المجموع : 10
والغصن مهزوزُ القوام كَانَّما
والغصن مهزوزُ القوام كَانَّما / دارت عليه من الشمال شمولُ
والدهرُ كالليل البهيم وأنتم / غُرَرٌ تنيرُ ظلامَه وحُجولُ
عُذرُ الزَّمانِ بأيِّ وجهٍ يُقبلُ
عُذرُ الزَّمانِ بأيِّ وجهٍ يُقبلُ / ومحبُّكم بالصدِّ فيهِ ويُقتلُ
مالي سوى إنسان عيني مُسعداً / بالَّمعِ إنسانٌ عليه أُعَوِّلُ
الَّهرُ ليل كلُّه في ناظري / لا صبحَ إلا وجهُكَ المُتهلِّلُ
خيرتمُ بينَ المنيّةِ والنوى / لا تهجروا فالموتُ عنيَ أَسْهَلُ
ما كانَ منكرُ فضل حقِّي جاهلاً / إن كنتُ أنكر فضلكم أو أَجهلُ
يا غائبينَ وهمْ بفكريَ حُضّرٌ / يا راحلينَ وهمْ بقلبيَ نُزَّلُ
ما للسُّلوِّ إلى فؤادي منهجٌ / ما للصبابةِ غيرَ قلبي مَنْهلُ
لا تعدلوا عنّي فما لي معدلٌ / عنكمْ وليس سواكمُ لي موئلُ
كلُّ الخطوبِ دفعتُها بتجلُّدي / إلاّ التفرُّقَ فهو خطبٌ مُعْضِلُ
إذا لم يجدني طيفُكُم في زورةٍ / فلأنني منه أدّقُّ وأَنحلُ
لا صبرَ لي لا قلب لي لا غمضَ لي / لا علمَ لي بالبينِ ماذا أَفعلُ
إن تذهلوا عنّي فإنّي ذاهلٌ / بهواكم عن ذكركم لا أَذهلُ
مَنْ للعُلى مَنْ للذُّرى مَنْ للهُدى
مَنْ للعُلى مَنْ للذُّرى مَنْ للهُدى / يحميه مَنْ للبأسِ مَنْ للنائلِ
طلبَ البقاءَ لملكهِ في آجلٍ / إذ لم يثقْ ببقاءِ مُلْكِ العاجلِ
بحرٌ أَعادَ البرَّ بحراً برّه / وبسيفهِ فُتحتْ بلادُ السّاحلِ
مَنْ كان أَهلُ الحقِّ في أَيامهِ / وبعزِّهِ يردونَ أَهلَ الباطلِ
وفتوحُهُ والقدسُ مِن أَبكارِها / أَبقتْ له فضلاً بغيرِ مُساجلِ
ما كنتُ أستسقي بغيرِكَ وابلاً / ورأَيتُ جودَكَ مُخجلاً للوابلِ
فسقاكَ رضوانُ الإله لأنَّني / لا أَرتضي سُقيا الغمامِ الهاطلِ
قد أُهدِيَ الإثراءُ في الإيفاضِ لي
قد أُهدِيَ الإثراءُ في الإيفاضِ لي / مذ فاضَ لي بالرَّحبِ بحرُ الفاضلِ
قد عاضَ لي ملقاهُ من فقري غنىً / ما زالَ صَرْفُ الدَّهرِ منه عاضلي
كم من مُنىً ظَلَّتْ وعاودتِ الهدى / بلقائهِ حتى غلبتُ مناضلي
عاينتُ طَوْدَ سكينةٍ ورأيتُ شم / س فضيلةٍ ووردتُ بحرَ فواضلِ
ولقيتُ سَحْبانَ البلاغةِ ساحباً / ببيانهِ ثوبَ الفخارِ لوائلِ
أَبصرتُ قُساً في الفصاحةِ معجزاً / فعرفتُ أَنيّ في فَهاهةِ باقِلِ
حلفُ الفصاحةِ والحصافةِ والسّما / حةِ والحماسةِ والتُّقى والنائلِ
بحرٌ من الفضلِ الغزيرِ خِضَمُّهُ / طامي العُبابِ ومالهُ من ساحلِ
وجميع ما في الأرض سبعة أَبحر / وبحوره تُسمْى بعشر أَنامل
في كفِّهِ قلمٌ يُعجِّلُ جريُهُ / ما كان من أجلٍ ورزقٍ آجلِ
يجري ولا جَرْيَ الحسام إذا مضى / حدّاهُ بل جَرْيَ القضاء النازلِ
نابتْ كتابتُهُ منابَ كتيبةٍ / كُفِلَتْ بهزمِ كتائبٍ وجحافلِ
كم جادَ إسعافاً لعافيهِ وكم / أَملى التجاحَ على رجايَ الآملِ
بيراعهِ أَبداً يُراعى عالمٌ / في سِرْبهِ ويُراعُ سربُ الجاهلِ
فعدُّوهُ في عَدْوهِ ووليُّهُ / في عَدْلهِ يا حُسْنَ عادٍ عادلِ
ريّانُ من ماءِ التُّقى صاد إلى / كَسْبِ المحامدِ وهي خيرُ مناهلِ
غَطّتْ فضيلتُهُ نقيضةَ دهرِنا / عنّا وأَذهبَ حَقُّهُ بالباطلِ
كفلتْ كفايتُه بكلِّ فضيلةٍ / أَكرمْ بكافٍ للفضائلِ كافلِ
أَكرمْ به من خِدْنِ إفضال وذي / فَضْلٍ لأهل الشام شافٍ شاملِ
ما حلَّ في بلدٍ فكانَ مَحَلُّهُ / إلاّ محلَّ حياً بروضٍ ماحلِ
ففداءُ حزمِكَ كلُّ غاشٍ غاشمٍ / وفداءُ فضلكَ كلُّ غافٍ غافلِ
يا أَوحدَ العصرِ الذي بزَّ الورى / فضلاً بغيرِ مشاكهٍ ومشاكلِ
يا أفضلَ الفصحاءِ بل يا أَفصحَ ال / بلغاءِ منفرداً بغيرِ مساجلِ
يا حالياً بالفضلِ حلِّ تفضلاً / منِّي بجدِّك جيدَ خطٍّ عاطلِ
كم ناقصٍ إدبارهُ قد ردَّني / لكنّما إقبالُ فضلكَ قابلي
قد كان هذا الشّامُ لولا أنتمُ / روعَ المقيمِ بهِ وروحَ الرَّاحلِ
كيف السّبيلُ إلى نجاحِ مقاصدي / ومحاسني وهي العيوب وسائلي
ما لي وجاه الجاهلين فأغنني / عنهم كفيتَهُمُ وجُدْ بالجاهِ لي
جُدْ لي بمنّتكَ الضعيفة مُنّتي / عنها وأَثقلْ من جميلك كاهلي
أَرجوك معتنياً لدى السُّلطان بي / كرماً فمثلُكَ يَعتني بأَماثلي
تُوفي وليّكَ دَيْنَ مَجْدٍ عاقَهُ / ليُّ الوعودِ من الزَّمانِ الماطلِ
قرِّرْ ليَ الشُّغلَ المبجّلَ مخلياً / بالي من الهمِّ المقيم الشّاغلِ
لا زلتَ غيثَ مكارمٍ وبقيتَ غَوْ / ثَ أَكارمٍ وسلمتَ كهفَ أَفاضلِ
كُنْ عاذري في حُبِّهم لا عاذلي
كُنْ عاذري في حُبِّهم لا عاذلي / يا فارغاً من شُغلِ قلبي الشّاغلِ
هَبْ أَنَّ سمعي للنصيحةِ قابلٌ / ما نافعي والقلبُ ليس بقابلِ
أَخفيتُ سرَّ الوَجْدِ خيفةَ عُذَّلي / فتعرَّفوا من أَدمعي ومخايلي
لم يقبلوا عذرَ المحبِّ وقابلوا / حقَّ الهوى من لؤمهم بالباطلِ
مالُوا إلى وصلي فحينَ وَصَلتُهُم / ملُّوا وليس يُمَلُّ غير الواصلِ
يا ناشداً يبغي فؤاداً ضائعاً / يومَ النّوى إثرَ الخليطِ الزائلِ
أَين الفوادُ أَراحلٌ في إثرهم / أَم سائلٌ ما بينَ دمعٍ سائلِ
وأَغنَّ أَغنى طَرْفُه في سحرهِ / ورُضابُه في سكرهِ عن بابلِ
مَنْ وجهُهُ حَسنٌ وليس بمحسنٍ / والقدُّ معتدِلٌ وليس بعادلِ
متلوِّنٌ كمدامعي متعفِّفٌ / كضمائري متعذرٌ كوسائلي
أَنا في الضّنى كالخصرِ منه أَشتكي / من جائر ما يشتكي من جائلِ
يا قلبه القاسي تعلّمْ عطفةً / وتمايلاً من عطْفهِ المتمايلِ
سقياً لوصلِ الغانياتِ وشربنا / كأْسَ الرُّضابِ على غناءِ خلاخلِ
بنواظرٍ قد خلتُهُنَّ غوافلاً / لفتورهنَّ وهنَّ غيرُ غوافلِ
وقدودُهنَّ قدود سمرِ رواعفٍ / وجفونهنَّ جفونُ بيضِ مناصلِ
أَيامَ لا عهدُ الوفاءِ بحائلٍ / غَدْراً ولا أُمُّ الصّفاء بحائلِ
أَعقيلةَ الحيِّ اللَّقاحِ ودُونَها / بيضٌ وسُمْرٌ من ظُبىً وذوابلِ
بكرتْ تلومُ على لزومِ مواطنٍ / وضعُ الرَّفيعِ بها ورفعُ الخاملِ
طالَ التردُّدُ في البلادِ فلم أَفزْ / منها على رغمِ العدوِّ بطائلِ
أَو ما رأَيتَ البحرَ يُغرِقُ درَّهُ / ويخلِّصُ الأَزبادَ نَحوَ الساحلِ
مضريّةٌ عَذلتْ على حبِّ النّدى / من ليس يسمعُ فيه عذلَ العاذلِ
يا هذه لولا السّماحةُ لم يكنْ / ينميكِ خيرُ عشائرِ وقبائلِ
عنّفت في حبِّ السّماحةِ مُؤثراً / عُدْمَ الكريم على ثراءِ الباخلِ
أَو هل يخافُ العُدْمَ مَنْ وجدَ الغنى / من جودِ مولانا الإمامِ العادلِ
ولقد وردتُ فِناءَ بحرٍ للندى / أَغنى بهِ عن أَنهرٍ وجداولِ
في كفِّهِ للجوِ خمسةُ أَبحرٍ / فياضةٍ تُسمْى بخمسِ أَناملِ
ممدودُ ظلِّ العدلِ ليس بزائلٍ / معمودُ رُكنِ المُلكِ ليس بمائلِ
وَعَرَمْرَمٍ لَجِبٍ كمنهالِ النّقا / مَجْرٍ ومنهلِّ السّحابِ الهاملِ
سترَ الغزالةَ بالعجاجةِ مُطلعاً / زُهرَ الأَسنّةِ في سماءِ قساطلِ
فالشّمسُ ما بينَ العجاجِ كأَنّها / بدرٌ تطلّع جُنح ليلٍ لائلِ
والنقعُ يَنْصُلُ بالنُّصُولِ خضابُهُ / فكأَنّه لونُ الشباب الناصلِ
والمُقْرَباتُ بأَنْسُرٍ وقوائمٍ / تحكي قوادِمَ أَنْسُرٍ وأَجادلِ
في مأزِقٍ لا يسمعُ الواغي بهِ / إلاَّ أَنينَ صوارمٍ وصواهلِ
والجيشُ مَن مَلكَ الجيوشَ برأْيهِ / في صائبٍ وبجأشهِ في صائلِ
هزم العدا قبلَ اللِّقاءِ برعبهِ / فغدوا بأُمٍ في الشّقاوةِ هابلِ
طلبوا الفرارَ ولم يزلْ مُتكفِّلاً / بهزيمة الرِّعديدِ بأْسُ الباسلِ
أَمطوِّقَ الأَعناقِ من إفضاله / نِعَماً تسامتْ عن سؤالِ السائلِ
ماذا أَقولُ ولا يقومُ بشكرِ ما / توليهِ من نُعمى لسانُ القائلِ
أو هل بلوغ مقاصدي بقصائدي / أَم هل قبول وسائلي برسائلي
أَم ق كفى سبباً إلى دركِ المُنى / صدقُ الولاء وحُسنُ ظنِّ الآمل
الفخرُ كُلُّ الفخرِ لي نظمي لكم / مِدَحاً تَزِينُ مشاهدي ومحافلي
لكن يقولُ الحاسدونَ لمَ انثنى / غِرِّيدُ مدحِهمُ بجيدٍ عاطل
وإذا حظيتُ من الإمامِ برتبةٍ / فيها الفخارُ على جميعِ النّاس لي
لا زلتَ غيثَ مواهبٍ وبقيتَ غَوْ / ثَ ممالكٍ وسلمتَ كَهْفَ أَراملِ
يا باخلاً عندَ الوَداعِ بوقفةٍ
يا باخلاً عندَ الوَداعِ بوقفةٍ / لو سامني روحي بها لم أَبخلِ
ما كانَ ضرَّكَ لو وقفتَ لسائلٍ / تركَ الفؤادَ بدائهِ في المنزلِ
هلاّ وقفتَ لقلبِ مَن أَحرْتَهُ / مقدارَ إطفاءِ الحريقِ المُشْعَلِ
إنْ أَسْرِ مُرتحلاً ففي أَسْرِ الهوى / قلبي لديكَ مُقيَّداً لم يرحلِ
عَذُبَ العذابُ لدى فؤاِ المبتلى / إذ كنتَ أَنتَ معذِّبي والمبتلي
والقدسُ أَعضلَ داؤه مِن قبلكم
والقدسُ أَعضلَ داؤه مِن قبلكم / فوفيتمُ بشفاءِ ذاكَ المعضلِ
درجَ الملوكُ على تَمنِّي فتحهِ / زمناً وغلتهمْ بهِ لم تبللِ
وأَتى زمانكمُ فأَمكن آخراً / ما قد تعذَّرَ في الزَّمانِ الأَولِ
ما كان قطُّ ولا يكونُ كفتحكمْ / للقدسِ في الماضي ولا المستقبلِ
أَوجدتمُ منه الذي عَدِمَ الورى / وفعلتُم في الفتحِ ما لم يفعلِ
أَيدي الملوكِ تقاصرتْ عن مفخرٍ / طلتمْ به فبلوا لبعضِ الأَنملِ
أحييتُم فرعَ الكرامِ ولم يزلْ / نصرُ المحقِّ بكم وقهرُ المبطلِ
باللّهِ يا ريحَ الشّمالِ تحمّلي
باللّهِ يا ريحَ الشّمالِ تحمّلي / منّي التحية نحوَ ذاكَ المنزلِ
خُفِّي على حملِ السّلامِ وخَفِّفي / عن قلب صبٍ بالصّبابةِ مثقلِ
قولي لمن شغلَ الفؤاد بحبِّه / ويحاكَ إنَّ فؤادَهُ منه خلي
حلَّتْ عقودُ موعهِ وعقودُهُ / وعهودُهُ معقودةٌ لم تحللِ
سقياً لأَحبابٍ تبدَّلَ وُدُّهم / بعدي ولم أَنقضْ ولم أَتبدَّلِ
الظّاعنينَ وودُّهم مستوطنٌ / والرَّاحلينَ وذكرُهم لم يرحلِ
لي بعدهم حالُ المعنَّى المُبتلى / حُزناً وعينُ السَّاهرِ المتململِ
يا راكباً يطوي الفلا مستعجلاً / هَيّجتَ أَحزاني فلا تستعجلِ
أَقفلت بابَ مسرَّتي وفتحتَ من / دمعي وحُزني كلَّ بابٍ مقفلِ
عَرجْ وعُجْ نحوَ الحمى سُقي الحمى / أَعدلْ فليس عن الحمى مِن معدلِ
قلبي العليل فكيفَ سُ
قلبي العليل فكيفَ سُ / وِّغَ وصفُ طرفكَ بالعليلِ
وأَنا المحبُّ المستها / مُ فما لخصرِكَ والنُّحولِ
سلبتْ شمائلُكَ العقو / لَ فما يرادُ من الشَّمولِ
وسلافُ ثغرِكَ ليس يش / في غيرُ رشفتها غليلي
ولقد ظمئتُ فهل سبي / لٌ نحوَ ذاكَ السّلسبيلِ
سلْ سيفَ ناظرِه لماذا سلَّهُ
سلْ سيفَ ناظرِه لماذا سلَّهُ / وعلى دمي لمَ دَلَّهُ قدٌ لهُ
واستفتِ كيف أَباحَ في شرعِ الهوى / دمَ مَنْ يَهيمُ به وفيمَ أَحلّهُ
سلْ عَطفَه فعسى لطافةُ عطْفهِ / تُعدي قساوةَ قلبه ولعلَّهُ
كَثُرَتْ لقسوةِ قلبه جَفَواتهُ / يا ما أَرقَّ وفاءَه وأَقلَّهُ
يا منجداً ناديتهُ مُستنجداً / في خَلّتي والمرءُ يُنجدُ خِلَّهُ
سِرْ حاملاً سِرّي فأَنت لحملهِ / أَهلٌ وخفَّف عن فؤادي ثِقلَهُ
وإذا وصلتَ فَغضَّ عن وادي الغضا / طَرْفَ المريبِ وحَيِّ عنّي أَهلَهُ
أَهْدِ السَّلام هديتَ للرَّشأ الذي / أَعطاه قلبي رُشدَه فأَضَلّهُ