المجموع : 19
لِمَنِ الشَوازِبُ كَالنَعامِ الجُفَّلِ
لِمَنِ الشَوازِبُ كَالنَعامِ الجُفَّلِ / كُسِيَت حِلالاً مِن غُبارِ القَسطَلِ
يَبرُزنَ في حُلَلِ العَجاجِ عَوابِساً / يَحمِلنَ كُلَّ مُدَرَّعٍ وَمُسَربَلِ
شِبهَ العَرائِسِ تُجتَلى فَكَأَنَّها / في الخِدرِ مِن ذَيلِ العَجاجِ المُسبَلِ
فَعَلَت قَوائِمُهُنَّ عِندَ طِرادِها / فِعلَ الصَوالِجِ في كُراتِ الجَندَلِ
فَتَظَلُّ تَرقُمُ في الصُخورِ أَهِلَّةً / بِشَبا حَوافِرِها وَإِن لَم تُنعَلِ
يَحمِلنَ مِن آلِ العَريضِ فَوارِساً / كَالأُسدِ في أَجَمِ الرِماحِ الذُبَّلِ
تَنشالُ حَولَ مُدَرَّعٍ بِجِنانِهِ / فَكَأَنَّهُ مِن بَأسِهِ في مَعقِلِ
مازالَ صَدرَ الدِستِ صَدرَ الرُتبَةِ ال / عَلياءِ صَدرَ الجَيشِ صَدرَ المَحفَلِ
لَو أَنصَفَتهُ بَنو مَحاسِنَ إِذ مَشَوا / كانَت رُؤوسُهُمُ مَكانَ الأَرجُلِ
بَينا تَراهُ خَطيبَهُم في مَحفَلٍ / رَحبٍ تَراهُ زَعيمَهُم في جَحفَلِ
شاطَرتُهُ حَربَ العُداةِ لِعِلمِهِ / أَنّي كِنانَتُهُ الَّتي لَم تُنثَلِ
لَمّا دَعَتني لِلنِزاِلِ أَقارِبي / لَبّاهُمُ عَنّي لِسانُ المُنصُلِ
وَأَبَيتُ مِن أَنّي أَعيشُ بِعِزِّهِم / وَأَكونَ عَنهُم في الحُروبِ بِمَعزِلِ
وافَيتُ في يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ / أَغشى الهِياجَ عَلى أَغَرَّ مُحَجَّلِ
ثارَ العَجاجُ فَكُنتُ أَوَّلَ صائِلٍ / وَعَلا الضِرامُ فَكُنتُ أَوَّلَ مُصطَلِ
فَغَدا يَقولُ كَبيرُهُم وَصَغيرُهُم / لا خَيرَ فيمَن قالَ إِن لَم يَفعَلِ
سَل ساكِني الزَوراءَ وَالأُمَمَ الَّتي / حَضَرَت وَظَلَّلَها رِواقُ القَسطَلِ
مَن كانَ تَمَّمَ نَقصَها بِحُسامِهِ / إِذ كُلُّ شاكٍ في السِلاحِ كَأَعزَلِ
أَو مَن تَدَرَّعَ بِالعَجاجَةِ عِندَما / نادى مُنادي القَومِ يا خَيلُ اِحمِلي
تُخبِركَ فُرسانُ العَريكَةِ أَنَّني / كُنتُ المُصَلّي بَعدَ سَبقِ الأَوَّلِ
ما كانَ يَنفَعُ مَن تَقَدَّمَ سَبقُهُ / لَو لَم تُتَمِّمها مَضارِبُ مُنصُلي
لَكِن تَقاسَمنا عَوامِلَ نَحوِها / فَالإِسمُ كانَ لَهُ وَكانَ الفِعلُ لي
وَبَديعَةٍ نَظَرَت إِلَيَّ بِها العِدى / نَظَرَ الفَقيرُ إِلى الغَنِيِّ المُقبِلِ
وَاِستَثقَلَت نُطقي بِها فَكَأَنَّما / لَقِيَت بِثالِثِ سورَةِ المُزَّمِّلِ
حَتّى اِنثَنَت لَم تَدرِ ما تَتَّقي / عِندَ الوَقائِعِ صارِمي أَم مِقوَلي
حَمَلوا عَلَيَّ الحِقدَ حَتّى أَصبَحَت / تَغلي صُدورُهُمُ كَغَليِ المِرجَلِ
إِن يَطلُبوا قَتلي فَلَستُ أَلومُهُم / دَمُ شَيخِهِم في صارِمي لَم يَنصُلِ
ما لي أُسَتِّرُها وَتِلكَ فَضيلَةٌ / الفَخرُ في فَصدِ العَدُوِّ بِمِنجَلِ
قَد شاهَدوا مِن قَبلِ ذاكَ تَرَفُّعي / عَن حَربِهِم وَتَماسُكي وَتَجَمُّلي
لَمّا أَثاروا الحَربَ قالَت هِمَّتي / جَهِلَ الزَمانُ عَلَيكَ إِن لَم تَجهَلِ
فَالآنَ حينَ فَلَيتُ ناصِيَةَ الفَلا / حَتّى تَعَلَّمَتِ النُجومُ تَنَقُّلي
أَضحى يُحاوِلُني العَدُوُّ وَهِمَّتي / تَعلو عَلى هامِ السِماكِ الأَعزَلِ
وَيَرومُ إِدراكي وَتِلكَ عَجيبَةٌ / هَل يُمكِنُ الزَرزورَ صَيدَ الأَجدَلِ
قُل لِلَّيالي وَيكِ ما شِئتِ اِصنَعي / بَعدي وَلِلأَيّامِ ما شِئتِ اِفعَلي
حَسبُ العَدُوِّ بِأَنَّني أَدرَكتُهُ / لَمّا وَليتُ وَفُتُّهُ لَمّا وَلي
سَأَظَلُّ كُلَّ صَبيحَةٍ في مَهمَهٍ / وَأَبيتُ كُلَّ عَشِيَّةٍ في مَنزِلِ
وَأَسيرُ فَرداً في البِلادِ وَإِنَّني / مِن حَشدِ جَيشِ عَزائِمي في جَحفَلِ
أَجفو الدِيارَ فَإِن رَكِبتُ وَضَمَّني / سَرجُ المُطَهَّمِ قُلتُ هَذا مَنزِلي
لا تَسمَعَنَّ بِأَن أُسِرتُ مُسَلَّماً / وَإِذا سَمِعتَ بِأَن قُتِلتُ فَعَوِّلِ
ما الاِعتِذارُ وَصارِمي في عاتِقي / إِن لَم يَكُن مِن دونِ أَسري مَقتَلي
ما كانَ عُذري إِن صَبَرتُ عَلى الأَذى / وَرَضيتُ بَعدَ تَدَلُّلي بِتَذَلُّلي
فَإِذا رُميتَ بِحادِثٍ في بَلدَةٍ / جَرِّد حُسامَكَ صائِلاً أَو فَاِرحَلِ
فَلِذاكَ لا أَخشى وُرودَ مَنِيَّتي / وَأَرى وُرودَ الحَتفِ عَذبَ المَنهَلِ
فَإِذا عَلا جَدّي فَقَلبي جُنَّتي / وَإِذا دَنا أَجَلي فَدِرعي مَقتَلي
ما تِهتُ بِالدُنيا إِذا هِيَ أَقبَلَت / نَحوي وَلا آسى إِذا لَم تُقبِلِ
وَكَذاكَ ما وَصَلَت فَقُلتُ لَها اِقطَعي / يَوماً وَلا قَطَعَت فَقُلتُ لَها صِلي
صَبراً عَلى كَيدِ العُداةِ لَعَلَّنا / نَسقي أَخيرَهُمُ بِكَأسِ الأَوَّلِ
يا عُصبَةً فَرِحوا بِمَصرَعِ لَيثِنا / ماذا أَمِنتُم مِن وُثوبِ الأَشبُلِ
قَومٌ يُعِزّونَ النَزيلَ وَطالَما / بَخِلَ الحَيا وَأَكُفُّهُم لَم تَبخَلِ
يَفنى الزَمانُ وَفيهِ رَونَقُ ذِكرِهِم / يَبلى القَميصُ وَفيهِ عَرفُ المَندَلِ
وَلَقَد أَسيرُ عَلى الضَلالِ وَلَم أَقُل
وَلَقَد أَسيرُ عَلى الضَلالِ وَلَم أَقُل / أَينَ الطَريقُ وَإِن كَرِهتُ ضَلالي
وَأَعافُ تَسآلَ الدَليلِ تَرَفَّعاً / عَن أَن يَفوهَ فَمي بِلَفظِ سُؤالِ
حوشيتَ مِن زَفَراتِ قَلبي الوالِهِ
حوشيتَ مِن زَفَراتِ قَلبي الوالِهِ / وَكُفيتَ ما يَلقاهُ مِن بَلبالِهِ
وَأُعيذُ سِرَّكَ أَن يَكابِدَ بَعضَ ما / لاقَيتُ مِن قيلِ العَذولِ وَقالِهِ
يا مَن يُعيرُ الغُصنَ لينَ قَوامِهِ / وَيُغيرُ بَدرَ التَمَّ عِندَ كَمالِهِ
ما حَلَّتِ الواشونَ ما عَقَدَ الهَوى / تَفنى اللَيالي وَالغَرامُ بِحالِهِ
صِل عاشِقاً لَولاكَ ما ذَكَرَ الحِمى / وَلَما غَدا مُتَغَزِّلاً بِغَزالِهِ
وَاِجعَل كِناسَكَ في القُلوبِ فَإِنَّها / تُغنيكَ عَن شيحِ العَذيبِ وَضالِهِ
لِلَّهِ بِالزَوراءِ لَيلَتُنا وَقَد / جَرَّدتُ غُصنَ البانِ مِن سِربالِهِ
وَرَشَفتُ بَردَ الراحِ مِن مَعسولِهِ / وَضَمَمتُ قَدَّ اللَدنِ مِن عَسالِهِ
رَشَأٌ كَبَدرِ التَمِّ في إِشراقِهِ / وَكَمالِ طَلعَتِهِ وَبُعدِ مَنالِهِ
ما اِهتَزَّ وافِرُ رِدفِهِ في خَطوِهِ / إِلّا تَشَكّىالخَصرُ مِن أَثقالِهِ
ما بالُهُ أَضحى يَشينُ وَعيدَهُ / بِنَجازِهِ وَوُعودَهُ بِمَطالِهِ
وَيُذيقُني طَعمَ المَلالِ تَدَلُّلاً / فَأَذوبُ بَينَ دَلالِهِ وَمَلالِهِ
ما ضَرَّ طَيفَ خَيالِهِ لَو أَنَّهُ / يَسخو عَلَيَّ وَلَو بِطَيفِ خَيالِهِ
ما كانَ مِن فِعلِ الجَميلِ يَضُرُّهُ / لَو كانَ يَجعَلُهُ زَكاةَ جَمالِهِ
قَسَماً بِضادِ ضِياءِ صُبحِ جَبينِهِ / وَوَحَقَّ سينِ سَوادِ عَنبَرِ خالِهِ
لِأُكابِدَنَّ لَهيبَ نارِ صُدودِهِ / وَلَأَركَبَنَّ عُبابَ بَحرِ مَلالِهِ
وَلَأَحمِلَنَّ اليَمَّ فَرطَ عَذابِهِ / وَأَدومُ مُصطَبِراً عَلى أَهوالِهِ
حَتّى تَقولَ جَميعُ أَربانِ الهَوى / هَذا الَّذي لا يَنتَهي عَن حالِهِ
أَفدي الغَزالَ المُستَبيحَ بِلَحظِهِ / قَتَلَ الأُسودِ وَما دَنَت لِقِتالِهِ
رَشأٌ تَفَرَّدَ في المَحاسِنِ فَاِغتَدى / تَفصيلُ رَسمِ الحُسنِ في إِجمالِهِ
ما حُرِّكَت سَكَناتُ فاتِرِ طَرفِهِ / إِلّا وَأَصمى القَلبَ وَقعُ نِبالِهِ
حَكَمَت فَجارَت في القُلوبِ لِحاظُهُ / كَأَكُفِّ نَجمِ الدينِ في أَموالِهِ
المالِكُ المَنصورُ وَالمَلِكُ الَّذي / تَخشى النُجومُ الشُهبُ شُهبَ نِصالِهِ
مَلِكٌ يَسيرُ النَصرُ عَن تَلقائِهِ / وَوَرائِهِ وَيَمينِهِ وَشِمالِهِ
مَلِكٌ تَقولُ الأَرضُ إِذ يَمشي بِها / حَسبي مِنَ التَشريفِ مَسُّ نِعالِهِ
فَإِذا دَعا الدَهرَ العَبوسَ أَجابَهُ / مُتَعَثِّراً بِالرُعبِ في أَذيالِهِ
سُلطانُ عَصرٍ عَزمُهُ راضَ الوَرى / فَكَفاهُ ماضيهِ عَنِ اِستِقبالِهِ
أَضحى حِمى الحَدباءِ عِندَ إِيابِهِ / يَستَنجِدُ الإِقبالَ مِن إِقبالِهِ
ضَرَبَ الخِيامَ عَلى الحِمى فَأَكُفُّهُ / كَمِياهِهِ وَحُلومُهُ كَجِبالِهِ
أَعطى وَأَجزَلَ في العَطاءِ تَبَرُّعاً / حَتّى سَئِمتُ نِزالَهُ بِنَوالِهِ
ذَلَّت صُروفُ الدَهرِ لَمّا عايَنَت / دونَ الأَنامِ تَعَلُّقي بِحِبالِهِ
وافَيتُهُ وَكَأَنَّني مِن رِقَّهِ / فَأَعَزَّني فَكَأَنَّني مِن آلِهِ
يالَيتَ قَومي يَعلَمونَ بِأَنَّني / أَدرَكتُ طيبَ العَيشِ بَعدَ زَوالِهِ
في ظِلِّ مَلكٍ مُذ حَلَلتُ بِرَبعِهِ / جاءَ الزَمانُ يَرومُ حَلَّ عِقالِهِ
ما ضَلَّ فِكري في جَميلِ صِفاتِهِ / إِلّا اِهتَدى شِعري بِحُسنِ خِلالِهِ
أَو أَصدَأَ الإِيّامُ سَيفَ قَريحَتي / إِلّا جَعَلتُ مَديحَهُ كَصِقالِهِ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي غَدَتِ العُلى / مَقرونَةً بِجِلادِهِ وَجِدالِهِ
أَغرَقتَ بِالإِنعامِ عَبدَكَ فَاِغتَدى / مِن بَحرِكَ التَيّارِ دُرُّ مَقالِهِ
طَوَّقتَهُ بِنَداكَ طَوقَ كَرامَةٍ / وَجَعَلتَ فَيضَ الجودِ مِن أَغلالِهِ
أَصفى لَمَحضِ وَلاكَ عِقدَ ضَميرِهِ / فَسِوى مَديحَكَ لا يَمُرُّ بِبالِهِ
ما زالَ ظِلُّ نَداكَ شامِل
ما زالَ ظِلُّ نَداكَ شامِل / يا مَن يُمَوِّلُ كُلَّ آمِل
يا مَن غَدا كَهفَ الأَيا / مى وَاليَتامى وَالأَرامِل
حُزتَ العُلى وَالجودَ يا / رَبَّ الفَضائِلِ وَالفَواضِل
وَكَمَلتَ كُلَّ فَضيلَةٍ / يا مَلِكاً في الفَضلِ كامِل
وُقَّيتَ حادِثَةَ اللَيالي
وُقَّيتَ حادِثَةَ اللَيالي / وَحُرِستَ مِن عَينِ الكَمالِ
يا مالِكاً بِصَنيعِهِ / حازَ المَعاني وَالمَعالي
قَسَماً بِأَنعُمِكَ الجِسا / مِ عَلى المُؤَمِّلِ وَالمَوالي
إِنّي لَمُشتاقٌ إِلى / تِلكَ الشَمائِلِ وَالجَمالِ
وَلَقَد ذَكَرتُ القُربَ مِن / كَ وَطيبَ أَيّامي الخَوالي
فَطَفِقتُ أَصفُقُ راحَتي / وَعِندَ صَفقَتِها مَقالي
كَيفَ السَبيلُ إِلى سُعا / دَ وَدونَها فَلَكُ الحَيالي
وَلَقَد أَروحُ إِلى القَنيصِ وَأَغتَدي
وَلَقَد أَروحُ إِلى القَنيصِ وَأَغتَدي / في مَتنِ أَدهَمَ كَالظَلامِ مُحَجَّلِ
رامَ الصَباحُ مِنَ الدُجى اِستِنقاذَهُ / حَسَداً فَلَم يَظفَر بِغَيرِ الأَرجُلِ
فَكَأَنَّهُ صِبغُ الشَبيبَةِ هابَهُ / وَخَطُ المَشيبِ فَجاءَهُ مِن أَسفَلِ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالسُيوفُ مُواطِرٌ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالسُيوفُ مُواطِرٌ / كَالسُحبِ مِن وَبلِ النَجيعِ وَطَلِّهِ
فَوَجَدتُ أُنساً عِندَ ذِكرِكِ كامِلاً / في مَوقِفٍ يَخشى الفَتى مِن ظِلِّهِ
لا حُبَّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ
لا حُبَّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ / فَاِصرِف هَواكَ عَنِ الحَبيبِ الأَوَّلِ
وَدَعِ العَتيقَ فَلِلجَديدِ حَلاوَةٌ / تُنسيكَ ماضي العَيشِ بِالمُستَقبَلِ
أَعلى المَراتِبِ في الحِسابِ أَخيرُها / فَقِسِ المِلاحَ عَلى حِسابِ الجُمَّلِ
أَتَشُكُّ في أَنَّ النَبِيَّ مُحَمَّداً / خَيرُ البَرِيَةِ وَهوَ آخِرُ مُرسَلِ
مَن لي بِأَنَّكَ يا خَلي
مَن لي بِأَنَّكَ يا خَلي / لُ تَكونُ في الدُنيا خَليلي
وَصلٌ قَبيحٌ مِنكَ أَح / لى لي مِنَ الصَبرِ الجَميلِ
مَن كُنتَ أَنتَ رَسولَهُ
مَن كُنتَ أَنتَ رَسولَهُ / كانَ الجَوابُ قَبولَه
هُوَ طَلعَةُ الشَمسِ الَّذي / جاءَ الصَباحُ دَليلَه
لَم يَبدُ وَجهُكَ قَبلَهُ / إِلّا اِرتَقَبتُ وُصولَه
فَلِذاكَ إِذ واجَهتَني / بَلِّ الفُؤادُ غَليلَه
عُجنا عَلى وادي الصَفا فَصَفا
عُجنا عَلى وادي الصَفا فَصَفا / عَيشي وَوَلّى الهَمُّ مُرتَحِلا
وَلَنا بِها وَالشَمسُ في أَسَدٍ / قَيظاً فَخِلنا بُرجَها الحَمَلا
في رَوضَةٍ حاكَ الرَبيعُ لَها / بُسطاً وَأَلبَسَ دَوحَها حُلَلا
ما إِن تَزالُ رِياضُها قُشُباً / أَبَداً وَبُردَةُ شَمسِها سَمِلا
فَكَأَنَّ صَوبَ المُزنِ يَعشَقُها / فَأَقامَ لا يَبغي بِها حِوَلا
ما زالَ يَبكيها وَيَعتَبُها / حَتّى تَوَرَّدَ خَدُّها خَجَلا
كَفاكَ تَهمي بِالنَوالِ وَتَهمُلُ
كَفاكَ تَهمي بِالنَوالِ وَتَهمُلُ / وَيَداكَ تَجزي بِالجَميلِ وَتُجزِلُ
وَعُلاكَ يَقضي لِلمُؤَمِّلِ بِالرِضى / وَعَطاكَ يَكفي الوافِدينَ وَيَكفَلُ
أَنتَ الَّذي إِن أَمَّهُ مُستَصرِخٌ / يَكمي العَطِيَّةَ لِلنَزيلِ وَيَكمُلُ
فَإِذا شَكا جَورَ الحَوادِثِ جارُهُ / يُعدي النَزيلَ عَلا الزَمانِ وَيَعدِلُ
ما كُنتَ لِلشَهباءِ إِلّا وابِلاً / يُرسى عَليها بِالقُطارِ وَيُرسَلُ
ما شاهَدَت عَينايَ قَبلَكَ حاكِماً / يُعزى إِلى فِعلِ الجَميلِ فَيُعذَلُ
مَولايَ دونَكَ نَظمَ شاكٍ شاكِرٍ / يُغضي فَيَحمي العَتبَ عَنكَ وَيَحمِلُ
وَأُجِلَّ مَجدَكَ أَن يَكونَ مُساعِدي / دَهراً فَتُبدي ضِدَّ ذاكَ وَتُبدِلُ
فَسِواكَ مَن يَرضى بِفِعلِ دَنِيَّةٍ / يَشكو الصَديقَ مِنَ المِطالِ فَيَشكُلُ
لا زالَ ظِلِّكَ لِلعُفاةِ ظَليلا
لا زالَ ظِلِّكَ لِلعُفاةِ ظَليلا / وَرَبيعُ مَجدِكَ لِلمُقِلِّ مَقيلا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي آراؤُهُ / سَحَبَت عَلى هامِ السِحابِ ذُيولا
أَنتَ المُؤَيَّدُ مِن إِلَهِكَ بِالَّذي / طُلتَ الأَنامَ بِهِ وَنِلتَ السولا
بِسَماحَةٍ تَذَرُ العُفاةَ أَعِزَّةً / وَحَماسَةٍ تَذرُ العَزيزَ ذَليلا
وَشَمائِلٍ لَو صافَحَت عِطفَ الصَبا / خِلتَ الشَمالَ مِنَ الصَفاءِ شَمولا
وَصَوارِمٍ حَمَتِ البِلادَ حُدودُها / وَأَرَتكَ في حَدِّ الزَمانِ فُلولا
فَنَظَمتَها فَوقَ الرِقابِ غَلاغِلاً / وَتَخالُها بَينَ الضُلوعِ غَليلا
طَمَحَت إِلى عَلياكَ أَحداقُ الوَرى / وَاِرتَدَّ طَرفُ الدَهرِ عَنكَ كَليلا
وَهَبَت لَكَ العَلياءُ حَقَّ صَداقِها / حَتّى رَضيتَ بِأَن تَراكَ خَليلا
إِن أَمَّ رَبعَكَ مِن وُفودِكَ قاصِدٌ / أَمسَت بُيوتُ المالِ مِنكَ طُلولا
تُعطي وَتَسأَلُ سائِليكَ مَعَ العَطا / عُذراً فَكُنتَ السائِلَ المَسؤُولا
تَجِدُ اليَسيرَ مِنَ المَدائِحِ مُفرِطاً / وَتَرى الكَثيرَ مِنَ العَطاءِ قَليلا
يا مَن إِذا وَعَدَ الجَميلَ لِوَفدِهِ / أَضحى الزَمانُ بِما يَقولُ كَفيلا
مَولايَ تَثقيلي عَليكَ كَثيرٌ / إِذ كانَ ظَنّي في عُلاكَ جَميلا
وَبِريفِ مِصرِكَ لي عَزيزٌ لَم أَجِد / بِسِواكَ لِلإِنصافِ مِنهُ سَبيلا
لَمّا عَرَضتُ عَلى عُلاكَ لِذِكرِهِ / طَرفاً وَصادَفَ مِن نَداكَ قَبولا
هَنَّأتُ نَفسي ثُمَّ قُلتُ لَها ابشِري / وَثِقي فَذَلِكَ وَعدُ إِسماعيلا
هُوَ صادِقُ الوَعدِ الَّذي لِوَفائِهِ / نَستَشهِدُ الآياتِ وَالتَنزيلا
قَد ظَلَّ يَفتَخِرُ القَريضُ بأَنَّني / صَيَّرتُهُ طَوراً إِلَيكَ رَسولا
وَالعَبدُ مُشتَهِرٌ بِحُبِّكَ ناطِقٌ / بِجَميلِ ذِكرِكَ بُكرَةً وَأَصيلا
فَاِجعَل إِجازَةَ شِعرِهِ مِن مالِهِ / إِذ شَأنُهُ أَن لا يَرى التَثقيلا
أَضرَبتَ صَفحاً إِذ أَتَتكَ صَحيفَتي
أَضرَبتَ صَفحاً إِذ أَتَتكَ صَحيفَتي / فَطَوَيتَ كَشحاً عِندَ رَدَّ رَسائِلي
أَظَنَنتَ كُلَّ الرَدِّ يَقبُحُ فِعلُهُ / رَدُّ الجَوابِ خِلافُ رَدِّ السائِلِ
لَم تَبغِ هِمَّتُكَ المَحَلَّ العالي
لَم تَبغِ هِمَّتُكَ المَحَلَّ العالي / إِلّا وَأَنتَ مُوَفَّقٌ لِكَمالِ
وَكَذاكَ ما عَشِقَت خَلائِقُكَ العُلى / إِلّا وَلِلأَموالِ قَلبُكَ قالي
أَمُجَدِّلَ الأَبطالِ بَل يا باذِلَ ال / أَموالِ بَل يا حامِلَ الأَثقالِ
صَيَّرتَ أَسحارَ السَماحِ بَواكِراً / وَجَعَلتَ أَيّامَ الكِفاحِ لَيالي
بِحَماسَةٍ مَقرونَةٍ بِسَماحَةٍ / وَجَلادَةٍ مَشفوعَةٍ بِجِدالِ
تُحمي الجِوارَ مِنَ الحَوادِثِ مِثلَما / يَحمي فَريسَتَهُ أَبو الأَشبالِ
أَغياثَ دينِ اللَهِ يا مَن رَأيُه / يُغنيهِ عَن خَطِّيَّةٍ وَنِصالِ
ما كُنتُ أَعلَمُ قَبلَ لُحتَ لِناظِري / أَنَّ الخُيولَ تَسيرُ بِالأَجبالِ
طاوَعتُ فيكَ تَفَرُّسي وَتَوَسُّمي / وَعَصَيتَ فيكَ مَلامَةَ العُذّالِ
ما زِلتُ مِنذُ سَرى رُكابُكَ مائِلاً / أَتَوَقَّعُ الإِقبالَ بِالإِقبالِ
وَجَهَدتُ أَنّي لا أَسيرُ مُيَمَّماً / حَتّى أُمَثَّلَ بِالمَقَرِّ العالي
في جَنَّةِ الفِردوسِ كانَ مُقامُناً / وَبِمِثلِها في الحَشرِ يَنجَحُ فالي
فَكَأَنَّ ذاكَ اليَومَ رِقدَةِ نائِمٍ / وَكَأَنَّ عَيشي فيهِ طَيفُ خَيالِ
ما تِلكَ لِلسُلطانِ أَوَّلَ مِنَّةٍ / عَمَّت يَداهُ بِمِثلِها أَمثالي
مَلَكٌ عَرَفتُ بِهِ المُلوكَ فَلَم يَزَل / شِعري بِهِ عالي سِعرِيَ غالي
لَمّا رَأَيتَ لِسانَ شُكري قاصِراً / وَعَلِمتَ وِدّي مِن لِسانِ الحالِ
وَحَفَظتُ عَهدَكَ مِثلَ حِفظي صِحَّتي / وَشَهِدتَ في ذاكَ المَقامِ مَقالي
أَغَراكَ جودُكَ بي فَجُدتَ تَبَرُّعاً / وَسَأَلتَني لَمّا أَمِنتَ سُؤالي
فَأَبَيتُ أَن أَرضى لِصِدقِ مَحَبَّتي / ثَمَناً وَأُرخِصُ قَدرَ وُدّي الغالي
وَمَنَحتَني فَبَذَلتُ مالَكَ في يَدي / وَحَسَدتُ جودَكَ لي فَجُدتُ بِمالي
إِذ كُنتُ أَرغَبُ في رِضاكَ وَلَم يَكُن / لي مَع وِدادِكَ رَغبَةٌ في المالِ
وَأَوَدُّ أَن أُجري بِبالِكَ بَعضَ ما / يُجري مَديحُكَ وَالثَناءُ بِبالي
ما كُنتُ أَنهَكُ بِالتَوَقُّعِ بِالعَطا / عِرضي فَأُسمِنَ جارَتي بِهُزالي
لَكِن أُزيلُ نَفيسَ ما مَلَكَت يَدي / أَنفاً وَماءُ الوَجهِ غَيرُ مُزالِ
شِيَمٌ عَهِدتُ بِها مَساعي مَعشَري / فَسَحَبتُ في آثارِهِم أَذيالي
ما طالَ في الدُنيا تَنَعُّمَ راحَتي / إِلّا وَقَد قَصُرَت بِها آمالي
ما في نِظامي غَيرَ تَركِ مَدائِحي / نَقصٌ وَذاكَ النَقصُ غَيرُ كَمالي
لَو أَنَّ قُوَّةَ وَجهِهِ في قَلبِهِ
لَو أَنَّ قُوَّةَ وَجهِهِ في قَلبِهِ / قَبَضَ الأُسودَ وَجَدَّلَ الأَبطالا
أَو كانَ طولُ لِسانِهِ بِيَمينِهِ / أَفنى الكُنوزَ وَأَنفَذَ الأَموالا
لَن يَقضِيَ الحاجاتِ إِلّا دِرهَمٌ
لَن يَقضِيَ الحاجاتِ إِلّا دِرهَمٌ / عَزَّ الغَنيُّ وَدِرهَمٌ لِمُؤَمِّلِ
يُدني لَكَ الغَرَضَ البَعيدَ بِسِحرِهِ / وَيَحُلَّ عُقدَةَ كُلِّ أَمرٍ مُشكِلِ
فَإِذا فَهِمتَ السِرَّ فيهِ رَأَيتَهُ / ذُخرَ المُؤَمِّلِ نُزهَةَ المُتَأَمِّلِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى أَسِرَّةِ وَجهِهِ / لَمَعَت كَلَمعِ العارِضِ المُتَهَلِّلِ
إِنَّ الفَقيرَ وَإِن نَمَت
إِنَّ الفَقيرَ وَإِن نَمَت / هُ مَكارِمٌ وَفَضائِلُ
لا يُستَعانُ بِهِ وَلا / يُعبا بِما هُوَ قائِلُ
لَو كانَ سَحبانَ البَلا / غَةِ أَنكَرَتهُ وائِلُ
أَو كانَ قَسّاً في الفَصا / حَةِ قيلَ هَذا باقِلُ
لِلعِشقِ سُكرٌ كَالمُدا
لِلعِشقِ سُكرٌ كَالمُدا / مِ إِذا تَمَكَّنَ في العُقولِ
يَبقى اليَسيرُ مِنَ الكَثي / رِ فَكيفَ ظَنُّكَ بِالقَليلِ