المجموع : 8
نفسي على نفسي الوجود بها نزل
نفسي على نفسي الوجود بها نزل / فَرْضاً وتقديراً ترتب في الأزلْ
فتلبست نفس الوجود بغيرها / وتقيد الإطلاق منها وانعزلْ
وهو الذي هو لم يزل في غيبه / وأنا الذي هو في انعدامٍ لم أزل
وكذاك حكم الكائنات جميعها / فدع العَنا يا من تَرَيَّضَ واعتزل
واعلم بأنك أنت تقدير الذي / هو ناسج لك بالمشيئة ما غزل
والحضرتان له فحضرة ذاته / محض الوجود ووَصفُهُ نظمُ الغزل
وهي الصفات جميعنا آثارها / من جدَّ فهو بها يجدُّ ومن هزل
وإذا تعرض خاطر لك فاسد / فارجع إلى التقدير إن العقل زل
وإذا الوجود الحق أعرض عنك قل / نفسي على نفسي الوجود بها نزل
نور تلفَّف بالظلام مكملُ
نور تلفَّف بالظلام مكملُ / نودى هنا يا أيها المزملُ
قم فيه وهو الليل أي بأموره / طبق الإرادة ما علا والأسفلُ
ذرني ومن فيه خلقت من الورى / فيه وحيداً مستقلاً يفعل
واغلظ عليهم قال أي بنفوسهم / وهو الرؤوف بنا الرحيم المفضل
وهو العزيز عليه ما عَنِتَ السوى / وهو الحريص على الجيمع ليكملوا
بحر وهم أمواجه وهو الذي / بالحق قام كصورة تتخيل
وافهم إشارة قوله قد جاءكم / من عين أنفسكم إليكم مرسل
تجد الذي بالروح عنه وبالحجى / كنّى الإلهُ وما درى من يجهل
وهو الحقيقة والشريعة والهدى / لمن اهتدى وهو الحبيب المقبل
والسنة الغراء فيه طريقنا / ويد الجماعة والكتاب المنزل
طوراً يغيب ونحن نظهر عنه في / هذا الزمان لنا المقام الأفضل
ونغيب نحن به ويظهر تارة / هو قائمٌ عنا بنا يتمثل
ووراء هذا في الغيوب حقيقة / تطوي الحقائق كلها لا تعقل
قد أجملت نور النبيِّ وفصلت / وتظل تجمل للورى وتفصل
وهي الوجود وما سواها هالكٌ / ويقال موجود يلوح ويأفل
نور على نور وللثاني أتى / أو في الصلاة بها يجود الأول
طول المدى ما هب ريح الروح في / روض الجسوم وما تغنّى البلبل
إنا فهمنا عنه أمثالاً لنا
إنا فهمنا عنه أمثالاً لنا / هو ضاربٌ فينا بخلقٍ أكملِ
لم نضرب الأمثالَ نحن له ولم / نعدل عن النهج القويم الأعدلِ
ولهم ضربنا قوله الأمثالَ في / حق الذين تقدموا فتأمَّلِ
لا تضربوا الأمثال لله الذي / قد قال ذلك في الكتاب المنزلِ
فالله يعلم والبرية كلهم / لا يعلمون بمجمل ومفصَّلِ
ومتى رأينا عالماً في صورة / كونية قلنا هو الحق الجلي
رام الظهور بصورة في علمه / وبها توجه للحضيض الأسفل
والكل ذو علم ولو بحقيقة / فيما مضى والآن والمستقبل
والحق عنها قد تنزه قبلها / وهو المنزه بعدها عنها العلي
والحكم فيها قد أتى منه على / ما كان منها في القديم الأول
وهو الذي ما زال عن إطلاقه / وهي التي عن نفيها لم ننزل
لكنها ثبتت به منه له / كشفاً بعلمٍ ليس بالمتحوّل
وتخصُّصاً بإرادة وتقدُّراً / بالقدرة القصوى عن المتأمل
فاشهده منها مطلقاً في نفسه / ومقيداً بخصوصها المتأثِّل
أو شئت فاشهدها به معدومة / لما تزل وهو الشهيد لها الولي
إن الشهادة والولاية كانتا / للحق حتى صارتا بالحق لي
يا للبرية إن قلبي ما ارتوى
يا للبرية إن قلبي ما ارتوى /
ممن معي لا زال يظهر بالقوى /
وأنا الذي أشكو المحبة والجوى /
وأمر ما لاقيتُ من ألم النوى / قرب الحبيب وما إليه وصولُ
يدنو فأحسب أنه أني وما /
هو غير قرب والجهول له العمى /
فاعجب لنور فيه كوني أظلما /
كالعيس في البيداء يقتلها الظما / والماء فوق ظهورها محمولُ
دع من يجادل أو يماطلْ
دع من يجادل أو يماطلْ / واعلم بأن الكلَّ باطلْ
والحق حق واحدٌ / وبه غبار الكون ساطل
يا من يعدده ولا / يدريه خاطٍ أنت خاطل
يا غافلون تنكبوا / عنا فغيث الفتح هاطل
هذا الذي لا تعرفو / ن ولو جريتم في القساطل
وقفوا بأرض عقولكم / إن الذي تدرون عاطل
ما حظكم غير السوى / منه وما فزتم بناطل
الله أكبر هذه / ذكرى لأفئدة العواطل
ظهر الوجود الحق في مرآتنا
ظهر الوجود الحق في مرآتنا / إذ نحن في العدم المقدر لم نزلْ
فوجودنا هو صورة لوجوده / لا أنه ذاك الوجود علا وجلّْ
وكذا ظهرنا نحن في مرآته / مع أننا عدم ومنه على وجل
وهو المقدر بالصفات ذواتنا / وصفاتنا من غير بدء في الأزل
إذ نحن أجمعنا هو العدم الذي / ما شم رائحة الوجود إذا نزل
فظهوره فينا بقول قل انظروا / ماذا الذي هو في السما والأرض هل
وكذاك وهو الله قال بأنه / هو في السما والأرض من يجحده زل
وظهوره فينا بحكم كلامه / في كل شيء هالك إلا الأَجَلّْ
مع أننا نحن العوالم كلها / موجودة فافهم وفصِّل ما انجمل
واحذر تظن تغيراً وتبدُّلاً / في ربنا عما عليه فما انتقل
وكذلك احذر أن تظن بأننا / عما عليه لنا التغير والبدل
فإذا رآنا فهو راء نفسه / لا أننا هو أو بنا حاشاه حَلّْ
وإذا رأيناه فأنفسنا نرى / لا غير فاكشف عن سنا هذا المحل
هذا هو العرفان وهو أجل ما / يأتي به بشر وحققه الأمل
إرث النبيِّ محمد وهو الذي / جاءت به ساداتنا القوم الأول
أقبل ودع عنك الكسلْ
أقبل ودع عنك الكسلْ / وكن الذباب على العسلْ
وإذا طردت فعد إلى / ما كنت تطلبه وسل
واعلم بأنك قاتل / فالنصل في طول الأسل
والحب يخرج مثله / والبزر أشجاراً نسل
ومتى تركت تركت لا / طهر الإناء ولا انغسل
هذا القديم وهذه أفعالُهُ
هذا القديم وهذه أفعالُهُ / وجلالُه هو ظاهر وجمالُهُ
لا حادث إلا الذي في علمه / بالحق كان لذكره إنزاله
والكل فيه وليس شيء خارجاً / عنه وهذا في الظهور كماله
والحادث المعلوم ليس بحادث / علم قديم مثله أحواله
لكن له حدث يقال شريعة / إن الطاهرة رفعه وزواله
كالعبد يعلم ثم يذكر علمه / لا خارجاً عنه وذاك خياله
أهل الجمال لهم به بسط كما / أهل الجلال بقبضهم إجلاله
لا هؤلاء لهؤلاء مجانس / هيهات أين الليل أين هلاله
جمع الإله الحق يوم قيامة / كل الجلال لناره إضلاله
وكذا الجمال جميعه المجموع في / نور الجنان تفيَّأته ظلاله
ذاك الذي للظالمين كما الذي / للصالحين هو الجمال وآله
مقسومة في العلم تلك وهذه / حكمت بقسمتها لنا آزاله
لا خلف لا تبديل في كلماته / نص الكتاب درت به أبداله