أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ
أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ / أم عندكم لمشيبه تأويلُ
نُورٌ من الشعَراتِ ليتَ افولَه / فيها طلوعٌ والطلوعَ أفولُ
ما كان يشفع لى فجدَّد هِجرةً / فِقدانُهُ لكنّه تعليلُ
يا ليته جَنَبَ الغرامَ وراءه / فيقالَ لا غِرٌّ ولا معذولُ
ها تلك أشجانى كما خلَّفتها / لعبَ الزمانُ بها وليس تحولُ
يقتادُنى البرقُ اليمانِ كأنه / من عند إيماضِ الثغور رسولُ
وكأَنَّ قلبي والمهامهُ بيننا / جىٌّ على وادى العِضاهِ حُلولُ
تُفتِى براقِعُهم وما استفتيتُها / أنّ اللِّحاظَ إذا اختُلسنَ غُلولُ
اُنظر خليلى من قَرَارٍ هل ترى / قَطَنا فطَرفُ العامرىِّ كليلُ
وحلفتُ ما بَصِرى بأصدقَ منكما / نظرا ولكنَّ الغرامَ دليلُ
قالوا الديارُ وقد وقفت فزدانى / بثًّا رسومٌ رثَّةٌ وطلولُ
ونَشِقتُ خفّاقَ النسيم فما شفا / دائى وهل يشفِى العليلَ عليلُ
وكَرعتُ سَلسالَ الغدير وليس ما / بُلّ الشفاهُ به يُبَلُّ غليلُ
يا ضالة الوادى أَحُثّ مطيَّتى / أم عند ظبِيِك في الكناسِ مَقيلُ
عيناه أسلمُ لي ويُعجِبُ ناظرى / مُقَلُ كأن لحاظَهنُّ نُصولُ
مُقَلٌ لغِزلانِ الحِجازِ وسِحرُها / من بابلٍ مستجلَبٌ منقولُ
ولقد طرقتُ البيتَ يُكره ربُّه / والشوقُ ليس يَعيبه التطفيلُ
أيظُنُّ من عَقَر النجائبَ قومُه / أ الدماءَ جميعَها مطلولُ
من دون سفكِ مدامعى ما شئت من / حِلْم ودون دمىِ تغولك غولُ
وأنا امرؤٌ لو مُدَّ من غُلوَائه / نطقى لقيل كلامُه تنزيلُ
لا يطمع العظماءُ في مدحى ولا / طمَعى على أبوابهم معقولُ
ولو استطعتُ لما اغتبقتُ بشَربةٍ / مما يَمُدُّ فُراتُهم والنيلُ
وإذا تأملتُ الرجالَ تفاوتت / قِيَما وميَّز بينها التحصيلُ
بعضٌ همُ غُرر الجيادِ وبعضُهم / بين السنابك والصِّفاقِ حُجولُ
مِثل الِّحُلى دمالجٌ وخلاخلٌ / منه ومنه التاجُ والإكليلُ
لولاهُمُ غرَبتْ شموسُ محاسنٍ / وهوَى ببدر المكرمَات أُفُولُ
تبًّا لهذا الدهر لا مِيزانُه / قِسْطٌ ولا في قَسمه تعديلُ
جَوْرٌ يساوى عالما متعالمٌ / فيه ويُشبِهُ فاضلا مفضولُ
لا درَّ دَرُّ المرء يقطعُ دهرَه / رِخوَ الإزارِ وعزمُه مفلولُ
الَبيدُ تزرعُها المناسمُ وهي لا / تدرى أعرضُ شَوطُها أم طولُ
واليَعْمَلاتُ سياطُها وحذاؤها / نسبٌ نماه شَدقُم وجديلُ
فإذا كمالُ الملكِ سَحّ سحابُهُ / نبتَ الرجاءُ وأثمر المأمولُ
سبقت مواهبُه المديحَ فظنَّ مَن / عجِلتْ إليه أنها بِرطيلُ
عجِلٌ إلى المعروف يَحسبَ أنه / ظلٌّ إذا لم يغتنمه يزول
كثُر الكلامُ به وفي أمثالهم / من قبله أ الكرام قليلُ
وإذا جرى في غايةٍ شهِدت له / أن لا مخلِّقَ في مَداه رسيلُ
ضلَّتْ ركائبُ من يؤمُّ طريقَه / إنّ العلاءَ سبيلهُ مجهولُ
يتوارث المجدَ التليدَ بمعشر / أدنَتْ فروعَهمُ إليه أُصولُ
جازوا على عَنَت الحسودِ فلم يجد / عيبا وماذا في النجوم يقولُ
لهمُ إذا كرمُ الطباعِ هززْتَهُ / نصلٌ وأنت الرونقُ المحلولُ
وإذا انتهى نسبٌ إليك فإنه / فَلَقُ الصباح مع الضُّحى موصولُ
ولقد شددتَ وَثَاقَ كلِّ مُلَّمةٍ / يُلوَى عليها مُبَرمٌ وسحيلُ
وحمَيت أوطانَ الأمور وإنما / كانت غماما بالدماء تسيلُ
وإذا التقت حِلَقُ البِطان فإنما / يكفيك ثَمَّ رسالةٌ ورسولُ
بدلا من القُب العِتاق ضوامرٌ / رُقشُ المتونِ صريرُهن صهيلُ
يَنبُتنَ مثل الروض إلا أنّه / ترعاه أسماعٌ لنا وعقولُ
ومن الصِّفاح البِيض كل صحيفةٍ / لنزاعها بالراحتين صليلُ
سحَبت لكَ الأيامُ ردائها / مَرَحا يدوم بقاؤه ويطولُ
وتتابعت حِججٌ يؤرِّخ عصرَها / عُمرٌ به خُلدُ الزمان كفيلُ
ينتابك النوروز يجنُب إِثَرهُ / أعوامَ سعدٍ كلُّهن صقيلُ
هو خطةٌ همَّ المُصيفُ بقصدها / شوقا ونادى بالشتاء رحيلُ
أخذ الربيعُ زمامه حتى استوى / في عارضيه نبتُه المطلولُ
بك أشرقت إيّامه فكأننا / في عصِر كِسرَى يَزْدَجِرْدَ نُزولُ