القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الحَيْص بَيْص الكل
المجموع : 19
لمعت كتلويح الرداء المُسبَل
لمعت كتلويح الرداء المُسبَل / والليل صبغ خضابه لم ينصل
نار كسَحْر العَوْد أرشد ضوؤها / بالبيد أعناق الركاب الضُّلل
طابت لمعتسف الظلام كأنما / شبت على قنن اليفاع بمندل
فعلمت أنَّ بني تميم عندها / يتقارعون على الضيوف النُزَّل
العاقرين الكومَ وهي منيفة / والضاربين الهام تحت القسطل
والسائسين الملك لا آراؤهم / تهفو ولا معروفهم بمقلل
قومي وأين كمثل قومي والقنا / والبيض بين مقصَّدٍ ومفلل
نجلوا أخا وجدٍ بغير خريدةٍ / جعل النسيب لذابل أو منصل
شغلته عن وصف الهوى ذِكَرُ العلى / فنضا شعار الشاعر المتغزل
قضَّى شبيبته بمجد مشيبه / فإذا المشيب بدا له لم يوْجَل
لا عزَّ في سراة مُطهَّمٍ / ولباس سابغةٍ وهبَّة مقْصل
وطلوعها شعثاً كأنَّ عجاجَها / بالقاع أسنمةُ الغمام المُثقل
هيم إلى رود القلات فإن غزت / أغنى النجيع عن البرود السلسل
يلحظن مخترق الرماح كأنما / في لبَّة الغطريف مجرى جدول
من كل مقلاق العنان طِمِرَّةٍ / تنزو بهفهاف القميص شمردل
يحملن فرساناً كأنَّ دروعهم / سُنَّت على مثل الجبال المُثَّل
صُبراً تلاقوا حاسراً لمدججٍ / منهم ويطرد ذو السلاح بأعزل
قوماً إذا طبعت نصول سيوفهم / قام النجيعُ لها مقام الصَّيقل
يتفارطون إلى مساورة الرَّدى / كمتفارط الكدري نحو المنهل
وتقارب الأبطال حتى استمسكوا / بالمشرفي عن الوشيج الذُّبَلّ
فكأن حربهم أوارُ ضريمةٍ / بالقاع أو بأس الوزير أبي علي
ندب إذا ذلَّ الخميسُ عن العدا / قام الكتاب له مقام الجحفل
غمر الرداء كأن سح بنانه / بالجود شؤبوب الحيا المتهلل
هتنٌ إذا سئل الغمامُ بأزمةٍ / أعطى ذوي الحاجات ما لم يسئل
فيبيت هو مؤمل إحسانه / وعظيمُ ما يوليه غير مؤمل
عفُّ الإزار يظلُّ من شعف العُلى / خلو الفؤاد عن الغزال الأغزل
فرسوم منزلةٍ إلى أسماعه / أحلى وأعذب من رسوم المنزل
جارٍ إلى حرب العدا فإذا انتدى / لقي الصعاب بحبوة لم تحلل
أقدام ذي لبدٍ وهمةُ أَعْصَمٍ / وإباءُ بازي ويقظة أجْدل
وأغر فضفاض الرداء كأنما / نيطت عمامته بقُنَّة يذبل
شهمٌ يبيتُ عدوهُ في غمرةٍ / من خوفه ونزيله في معقل
نعمى جلال الدين غير منيعةٍ / وحمى جلال غيرُ مبذَّل
يا فارعاً بالعزم كل منيفةٍ / وعرٍ تزلُّ بأخمص المتوقِّلِ
أنظر إلى حلل القريض يَفوفُها / نشوان من غاير العُلى لم ينهل
يلقى الخصوم مُنازلاً ومجادلاً / ثبت الجنان بصارمٍ وبمقول
سبقَ الأخير إلى معاني علمه / طبعاً وزاد على معاني الأول
لولا تضمُّن ما أقول من العُلى / وثناك كنتُ عن المديح بمعزل
ملكٌ ثوى بالجاهلية رمسُهُ / فبعثته مني ببركة زلزل
ووراء ليل الحظ صبحُ سعادةٍ / فارغب بنفسك عن خليقة مهمل
أي الخطوب من الزمان أزلُ
أي الخطوب من الزمان أزلُ / كل الزمان كتائبٌ وجحافلُ
دهرٌ بتقديم الأديب مُكاذبٌ / وهوىً بإسعاف الحبيبِ مُباخِلُ
إِنَّ الكواعبَ والمآربَ والمُنى / نهضت بهن حوادثٌ ورواحل
فأخو الغَرام من القَطيعة والهٌ / وأخو المرام عن العزيمة ذاهلِ
فبأيما جَلدٍ يعيشُ مُتيَّمٌ / جارتْ عليه مَنازلٌ ومُنازل
يا حرَّةَ الأخوين إنَّ صَبابتي / عظمت وما أن في وصالك طائل
سد العفاف علي كل ثنية / فالهجر عندي للوصال مماثل
عبقت بنشرك في الدجى ريح الصبا / فتضوعتْ بالطيب منكِ أصائلُ
وسرى النسيم على المَلا فتفاوحتْ / بالحزن منه منابتٌ وخمائلُ
علَّمْتِ رشق اللحظ كل مناضلٍ / فغدت له الشاراتُ وهي مَقاتل
وزعمتِ أنَّكِ بالمحب رؤوفةٌ / والغدرُ يخبرُ أنَّ زعمكِ باطل
منعتْ حِماكِ صوارمٌ وذوابلٌ / ونهى هَواكِ لوائمٌ وعواذلُ
ولقد غَنيتِ عن اللَّوائم بالقِلى / وكفاكِ منعَ حِماكِ أنكِ باخلُ
لا تحسبي صبري لحادثِ سَلْوةٍ / قد تصمتُ الأشياءُ وهي قوائل
وسلي بوجْدي تُخبرني عن جلُه / قد يدركُ الخبر الخفيَّ السَّائلُ
إنَّ المياه حسدْنَ صفو مدامعي / فصفتْ لورَّادِ المياهِ مناهلُ
وتأوَّهي أعْدى الحمامَ وبانَهُ / فالبانُ مُهتزٌ وهُنَّ هَوادلُ
ولقد علمتُ بأنَّ نفسي صارمٌ / والحادثات وإن كرهتُ صياقلُ
صبري على الازمِ الصعاب مُخبرٌ / أني إلى الشَّرف المُحسَّدِ آيلُ
قد لاحَ في أفق السعادة بارقٌ / إنْ لم أبادرهُ فأمِّي هابلُ
تسمو إليه محاربٌ ومَنابرٌ / وتُفلُّ فيه صوارمٌ وذوابلُ
بمدجَّجين كأنَّ لمْعَ حديدهم / برقٌ تلاهُ من السَّحابِ الحافلُ
خلعَ الغُبارُ عليهمُ من نسجه / فكأنما فوق الدروع غلائلُ
جلبوا الصفاح إلى الكفاح صَوادياً / وثَنوا وهُنَّ من النفوس نواهِلُ
ثمَّ استمرَّ طِرادهمْ فلو أنه / في قعر دجلة ثار منه قَساطل
وعلتْ رؤوسٌ بالضراب صواعداً / ثم انثنتْ في الجو وهي نوازلُ
فكأنما هي في الظَّلام كواكبٌ / طلعَ الصباحُ فهن منه أوافِلُ
لا تُنكري ذكري حديثَ مطالبي / إنَّ العتيق من السَّوابق صاهل
هي عزًّةٌ تعْتادُ كل مُمجَّدٍ / فتقولُ عنه قصائدٌ ورسائل
طربي بها ما يستفيقُ وفي الحَشا / منها فُضولُ لواعجٍ وبلابلُ
طربَ ابن خالدٍ الكريم إذا طَرا / عافٍ أو التفَّتْ عليه وسائل
شهمٌ أعارَ الصَّقر حدَّة لحظِه / فقضت على مُهج الطيور أجادل
ماضٍ إذا ضَنَّ الجبانُ بنفسهِ / يقظٌ إذا نام الذهولُ الغافلُ
وله إذا حبسَ الغمامُ نوالَه / عن مُعتفيه وقيلَ عامٌ ماحلُ
جودٌ تمازجهُ البشاشةُ للَّذي / يرجو ويشفعه السرورُ الكاملُ
فكأنهُ غيثُ الربيع لناظِرٍ / الشمس مشرقةٌ هي وورق هاطل
وخلائقٌ رقَّتْ فلولا أنهُ / بشر لقلت هي الفرات السائل
ودمائه لطفت فلولا هجره / للخمر قلت الشاربُ المتمايلُ
لو يهجرُ القومُ الذنوبَ كهجره / للكِبْر ما وافى جهنَّم داخلُ
و لو استفادوا بُلغْةً من حلمه / ما قِيدَ يوماً بالقتيل القاتلُ
وإذا تنكَّر للأعادي مُغْضباً / فالسيف يَهْبُرُ والهزبر يُصاولُ
وقف الحياةَ على اللَّذيْن تكفَّلا / بالحمد وهو بما أرادَ الكافلُ
فلِعِرْضه هو بالشَّراسة مانعٌ / ولمالهِ هو بالبشاشةِ باذلُ
قد صحَّ أنَّ بنانهُ بحرٌ وإنْ / لم يُلْفَ عبرٌ عندهُ وسواحلُ
فعلى الطُّروس لآليءٌ وجَواهرٌ / وعلى العُفاة ربابُ جودٍ هاطلُ
زُهيَ المُباسل لانتضاء المقصل
زُهيَ المُباسل لانتضاء المقصل / فاطرْ لعزَكَ بالمعالي واجذلِ
هذا أوان دلفت من شرف العُلى / فترقَّ في شمَّائها وتوقّلِ
نبت الغُمودُ بصارمٍ ذي روْنقٍ / كادَ الإباءُ يموتُ لو لم يُسْللِ
للهِ أيامٌ مُددْنَ لآملٍ / فرأى وضوح الشمس بعد تطفُّلِ
خيرُ الخلائق خِلَّةٌ مُضرية / جُعلَ الوفاءُ بها جزاءَ المُفْضِل
إنَّ الهوى العذريَّ أُودع صفوه / في دارميٍّ ليس بالمُتَنقلِ
غيرانَ يحمي المُنعمين ثناؤُهُ / وافٍ بارعاءِ العهُودِ مُوكَّلِ
لو ساور الموت الزؤامَ لحالةٍ / ضمنتْ بقاءَ ودادهِ لم يحْفلِ
ما مِثل ربِّ العنصرين مُمدَّحٌ / وإذا جهلت دليل شيءٍ فاسألِ
خِرْقٌ توقَّل من مناقب هاشمٍ / حيث المقامُ يزِلُّ بالمتوقِّلِ
غَمرُ الندى يحمي وما استنجدته / لِمُلِمّةٍ ويجودُ إن لم يُسألِ
لبق الشمائل بالنعيم يزينُه / شرَسُ الأبي ولينَةُ المُسترسلِ
ماضٍ إذا خيفَ الردى لم يثنهِ / رعْبٌ وإن بخلَ الحيا لم يبخلِ
تردي عزائمه الصوارمَ والقَنا / وتقومُ هيبتهُ مقامَ الجحفل
شهمٌ يبيت عدوه في غمْرةٍ / من خوفه ونزيلُه في معقلِ
جُمعت مساعي قومه في سعيه / فغدا أخيراً في الزمان الأوَّلِ
وإذا السحائبُ أخلفتْ مستمطراً / قامتْ أناملُه مقامَ الحُفَّلِ
وإذا الأسنَّةُ أحجمت عن مطعنٍ / طعنت به آراؤه في المقتل
وإذا الحُبى طاشت لرائع حادثٍ / أرْبى على رضْوى الجبال ويذبل
وإذا العهود نُقضن أصبح عهدهُ / عند الحوادثِ مُبرماً لم يُحلل
وإذا الحمى المرهوبُ أسلم لاجئاً / أمسى مُجاورهُ بأمْنعِ منزلِ
ومشردٍ ينزو به رقُ الردى / نَزْو المُدامةِ بالنَّزيف المُثْقلِ
جَمُّ الهمومِ كأنما صُعداؤهُ / من فرْط لوعته دخانُ المرجلِ
حظرتْ مخاوفه كراهُ فَجْفنهُ / لو يَستجيلُ رويَّةً لم يُسدلِ
تخفيه أثباجُ الظَّلامِ كأنهُ / سِرٌّ توغَّلَ قلب ثَبْتٍ مُدْغلِ
يتوهمُ الحسكاتِ منه ذواعراً / فرط الحذار فإنْ مشى لم يعْجلِ
بُعِلَ الملوك بنصره ونبَتْ به / شمُّ المعاقل فالحياةُ بمعزلِ
أمَّ الوزير الزينبي ونصرْرهُ / فأحلَّهُ التأميمُ أمنعَ موئلِ
بفناء ضرَّابِ الجَماجم بالضُّحى / قاري العشيَّة في الجديب المُمحلِ
تشكو الغزالةُ والنجوم كسوفَها / من فَرْط رفْع دخانه والقَسْطلِ
لو صافح الرمضاء باطنُ كفهِ / ظهراً لبُدلَ بالربيع المُبْقلِ
وإذا تغيَّرت الفِجاجُ وأعْصفتْ / هُوجٌ تراجَمُ بالقُرومِ البُزًَّلِ
وتصادمت مِزقُ البيوتِ كأنها / في الجو شَغَّاغُ الغمامِ المُثْقَلِ
وتشابه الوحش العزيب ومن هُمُ / تحت الطِّراف بِقَرَّةٍ وبأفْكَلِ
فمجاسد الفتيات أهُبْ كوانِسٍ / والمُطْفلُ الحسناءُ مثلُ المُغْزل
حيث المواقدُ كالمواردِ قَرَّةً / والعائمُ الرِّعْديد مثلُ المُصطلي
من غير ما مطرٍ ولكن لزْبةٌ / أمْهى عوارقَها عُصوفُ الشمألِ
آويتَ ثم قرَيْت غيرَ مُسوِّفٍ / وكففتَ من هَمِّ المُسيفِ المرمل
ولنِعم مُبتدرُ الطِّعان إذا الوغى / حَميتْ بكل مُغامرٍ مُستقتلِ
واستشزبت أُولى الجيادِ فأقبلتْ / مُتفرقاتٍ كالجرادِ المُشْعِلِ
وتبدَّلت أرضُ الطراد سميَّةً / والصبحُ فيها جِنْحُ ليلٍ ألْيَلِ
نهبَ الكماةُ ترابها بسنابكٍ / فتعوضتْ قِمماً مكان الجَنْدلِ
حتى إذا ضاق المكَرُّ وقُسِّمتْ / مُهج الفوارس في الوشيج الذُبَّل
وجلى المسيح مع النجيعِ فأفْعَما / سنن المسايل الأتيِّ المُقْبِلِ
وطوتْ نمير الماء كلُّ طِمِرَّةٍ / وتنكَّبتْ نَفَذَ الغدير المُثمل
شدَّ ابنُ مُستهمي الغَمامَ بحملةٍ / شرفيَّةٍ سُبقت بطعنةِ فيصلِ
وفلا عجاج الطَّرد عن نصرٍ إذا / ما كُرَّ طيبُ حديثهِ لم يُمْللِ
فهو المشارُ إليه حيث لقيتَهُ / صدرُ الخميس له وصدر المحفل
خبرَ الإمام مقامُه من دهْرهِ / فدعاهُ فيه بقُلَّبٍ وبحوِّلِ
وجَلا بحسن الابتلاء فِرنْدهُ / والسيفُ يعرفُ بعد صقل الصيقل
ولو أنَّ يمنك سار تحت لوائه / حطم الأسنَّةَ في حُماةِ المَوْصِلِ
لم يُنجِ منه الهام وهو فتى الوغى / إلى خُلوُّ يمينه من مُنْصُلِ
حاشا مقالي أنْ يُعرض بامرئٍ / ما زالَ أهْلاً للمقام الأفضلِ
لكن ليكبر فضلهُ ومقامهُ / ليس الثريّا كالسِّماكِ الأعْزلِ
فخَرتْ قريش بالوصي عَلِيِّها / ولها فَخارٌ بعد ذلك في عَلي
بالمُقتفي أثر السَّراةِ من العُلى / ينْميه منهم كل خِرْقٍ مُفْضلِ
المُنهلين السُّمر من منهج العِدى / حيث السماء بخيلةٌ لم تَهطلِ
قومٌ إذا ضاق القريضُ بمدحهمْ / مُدِحُوا بآياتِ الكتابِ المُنْزلِ
من كل متبوعِ اللواءِ مُقلِّدٍ / في الدينِ أمْرَ مُحَرَّمٍ ومُحلَّلِ
يخضرُّ مغبرُّ الثرى من وطئهِ / وتقومُ أنْملُهُ مقامَ الهُطَّلِ
اشْكر إلهكَ ما استطعتَ فإنه / واقيكَ من داءِ الخطوبِ المُعضلِ
واحلم فإن الحلم من ذي قُدرة / رأسُ العُل وثناء كل مُفضَّلِ
ولقد كرمت عن الإجابة فليكن / منك التَّغَمُّدُ للأغَرِّ الأجْهَلِ
أملي رحيبٌ منك في دركِ العُلى / يا خير مرْجوٍّ وخيرَ مُؤَمَّلِ
ومع اختباري في الولاء فواجبٌ / رفْعي إلى الشَّرف الذي لم يُنزلِ
حيِّ المهابةَ والندى قد أرْبيا
حيِّ المهابةَ والندى قد أرْبيا / يوم الفخار على الحيا والمِقْصل
جُمعاً لشهمٍ في الرجال فلحظُهُ / لتَصَيُّدِ العلياء لحظُ الأجْدلِ
عَمَّ البلاد ثناؤه وفخارهُ / ومقامهُ منها بأرض المَوْصلِ
حسد الملوكُ مقامهُ فتسنَّموا / في ذروةٍ لولاهُ لم تُتوقَّلِ
فإذا هُمُ أصْغوا إلى أخبارهِ / عدل الظَّلومُ وجادَ كلُّ مُبخَّلِ
يحميك قبل الانتصار ببأسهِ / ويجودُ بالنُّعْمى وإنْ لم يُسألِ
ندُسٌ يُناطُ نجادهُ بمُمدَّحٍ / مُستهترٍ بالمكرمات مُعذَّلِ
نارٌ إذا ما هيَّجتهُ حفيظةٌ / ومع الرضا فبرودُ ماءٍ سلْسلِ
فحمى نصير الدين من صرف الردى / رَبُّ الزمان مدى الزمان الأطول
مُرْدي القنا والدارعينَ فبأسُهُ / حتف العادة ضحىً وحتف الذُّبلِ
شكراً لفعلك في ابن عمِّ محمدٍ / تاجِ العُلى وابن الطراز الأولِ
قاظتْ له أحداثهُ وخُطوبهُ / فاحتل منك إلى ربيعٍ مُخْضل
وأريتهُ صُبْح المَسرَّةِ بعدما / ناضَ الهمومَ كجنح ليلٍ ألْيلِ
الحمدُ للهِ الذي نصرَ العُلى
الحمدُ للهِ الذي نصرَ العُلى / بعد التَّخاذل في الوزير الفاضلِ
وأماتَ نفس الجور لما أن فشتْ / فينا بعاطفة الكريم العادلِ
وأضاء ليل الحظِّ بعد ظَلامهِ / بأغرَّ فَضْفاضِ الرداءِ حُلاحِلِ
وأعادَ نقص المجد فضْلاً كاملاً / لمَّا تحلَّى بالكمالِ الكاملِ
حامي ذمار الجار قبل صَريخهِ / مُولي مكارمهُ بغير مُسائل
جبَلُ احتمالِ أو رياحُ عزيمةٍ / في يوم أنديةٍ ويوم جَحافلِ
حازَ الثَّناءَ مُجَمِّعاً أشْتاتهُ / بالحزْم من أفعاله والنائلِ
يا راكب الوجناءَ فاقَ ذميلُها
يا راكب الوجناءَ فاقَ ذميلُها / طلقَ الذَّميلِ ومُسْتمرَّ العاسلِ
ألِفَ اللُّغوبَ فلا مُعرَّس غيرُ ما / عَذَم السَّنامَ ورحلِ ميْسٍ مائل
هجر الخِداع فما أطَّبي عَزماتهِ / شَطُّ الفراتِ ولا جزيرةُ بابلِ
أحْطط بكرخ الزَّاب رحلك انها / بأبي المُهنَّد خيرُ منْزلِ نازلِ
تجد النَّوالَ أعَمَّ من صوب الحيا / والبأسَ أمضى من ظُبىً وعواسلِ
يا لَلصَّوارم والرِّماحِ الذُّبَّلِ
يا لَلصَّوارم والرِّماحِ الذُّبَّلِ / نصراً ومَنْ أنجدتُما لم يُخْذَلِ
لو شئتما ومشيئةٌ بمشيئةٍ / جادَ الزمانُ وبالعُلى لم يبْخلِ
نكَّبْتُما شَرفي وظِلُّ حِماكُما / لحمى الوضيعِ ونُصرة المُسترذل
وعصيتماني في الَمرام وقُلْتما / درستْ تميمٌ فالخفارُ بِمَعْزلِ
كم راحَ مُلكٌ فارْعوي بعَزيمةٍ / فَضَلَ الأخيرُ بها مَقامَ الأوَّلِ
فاقْنَيْ فخارَكِ يا مُجاشعُ واعلمي / أنِّي لكمْ من هِمَّتي في جَحْفلِ
أنا فارسُ اليومين يومِ مقالةٍ / ووغىً أصولُ بصارمي وبمقْولي
فالحبْرُ والرجلُ الكميُّ كلاهما / مُسْتأصَلانِ بمعْركٍ وبمُشكلِ
رَحلَ الشبابُ فقيل فاتتهُ العُلى / مَهْلاً فانَّ عزائمي لم تَرْحَلِ
سِيَانِ شَيبْي والشَّبابُ تَوّقُّراً / فكذاكَ في ادْراكِ كلِّ مُؤمَّلِ
كرُمَ الدُّجى عما يشينُ فلم أبتْ / خشْيانَ واشيةِ الصَّباحِ المُقبلِ
فلئنْ أخذتُ من الزمانِ فَسابحٌ / جارٍ بفخر السَّبْقِ أيُّ موكَّلِ
ولئنْ غرضتُ فصارمٌ ذو رونقٍ / خفيَتْ جواهرُه لفقْدِ الصَّقيلِ
ولئن جُهلت وغيرُ شعري واصفي / فالعيْبُ أنِّي حازمٌ لم أجْهَلِ
ما للملوكِ تسنَّموا شَعَفاتها / ورسبتُ في قعر الحضيض الأسفل
انْ كان بأساً فالمعاركُ والوغى / أو كان فضلاً فهي حقُّ الأفضلِ
ظلمتْ فضائليَ المَقاولُ مثْلما / ظَلمتْ جمال الدين مأوى العُيَّل
مدحوهُ كي يحووا مناقبَ نفسهِ / فَطمتْ فسالتْ بالمدائحِ منْ عَلِ
فأتيت أبذل ما استطعت ومنْ بُردْ / نقْلَ الخِضَمِّ إِلى المَزادة يخجل
شمسٌ من الاحسان عَمَّ ضياؤها / بل أيةٌ جاءَتْ لحُجَّةِ مُرسَلِ
اِعجازها عَدمُ النَّظيرِ وصَرْفةٌ / حَسبتْ بنانَ الباذلِ المُتَطوِّلِ
فالناس بين أخي ندى توْفيقهُ / قاصٍ وآخَرُ في العَطاءِ مُبخَّلِ
ومُحمدٌ تَوفيقُه ونَوالُه / يتجاريانِ إِلى المُسيفِ المُرْمِلِ
يُعطي الجزيلَ لسائلي معروفهِ / يجودُ بالنُّعْمى إذا لم يُسْألِ
ويزيدهُ شوس الخطوب طَلاقةً / فيكونُ أبْسم ما يُرى في المُعضلِ
لو بزَّهُ عافوهُ في خضرِ الدجى / ما ضمَّهُ من لبْسةِ المُتفضلِ
لم يُحدِث القُرٌّ العنيفُ بوجههِ / نَدَماً ولو جاءَ الشتاءُ بأفْكلِ
ثقلتْ به الأعنْاقُ من منن النَّدى / فالهامُ مُطرقةٌ لذاكَ المُثقلِ
فاذا تَلاقي الناس كان حديثُهمْ / عن كل جَفنِ بالخجالةِ مُسدلِ
أُسَراءُ معروفِ الوزيرِ فكلُّهمْ / عانٍ تَراهُ مُطلقاً كمُكبَّلِ
من سَمْرَقَنْدَ إِلى تِهامةَ شاهدٌ / فضلَ الجمالِ على الحَيا المُتَهلِّلِ
السُّحبُ تُمطر ما تُظِلُ وجوده / يسري ودارُ مُقامهِ بالمَوْصلِ
وتَقرُّ عينُ مُحمدٍ بمَحَمَّدٍ / مُحيْي دريسيْ شَرْعهِ والمَنزل
مِعْمارِ مرْقدهِ وحافِظ دينهِ / ومُعينِ أمتَّهِ بجودٍ مُسْبل
جعل المدينةَ مصْرَ ريفٍ آهِلاً / نشوْانَ يمْرحُ بالنَّعيمِ المُخضلِ
فكأنها بالخِصْبِ منْ قُرُباتهِ / بلدٌ على شطِّ الفُراتِ السَّلْسلِ
فلو انه في عصرهِ نَزلتْ لهُ / في مدحهِ سُوَرُ الكِتابِ المُنْزلِ
خِرْقٌ يُناطُ قميصهُ ورداؤهُ / بعُبابِ زخَّارٍ وهضبةِ يَذْبُلِ
عبْدٌ أخٌ في ضيفهِ وودادهِ / لا يستحيلُ وسيدٌ في المَحْفِلِ
لو حلَّ قفراً أوقدتْ رمضاؤهُ / ظُهراً لبُدِّلَ بالربيعِ المُبْقِلِ
وطريد مُجدبةٍ يُظاهر ضُرَّهُ / خوفٌ يُريهِ أمْنَهُ كالمَقْتلِ
نَبَتِ البلادُ به فكلُّ مُعَرَّسٍ / قلِقٌ عليه صارِخٌ بتَرَحُّلِ
عرقتهُ غبراءُ المطالع أزْمةٌ / شوهاءُ عضْبُ شمالها كالمُنْصُلِ
شنعاءُ مُخْلِفةٌ النجومِ جَنوبُها / مطْرودةٌ عن جوِّها بالشَّمْألِ
يتعَّوضُ العيْمانُ من مَذَقاتها / بَوْلاً ويقْدِرُ منْ هَبيد الحنظل
ذهبَ الصَّلى بجفانها وقُتودها / فالحيُّ غيرُ مُدعْدعٍ ومُرَحَّل
تركتْهُ لو حَلَّ النَّعيمَ وخِصبهُ / حوْلاً لغيرهُ اغْبرارُ المُمْحل
آويتهُ فحميتهُ ورفَدتَهُ / فغَدا بجْورِ زمانه لم يحْفِلِ
ولقد كشفت بسيف رأيك غَيْهَباً / نسخَ النَّهارَ بليلِ نقْعٍ ألْيَلِ
ورددتها قُبْلاً كأنَّ عَجاجَها / بالقاعِ مرْكومُ الغَمام الأكْحلِ
تَطْوي الموارد وهي ظامئة الحشا / وتَشيمُ ورْداً من نَساً أو أكْحلِ
تجري بحُمسٍ في الدروع كأنهم / جِنَّانُ عبْقرَ أو ضَراغمُ غيطل
سنُّوا الدروع على الصخور وركَّبوا / عزمانهمْ في المُشْرَعاتِ العُسَّلِ
وجروا إِلى الأسلاب شدَّةَ ساغبٍ / ضارٍ تمكَّنَ منْ شهيِّ المَأكلِ
فكفيتَهم بمكيدةٍ ورويَّةٍ / جعلتْ ديارهُمُ تُرابَ القسْطلِ
أمُحمَّدٌ ولقد دعوتُ مُمَدَّحاً / ومن النَّجاح نداءُ سمْحٍ مُفْضلِ
هذا الزمانُ وهذه فُرصُ العُلى / وأنا المُشارُ وما بدا لكَ فافْعَلِ
نصبو القَنا الطِّعانِ فَخلْتهُ
نصبو القَنا الطِّعانِ فَخلْتهُ / مِنْ فرطِ نقْعهمُ نبات القسطلِ
حتى اذا شَرَعوهُ قُلْتُ كواكبٌ / مُنْقضَّةٌ في جِنْحِ ليلٍ ألْيَلِ
بِتْ حيث شئت ولا يرُعْكَ المنزلُ
بِتْ حيث شئت ولا يرُعْكَ المنزلُ / أمِنَ المُعرَّس واستطيب المَنْهلُ
يا سارياً لَبِسَ الحِذارَ وراعهُ / جورٌ تَقادمَ فهو حافٍ مُعْجلُ
وضحتْ دياجيرُ الخطوبِ بقانتٍ / تُهْدى بغُرَّتهِ الركابُ الضُلَّلُ
بأغَرَّ وضَّاحِ الجبينِ مُمَجَّدٍ / يخشى اِشارتَه الخميسُ الجحْفل
بالمقْتفي أمرَ الاِله ومنْ بهِ / عمُرَ الطريقُ إِلى النَّجاةِ الأمْثلُ
مُحيي الدَّوارس من شريعة أحمدٍ / ورسومُ سُنَّتِها مُوتٌ عُطَّلُ
حَبْرٌ كميٌّ في الجدالِ وفي الوغى / شَهدَ الحُسامُ بفضلهِ والمِقْوَل
فاذا جَرى لمنُازلٍ وجادلٍ / صُرِعَ الكَميُّ به وحُلَّ المشكل
جوْنٌ مُسِفٌّ تشْرئبُّ بُروقهُ / جَمُّ الرَّواعدِ مُجْلبٌ مُتهلِّلُ
تخشى بوادرهُ العِدى منْ صاعقٍ / ويشيمُ بارقَهُ المُسيفُ المرْمِلُ
سَنَّ السَّكينةَ فوق باسلِ بأسهِ / والحِلْمُ طوْدُ والعزيمةُ مِقصل
يتغايَرانِ على ثناءِ مُمَدَّحٍ / سِيَّانِ خَلْوةُ ليلهِ والمَحْفِلُ
لقِنَتْ مخادعُه الصَّلاةَ لفرط ما / تُزْجى بهنَّ فريضةٌ وتَنَفُّلُ
وعلِمن من كَرِّ التِّلاوةِ كلَّ ما / يجري الشُّذوذُ عليه والمُسْتعمل
بدَلٌ له من فرط تقوى رَبِّهِ / شُرْبٌ يُجنِّبهُ الورودَ ومأكلُ
لا تَطَّبيهِ زَخارفُ ادُّنيا ولا / تمْضي به الأهْواءُ أو تتنقَّلُ
صعبُ العَريكةِ في الاِله فان غدا / لِوَدادَةٍ فهو الدَّميثُ الأسْهَلُ
خِرْقٌ اذا حُبِسَ القَطارُ بأزمة / شقيتْ لديهِ نيبُهُ والعُذَّلُ
واذا استمرَّ المحْلُ يشفعُ شرَّهُ / خَصَرٌ يُرَذُّ له الحَصى والجندل
واستخْمد الشَّفَّانُ كل ضريمةٍ / فاذا تَلَظِّيَ كلِّ جَمْرٍ أفْكلُ
ببعيدةِ الاِصْباحِ حالكةِ الدجى / سهرَ النَّؤومُ بها ونامَ المُفْضلُ
يثنْي مُصارفُها الجوارحَ عندها / حتى تُضلَّ الرَّاحَ فيها الأنْمُلُ
وأطارتِ الهوْجاءُ كلَّ مُطنَّبٍ / فالرَثُّ فانٍ والصَّحيحُ مُرَعبل
واستهْدم الجدْبُ الغوارب والذرى / حيث البَهازِرُ والصِّعابُ البُزَّل
في أزْمَةٍ قُذفٍ كأنّض أخيرَها / منْ بُؤسِها للضَّعْفِ عنهُ أوَّلُ
غَبْراءُ رَيعْانُ الربيعِ كقيْظِها / في المَحْلِ لا مرعىً ولا مُتبقَّلُ
فقديرُ زادِ المُتْرفين على الطَّوى / قِدٌّ تَناهبُه الأكُفُّ وحَنْظَلُ
آوى أميرُ المؤمنينَ مُحمَّدٌ / بددَ الضيوف فكلُّ وعْرٍ مُسْهَل
وقَرى فأشْهبُ كلِّ جَوٍّ هاطلٌ / هامٍ وأغْبر كل أرضٍ مُقْبِلُ
ومُشَرَّدٍ نَبَتِ البلادُ بحَمْلهِ / فيكادُ منْ قبلِ المُعرَّسِ يرْحل
جَمِّ المَحاسبِ لو تَبسَّمَ خِلُّهُ / للقائهِ ظَنَّ التَّبَسُّم يَخْتلُ
أعْدى المَطيَّةَ ذعْرُه وحِذارُه / فأقلُّ سيْريْها الذَّميلُ الزَّلْزلُ
نكرَ الأنيسَ فلو تألَّفَ عِطْفَه / ندْمانُ شِربٍ فرَّ وهو مُحَنبل
شَعِثٌ تميلُ به القُتودُ كأنه السِّعْ / لاةُ يحْدِرُها الكثيبُ الأهْيَلُ
لفظتْهُ أنْديةُ المُلوكِ فلم يُطق / اِظْهار نُصرتهِ المُطاعُ العَبْهلُ
آواهُ حِلمُك خيث حبُوةُ أحنفٍ / محلولةٌ وأخو النَّزاقَةِ يذْبلُ
وعرمرمٍ حجبَ الغَزالةَ نقْعُه / فالصُّبْحُ ليلٌ بالعَجاجَة ألْيلُ
زَجِلٌ كأنَّ الرَّعدَ فيه اِشارةٌ / يخشى الرَّقيب لها مُسِرٌّ مُدْغلُ
جَمٌّ كأنَّ الخرْقَ منْ اِفْراطهِ / داني الكُسورِ له رِتاجٌ مُقْفَلُ
يَقِظٌ كأنَّ رجالَهُ وجيادَهُ / شُهْمٌ تناقَلَها ذِئابٌ عُسَّلُ
هَجَرَتْ سوابقُه المياهَ وشاقَها / ما أنْبعتهُ المُشْرعاتُ الذُبَّلُ
وتنكَّبتْ غُدرانهُ ونِهاءَهُ / لِروىً يمُدُّ به نَساً أو أكْحْلُ
من كُلِّ أغْلبَ لا الأسنَّةَ يختشي / عند اللقاءِ ولا المّنيَّةَ يحْفِلُ
حامي الفؤاد يكادُ منْ زفَراتهِ / تجري حَصينةُ درْعهِ والمُنْصل
دَلفوا لحرْبكَ جاهلينَ سريرةً / يحْمي مَعاقِدَها القديمُ الأولُ
فغلَبْتَهمْ والمُرْهفاتُ مَصونَةٌ / وظُبى القضاءِ من الصوارم أقْتلُ
نَبتِ الديارُ بهم ولو رضْوى نوى / غِشَّ الاِمامِ تحمَّلتهُ الشَّمْألُ
تُزهى الخِلافة منكَ بابن مَناقبٍ / غُرٍّ تُبِرُّ على النُّجومِ وتفضُلُ
طَلعتْ بوادرها فأثرى مُعدِمٌ / واُجيرَ ملْهوفٌ وعَزَّ مُخَذَّلُ
ومكارمٍ لولا شَواغِلُ عَصْرِها / خَجلَ الخِضَمُّ لجودها والهُطَّل
خَفيتْ عن غير اللَّبيبِ وانما / علم الفِرَنْدَ من الحسام الصَّيْقلُ
يا ابْن الحجاجحِ من ذؤابةِ هاشمٍ / لهمُ المَزيَّةُ والمَقامُ الأفْضلُ
المانِعينَ حِمىً ولم يُسْتصرخوا / والباذلين غِنىً واِنْ لم يُسألوا
والخالعي طربَ النُّفوس على القَنا / بالمَجْرِ فهي إِلى المَعاركِ تَعْسلُ
من كلِّ متْبوعِ اللواءِ خِلافُه / مُغوٍ لمنْ لبسَ الخِلافَ مُضلِّل
قومٌ اذا ضاقَ القريضُ بوصفهم / أثْنى بفضلِهُم الكتابُ المُنْزَلُ
شَعفي بمجدك لا ارتيابَ بصدقهِ / ومعي على الدعوى دليلٌ يُعقَلُ
الأمنُ بعد الخوفِ محبوبٌ ألا / أهْوى الذي هو مؤْمنٌ ومُؤمَّلُ
نُصِرَ الاِمامُ محمَّدٌ بعَليِّهِ / وكذاكَ منْ قبلُ النَّبيُ المُرسَل
بالأقْربَيْنِ الصَّدقْينِ مَوَدَّةً / شهد النَّديُّ بنُصْحها والقَسْطل
فمُفرقٌ للمارقينَ مُبَدِّدٌ / ومُعفِّرٌ للمُشْركينَ مُقتِّلُ
ورأيتُ بدْراً بالعراقِ صَريحةً / عاشَ المُحِقُّ بها وماتَ المُبْطلُ
فالزَّينبيُّ بحقِّهِ وبصدْقهِ / للطَّالبيِّ فتى العُلى يَتَقَيَّلُ
غَيرانُ يَمْحَضكَ الودادُ كانه / صَبٌّ يُصافيهِ حَيبٌ مُجْمِلُ
أقْصى مُؤمَّلهِ بَقاؤكَ للِعُلى / فبَقيتُما ما شَدَّ زنْداً أنْمُلُ
للّهِ دَرُّكَ من مُقارنِ هِمَّةٍ
للّهِ دَرُّكَ من مُقارنِ هِمَّةٍ / حَسدْت عَزائمها صدورُ الذبَّلِ
مُتَمطِّرٍ في المجدْ يُفَّرعُ نبْعُه / بمُشمِّرٍ شهْمِ الملامحِ أجْدَلِ
فرعَ الصِّعابَ إِلى المَحامدِ حينما / زَلَّ المَقامُ الدَّحْضُ بالمُتوقِّلِ
نظرتْ مَراتبكَ النجومُ ونورها / فغدتْ تعُدُّ نفوسَها في الجنْدلِ
ودَعا الاِمامُ رجاله حمى العُلى / فأتيتَ توجِفُ في الرَّعيلِ الأولِ
أثْبَتَّها والسيفُ يُرْعدُ حدُّهُ / بأناةِ عاديٍّ وهَبَّةِ مِقْصلِ
وجلوْتَ غيْهَبها وكانت بالضحى / دَهْماءَ دامِسة كليلٍ ألْيَلِ
حتى تبلَّجَ جُنْحُها عنْ قانِتٍ / مُستنجدٍ باللّهِ خير مُؤمَّلِ
فحياكَ نُعْماهُ وزادَك بَسْطةً / والذَّمرُ يُكرمُ من محلِّ المُنصل
ودعاك حين عضدْتَ دينِ محمدٍ / عَضُداً فَبِتَّ مُغامساً لم ينْكُلِ
يلْقى الوغي والجدبَ بأسُك والندى / في الحالتينِ بوابلٍ وبجَحْفَلِ
تحمي وما رفعَ الصَّريخُ عَقيرةً / وتجودُ مُبتدئاً وانْ لم تُسْألِ
وتمُرُّ مَرَّ العاصفاتِ اذا جرَتْ / وعليك من حِلْمِ سكينةُ يَذْبُلِ
واذا الدجي كتمت تدافُع مُسنتٍ / يطفو ويرسبُ في البَهيم الأطْولِ
خَشْيانَ مقْصوبٍ على غَلْوائهِ / جَمِّ المَحاسب في السُّرى والمنزل
يتعسَّف الوعْرَ القَصيَّ مخافةً / ويحيدُ عن سَنن الطريقِ الأمْثل
عَلِمَتْ مَطيَّتهُ محاذرَ نفسهِ / فضُلوعُها ومَسيرها في أفْكَلِ
يبغي النَّدى والأمْنَ لما اخلف ال / رَّعْدانِ من مُتوعدٍ ومُجلْجلِ
جعلَ ابْن عزِّ الدين موئلَ نفسه / فأناخَ منه بالنَّصيرِ المُفْضِلِ
مسترصرخاً بن المُظَفَّرُ جَدُّهُ / شرفُ الورى صدر الوغى والمحفل
نْجلَ النِّظامِ وكانَ بحر بلاغةٍ / ونَدىً لمحْلٍ عارقٍ ولُمشْكِلِ
نَسبْ يطيبُ له النَّسيمُ كأنهُ / نشرُ الرياض مع الصباح المُقْبلِ
لكن أقولُ وحُجَّتي وضَّاحَةٌ / فضلَ الأخيرُ كريمَ مسْعى الأَوّل
فاسلمْ وتاجُ الدين ما رُجيَ الحيا / من حافلٍ والجودُ من مُتَفضِّل
وبهاءُ دينِ اللّهِ اِنَّ لفَضْلهِ / شأناً وعِلْمُ فراستي لم يبطُلِ
وشقيقهُ نَسباً ومجْداً اِنكم / أهلُ البَقاءِ لخائفٍ ولمُرْمِلِ
فعُلى شهاب الدين غيرُ خَفَّيةٍ / وضّاحَةٌ كالصُّبحِ للمُتَأمِّلِ
غيثٌ لا يزالُ مُبارياً / بأسَ الهِزَبْرِ وغادياتِ الحُفَّل
لا تُخْدعنَّ عن الغَنيمةِ انها / جاءتْكَ طوْعاً كالذَّلولِ المُعْجل
تحوي لك الحمدَ الشَّهير بمادحٍ / أْلقتْ عليه الحادثاتُ بكلْكلِ
ناداك في اسْترجاعِ حقٍّ واجبِ / ولو استغاثكَ ظالماً لم تجْهلِ
والناس أعيُنهم اليكَ نَواظْرٌ / لتَحبُّرِ النُّعْمى لديك ومِقْولي
جعلوا ظُنونهمُ يَقيناً صادقاً / كالرَّيِّ يرجى من ورود السلسل
لرواةِ شعري من مدائحهِ
لرواةِ شعري من مدائحهِ / في كُلِّ غُدْوةِ جُمعةٍ زَجَلُ
كضجيجِ أصواتِ الحَجيجِ إذا / ذَهَبَ النَّهار وحانَت الأُصُلُ
بمحابِرٍ تَسْقي مَزابِرَها / فسِدامُها منْ مَتْحِها غَلَلُ
فإذا وعَوْا ما صُغْتُ من حِكَمٍ / فَضُلَ الجَهولُ وأذْعَن الفضل
ركبَتْ أموناً ذاتَ أربعةٍ / لا الوَخْد شيمتها ولا الرَّمَلُ
هوْجاءَ تَثْني الغُدْرَ ناضِبَةً / يَبَساً ولا عَلٌّ ولا نَهَلُ
تُهْدي إلى الأسْماعِ ما حَمَلتْ / فتنالُهُ بالحيلَةِ المُقَلُ
تُهدي مديحَ مُهَذَّبٍ نَدُسٍ / الْبَحْرُ في ثَوْبَيْهِ والجَبَلُ
تَخْشى صَوارِمَهُ بلَيْلَتِه / وصَباحِهِ الأعْداءُ والإِبِلُ
فتظلُّ إنْ سُلَّتْ على حَذَرٍ / ألْجَسْرَةُ الوَجْناءُ والبَطَلُ
فَزعَيْنِ أمْنُهما إذا غُمِدَتْ / يوماً وحالَ الجَفْنُ والخِلَلُ
يَمٌّ من المعروفِ ذو لُجَجٍ / لا ناضِبٌ ثَمِدٌ ولا وَشَلُ
لو حَلَّ قَيْظاً عند مُقْفِرَةٍ / لزَها بها الحَوْذانُ والنَّفَلُ
شاكي السِّلاحِ على تَفَضُّلِهِ / يخشى سُطاهُ الجَحْفلُ الزَّجِل
من رأيه ورَويِّ خاطِرِهِ / بيضُ الصَّوارمِ والقَنا الذُّبُلُ
وعليه من تَقْواهُ سابِغَةٌ / حَصْداءُ ما في سَرْدِها خَلَلُ
تنْبو سِهامُ الخطْبِ طائشَةً / عنها إذا ما صَرَّحَ الجَلَلُ
تاجُ الملوكِ فتى النَّوالِ إذا / هَرَّ الشتاءُ وأخْلَفَ السَّبَلُ
خِرْقٌ إذا لَجَّتْ عَواذلُه / بالجودِ لَجَّ الجودُ والنِّحَلُ
يمْرونَ أخْلافَ النَّوالِ لهُ / فكأنَّهُمْ أغْرَوا وما عَذلَوا
لا زالَ شمس عُلاً مُشَرِّقَةً / لا يعْتَري أضْواءَها الطَّفَلُ
تحوي القلوبَ له مكاسرُ لُطْفهِ
تحوي القلوبَ له مكاسرُ لُطْفهِ / ويَهابُ سطوته الخميسُ الجحفلُ
فكأنه في حالتيه منَ الرِّضا / والسُّخط نارُ غَضاً وماءٌ سلْسلُ
غمْرُ الرِّداءِ كأنَّ صوب يمينهِ / والعامُ أغْبرُ عارضٌ مُتهلِّلُ
تحْوي المَزابرُ من مطالب نفسه / ما ليس تحْويهِ الرِّماحُ الذُّبَّلُ
فيفُلُّ صفَّ الجيش سطْرُ بلاغةٍ / ويَدُقُّ مُقْتصدٌ طويلاً يعْسِلُ
تُرْدي الكُماةَ سُطورهُ في طرِسه / فكأنما في كُلِّ حَرْفٍ مُقْتِلُ
سودٌ لرأي العين لكن لونُها / في الدَّارعينَ بكل رَوْعٍ أشْكل
في الساحة البيضاءِ مَشْقٌ رائعٌ / لكنَّه في الهامِ ضَرْبٌ أرْعَلُ
هوْجاءُ عاصفةُ الهُبوب مُحارباً / وإذا احْتبى يومَ السَّلامِ فيذْبُل
إنَّ الوزيرَ الماجدَ ابن مُحمَّدٍ / والدَّهْر يشهد والمناقب تُسْجِل
تاج الملوك مُشار كلِّ فضيلةٍ / وجلالُ الإسلام الجَوادُ المُفْضِل
يبدو الصباحُ الطَّلْق من قسماتِه / والليلُ ممدودُ الغَياهِبِ ألْيَلُ
ويجيش بحرُ خواطري في مدحه / فأُجيدُ إذْ بحر الخواطِر جدول
فحمَى حِماهُ وصان طاهر عِرضه / مما يُدَنِّسُهُ القديم الأولُ
يا عاقِداً وُضُنَ الجمالِ البُزَّلِ
يا عاقِداً وُضُنَ الجمالِ البُزَّلِ / اِحْللْ أصبت الرَّأي أنْ لم ترحلِ
شِمْ ما انْتضيتَ من العزائم للسُّرى / وارْغد فإنَّك بالخصيب المُخْضِل
إنَّ الوزارةَ أذعَنتْ مُنْقادَةً / لأغَرَّ رحْبِ الحلم رحب المَنْزلِ
لمُعَظَّمٍ مَلأَ الزَّمانَ مَهابَةً / ذَلَّتْ لخيفَتها صُدورُ الذُبَّلِ
بصَرامةٍ كالسيف سُنَّ غِرارهُ / ولَطافَةٍ فضلَتْ بَرودَ السَّلسل
لمُحمَّدٍ مجْدِ المُلوك فتى النَّدى / والبأسِ مأوى المُرْمِلين العُيَّلِ
منْ لمْ يزلْ صدراً مُشاراً في العلى / مَسْعىً وارِثاً إنْ جهلتهما سَلِ
تلقاهُ في يوميْ رضاهُ وسُخْطِهِ / صَبْرُ الجبال له وحَدُّ المُنْصُلِ
كالريحِ بأساً والنَّسيمِ لَطافَةً / نفْعُ الجنوبِ له ورَوْحُ الشَّمْأل
وإذا الرياحُ تناوحَتْ مَسْعورةً / هُوجاً تَراجَمُ بالحَصى والجنْدَلِ
عُقمتْ فلم تُنش السَّحاب وجفَّلت / ما تدَّعيه من المُسَِّفِّ الأكْحَلِ
وأعاضت الجوَّ الفسيحَ عن النَّدى / بالقُرِّ وخَّازاً كَحَدِّ المِعْبَلِ
خَبت المواقِدُ والبُروق فما اهتدت / للقصْدِ أعْناقُ الرِّكابِ الضُّلَّل
وطوى النَّعيمُ رداءه عن مُتْرَفٍ / فمَطاعمُ المُثْري هَبيدُ الحَنْظَل
طَرد الوزيرُ المحْل وهو مُصرِّحٌ / طَرْدَ الوَسائقِ بالخميسِ الجحفل
فقَرى ولا قارٍ وجادَ ولا نَدَىً / وكفى ضَريكَ الحيِّ شيْمَ الهُطَّل
للّهِ ربِّ العرشِ دَرُّ خليفَةٍ / أدْناكَ منْ شرفِ المَقامِ الأفْضلِ
ناداكَ يا عَضُداً لدينِ مُحَمَّدٍ / فعَضدْته عند الشَّديدِ المُعْضِل
فاسْتَلَّ منك مُهنَّداً ذا رَوْنَقٍ / غاني الحديدةِ عن جلاء الصَّيْقل
لَقيَ العُلى عند اخْتيارِكَ آمِناًُ / خَجَلَ العِتابِ بِجحفلٍ وبمحْفِلِ
زجِلَ الزَّمانُ بشُكْر ما أوليْته / أبْناءهُ منْ نِعْمةٍ وتَفَضُّلِ
رحَل الحجيجُ مُعَرِّفين بسامِقٍ / يَرْجونَ عاطِفَةَ القديمِ الأوَّل
أنْشرتَ أموات المحابس إذْ غدوا / رِمَماً مُمزَّقةً بسوءِ المَنْزِلِ
وكففْتَ عاديةَ الخَراج وشَرَّه / عن كُلِّ أرْمَلَةٍ ومُقْوٍ مُرْمل
ووضعت أثْقال المكوس وقد وهَتْ / منها الكَواهِلُ وانْتهتْ للمقْتل
فرددتْها وضَّاحَةً عُمَرِيَّة / غَرَّاءَ مثلُ حديثها لم يُنْقَلِ
فضُلَتْ على سِيَرِ الكرام وأشْهدت / بالفضلِ آياتِ الكِتابِ المُنْزَلِ
أنا مَدُّكُمْ آلَ المُظَفَّرِ والذي / مَدْحي لكمْ كالعاشِقِ المُتَغَزِّل
سارتْ لكُم سير الرِّياحِ مدائحي / منْ مُشْئمٍ أو مُعْرِقٍ أو مجبل
ولقد وَثِقْتُ بحُسن عهد محمدٍ / وَوَلاي في إِدْراكِ كلِّ مُؤمَّلِ
فوَفى وزادَ على الوَفاءِ بفَضْلهِ / كالغيث يفْضُلُ عنْ جناب المُمْحل
يا لامحاً شبحَ المُسِفِّ الأكْحل
يا لامحاً شبحَ المُسِفِّ الأكْحل / والغاديات مع الصَّباحِ الحُفَّلِ
والجوْنُ يُلحفُ بالهضاب ربابُهُ / كنَعامِ دَوٍّ ذي الرِّثالِ المُجْفِل
همدتْ نضارتهُ وأشْعَب هَمُّهُ / فغَدا يَعُجُّ عَجيج نِضْوٍ مُثْقَل
دعْ عنك مركوم السْحاب وودْقَه / وابْغِ النَّدى عند الإِمامِ المُفْضِل
تجد الحَيا هَلَلاً وما استَمطرْتَه / جَوْداً يصوبُكَ من سحاب الأنمل
مُتبعِّقاً يَذَرُ الحُزونَ قَرارةً / ويذيبُ وابلُه صليبَ الجَنْدَل
تُحْيي البلادَ به بَنانُ خليفَةٍ / تذَرُ الهواجر كالربيعِ المُبْقِلِ
خِرْقٌ يُعاجل سائليه برِفْده / ويَجودُ بالنُّعْمى إذا لم يُسْألِ
فكأنَّ ناديَهُ ومجْمَعَ مجْدِهِ / سَلْسالُ وِرْدٍ بالمَفازَةِ مُثْعِل
يتفارطُ العافونَ حُبَّ ورودِهِ / كتفارُط الكُدْريِّ نحو المَنْهَلِ
لو جادَ بالبحر المُحيطِ لَظَنَّهُ / منْ فرْطِ همَّتِه ثَميلةَ سحْبَل
أو سامهُ عافوهُ بُلغَةَ مائهِ / يومَ التَّصافُنِ صائفاً لم يَبْخَلِ
وإذا دجا الخطب البهيمُ وأغْدفتْ / شمس الرَّجاء نِقابَ ليلٍ ألْيَل
كشف الإِمامُ المسْتضيءُ ظَلامَها / بعَزيمةٍ مثْلِ الحُسامِ المِقْصَل
تتْلو سباعُ الطَّيرِ طيرَ لوائهِ / وتَشيمُ عاسِلَهُ عُيونُ العُسَّل
دَرِبَتْ بأشْرء المُلوكِ فكُلَّها / تأبى سوى لحْمِ المُطاعِ العبْهَل
فمَرازِقُ الجمعيْنِ عند كُماتهِ / والكُومُ بين دُخانِه والقَسْطَل
حَبْرٌ لهُ تقْواهُ أمْنعُ جُنَّةٍ / وأعَزُّ مُعْتَصمٍ وأشرفُ معْقل
فإذا طَغى الأعداء كَفَّ جيوشَهُ / مع بأسهمْ وغَزا بجيشِ تَوكلِ
فالنَّصر يُحقر كلَّ طَعْنٍ مُنْفذٍ / والسَّعد يصْغرُ كلَّ ضربٍ أرْعل
نام الرَّعيَّةُ والإِمامُ مُسَهَّدٌ / جَمُّ الرَّويَّةِ في صلاحِ المُهْمَل
في العدل والإِحْسانِ مُمْتثلاً لما / يتْلوهُ منْ نصِّ الكتابِ المُنْزَل
يَسْعى إلى إِحرازِ كلِّ حَميدةٍ / طَلْقَ النَّعامة أو شِكالِ الهيْكل
وطغى المُلوكُ وباتَ من إِشْفاقه / خَشْيانَ يُخْبِتُ للقديم الأول
شعفي بمجدك يا ابن عمِّ مُحمَّدٍ / شَعفُ الخوامس بالبَرود السلسل
فمَدائحي والمَجْدُ ينظمُ دُرَّها / في سِلْكِهِ كَصبابَةِ المُتَغزِّلِ
أحببتُ أبْلَجَ مثلُ فخر حديثِه / وكريمِ سيرةِ مجْدِه لمْ يُنْقَل
نسفَ الغُبار بكل معْطسِ ماجدٍ / فضْلَ الجوادِ على الهجين الأقْزَل
فبَقيتَ يا من صان وجهيَ جودُه / ونَوالُهُ عنْ ذِلَّةٍ وتَبَذُّلِ
لرضا الإِلهِ وحِفْظه في خلْقِهِ / والذَّبِّ عنْ سُنَن النَّبيِّ المُرسل
أرِجَ النَّسيمُ فقلتُ نشرُ خميلةٍ
أرِجَ النَّسيمُ فقلتُ نشرُ خميلةٍ / فغمَتْ أنوفَ بَواكِرٍ وأصائلِ
أو رُفْقةٍ يَمَنيَّةٍ عَدنيَّةٍ / فَضُّوا عِيابَهُمُ بليْلٍ شامِلِ
طرِبتْ نفوسُ الركب حتى خلتُهم / شَرْباً تُرَنِّحُهُمْ سُلافةُ بابِل
فطفقتُ أعجب من تضوُّع روضةٍ / للمُعْرقين ونبْتُها بجُلاجِلِ
وإذا أريجُ النَّشْر ذكْر خليفةٍ / مَلأ الزَّمانَ بعَدْلِهِ والنَّائلِ
ذِكرُ الإمام المُسْتضيءِ وحمده / مِن راحِلٍ بالمْكرُماتِ وقافِلِ
أحْيا حقوقَ الدين وهي دَريسةٌ / مَنْسيَّةٌ وأماتَ نفْسَ الباطلِ
واسْتصغر العدل العميم لأنْفُسٍ / ظَمِئَتْ فأتْبَعَهُ بجودٍ هاطِلِ
وإذا المجامعُ كالرِّياضِ ونشْرُها / كَرُّ الثَّناءِ بكلِّ راوٍ فاضِلِ
فإذا دَنَتْ منها وديقَةُ جاحِدٍ / رفَعَ الإِمامُ لَها سَحابَةَ وابِلِ
فترى البلادَ بهيجةً مُخْضَرَّةً / بعُلاهُ بينَ مكارِمٍ ومَقاوِلِ
طابتْ به طيبَ الوصال لعاشِقٍ / وزهَتْ به زَهْوَ الرياض بحافِل
فكأنَّها منهُ عَروسٌ بَرْزَةٌ / منْ بعدِ ما كانت كَأمٍّ ثاكِلِ
حَبْرٌ وبحرٌ ما لجُمَّة فضْلِهِ / وعُبابِ فيْضِ بَنانهِ من ساحِلِ
فالمحْلُ والرَّجُل العليمُ كِلاهما / مُسْتَهْلكانِ بِنائلٍ ودَلائلِ
صافي الطَّويَّةِ لا يغُشُّ رَعيَّةً / لا بالخَدوعِ لهُمْ ولا بالخاتِلِ
مُستودعين بساهرٍ غَفلوا به / عنْ هَمِّ أنفُسهم وليس بغافِلِ
زوْلٌ يُزرُّ قميصهُ في سَلْمِه / بأغَرَّ فيَّاضِ النَّوالِ حُلاحِلِ
فإذا تَنَكَّر نِيطَ منهُ نِجادُهُ / بمُهنَّدٍ صافي الحَديدةِ قاصِلِ
يَتباريانِ فعَزْمُهُ وحُسامُه / سِيَّانِ حِذْقُهُما بعلْمِ مَقاتِل
فبقيت يا شمس الزَّمانِ وعَيْشه / لرَشادِ حَيْرانٍ وثَرْوةِ عائلِ
تنْضو ملابس كلِّ عيدٍ ذاهِبٍ / وتُجِدُّ آخرَ مُقْبلاً في القابِل
ما جَنَّ ليلٌ واسْتقلَّ بطَرْدِهِ / صُبْحٌ وبوركَ في الإِمامِ العادِل
باغي الصَّلاح تُقالُ عَثْرَتُهُ
باغي الصَّلاح تُقالُ عَثْرَتُهُ / وسِواهُ لا يُعْفى منَ الزَّلَلِ
قتلَ الطَّبيبُ فلمْ يُقَدْ بدَمٍ / والثَّأرُ مَطْلوبٌ مِن البَطَلِ
ثَبْتُ الحُبى لا يَستَفِزُّ أناتَهُ
ثَبْتُ الحُبى لا يَستَفِزُّ أناتَهُ / طيشُ الخطوب ولا يَروع المشكِلُ
يقْظانُ يهْزِمُ منه كلَّ كريهَةٍ / رأيٌ وبأسٌ صارِمٌ وتَوكُّلُ
سِيَّانِ في إِقْدامِهِ ومَضائِهِ / فَذُّ الفَوارس والخميسُ الجحفَل
فكأنما في دَسْتِهِ ونَدِيَّهِ / ثَهْلانُ عند الرَّائعاتِ ويَذْبُلُ
يُخْفي الغزالة والكواكب بالدُّجى / والصُّبْحَ رفْعُ دخانه والقسطَل
فيَجيشُ منْ أعْدائهِ ونِياقِهِ / في حالتَيْهِ معْركٌ أو مِرْجَلُ
فكُماةُ معْركِهِ وكُومُ عِشارهِ / للضَّيْف والطَّير المُحَلِّق مأكَل
حازَ المناقَبَ أحمدُ بن مُحمَّدٍ / فَحباهُ رتْبتهُ المُطاعُ العَبْهَلُ
فاستَبْشر العاني وأيْقَنَ بالحمى / جانٍ وأيْسَرَ بالرَّغائب مُرْمِلُ
فَبَقيتَ يا غَرْسَ الخِلافة قائماً / بالمجْدِ يحْميك القديمُ الأوَّلُ
يُنْثي بِرَأفَتِهِ ونَجْدَتِهِ
يُنْثي بِرَأفَتِهِ ونَجْدَتِهِ / ونَوالِهِ الأصْباحُ والأُصُلُ
فالجارُ والجاني وسائلُهُ / لهمُ بمَشْرِعِ فَضْلهِ نَهَلُ
غَمْرُ الرِّداءِ كأنَّ أنْمُلَهُ / سُحُبٌ وصَيِّبُ جودهِ سَبَلُ
يُرْضي القُلوبَ بحسنِ سيرَتهِ / وتَوَدُّهُ الألْحاظُ والمُقَلُ
كالشَّمس مَحْيا كلِّ نابِتَةٍ / وطُلوعُها لنفوسِنا زَعَلُ
جَيْشٌ لهُ زَجَلٌ وغَمْغَمَةٌ / لكنَّهُ في زيِّهِ رَجُلُ
في الدَّسْتِ منه إذا حَبا وعَفا / الأيْهَمانِ البَحْرُ والجَبَلُ
صَبْوانُ بالعَلْياءِ لا جَنَفٌ / يَعْرو صَبابَتَهُ ولا مَلَلُ
عَضُدٌ لدينِ اللّهِ ناصِرُهُ / حامي حِماهُ وذِمْرُهُ البَطَلُ
لو حَلَّ فوق النَّجم ذو شَرفٍ / أمْسى ومَوْطىءُ رِجْلِهِ زُحَل
فَوقى إِلهُ العرشِ مُهْجَتَهُ / صَرْفَ الرَّدى ما حَنَّتِ الإِبل
ماذا أقولُ إذا الرُّواةُ تَرَنَّموا
ماذا أقولُ إذا الرُّواةُ تَرَنَّموا / بفصيحِ شِعري في الإِمامِ العادِل
واستحسن الفُصحاءُ شأنَ قصيدةٍ / لأجَلِّ مَمْدوحٍ وأفْصحِ قائِلِ
وترنَّحَتْ أعْطافُهُمْ فكأنما / في كُلِّ قافيَةٍ سُلافَةُ بابِلِ
ثُمَّ انْثنوا غِبَّ القريض وصنْعِه / يتَسائلونَ عنِ النَّدى والنَّائلِ
هَبْ يا أميرَ المُؤمنين بأنَّني / قُسُّ الفَصاحةِ ما جوابُ السَّائل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025