أَولَى بِمَن جَمَحت بِهِ الأَيّام
أَولَى بِمَن جَمَحت بِهِ الأَيّام / صَبرٌ يَرُدُّ العَضبَ وَهوَ كَهامُ
وَيكُفُّ غَربَ الدَهرِ مِن غَلوائِهِ / وَيُعيد نارَ الخَطبِ وَهيَ سَلامُ
لا تُلوِيَنَّ بِكَ الخُطوبُ إِذا عَدت / فَالصَبرُ ماءٌ وَالخُطوبُ ضِرامُ
وَهَبِ الحَوادثَ مِن فُؤادٍ صَخرَةً / عَنها يَزِلُّ المُزنُ وَهوَ رُكامُ
وَالدَهرُ حَربٌ فَاحتَمِل حَمَلاتِه / وَاِثبُت لَها إِن زَلَّتِ الأَقدام
إِنّ الفَتى كُلَّ الفَتى مَن حِلمُه / راسٍ إِذا ما خَفّتِ الأَحلامُ
فَالدَوحُ لا يُعطي الرِياحَ قِيادَه / وَلَقَد يَميلُ مَعَ الرِياحِ ثُمامُ
ما لِلمَصائِبِ سُحبُهنَّ مَواطِرٌ / وَتَمُرُّ سُحبُ الخَيرِ وَهيَ جَهام
ما إِن يُلِمُّ بِنا خَيالٌ مُسعِدٌ / بِالخَيرِ لَكن لِلرَدى إِلمام
قُولا لِلائِم دَهرِهِ مُستَعتِباً / أَقصر فَما يُجدي عَلَيكَ مَلامُ
لا تَشكُوَن إِلى اللَيالي ظُلمها / هَيهاتَ يَنقضُ حُكمَه ظَلّامُ
عَجَباً لِمُغتَبِطٍ بِطُولِ حَياتِه / إِنَّ الحَياةَ لَواعِجٌ وَسَقامُ
أَتَسُرُّني الأَيّامُ وَهيَ مَريرَةٌ / وَيَسوغُ كَأسُ العَيشِ وَهوَ سُحامُ
ماذا تُؤمِّل بَعدَ طُولِ سَلامَةٍ / هَل لِلزَمان مَواثِقٌ وَذِمامُ
في كُلِّ يَومٍ لي نَذيرٌ بِالرَدى / يَقِظٌ يُنادي وَالعُقولُ نِيامُ
في ذِمةِ الرَحمَنِ خَيرُ عَقِيلَةٍ / سَلَبَت بِها ما أَسدتِ الأَيامُ
مَلَكُ السَماءِ اليَومَ يُدفَن في الثَرى / هَل لِلمَلائِك في التُرابِ مُقامُ
وَأَظُنُّه وَحياً أَتانا بِالهُدى / فَأَتاه مِن قبل الصُعودِ حِمامُ
سائل بِغابِ الأُسدِ أَينَ حُماتُه / أَم أَينَ كانَ الباسِلُ المِقدامُ
لَكنَّهُ قَدَرٌ يُسَدِّدُ سَهمَه / سِيّان فيهِ سَيِّدٌ وَغُلامُ
لَفُّوكِ في عَلمٍ لأَنَّكِ مِثلُه / عَلَمٌ تُنكَّسُ فَوقَهُ الأَعلامُ
لَهفي عَلَيكِ تَرَكتِ جفناً ساهِداً / للعلمِ لَيسَ عَلى نَواكِ يَنامُ
قَد كُنتِ حَلي الدَهرِ وَهوَ مُعَطّلٌ / وَسِراجَ نادي العِلم فَهوَ ظَلامُ
فَلئِن قَضَيتِ فَما قَضَى من ذِكرُهُ / حيٌّ تُجدِّدُ عَهدَه الأَيامُ
نَفسي الفِداءُ لِزَهرةٍ أَمسى لَها / بَينَ الجَنادِل وَالثَرى أَكمامُ
أَودَت فَأَودَت بِالقُلوبِ هُمومُها / وَتَشَقَّقت لِمصابِها الأَقلامُ
خَلَّفتِ للعَلياءِ قَلباً خافِقاً / وَتَرَكتِ دَمع المَجدِ وَهوَ سِجامُ
وَمَع الحِجابِ بَلغتِ أَبعدَ غايَةٍ / في المَجدِ تَقصُر دونَها الأَفهامُ
لَيسَ الحِجابُ يَعوقُ عَن طَلبِ العُلا / فيما أَرى لَكنّها أَوهامُ
قالوا السفورُ فَقُلتُ شَعبٌ جاهِلٌ / وَالناسُ ما جَهِلوا فهم أَنعامُ
إِنّ السُفورَ مَع الجَهالةِ محنَةٌ / هَل يَدفَعُ الأَسَد الهصورَ سَوامُ
ها عَلِّموها وَاِفعَلوا ما شِئتمو / فالعلمُ حِصن لا يَكادُ يُرامُ
إِمّا الحِجابَ أَو السُفورَ أَردتُمو / وَالخَيرُ فيما اِختارَه الإِسلامُ
قولوا لِحفني استَبق دَمعَك حَسبها / ما قَد بكاها النيلُ وَالأَهرامُ
وَتَعزَّ عَن مَلَكٍ فَإِنَّك قائِلٌ / أَيامَ شَبَّ بِعابدينَ ضِرامُ
واقبل معاذيرَ الزَمانِ فَرُبَّما / قَبِلت مَعاذيرَ الكِرامِ كِرامُ
يا أيُّها الجَدَثُ الَّذي أَمسَت بِهِ / مِنّا عَلَيكَ تَحيَةٌ وَسَلامُ