حُيَّيتِ مِن دِمَنٍ ومِن أطلالٍ
حُيَّيتِ مِن دِمَنٍ ومِن أطلالٍ / ومنازلٍ بالرقمتينِ بوالِ
أجَّجنَ بين أضالِعي نارَ الهوى / بمرابعٍ مِن أهلهنَّ خوالِ
فسقى معاهدَها عهادُ مدامعٍ / يغشى الطلولَ بوبلهِ الهطّالِ
يهمي إذا بخلَ السحابُ على الثرى / بسحابةٍ وطفاءَ ذاتِ عزالي
يروي ديارَ الغانياتِ مُلِثُّهُ / وكِناسَ كلَّ غزالةٍ وغزالِ
فيهنَّ مِن عَصْبِ الملاحةِ عصبةٌ / برعوا جمالاً فوقَ كلَّ جمالِ
مِن كلَّ حوراءِ اللحاظِ جفونُها / ترمي فؤادَ محبَها بنبالِ
وقَوامِ ساجي الطرفِ يهزأُ قدُّه / مِن لينهِ بالأسمرِ العَسّالِ
رشقوا فؤادي يومَ رامةَ فانثنى / عنهم بوجدٍ ما ألمَّ ببالي
ولربَّ ليلٍ قد فَرَيتُ أديمَهُ / مِن فوقِ كلَّ نجيبةٍ مِحلالِ
حرّانَ احتثُّ النياقُ سواهماً / في البيدِ بينَ دَكادِكٍ ورِمالِ
أضحتْ تُراعُ مِن السَّياطِ كأنَّما / تلكَ السياطُ قواتلُ الأصلالِ
من كلَّ جائلةِ الوَضينِ أذابَها / الاِعمالُ بينَ النصَّ والاِرقالِ
فتخالُها مثلَ السفائنِ في الضحى / تعلو وترسبُ في بحارِ الآلِ
طمعاً بعودِ الظاعنينَ وعودِ ما / قد ماتَ من قربٍ وطيبِ وصالِ
فلقد حُرِمتُ ببعدِ جيرانِ النقا / نوماً أُواصلَ فيه طيفَ خيالِ
ومِن العجائبِ أن أُعلَّلَ بعدما / بانَ الأحبَّةُ عنهمُ بمحالِ
وأُروَّحَ القلبَ الذي لم ينسَهمْ / بعدَ النوى بكواذبِ الآمالِ
هيهاتَ أن يُسليهِ بعدَ رحيلهمْ / طولُ المدى وتنقُّلُ الأحوالِ
فلَكَمْ سكبتْ على المنازلِ أدمعاً / أرخصتُهنَّ ن وكنَّ قبلُ غوالي
وأذلتُ دمعي في عراصِ ربوعِها / سَحّاً ولم يكُ قبلَهُ بِمُذالِ
وسألتُها عن أهلهنَّ وما الذي أجدى / وقد رحلَ الخليطُ سؤالي
في كلَّ يومٍ لا أزالُ مروَّعاً / بغناءِ حادٍ أو بِزَمَّ جِمالِ
ولهانَ أقلقُ للحمامِ إذا شدا / مِن فوقِ البانةِ الميّالِ
ولبارقٍ ما لاحَ في غَسَقِ الدُّجى / اِلاّ أَرِقْتُ لومضهِ المتعالي
ما لي وما للامعاتِ أَشيمُها / سَفَهاً وما للهاتفاتِ ومالي
يُضْرِمْنَ في قلبي لواعجَ جمرِه / قلبي لها بعدَ التفرُّقِِ صالِ
ما هبَّ معتلُّ النسيمِ عنِ الحِمى / اِلاّ فَزِعتُ إلى صَباً وشَمالِ
وسألتُ نفّاحَ النسيمِ لأنَّهُ / يَدري بِكُنْهِ قضيَّتي وبحالي
عن جيرة لم تخل فكرة خاطري / من ذكر أيام لهم وليال
يا حارِ قد غَدَتِ الديارُ عواطلاً / منهمْ وقد كانت وهنَّ حوالِ
أُرْدُدْ عليَّ الظاعنينَ وخلَّني / وهواهمُ وملامةَ العُذّالِ
ودعِ القريضَ لقائليهِ سوى الذي / يأتيكَ مثلَ الدرَّ مِن أغزالي
فلقد ظَفِرتُ مِن النظيمِ ببحرهِ ال / طامي وغيري منه بالأوشالِ
مِن كلَّ قافيةٍ ترى في طيَّها / ما شئتَ مِن حِكَمٍ ومِن أمثالِ
وعلى جزالتِها وجودةِ سكبِها / لم تمشِ يوماً مِسيةَ المختالِ
ولها المعاني الباهراتُ يَزينُها / لفظٌ كما نَضَّدْتَ سِمْطَ لآلي
شِعرٌ هو السَّحرُ الحلالُ وغيرُه / شِعرٌ إذا ما جاءَ غيرُ حلالِ
سِيّانِ اِكثاري إذا ألفَّتُه / يَحكي النجومَ الزُّهْرَ أو اِقلالي
فالفضلُ تعرفهُ وتعرفُ أهلَه / بأقلَّ شيءٍ مِن بديعِ مقالِ