القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 2
لاَ الدَّمعُ غاضَ ولاَ فُؤادُكَ سَالي
لاَ الدَّمعُ غاضَ ولاَ فُؤادُكَ سَالي / دَخَلَ الْحِمَامُ عَرِينةَ الرِّنْبالِ
وَأَصابَ في المَيْدانِ فارسَ أُمَّةٍ / رَفَع الكِنَانةَ بَعْدَ طُولِ نِضَالِ
رَشَقَتْه أحْداثُ الْخطوبِ فأقْصَدَتْ / حَرْبُ الخُطُوبِ الدُّهْمِ غيرُ سِجَالِ
لِلْمَوْتِ أَسْلِحَةٌ يَطِيحُ أَمَامَها / حَوْلُ الْجرِيءِ وَحِيلَةُ المُحْتَالِ
ما كَانَ سَعْدٌ آية في جِيلِه / سَعْدُ المُخلَّدِ آيةُ الأَجْيَالِ
تَفْنَى أَحادِيثُ الرِّجالِ وَذِكْرُهُ / سَيظَلُّ في الدُّنْيا حَدِيثَ رِجَالِ
سَارٍ كمِصْبَاحِ السَّماءِ يَحُثُّه / كرُّ الضُّحَى وتَعاقُبُ الآصال
أرأيْتَ مصرَ تهُبُّ لاِسْتقلالِها / والسَّيْفُ يَلْمَعُ فوقَ كلِّ قَذَالِ
والذُّعرُ يعصفُ بالقُلوب كَمَا جَرتْ / هُوجُ الرِّياحِ على كَثِيبِ رِمال
والأرضُ تَرْجُفُ والسَّماءُ مَرِيضَةٌ / والنَفْسُ حَيْرَى والهُمُومُ تَوَالى
والناسُ في صَمْتِ المَنُونِ كأنّهُمْ / صُوَرٌ كَسَاها الحْزنُ ثَوْبَ خَبَال
إن حَدَّثوكَ فَبِالْعُيون لِيَتَّقوا / رَصَدَ العيون وشِرَّةَ المُعْتال
والموتُ يَخْطرُ في الْجُمُوعِ وحَوْلَه / أَجْنادُه من أَنْصُلٍ وَعَوالي
ريّانَ من مُهَجِ الشَّبابِ كأنَّما / مُهَجُ الشَّبابِ سُلافَةُ الْجِرْيَالِ
وجَنَانُ مِصْرَ عَلَى جَنَاحَيْ طَائرٍ / مِمَّا أَلَحَّ عليه مِنْ أَهْوال
ترْنُو إِلى أبنائِها بنَواظرٍ / غَرِقَتْ بماءِ شُؤُونِها الهَطّالِ
وإذَا بصَوْتٍ هزَّ مصرَ زئيرهُ / غضَبُ اللُّيوثِ حمايةُ الأشْبالِ
صوْتٌ كصُورِ الحشْرِ جَمَّع أمّةً / منحلَّةَ الأطرافِ والأوْصالِ
فتطَلَّعتْ عَيْنٌ وأصْغَت بعدَها / أُذنٌ وهمَّت أَلْسُنٌ بسؤال
مَنْ ذلك الشَّعشَاعُ طال كأنَّه / صدرُ القَناةِ وعامِلُ العَسّالِ
مَنْ ذلك النَّمِرُ الوَثُوبُ وذلك ال / أَسَدُ المُزَمْجِرُ ذُو النِّداءِ العالي
ومَنْ الذي اخْتَرقَ الصُّفوفَ كأنَّه / قَدَرُ الإلهِ يسيرُ غيرَ مُبالي
سعْدٌ وحسبُكَ منْ ثَلاثة أحْرفٍ / ما في الْبَرِيّةِ من نُهىً وكمالِ
كتَبَ الكتائبَ حَوْلَ مصرَ سِلاحُها / صبْرُ الكريمِ وهمَّةُ الفَعّالِ
ومنَ السُّيوفِ إِرادةٌ مَصْقولةٌ / طُبِعَتْ ليوْمِ كريهةٍ ونِزالِ
ومِنَ السَّوابِغ حِكْمةٌ سَعْديَّةٌ / تُزْرِي بوَقْعِ أسِنَّةٍ ونِبَالِ
ومِن الْحصونِ فؤادُ كلِّ مُصابَرٍ / جَهْمِ العَزيمةِ ضاحكِ الآمال
فَمضَى إلى النَّصرِ المُبينِ مُؤزَّراً / والشَّعبُ يَهتفُ باسْمِه ويُغَالي
وَهَدَى الشَّبَابَ إلَى الْحَياةِ فأَدْرَكُوا / مَعْنَى الْحيَاةِ وَعِزَّ الاسْتِقْلالِ
وَجَرَى يُغَبِّرُ لاَ الْعَسِيرُ بِخاذِلٍ / أمَلاً ولا نَيْلُ السُّها بِمُحالِ
فكَأَنَّه سَيْفُ الْمُهَيْمِن خَالِدٌ / وكَأَنَّ دَعْوتَهُ أذَانُ بِلاَلِ
مَا رَاعَهُ نَفْيٌ وَلاَ لَعِبَتْ به / في حُبِّ مِصْرَ زَعَازِعُ الأَوْجَال
وَيَرى الْحُتوفَ وَقَدْ مَلأْنَ طَرِيقَه / نَارَ الْحُبَاحِبِ أَوْ وَمِيضَ الآل
يَزْدَادُ في عَصْفِ الشَّدَائِدِ قُوَّةً / وَيَجُولُ حِينَ يَضيِقُ كُلُّ مَجالِ
كَالشُّعْلَةِ الْحَمْراءِ لَوْ نَكَّسْتَها / لأَضَفْتَ إِشْعَالاً إِلَى إِشْعَالِ
وَالسَّيْلُ إنْ أَحْكَمْتَ سَدَّ طَريقِه / دَكَّ الْحُصُونَ فَعُدْنَ كَالأَطْلالِ
وَالصَّارِمُ الفَصَّالُ لَمْ يَكُ حَدُّه / لَولاَ اللَّهِيبُ بِصَارِمٍ فَصَّال
خَصْمٌ شَرِيفٌ نَالَ مِنْ خُصَمَائِهِ / مَا نَالَ مِنْ إِجْلالِ كُلِّ مُوَاليِ
عَرفُوهُ وَضَّاحَ السَّرِيرَةِ طَاهِراً / شَرُّ الْبَلاَءِ خُصُومَةُ الأنْذَالِ
إنَّ الشَّجَاعَةَ أنْ تُنَاضِلَ مُصْحِراً / لاَ أن تَدِبَّ كَفَاتِكِ الأَصْلاَلِ
إنْ قَامَ يَخْطُبُ قُلْتَ حَيْدَرَةُ انْبَرَى / لِلْقَوْل في سَمْتٍ وَصِدْقِ مَقَالِ
إِعْجَازُ عَارِضَةٍ وَنُورُ بَديِهةٍ / وَبَدِيعُ تَنْسِيقٍ وَحُسْنُ صِقَالِ
يَخْتَارُ مِنْ آيِ الْكَلامِ جَوَاهراً / دُرَرُ الْبَلاغَةِ كاسْمِهِنَّ غَوَالي
مَا عَقَّهُ حُرُّ الْبَيانِ وَلاَ جَزَتْ / أُمُّ اللُّغاتِ وَفَاءَهُ بِمطَالِ
وَالسَّامِعُونَ كأنَّما لَعِبَتْ بِهِمْ / صَهْبَاءُ قَدْ نُفِحَتْ بِرِيحِ شَمَال
فَإِذَا أُثِيرَ رَأَيْتَ بُرْكَاناً رَمَى / حُمَمَاً وَدَكَّ الأرضَ بالزِلْزَال
مُتَنَمِّراً كالَلَّيْث دِيسَ عَرِينُه / مُتَوثِّباً يَدْعُو الرِّجَالَ نَزَالِ
كَلِمٌ إذَا حَدَرَ اللِّثَامَ رَأَيْتَهَا / حَالَتْ إِلَى مَسْنُونَةٍ وَنِصَالِ
لاَ تَذْكُرُوا نَارَ الصَّوَاعِقِ عِنْدَهَا / نَارُ الصَّوَاعِقِ عِنْدَهَا كذُبَالِ
نَفْسٌ كَأَنْفاسِ الْمَلاَئِكِ طُهِّرَتْ / وَشمَائلٌ أَحْلَى من السَّلْسَالِ
وَتَوَاضُعُ النُّسَّاكِ فِيهِ يَزِينهُ / شَمَمُ الْمُلوكِ وَعِزَّةُ الأَقْيَال
وَخَلائِقٌ كالَزَّهْرِ سَارَ عَبِيرُهُ / مَا بَيْنَ أَمْوَاهٍ وَبَيْنَ ظِلالِ
وَعَزِيمةٌ جَبَّارَةٌ لَوْ حُمِّلَتْ / أُحُداً لَمَا شَعَرَتْ له بِكَلاَل
وَشَجَاعَةٌ فِي اللّه يَكْلؤُها الحِجَا / وَالْحَزْمُ فِي الإِدْبَارِ وَالإِقْبَال
وَعَقِيْدَةٌ لَوْ هُزَّتِ الأَجْبَالُ مِنْ / ذُعْرٍ لَمَا اهْتَزتْ مَعَ الأَجْبَال
دَارُ النِّيَابَةِ عُوجِلَتْ فِي مِدْرَهٍ / كَانَ الزَّمَانُ بِهِ منَ البُخّالِ
ضُرِبَتْ بِهِ الأَمْثَالُ لَمَّا أَنْ غَدَا / فِي دَهْرِهِ فَرْداً بِلاَ أَمْثَال
قَدْ كَانَ فَيْصَلَهَا إذَا عَجَّتْ بِهَا / لُجَجُ الْخِلاَفِ وَلَجَّ كُلُّ جِدَالِ
يَزِنُ الْكَلاَمَ كَمَا يُوَازِنُ صُيْرَفٌ / في النَّقْدِ مِثقْالاً إِلَى مِثْقَال
وإِذَا الْحَقيقَةُ أظْلَمَتْ أَسْدَالُهَا / صَدَعَ الدُّجَى فبَدَتْ بِلاَ أَسْدَال
جَمَعَ الْقُلُوبَ عَلَى الْوفَاقِ وصَانَه / مِنْ وَهْنِ رِعْدِيدٍ وَطَيْشِ مُغَالي
لم يَنْتَقِلْ حَتَّى تَفَجَّر نَبْعُهُ / وشَفَى النُّفُوسَ نَميرُهُ بِزُلاَل
عَقَدَ الإِلَهُ عُرَاهُ جَلَّ جَلاَلُهُ / أَتَرَى لِعَقْدِ اللّهِ مِنْ حَلاَّلِ
لَهْفِي عَلَيْهِ وَهْوَ رَهْنُ فِراشِهِ / مُتَفَزِّزاً مِنْ دائِه القَتَّال
لَهْفِي عَلَى لَيْثِ الكِنَانَةِ أُغْمِدَتْ / أَظْفَارُهُ مِنْ بَعْدِ طُولِ صِيَال
قَنَصَتْ بَنَاتُ الدَّهْرِ واحِدَ دَهْرِهِ / ورَمَتْهُ مِنْ أَدْوائِها بعُضَال
يَرْنُو إِلَيْهِ الْعَائِدُونَ بِأَعْيُنٍ / غُزْرِ الدُّمُوعِ كَثِيرةِ التَّسآل
مُتَقَدِّمِينَ تَسُوقُهُمْ لُمَعُ المُنَى / مُتَراجِعِينَ مَخَافَةَ الإِعْوَال
والْمَوْتُ يَسْخرُ بالْحَياةِ وطِبِّها / جُهْدُ الْحياةِ نِهايَةُ الآجَالِ
والشَّعْبُ يَسْأَلُ كَيْفَ سَعْدٌ مالَه / والنَّاسُ في ذُعْرٍ وفي بَلْبَالِ
يَفِدُون لِلْبَيْتِ الْكَرِيمِ كَأَنَّهُمْ / زُمَرُ الْحجيجِ تَسِيرُ في أَرْسَال
يَفْدُون بالنَّفْسِ الرَّئيسَ وإنَّما / نَفْسُ الرَّئيسِ بقَبْضَةِ المُتَعالي
عَرَفُوا الْجمِيلَ ولا تَزَالُ بَقِيَّةٌ / في النَّاسِ لْلإِحسَانِ والإِجْمَال
مَن يَشْتَرِي حُسْنَ الثَّناءِ فإنّما / بِفعالِهِ يَشْرِيهِ لا بِالْمَالِ
يَأَيُّها النَّاعِي حَنَانَكَ إنّما / هِيَ أُمَّةٌ أَضْحَتْ بِغَيْرِ ثِمَال
ماذا تَقُول وللرَّزيئَةِ رَوْعَةٌ / تُغْنِي بَلاَغَتُها عن الأَقْوَال
مَنْ كَان يَرْثِي أُمَّةً في وَاحِدٍ / تَكْفِيهِ بارِقةٌ مِن الإِجْمَال
وإِذا الْبَيانُ أَبَى عليهِ فَرِيدُهُ / فالدَّمْعُ فِيه فَرائِدٌ ولآليِ
سَارَتْ مَطيَّةُ نَعْشِهِ عُجْباً به / تَخْتَالُ بين الوَخْدِ والإِرْقَالِ
فِيها كَتَابُوتِ الْكَليمِ سَكينةٌ / وَبَقيَّةٌ مِنْ هَيْبَةٍ وَجَلالِ
لا تَحْمِلوه عَلَى المَدَافِعِ إِنّما / فَخْرُ الزَّعيم قِيادَةُ الأَعْزَالِ
أَجْدِرْ بِمَنْ حَمَلُوه فِي غَزَواتِهِ / أَنْ يَحْمِلُوهُ عَشِيَّةَ التَّرْحَال
سِيرُوا عَلَى سَنَنِ الزَّعيمِ فَإِنَّهُ / سَنَنُ الُهدَى وَجَلائِل الأَعْمَال
قَدْ خَطَّ مِنْ أَخْلاَقِهِ وجِهَادِهِ / للِفْتيَةِ السَّارينَ خَيْرَ مِثَالِ
إِنْ كَانَ لَمْ يَنْجُلْ فإِنَّ لَهُ بِكُمْ / عَدَدَ النُّجُومِ الزُّهْرِ مِنْ أَنْجَال
لا تَيْأَسُوا فَلَكَمْ أُبِيدَتْ قَبْلكُمْ / أُمَمٌ بِيَأسٍ قَاتِلٍ وَمَلاَل
إِنَّ الشُّعُوبَ تُصَابُ في أَبْطَالِها / وحَياتُها في سِيرَةِ الأبْطَالِ
هِيَ قُدْوَةٌ للعامِلِينَ وَأُسْوَةُ الْمُسْتَبْسِلِينَ / وَقِصَّةُ الأَطْفال
سَعْدٌ حَيَاةٌ في المَمَاتِ وَقَبْرُهُ / مَهْدُ الْجِهاد ومَجْدُ الاِسْتِقْبَال
أَحْرَى بمَنْ وَهَبَ الْحَياةَ لِقَوْمِهِ / أَلاَّ تُمَسَّ حَياتُهُ بزَوَال
مجدٌ على الأمواجِ يُشْرِفُ عالي
مجدٌ على الأمواجِ يُشْرِفُ عالي / هذا جهادُكِ مصرُ في تمثالِ
هذا ابنُ إبراهيمَ واهبُ قومهِ / نِعَمَ الحياةِ وباعثُ الآمال
هذا الذي جَلّتْ عظائمُ سَعْيهِ / عن أنْ تُصوِّرَها بَنانُ خَيال
هذا المليكُ العبقريُّ عَنَتْ له / أُمَمُ ودانتْ صَوْلَةُ الأبطال
هذا أبو الأشبالِ سَلْ عنه العُلا / تُنْبِئكَ حقاً مَنْ أبو الأشبال
هذا أبو التاريخِ من أضحَى اسمُه / أُنْشودَةَ الأجيال للأجيال
هذا الذي يَبْنِي فيُنْشِىءُ دَوْلَةً / أبقَى على الدنيا من الأجبال
هذا أبو الذهبِ الذي غَمَرَ المُنَى / بعوارفِ الإحسانِ الأفضال
هذا الهُمامُ وهذه أعمالُه / أرأيتَ كيفَ جلائلُ الأعمال
هذا الذي فاروقُ مِصْرَ حَفيدُه / زينُ الشبابِ وسيدُ الأقْيال

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025