المجموع : 5
لا تعجبي لمشيب نودي إنه
لا تعجبي لمشيب نودي إنه / وسم من الأيام غير وسيم
فلو استطعت نضوت جدة برده / ورميت شهب نجومه برجوم
إن اسوداد مغارقي لوسيلة / عند المها للقرب والتسليم
وأرى المشيب طليعة من بعدها / يأتي مشتّت شمل كلّ حميم
وإذا نظرت إلى الزمان وجدتهُ / تعب الكريم وراحة للئيم
سفها بكيت بدمع عين هام
سفها بكيت بدمع عين هام / بمرابع أقوت من الأرآم
وأطلت في الأطلال وقفة حائر / لا يرعوي عن دمنة وخيام
أضللت حلمك في الديار ولم يجز / تخيبك ذلك منك في الأحلام
ما الربع مما يرعوي لملامةٍ / كلا ولا يصغي لرجع كلام
للّه أيّ سوالفٍ عرضت لنا / بلوى الكثيب بسالف الأيام
أقبلن في خفر الدلال وإنّما / لم يسمموا بتحية وسلام
يا عاذلي أزعمت أنّك ناصحي / مهلا اسأت الفعل في الإفهام
إن رحت في إثر الخليط فطالما / خلط التفرّقُ صحبتي بسقام
وحمائمٍ غردنّ في غسق الدجى / فبعثن شوقي إذ اعدن غرامي
أذكرنني زمنَ العقيق وإنما / نوح الحمام مفاجىء بحمامي
يا قاتل الله النوى فلكم ونى / في إثرها متعثّرُ الأفهام
أأذُمّ بارح طيرها أم اشتكي / زمني فقد أقصى بلوغ مرامي
ما أصفت الأيام ورد مشاربي / كلا ولا نقعت غليل أوامي
رفّعَن ما أسأرن لي من مشربي / ونزلن بي بمزلّة الأقدام
أتروم خفضي حين تأبى همتي / إلا ارتفاع محلّتي ومقامي
أفمن ملوك الخافقين عزيمة / تنتاشُني من ضيغم الإعدامِ
قومي الذين تسموا قللَ العلا / بالفضلِ والإفضالِ والإكرامِ
طلعت نجوم علومهم زمناً وقد / سحب الضلال عليه فعل ظلالم
وسمضوا وقد وسَموا حباه مكارمٍ / نزلت بهم بمنازل الإعظام
وأنا الذي علمَ الفضائلَ يافعا / حقا فشبّه ذاك بالإلهام
أدركت ما لو طال عمر مؤمّلٍ / ما قام فيبعض العلوم قامي
أنا فارسُ الفرسان إن علم جرى / لكن لساني في النزال حسابي
أبقيت للعلماء بعد ذهابهم / شرفا بنى شرفا على بهرامِ
شهدت لي الأيام كلّ فضيلةٍ / وأضاعني زمني بنقض ذمامي
فالعقر أيتّها الجيادُ فإنه / يشفيك من عقرٍ ومن آلامِ
وإذا عماد الدين جئت فشيمتي / لثم الصعيد وقد حسرت لثامي
ورضيت عن زمني بحسن صنيعه / وغفرت عظم إساءة الأيّام
قرّبنني من بحر جود قطرة / منه يبرّ على السحاب الهامي
ملك إذا أثنت علاه بجوده / ثنت المقاول فيه بالإفحام
ملك لأحكام القضاء مقدّر / في الحالتين النقض والإبرام
فكحاتم في جوده وكأصنف / في الحلم بل عمر ولدى الإقدام
تنميه في العلياء غرّ مكارم / يغنى بها عن هاشم وهشام
لو سئلت عنه المكارم والعلا / نطقت بما أولى منَ الإنعام
فلسيفه ولسيبه ببن الورى / حكمان حكمُ صواعق وغمام
ولذكره في قلب كلّ مخالفٍ / وموافق فرق من الأقوام
وإذا الكريهة أخمدت أخدمتها / بمثقّف وبصارم خذّام
فلسيفه وسنانه وبنانه / حكم يشقّ على الطلى والهام
واخالفته أعزّة إلّا عذَت / منه رؤوسهم بلا أجسام
يا أيها الملك الذي من عدلهِ / ثبتت دعائم قبّة الإسلام
أثّلتَ مجدا لم يطل لصفاته / شعري فقصّر عنه شأو كلامي
ورعيت هذا الملك منك بمقلةٍ / لم تكتحل أجفانها بمنام
وبنيتَ داراً للمناقب والعلا / سُمكت قواعدها بخير دعام
شيدت كما شيدت بهّمتك العلل / ورست لديك قواعد الأحكام
أسكنتها الكرم التلاد فما انضوى / إلا إليها منتهى الأفهام
وكسوتها من نور مجدك بهجةً / فجلوت منه حنادس الإظلام
ورفعت في شرفاتها شرفا لها / علما وفي عن ذروة الأعلام
بعزيمة أركانها بركونها / ثبتت فآذن سعدها بدوام
احجارها من مرمر ونقوشها / من جوهر فاعجب الحسن نظام
وكأنّ منها الشيد قد كحلت به / أجفانُنا بمراود الإعظام
ما بال دجلة إذ أطلّ بناؤُها / متشرّفا في خجلة وغرام
تبدو بتجعيدٍ وحقّ لمثلها / حقا يغار من الخضمّ الطامي
فالجود في عرصاتها والأمن في / أبوابها بالفضل والإكرام
فهي الأحقّ بأن تسمى جنّةً / أو أن يقال الدهر دار سلام
يا ابن الغطارفة الذين أكفّهم / موت لحيّ الجور والأعدام
إنّي اتخذتّك شافعا لي في الدُنا / وتخذت حيدر شافعا لأثامي
ولأنت في دنيايَ خير مؤمّلٍ / ولحيدر في الحشر خير إمام
فبقيت يا خير الورى ما غرّدت / في مورق الأغصان ورقُ حمام
شكراً لما تولى من الإنعام
شكراً لما تولى من الإنعام / أبداً على الأيّام والأعوام
يا ابن النبي ومن يجود أكفّه / غفرت إساءة سالف الأيام
خلقت طباعك للذي من طينة / جبلت على الإحسان والإكرام
أعطيت فوق منى النفوس فأبهجت / بجزيل ما تولي من الإنعام
فنهاية الآمال عندك قطرة / من ذلك البحر الخضمّ الطامي
شيدت ركن المكرمات وإنما / سمكت قواعدها بخير دعام
فبجدّك المبعوث في هذا الورى / ثبتت دعائم قبّةِ الاسلام
وبحيدر ختمت فواتح دينه / يا حبذا دين بخير ختام
إذ أنت سرهما ونورهما الذي / صبّت مجاجته إلى الأرحام
فعليك يا نجل النبيّ وصنوهُ / متأرجات تحيّة وسلام
نظرا الآنام إلى علاك بأعينٍ / مكحولةٍ بمراود الإعظام
عمرت بجودك يا معمّر أنفس / طويت لغيركم على الأوغام
فقحتم فكر المديح لمجدكم / منّي وكنت عقلت بالإفحام
فمتى غدوت مقصر في مدحكم / فحرمت من جدوى يديك مرامي
وبأصلك الزاكي وثقت وإنكم / تصفون لي ورداً من الإكرام
عمّ الندى وتواتر الإنعام
عمّ الندى وتواتر الإنعام / والجود لما وطد الإسلام
وافتر ثغر المكرمات وأشرقت / من بعد ظلمتها بك الأيّام
يا ابن النبي وخير من عذقت به ال / آمال أو لجأت به الأقوام
لو أن بيت الله ينطق لم تزل / منه إليك تحيّة وسلام
أو كانت الأقدار تسعى ما انثنى / إلا إليك من القضاء زمام
بكم اهتدى هذا الأنام ودينكم / نطقت به من قبله الأحكام
أنتم ثقات الله في تفضيلكم / يا سين والفرقانُ والأنعامُ
فقديمكم يتلوه فضل حديثكم / في المكرمات فتستوى الأقدام
شكراً لدهرٍ خصّني بلقائكم / إذ عمّني التبجيل والإعظام
ولقد حللت من العلاء بمنزل / ما حلّه في سعده بهرام
ولقد شكرت صنيع دهري عالما / إن الزمان له عليّ ذمام
إني عجبت وجودكم عم الورى / كيف اغتدى في حالي الإعدام
ويسوؤني نظر اللئام وإنما / نظر اللئام على الكرام حرام
أكرمتني ولأنت خير مؤمّل / من شأنه الإحسانُ والإكرام
مولايَ محي الدين يا من رأيه / ماض يفلّ السيف وهو حسام
غوّدتني بندي يديك فصار لي / في مدحكمُ أمد الزمان غرام
في كلّ وقتٍ من عطائك نائل / يولي ويمطر من نداك غمام
وتعمّ منك فواضل وفضائل / فصُرت إذا عن كنهها الإفهام
أحرزت أخلاق النبيّ كأنما / حسن التخلق فيكم إلهام
كتب الإله لك المكارم والعلا / في اللوح حتى جفّت الأقلام
فلك الزمان من الحوادث جنّة / ولك القضاء لما تشاء غلام
خذ من قياد الدهر خير زمام
خذ من قياد الدهر خير زمام / وابشر بنيل سعادة ومرام
وتهنّ ما أوليته من نعمة / ثبتت قواعدها بخير دعام
نعم حباك بها الإمام فيا لها / من نعمة موصولة بدوام
نشرت عليك من الثناء بروده / وأتت أمانا من ردى الأيّام
جمعت شتائمت كل مجد شارد / فرقت به ما بين كل حرام
نظمت عليك من المودّة ما غدا / عقد القلوب وذاك خير نظام
أهلا بما بعث الإمام ومرحبا / برسوله الآتي بعقد ذمام
حيا من الزوراء زور سعادةٍ / يكسو برونقه بلاد الشام
نور تألق بالعراق فكشّفت / بضيائه أستار كلّ ظلام
فكأنّه لما بدايولي الهدى / ذبرق تألق في متوب غمام
نصر بباب النصر جلل مثله / باب السلامة فادخلو بسلام
يا حسن ألطاف الإمام فإنّها / دبّب دبيب البرء في الأسقام
نعم تحقق شكرها من بعدما / وجب الثناء بها على الأيام
يا نعمة نفعت على طول المدى / من ظامىء الآمال خرّ أوام
بسط الإمام الطهر سابغ طولها / حتى تعيض جامح الإعدام
لله يوم في السعادة لم أطبق / وصفا له يوفي على الأعوام
لم يتضّح فيه النهار لأنّه / قد شيب رونقه بليل قتام
فرأيت آبات الرسالة أقبلت / برسالة من باب خير إمام
فرع زكا من هاشم في دوحة / نبوبّة وهيَ المحلّ السامي
فالسعد في أرجائها متضوّع / قد فضّ عنه لذاك خير ختام
فسيحدث شكرا للإله لنعمة / تولي المعظم غاية الإعظام
فعلى ابن عم محمد وسميته / أزكى صلاة أردفت بسلام
هو كوكب الخلفاء إذ هديت به / لمناهج الإنعام والإكرام
قرأوا صحائف من علاه ثبتت / في المجد وقع مواطىء الأقدام
ولّوا وجاءهم أخيرا بعد ما / قد فاز بالتقديم والإقدام
نفسي فداؤك من إمام عندهُ / إن التقى والدين خير إمام
مستشعر ثوبين يخطر فيها / هدي التقى وسكينة الإسلام
مصغ إلى حكم الندى ولقد غدا / حكم الورى ومسرّع الأحكام
بمآثر لو لم يوغر طرقها / لرأيت للساعين أيّ زحام
ومكارم كرمت أصولاً في العلى / ومناقب لمتوجبن كرام
صلى الإله على قبور ائمة / قد ضمنت منهم عظام عظام
أرباب ميراث النبي وبرده / وقضيبه ومهند صمصام
الدين يعلم انهم أصحابه / والقائمون له بكلّ مقام
أضحى أمير المؤمنين بسيرة / جازت مدى الأوهام والإفهام
ملك تصوّر في القلوب مثاله / فلذاك لا ينجلو من الأوهام
يمضي عزيمة أمره فإذا مضت / أخذت بسمع للعدى وكلام
قد عاد هذا الدهر محمودا به / إذ كان مذموما على الأوغام
شرّفت يا شرفَ الملوك بخلقة / حكمت على الأعداء بالإرغام
وزهابك العهد الذي أوتيتهُ / وتفاخرت بك ألسُنُ الأقلام
وكلت طرفك بالحوادث جاهدا / تأسو بجود يديك كل كلام
فاشحذ غرار عزيمة ما وطئت / إلا على الإسراج والألجام
وزر البلاد محاربا ومحاميا / ومضويا من سدفة الإظلام
اللّه ولاك الرعية بعدما / أولاك فضلاً أوفر الأقسام
قوّمت زائنهم بكلّ مقوّم / وحسمت ما رقهم بكل حسام
نغدوت مثل الدهر يأتي ال / يغظان أو يسري مع الأ
ورأى الخليفة فيك سيما ما رأى ال / آباء في الآباء والأعمام
إني أتشر من بديع ثنائكم / حللا يجلّبها بديع كلامي
وبأيّ وقتٍ لم أقم لك شاكراً / يفنى الزمان وطيب ذكرك نامي
فاسلم لدهر أنت من حسناتهِ / يا مجزل الإحسان والإنعام