المجموع : 10
ذوت الصبابة وانطوت
ذوت الصبابة وانطوت / وفرغت من آلامها
لكنني ألقى المنا / يا من بقايا جامها
عادت إليَّ الذكريا / تُ بحشدها وزحامها
في ليلة ليلاء أر / رَقني عصيب ظلامها
هدأت رسائل حبها / كالطفل في أحلامها
فحلفت لا رقدت ولا / ذاقت شهي منامها
أشعلت فيها النار تر / عى في عزيز حطامها
تغتال قصة حبنا / من بدئها لختامها
أحرقتها ورميت قل / بي في صميم ضرامها
وبكى الرماد الآدمي / يُ على رماد غرامها
يا قلبي الشاكي المعذ
يا قلبي الشاكي المعذ / ذب هذه الشكوى لِمَا
حان الفرار وآن لل / مسجون أن يتنسما
حان الحساب وآن لل / موتور أن يتكلما
يا طفلي النواح آ / نَ اليوم أن تتعلما
أسفي لغالي الدمع تب / ذله لمرتخص الدمى
أفنيته ورجعت حت / تى من دموعك معدما
فإذا افتقدت الدمع عز / ز فتبكينّ تبسما
تبكي على العرش المصو / غ من المدامع والدما
تبكي على الصنم الجمي / ل يكاد أن يتهكما
تبكي تراب الأرض مص / بوغاً بألوان السما
حان الشفاء فودع الألما
حان الشفاء فودع الألما / واستقبل الأيام مبتسما
ضيف من السلوان حل بنا / حدب اليدين مبارك قدما
أو ما ترى الضيف الذي قدما / يطوي الغيوب ويذرع الظلما
في كفه كأس يقدمها / تمحو العذاب وتغسل الندما
فاشرب ولا ترحم ثمالتها / لهفي عليك شربتَ أي ظما
فيض من النسيان يغمرني / إني لأحمد سيله العرما
مستسلماً للموج يغمرني / فرحان حين أعانق العدما
هي صفحة طويت وحان ختام
هي صفحة طويت وحان ختام / آسي الأساة على ثراك سلامُ
لهفي عليك تسلّمتك يد البلى / وانفض عنك إلى النشور زحام
الحفل منتظم تكامل عقده / أين العشيَّ خيالك البسام
يتلفتون به كأنك عائد / هيهات في ريب المنون كلام
لا صحو من سِنة المنون وإنما / سهر الخلود عليك حيث تنام
يا أيها الآسي العزيز بمضجع / ناءٍ له الإكبار والإعظام
أنت الطبيب وقد بلوت حياته / ومجالها الأوجاع والأسقام
جلت الحياة له حقيقتها فما / في ظلها لبسٌ ولا أوهام
وله مع القدر الرهيب وقائع / وله مع الموت الملمِّ صدام
ووراء ذلك قوة أزليةٌ / خرساء عنها ما أميط لثام
أي الأساة هو المدلّ بفنه / سبحان من تحنى لديه الهام
بلدٌ على بلد كأنك ضارب / في الأرض ما يدري لديه مقام
فرجعتَ من حمى الحياة لمثلها / حمّى تهد الصرح وهو مقام
سفر على سفر فهذي رقدة / شفي الغليل بها وطاب أوام
يلقي الغريب على جوانبه العصا / وتقر فيها أعين وعظام
رقد الصغير إلى الكبير مجاوراً / وتعانق الأحباب والأخصام
هجعوا إلى يوم النشور وهكذا / هجعت هنالك ألفة وخصام
لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى
لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى / لي غير ذلك موطناً ومقاما
وطني على طول الليالي دارُه / مهما نأى وهواي حيث أقاما
والأرضُ حين تضمُّنا مأهولةٌ / لحظاتها معمورةٌ أيّاما
لا فرق بين شَمالها وجنوبها / فهما لقلبي يحملان سلاما
وهما لعهدي حافظان وقلّما / حفظ الزمان لمهجتين ذماما
وإذا بكيتُ فقد بكيت مخافة / من أن يكون غرامُنا أحلاما
ولربما خطر النَّوى فبكيته / من قبل أن يأتي البعاد سجاما
إني لأقنع من ظلال أحبّتي
إني لأقنع من ظلال أحبّتي / بحنان أخت أو بكفّ مسلّم
وبجلسة طابت لدىّ بغرفة / حملت عبير الغائب المتوسّم
يا أخت هند خبّريها أنني / صبٌّ يعيش بمهجة المتألم
صبٌّ سئمت من الحياة بدونها / أنا لا أحبُّ إذا أنا لم أسأم
ومضى النهار ولا نهار لأنه / يمتدُّ عندي كالفراغ المظلم
يا دار هند إن أذنت تكلَّمي / يا دارها عيشي لهند واسلمي
فدمى الفداء لحبّ هندٍ وحدها / وأنا المقّصِرُ إن بذلت لها دمي
ولقد حلفت لها ودمعي شاهدٌ / أني فنيت علمت أم لم تعلمي
أمسيتُ أشكو الضيقَ والأينا
أمسيتُ أشكو الضيقَ والأينا / مستغرقاً في الفكرِ والسأمِ
فمضيتُ لا أدري إلى أينا / ومشيت حيث تجرّني قدمي
فرأيت فيما أبصَرَت عيني / مَلهىً أعدَّ ليبهج الناسا
يجلون فيه فرائدَ الحسن / ويباع فيه اللهو أجناسا
بغرائب الألوان مزدهر / وتراه بالأضواء مغمورَا
فقصدته عَجِلاً ولي بصرٌ / شبه الفراشة يعشق النورَا
ودخلتُه أجتازُ مزدحماً / بالخَلقِ أفواجاً وأفواجا
وأخوض بحراً بات ملتطماً / بالناس أمواجاً وأمواجا
فقدوا حجاهم حينما طربوا / ودووا دويّ البحر صخّابا
فإذا استقرّوا لحظة صخبوا / لا يملكون النفس إعجابا
متوثبين يميل صفهم / متطلع الأعناق يتقدُ
ومصفقين عَلَت أكفهم / فوّارة فكأنها الزبدُ
لِمَ لا أثور اليومَ ثورتهم / لِمَ لا أجرّبُ ما يحبونا
لِمَ لا أصيح اليوم صيحتهم / لِمَ لا أضجّ كما يضجونا
لِمَ لا تذوق كؤوسهم شفتي / إنَّ الحجا سمّي وتدميري
في ذمة الشيطان فلسفتي / ورزانتي ووقار تفكيري
يا قلبُ ضقتَ وها هنا سعةٌ / ومجالُ مصفودٍ بأغلال
أتقول أعمارٌ مضيعة / ماذا صنعت بعمرك الغالي
انظر ترَ السيقان عارية / وترَ الخصورَ ضوامراً تغري
وتجد عيون اللهو جارية / فهنا الحياة وأنت لا تدري
مَن هاتِه الحسناءُ يا عيني / السحرُ كلّلها وظلّلها
كالطير من غصنٍ إلى غصنِ / وثابة وثب الفؤاد لها
وتراه حسناً غيرَ كذابِ / لا ما يزيفه لك الضوءُ
ويزيد فتنتها باغرابِ / حزنٌ وراءَ الحسن مخبوءُ
ثم اختفت والجمع يرقبها / ويلحّ عودي ليس يرحمها
هي متعة للحسِّ يطلبها / وأنا بروحي بتُّ أفهمها
ورأيتها في آخر الليلِ / في فتية نصبوا لها شركا
يعلو سناها الحزن كالظل / مسكينة تتكلّف الضحكا
فمضيتُ توّاً قلت سيدتي / زنتِ المراقص أيَّما زين
هل تأذنين الآن ساحرتي / تأكيدَ إعجابي بكأسين
فتمنّعت وأنا ألحّ سدىً / بالقول أُغريها وأَعتذر
فاستدركت قالت أراك غداً / إن شئتَ أني اليوم أعتذر
وتحوَّلت عني لرفقتها / ما بين منتظرٍ ومرتقب
فتَّانة تغرى ببسمتها / وتحدّد الميعاد في أدب
حان اللقاء بغادتي وأنا / أخشى سراباً خادعاً منها
متلهفاً أستبطئ الزمنا / وأظل أسأل ساعتي عنها
وأجيل عين الريب ملتفتاً / متطلعاً للباب حيرانا
وأقول ما يدريك أي فتى / هي في ذراعي حبه الآنا
مَن ذا يُصدّقُ وعدَ فاتنة / لا ترحم الأرواح إتلافا
أنثى تلاقي كل آونةٍ / رجلاً وترمي الوعد آلافا
وهممت بعد اليأس أن أمضي / فإذا بها تختال عن بُعد
ميّزتها بشبابها الغضِّ / وبقدِّها أُفديه من قد
يا للقلوب لملتقى اثنين / لا يعلمان لأيّما سَبَبِ
جمعتهما الدنيا غريبين / فتآلفا في خلوة عَجَبِ
عجباً لقلب كان مطمعه / طَرَباً فجاء الأمرُ بالعكس
وأشدّ ما في الكون أجمعه / بين القلوب أواصرُ البؤس
مَن أنت يا مَن روحها اقتربت / مني وخاطب دمعها روحي
صبّته في كأسي وما سكبت / فيه سوى أنَّات مذبوحِ
عجباً لنا في لحظة صرنا / متفاهمين بغير ما أمدا
يا من لقيتك أمس هل كنا / روحين ممتزجين في الأبدِ
هاتي حديثَ السقم والوصبِ / وَصفي حقارةَ هذه الدنيا
إني رأيت أساكِ عن كثبِ / ولَمست كربك نابضاً حيَّا
لا تكتُمي في الصدر أسرارا / وتحدثي كيف الأسى شاءَ
أنا لا أرى إثماً ولا عارا / لكن أرى امرأةً وبأساءَ
تجدين فكرك جدّ مبتعد / والناس نحو سناك دانونا
وترين حالك حال منفرد / والقوم كثر لا يُعدّونا
وترين أنكِ حيثما كنتِ / ترضين خوّانين أنذالا
يبغونه جسداً فإن بعتِ / بذلوا النضار وأجزلوا المالا
يا حرَّها من عبرةٍ سالت / مِن فاتكِ العينين مكحولِ
وعذابها من وحشة طالت / وحنين مجهولٍ لمجهولِ
أفنيتِ عمرك في تطلبه / ويكاد يأكل روحَكِ المللُ
فإذا بدا مَن تعجبين به / وتقول روحك ها هو الأملُ
أدميت قلبك في تقرّبه / والقلب إن يخلص يَهُن دمُه
فإذا حسبتِ بأن ظفرتِ به / فازت به من ليس تفهمُه
سكتت وقد عجبت لخلوتنا / طالت كأنَّا جدّ عشاقِ
وأقول يا طرباً لنشوتنا / صرعى المدامة والجوى الساقي
أفديك باكيةً وجازعةً / قد لفّها في ثوبه الغسقُ
ودعتها شمساً مودّعة / ذهبت وعندي الجرحُ والشفقُ
تمضي وتجهل كيف أكبرها / إذ تختفي في حالك الظلم
روحاً إذا أثمت يطهرها / ناران نار الصبر والألَمِ
هل في العصيب المدلهم
هل في العصيب المدلهم / مصغٍ لشاكٍ لم ينم
سهدٌ على سهدٍ وذك / رى فوق ذكرى تزدحم
وحنين قلب لا يثو / بُ إلى حيالٍ لا يلم
يا من أحب وأفتدي / ويلذ لي فيه الألم
لو كنت تسمع لاسترح / ت من الشكاية للظلم
إن الكواكب ضقن بي / ذرعاً وآسيها سئم
ومن العجائب في الليا / لي والحوادث تستجم
شكوى الحيارى في الحيا / تِ إلى حيارى في السدم
لمن انتظاري في الظلا / مِ كأنَّ بي شبه اللمم
وتساؤلي في حالك / لا صوت فيه ولا قدم
وعلام إصغائي لعل / لَ خطاك هذي عن أمم
ليلي العشية مثل لي / لِي في غرامك من قدم
يا طالما أدنتكِ أو / هامٌ كواذب كالحلم
فلمحت صبحك في السوا / دِ وخلتُ روحكِ في النسم
وشفيت وهمي من رضا / كِ وربَّ ذي يأسٍ وهم
ورويت أذني من حدي / ثكِ وهو معبود النغم
وحرقت قلبي من سنا / كِ على جمالٍ يضطرم
كفراشةٍ حامت علَي / كِ وأيّ قلبٍ لَم يحم
لك حسن نوّار الخمي / لة طلَّ صبحاً فابتسم
لك نظرة الفجر الجَمي / لِ على الذوائبِ والقمم
لك طلعة البرءِ المرج / جَى بعد مستعصى السقم
لك كل ما أوفى على / قدر النهاية واستتم
فبأي قلبٍ أتقي / وبأي حصنٍ أعتصم
يا زائراً عجلان لَم / يطل اللقاء ولَم يقم
ودّعت ما أشبعت لي / روحي ولا نظري النهم
ومضيت عن دنيا خلَت / وجرت بنعمى لَم تتم
لم يبق من أثر اللقا / ءِ بها سوى عبقٍ ينم
وسؤال دمعك حين يس / ألني ومَن لي بالكلم
لِمَ يا أليفَ خواطري / غفت العيون ونحن لَم
وإلامَ تدفعنا الحوا / دث في عُبابٍ يلتطم
دَفَعت بمركبنا المقا / دِيرُ الخفية والقسم
خَرَجَت وما تدري الغَدا / ةَ بأي صخرٍ ترتَطِم
بدَأت عَلى ريح الرضا / والله يدري المختتم
مرحى ومرحى يا ربيع العام
مرحى ومرحى يا ربيع العام / أشرق فدتك مشارق الأيامِ
بعد الشتاء وبعد طول عبوسه / أَرِنا بشاشة ثغرك البسّام
وابعث لنا أرج النسيم معطراً / متخطراً كخواطر الأحلام
نزل الظلامُ فلات حين مقامي
نزل الظلامُ فلات حين مقامي / لم يبقِ غيرَ مدامعي وسلامي
هبط العقابُ على الديار فلفّني / في جنحه وأظلني بقتام
والسيل قد غمر المدائنَ والقرى / وطغى كما يطغى العبابُ الطامي
نفسي تحدثني بأنيَ مغرقٌ / لا حولَ لي في لُجِّه المترامي
فلأيِّ أرضٍ بعد أنقل متعباً / قدمي وأحملُ هيكلي وحطامي
ضاقت عليَّ الأرضُ وَهيَ مفازةٌ / فوق امتداد الظن والأوهامِ
سكنت سكونَ القبرِ ثم تناوحت / فيها الرياحُ كساهرٍ بسقامِ
ثكلى إذا أنَّت أُحِسُّ كأنها / راحت تدَوِّي في صميمِ عظامي
كفّاك أومئتا إليَّ وقالتا / مَن للرميَّة يقتفيها الرامي
فنفضتُ عني الموتَ وَهوَ ملازمي / حيث التفتُ فما أراكِ أمامي
أجتاز أيَّ كتائبٍ مرصوصةٍ / وأشقُّ نحو حماكِ أيَّ زحامِ
سدّ من الدنيا ومن أغلالها / وعواثر الألبابِ والأفهامِ
فإذا خلونا عاوَدتنا ساعةٌ / رقد الهوى في ظلها البسَّامِ
هلَّت على أفق الحياة ونوَّرت / وتألقت في خاطرِ الأيامِ
كم من رؤى عزت عليَّ تكشفت / فرأيتها بنواظرِ الإِلهامِ
وسعادةٍ شردت وعز منالُهَا / فقنصتُها في نشوةِ الأحلامِ
وعرفتُ ما طعم الهدوءِ أنا الذي / لم أَلقَ ساعةَ راحةٍ وسلامِ