القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 26
قُيدتَ من حوج الحَياة بأدهمِ
قُيدتَ من حوج الحَياة بأدهمِ / وَطرحت في درج القضاء المبرمِ
لا بد من حتف يزورك آخِراً / والأهل حولك قائلون لك اسلَم
سلَّمت أنك بالثراء ممتع / لكن بقاؤك فيهِ غير مسلم
لك من قصورك في اليفاع منازِل / وَالقبر آخر منزل لك فاِعلَم
لك أُسوة بالسابقيك إِلى الرَدى / ما أَنتَ وحدك فيه بالمتهدم
درجوا إلى أجداثهم فاليوم هم / جثث هنالك باليات الأعظم
كانت لهم هذي البقاع منازلا / فيما تصرم من زمان أقدم
ذهبوا وخلفت المنازل بعدهم / وكذا المنازل بعدهم لم تسلم
فاليوم من تلك المنازل لا ترى / إلا طلولاً دراسات الأرسم
لك في الرجاء إذا أردت تشبُّثاً / حبل مَتى تمسك به يتجذَّم
إِنّا مِن الدنيا بمنزل محنة / يَبكي الحكيم به عَلى المتبسم
يا أَيُّها العيش المقدَّر أَنتَ لي / سم وَقَد يَحلو مذاقك في فَمي
صور الحياة بأرضنا معروفة / لكنها ماذا بباقي الأنجم
قالوا الحياة هناك تشبه ما هنا / فأجبت هذا الرأي ليس بمحكم
من أين نعرف أنها في غيرها / ليست بأسعد في المعاش وأنعمِ
ودّ ابن هذى الأرض من حرص به / لَو أَنَّه صعد السَماءَ بسلَّم
ساءَ الفَتى أَن قد أَقام ببقعة / لَيسَ الفَتى يَوماً بها بمكرم
لا تعرض الأم الحزينة لابنها / خدّاً على الأرزاء غير ملطم
ما زالَ منه الكف في صدر العدى / ليذودهم عَن حوضه المتثلم
وأجنَّه والهم ليل أليلٌ / قد شَفَّ عن أزمات يوم أيوم
ما في قوى الإنسان أَو تركيبه / شيء إِلى غير الطَبيعة ينتَمي
كل الَّذي يَرجو المؤمِّلُ ممكنٌ / إلا رجوع شبابه المتصرم
ذهب الصبا فمضى الحبيب ولم يكن / عهد الصبا بأعز منه وأكرم
قيل الحبيب مسائل عنا وذا / قول على جرحى العميق كمرهم
القلب حدثني بهِ ومن المنى / أن لا يكون حديثه بمرجَّم
كذب الفؤاد فما الحبيب بسائلٍ / عنا ولا بحديثنا متكلم
يا قلبُ أنت متيم بمليحة / ما أن يرق فؤادها لمتيم
ملكت مخلفةً قيادك في الهوى / وطلبت مرحمة ولما ترحم
يا قلبُ مالك آسفاً متلهفاً / إن لم تكن يا قلب بالمتندم
أتراه كيف أتى يعاتب قلبه / والقلب ينظر نظرة المسترجم
دعه يناج القلب منه إنه / متأَلم يشكو إلى متألم
مرّت نوار تميس في خطواتها / مع غادة بكر وأخرى أيِّم
ليست نوار كما نظن بخيلة / تقسو إذا مرّت على المتظلم
فقد اعترضتُ نوار عند مرورها / أشكو لها أوصاب قلبي المؤلمِ
سمحت نوارُ كما نروم بوقفةٍ / تصغى بها لشكاية من مغرم
إني عييت كما ترى بحضورها / يا دمع إنك أفصح فتكلم
فجرى أمام نوار دمعي ناطقا / وأطال في الشكوى ولم يتلعثم
كادت نوار ترق عند سماعها / لحديث دمعي عن أسايَ مترجم
لكنها من خوف تربيها أبت / نُطقاً فلم تسعف ولم تتبرَّم
لِلَّه عيشٌ قد تقلص ظله / من بعد مسعدتي به وتنعمي
أيام لا قلب الحبيب بمائل / عني ولا عهد الصبا بمذمم
ما دام ذاك العيش في معانه / إلا كلمح البرق للمتوسِّم
عندي عليه أسى كأن ظلامهُ / وقت الدجى ليل بليل يرتمي
وكأنما أملى المضئ خلاله / برق يلوح بعارض متجهِّم
أنوار أن الصب مات سروره / يوم الفراق فقلبه في مأتم
حسن الطبيعة ظاهر للعين في / روض بأزهار الربيع منمنم
وقساوة الإنسان يظهر قبحها / في حومة للحرب تصبغ بالدم
ما زالَ هَذا الكَون سِراً طاوياً / في نفسه لحقيقة لَم تفهم
وَالعَقل يخبط لاكتشاف سَبيله / في جوف لَيل للعماية مظلم
عُلمت من الأشياء فيه ظواهر / وَبواطِن الأشياء لمّا تعلم
تقف العقول إذا أردن تفهُّما / حيرى هناك أمام أمرٍ مبهم
ما في الوجود سوى أَثير واسِع
ما في الوجود سوى أَثير واسِع / فهو القوى وَالروح والأجسامُ
جسم الفَتى ما عاشَ مملكة بها / تَجري أُمور للحَياة جسام
السيد القمقام فيها حاكِمٌ / وَالعَقل ذاكَ السيد القمقام
في الكَون أَجمع أَرضه وَسمائه / للكَهرباء النقض والإبرام
أَحقائقٌ ما قد مثلن أَمامي
أَحقائقٌ ما قد مثلن أَمامي / أَم ما أَرى صور من الأوهامِ
إني أُلِمُّ بما أُشاهد يقظةً / فأشك في عيني وَفي إِلمامي
كونٌ جهلت على اِكتَناهٍ أَمرَه / وَجهلت فيه بداءتي وَختامي
صح الوجود لعالمٍ نحيا به / أَمّا الوجود فحيرة الأفهام
أَفقاعة أَنا ضمن بحر قد طمى / أَم أنني البحر الَّذي هُوَ طامي
وَلَقَد تتبَّعت الحَياة وَأَهلها / فإذا الحَياة كَثيرة الأحلام
اليَوم ليل شاب شعر قذاله / وَاللَيل بعض حوادث الأيام
وأَروم إيضاحاً لما قد أَبهمت / فَتَزيد إِبهاما على إِبهام
أَمشي وَما مشيي هناك لغاية / في وسط نور تارة وَظَلام
ذهبت عَلى أثر الشباب سعادتي / عني فقلت لها اذهَبي بِسلام
لَيست سعادة أنفس وَشَقاؤُها / إلا من اللذات والآلام
نَبغي من اللَّيل البَهيم وَضاءَةً / وَالليل منطبع على الإظلام
إِنّا بواد لَيسَ يؤمن سيله / فَلنَبتَعد عنه إلى الآكام
تتقدم الأقوام فيه وَخشيتي / أَن لا يَدوم تقدم الأقوام
وأَرى البنات محجبات في الصبا / كالزهر يخنق وَهْوَ في الأكمام
ما اللَّه عند مصوريه للورى / جسداً سوى صنمٍ من الأصنام
النَقد للأدب القَديمِ
النَقد للأدب القَديمِ / كالنار تعلق بالهشيمِ
يودي بما يَلقاه من / غث هنالك أَو سَقيم
ينحى عَلى ما كانَ مس / طورا لأصحاب الرَقيم
أَو كانَ من قدم به / أَبلى من العظم الرَميم
أَما الجَديد فَما لَه / خوف من النقد السَليم
النَقد صقلٌ للنهى / وَالنقد شحذ للفهوم
وَالنقد يهدي نوره / من سار في اللَيل البَهيم
الحمد للنقد الكَري / مِ وَلَيسَ للنقد اللئيم
ما أَحسن النقد الَّذي / يَخلو من الحقد الذَميم
النقد يكبر بالدلا / ئل لا بقاذعة الشتوم
النقد يَقوى إن بنا / ه الناقدون عَلى العلوم
وَالنقد يَضعف إِن بَنو / ه عَلى المظنة وَالرجوم
النقد فن يطمئن / نُ إليه ذو الأدب العَميم
ما إِن يجيد النقد عَن / صدق به غير الحَكيم
وَلَقَد يمر عَلى الصَحي / فة فاحصاً مر النسيم
يأَتي الرياض فيَكتَفي / من كل زهر بالشَميم
يطري الصواب منبهاً / منها عَلى الخطأ الوَخيم
وَلَقَد يسر بما يرى / في الروض من وجه وَسيم
فيقيم فيه حيث لَم / يك قبل ذلك بالمُقيم
يَحنو عَلى نُوّاره / كالمُرضِعات عَلى الفَطيم
ما في التوقف من سَلامِ
ما في التوقف من سَلامِ / فإلى الأمام إِلى الأمامِ
إن التوقف سبة / تزري بأنسال الكِرام
تصل العروبة في الحَيا / ة إِلى السَعادة باعتزام
إنّا لفي عصر به / يودى التوقف بالأنام
إنا لفي عصر به / يقصي القعود عن المرام
إنا بعصر أَهله / يتيقظون من المنام
عصر به الإنسان طا / ر محلقاً فوق الغمام
عصر التدرع بالمعا / رف للدفاع عن الذمام
يا شعب لا تنكص عَن ال / عقبات من دون اقتحام
في النكص من حذرالردى / ذام يعيبك أَي ذام
أما الرجال فنجحها / في فعلها لا في الكَلام
وإذا الخطوب تَتابَعَت / فهي السهام عَلى السهام
وإذا الشعوب تخاصمَت / فالحق في حد الحسام
إن اليراع إذا ونى / فالسيف أَحفظ للذمام
الحر لا يَخشى إذا / قال الحَقيقة من ملام
إِنَّ العروبة نفسها / عَن عز بيضتها تحامي
وَلَقَد بدأنا نَبتَني / وَاللَه يكفل بالتمام
أَهل العراق سَيحصلو / ن عَلى السَعادة بالوئام
وَالعلمِ إن العلم بر / ء للنفوس من السقام
يا منهلاً لم أَستَطع / ورداً إليه من الزحام
يا علم إن لم تروني / يا علم مت من الأوام
يا علم أَنتَ الشمس قد / بزغت تضيء بلا لثام
مزق كبرق خاطف / يا علم أَحشاء الظلام
أَشجي فؤادي موقف / جمع الزَئير إلى البغام
حتام تخفي وَجهها / عنا المَليحة في اللثام
جاء الرَبيع فزهره / ريان من ماء الغمام
زهر أَراه باسماً / فوق الأباطح والأكام
الشعب باستقلاله / جذل وَلا جذل المدام
سَيُضيف مجداً حادِثاً / منه إِلى مجد قدام
وَلَقَد أَراق دماءه / يَرجو الحَياة من الحمام
أبثين إن أدنى العدو حمامي
أبثين إن أدنى العدو حمامي / بمسدس يوريه أَو بحسامِ
فتجلدي عند الرزية واحسبي / أني اجتمعت إليك في ألاحلام
والصبر أَجمل إن ألمت نكبة / بكريمة ينمونها لكرام
أبثين إن أودى جميلك خابطاً / بدم له اهريق فوق رغام
فتدرعي للخطب صبراً وامسحي / من أَدمع فوق الخدود سجام
أَنا لست أول هالك في قومه / يَرجو تقدمهم مع الأقوام
ما زالَ مذ أخذ اليراع بكفه / يَسعى لينقذهم من الأوهام
أَنا لست وحدي إن هلكت بميت / كَم من كرام في التراب نيام
عشنا زَماناً في بلهنية الرضى / متمتعين بألفة ووئام
فإذا هلكت وكل شيء هالك / فإليك أهدي يا بثين سلامي
لا تجزعي يا بثن إني واثق / بيراعتي وعواقب الأيام
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ / وَبِطولِها خَدَعَتني الأعوامُ
إن ابتساماتي انتهت أَسبابها / فإذا بكيت فما عليّ ملام
لا الجو صاف في العراق كعهده / منا وَلا زهر الربى بسام
لا بد لي من رحلة عن موطني / إذ لا يطيب على الهوان مقام
يا أَرض أَوطاني الَّتي أَحببتها / مني عليك تحيَّة وَسلام
قلت الحياة أخوَّة وصداقة / وإذا الحياة عداوة وخصام
قل لي مَتى الإنسان يفرخ روعه / وَالقلب يهدأ والعيون تنام
ارحل إذا ما اسطعت عَن متوطن / ما إِن به غير العظام عظام
كل الرجال يطأطئون رؤوسهم / إلا الهمام وأين أَين همام
أَصل العروبة قد رسا
أَصل العروبة قد رسا / كالطود في البلد الحرامِ
والفرع منها في العرا / ق ومصر يسمو والشآم
الناس مولعة بمن / للناس يعمل بالتزام
تعنو لأرواح جسا / م لا لأجساد جسام
وَرجاؤُها أن الحقو / ق تصان من كل اهتضام
وإذا الحكومة ما وفت / تَبقى الجروحُ بلا التئام
الحمد لِلَّه الَّذي / سبغ السعادة بالتمام
الدهر بدل ما لدي / هِ من عبوس بابتسام
بغداد منذ تأَسَّسَت / عُرفت بعاصمة السلام
عاشَ النصارى واليهو / د ومسلموها في وئام
في وحدة عربية / ليست تهدد بانفصام
أُمَم قد التأمت جرو / ح في جوانحها دوامي
وَلَقَد تعاهدنا على / حفظ المودة والذمام
تبني سعادتها الشعو / ب على اتحاد وانضمام
لا خير في شعب يعي / شُ من التعاسة في انقسام
لما تنغص في العراق مقامي
لما تنغص في العراق مقامي / وَليت مني الوجه شطر الشامِ
بغداد لَيسَ اليوم دار سلامة / كلا وَلا هي منزل لوئام
أما السعادة لي بها وقد انقضَت / فكأَنَّها حلم من الأحلام
الناس فيها لي على قرضي لهم / حر القَريض مناوئٌ ومحامي
شاهدت قوماً يخطبون مودتي / وَرأَيت قوماً يطلبون خصامي
قلت الهمام سيبتَني مجداً بها / فإذا الهمام هناك غير همام
قلت الحمام إذا أَلَمَّ يريحني / وقد اِنتظرت فَما ألمَّ حمامي
الحق فيها للتعاسة ضائع / وَالصدق معدود من الآثام
قد كنت أَخشى السيل عند ممره / فأتيت ملتجئاً إلى الآكام
أرجو صباحاً يستَبين للَيلَتي / فأرى بعيني النور بعد ظلام
ما إن وجدت على التماس واحداً / في القوم قد أَشكو له آلامي
إلا شبابا ناهضين إلى العلى / يتطلبون المجد غير نيام
وأرى مخايل في الصغار جميلة / فكأَنَّها الأزهار في الأكمام
لك يا عراق فلا تكن مستيئساً / بعد المنى مستقبل الأيام
قضت السياسة أَن أَعيش بشقوة / في جنب دجلة شاكياً لأوامي
وَلَقَد أَرى شبح المنون بأَعيني / يمشي ورائي تارة وأمامي
ومن السعادة لي على برح النوى / أني رحلت مشيعاً بسلام
ماذا مقامك يا جميل ببقعة / فيها الحقيقة هزأة الأوهام
إن رمت في الأمر اعتصاماً بالحجى / فامسك بحبل منه غير رمام
أما دمشق فإنها عربية / رفعت لواء السلم والإسلام
العلم فيها باسط أحكامه / والشعب منبسط من الأحكام
قوم بأخلاق لهم موروثة / فيهم قد امتازوا وبالأفهام
قوم لهم بالعلم في تاريخهم / والمجد أعلى رتبة ومقام
سافرت من بغداد في سيارة / نفثت لظىً وتحركت بضرام
حتى وصلت إلى دمشق وإنها / بلد كَريم حافل بكرام
سفري إليها كله قد تم في / يوم وآخر لم يكن بتمام
تاللَه تلك مسافة شسعت على / من كان يمشيها على الأقدام
النار قرَّبَت البعيد فجبته / نهباً وبين البلديتن موامي
حسبي دمشق فإنها بلد الرضى / والحب للغرباء والإكرام
فَلَقَد رأَيت حفاوةً من أَهلها / عجزت لهم عن شكرها أقلامي
الشعر أَهديه إلى أبنائها / هو كل ما عِندي من الأنغام
الشعر أَنظمه شعوري بالأَسى / وَالشعر ذكرى صبوتي وغرامي
الشعر صوت الروح يشكو بثه / وأَنين مجروح من الآلام
لا تهمل الداء الصَغير فإنه
لا تهمل الداء الصَغير فإنه / يَنمو ويصبح فيك وهو عقام
إن الحريق شرارة في أَصله / وَالسل أول ما يَكون زكام
إن أنج يا لَيلى فرب فَتىً نجا
إن أنج يا لَيلى فرب فَتىً نجا / من كربة سوداء ذات لزامِ
أو كانَت الأخرى وتلك مظنتي / فعليك يا لَيلى عليك سلامي
إن الرَبيع كثيرة أوراده
إن الرَبيع كثيرة أوراده / فاذا اِنقَضى لم يَبقَ من أوراد
إن مت تحزن في العراق أحبة / حيناً وتفرح في العراق أعادي
للناس أَرواح تحس وإنما
للناس أَرواح تحس وإنما / لَيسَت سوى أَجسادها الأرواح
منه بدت فنمت وفيه تختَفي / ما لِلحَياة عن الجماد براح
ابلُ الرجال بكل أرض أوَّلاً
ابلُ الرجال بكل أرض أوَّلاً / ثم انتخب منهم على اِستحقاق
عاشر أناساً بالذكاء تميزوا / واختر صديقك من ذوي الأخلاق
اتعود بعد تصرم ونفاد
اتعود بعد تصرم ونفاد / أيام بغداد إلى بغداد
فَتَقوم أحفاد لأجداد مضوا / وَتعيد مجد اولئك الأجداد
إن الخيال نهايةٌ في أمة
إن الخيال نهايةٌ في أمة / لسكونِها وبدايةُ الحركاتِ
كنا نذم من الشعوب خيالها / وإذا الخيال مولد الرغبات
كل الذي هو في القيامة هين
كل الذي هو في القيامة هين / إلا المرور على الصراط القيم
جسر أدق بعرضه من شعرة / واحد من سيف جراز مخذم
والطول آلاف هناك ثلاثة / من هذه الأعوام فاحسب واعلم
من تحته نار تأز شواظها / يشوى وجوه ذوي الهوى والمأثم
أمشي عليه فوق كبش أملح / قرنان اليته تقوم ونرتمي
بيدي أمسك فضل قرنيه ومن / خوفي يكاد يجف في جسدي دمي
فإذا عبرت فإنني في جنة / وإذا سقطت ففي حضيض جهنم
ايمل يوسف فوق دجلة قصره
ايمل يوسف فوق دجلة قصره / وينام تحت الارض ثم ينام
لم يبق منه اليوم مرئيا سوى / جدث عليه تحية وسلام
اما الضريح ليوسف فكأنه / غمدو يوسف في الضريح حسام
قد كان يبسم للمودة بيننا / عهد من الماضي الجميل قدام
افرغ دموعك يا قريض جميعها / ان الذي تبكى عليه همام
يا سيداً عصفت به ريح الردى / نكثت بموتك عهدها الايام
فارقت صحبك للملالة بغتة / فرحلت غير مودع واقاموا
لم تكتب الصحف النعي وانما / ذرفت عليك دموعها الاقلام
يا نازلا في جوف قبر ضيق / هل انت فيه ذلك البسام
نم مستريحا في ضريحك انه / مثوى به لا تزعج الاحلام
في القصر او في القبر شئت فحيثما / تسكن فانت السيد القمقام
تبنى الحياة حريصة آمالها / والموت في اعقابها هدام
نطقت حشاشة محسن تتبرم
نطقت حشاشة محسن تتبرم / حتى اذا سكتت ونى نطق الدم
للّه تلك النفس كيف تمزقت / برصاصة وثابة لا ترحم
ضحى الرئيس بنفسه لبلاده / لما رأى ان السياسة تغشم
ضحى باغلى ما لديه لاجلها / والليل مسدول الذوائب اسحم
بعد الرجاء عراه يأس مثلما / عقب النهار يجيء ليل مظلم
فمشت به نحو الحتوف جريئة / رجل اذا ما صممت لا تحجم
هذا لعمري في البطولة فوق ما / في الحرب يفعله الكمي المعلم
للجرح فوق القلب منه فتحة / تحكي فماً في صدره يتكلم
ابلغ بما ادلى به من حجة / لما تكلم دامياً ذاك الفم
جود الرجال بمالهم عظم لهم / والجود بالنفس العزيزة اعظم
غير الذي فعل الرئيس بنفسه / ماذا عسى ان يفعل المتبرم
في كل بيت للرئيس مناحة / في الرافدين وكل يوم مأتم
حملوه يبغون القبور وخلفه / سيل من البشر المشيع مفعم
فمضى يعج وراء موكب نعشه / جيش من المتفجعين عرمرم
لم تشهد العصر القديمة موكبا / ضخماً كموكب نعشه يتقدم
يا مطلقاً في صدره لرصاصه / سرفي طريق الموت فهو الاسلم
تاللَه انك بانتحارك يائسا / عن كل ابناء العراق تترجم
ليل وزوبعة وبحر ثائر / انا لا أرى ان السفينة تسلم
انا ان سكت عن الذي قد غمني / فدمي الذي اهرقته يتكلم
لا ينكر الاعقاب صدقي بعدما / في صفحة التاريخ سجله الدم
ولقد تحملت المصائب كلها / من اجل اوطاني التي هي تظلم
تلك التي فيها مآثر اسرتي / وربوعهم وقبورهم والاعظم
ابناء دجلة والفرات نيام
ابناء دجلة والفرات نيام / عن حقها وتسرها الاحلام
واذا الحقائق لم تجد في امة / سندا تقوم مقامها الاوهام
الحق يكسبني اليقين وضوحه / ويريبني في الباطل الابهام
أتنيل بغداد الاديب سلامة / ام ليس في بلد السلام سلام
انا قد يئست فلا الحياة جميلة / عندي ولا وجه المنى بسام
ان العراق به يعيش لشقوة / شعب يسام الذل ثم يسام
الفوه حتى صار فيهم طابعا / من طول ما صفتهم الايام
لو كلفوا مشيا على اراسهم / لمشوا كأن رؤسهم اقدام
عن كل مملكة يذود همامها / اما العراق فليس فيه همام
اسمى رجال العصر ان احصيتهم / هو مصطفى الوثابة المقدام
العبقري الفذ في ايامه / وله بذلك تشهد الايام
ما مصطفى الغازي يقاس بغيره / بل انه للمصلحين امام
من قاسه بالآخرين بدواله / في جنبه وكأنهم اقزام
اني لاعظمه على افعاله / ولمثله لا يكثر الاعظام
لا تنكروا باللَه اعظامي له / انا لي بابطال الزمان غرام
هو فخر امته التي عزت به / ان فاخرت برجالها الاقوام
وابن السعود له الامامة انه / السند الذي يقوى به الاسلام
ملك العروبة عزها وصلاحها / وعصامها وشجاعها الهمام
نجد له ثم الحجاز وانما / يشدو العراق بحمده والشام
هيهات ليس يقوم من جدث به / دفنوه مجد للعراق قدام
شنؤوا العروبة مدعين ولاءها / ما بالولي مخادع ظلام
بين القلى والحب بون شاسع / فالحب يبنى والقلى هدام
نظر الفتى مهما اراد لحقده / كتما على قلب الفتى نمام
يأتي من العين التي هي كوة / للفكر نور تارة وظلام
يبغون تصريحي ورب حقيقة / ليست تسيغ أجابها الافهام
اشحذ سلاحك ما استطعت فانما / ديناك تغدر والحياة صدام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025