المجموع : 4
عَجَباً لِغَيِّ الحُبِّ لاح سَبِيلُهُ
عَجَباً لِغَيِّ الحُبِّ لاح سَبِيلُهُ / ولِرُشْدِ حِلْمِكَ كَيْفَ ضَلَّ دَليلُهُ
ولِعَيْشِ صَبٍّ لا يَرِقُّ حَبِيبُهُ / مِمَّا شَجَاهُ ولا يُفيقُ عَذُولُهُ
ولِقَاتِلٍ بِالهَجْرِ غَيْرِ مُقَاتِلٍ / يَفْدِيهِ مِنْ مَضَضِ العِتَابِ قَتِيلُهُ
إِنْ خَطَّ فِي جَوِّ السَّماءِ مِثَالَهُ / بَدْراً فَبَيْنَ جَوَانِحِي تَمْثِيلُهُ
أَوْ شَرَّدَ التَّسْهِيدَ طَيْفُ خَيالِهِ / عَنْ ناظِرَيَّ فَفِيهِمَا تَخْيِيلُهُ
وَلَهَانَ فِيهِ مَا فَقَدْتُ مِنَ الْكَرى / لَوْ كَانَ من نَظَرِي إِلَيْهِ بَديلُهُ
أَوْ كَانَ حُكْمُ هَوَاهُ لا تَحْرِيمُهُ / وَصْلِي عَلَيْهِ وَلا دَمِي تَحْلِيلُهُ
غُصْنٌ يَمِيسُ بِهِ الصِّبَا فَيُقِيمُهُ / طَوْراً وتُوهِمُهُ الصَّبا فَتُمِيلُهُ
فَكَأَنَّهُ فِي لَمْحِ طَرْفِيَ عائِرٌ / وتَقيه تَفْدِيَتِي لَهُ فَتُقِيلُهُ
وتَكادُ أَنْفاسِي تُزَايِلُ مَتْنَهُ / لَوْلا كثيبٌ منهُ لَيْسَ يُزِيلُهُ
فكأَنَّما يُشْتَقُّ من حَرَكَاتِهِ / نَغَمُ الغِناءِ خفيفُهُ وثقيلُهُ
لَوْ أَنَّهُ يُشْتَقُّ مِنْ أَعْطَافِهِ / عَطْفٌ يُعَلِّلُ لَوْعَتي تَعْلِيلُهُ
وعَلِيلُ لَحْظِ الطَّرْفِ أَعدى طَرْفُهُ / قَلْبي بداءٍ لا يُفيقُ عليلُهُ
سَلَبَ المَلاحَةَ فِي الظِّباءِ وَفِي المَهَا / حَتَّى اسْتَبَدَّ بجِزْئِها تكميلُهُ
أَنَفاً لِمَنْ سَكَنَ التَّرَائِبَ أَنْ يُرى / يَطَأُ التُّرابَ شَبِيهُهُ ومَثيلُهُ
ولقد حَفِظْتُ لَهُ أَمانَةَ لاعِجٍ / بالشَّوْقِ يَغْلي فِي الفؤادِ غليلُهُ
وضَرَبْتُ من دَمْعِي عَلَى خَدِّي لَهُ / غُرْماً غرامِي بالقَضَاءِ كَفِيلُهُ
فَلَئِنْ صَبَوْتُ فَلسْتُ أَوَّلَ عاشِقٍ / تَبعَ الهَوى فَهَوى بِهِ تضليلُهُ
ولئِنْ صبرْتُ فلَسْتُ بِدعَ مُفَارِقٍ / غَالَتْ حَبِيبَ النَّفْسِ عَنْهُ غُولُهُ
ولئِنْ سَلَوْتُ فَأَيُّ أُسْوَةِ واعِظٍ / أَلْهاهُ عن قَمَرِ السَّمَاءِ أُفُولُهُ
فَسَما إِلَى الْمَلأِ الأَجَلِّ بِهِجْرَةٍ / وَافى بِهَا الرَّحْمنُ وَهْوَ خَلِيلُهُ
وهُناكَ يَا مَنْصُورُ هِمْتَ بِهِمَّةٍ / فِيهَا سُلُوُّ المُسْتَهامِ وَسُولُهُ
طَلَباً لِحَظٍّ لا يَذِلُّ عَزِيزُهُ / من حَظِّ غَيٍّ لا يَعِزُّ ذَلِيلُهُ
فَهَدى وَأَهْدَانِي إِلَيْكَ مُبَرِّزاً / شَهِدَتْ لَهُ فِي السَّابِقَاتِ عُدُولُهُ
وَجَلا عَلَيْكَ بِهِ الجَلاءُ مُهَنَّداً / صَدَقَتْكَ عَنْ قَرْعِ الحُرُوبِ فُلُولُهُ
وعَفَتْ مَحاسِنه العِدى فكأَنَّها / فِي مَعْهَدِ الْوَطَنِ الفَقيدِ طُلُولُهُ
إِنْ يُصْدِهِ رَهَجُ الوغى فَشُعاعُهُ / بالعِلْمِ لَمَّاعُ الجِلاءِ صَقِيلُهُ
أَوْ تُخْلِقِ البَلْوَى حَمائِلَ حَلْيِهِ / فَعَلَى التَّجَمُّلِ والمُنى تَجْمِيلُهُ
أَو تَقْطَعِ الأَيَّامُ عَهْدَ ذِمامِهِ / فالصَّبْرُ واصِلُ حبلِهِ مَوْصُولُهُ
فأَتاكَ يَا مَنْصُورُ فاقِدَ غِمْدِهِ / بِرَجَاءِ مَجْرُورٍ إِلَيْكَ ذُيُولُهُ
رَسْفَ المُقَيَّدِ فِي أَضاليلِ الدُّجى / والقَفْرُ والبَحرُ المُحِيطُ كُبُولُهُ
كُرَباً كَمَوْجِ البَحْرِ لا إِهْلالُهُ / إِلّا إِلَيْكَ بِهَا وَلا تَهْلِيلُهُ
فَلْيَهْنِ ذَا أَمَلٍ إِلَيْكَ مآلُهُ / وجَلاءَ مُرْتَحِلٍ إِلَيْكَ رَحِيلُهُ
وظلامَ لَيْلٍ فِي جَبِينِكَ صُبْحُهُ / وهَجيرَ قَيْظٍ فِي ذَرَاكَ مَقِيلُهُ
ولْيَهْنِنَا وَلْيَهْنِكَ العيدُ الَّذِي / بِسَنَاكَ أَشْرَقَ صُبْحُهُ وأَصِيلُهُ
عِيدٌ إِلَيْكَ سَلامُهُ وقِوامُهُ / ونظامُهُ وزِحامُهُ وحُفُولُهُ
وعلى الإِلهِ مَعَادُهُ وعَتادُهُ / وإِيابُهُ وثوابُهُ وقَبُولُهُ
ولْيَهْنِ كُلَّ مليكِ شِرْكٍ عِيدُهُ / يَوْمٌ إِلَيْكَ بُلُوغُهُ وَوُصُولُهُ
ضَلَّتْ بِهِ سُبُلُ الشَّرائِعِ واهْتَدَتْ / بشَرِيعَةِ الزُّلفى إِلَيْكَ سَبِيلُهُ
نَاشٍ عَلَى دِينِ السُّجُودِ وَمَا دَرى / قَبْلَ السُّجودِ إِلَيْكَ مَا تأْوِيلُهُ
أَنْسَاهُ قَدْرُكَ مَا أَضَلَّ صَلِيبُهُ / وأَراهُ سَيْفُكَ مَا حَوى إِنْجِيلُهُ
فأَجَازَ مَحْياهُ إِلَيْكَ نِزَاعُهُ / وأَغَرَّهُ بِكَ فِي الوَرى تَذْلِيلُهُ
ولَئِنْ حَمى عَنْكَ ابْنُ مِيرُ مَحَلَّةً / فِي شامِخٍ أَعْيا النُّجُومَ حُلُولُهُ
ونَماه مُلْكٌ لا يُضَعْضَعُ تاجُهُ / ووَقاهُ عِزٌّ لا يُخافُ خُمُولُهُ
فلقَد دَعَاكَ إِلَى رِضاكَ وَدُونَهُ / غَوْلُ الضَّلالِ حُزُونُهُ وسُهُولُهُ
أَصْبى إِلَيْكَ من الصَّبا وأَحنُّ مِنْ / أُفْقٍ وَنَتْ عَنْهُ إِلَيْكَ قَبُولُهُ
وأَجَلَّ قَدْرَكَ عن سِواهُ وقَدْرَ مَا / أَخْفى إِلَيْكَ نَجِيُّهُ ودَخِيلُهُ
عَنْ صِدْقِ غَيْبٍ بالكِتَابِ يَبُثُّهُ / أَوْ بَرْحِ شَوْقٍ بالرَّسُولِ يَقُولُهُ
فَهَوى وصَفْحَتُهُ إِلَيْكَ كِتابُهُ / وهَفا ومُهْجَتُهُ إِلَيْكَ رَسُولُهُ
عَجِلاً إِلَى أَمَلٍ دَنَا تَعْجِيلُهُ / وَجِلاً بِهِ أَجَلٌ نَأَى تَأْجِيلُهُ
للهِ مَا رَحَلَتْ إِلَيْكَ رِحَالُهُ / طَوْعاً وَمَا حَمَلتْ إِلَيْكَ حُمُولُهُ
غازٍ وناصِرُهُ عَلَيْكَ خُضُوعُهُ / سارٍ وَطَاعَتُهُ إِلَيْكَ دَلِيلُهُ
نَشَرَ اللِّواءَ زَمَاعُهُ وَنِزاعُهُ / فَطَوى المَهَامِهَ نَصُّهُ وذَمِيلُهُ
ولقد خَلَعْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ / بُرْداً تَفِيضُ عَلَى الفَضَاءِ فُضُولُهُ
لَجباً من الحَلَقِ المُضَاعَفِ نَسْجُهُ / أَشِباً من الأَسَلِ المُثَقَّفِ غِيلُهُ
شَرِقاً بِهِ لَوْحُ الْهَوَاءِ وَجَوُّهُ / غَرِقاً به عَرْضُ البِلادِ وطُولُهُ
مُسْتَقْبِلاً بِجُنُودِهِ وبُنُودِهِ / مَلِكاً يُهِلُّ إِلَيْكَ حِينَ تهُولُهُ
ولَشَدَّما مَاجَتْ بِهِ أَمْواجُهُ / حَتَّى أَسالَتْهُ إِلَيْكَ سُيُولُهُ
بصَوَارِمٍ فِي طَيِّهِنَّ تِرَاتُهُ / وذَوابِلٍ فِي لَمْعِهِنَّ ذُحُولُهُ
غابٌ تُساوِدُ ناظِرَيْهِ أُسُودُهُ / مِنْ بَعْدِ مَا اخْتَالَتْ عَلَيْهِ خُيُولُهُ
فَمشى إِلَيْكَ بِهِ الزِّحَامُ كَأَنَّهُ / عَانٍ يُقَصِّرُ خَطْوَهُ تَكْبِيلُهُ
مَبْهُورُ أَنْفَاسِ الحَياةِ كَظِيمُها / وغَضِيضُ لَحْظِ النَّاظِرِينَ كَلِيلُهُ
حَتَّى تَنَفَّسَ رُوحُهُ فِي رَاحَةٍ / عَلْياءَ مَقْبُولاً بِهَا تَقْبِيلُهُ
وَرَفَعْتَ ناظِرَهُ بِنَظْرَةِ باسِطٍ / لِلأَمْنِ مَبْلُوغاً بِهَا تَأْمِيلُهُ
فَأَرَيْتَهُ كيْفَ ارتِجَاعُ حَياتِهِ / ولَتِلْكَ أَيْسَرُ مَا بَدَأْتَ تُنِيلُهُ
من فَيْضِ عُرْفٍ تَسْتَقِلُّ كَثِيرَهُ / ولَقَدْ يزيدُ عَلَى الرَّجَاءِ قلِيلُهُ
نُزُلاً يُذَكِّرُهُ العِراقَ ومِصْرَهُ / مُلْكاً ودِجْلَتُهُ يَدَاكَ وَنِيلُهُ
وشُرُوقُ شَمْسٍ لا يَحينُ غُرُوبُها / فِي بَرْدِ ظِلٍّ لا يَحُورُ ظَلِيلُهُ
ورأى صَريعَ الخَطْبِ كيْفَ تُقِلُّهُ / ورَأَى عُثُورَ الجَدِّ كيْفَ تُقِيلُهُ
ورأى ذَليلَ الحَقِّ كيْفَ تُعِزُّهُ / ورأَى عَزِيزَ الشِّرْكِ كيْفَ تُدِيلُهُ
ورأَى صُدُوعَ الدِّينِ كيْفَ تَلمُّها / ورأى كَثِيبَ الكُفْرِ كيْفَ تُهِيلُهُ
ولَئِنْ تَقَدَّمَ فِي رِضَاكَ قُدُومُهُ / فَلَقَدْ تَزَوَّدَ من نَداكَ قُفُولُهُ
بِخَلائِقٍ من طِيبِهِنَّ خَلُوقُهُ / وشمائِلٍ من صَفْوِهِنَّ شَمُولُهُ
ومعالِمٍ لِعُلاكَ لا تَعْظِيمُهُ / لِسِوى مَشاهِدِها ولا تَبْجِيلُهُ
فَلَهَا بِقَدْرِ الرُّومِ وَهْيَ أَرُومُهُ / وزَرى بِمُلْكِ الصُّفْرِ وَهْيَ أُصُولُهُ
لِمَنِ اصْطَفى قَحْطَان عِزَّةَ مُلْكِهِ / ومنَ التَّبابِعِ جِذْمُهُ وقَبِيلُهُ
ولِمَنْ نمى سبأٌ بِسَبْيِ مُلُوكِها / واسْتَخْلَفَتْ أَذْوَاؤُهُ وقُيُولُهُ
ولِمَنْ تَتَوَّجَ بِالمَكَارِمِ تاجُهُ / عُلْواً وكُلِّلَ بالهُدى إِكْلِيلُهُ
سَطَعَتْ عَلَى الأَمْلاكِ غُرَّةُ وَجْهِهِ / نُوراً وأَشْرَقَ بالنَّدى تحْجِيلُهُ
فالله يُعْلِي قَدْرَهُ ويَزِيدُهُ / صُنعاً ويُنْسِئُ عُمْرَهُ ويُطِيلُهُ
في عِزِّ نَصْرٍ لا زَمَانَ يَخُونُهُ / وبقاءِ مُلْكٍ لا مُدِيلَ يُديلُهُ
قُلْ لِلْهَوى حُكِّمْتَ فَاحْكُمْ لي
قُلْ لِلْهَوى حُكِّمْتَ فَاحْكُمْ لي / لا تَصْلَ حَرَّ الهَجْرِ من أَجْلِي
لا يَغْلِبْنَ خصمايَ عندكَ فِي / عَيْنِ الرَّقِيبِ وأَلْسُنِ العَذْلِ
وأَصِخْ لِمَظْلَمَتِي فقد وَضَحَتْ / واسمَعْ فعندِي شاهِدا عَدْلِ
أَأَجُودُ بالنَّفْسِ الَّتِي كَرُمَتْ / لِرَشاً يَضِنُّ عَلَيَّ بالوَصْلِ
وشمائِلُ المنصورِ قَدْ قَطَعَتْ / ظُلْمَ الظَّلُومِ وسُنَّةَ البُخْلِ
مَلِكٌ أَجارَ الدِّينَ مَوْقِفُهُ / بالسيفِ بَيْنَ الخَيْلِ والرَّجْلِ
وأَجارَ خلقَ اللهِ فاعْتَرَفُوا / عِوَضاً من الأَوْطَانِ والأَهْلِ
وَوَفَتْ بعهدِ العِلْمِ ذِمَّتُهُ / إِذ لَمْ يُضَيِّعْ مثلُهُ مِثْلِي
كُفِّي شُئُونَكِ ساعَةً فَتَأَمَّلِي
كُفِّي شُئُونَكِ ساعَةً فَتَأَمَّلِي / فِي لَيْلِها بُشْرَى الصَّباحِ المُقْبِلِ
وتَنَجّزِي وَعْدَ المشارِقِ وانظُرِي / واستَخْبِري زُهْرَ الكواكِبِ واسْأَلِي
فلَعَلَّ غاياتِ الدُّجى أَن تَنْتَهِي / وعَسى غياباتُ الأَسى أَن تَنْجَلِي
لا تَخْدَعِي بدموعِ عَيْنِكِ فِي الورى / قَلْباً يعِزُّ عَلَيْهِ أَن تَتَذَلَّلِي
وتَجَمَّلِي لِشَجا النَّوى لا تُمْكِني / أَيدي الصَّبابَةِ من عِنانِ تَجَمُّلِي
لا تَخْذلي بالعَجْزِ عَزْمِي بَعْدَمَا / شافَهْتُ أَعجازَ النُّجُومِ الأُفَّلِ
فَلَيُسْعِدَنَّ الحزمُ إِن لَمْ تُسْعِدِي / ولَيَفْعَلَنَّ الجِدُّ إِنْ لَمْ تَفعلِي
ولأَعْسِفَنَّ الليلَ غَيْرَ مُشَيَّعٍ / ولأَرْكَبَنَّ الهولَ غَيْرَ مُذَلَّلِ
ولأَسْطُوَنَّ عَلَى الزمانِ بِعَزْمَتِي / ولأَنْحِيَنَّ عَلَى الخطوبِ بكَلْكَلِي
ولأَرمِيَنَّ مقاتلَ النُّوَبِ الَّتِي / وَلِعَتْ مع المُتَخَلِّفِينَ بِمَقْتَلِي
فإِذا رأَيْتِ النجمَ يُبْدِي أُفْقُهُ / منه بقيَّةَ جَمْرِ نارِ المُصْطَلِي
وتَخلَّفَ العَيُّوقُ فَهْوَ كَأَنَّهُ / سارٍ تَضَلَّلَ فِي فضاءٍ مَجْهَلِ
وتعرَّضَ الدَّبَرَانِ بَيْنَ كواكِبٍ / مِزَقٍ كَسِرْبِ قَطاً ذُعِرْنَ بأَجْدَلِ
وكواكِبَ الجوزاءِ تَهْوِي جُنَّحاً / مِثْلَ الخوامِسِ قَدْ عَدَلْنَ لِمَنْهَلِ
وكأنما الشِّعْرَى سِراجُ تَوَقُّدٍ / وَقْفٌ عَلَى طُرُقِ النجومِ الضُّلَلِ
وكأَنَّ مُلتَزِمَ الفراقِدِ قُطْبَها / رَكْبٌ عَلَى عِرْفانِ دائِرِ مَنْزِلِ
وتحوَّلَتْ أُمُّ النجومِ كَأَنَّها / زَهَرٌ تراكَمَ فَوْقَ مَجْرى جَدْوَلِ
ورأَيتِ جُنْحَ الليلِ ناطَ رِواقَهُ / من كُلِّ أُفْقٍ بالسِّماكِ الأَعْزَلِ
فَهُناكَ وافَتْكِ السعودُ طوالِعاً / تَقْضِي لِصِدْقِ تَيَمُّنٍ وتفاؤُلِ
فَهِيَ المُنى فتيقَّنِي وَهُوَ السُّرو / رُ فأَبْشِرِي وهُوَ الصباحُ فأَمِّلِي
وتَجَرَّعِي غُصَصَ التنائِي واجْمَعِي / بَيْنَ المَطِيِّ ولَيْلهِنَّ الأَليَلِ
واستوطِني وَحْشَ الفلاةِ وَوَطِّنِي / نفساً لِبَرْحِ تَوَدُّعٍ وتَرَحُّلِ
فلأَعْقِدَنَّ عَلَيْكِ أَكرَمَ ذِمَّةٍ / ولأَبْنِيَنَّ عَلَيْكِ أَشْيَدَ مَعْقِلِ
بعزائمٍ لا تنثنِي وبصائرٍ / لا تنتهي ووسائلٍ لا تَأْتَلِي
حَتَّى رأَيْتُ العِيسَ وَهْيَ لواغِبٌ / يَشْرَعْنَ فِي نهرِ الصَّباحِ الأَوَّلِ
والفجرَ يرفعُ جفنَ طرفٍ أَدْعَجٍ / والليلَ يُغْضِي جفْنَ طَرفٍ أَكحَلِ
فكأنما فِي الجَوِّ فارِسُ أَبْلَقٍ / يشتدُّ فِي آثارِ فارِسِ أَشْعَلِ
ولَدَيَّ لِلمَنصورِ شكرُ صنائِعٍ / تنأَى الرِّكابُ بِعِبْئِها المُتَحَمَّلِ
نَشرٌ ينمُّ من الحقائِبِ عَرْفُهُ / أَرَجاً ويُشْرِقُ من خلالِ الأَرْحُلِ
يُهْدِي ثناءَ المُمْحِلاتِ إِلَى الحَيا / وثَنا الرياضِ إِلَى الغمامِ المُسْبِلِ
بكرائِمٍ لم تُمْتَهَنْ وعقائِلٍ / لَمْ تُمْتَثَلْ ومَصُونَةٍ لَمْ تُبْذَلِ
حَمَلَتْ بِهَا أُمُّ العلومِ وأُرْضِعَتْ / من دَرِّ أَخلافِ الربيعِ الحُفَّلِ
وكفيلَةٍ بالحمدِ تُهْدِيهِ إِلَى / مَلِكٍ بغاياتِ المنى مُتَكَفِّلِ
حَتَّى تُؤَدِّي الحمدَ عندَ مُسَوَّفٍ / وتَفِي بعهدِ الشكرِ عند مُؤَجِّلِ
وتنيخَ رَكْبَ النَّازِلِ المُتَوَسِّلِ / فِي ظِلِّ عفوِ المُنْعِمِ المُتَفَضِّلِ
وتَحُطَّ رحلَ المُذْنِبِ المُتنَصِّلِ / فِي ظِلِّ عُقْرِ العائِدِ المُتَطَوِّلِ
فَلأُسْلِمَنَّ إِلَيْهِ هِمَّةَ نازِعٍ / وحبالَ منقطعٍ وكفَّ مُؤَمِّلِ
مَلِكٌ توسَّطَ من ذؤابَةِ يَعْرُبٍ / فِي الجَوْهَرِ المُتَخَيَّرِ المُتَنَخَّلِ
بَسَقَتْ بِهِ أَعراقُ مُلْكٍ أَشْرَقَتْ / بعلاهُ فِي شرفِ المحلِّ المعتلي
عن كُلِّ معدومِ القرِينِ مُكَرَّمٍ / ومعظَّمٍ فِي المالكينَ مُبجَّلِ
وغمامُ عُرْفٍ فِي الزمانِ المُمْحِلِ / وسراجُ نورٍ فِي الكريهَةِ مُشْعَلِ
يختالُ تاجُ الملكِ فوقَ جبينهِ / لما تَبوَّأَ منه أكرَمَ منزِلي
فكأَنَّ صفحةَ وجهِهِ شمسُ الضُحَى / وُصِلَتْ ببدرٍ بالنجومِ مُكَلَّلِ
العائِدُونَ بكُلِّ فَضلٍ مُعْجِزٍ / والدَّافِعُونَ لكل خطبٍ مُعْضِلِ
وَرِثُوا السيادَةَ كابِراً عن كابِرٍ / واستوجَبُوها آخِراً عن أَوَّلِ
وتَبَوَّأُوا دارَ النبوةِ والهُدى / صُنْعاً وتفضيلاً من المَلِكِ العَلي
فَتَخَيَّرَ الرحمنُ طِيبَ ثَراهُمُ / داراً وقبراً للنَّبيِّ المُرْسَلِ
وتَفَرَّدُوا بالمَكْرُماتِ وأَحرَزُوا / جزلَ الثناءِ من الكتابِ المُنْزَلِ
هم أَنجَبُوكَ وقلَّدَوكَ سيوفَهُمْ / للنصرِ تُبْلِي فِي الإِلهِ وتَبْتَلِي
فَضَرَبْتَ أَشياعَ الضلالِ بعَزْمَةٍ / عَجِلَتْ إِلَيْهِمْ بالحِمامِ المُعْجَلِ
فأَعَدْتَ أَرضَهُمُ وَلَيْسَ لِمَعْقِلٍ / قَصْدٌ وَلَيْسَ لِمُفْلِتٍ من مَعقِلِ
بعزائِمٍ ومخائلٍ أَعْيَتْ عَلَى / بأْس الشجاعِ وحِيلَةِ المُتَحَيِّلِ
فتركْتَ حزْبَ الشِّرْكِ بَيْنَ مُصَرَّعٍ / ومُعَفَّرٍ ومُجَدَّلٍ ومُرَمَّلِ
وثَنَيْتَ حزبَ الدينِ بَيْنَ مُملَّكٍ / ومظفَّرٍ ومُغَنَّمٍ ومُنَفَّلِ
فاسْعَدْ بعيدٍ عادَ وَهْوَ مُبَشِّرٌ / لَكَ بالنعيمِ وبالبقاءِ الأَطْوَلِ
وبمشهدٍ للمُلْكِ أَعيا دُونَهُ / فِكْرُ اللبيبِ ومُقْلَةُ المتأَمِّلِ
أَمَّتْكَ أَبصارُ الخلائِقِ واصِلِي / نُورٍ بتعجيلِ السرورِ الأَعْجَلِ
وتَيَمَّمُوكَ من المُصَلَّى فانثَنَوْا / ساعِينَ بَيْنَ مُكَبِّرٍ ومُهَلِّلِ
مُتَزاحِمينَ عَلَى يمينٍ أَصْبَحَتْ / مبسوطَةً لمُؤَمِّلٍ ومُقَبِّلِ
وتواضَعَتْ صِيدُ الملوكِ مهابَةً / يَضَعُونَ أَوْجُهَهُمْ مكانَ الأَرْجُلِ
ورأَوْا هِلالَ الملكِ فَوْقَ سَريرِهِ / بسنا المكارِمِ والهدى المُتَهَلِّلِ
عَزْمٌ حَدَاهُ السَّعْدُ والإِقبالُ
عَزْمٌ حَدَاهُ السَّعْدُ والإِقبالُ / وعُلاً تَضَعْضَعُ دونَها الآجالُ
وعوائِدٌ للهِ مَا زالتْ لكُمْ / بالنَّصْرِ عائِدَةً وَلَيْسَ تَزَالُ
وكتائِبٌ لليُمْنِ يومَ رَحِيلِها / بالفتحِ فِي جَنَباتِها اسْتِهْلالُ
وعبيدُ مملكَةٍ وشِيعَةُ دَوْلَةٍ / قَدْ أَيْقَنُوا أَنَّ الحياةَ قِتالُ
صُبُرٌ إِذَا انْتَضَوا السيوفَ تَبيَّنَتْ / أَعداؤُهُمْ أَنْ الليوثَ رِجالُ
مستأْنِسِينَ إِلَى الهواجِرِ مَا لَهُم / إِلّا متون المشرفِيِّ ظِلالُ
لهجُوا بيَا منصورُ فَهْوَ شِعارُهُمْ / نَغَمٌ تعوَّدَ صِدْقَهُنَّ الفالُ
وصوارِمٌ جَلَتِ الظَّلامَ وَمَا لَهَا / بِسِوى الجماجِمِ والنحورِ صِقالُ
مِمَّا انْتَمى حَيْثُ انْتَمَيْتَ وأَوْرَثَتْ / آباؤُكَ الأَذواءُ والأَقيالُ
من كُلِّ مشحوذِ الغِرارِ كَأَنَّهُ / للشمسِ فِي ظُلَمِ العَجاجِ خَيالُ
وقَناً إِذَا اقْتَضَتِ العُدَاة نفوسَها / لَمْ يعتَلِلْ بأَدائِهِنَّ مِطالُ
سُلُبٍ إِذَا أَشْرَعْتَهُنَّ تقاصَرَتْ / أَعمارُ مَطْلَبِهِنَّ وَهْيَ طِوالُ
بَهَرَتْ مناقِبُكَ الضُّحى وتقاصَرَتْ / عن كُنْهِها الأَشباهُ والأَمثالُ
نفسِي فداؤكَ والنفوسُ هَفَتْ بِهَا / نارُ الوَغى وتصادَمَ الأَجبالُ
والبِيضُ تلمَعُ والأَسِنَّةُ تَلْتَظِي / والخَيلُ فِي ضنكِ الوغى تختالُ
ومجالُ وجهِكَ فِي مواقِفَ للرَّدى / مَا للخواطِرِ بَيْنَهُنَّ مَجالُ
ونفيسَةٍ أَقْحَمْتَ نفسَكَ دُونَها / إِنَّ النفائِسَ بالنفوسِ تُنَالُ