكين مهللين / يهزّ نشوتنا الزحام
ولربما أصى النيا / م فلم يعد فينا نيام
أنا بينكم مهما نأي / ت إذا استبد بي السقام
شعري نظيري بل أعز / نهاي في شعري أقام
فتقبّلوه برغم عج / زي أيها الصحب الكرام
واستلهموا من شهرزاد / الحب قبل غنى الطعام
فاليوم عيسى كالرشيد / وحقّه حقّ الغرام
الصيف أين هو الحبيب فما أرى
الصيف أين هو الحبيب فما أرى / وهجا ينمّ عليه أو أحلاما
الجو تخنقه الدموع لوحشة / والشمس أرهقا الغمام خصاما
من صدّه عنا ونحن رعيّة / ولم أستبدّ بنا وكان إماما
أيجيء موعده بسخر جائر / ويكون مولده الأغر ظلاما
لمن الأزاهير الحسان تبرّجت / والنحل والحشرات إذ تتسامى
ولمن تعطّرت الطيوف وهوّمت / وتجاوبت بنفوسنا أنغاما
أمشرّد عنّا وتلك ربوعه / فعلام بشّرنا الربوع علاما
نهفو إلى الدفء الجميل فلا نرى / إلا الشتاء الساخر اللواما
وكأنما هذي المناظر كلها / وهم وتمثيل طغى وترامى