المجموع : 26
قُيدتَ من حوج الحَياة بأدهمِ
قُيدتَ من حوج الحَياة بأدهمِ / وَطرحت في درج القضاء المبرمِ
لا بد من حتف يزورك آخِراً / والأهل حولك قائلون لك اسلَم
سلَّمت أنك بالثراء ممتع / لكن بقاؤك فيهِ غير مسلم
لك من قصورك في اليفاع منازِل / وَالقبر آخر منزل لك فاِعلَم
لك أُسوة بالسابقيك إِلى الرَدى / ما أَنتَ وحدك فيه بالمتهدم
درجوا إلى أجداثهم فاليوم هم / جثث هنالك باليات الأعظم
كانت لهم هذي البقاع منازلا / فيما تصرم من زمان أقدم
ذهبوا وخلفت المنازل بعدهم / وكذا المنازل بعدهم لم تسلم
فاليوم من تلك المنازل لا ترى / إلا طلولاً دراسات الأرسم
لك في الرجاء إذا أردت تشبُّثاً / حبل مَتى تمسك به يتجذَّم
إِنّا مِن الدنيا بمنزل محنة / يَبكي الحكيم به عَلى المتبسم
يا أَيُّها العيش المقدَّر أَنتَ لي / سم وَقَد يَحلو مذاقك في فَمي
صور الحياة بأرضنا معروفة / لكنها ماذا بباقي الأنجم
قالوا الحياة هناك تشبه ما هنا / فأجبت هذا الرأي ليس بمحكم
من أين نعرف أنها في غيرها / ليست بأسعد في المعاش وأنعمِ
ودّ ابن هذى الأرض من حرص به / لَو أَنَّه صعد السَماءَ بسلَّم
ساءَ الفَتى أَن قد أَقام ببقعة / لَيسَ الفَتى يَوماً بها بمكرم
لا تعرض الأم الحزينة لابنها / خدّاً على الأرزاء غير ملطم
ما زالَ منه الكف في صدر العدى / ليذودهم عَن حوضه المتثلم
وأجنَّه والهم ليل أليلٌ / قد شَفَّ عن أزمات يوم أيوم
ما في قوى الإنسان أَو تركيبه / شيء إِلى غير الطَبيعة ينتَمي
كل الَّذي يَرجو المؤمِّلُ ممكنٌ / إلا رجوع شبابه المتصرم
ذهب الصبا فمضى الحبيب ولم يكن / عهد الصبا بأعز منه وأكرم
قيل الحبيب مسائل عنا وذا / قول على جرحى العميق كمرهم
القلب حدثني بهِ ومن المنى / أن لا يكون حديثه بمرجَّم
كذب الفؤاد فما الحبيب بسائلٍ / عنا ولا بحديثنا متكلم
يا قلبُ أنت متيم بمليحة / ما أن يرق فؤادها لمتيم
ملكت مخلفةً قيادك في الهوى / وطلبت مرحمة ولما ترحم
يا قلبُ مالك آسفاً متلهفاً / إن لم تكن يا قلب بالمتندم
أتراه كيف أتى يعاتب قلبه / والقلب ينظر نظرة المسترجم
دعه يناج القلب منه إنه / متأَلم يشكو إلى متألم
مرّت نوار تميس في خطواتها / مع غادة بكر وأخرى أيِّم
ليست نوار كما نظن بخيلة / تقسو إذا مرّت على المتظلم
فقد اعترضتُ نوار عند مرورها / أشكو لها أوصاب قلبي المؤلمِ
سمحت نوارُ كما نروم بوقفةٍ / تصغى بها لشكاية من مغرم
إني عييت كما ترى بحضورها / يا دمع إنك أفصح فتكلم
فجرى أمام نوار دمعي ناطقا / وأطال في الشكوى ولم يتلعثم
كادت نوار ترق عند سماعها / لحديث دمعي عن أسايَ مترجم
لكنها من خوف تربيها أبت / نُطقاً فلم تسعف ولم تتبرَّم
لِلَّه عيشٌ قد تقلص ظله / من بعد مسعدتي به وتنعمي
أيام لا قلب الحبيب بمائل / عني ولا عهد الصبا بمذمم
ما دام ذاك العيش في معانه / إلا كلمح البرق للمتوسِّم
عندي عليه أسى كأن ظلامهُ / وقت الدجى ليل بليل يرتمي
وكأنما أملى المضئ خلاله / برق يلوح بعارض متجهِّم
أنوار أن الصب مات سروره / يوم الفراق فقلبه في مأتم
حسن الطبيعة ظاهر للعين في / روض بأزهار الربيع منمنم
وقساوة الإنسان يظهر قبحها / في حومة للحرب تصبغ بالدم
ما زالَ هَذا الكَون سِراً طاوياً / في نفسه لحقيقة لَم تفهم
وَالعَقل يخبط لاكتشاف سَبيله / في جوف لَيل للعماية مظلم
عُلمت من الأشياء فيه ظواهر / وَبواطِن الأشياء لمّا تعلم
تقف العقول إذا أردن تفهُّما / حيرى هناك أمام أمرٍ مبهم
ما في الوجود سوى أَثير واسِع
ما في الوجود سوى أَثير واسِع / فهو القوى وَالروح والأجسامُ
جسم الفَتى ما عاشَ مملكة بها / تَجري أُمور للحَياة جسام
السيد القمقام فيها حاكِمٌ / وَالعَقل ذاكَ السيد القمقام
في الكَون أَجمع أَرضه وَسمائه / للكَهرباء النقض والإبرام
أَحقائقٌ ما قد مثلن أَمامي
أَحقائقٌ ما قد مثلن أَمامي / أَم ما أَرى صور من الأوهامِ
إني أُلِمُّ بما أُشاهد يقظةً / فأشك في عيني وَفي إِلمامي
كونٌ جهلت على اِكتَناهٍ أَمرَه / وَجهلت فيه بداءتي وَختامي
صح الوجود لعالمٍ نحيا به / أَمّا الوجود فحيرة الأفهام
أَفقاعة أَنا ضمن بحر قد طمى / أَم أنني البحر الَّذي هُوَ طامي
وَلَقَد تتبَّعت الحَياة وَأَهلها / فإذا الحَياة كَثيرة الأحلام
اليَوم ليل شاب شعر قذاله / وَاللَيل بعض حوادث الأيام
وأَروم إيضاحاً لما قد أَبهمت / فَتَزيد إِبهاما على إِبهام
أَمشي وَما مشيي هناك لغاية / في وسط نور تارة وَظَلام
ذهبت عَلى أثر الشباب سعادتي / عني فقلت لها اذهَبي بِسلام
لَيست سعادة أنفس وَشَقاؤُها / إلا من اللذات والآلام
نَبغي من اللَّيل البَهيم وَضاءَةً / وَالليل منطبع على الإظلام
إِنّا بواد لَيسَ يؤمن سيله / فَلنَبتَعد عنه إلى الآكام
تتقدم الأقوام فيه وَخشيتي / أَن لا يَدوم تقدم الأقوام
وأَرى البنات محجبات في الصبا / كالزهر يخنق وَهْوَ في الأكمام
ما اللَّه عند مصوريه للورى / جسداً سوى صنمٍ من الأصنام
النَقد للأدب القَديمِ
النَقد للأدب القَديمِ / كالنار تعلق بالهشيمِ
يودي بما يَلقاه من / غث هنالك أَو سَقيم
ينحى عَلى ما كانَ مس / طورا لأصحاب الرَقيم
أَو كانَ من قدم به / أَبلى من العظم الرَميم
أَما الجَديد فَما لَه / خوف من النقد السَليم
النَقد صقلٌ للنهى / وَالنقد شحذ للفهوم
وَالنقد يهدي نوره / من سار في اللَيل البَهيم
الحمد للنقد الكَري / مِ وَلَيسَ للنقد اللئيم
ما أَحسن النقد الَّذي / يَخلو من الحقد الذَميم
النقد يكبر بالدلا / ئل لا بقاذعة الشتوم
النقد يَقوى إن بنا / ه الناقدون عَلى العلوم
وَالنقد يَضعف إِن بَنو / ه عَلى المظنة وَالرجوم
النقد فن يطمئن / نُ إليه ذو الأدب العَميم
ما إِن يجيد النقد عَن / صدق به غير الحَكيم
وَلَقَد يمر عَلى الصَحي / فة فاحصاً مر النسيم
يأَتي الرياض فيَكتَفي / من كل زهر بالشَميم
يطري الصواب منبهاً / منها عَلى الخطأ الوَخيم
وَلَقَد يسر بما يرى / في الروض من وجه وَسيم
فيقيم فيه حيث لَم / يك قبل ذلك بالمُقيم
يَحنو عَلى نُوّاره / كالمُرضِعات عَلى الفَطيم
ما في التوقف من سَلامِ
ما في التوقف من سَلامِ / فإلى الأمام إِلى الأمامِ
إن التوقف سبة / تزري بأنسال الكِرام
تصل العروبة في الحَيا / ة إِلى السَعادة باعتزام
إنّا لفي عصر به / يودى التوقف بالأنام
إنا لفي عصر به / يقصي القعود عن المرام
إنا بعصر أَهله / يتيقظون من المنام
عصر به الإنسان طا / ر محلقاً فوق الغمام
عصر التدرع بالمعا / رف للدفاع عن الذمام
يا شعب لا تنكص عَن ال / عقبات من دون اقتحام
في النكص من حذرالردى / ذام يعيبك أَي ذام
أما الرجال فنجحها / في فعلها لا في الكَلام
وإذا الخطوب تَتابَعَت / فهي السهام عَلى السهام
وإذا الشعوب تخاصمَت / فالحق في حد الحسام
إن اليراع إذا ونى / فالسيف أَحفظ للذمام
الحر لا يَخشى إذا / قال الحَقيقة من ملام
إِنَّ العروبة نفسها / عَن عز بيضتها تحامي
وَلَقَد بدأنا نَبتَني / وَاللَه يكفل بالتمام
أَهل العراق سَيحصلو / ن عَلى السَعادة بالوئام
وَالعلمِ إن العلم بر / ء للنفوس من السقام
يا منهلاً لم أَستَطع / ورداً إليه من الزحام
يا علم إن لم تروني / يا علم مت من الأوام
يا علم أَنتَ الشمس قد / بزغت تضيء بلا لثام
مزق كبرق خاطف / يا علم أَحشاء الظلام
أَشجي فؤادي موقف / جمع الزَئير إلى البغام
حتام تخفي وَجهها / عنا المَليحة في اللثام
جاء الرَبيع فزهره / ريان من ماء الغمام
زهر أَراه باسماً / فوق الأباطح والأكام
الشعب باستقلاله / جذل وَلا جذل المدام
سَيُضيف مجداً حادِثاً / منه إِلى مجد قدام
وَلَقَد أَراق دماءه / يَرجو الحَياة من الحمام
أبثين إن أدنى العدو حمامي
أبثين إن أدنى العدو حمامي / بمسدس يوريه أَو بحسامِ
فتجلدي عند الرزية واحسبي / أني اجتمعت إليك في ألاحلام
والصبر أَجمل إن ألمت نكبة / بكريمة ينمونها لكرام
أبثين إن أودى جميلك خابطاً / بدم له اهريق فوق رغام
فتدرعي للخطب صبراً وامسحي / من أَدمع فوق الخدود سجام
أَنا لست أول هالك في قومه / يَرجو تقدمهم مع الأقوام
ما زالَ مذ أخذ اليراع بكفه / يَسعى لينقذهم من الأوهام
أَنا لست وحدي إن هلكت بميت / كَم من كرام في التراب نيام
عشنا زَماناً في بلهنية الرضى / متمتعين بألفة ووئام
فإذا هلكت وكل شيء هالك / فإليك أهدي يا بثين سلامي
لا تجزعي يا بثن إني واثق / بيراعتي وعواقب الأيام
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ
ببَياضِها غرتنيَ الأيّامُ / وَبِطولِها خَدَعَتني الأعوامُ
إن ابتساماتي انتهت أَسبابها / فإذا بكيت فما عليّ ملام
لا الجو صاف في العراق كعهده / منا وَلا زهر الربى بسام
لا بد لي من رحلة عن موطني / إذ لا يطيب على الهوان مقام
يا أَرض أَوطاني الَّتي أَحببتها / مني عليك تحيَّة وَسلام
قلت الحياة أخوَّة وصداقة / وإذا الحياة عداوة وخصام
قل لي مَتى الإنسان يفرخ روعه / وَالقلب يهدأ والعيون تنام
ارحل إذا ما اسطعت عَن متوطن / ما إِن به غير العظام عظام
كل الرجال يطأطئون رؤوسهم / إلا الهمام وأين أَين همام
أَصل العروبة قد رسا
أَصل العروبة قد رسا / كالطود في البلد الحرامِ
والفرع منها في العرا / ق ومصر يسمو والشآم
الناس مولعة بمن / للناس يعمل بالتزام
تعنو لأرواح جسا / م لا لأجساد جسام
وَرجاؤُها أن الحقو / ق تصان من كل اهتضام
وإذا الحكومة ما وفت / تَبقى الجروحُ بلا التئام
الحمد لِلَّه الَّذي / سبغ السعادة بالتمام
الدهر بدل ما لدي / هِ من عبوس بابتسام
بغداد منذ تأَسَّسَت / عُرفت بعاصمة السلام
عاشَ النصارى واليهو / د ومسلموها في وئام
في وحدة عربية / ليست تهدد بانفصام
أُمَم قد التأمت جرو / ح في جوانحها دوامي
وَلَقَد تعاهدنا على / حفظ المودة والذمام
تبني سعادتها الشعو / ب على اتحاد وانضمام
لا خير في شعب يعي / شُ من التعاسة في انقسام
لما تنغص في العراق مقامي
لما تنغص في العراق مقامي / وَليت مني الوجه شطر الشامِ
بغداد لَيسَ اليوم دار سلامة / كلا وَلا هي منزل لوئام
أما السعادة لي بها وقد انقضَت / فكأَنَّها حلم من الأحلام
الناس فيها لي على قرضي لهم / حر القَريض مناوئٌ ومحامي
شاهدت قوماً يخطبون مودتي / وَرأَيت قوماً يطلبون خصامي
قلت الهمام سيبتَني مجداً بها / فإذا الهمام هناك غير همام
قلت الحمام إذا أَلَمَّ يريحني / وقد اِنتظرت فَما ألمَّ حمامي
الحق فيها للتعاسة ضائع / وَالصدق معدود من الآثام
قد كنت أَخشى السيل عند ممره / فأتيت ملتجئاً إلى الآكام
أرجو صباحاً يستَبين للَيلَتي / فأرى بعيني النور بعد ظلام
ما إن وجدت على التماس واحداً / في القوم قد أَشكو له آلامي
إلا شبابا ناهضين إلى العلى / يتطلبون المجد غير نيام
وأرى مخايل في الصغار جميلة / فكأَنَّها الأزهار في الأكمام
لك يا عراق فلا تكن مستيئساً / بعد المنى مستقبل الأيام
قضت السياسة أَن أَعيش بشقوة / في جنب دجلة شاكياً لأوامي
وَلَقَد أَرى شبح المنون بأَعيني / يمشي ورائي تارة وأمامي
ومن السعادة لي على برح النوى / أني رحلت مشيعاً بسلام
ماذا مقامك يا جميل ببقعة / فيها الحقيقة هزأة الأوهام
إن رمت في الأمر اعتصاماً بالحجى / فامسك بحبل منه غير رمام
أما دمشق فإنها عربية / رفعت لواء السلم والإسلام
العلم فيها باسط أحكامه / والشعب منبسط من الأحكام
قوم بأخلاق لهم موروثة / فيهم قد امتازوا وبالأفهام
قوم لهم بالعلم في تاريخهم / والمجد أعلى رتبة ومقام
سافرت من بغداد في سيارة / نفثت لظىً وتحركت بضرام
حتى وصلت إلى دمشق وإنها / بلد كَريم حافل بكرام
سفري إليها كله قد تم في / يوم وآخر لم يكن بتمام
تاللَه تلك مسافة شسعت على / من كان يمشيها على الأقدام
النار قرَّبَت البعيد فجبته / نهباً وبين البلديتن موامي
حسبي دمشق فإنها بلد الرضى / والحب للغرباء والإكرام
فَلَقَد رأَيت حفاوةً من أَهلها / عجزت لهم عن شكرها أقلامي
الشعر أَهديه إلى أبنائها / هو كل ما عِندي من الأنغام
الشعر أَنظمه شعوري بالأَسى / وَالشعر ذكرى صبوتي وغرامي
الشعر صوت الروح يشكو بثه / وأَنين مجروح من الآلام
لا تهمل الداء الصَغير فإنه
لا تهمل الداء الصَغير فإنه / يَنمو ويصبح فيك وهو عقام
إن الحريق شرارة في أَصله / وَالسل أول ما يَكون زكام
إن أنج يا لَيلى فرب فَتىً نجا
إن أنج يا لَيلى فرب فَتىً نجا / من كربة سوداء ذات لزامِ
أو كانَت الأخرى وتلك مظنتي / فعليك يا لَيلى عليك سلامي
إن الرَبيع كثيرة أوراده
إن الرَبيع كثيرة أوراده / فاذا اِنقَضى لم يَبقَ من أوراد
إن مت تحزن في العراق أحبة / حيناً وتفرح في العراق أعادي
للناس أَرواح تحس وإنما
للناس أَرواح تحس وإنما / لَيسَت سوى أَجسادها الأرواح
منه بدت فنمت وفيه تختَفي / ما لِلحَياة عن الجماد براح
ابلُ الرجال بكل أرض أوَّلاً
ابلُ الرجال بكل أرض أوَّلاً / ثم انتخب منهم على اِستحقاق
عاشر أناساً بالذكاء تميزوا / واختر صديقك من ذوي الأخلاق
اتعود بعد تصرم ونفاد
اتعود بعد تصرم ونفاد / أيام بغداد إلى بغداد
فَتَقوم أحفاد لأجداد مضوا / وَتعيد مجد اولئك الأجداد
إن الخيال نهايةٌ في أمة
إن الخيال نهايةٌ في أمة / لسكونِها وبدايةُ الحركاتِ
كنا نذم من الشعوب خيالها / وإذا الخيال مولد الرغبات
كل الذي هو في القيامة هين
كل الذي هو في القيامة هين / إلا المرور على الصراط القيم
جسر أدق بعرضه من شعرة / واحد من سيف جراز مخذم
والطول آلاف هناك ثلاثة / من هذه الأعوام فاحسب واعلم
من تحته نار تأز شواظها / يشوى وجوه ذوي الهوى والمأثم
أمشي عليه فوق كبش أملح / قرنان اليته تقوم ونرتمي
بيدي أمسك فضل قرنيه ومن / خوفي يكاد يجف في جسدي دمي
فإذا عبرت فإنني في جنة / وإذا سقطت ففي حضيض جهنم
ايمل يوسف فوق دجلة قصره
ايمل يوسف فوق دجلة قصره / وينام تحت الارض ثم ينام
لم يبق منه اليوم مرئيا سوى / جدث عليه تحية وسلام
اما الضريح ليوسف فكأنه / غمدو يوسف في الضريح حسام
قد كان يبسم للمودة بيننا / عهد من الماضي الجميل قدام
افرغ دموعك يا قريض جميعها / ان الذي تبكى عليه همام
يا سيداً عصفت به ريح الردى / نكثت بموتك عهدها الايام
فارقت صحبك للملالة بغتة / فرحلت غير مودع واقاموا
لم تكتب الصحف النعي وانما / ذرفت عليك دموعها الاقلام
يا نازلا في جوف قبر ضيق / هل انت فيه ذلك البسام
نم مستريحا في ضريحك انه / مثوى به لا تزعج الاحلام
في القصر او في القبر شئت فحيثما / تسكن فانت السيد القمقام
تبنى الحياة حريصة آمالها / والموت في اعقابها هدام
نطقت حشاشة محسن تتبرم
نطقت حشاشة محسن تتبرم / حتى اذا سكتت ونى نطق الدم
للّه تلك النفس كيف تمزقت / برصاصة وثابة لا ترحم
ضحى الرئيس بنفسه لبلاده / لما رأى ان السياسة تغشم
ضحى باغلى ما لديه لاجلها / والليل مسدول الذوائب اسحم
بعد الرجاء عراه يأس مثلما / عقب النهار يجيء ليل مظلم
فمشت به نحو الحتوف جريئة / رجل اذا ما صممت لا تحجم
هذا لعمري في البطولة فوق ما / في الحرب يفعله الكمي المعلم
للجرح فوق القلب منه فتحة / تحكي فماً في صدره يتكلم
ابلغ بما ادلى به من حجة / لما تكلم دامياً ذاك الفم
جود الرجال بمالهم عظم لهم / والجود بالنفس العزيزة اعظم
غير الذي فعل الرئيس بنفسه / ماذا عسى ان يفعل المتبرم
في كل بيت للرئيس مناحة / في الرافدين وكل يوم مأتم
حملوه يبغون القبور وخلفه / سيل من البشر المشيع مفعم
فمضى يعج وراء موكب نعشه / جيش من المتفجعين عرمرم
لم تشهد العصر القديمة موكبا / ضخماً كموكب نعشه يتقدم
يا مطلقاً في صدره لرصاصه / سرفي طريق الموت فهو الاسلم
تاللَه انك بانتحارك يائسا / عن كل ابناء العراق تترجم
ليل وزوبعة وبحر ثائر / انا لا أرى ان السفينة تسلم
انا ان سكت عن الذي قد غمني / فدمي الذي اهرقته يتكلم
لا ينكر الاعقاب صدقي بعدما / في صفحة التاريخ سجله الدم
ولقد تحملت المصائب كلها / من اجل اوطاني التي هي تظلم
تلك التي فيها مآثر اسرتي / وربوعهم وقبورهم والاعظم
ابناء دجلة والفرات نيام
ابناء دجلة والفرات نيام / عن حقها وتسرها الاحلام
واذا الحقائق لم تجد في امة / سندا تقوم مقامها الاوهام
الحق يكسبني اليقين وضوحه / ويريبني في الباطل الابهام
أتنيل بغداد الاديب سلامة / ام ليس في بلد السلام سلام
انا قد يئست فلا الحياة جميلة / عندي ولا وجه المنى بسام
ان العراق به يعيش لشقوة / شعب يسام الذل ثم يسام
الفوه حتى صار فيهم طابعا / من طول ما صفتهم الايام
لو كلفوا مشيا على اراسهم / لمشوا كأن رؤسهم اقدام
عن كل مملكة يذود همامها / اما العراق فليس فيه همام
اسمى رجال العصر ان احصيتهم / هو مصطفى الوثابة المقدام
العبقري الفذ في ايامه / وله بذلك تشهد الايام
ما مصطفى الغازي يقاس بغيره / بل انه للمصلحين امام
من قاسه بالآخرين بدواله / في جنبه وكأنهم اقزام
اني لاعظمه على افعاله / ولمثله لا يكثر الاعظام
لا تنكروا باللَه اعظامي له / انا لي بابطال الزمان غرام
هو فخر امته التي عزت به / ان فاخرت برجالها الاقوام
وابن السعود له الامامة انه / السند الذي يقوى به الاسلام
ملك العروبة عزها وصلاحها / وعصامها وشجاعها الهمام
نجد له ثم الحجاز وانما / يشدو العراق بحمده والشام
هيهات ليس يقوم من جدث به / دفنوه مجد للعراق قدام
شنؤوا العروبة مدعين ولاءها / ما بالولي مخادع ظلام
بين القلى والحب بون شاسع / فالحب يبنى والقلى هدام
نظر الفتى مهما اراد لحقده / كتما على قلب الفتى نمام
يأتي من العين التي هي كوة / للفكر نور تارة وظلام
يبغون تصريحي ورب حقيقة / ليست تسيغ أجابها الافهام
اشحذ سلاحك ما استطعت فانما / ديناك تغدر والحياة صدام