حَرَمُ الجَمالِ عَلى سَريرِكِ يَحلُمُ
حَرَمُ الجَمالِ عَلى سَريرِكِ يَحلُمُ / وَعَلَيكِ مِن سورِ الهَوى مُتَرَدَّمُ
وَالشَمسُ تِبرٌ في أَديمِكِ كُلَّما / شَبَّ النَهارُ نَما وَأَينَعَ مَوسِمُ
لُبنانُ يا ريفَ السَماءِ وَثَغرَها / في كُلِّ شِبرٍ مِن تُرابِكَ مُلهَمُ
ما أَنتَ بِالبَلَدِ اليَتيمِ وَإِنَّما / في كُلِّ عَينٍ لا تَراكَ تَيَتُّمُ
لَكَ في الفُضولِ عَلى الطَبيعَةِ ذِمَّةٌ / وَعَلى الجَمالِ مُؤَخَّرٌ وَمُقَدَّمُ
فَمنَ الشِتاءِ أَبٌ يَدِبُّ بِصُلبِهِ / جَيشٌ مِنَ الخَضَرِ الجَنِيِّ عَرَمرَمُ
وَمِنَ الرَبيعِ أَجِنَّةٌ لَم يَختَمِر / في مِثلِها نورٌ وَلَم يَطهَر دَمُ
وَلَكَ الشَبابُ كَريمَةٌ أَغصانُهُ / في الصَيفِ تَرتَزِقُ الجِنانُ وَتولَمُ
وَإِذا الخَريفُ تَكَمَّشَت أَعراقُهُ / أَجرى الفُتوَّةُ فيكَ حَتّى المَأتَمُ
لَكَ مِن شَبابِكَ أُسرَةٌ مَيمونَةٌ / فَأَبٌ يَفيضُ نَدىً وَأُمٌّ تَراَمُ
ما اليُتمُ أَن تُشقيكَ أُمٌّ أَو أَبٌ / اليُتمُ أَن تُزريكَ عَينٌ أَو فَمُ
إِنَّ اليَتيمَ مَنِ اِمَّحى وجدانُهُ / هُوَ مَن يَسوقُ الظُلمَ لا مَن يُظلَمُ
هُوَ حاكِمٌ يَشقى اليَتيمُ بِعَهدِهِ / جَوراً وَمِن خُبزِ اليَتامى يُطعَمُ
الخَزُّ يُنكَرُ إِن أَتى بِنَصيحَةٍ / وَالعَنكَبوتُ إِذا تَثَعلَبَ يُكرَمُ
يُعطيكَ مِن طَرَفِ اللِسانِ حَلاوَةً / وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الأَرقَمُ
كُلُّ اِمرىءٍ شَطرانِ في سُلطانِهِ / رَأسٌ لَهُ يُحنى وَقَلبٌ يُشتَمُ
في كُلِّ مَأدُبَةٍ يَسيلُ لُعابُهُ / كَالهِرِّ يُؤمَنُ شَرُّهُ إِذ يُلقَمُ
عَسَلُ الزَبيبِ يَسيلُ مِن أَحداقِهِ / وَعَلى سَريرَتِهِ يَجِفُّ الحِصرِمُ
يَخشى لِضَعفِ يَقينِهِ هَمسَ الصَدى / وَيَرى الشفاهَ كَأَنَّها تَتَهَكَّمُ
وَلَهُ مِنَ الأَبوابِ أَنظارٌ تَرى / وَمِنَ السُقوفِ مَسامِعٌ تَتَفَهَّمُ
يا حاكِماً في أَيِّ يَومٍ تَستَحي / أَوَلَستَ تَدري كَيفَ أَنتَ وَتَعلَمُ
هُوَ مُرشِدٌ خُبزُ السَماءِ طَعامُهُ / يُصغي إِلى أَسرارِها فَيُتَرجِمُ
سُوَرُ التَقى تُتلى عَلى فَمِهِ وَفي / وِجدانِهِ الهاري تَفُحُّ جَهَنَّمُ
الدينُ حانوتٌ يَبيعُ بِهِ الرَجا / وَاللَهُ نَهبٌ في حِماهُ مُقَسَّمُ
وَلَهُ كَلامٌ في السِياسَةِ فاصِلٌ / خَطَأُ الشَرائِعِ أَن يُعابَ فَتُرجَمُ
أَأَبا اليَتامى وَالحَياةُ قَصيرَةٌ / ماذا يُعَلِّمُكَ اليَتيمُ الأَعظَمُ
لَكَ في الجَحيمِ مَتى تَهِمُّ إِلى السَما / في كُلِّ إِسطَبلٍ يُحَمحِمُ مِرجَمُ
هُوَ عاشِقٌ لَم يَدرِ شِيَمُ الهَوى / فَإِذا أَحَسَّ فَعِرقُهُ المُتَأَثِّمُ
روحٌ مُهَرَّأَةٌ وَلَحمٌ جائِعٌ / وَفَمٌ يَنِمُّ وَمُقلَةٌ تَتَضَرَّمُ
ما بَينَ غَدرَتِهِ وَبَينَ يَمينِهِ / إِلّا تَسَلُّفُ حاجَةٍ تَتَكَتَّمُ
فَحَذارِ مِن جُرحِ الهَوى فَجِراحُهُ / يَبقى الأَذى فيها وَيَفنى المَرهَمُ
تَاللَهِ عَصرُكَ يا جَميلُ فَعَصرُنا / فيهِ رُقِيٌّ لِلهَوى وَتَقَدُّمُ
الفاجِرُ الزَنديقُ فَحلٌ راشِدٌ / وَالعاشِقُ العُذرِيُّ أَبلَهُ مُسقَمُ
يا بُثنُ كَم يَحلو زَمانُكِ حينَما / تَصفو لَنا لَيلى وَتَغدُرُ مَريَمُ
ماذا عَسى الواشونَ أَن يَتَحَدَّثوا / إِلّا يَقولوا إِنَّهُ بِكِ مُغرَمُ
هُوَ تاجِرٌ أَدنى وَأَبخَسُ سِلعَةٍ / وِجدانُهُ يُعطيهِ لا يَتَلَعثَمُ
حَجَرٌ تَحَجَّرَتِ العُيونُ بِعَينِهِ / فَالناسُ نَقدٌ وَالمَصائِبُ أَسهُمُ
حَتّى دُموعُ البائِسينَ شَهِيَّةٌ / في قَلبِهِ إِن كانَ فيها مَغنَمُ
يا تاجِراً تَعلو بِهِ أَسعارُهُ / مِقدارَ ما يَدنى الضَميرُ المُجرِمُ
سَتَذوبُ في الدُنيا كَأَنَّكَ تَركَةٌ / بِيَدِ المُبَذِّرِ أَو كَأَنَّكَ دِرهَمُ
هُوَ شاعِرٌ إِن لَم يَذُق أَلَمَ الهَوى / يَكفيكَ مِنهُ أَحرُفٌ تَتَأَلَّمُ
ما الشِعرُ إِلّا حِليَةٌ بَرّاقَةٌ / خَزَفٌ يَغُرُّكَ أَو زُجاجٌ يوهِمُ
صُوَرُ الحَياةِ كَثيرَةٌ أَلوانُها / وَأَحَبُّها ما قَد حَواهُ المُعجَمُ
إِنَّ اليَتامى مَن يَمُجُّهُمُ الوَرى / لَيسَ اليَتامى مَن يَضُمُّ المَيتَمُ