القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 11
إن كانَ يلبَسُ ما أفادَ تَجَمُلاً
إن كانَ يلبَسُ ما أفادَ تَجَمُلاً / فبياضُ هذا الجِيدِ تَلبَسُهُ الحِلَى
وإذا تزيَّنتِ العُيونُ بكُحلها / فلقد نَراهُ بمُقلتَيكَ تكحَّلا
يا ناحِلَ الأعطافِ معشوقاً تُرَى / أتَلُومُ مِثلي عاشقاً أن يَنْحَلا
أعدَدتَ لي حربَ البَسُوسِ ولم أكُنْ / أعدَدتُ دُونَكَ في القتالِ مُهَلْهِلا
حاوَلتَ سفْكَ دمي بعينِكَ ثانياً / هيهاتِ قد سَفكَتْهُ عيني أوَّلا
ونَهَبتَ قلباً ليس فيهِ سوِىَ الهَوَى / وسَلَبتَ جسماً ما عليهِ سِوَى البلَى
خُذْ ما أرَدتَ سِوَى أغَرَّ مُحجَّلٍ / ألقى بهِ الشيخَ الأغرَّ مُعَّجلا
وأرَى لطائفَهُ التي نَهَبتْ بها الشْ / شُعَراءُ أبياتَ القريضِ تَغَزُّلا
العالِمُ الصَّدرُ الكبيرُ العاملُ ال / بدرُ المنيرُ اللامعُ السامي العُلى
أقوالُهُ دُرَرٌّ تُقلَّدُها النُهَى / وفِعالُهُ غُرَرٌ تُقلَّدُها الطُلَى
أجرَى من البحر العَرَمْرَمِ لُجَّةً / وألَذُّ من سَلسالِ دِجلةَ مَنْهَلا
وأشَدُّ من زَهرِ الحدائقِ نَضْرةً / وأجَلُّ من زُهرِ الكواكبِ مَنزِلا
يمشي وقد كثُرَ الوُقوفُ أمامَهُ / فَرْداً يَجُرُّ من المَهابةِ جَحْفَلا
وإذا أشارَ إلى الكَتيبةِ أَجفَلتْ / فكأنَّ من سُمرِ الذَوابلِ أُنْمُلا
هُوَ يَشغَلُ الأقلامَ وَهْيَ بوصفِهِ / في النّاسِ قد شُغِلَتْ فكانت أشغَلا
تتَنازَعُ الشّعراءُ فضلةَ شعرِهِ / في مدحِهِ وتَخافُ أنْ لا يَفضُلا
طَفَحَتْ عليَّ صفاتُ أحمدَ مَرَّةً / فَلحِقْتُ منها عارضاً مُستقبِلا
واخَتَرْتُ إجمالَ الثَّناءِ لأنَّني / ألفَيتُهُ لا يُستطاعُ مُفصَّلا
شوقي إليكَ كما علِمْتَ طويلُ
شوقي إليكَ كما علِمْتَ طويلُ / ولَعلَّ صبري في هواكِ جميلُ
يا غائباً في القلبِ يحضُرُ شخصُهُ / فكأنَّهُ لي منكَ عنكَ بديلُ
بَعُدَ المزارُ على ضعيفٍ قاصرٍ / هذا الكتابُ إليكَ عنهُ وكيلُ
إن كُنتَ تُنكِرُ لوعةً بفُؤادهِ / فلهُ شُهودٌ من ضَناهُ عُدولُ
حالت موامي الأرضِ دُونكَ بالنَّوَى / ولطَالما دُونَ البُدورِ تَحُولُ
ورأيتُ شخصَكَ في البِعادِ فإنَّهُ / قَمَرٌ نراهُ وما إليهِ وُصولُ
يا دُرَّةَ الغَوَّاصِ دُونَ لِقائها / لُجَجٌ فَدَيتُكَ هل إليكَ سبيلُ
نَترتْ صُروفُ الدهرِ عِقدَ نِظامنا / فنَثَرتُ دمعي وهو فيكَ قليلُ
شَطرُ الفُؤادِ حبيبُهُ فإذا نأي / نُهِكَ الفُؤادُ فطُلَّ منه قتيلُ
طال انتِظاري والحَياةُ قصيرةٌ / وكلاهُما سببٌ عليَّ ثَقيلُ
ويلاهُ قد ضاعَ الزَمانُ فساقطٌ / يومٌ يَمُرُّ ولا يَراكَ خليلُ
رُكنُ الحياةِ نعيمُها إن لم يكُنْ / في العَيشِ طيبٌ فالحياةُ فضولُ
بأبي المريضُ السالمُ الشَرَفِ الذي / يَشتاقُ عَوْدَةَ مثلِهِ جبريلُ
مَن ليسَ يَرَغبُ في سلامةِ نفسهِ / إن كانَ لم يَسلَمْ لديهِ جميلُ
يا ناحِلَ البَدَنِ العليلِ بلُطفِهِ / لا صَحَّتِ الدُنيا وأنتَ عليلُ
يا ليتَ عندي صِحَّةً تُفدَى بها / لكن عليَّ منَ الفِراقِ نُحولُ
سَيَزُولُ سُقمٌ مثلَ عافيةٍ مَضَتْ / إذ كلُّ ما تحتَ السماءِ يزُولُ
هذا الخُسوفُ عراكَ يا بدرَ الدُجَى / ونَرَى خُسوفَ البدرِ ليس يطولُ
أعطَى مُحَّمدُ عِزَّةٍ من فَضلِهِ
أعطَى مُحَّمدُ عِزَّةٍ من فَضلِهِ / شَرَفاً لِساحَتِنا بوَطْأةِ نَعلهِ
قَسَمَ اسمَهُ السَّامي فنالَ مُحَمَّداً / منهُ وأعطَى عِزَّةً لمَحلِّهِ
هذا الوزيرُ وزيرُ سُلطانِ الوَرَى / وخليفةِ اللهِ العليِّ وظِلِّهِ
أخفَيتُ عن داري بِشارةَ وَفْدِهِ / كي لا تصفِقَ بالسُّرورِ لأجلهِ
يا زائراً بيتي أراك فَتَنْتَهُ / فَعَليكَ بَيتٌ غيرُهُ من مِثلِهِ
أجْلَلتَهُ عَنّي فصِرتُ أهابُهُ / حَتَّى كأنّي لم أكُنْ من أهلِهِ
خَلَتِ الدِّيارُ كأنَّها لم تُؤهَلِ
خَلَتِ الدِّيارُ كأنَّها لم تُؤهَلِ / ومَضَى النَزِيلُ كأنَّهُ لم يَنزِلِ
والمَرْءُ في دُنياهُ يعرِفُ حاصلاً / فإذا مَضَى فكأنَّهُ لم يَحصُلِ
إنَّ الذي مَلأَ العُيُونَ بأُنسِهِ / مَلأَ القُلوبَ كأنَّهُ لم يَرحَلِ
في كُلِّ نادٍ منهُ ذِكرٌ يُجتَلَى / ولِكُلِّ عينٍ منهُ شَخصٌ ينجلي
يا نازلاً في الأرضِ أكرَمَ بُقعةٍ / إنَّ النزيلَ يَكونُ حَسْبَ المَنزِل
لم تَلقَ أهلاً للإقامةِ عِندَنا / فأقَمْتَ في القُدسِ الشريفِ بمَعزِلِ
لمَّا وَفْدتَ على الدِّيارِ تَعجَّبت / من بعثِ بُولُسَ قبلَ يومِ المَحفَلِ
أنتَ الخَليقُ بأنْ يَزُورَكَ ماشياً / مَن زارَ آثارَ الزَّمانِ الأوَّلِ
تَشْتاقُ طَلعَتُكَ المنابرُ كُلُّها / ويَرِفُّ من طرَبٍ جَناحُ الهَيكَلِ
وتَعافُ أرواحَ الكِباءِ وفَوقَها / لَكَ طيبُ أنفاسٍ كَعرْفِ المَنْدَلِ
نُهدي لصهيُونَ الهَناءَ كحُسَّدٍ / ولثَغرِ بيروتَ العَزاءَ كعُذَّلِ
ظَمأٌ تأجَّجَ في الرِّكابِ فعندما / وَرَدتْ أتاها الرِيُّ قبلَ المَنهَلِ
قَصُرَتْ ليالينا فكُنتَ بِدارنا / كمُسافرٍ لكنَّهُ لم يَعجَلِ
والوَردُ ليسَ يطُولُ عهدُ لِقائهِ / والبدرُ ليسَ بثابتٍ في مَنزلِ
والدَّهرُ بينَ النَّاسِ ليسَ بعادلٍ / والناسُ بينَ الدهرِ ليسَ بأعدَلِ
فانزِعْ إلى دارِ السَّلامةِ في النَّقا / وإذا مَرَرتَ على الحُصَيب فهَرْولِ
وإذا أتيتَ القَومَ فارِبضْ جانباً / وإذا استَطعتَ العيشَ وَحدَكَ فافَعلِ
ماذا الوُقوفُ على رُسوم المَنزِلِ
ماذا الوُقوفُ على رُسوم المَنزِلِ / هَيهاتِ لا يُجدي وُقوفُكَ فارحَلِ
تِلكَ الأثافي في العِراصِ تَخلَّفَتْ / أظَنَنْتَ قبلكَ بَينَها فتأمَّلِ
دارٌ عَفَتْها الذارِياتُ فأبرَزَتْ / فيها خُطوطاً مثلَ رَقْمِ الجُمَّلِ
ومتى سألتَ رُبوعَها عن أهلِها / صَدَرَ الجَوابُ عن الصَّبَا والشَمْألِ
هَيهاتِ ما دارُ الحَياةِ بمَنزِلٍ / يُرجَى ولا ماءُ الحَياةِ بمَنَهلِ
ولَطالما سَرَّتْ فساءَت فانقَضَتْ / فكأنَّ ذلكَ كُلَّهُ لم يَحصُلِ
يا أيُّها النِحرِيرُ جِهبِذُ عَصرِهِ / ما لي أُبثُّكَ علمَ ما لم تَجهَلِ
إن المُقَدِّمَ للحكيمِ إفادةً / كمُقَدِّمٍِ للشمسِ ضَوْءَ المِشْعَلِ
بَعُدَ المَزَارُ على مَشُوقٍ لم يكن / يُشْفى على قُرب المَزار الأوَّلِ
يُدني إليهِ الوَهْمُ دارَ حبيبِه / حتى يكادُ يَمَسُّها بالأنُملِ
للناسِ أيامٌ تَمُرُّ كأنَّها / خَيلُ البَريدِ مُغيرةً في الهَوجَلِ
إن كُنتَ تأمَنُ جانبَ الماضي بها / فالخَوفُ بينَ الحالِ والمُستَقبَلِ
ذَهَبَتْ بما ذَهبَتْ فما تَرَكَتْ سِوى / ذِكرَى الحبيبِ ويومِ دارةِ جُلجُلِ
والذِّكرُ قد يُؤذِي الفُؤادَ وإن حلا / كالمِسكِ يَصدَعُ مَفرِقَ المُستعمِلِ
زادُ المُودّعِ نَظرةٌ فإذا انقَضَتْ / وَقَفَ الرَّجاءُ على الحديثِ المُرسَلِ
إنْ كانَ قد بَعُدَ اللِقاءُ لِعلّةٍ / فابعَثْ إليَّ بلُهنةِ المُتَعلِّلِ
لمن الخِيامُ ومن هُنالِكَ نازِلُ
لمن الخِيامُ ومن هُنالِكَ نازِلُ / أتُرَى بِهِنَّ رَبيعةٌ أم وَائلُ
كَذَبَتْكَ نَفسُكَ بل غَطارِفَةُ الحِمَى / قومٌ لديهمْ ذِكرُ تُبَّعَ خاملُ
هذِهْ خيامُ الهاشمّيةِ حَولَها / مِلّء العُيونِ مَنازِلٌ ومَناهِلُ
ومنَاصلٌ وذَوابلٌ وجحافلٌ / وقنابلٌ ورواحلٌ وقوافلُ
غَرْثى الوِشاحِ لها قَوامٌ رامحٌ / تغزو القلوبَ به وطَرْفٌ نابلُ
ومن العُجاب نَرَى قتيلاً ساقِطاً / يبغي اللِقا فَيفِرُّ منهُ القاتلُ
أفدِي المُحجَّبةَ التي مِن دُونِها / للدَمعِ في عينِي حِجابٌ سادِلُ
يا طالما رَدَّتْ أمَيمةُ سائلاً / أفَلا يُرَدُّ اليومَ هذا السائلُ
يا ظَبيةً في الحَيِّ نَبغي صَيدَها / فَتصيدُنا عُنْفاً وليس تُخاتِلُ
لا سَهمَ غيرُ لِحاظِها ترمي بهِ / قَنَصَاً ولا غيرَ الفُروعِ حبائلُ
أنتِ الجميلةُ فوقَ كلِّ جميلةٍ / فالحَقُّ أنتِ وكُلُّهنَّ الباطلُ
قد قامَ عُذري في هَواكِ فليسَ لي / في الناس غيرَ الحاسدينَ عواذلُ
أهواكِ لا عارٌ عليَّ لأننَّي / أَهْوَى الكِرامَ فما يقولُ القائلُ
مارستُ أخلاقَ الحليمِ فخانَني / دَهرٌ لأخلاقِ السَّفيهِ يُشاكلُ
وعَدَلتُ عن شِيَمِ الجَهولِ فظُنَ بي / جَهلاً لأنّي عن هواهُ ناكلُ
وإذا أتتني مِدْحةٌ من جاهلٍ / فهيَ المَذَمَّةُ لي بأنِّي جاهلُ
رُمتُ الوَفاءَ من الزَّمانِ وأهلهِ / فظَفِرتُ منهُ بما يجودُ الباخلُ
وسألتُ عن ذِمَمِ الوِدادِ فقيلَ لي / مَهلاً كأنَّكَ عن مُحمَّدَ غافلُ
ذاك الصَّديقُ وإن تناءَت دارُهُ / عنَّا وإن حالَ الزَّمانُ الحائلُ
إنَّ ابنَ وُدِّكَ مَن يَراكَ بقلبِهِ / لا مَن يَراكَ بعينِهِ فيغازِلُ
قد قَيَّدتْ قلبي على بُعد المَدَى / بالحُبِّ من تلك السُطورِ سلاسلُ
القلبُ يَعلَمُ أنهنَّ جواهرٌ / والعينُ تَزعُمُ أنَّهُنَّ رسائلُ
الشاعرُ الفَطِنُ اللبيبُ الكاتبُ ال / لَبِقُ الأديبُ اللَوذَعيُّ الفاضلُ
في كَفِّهِ البيضاءِ سُمْرُ يَراعةٍ / لَعِبتَتْ لها بالمُعرَباتِ عواملُ
حُلوُ الفُكاهةِ والقريضِ مُهذَّبٌ / أقلامُهُ عَسَّالةٌ وعواسلُ
لو كان ماءُ النيل مُرّاً آجناً / حَلَّتْه أنفاسٌ لهُ وشمائلُ
طَودٌ لَدَيهِ كلُّ طودٍ رِبْوَةٌ / بَحرٌ لديهِ كلُّ بحرٍ ساحلُ
يَنتْابُنا بالمَكرماتِ تَبرُّعاً / والمَكرُماتُ فرائضٌ ونوافلُ
بيني وبينكَ يا مُحمَّدُ شُقَّةٌ / تُطوى إليها في البلادِ مراحلُ
وفواصلُ الأوطانِ غيرُ مُضرَّةٍ / إن لم يكن بين القُلوبِ فواصلُ
تاهَتْ بك الإسكندريةُ عِزَّةً / فَبَدَتْ عليها للسُرورِ دلائلُ
إن كانَ في جيدِ الصَّعيدِ قلائِدٌ / منها فما جيدُ العَواصمِ عاطلُ
يا كَعْبةَ الأدَبِ التي حَجَّت لها / من كلِّ فَجٍّ للقريض قبائلُ
أغرَقْتَنا في بحرِ فضلكَ جُملةً / فكأنَّنا ضَرْبٌ وأنتَ الحاصلُ
جئنا بأبياتٍ لَدَيكَ سخيفةٍ / لَوْلاكَ ما عَمِرتْ لَهُنَّ منازِلُ
شامِيَّةٌ نَقَصَت معانيها وإنْ / أهدى بها في اللفظِ بحرٌ كاملُ
ما أكثَرَ الشُّعرَاءَ حينَ تَعُدُّهم / سَرْداً ولكنَّ الفُحولَ قلائلُ
لِمَنِ الهوادِجُ في عَراءِ الهَوْجَلِ
لِمَنِ الهوادِجُ في عَراءِ الهَوْجَلِ / تحتَ القِبابِ تَشُقُّ ذَيلَ القَسطَلِ
يَتَتَّبعُ الآثارَ قلبي خَلفَها / فلَوِ انثَنيْنَ وَطِئنَهُ بالأرجُلِ
أبراجُ أقمارٍ تَغيبُ نَهارَها / فيها وتَطلعُ في الظَّلامِ المُقبلِ
حَمّلننَي ما لو تَحَمَّلَ بَعضَهُ / حُمْرُ النِّياقِ لمَا نَهَضْنَ بمَحمَلِ
لي ذاتُ خِدرٍ بَينَهُنَّ أنا لَها / وأوَدُّ لو رَضِيَتْ فقالتْ أنتَ لي
قامَتْ تَصُولُ منَ الرِّماحِ بأبيضٍ / ومِنَ السُّيوفِ بأسوَدٍ لم يُصقَلِ
ولَقد أقُولُ لِمَنْ أقامَ بمَرْصَدٍ / ما كانَ ضَرَّكَ لو أقَمْتَ بمَعْزِلِ
أقصِرْ عَناكَ وحيثُ حَلَّتْ نِعمةُ الرْ / رُوحِ الأمينِ على مُحمَّدَ فانزِلِ
زُرْ ذلكُ الرَبْعَ الخصيبَ وقِفْ بهِ / يوماً وُقوفَ الآملِ المُتأمِّلِ
يومٌ يَحقُّ لهُ التَذَكُّرُ بعدَ ما / طالَ المَدَى لا يومُ دارةِ جُلجُلِ
هذا ابنُ رِسلانَ التَنُوخِيُّ الذي / هُوَ في السَرَاةِ منَ الطِرازِ الأوَّلِ
هذا الذي تُروَى مآثِرُهُ كما / يُروى الحديثُ عن النبيِّ المُرسَلِ
مَولىً يَظَلُّ السَّعدُ يَخدُمُ بابَهُ / ويَسيرُ حولَ رِكابهِ في الجَحفَلِ
غَلَبَ الطَّوالِعَ نَجمُهُ فتضاءلت / كالشَّمسِ تُزري بالسِّماكِ الأعزَلِ
فإذا مَشَى تَمشي المواكبُ خَلفَهُ / وإذا استَقَرَّ يَحُلُّ صَدرَ المَحفِلِ
وإذا تَكلَّمَ يُنصِتونَ كأنَّهُ / يدعو بآياتِ الكتابِ المُنزَلِ
مُتوَقِّدُ الأفكارِ لو بَرَزَت لنا / أغنَتْ عنِ المِصباحِ بالصُّبحِ الجَلي
يَرمِي صُروفَ الحادثاتِ بأسهُمٍ / منْ لحظِهِ فيُصِيبُ عينَ المَقتَلِ
ما زالَ يفعَلُ ما يَقولُ وإنني / في المدحِ لَستُ أقولُ ما لم يَفعَلِ
ما زلتُ كالرَّواي الأمينِ ورُبَّما / غَلَبَ الهُيامُ فكنُتُ كالمتُغَزِّلِ
بمُحمَّدٍ وأبي مُحمَّدَ أشرَقَتْ / دارُ الإمارةِ كالثُرَيَّا تَنْجَلي
فَرعٌ نشا من خيرِ أصلٍ طاهرٍ / والشهدُ لا يأتي بماءِ الحَنظَلِ
قابلتُهُ فإذا غُلامٌ أمرَدٌ / وخَبَرتُهُ فإذا بشيخٍ أكمَلِ
يَروي حديثَ الأوَّلينَ كأنَّهُ / من عهدِ طَسْمٍ شاهدٌ لم يَغفُلِ
أبصَرتُ مِن ألطافِهِ ما لم يَسعْ / لفظُ الرُواةِ فكانَ ما لم يُنقَلِ
ورأيتُ سِرَّ أبيهِ فيهِ مُصوَّراً / كالشَّخصِ يبدو مِن ورَاءِ سَجنجَلِ
إن لم تُصِبْ قدَمِي الحُلولَ بدارِهِ / فالقلبُ فيها نازلٌ لم يَرحلِ
هيَ أفضَلُ الأوطانِ عندي رُتبةً / ولذاكَ قد خَصَّصتُها بالأفضَلِ
دارٌ بها نَيلُ الفوائدِ والمُنَى / ولها العَوائِدُ في الجميلِ الأجمَلِ
لا غَيَّرَ الرحمنُ عادَتَهُ على / من لم يُغَيِّرْ عادةً لُمؤمِّلِ
قبرٌ لانطونَ ابنِ أرقَشَ مَن قَضَى
قبرٌ لانطونَ ابنِ أرقَشَ مَن قَضَى / غَضَّ الصِّبا كالبدرِ في استقبالهِ
من فوقهِ التأريخُ قال مُنادياً / بدرٌ أتاهُ الخَسْفُ عندَ كمالِهِ
كُنَّا نُؤَمِّلُ أن نُهنِّئ نِعمةً
كُنَّا نُؤَمِّلُ أن نُهنِّئ نِعمةً / فإذا التَّهاني بالتَّعازِ تُبدَّلُ
أخلفتَ ما نرجو وليستْ عادةٌ / لبَنِي الجُبيلي أن يخيبَ مُؤَمِّلُ
ولقد تركتَ العالمَ الفاني لنا / وطَلَبتَ ما يَبقَى وذاكَ الأجملُ
فلكَ الهناءُ كما يؤرَّخُ دائمٌ / إكليلُ ربِّكَ بالسَّعادةِ أفضَلُ
مهلاً بني النَّحلوسِ إنَّ فقيدَكم
مهلاً بني النَّحلوسِ إنَّ فقيدَكم / في أوجِ فِردَوسِ النعيم نزيلُ
ولأجلهِ كَتَبَ المؤرِّخُ حُكمَهُ / في أرفَعِ الدَّرَجاتِ ميخائيلُ
تشكو الكنيسةُ فَقْدَ خُورِيْهَا الذي
تشكو الكنيسةُ فَقْدَ خُورِيْهَا الذي / أمسَى ينوحُ عليهِ صدرُ الهيكلِ
مِن بيتِ رزقِ اللهِ في البرِّ اقتَدَى / بسَمِيِّهِ الخِضْرِ الشَّهيدِ الأفضلِ
أرضَى بسيرتهِ الإلهَ فنالَ ما / يرضاهُ في دارِ النَّعيمِ الأجملِ
وهُنالِكَ التأريخُ جاءَ مُنادياً / حُزتَ الرِّضَى يا كاهِنَ اللهِ العَلِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025