القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 23
عَلَّ الهوى يهفو به العَذَلُ
عَلَّ الهوى يهفو به العَذَلُ / ويغضّ من جَمَحانِهِ المَلَلُ
والحبُّ أضيعُ ما أطاف به / قلبٌ ونيطَ بحفظه شُغُلُ
ولقد صحبتُ العيشَ مصطبراً / سلوَان لا يسطيعني الغَزَلُ
إنْ شئتُ أعمدتُ الخِباءَ ولا / تحظَى بِيَ الأستارُ والكِلَلُ
ومُلَوَّحِ الخدّين تحملُهُ / أبداً على أعناقها السُّبُلُ
نابٍ عن الأوطانِ فهْوَ متى / ظَفِرت به الأوطان مُرتحِلُ
ترك البلادَ لمنْ أقام بها / وتقطّعتْ عن عيشِهِ العُقَلُ
يسعى إلى العلياءِ يُحرزها / سعياً تحامَى وقْعَهُ الزَّلَلُ
وإذا الفتى كُتبَ النَّجاءُ له / فالكَلْمُ يعفو والأذى جَلَلُ
دَيني وإنْ ألْوَى المِطالُ به / تَلْويه نحوي البِيضُ والأَسَلُ
وَسوايَ إنْ قعد الزّمان به / قعدتْ به الآراءُ والحِيَلُ
والدّهرُ يجذبنا إلى أَمَدٍ / تَغنى به الأسفارُ والرِّحَلُ
ما أقربَ الأعمالَ من أجلٍ / العمرُ صبحٌ والرّدى أُصُلُ
والمرءُ إنْ أخطاهُ طالبُهُ / لم تخطِهِ من دهرِهِ الغِيَلُ
مُلقىً على طُرْقِ الخطوبِ له / من كَرِّها حلٌّ ومُرتَحَلُ
أَيَقودني أَمَلي فأتبَعُهُ / والذُّلُّ يصحب مَن له أَمَلُ
وعليَّ تستعلي الرّجالُ وما / يبدو لعينِي منهمُ رجلُ
ما لِي أُعلَّلُ بالخِداعِ وقد / تُردِي المعلَّلَ دهرَه العِلَلُ
تَقذِي جفوني كلُّ رائقةٍ / ويَمُرُّ في لَهَواتِيَ العَسَلَ
في كلّ يومٍ صاحبٌ سَئِمٌ / يُلقى على ظهري فأحتملُ
وإِذا وصلتُ إلى الحسين فدى / وَصْلِي له الخُلّانُ والخُلَلُ
ذاكَ الّذي جُمِعَ الولاءُ له / وتشايعتْ في حبّه المِلَلُ
في كلِّ عارفةٍ له قَدَمٌ / ولكلّ مَكرُمةٍ به مَثَلُ
سَبْطُ الأناملِ وَبْلُهُ دِيَمٌ / للمعتفين ووِرْدُه عَلَلُ
والجودُ حيثُ الوعدُ مُفتَقَدٌ / والقولُ معقودٌ به العَمَلُ
وإذا أعار القولَ منطقُه / خَفَتَ الكلامُ وأَمْسَكَ الزَّمِلُ
هذا وكم غمّاءَ خالطها / والظنُّ فيها شاربٌ ثَمِلُ
أدّتْهُ وضّاحَ الجَبين كما / أدّتْ صقال الصّارمِ الخِلَلُ
وَلأَنتَ إنْ عُدّ اِمرؤٌ سَلَفاً / من معشرٍ إنْ فوضِلوا فَضَلوا
المفضِلون إذا الورى بخلوا / والمقدِمون إذا هُمُ نَكلَوا
والمعجلو الجُرْدِ العِتاقِ ولا ال / أَرْسانُ تمسكها ولا الجُدُلُ
غلبوا على خطط العَلاءِ وكم / قد رامها قومٌ فما وصلوا
لا يطمحون إلى بُلَهْنِيَةٍ / في طيّها التّأْنيبُ والعَذَلُ
وإذا الصَّريحُ عَلَتْ غَماغِمُهُ / وأزلّ من خطواتِهِ البَطَلُ
ملأوا الفضاءَ بكلّ مُنْصَلِتٍ / ما دبّ في حَيْزومه الوَجَلُ
للَّه دَرُّك والثَّرى ضَرِجٌ / والبيضُ تهطِلُ والقنا خَضِلُ
فَلَرُبَّ نازلةٍ نَدبتَ لها / عزماً تَولَّجَ رَيْثه العَجَلُ
ومُرَوَّعٍ حصّنتَ مهجتَه / وقدِ اِشْرَأَبَّ لأخذها الأَجَلُ
حيث الرّدى موفٍ بكَلْكَلِهِ / ينجاب عنه الثُّكْلُ والهَبَلُ
والسُّمرُ في اللَّبّاتِ طائشةٌ / والبيضُ تكثِمُ شطرَها القُلَلُ
هَجَرَ الحسودُ تباعَ زَفْرتِه / وتحسّرتْ عن صدره الغِلَلُ
ورآك أسبق إنْ جريتَ ولو / أعطته سَبْقَ لحاظها المُقَلُ
واليأسُ أروحُ للقلوب إذا / كانت إلى المطلوب لا تصلُ
ما ضرّ مَن يرضاك جُنَّتَهُ / إنْ حُكّمَتْ فيه القنا الذُّبُلُ
حسبي دفاعُك فهو لِي حَرَمٌ / يضفو على سِرْبي وينسدِلُ
أعليتَ طرفي وهو منخفضٌ / وحميتَ رَبْعي وهو مُبتَذَلُ
وبلغتَ بِي في العزّ منزلةً / كلُّ الورى عن مثلها نُزُلُ
فلأَشكرنّك ما مشتْ بفتىً / قدمٌ وحنّتْ للنّوى إِبِلُ
وَليُهْنِك العيدُ الّذي عَزَبَتْ / عنه الهمومُ وأطبق الجَذَلُ
يومٌ تطيح به الذّنوبُ كما / دفع الغُثاءَ العارضُ الهَطِلُ
فَاِسعَدْ بهِ فالعزُّ مؤتَنَفٌ / بقدومه والمجدُ مُقتَبِلُ
وَاِسلَمْ على نُوَبِ الزّمان وإنْ / شَقِيَتْ بها الأملاكُ والدُّوَلُ
والعنقُ أوْلَى أنْ يُصان وأنْ / يشقى بجمرةِ دائِهِ الكَفَلُ
أترى يؤوب لنا الأُبَيْ
أترى يؤوب لنا الأُبَيْ / رِقُ والمُنى للمرءِ شُغْلُ
طَلَلٌ لعَزَّةَ ما يزا / لُ على ثراهُ دمٌ يُطَلُّ
قتلوا وما قتلوا وعن / دَهُمُ لنا قوَدٌ وعَقْلُ
قل للّذين على مَوا / عِدهم لنا خُلفٌ ومَطْلُ
كم ضامني من لا أُضِي / مُ وملَّني مَن لا أمَلُّ
يا عاذلاً لعتابه / كَلٌّ على سَمْعِي وثِقْلُ
إن كنت تأمر بالسُّلُو / وِ فقل لقلبي كيف يسلو
قلبي رهينٌ في الهوى / إن كان قلبُك منه يخلو
ولقد علمتُ على الهوى / أنّ الهوى سُقمٌ وذُلٌّ
وتعجّبتْ جَمْلٌ لشَيْ / بِ مفارقي وتشيبُ جَمْلُ
ورأتْ بياضاً في سوا / دٍ ما رأته هناك قَبْلُ
كَذُبالةٍ رُفعَتْ على ال / هضباتِ للسّارين ضَلّوا
أيُّ المفارق لا يُزا / رُ بذا البياضِ ولا يُحَلُّ
لا تُنكِرِيهِ وَيْبَ غي / رك فَهْو للجهلاءِ غُلُّ
ومُعَرِّسٍ أيقظتُه / واللّيلُ للآفاقِ كُحْلُ
في لَيلةٍ مضروبةٍ / والقُرُّ في الأطرافِ نَمْلُ
نزع الكرى ثمّ اِستَوى / فكأنّه للرّكْبِ جِذْلُ
يا صانعَ البُكراتِ والر / رَوْحاتِ تنقُلُه شِمَلُّ
ينبو به في كلّ شا / رقةٍ مَرادٌ أو محلُّ
هذا أبو الخطّاب ذو الن / نعماءِ سيّدُنا الأجلُّ
أحللْ به عُقَدَ الرّحا / لِ فليس بعد اليومِ حَلُّ
واِعقِرْ قَلوصَك عنده / فهناك مالٌ ثمّ أهلُ
يا مفزعَ الملهوفِ مم / ما خاف يعمِدُ أو يَزِلُّ
ومحصّن المهجات لم / ما أنْ غَدَوْنَ وهنّ أُكْلُ
وعلى الوسائد منك لل / أقوامِ مرهوبٌ مُجَلُّ
مُتَخمِّطٌ يَعِدُ الرّجا / لَ ودونهمْ خَرْقٌ مَضَلُّ
رَهْبٌ ورَغْبٌ عنده / فكأنّه شمسٌ وطَلُّ
ولربّ داهيةٍ يضي / قُ بكيدها السِّمْعُ الأزَلُّ
مطموسةِ الأعلام في / طُرُقاتها حَرَجٌ وأزْلُ
كنتَ اِبنَ بَجْدَتِها وقدْ / دُعِيَ الرّجالُ لها فقلّوا
ولقد تحقّقت النّوا / ئبُ أنَّ غَرْبَك لا يُفَلُّ
وحريزَ أمْنِك لا يُرا / عُ وذَوْدَ أرضك لا يُشَلُّ
أقسمتُ بالبيت الحرا / مِ يزوره رَكْبٌ ورَجْلُ
وبزمزمٍ والكارعي / ن لما بها نهلوا وعَلُّوا
والنّازلين على مِنىً / لهمُ بها عَقْرٌ وبَزْلُ
وبمسقَطِ الجمراتِ في ال / وادي المُغَمّسِ واِستهلّوا
إنّ السّجايا الغُرَّ عن / دك ليس يعدِلهنّ مِثْلُ
كرمٌ وعدلٌ فائضٌ / مَن ذا له كرمٌ وعدلُ
وجَنانُ مفتقرِ الجرا / ئرِ لا يُقيمُ عليه ذَحْلُ
كم نعمةٍ لك جَمّةٍ / عندي ومعروفٌ وفضلُ
وصنائعٍ مشهورةٍ / طُرُقٌ إلى شكري وسُبْلُ
ما أنسَ لا أنسَ اِهتما / مك بي وقد شَحَطَ المحلُّ
ومواقفاً لي قمتها / وَالحاسدونَ إليّ قُبْلُ
وَكَفيتني شَطَطَ السؤا / ل وأيُّ عَضْبٍ لا يُسَلُّ
إنْ لم نُوَفِّك قَدْرَ شك / رِكَ فالمحارمُ تُستَحَلُّ
وكثيرُ ما قمنا به / في جَنبِ حقّك مُستَقَلُّ
واِسمَعْ فذا النّيروزُ يُخْ / برُ أنّ جَدّك فيه يعلو
وَخلود عزٍّ لا يُحا / لُ ولا يُزال ولا يُمَلُّ
واِسلَم فإنّا لا نُبا / لي بعد بُرْءِك مَن يُعَلُّ
وإذا بقيتَ محرّماً / فجميع ما نخشاه حِلُّ
يا راكباً وصل الوجيفَ ذميلُهُ
يا راكباً وصل الوجيفَ ذميلُهُ / هل زال من وادي الأراك حُمولُهُ
عُجنا عليه وللقلوب بلابلٌ / هيّجنَهُنّ ربوعُهُ وطلولُهُ
فخشوعنا لخشوعِهِ ونحولُنا / إن كنت تُنكره جناه نحولُهُ
من أجلِ دارٍ فوقَ وَجْرَةَ أقفرتْ / سيلٌ من العينين لجّ همولُهُ
نبكي وما أجدى على متتبّعٍ / أثَرَ الدّيارِ بكاؤه وعويلُهُ
يا وحشَ وَجْرَةَ هل أراكَ على ثرىً / غضِّ النّباتِ تحومُهُ وتجولُهُ
وهل الأراكُ وإنْ تقادم عهده / أغنى به فأظلُّه وأقيلُهُ
وهل الكثيبُ بحاله أم رُفّعتْ / بالرّامساتِ عن الكثيب ذُيولُهُ
أهْواكَ يا شجرَ الأراكِ وبيننا / عرضُ الحجازِ لمن بغاك وطُولُهُ
إِنّ الزّمان جميعَه بك طيّبٌ / إصباحُهُ وظلامُهُ وأصيلُهُ
زمنُ اللّوى لم أدرِ كيف قصيرُهُ / حَتّى اِنقضى فدريتُ كيف طويلُهُ
إنّ الأُلى حلّوا اللّوى وتحمّلوا / وَضَحَ الضُّحى فيهمْ لقلبِك سُولُهُ
ضنّوا عليك من النّدى بقليله / وكثيرُ حبّك عندهمْ وقليلُهُ
ووراءهمْ قَرِمٌ إلى أزوادهمْ / ظامٍ إِليهمْ لا يَبُلُّ غليلُهُ
ترجو معاودَةَ الوِصالِ كما بدا / إِبّانَ جاد به عليه بخيلُهُ
يا ردَّ ربّكُمُ إليَّ بعيدكمْ / وأَمال قلبكُمُ عليَّ يُميلُهُ
ومزوّدٍ ماءَ الشّبابِ كأنّهُ / قَمَرُ الدُّجُنَّةِ حُسنُهُ ومُثولُهُ
أَظْما إِلى تَقبيله ولو اِنّني / قبّلتُهُ لم يَروِني تقبيلُهُ
ضاقتْ به أقطارُهُ وأُقضَّ حت / تى زارني صُبحاً عليه مَقِيلُهُ
من بعد ما كان الوصالُ سبيلنا / فيه وكان الهجر منه سبيلُهُ
وكأنّما هو نعمةً ولُدونَةً / نشوانُ دبّتْ في العظامِ شَمولُهُ
مَنْ مانعٌ عنّي وقد شَحَطَ الصِّبا / شيباً عَلى الفَوْدَين آن نزولُهُ
وافى هَوِيَّ السِّلْكِ خرّ نظامُهُ / والشِعْبُ سال على الدّيار مَسيلُهُ
سبقَ اِحتِراسي مِن أذاه بطيئُهُ / لمّا تجلّلنِي فكيف عجولُهُ
ما ضرّه لمّا أراد زيارةً / لو كان بالإيذانِ جاء رسولُهُ
لا مرحباً ببياضِ رأسي زائراً / أعيا عليَّ حلولُهُ ورحيلُهُ
مَن كان يرقُبُ صحّةً مِن مُدْنفٍ / فالشّيبُ داءٌ لا يَبُلُّ عليلُهُ
نَصَل الشّبابُ إلى المشيب وإنّما / صِبْغُ المشيبِ إلى الفناءِ نُصولُهُ
إنَّ البَهيم من الشّباب ألَذُّ لِي / فلتَعْدُني أوضاحُهُ وحُجولُهُ
أعجبْ به صبحاً يُوَدُّ ظلامُهُ / وشهابُ داجيةٍ يُحَبُّ أفولُهُ
قالوا المشيبُ نَباهةٌ وأوَدّ أنْ / باقٍ عليَّ منَ الشّبابِ خُمولُهُ
والفضلُ في الشَّعَرِ البياض وليتَهُ / لم يَشجِنِي بفراقهِ مفضولُهُ
ولقد عجبتُ لمعشرٍ صانوا الغِنى / وأَذَالَ منهم ما سواه مُذيلُهُ
ظلُّ الغني يا ساكني ظلِّ الغنى / يُخشى عليه زوالُهُ وحُؤولُهُ
لم يثرِ مَن لم يُغنِ مفتقراً ولمْ / يَنَلِ الغِنى من لا تراه ينيلُهُ
والجودُ لا يُبقي التِّلادَ على الفتى / والبخلُ عنوانُ الغِنى ودليلُهُ
لا يفضُلُ الأقوامَ إلّا ماجدٌ / دبّتْ إلى أيدي الرّجال فُضولُهُ
للبِرِّ ما كسبتْ يداهُ وللنّدى / منه الغَداةَ حُزونُهُ وسهولُهُ
متلهِّبٌ فإذا علا قِمَمَ العِدا / بسيوفِه ماتتْ هناك ذُحولُهُ
سائلْ لتعرفني ففيك جهالةٌ / خطباً تراه يطولني وأطولُهُ
لمّا اِلتَوَتْ عنه كواهلُ معشرٍ / أضحى عليَّ دقيقُهُ وجليلُهُ
فَلّتْ مقارعةُ الزّمانِ مضاربِي / والسّيفُ تشهد بالمَضاءِ فُلولُهُ
وتبيّنتْ بدمِ الرّجال صرامتي / واليوم تجري بالدّماءِ سيولُهُ
وبصيرتي يوم الهياجِ بصيرةٌ / والنَّقْعُ مُرْخىً في الوجوه سُدولُهُ
يومٌ يكُرّ عزيزهُ يبغي الرّدى / ويفرّ يستبقي الحياةَ ذليلُهُ
وَأَنا الّذي فضَلَ العشائرَ قومُه / بِعلاه واِستَلب الفخارَ قبيلُهُ
ومتى تأمّلتَ الزّمانَ فإنّه / وادٍ بغُرِّ المكرُماتِ أسيلُهُ
إنّ الفتى ما إنْ تطيب فروعُه / لمجرّبٍ حتّى تطيب أُصولُهُ
والنّاسُ في الدّنيا إذا جرّبْتْهَمْ / بين الملا طاشت هناك عقولُهُ
كم طالبٍ ما لا يُنال وراكبٍ / من سيّئٍ ما لا يُقال زَليلُهُ
ومزاولٍ تعجيل أمرٍ لو أتى / عَجِلاً إِليه لساءَه تعجيلُهُ
ومُرَقِّحٍ نَشَباً حواه غيرُهُ / ومؤمّلٍ ولغيره مأمولُهُ
والرّزقُ يُحْرَمه الخبيرُ ويهتدي / عفواً إليه عَقولُهُ وجَهولُهُ
لا ذاك يدري كيف خاب ولا درى / هذا عليهِ كيف كان حصولُهُ
وأخٍ بدا منه القبيح عقيب ما / فعل الجميلَ فضاع منه جميلُهُ
شَفَعَ الزّيارةَ هجرُهُ وبِعادُهُ / وتلا الوِصالَ صدودُهُ وعُدولُهُ
ما إنْ يروعُك قصدُهُ مستشعراً / نَسْجَ الدُّجى حتّى يروع قفولُهُ
متلوّنٌ إعطاؤه حرمانُهُ / متقلّبٌ ممنوعُهُ مبذولُهُ
مَن عاذري مِن مُرهِقِي أو مُعلقِي / من وُدِّهِ عِلْقاً يُرادُ بديلُهُ
دَنِساً كرَيْطِ الحائضاتِ لبِسْنَهُ / فلَزِمْنَهُ حتّى اِستطارَ نَسيلُهُ
علّلْ برفقك مَن لقيتَ من الورى / إنّ العليلَ شفاؤه تعليلُهُ
ودعِ القلوبَ بغِلِّها مطويّةً / ما السّرُّ إلّا ما إِليك وصولُهُ
وَاِنصَحْ لنَفسك إنْ نصحتَ فكلُّ مَن / تلقاه في الدّنيا يقلُّ قبولُهُ
لِي منزلٌ ولمنْ سلاكمْ منزلُ
لِي منزلٌ ولمنْ سلاكمْ منزلُ / فدعوا العَذولَ على هواكمْ يعذُلُ
وإذا مررتُ بغيرها أسطيعُهُ / فمن الضّرورةِ أنّنِي لا أَقبَلُ
بأبي وأُمّي راحلٌ طَوْعَ النّوى / ويَوَدُّ قلبي أنّه لا يَرحلُ
ولقد حملتُ غداةَ زُمّتْ للنّوى / أحمالُكمْ في الحبِّ ما لا يُحمَلُ
وعجبتُمُ أنّي بقيتُ وقد مضى / بالعِيشِ من كفّي الخَليطُ المُعْجَلُ
لَيس اِصطباراً ما ترون وإنّما / هو للّحُاةِ تصبُّرٌ وتَجَمُّلُ
فدعوا القُرونَ بزفرةٍ لم تُسْتَمَعْ / بعد الفراقِ ودمعةٍ لا تَهطِلُ
فالنّارُ يخمد ظاهراً لك ضوءُها / ووراء ذاك لهيبُ جَمْرٍ مُشْعَلُ
مَن لي بقلب الفارغين من الهوى / لا مهجَةٌ تضنى ولا تَتَقَلْقَلُ
مَن شاء فارقني فلا طَلَلٌ له / يُبكى وَلا عنه رباعٌ تُسأَلُ
وإذا الرّجالُ تعزّزوا ومشتْ إلى / مهجاتهمْ رُسُلُ الغرامِ تذلّلوا
وأُساةُ أدواءِ الشِّكايةِ كُلُّهمْ / يدرون أنّ الحبَّ داءٌ مُعضِلُ
مَن مبلغٌ ملكَ الملوكِ بأنّنِي / بلسانِ طاعته أعِلُّ وأنْهَلُ
قد كنتُ أمطل مَنْ بغى منّي الهوى / حتّى دعاني منك مَن لا يَمطُلُ
فبلغتُ عندك رتبةً لا تُرتَقى / ونزلتُ منك مكانةً لا تُنزَلُ
وعلمتُ حين وزنتُ فضلك أنّه / من كلّ فضلٍ للأماجدِ أفضلُ
للَّه درُّ بني بُوَيْهٍ إنّهمْ / أعطوا وقد قلّ العطاءُ وأجزلوا
ولهمْ بأسماكِ المجرَّةِ منزلٌ / ما حَلَّهُ إلّا السِّماكُ الأَعزلُ
المُطعِمين إذا السّنونُ تكالحتْ / واِغبرّ في النّاسِ الزّمان المُمحلُ
والمبصرين مكانَ حزّ شفارهمْ / في الرَّوْع إذ أعشى العيونَ القَسْطَلُ
وَالدّاخلين على الأسنّةِ حُسَّراً / إنْ قلَّ إدخالٌ وعزّ المدخَلُ
فهُمُ الجبالُ رزانةً فإذا دُعُوا / لعظيمةٍ خفّوا لها واِستعجلوا
وهُمُ الرؤوس وكلُّ مَن يعدوهم / في المعتلين أخامصٌ أو أرجلُ
لهُمُ القُطوبُ تَوَقُّراً فإذا هُمُ / همّوا بأنْ يُعطوا النّوالَ تهلّلوا
وإذا المحاذرُ بالرّجالِ تولّعتْ / فهمُ من الحَذَرِ المُلِمِّ المَعقِلُ
إنْ خَوّلوا من غير أن يعنوا بما / قَد خوّلوا فكأنّهمْ ما خوّلوا
وَإِذا اِلتَفتّ إلى عِراصِهمُ الّتي / عزّ الذّليلُ بها وأثرى المُرْمِلُ
لَم تَلقَ إلّا مَعشراً روّاهُمُ / غِبَّ العِطاشِ تفضُّلٌ وتطوّلُ
كم موقفٍ حَرِجٍ فرجتَ مضيقه / والرّافدان لك القنا والأنصُلُ
في حيث لا تنجي الجيادُ وإنّما / تُنجيك بِيضٌ للقراعِ تُسَلَّلُ
وشهودُ بأسك أسمرٌ متدقّقٌ / أو أبيضٌ ماضي الغِرارِ مُفَلَّلُ
أعطيتَ حتّى قيل إنّك مُسرِفٌ / وحلُمتَ حتّى قيل إنّك مُهمِلُ
وجددتَ في كلّ الأمور فلم يكن / من قبل إلّا مَن يَجِدُّ ويهزِلُ
وَمشيتَ في الخطط الصّعائب رافلاً / ومَنِ الّذي لَولاك فيها يرفُلُ
وَأَريتنا لمّا رميتَ فلم تَطِشْ / عن مقتلٍ أنّى يُصابُ المَقتلُ
والملكُ مذ دافعتَ عن أرجائهِ / مَطْوَى الأساود أو عرينٌ مُشبِلُ
قلْ للّذين تحكّموا جهلاً به / ولطالما قتل الفتى ما يجهلُ
خلّوا التعرّضَ للّذي لا يُتَّقَى / فلربّما عجل الّذي لا يعجلُ
والسُّمُّ مكروعاً وإنْ طال المدا / بمِطالِهِ يُردِي الرّجالَ ويقتُلُ
وَأَنا الّذي جرّبته ولَطالَما / نخل الرّجالَ تدبّرٌ وتأمُّلُ
ثاوٍ بدارٍ أنت فيها لم أُرِدْ / عوضاً بها أبداً ولا أستبدلُ
وعجمتَ حين عجمتَ منّي صَعْدَةً / تنبو إذا ضُمّتْ عليها الأنْمُلُ
وَعلمتَ أنّي خَير ما اِدّخَرتْ يدٌ / وأوى إليه لدَى الحِذار مُعَوِّلُ
وعصائبٍ أعييتُهمْ بمناقبي / إنْ يصدقوا في عَضْهَتي فتقوّلوا
قالوا وكم من قولةٍ مطرودةٍ / عن جانبِ الأسماع لا تُتَقَبَّلُ
هيهات أين من الصُّقورِ أباغثٌ / يوماً وأين من الأعالي الأسفلُ
وَتَضاحكوا ولو اِنّهمْ علموا بما / تجني جهالتُهمْ عليهمْ أعْوَلوا
وإذا عَرِيتَ عن العيوب فدع لها / مَن شاء في أثوابها يتسربلُ
وَكن الّذي فاتَ الخداعَ فكلّ مَنْ / تبع الطّماعةَ في الخديعة يُبْهَلُ
وأعُدُّ إثرائي وجاري مُعسِرٌ / دَنَساً على أُكرومتي لا يُغسلُ
وقنعتُ من خلّي بعفوِ ودادِهِ / لا بالّذي يجفو عليه ويثقلُ
وإذا بدا منه التودّدُ فليكنْ / في صَدره يَغلي عليَّ المِرْجَلُ
قولوا لمن ورد الأُجاجَ تعسّفاً / لي فوقَ ما أهوى الرّحيقُ السَّلْسَلُ
عندي المُرادُ وأنت فيما تجتوِي / دوني وفي رَبْعي المَرادُ المُبْقِلُ
وظفرتُ بالبحر الخِضَمِّ وإنّما / أغناك لا يرويك منه الجدْوَلُ
ولك الجَدائدُ في حِلابِك طالباً / دوني وفي كفّي الضُّروعُ الحُفَّلُ
فَاِسعَد بهذا العيد وأبقَ لمثلهِ / يمضي الورى ولك البقاءُ الأطولُ
في ظلّ مملكةٍ تزول جبالنا الش / شُمّ العوالي وهي لا تتزلزلُ
واِسمَعْ كَلاماً من مديحك شارداً / طارت بهِ عنّي الصَّبا والشَّمْأَلُ
صَعْبَ المَطا ممّنْ يُريد ركوبَه / لكنّه عَوْدٌ لديَّ مذلَّلُ
هو كالزّلالِ عذوبةً وسلاسةً / وإذا شددتَ قواه فهو الجَندلُ
صبحٌ وفي أبصار قومٍ ظلمةٌ / أَريٌ وفي حَنَكِ العدوِّ الحَنظلُ
لو عاش نافسنِي به مُزْنِيُّهُمْ / أو لا فيحسدني عليه جَرْوَلُ
قد كان يُدرك عندكنّ السُّولُ
قد كان يُدرك عندكنّ السُّولُ / فالآن لا وَصْلٌ ولا تعليلُ
ليلي وأنتمْ نُزَّحٌ بمُحَجَّرٍ / ليلٌ كما شاء الغرامُ طويلُ
لم يبق منّي بعد يوم فراقكمْ / إلّا دموعٌ للفراقِ تسيلُ
نَمَّتْ على وَجْدي بكمْ لو أنّها / كتَمَتْهُ جامدةً لنمَّ نُحولُ
ومللتُمُ مَن لا يملُّ هواكُمُ / من غير جرمٍ والمَلولُ مَلولُ
قالوا السّلوُّ دواءُ دائك منهُمُ / صدقوا ولكن ما إليه سبيلُ
رحنا وحشْو قلوبنا كَلَفٌ بكمْ / نلوي على ألوائنا فنميلُ
فكأنّما عبثتْ بنا دَيْرِيَّةٌ / أو ساورتْ منَّا العظامَ شَمولُ
كم دون خيماتِ الحسانِ حُشاشةٌ / تَفنى ضياعاً أو دمٌ مطلولُ
وحياضُهنَّ من الزّلالِ فواهقٌ / لو كان ينفع عندهنَّ غليلُ
ودعوتِنِي عبثاً إلى خلعِ الهوى / أنّى وقلبي بالهوى مكبولُ
لكِ يا اِبنةَ البكريّ بين قلوبنا / حكمٌ يُطاع ومنزلٌ مأهولُ
وملكتِ منَّا بالجمال جماجماً / إنْ كنتِ منصفةً فهنَّ غُلولُ
لَمْ تحملي ثِقْلَ الهوى فَحَقَرْتِهِ / وخفيفُ أعباءِ الغرامِ ثقيلُ
وإذا رأينا منك طلعتك الّتي / هي رونقٌ أو جوهرٌ مصقولُ
خرس اللُّحاةُ على هواك وعرّجوا / عنّا فأخيبُ مَن نراه عَذولُ
وطرقْنَني وَهْناً بأَجوازِ الرُّبا / وطروقهنّ على النّوى تخييلُ
في ليلةٍ وافى بها متمنّعٌ / ودنتْ بعيداتٌ وجاد بخيلُ
يا ليت زائرَنا بفاحمة الدّجى / لَم يأْتِ إِلّا والصَّباحُ رسولُ
فقليلُهُ وضَحَ الضُّحى مُستكثَرٌ / وكثيرُهُ غَبَشَ الظّلامِ قليلُ
ما عابه وبه السرور زوالُهُ / فجميع ما سرّ القلوبَ يزولُ
أمَّا الشّعوبُ كثيرةٌ ولَشِعبُنا / من هاشمٍ شِعْبٌ هناك جليلُ
الأُفق فيه مع الشّموسِ كواكبٌ / والغابُ فيه مع الأسود شبولُ
والجانبُ الخَضِل النَّدى لم يُلْفَ عن / جَدْواه ممنوعٌ ولا ممطولُ
وإذا الرّجالُ تفاخروا وتفاضلوا / أرسى بهمْ دون الورى التّفضيلُ
من كلِّ وضّاحِ الجبين كأنّه / عَضبٌ جلاه الصَّيقلون صقيلُ
ومُلَوَّمٍ في المكرُماتِ وطالما / عُذِر الضَّنينُ بها ولِيم بَذولُ
وكأنّه فرداً إذا شهد الوغى / ضرباً وطعناً معشرٌ وقبيلُ
ومعاشرٍ لولاهُمُ ما بيننا / ما كان تعظيمٌ ولا تبجيلُ
عنهمْ تُلُقِّيَتِ العظاتُ وَمنهمُ / فُهِمَ الهُدى وَتعُلِّم التأْويلُ
وبيوتُهمْ مَأْوَى الرَّشادِ وبينهمْ / سُطِرَ الكتابُ ونُزِّلَ التّنزيلُ
وتراهُمُ صبحاً وكلَّ عشيّةٍ / يأْتيهمُ مِيكالُ أو جبريلُ
لو أنّهمْ لم ينهجوا سُبُلَ التُّقى / ما بان تحريمٌ ولا تحليلُ
فهُمُ عن الأمرِ الدّنيِّ جوامدٌ / وهُمُ إلى الأمر العليِّ سُيولُ
بيتٌ أقام دِعامَه وقبابَه / إمّا إمامٌ أو أخوه رسولُ
بيتٌ يُناجِي اللَّهَ حَلّالٌ به / وعليهمُ الأملاكُ فيه نُزولُ
ومساكنٌ ما غاب عن أفواههمْ / فيهنّ تقديسٌ ولا تهليلُ
لهمُ مِنىً والموقفانِ وزَمْزَمٌ / والبيتُ والتّطْوافُ والتجويلُ
والحِجْرُ والحَجَرُ الّذي لصفاتِهِ / أبَدَ الزّمانِ الضَّمُّ والتّقبيلُ
للَّهِ ما جَشِموه عن أديانِهمْ / والدّارعون عن الطِّعان نُكولُ
طرحوا الأناةَ وطوّحوا بحِذارهمْ / وتيقّنوا أنّ الجَبانَ ذليلُ
وتراكبوا مثلَ الدَّبَى في غمرةٍ / ما إنْ بها إِلّا قَناً ونُصولُ
والخيلُ ساطعة العجاج كأنّما / لعجاجها ضوءُ الصّباحِ دليلُ
ليلٌ نجومُ سمائِهِ زُرْقُ القنا / والشّمسُ فيه صارمٌ مسلولُ
ومغامرٍ يَلِجُ القَتام وما لَه / إلّا حسامٌ في يديه دليلُ
ربح الحياةَ بطعنِه وضرابهِ / والهائبُ النَّخِبُ الجبانُ قتيلُ
خذها فما لطلوعها مُبيضّةً / كطلوع أوضاحِ الصّباحِ أُفولُ
وكأنّما أُمنيّةٌ بُلِغَتْ بها / وكأنّها روضُ الثّرى المطلولُ
سيّارة في عرضِ كلّ تَنوفةٍ / ولغُرّ أبكارِ الكلام ذَميلُ
وإذا قرنتَ بها سواها برّزتْ / غُرَرٌ لها لمّاعةٌ وحُجولُ
والشِّعْرُ منه ناصعٌ مُتَخَيّرٌ / حُسناً ومنه الكاسفُ المرذولُ
ومن القريض سعادةٌ وشقاوةٌ / ومن القريض نباهةٌ وخُمولُ
وقليلُهُ حيث الصّوابُ وكُثرُهُ / من قائليه وساوسٌ وخُبولُ
والقارضون الشّعر إمّا مولَجٌ / أبوابهُ أو مُبعَدٌ معدولُ
ولَكَمْ لطلّاعِ الثَّنايا نحوه / مُتَزحزِحٌ عن طُرْقِهِ وزَليلُ
طلبوا وما وصلوا وكم من طالبٍ / أمراً وليس له إليه وُصولُ
وإذا هُمُ لم يُحسنوا في قولهم / أشعارَهْم أحسنت كيف أقولُ
قُل للّذين تَناكصتْ ثقتي
قُل للّذين تَناكصتْ ثقتي / بهمُ وقهقرَ عنهمُ الأملُ
ووجدتُهم عمداً بلا خطأٍ / رابوا بما قالوا وما فعلوا
ما كان عندي أنّني أبداً / عن عُقْرِ دار الوُدِّ أنتقلُ
ومللتُمُ مَن لا يحول ولا / يمشي بعَرْصةِ سِرِّه المَلَلُ
وغُرِرتُمُ من دولةٍ عرضَتْ / والدّهرُ لو أنصفتُمُ دُوَلُ
هي عيشةٌ من بعدها هُلُكٌ / أو صحّةٌ في إثْرها عِلَلُ
وقد اِحتملتُ وإنّما غَشَمَتْ / ظلماً أُمورٌ ليس تُحتَمَلُ
وعهدتُكم قولاً بلا عملٍ / فالآنَ لا قولٌ ولا عملُ
ومن المُنى لِي مُرُّ غيركمُ / والصّاب عند ضرورةٍ عَسَلُ
قد كان قبلكُمُ وما لبثوا / قومٌ إلى ما نلتُمُ وُصُلُ
طاروا كما وقعوا بلا سَببٍ / وتراهُمُ خرجوا كما دخلوا
لا تحسبوها اليومَ دائمةً / فالظّلّ ظلُّ الشّمسِ ينتقلُ
شَتّان بين معاشرٍ نُصحوا / لم يقبَلوا ومعاشرٍ قبِلوا
من أين في الدّنيا وكيف بها / حالٌ من السّراءِ تتّصلُ
يَفْرِي الزّمانُ وليس نُبصرهُ / ما ليسَ تفَرِي البِيضُ والأَسَلُ
قالوا الحبيبةُ تَيّمَتْ
قالوا الحبيبةُ تَيّمَتْ / كَ وواصلتك فقلتُ أهلا
من بعد ما حُمّلتُ من / وجدٍ بها يا قومُ ثِقلا
ثِقلاً تحمّله الهوى / عن مَنكِبيَّ فعاد سَهلا
بتنا كما كره الحسو / دُ ننال ما نهواه حِلّا
في ليلةٍ ما قلتُ جا / ء سوادُها حتّى تولّى
لَفّتْ بشملي شملَها / يا حبّذا لَفّاً وشَمْلا
وَثَنَتْ عليَّ مُقَبّعاً / بقبائع العِقْيانِ طَفْلا
ومملّأً صِبْغَ الشّبي / بةِ مُسْبَكرَّ النَّبْتِ جَثْلا
واهاً لظبيٍ صدتُهُ / طوعاً ولم أقنصه خَتْلا
لم يعطني قبل الرّضا / حتَّى تسلّفَهنَّ قبْلا
ولقد أقول تبلّداً / فيمن تملّكني وخَبْلا
باللَّه قلْ ولك المُنى / أيُّ المحاسنِ منك أحلى
يا مَنْ أراه حالياً / في ناظريَّ وما تحلّى
حوشيتُ فيك من السلو / وِ وأنْ أرى أَسلو وأسلَى
إنَّ العقيقَ يزيدني خَبَلا
إنَّ العقيقَ يزيدني خَبَلا / إنْ زرتُه صبحاً وإنْ أُصُلا
ولقد وقفتُ عليه أسألُهُ / عن ملعب الأحباب ما فعلا
وقصيرِ عيشٍ فيه مُختَلَسٍ / ولَّتْ غضاضتُهُ وما كَمَلا
ومن السَّفاهةِ ظَلْتَ بعدهمُ / تبكي الرّسومَ وتندبُ الطَّلَلا
وعلى العقيقِ ربيبُ أفئدةٍ / ولّيْتُهُ أمري فما عدلا
دمثُ الشّمائِل بات يقتلني / وكأنّه من ضَعفه قُتلا
لمّا اِستَضاف إلى محاسنه / سَلَبَ الغزالَ الجيدَ والكَحَلا
قل للّذي مِن فَرْطِ غُرّتِهِ / ما زال حتّى حرّم القُبَلا
لا تعطني غبَّ المِطالِ فما / أعطاك ما تبغيه مَنْ مَطَلا
فبما هَدَأْتَ تركتني قَلِقاً / وبما أمِنْتَ أبتّنِي وَجِلا
يا طيفُ زُرنا إن نَشِطْتَ لنا / فالرّكبُ بالأبواءِ قد نَزَلا
عُدَّ النّهارَ مطيّةً لَغِبَتْ / وخذ الظّلامَ على السُّرى جَمَلا
ودع التعلّلَ فالحبيب إذا / مَلَّ الوِصالَ تطلّبَ العِلَلا
عجّل سُراك إلى مضاجعنا / وإذا حضرتَ فلا تغبْ عَجِلا
من أين يعلم من يحاذره / قطع الخيالُ الحبلَ أم وصلا
قالوا سَلَوْتَ فقلتُ حاشَ لمنْ / عشق الفضائلَ أنْ يقال سَلا
لا تعذِلوا فالمجدُ ليس لمن / سمع الملامَ وسوّغ العَذَلا
لِي يا عذولي في الهوى شَجَنٌ / لم يخش منّي في هوىً مَلَلا
لمّا اِنقطعتُ إلى مودّتِهِ / لم يُبقِ لِي عذلي به غَزَلا
لا تَحْفِلَنْ بالمرء تألفُهُ / أبداً لماء الوجهِ مُبتَذِلا
واِرتَدْ لودّك كلّ منخَرِقٍ / يهب الجديدَ ويلبس السَّمَلا
قد قلتُ للحادين أيقظهمْ / داعِي الرّحيلِ فأزعجوا الإبلا
أمّوا بها مَلْكَ الملوكِ فما / نبغِي به عوضاً ولا بدلا
عَقْراً لها أنْ لا تردّ بها / وأضلّها مقتادُها السُّبُلا
ورَعتْ فِجاجاً لا تُصيب بها ال / حَوْذانَ مكتهلاً ولا النَّفَلا
يا أيّها الملكُ العريضُ ندىً / في مُعتَفِيهِ والطّويلُ عُلا
واِبنَ الّذي بسديد سيرتِهِ / يُضحي المُحَنَّكُ يضرب المَثَلا
ما زال ثمّ قَفَوْتَ سُنّتَه / يطأ الهضابَ ويسكن القُلَلا
ومطالع الجوزاء قبلَكُمُ / ما داسها بشرٌ ولا اِنتعلا
اِسمعْ مديحاً ما أمنتُ به / لَولا اِهتِزازك عنده الزَّلَلا
وإذا رضيتَ القولَ من أحدٍ / حاز الرِّهانَ وأدرك المَهَلا
أمّا الّذي أَوْليتَنِيه بما / شرّفتَ من ذكرى فقد وصلا
مدحٌ تُفَضِّلُهُ ولو نُظِمتْ / أبياتُهُ لسواك ما فَضَلا
يَفديك مَن آمنتَ رَوْعتَه / وكفيته من أمره الجَلَلا
وأبَتَّهُ يَرِدُ الغِمارَ غِنىً / ولقد ثوى يَتَبرّض الوَشَلا
وإذا الملوك جَرَوْا إلى أمَدٍ / كنتَ اللَّبانَ وكانت الكَفَلا
لمّا تَلَوْتهُمُ سبقتَهمُ / فخراً وإنْ كانوا لنا أُوَلا
هذا وكم لك يومُ مَكْرُمةٍ / تروي الطِّلابَ وتُشبعُ الأملا
يومٌ تطيح به المعاذرُ وال / أقوالُ ترجُم وسْطَهُ العَمَلا
بذلٌ إِذا قسنا سواه به / فكأنّما بخل الّذي بذلا
للَّه دَرُّك يا اِبنَ بَجْدَتِها / تَقرِي السّيوفَ وتُولِغُ الأَسَلا
في موقفٍ حَمِيَ الحديدُ به / حتّى لو اِستَوقدتَه اِشتعلا
والخيلُ نازيةٌ كأَنّ بها / مَسّاً من الجِنّانِ أو خَبَلا
تَسْتَنُّ بالفرسانِ ناجيةً / كالوحشِ رِيعَ أو القطا جَفَلا
سوّمْ جِيادَك واِرمِ عن عُرُضٍ / جَيْحونَ بالأبطالِ منتضِلا
فَعَلى الّذي وصل النجاحَ بما / تَهواه ثمّ عليَّ أن تصلا
هي دولةٌ بيديك واحدةٌ / لا تجعلنْها عامداً دُوَلا
واِسعَد بيوم المِهْرَجانِ وخذْ / منه طويلَ العمرِ مُقتبلا
وإِذا لبستَ اللّيلَ تلبسُهُ / عَطِرَ الغلائِلِ بارداً خَضِلا
واِسلَمْ ولا سلب الزّمانُ لكمْ / ظِلّاً يفيءُ لنا ولا نَقَلا
وعيونُنا لا أبصرتْ أبداً / أمداً لأمركمُ ولا أجلا
واِحتلّتِ النَّعماءُ دارَكمُ / واِمتدّ فيها العزُّ واِتّصلا
فعلى الإلهِ إِجابتي لكُمُ / وعليَّ بِالإشفاقِ أن أَسَلا
قُل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا
قُل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا / وسقيتِنا فيما جنيتِ الحنظلا
أثكلتِ مَنْ لمّا جزعنا ثُكلَه / أنسيتِنا من قبله ما أثكلا
فالعينُ يجرى ماؤها لا للصّدى / والقلبُ يُوقَدُ جمرُهُ لا للصَّلى
عادات هذا الدّهر أن يستلّ من / نا الأمثَلُ المأمولَ ثمّ الأمثلا
إنّا نبدّل كلَّ يومٍ حالةً / بخلافها من قبل أن تُستبدلا
ويُنَقّل الإنسانُ عن حالاتِهِ / ولِداتِه من غير أن يتنقّلا
نبني المعاقلَ للخطوب فإنْ أتتْ / رُسُلُ الحِمامِ فما اِبتنينا معقلا
كم ذا لنا تحت التّرابِ محاسنٌ / تُرمى على عمدٍ إلى نحو البِلى
والمرءُ في كفّ الزّمان وديعةٌ / كي تقُتضى وحديقةٌ كي تُختَلى
ماذا البكاءُ على الّذي ولّى وقد / جُعلتْ له جنّاتُ عَدْنٍ منزلا
وعلى مَ نُسقَى الصّابَ فيه وإنّه / يُسقى هناك كما يشاء السَّلْسَلا
ملكَ الملوكِ أصخ لقولةِ ناصحٍ / حُكْمُ الصَّوابِ لمثلها أن تَقْبَلا
إنْ كنت حُمّلْتَ الثّقيلَ فلم تزلْ / للحزم أنهض للثّقيل وأحملا
عمرٌ قصيرٌ ما اِنقَضى حتّى قضى / فينا بأنّ لك البقاءَ الأطولا
يا حاملاً أثقالنا حوشيتَ أنْ / تَعْيا بأمرٍ كارثٍ إِنْ أعضلا
ما إنْ عهدنا الدّهرَ إلّا فارجاً / بك ضيّقاً أو موضحاً بك مشكلا
فدعِ التفجُّعَ والتوجُّعَ والأسى / وخذ الأجلَّ من الفتى والأجملا
خيرٌ من الماضي لنا الباقي ومِنْ / ثاوٍ تعجّلَهُ الرّدى من أُجِّلا
فَلئنْ هوى جبلٌ فقد أثوى لنا / خَلَفاً له ملأَ الكِنانة أنصُلا
لا تعجبوا منه يصاب فإنّما / ندعو إلى ثِقْلِ الرّحالِ الأبْزَلا
إِنّ العواصفَ لا تنال من البنا / إِلّا بناءً كان منها أطوَلا
فاِصبرْ لها فلَطالما أوْسَعتنا / في المعضلاتِ تجلّداً وتحمُّلا
وَإِذا جَزعتَ من المصاب فقل لنا / مَن ذا يكون إذا جزعنا المَوْئلا
فتعزَّ بالباقي عن الفاني ردىً / وبمن ثوى وله الهوى عمّن خلا
أَخذ الّذي أَعطى وبقّى بعدهُ / أوفى وألبَقَ بالبقاء وأجملا
وَإِذا قَضى اللَّه القضاءَ فكنْ إلى / بَغْتاتِهِ مستأنساً مسترسلا
لا تألمنَّ بنافعٍ لك دهرَه / يُعطي المرادَ ولا تُجَوِّر أعدلا
ما إنْ ترى في العمر سوءاً بعدها / فاِقبَل من الدّهر المسيء تَنَصُّلا
كم ذا شققت إلى بلوغ إرادةٍ / قَلْبَ الخميس وخضت فيه القَسْطَلا
وقطعتَ في أَرَبٍ بهيماً مظلماً / وركبتَ في طَلَبٍ أغرَّ مُحَجَّلا
للَّه دَرُّك في مكانٍ ضيّقٍ / أرضيتَ لمّا أنْ غضبتَ المُنْصَلا
والذّابلُ العسّالُ يأبى كلّما / طعن الشّواكلَ والكُلى أنْ يذبلا
والخيلُ يخبطن الجماجمَ كلّما / خبطتْ خيولُ النّاكلين الجَرْوَلا
لا راعنا فيك الزّمان ولا رأتْ / عينُ اِمرئٍ شِعْباً حللتَ مُعَطّلا
وَعَلتْ ديارَك كلُّ هَوجاءِ الخُطا / تدع الكميَّ معفَّراً ومجدَّلا
وإذا تحَلْحَلَ يَذْبُلٌ عن جانبٍ / أرسى به جُنِّبْتَ أنْ تتحَلْحَلا
وبقيتَ فينا آمراً متحكّماً / ومعظّماً بين الأنامِ مُبَجَّلا
وسقى الإلهُ ترابَ مَن كانتْ على / رغم الأنوف بنا الغمامَ المُسْبِلا
إنْ كان طيفُك زارنا
إنْ كان طيفُك زارنا / فلقد تَجَنَّبَنا طويلا
علّلتُمُ بطُروقكمْ / ومحالكم قلباً عليلا
ما كان يرضى بالكثي / ر وبعدكمْ رضيَ القليلا
فهو الغداةَ كفاقدٍ / أحبابَه نَدَب الطُّلولا
أوجدتموه إلى الأما / ني في لقائكمُ السَّبيلا
أَمَلَلْتَني وَزَعمتَ أن
أَمَلَلْتَني وَزَعمتَ أن / نَك خائفٌ منّي الملالَهْ
وأطعتَ فيَّ وما أطعْ / تَ محرِّفاً أبداً مقالَهْ
وعلمتَ منّي ما علمْ / تَ فلِمْ علمتَ على الجهالَهْ
يا مَنْ جفاني في الضّحى / وأَزارني وهْناً خيالَهْ
وحُرِمتُ منه صحيحَه / وقبلتُ مضطرّاً مُحالَهْ
هل ضامنٌ منكمْ لنا / ضمن الجميل فما بَدا لَهْ
يا طالبَ الدّنيا على ذلٍّ بها
يا طالبَ الدّنيا على ذلٍّ بها / أعززْ عليّ بأن أراك ذليلا
ما لِي أَراك حَمَلْتَ في طلبِ الغِنى / ولربّما صَغُرَتْ يداك ثقيلا
لو كنتَ تعقل أو تشاور عاقلاً / كان الكثير وقد ذَلَلْتَ قليلا
ذلّ اِمرؤٌ جعل المذلَّةَ دهرَه / طَلَبَ المغانِمِ منزلا مأهولا
عدِّ المطامِعَ كيفَ شئتَ وخذْ بها / مِلْءَ اليدين من العفاف بديلا
وإذا فجعتَ بماء وجهك لم يُفِدْ / إنْ نلتَ من أيدي الرّجال جزيلا
يا أسمُ إنّ صْبابتي
يا أسمُ إنّ صْبابتي / بك لو أويتِ لها طويلَهْ
وأخذتِنِي بذنوبِ شي / بٍ لم تكنْ لي فيه حِيلَهْ
نزلتْ شَواتي وَخْطَةٌ / منه أحاذرها نزيلَهْ
وقضى الشّبابُ وسيلتي / فالآن ما لِي من وسيلَهْ
لكِ مِنَّةٌ يوم الفرا / قِ وقد وقفتِ لنا ثَقيلَهْ
وأسَوْتِ بالتّوديع في / يوم النّوى نفساً عليلهْ
وأنلْتِ منك عطيّةً / ما كنتِ قبلُ لها مُنيلَهْ
هي عند مَن حَمَل الغرا / مَ كثيرةٌ وهي القليلَهْ
إنّا نُعلّلُ كلّنا بمحالِ
إنّا نُعلّلُ كلّنا بمحالِ / ونُغَرُّ بالغدوات والآصالِ
وكأنّنا نرعى القَواءَ من الطَّوى / أبداً ونكرع من ظماً في آلِ
يهوى الفتى طول البقاء ودونه / وَلَعُ الرّدى وتعرّضُ الآجالِ
وتقوده آمالُه ووراءَها / قَدَرٌ يحطّم غَرْبَةَ الآمالِ
والمرءُ بين مصيبةٍ في النفس أو / في الأهل أو في الحال أو في المالِ
ولئنْ عفتْ عنه الحوادث إنّه / رهنٌ لبعض تقلّبِ الأحوالِ
وسجيّةٌ للدّهر في أبنائِهِ / إِلحاقُ كلِّ مؤثَّلٍ بزوالِ
للَّه مُفتَقَدٌ تحيّف فقدُهُ / من جانبيَّ وحزّ في أوصالِي
وأصمّ ناعيه الغداة مسامعي / ورمى سوادَ جوانحي بخَبالِ
وأزارني وفدَ الهموم يسمْنَنِي / شَطَطَ المُنى فينلْن كلَّ مَنالِ
وأباتَنِي قَلِقَ الوساد كأنّني اِس / تَبْطَنْتُ للجنبين شوكَ سَيالِ
يبدو غَرامي والتّجلّدُ مقصدي / ويُجيبني دمعي بغير سؤالِ
ومتى طلبتُ الصّبر عنه وجدتُه / في حَيِّزِ الإعوازِ والإقلالِ
يا نازحاً غدرتْ به غدّارةٌ / لا يُتَّقَى مكروهها بنزالِ
طالتْ به أيدي الخطوب ورُزؤُه / أبقى ذُرا العلياء غير طوالِ
رَفَعوا جَوانب نعشه فكأنّما / رفعوا به جبلاً من الأجبالِ
وطوَوْا عليه صفائحاً ما نُضِّدَتْ / إلّا على الإنعامِ والإفضالِ
وأرَوْه غيرَ مضاجعٍ لدنيّةٍ / ونَعَوْه غيرَ مدنَّسِ الأذيالِ
وتصدّعوا عن جانبيه وإنّه / عَطَنُ الوفودِ ومجمعُ الأقوالِ
مَنْ للذّمارِ إذا الفحولُ تهادَرَتْ / وخلطن بين تخبّطٍ وصِيالِ
مَنْ للوفود تصامتوا عن حجّةٍ / مَنْ للخصومِ تفارغوا لجدالِ
مَنْ للضّرِيك إذا غدا في أزْمَةٍ / صِفْرَ اليدين وراح بالأموالِ
مَنْ للجيوش يقودها فيُعيدها / محفوفةً بالسَّبْىِ والأنفالِ
مَنْ للخيولِ يُثيرها مِقْوَرَّةً / مثلَ الدَّبى هاجَتْهُ ريحُ شمالِ
مَنْ للقَنا يروي صدورَ صِعاده / في كلِّ رَوْعٍ من دمِ الأبطالِ
مَنْ للسّيوف يفلّ حدَّ شفارها / بالضّربِ بين كواهلٍ وقِلالِ
كشفتْ بطونُ الأرضِ شمس ظهورها / واِستَضجعتْ جوّاً لها في جالِ
هيهات ضلّ عن القضاءِ وصرفِهِ / كيدُ الشّجاعِ وحيلةُ المحتالِ
أَأبا عليٍّ لن تُراعَ بمثلها / فاِصبِرْ لها ولَصَبْرُ غيرك غالِ
يا حاملَ الأثقالِ ما حُمّلْتَه / ثِقلٌ وليس كسائر الأثقالِ
فذُدِ الدّموع عن الجفون وطالما / جمدتْ فلم تقطرْ على الأهوالِ
ومتى طوى عنك السُّلوُّ سبيلَه / فاِلبَسْ لمن يلقاك ثوبَ السّالي
وتعزَّ عمّنْ لا يعزّي بعدهُ / إلّا مكارمُ أُبقيتْ ومعالي
ما الحبُّ إلّا موئلُ المتعلّلِ
ما الحبُّ إلّا موئلُ المتعلّلِ / وبراعةُ اللّاحي وطولُ العُذَّلِ
خُدَعٌ إِذا اِصطَلتِ النّفوسُ بنارها / لم تبقَ فيها مُسكَةُ المُتَجمِّلِ
عُدْ بالسُّلُوِّ على الغَرامِ فإنّه / أَمَدُ المشوقِ وعزّة المتذلّلِ
للَّه قلبٌ ما اِطمأنّ به الهوى / إِلّا تلوُّمَ مُزمِعٍ متحمِّلِ
لا تحسبَنْ ودّي لأوّلِ راغبٍ / طوعَ العيونِ ونُهزَةَ المتعجّلِ
فلَطالما أعرضتُ عن وجه الهوى / وثنيتُ عن جهة الغواني كلْكَلي
أمّا وقد صبغ المشيبُ ذوائبي / للنّاظرين فلاتَ حين تغزّلِ
وأزال من خطر المشيب توجّعي / علمي بأنْ ليس الشّبابُ بمَعْقِلي
فَلِئن جَزعت فكلُّ شىءٍ مجزعي / ولئنْ أمنتُ فشيمةُ المسترسلِ
حسبُ الفتى زمنٌ يقرّب صرفُهُ / ما بين كلّ إقامةٍ وترحّلِ
ممّا يُعِلّ الحزمَ إنْ لم يُرْدِهِ / ظفرُ المقيمِ وخيبةُ المتوغّلِ
جَهْدُ العليمِ كعفو آخرِ جاهلٍ / والنُّجْحُ للسّاعي له والمُؤْتَلِي
حتّى مَ تأنسُ بالحوادثِ همّتي / والدّهرُ يوحش ظِنّة المتأمّلِ
أُلقي على الأيّامِ وطأةَ حازمٍ / متكشّفِ الأعضاء خافي المقتَلِ
ومتى قدرتُ على الزّمان بسطوةٍ / فعلى أميرِ المؤمنين توكّلي
بالطّائع اِطّادَتْ مذاهبُ أُمّةٍ / فَوْضى على سُنَنِ النبيّ المرسلِ
نال الخلافةَ وهي أبعدُ مرتقىً / وأقام فيها وهي أكرمُ منزلِ
كملتْ أداةُ المجد فيه وربّما / كَملَت رياسةُ مُخدَجٍ لم يكمُلِ
شِيَمٌ تَبَلّجُ للعيون وتنثني / طُرُقاتُها تدجو على المُتَقَيِّلِ
متفاوتُ الطَّعْمينِ أَريٌ في فم ال / عافي وللباغي نقيعُ الحنظلِ
كرمٌ تبوّأ في ظِلالِ شراسةٍ / كالماء يرتع في فقار المُنْصُلِ
وإذا تسرّع في بدايةِ عزمِهِ / أخزى بهنّ رَوِيَّةَ المتمهِّلِ
ماضٍ كحدِّ السّيفِ إلّا أنّه / لم تَثنِ جُرْأَتَه جَزالةُ مَفْصِلِ
إنْ همّ لم تَعُقِ الهُوَيْنَى هَمَّه / كالسّيلِ يُلحِق محزناً بالمُسهِلِ
وَكَلوا إليه عُرا الأمور وإنّما / وَكَلوا السَّماحَ إلى العمامِ المُسبِلِ
عاذوا بمنخرقِ اليمين مضاؤه / يكفي العُفاة ذريعةَ المتوسّلِ
فإذا سَرَوْا فَسَناهُ أشرقُ كوكبٍ / وإذا صَدَوْا فنداه أعذبُ منهلِ
غيرانُ يدفع عن قرارةِ دينهمْ / دَفْعَ الأسودِ عن العرينِ المُشبِلِ
متسرّعٌ للطّالبين إلى الجدا / ثَبْتُ المقامةِ في المقامِ الأهولِ
وإذا سألتَ فلم تُغالِ ولم تُخَبْ / وَإن اِشتططّتَ أخذتَ ما لم تسألِ
نأتِ الظّنون فليس يهجس لاِمرئٍ / فَطِنٍ من المعروفِ ما لم يفعلِ
وإذا تزاحمتِ الهموم بصدره / جلّى غَيابتها بهمّةِ فَيصلِ
قَلِقُ البصيرةِ إنْ سَرَتْ أفكارُه / ظفرتْ بما خَلْفِ القضاءِ المُسدَلِ
سامى البنيّةِ في المكارمِ أُسكنتْ / منه الخلافةُ في مُعِمٍّ مُخْولِ
كم قد تجاذبها الرّجالُ فلم تَنُخْ / إلّا على البيت الأعزّ الأطولِ
لبّتْ نداءَكُم وكم من هاتفٍ / ما سوّغَتْه إصاخة المُتَقَبِّلِ
أفضت إلى الكَنَف الخصيب فطالما / كانتْ تَقَلَّبُ في الخَبارِ المُمحلِ
لم تلتئم بأكفّكْم حتّى رأتْ / تصديعكمْ فيها رؤوس الزُّمَّلِ
يفديك مَن شَرِقتْ بمجدك نفسُه / شَرَقَ المَذانِبِ بالعوادي الهُطَّلِ
رَوِيَتْ بفيض نَوالك الخضل النّدي / فتبوّعَتْ في بِشْرِك المتهلّلِ
ولقد بلوك على الزّمان فصادفوا / عَضْباً غنيّاً عن يمين الصَّيْقَلِ
لا يبعد اللَّه اِنصِلاتك للعِدا / عَجِلاً تُدَهْدِه جَحْفَلاً في جحفلِ
متوقّداً في هَبوتي ذاك الدّجى / متهجّماً في ضيقِ ذاك المَدخَلِ
إذْ لا جريء البأسِ إلّا مُحجمٌ / حيرانُ يخبط حَيْرةً بتأمّلُ
ولكَمْ رميتَ أخا مروقٍ هزّه / أَشَرُ الجماحِ بعزمةٍ كالمِسْحَلِ
لا تستقلّ بماضِغَيْه فتنكفي / إِلّا وغاربُه ضَجيعَ الجندلِ
أَمُساورِي الأضغانِ هل من غايةٍ / ما طالها أم فاضلٍ لم يفضُلِ
لا تُحرجوه بالعقوقِ فتأخذوا / من سخطه بزمام أمرٍ مُعضلِ
ملّاكُمُ البالَ الرّخيَّ وكنتُمُ / ثاوين بين تَلَدُّدٍ وتَقَلْقُلِ
أطغاكُمُ خَفضُ الأناةِ ودونها / نِقَمٌ تعدّل جانبَ المُتَزَيِّلِ
ما غرّكمْ إلّا تغاضي خادرٍ / متيقّظِ العزمات عادي الأنصُلِ
إِنْ يغتفرْ لا ينتقمْ أو ينتقمْ / لا يَصطلمْ أو يصطلمْ لا يَنكُلِ
خلّوا السّبيلَ لشمسِ كلِّ دُجُنَّةٍ / كَثُفتْ وموضحِ كلِّ خطبٍ مُشِكلِ
يا كالئَ الإسلامِ ممّن رامه / ومقيمَ أحكامِ الكتاب المُنزَلِ
أقصى مرادى أنْ أراك وإنّها / أُمنيّةٌ حسبي بها لمؤمّلِ
تتساقط الحاجات عند بلوغها / عن كلّ قلبٍ بالعَلاءِ موكَّلِ
هل لِي إلى الوجه المحجَّبِ نظرةٌ / ترمي بصِيتي فوق ظهر الشَّمْأَلِ
أجْلو بها صدأ الشّكوكِ إذا اِعتَرتْ / دوني وأسكن ظلّها في المحفِلِ
أُثِني وما هذا الثّناء لمجتَدٍ / فلذاك أُبعدُ عن مقالِ المُبطِلِ
لا دَرَّ دَرُّ الإنتجاعِ فإنّه / دَنَسٌ لثوبِ المعتفِي والمُفضلِ
هيهات يبلغك المديحُ وإنّما / أحظى بفضل الجاهد المُتَغلغلِ
أسلفتني النّعماءَ في أهلي معاً / فمتى ينوء بعبءِ حقّك مِقْوَلِي
ومددتَ من ضَبعَيْ أَبِي فتركته / يُزري بمنزلةِ السِّماكِ الأعزلِ
أوْطأته قُلَلَ العُداة وإنّها / قُلَلٌ مؤهّلَةٌ لوقعِ الأرجلِ
لمّا اِستطارَ البغيُ في آنافهمْ / وتنكّبوا سنن السّبيل الأمثلِ
أمطرتَهمْ غُلَواءَ بأسٍ ردّهمْ / يتدارسون بلاغةَ المتنصّلِ
لم يغنِ إنْ دبوا بعذرٍ بعدها / ركبوا بذنبهمُ قوادمَ أجدَلِ
لا زلتَ تَستقضي الدّهورَ محكّماً / في النّائباتِ منيعَ ظهرِ المَعقِلِ
خذ صاحبي عنّي الّذي أُملي
خذ صاحبي عنّي الّذي أُملي / وَدعِ الّذي آباه من عَذْلي
أنَا من أُناسٍ ليت قطعَهمُ / قد كان لِي بدلاً من الوَصْلِ
لا يَطْعَمون سوى القبيحِ ولا / يَرِدون إلّا قَهْوةَ الجهلِ
من كلّ عُريانِ اليدين من ال / مَعروف ملآنٌ من البخلِ
وكأنّهمْ ليلٌ بلا سَحَرٍ / يأتيه أو عقدٌ بلا حلِّ
وكأنّهمْ في صدر جارهمُ / حَنَقاً عليهمْ مِرْجَلٌ يغلي
فهمُ صقيعٌ لا دِثارَ به / وهَجيرُ مُقفرةٍ بلا ظِلِّ
وعقولهمْ لغُفولِهمْ سَفَهاً / وصبيُّهمْ والٍ على الكَهْلِ
والجِدُّ مِنّي كم أبَوْه كما / أَأْبَى الّذي فيهمْ من الهَزْلِ
يا ليتني لمّا مشيتُ إلى / عَرَصاتهمْ ما كنتُ ذا رِجْلِ
عَجِلَ الزّمانُ وأهلُهُ معه / من أن يُقيم عليهمُ مِثْلي
ما كان إلّا في ديارهمُ / هضمي وبين بيوتهمْ ذلّي
وكأنّني لمّا لففتُ بهمْ / شملي اِمرؤٌ متقطّعُ الشَّمْلِ
وَشغلتُ نفسي برهةً بهمُ / فكأنّني منهمْ بلا شُغلِ
يرمونني من قبلهمْ أبداً / بالزُّور والبهتان والبُطلِ
وجوائفُ الأقوالِ راميةٌ / تُنسي الرَّميَّ جوائِفَ النَّبْلِ
ومذانبٌ للماء ليس لها / نَهْلي على ظمئي ولا عَلِّي
أَين الّذين عهدتُ قبلهمُ / سارين في طُرقٍ إلى الفضلِ
الحاملين على قلوبهمُ / همّي وفوق ظهورهمْ ثِقْلي
وكأنّهمْ قُضُبٌ يمانِيَةٌ / مصقولةٌ من غير ما صَقْلِ
كم فيهمُ من مُنْشِرٍ كرماً / بعد المماتِ وقاتلِ المَحْلِ
ويطيع من كرمٍ تَجَلَّلَه / أمرَ النّدى ودواعِيَ البذلِ
ما بيننا قربٌ ولا نسبٌ / وكأنّهم من بِرِّهمْ أهلي
ودفاعُهمْ عنّي يُرفّهني / عن أنْ أمُدَّ يداً إلى نَصْلي
لولاهُم في يومِ عاذمةٍ / لم أنجُ من أنيابها العُصْلِ
أرخصتُ غيرَهمُ لأنّهمُ / يُغلون أثماني كما أُغلي
فهمُ جبالي إنْ ذُعِرتُ ولِي / يومَ اِرتعاءِ نباتهمْ سهلي
فإذا هُم حلموا حلمتُ وفي / يومِ اِنتقامٍ جهلُهمْ جهلي
دَرَجوا فلا عينٌ تشاهدهمْ / أبداً ولا تأتيهمُ رُسْلِي
فعلى قبورهُم وإن دَرَسَتْ / ما شئن من قطرٍ ومن وَبْلِ
كم للنّواظر من دمٍ مطلولِ
كم للنّواظر من دمٍ مطلولِ / ومُدَفّعٍ عن وَجْدِه ممطولِ
ولقد حملتُ غداة زُمّتْ للنّوى / أُدْمُ الرّكائبِ فيه كلَّ ثقيلِ
وقنعتُ منهمْ بالقليل ولم أكنْ / أرضى قُبَيلَ فراقهمْ بقليلِ
لولا دموعي يوم قامتْ ودّعتْ / ما كان روضُ الحَزْنِ بالمطلولِ
وأَرَتْك وجهاً لم تُنِرْ شمسُ الضّحى / إلاّ به ما كان بالمملولِ
وتقلّدَتْ بأساودٍ من فرعها / وتبسّمتْ عن أشْنَبٍ معسولِ
وَرَنتْ إليك بطرف جَوْذَرِ رملةٍ / وخطتْ بحِقْفٍ في الإزار مَهيلِ
إنْ كنتَ تُنكر ما جَنَتْه يدُ النّوى / فالشّاهدان صبابتي ونحولِي
ما ضرّ من ضنّتْ يداه بمُنْيَتِي / أَن لا يَضِنّ عليَّ بالتّعليلِ
فإلى متى أشكو إلى ذي قسوةٍ / وإلى متى أرجو نوالَ بخيلِ
قل للحُداةِ خلال عيسٍ ضُمَّرٍ / بطُلىً إلى حادي الرّكائبِ مِيلِ
حُطّوا إلى ملكِ الملوكِ رحالَكْم / فَفِناؤه للرّكبِ خيرُ مَقيلِ
حيث الثّرى لاقى الجباه وأرضُه / للقومِ موسَعَةٌ من التّقبيلِ
وكأنّما قمرُ الدّياجي وجهُه / ورُواء لونِ الصّارمِ المصقولِ
للَّهِ دَرُّك في مقامٍ لم تزلْ / عَجِلاً تلفّ رعيلَه برعيلِ
والخيلُ جائلةٌ على قِممٍ هَوَتْ / ومناكبٍ فارقن كلّ قليلِ
وكأنّهنّ يخُضن ماءَ ترائبٍ / لمجدّلين يخُضن ماءَ وُحولِ
قد جرّبوك غداةَ جنّتْ فتنةٌ / رَمَتِ العقول من الورى بخبولِ
فكأنّ مُضرمَها مضرّمُ عَرْفَجٍ / في الدَّوِّ حان حصادُه بقبيلِ
وكأنّها عشواءُ في غبشِ الدّجى / تطوي الفَلا خَبْطاً بغير دليلِ
فعدلتها بالرّأي حتّى نكّبَتْ / عنّا بغير قنىً وغيرِ نُصولِ
وَركبتَ منها وهي شامسةُ القَرا / عمّا قليلٍ ظهرَ أيِّ ذَلولِ
ولو اِنّها عاصَتْك حكّمتَ القَنا / فيها وحدَّ الباترِ المسلولِ
وملأتَ قطرَ الأرضِ وهي عريضةٌ / بصوارمٍ وذوابلٍ وخيولِ
وبكلّ مُستَلَبِ المَلامِ كأنّما / شهد الكتيبة طالباً بذُحولِ
عُريانَ إِلّا من لباسِ بسالةٍ / ظمآنَ إلّا من دمٍ لقتيلِ
وَأَنا الّذي أهوى هواك وأبتغي / أبداً رضاك وإنّه مأمولي
ومتى تبدّل جانباً عن جانبٍ / قومٌ فإنّك آمنٌ تبديلي
وإذا صححتَ فإنّ قلبي مُقسِمٌ / أنْ لا يبالي في الورى بعليلِ
وذرِ اِنتقادي بالشُّناةِ فلم تُنِرْ / شمسُ الظّهيرة للعيون الحُولِ
وليسلني عَن فوت ما نال الورى / إنْ لم أقمْ فيه مقامَ ذليلِ
خدُّها كما اِبتسم النّهار لمُدجنٍ / أعيا عليه قصدُ كلّ سبيلِ
وكأنّها للمبصريها جَذوَةٌ / ولناشقيها فَغْمةٌ لشَمولِ
وكأنّما هي عزّةً لا تُبْتَغى / عرِّيسةٌ للأُسْدِ ذاتُ شبولٍ
وكأنّها روضُ الفلا عبثتْ به / أيدي شمالٍ سُحْرةً وقَبولِ
صِينتْ عن المعنى المعاد وقولُها / ما كان في زمنٍ مضى بمقولِ
وإذا النّضارةُ في الغصون تغيّرتْ / كانت نضارتُها بغير ذبولِ
فاِسعَدْ بهذا العيد واِبقَ لمثله / في منزلٍ من نعمةٍ مأهولِ
ولقد نَضَوْتَ الصّومَ عنك ولم تَعُجْ / فيه بجانبِ هفوةٍ وزليلِ
وكففتَ عن كلّ الحرامِ وإنّما / صاموا عن المشروب والمأكولِ
وإذا بقيتَ فما نبالِي مِن جرتْ / منّا عليه ردىً دموعُ ثَكولِ
اِسعَد سَعِدتَ بساعة التّحويلِ
اِسعَد سَعِدتَ بساعة التّحويلِ / وبقاءِ ملكٍ في الأنامِ طويلِ
وإذا قدمتَ على المسرّةِ فليكنْ / ذاك القدوم لنا بغير رحيلِ
وإذا دخلتَ إلى رباعك كان ذي / ياك الدّخولُ لديك خيرَ دخولِ
قد آن أن تحظى الأسرّةُ منك بالس / سكنى كما حَظِيَتْ ظهورُ خيولِ
دعْ منزلاً لا أهلَ فيه ولا به / وأقمْ لنا بالمنزل المأهولِ
لو تستطيع منازلٌ فارقتها / وحللتَ فيها اليومَ أيَّ حلولِ
لَسَعتْ إليك تشوّقاً ولأوْسَعَت / يُمناك من ضمٍّ ومن تقبيلِ
ولقد رأيتُ بخاطري وبناظري / في غابك المرهوب خيرَ شبولِ
الشمسُ أنتَ وهمْ نجومٌ حولَها / أقسمن أن لا رُعْننا بأُفولِ
لولا شهادتُهمْ عليك لكنتَ في / ما بيننا حقّاً بغير دليلِ
إنْ ينحفوا لصباً فقد جثموا عُلىً / ولهمْ بفضل الأصل كلُّ عَبولِ
أيُّ البدور وقد تبدّى طالعاً / من قبلِ تَمٍّ ليس بالمهزولِ
زِينَتْ علاك بنور أوْجههمْ كما / زين الجواد بغُرّةٍ وحُجولِ
لهمُ القبول من المحاسن كلِّها / والحسنُ مطرُوحٌ بغير قبولِ
ما فيهمُ إلّا الّذي هو صارمٌ / ماضي الشَّبا ذو رَوْنَقٍ مصقولِ
إنْ كان أُغْمِدَ برهةً فَلِسَلِّهِ / والمغمدُ المرجوّ كالمسلولِ
عبقوا بِنَشر الملك وسط مهودهمْ / وبغايةِ التّعظيم والتّبجيلِ
فهمُ غصونٌ لا ذَوَيْن على مدَى / مرّ الزّمان ولا دنتْ لذبولِ
لا تختشِ ما عشتَ بادرةَ العِدى / فكثيرهمْ من مكرهمْ كقليلِ
وَاِبعثْ إلى معطيك كلَّ إدراةٍ / من دعوةٍ مسموعةٍ برسولِ
إنّ الّذي أعطى المُنى فيما مَضى / يُعطيك في آتيك فوقَ السُّولِ
لك من مَعوناتِ الإلهِ ونصرهِ / في الرَّوعِ أيُّ أسِنَّةٍ ونصولِ
ولقد أقول لمن أراه يخيفني / ويسدّ عن طرقِ الرّجاء سبيلي
دعني وعاداتِ الإله فإنّني / لا أترك المعلومَ للمجهولِ
أوَ ما رأيتَ اللّهَ لما ضاقتِ ال / أرجاءُ كيف أتى بكلّ جميلِ
وأنَا الّذي أهوى هواك ولا أُرى / إلّا بحيثُ تقيل فيه مَقيلي
وأنا الجوادُ فإنْ سئلتُ تحوّلاً / عن دار ودّك كنتُ جِدَّ بخيلِ
حوشيتَ أن يُعنى سواك بخاطري / أو أنْ أجرّر في ذراه ذيولي
وإذا بقيتَ مملَّكاً ومسلَّماً / فقد اِرتقيتَ إلى ذُرا مأمولي
خذها على عجلٍ فإنْ قصّرتُها / فبقدرِ ما أسلفتَ من تطويلي
لي في الثّناءِ على علاك قصائدٌ / كالشّمس تدخل دارَ كلّ قبيلِ
طبّقن شرقاً في البلاد ومغرباً / ولهنّ في القِيعان كلُّ ذميلِ
وسكنّ ألْبابَ الرّجال وحيثما / كان القريض إليه غيرَ وَصولِ
نادمتُ طيفَكِ ليلةَ الرّملِ
نادمتُ طيفَكِ ليلةَ الرّملِ / والرّكبُ من وَسَنٍ على شُغلِ
فطنوا لهجركِ إذْ بخلتِ ضحىً / وعموا كرىً عن ساعة البذلِ
بتنا نُجِدّ وكيف جدّ فتىً / مسترهنٌ في قبضةِ الهزلِ
أهدي الّتي خلقتْ كما اِقترحتْ / حسناً وما اِسترضته من دَلِّ
كم قد أساءتْ وهي عامدةٌ / فجعلتها للحبِّ في حِلِّ
وَلَقَد درى من لا يُخادعني / أنّي صريعُ الأعينِ النُّجْلِ
إنّ الّذين ترحّلوا سَحَراً / قتلوا بذاك وما نَوَوْا قتلي
لم يحملوا يومَ الرّحيل سوى / قلبي العميد بهمْ على البُزلِ
وإذا رأيت جمالَ غانيةٍ / فهو الّذي سَرَقَتْه من جُمَلِ
بيضاء تفضح بالضّياء ضحىً / ودُجىً بفاحمِ شعرها الجَثلِ
وتنكّرتْ لمّا رأتْ وَضَحاً / متلهّباً في مَفرَقِي يغلي
ولينني زمناً بهنّ فمذْ / شاب العِذارُ كتَبْنَ بالعَزْلِ
فكمِ اِرتديتُ وذا الشّبابُ معي / بغديرةٍ وبمعصمٍ طَفْلِ
فالآن ما يمشي لغانيةٍ / خَطْوي ولا تقتادها رُسْلي
قُيّدتُ عنها بالمشيب كما / عَقِلَ الشَّرودُ الصَّعْبُ بالشُّكلِ
لا تُلزميني اليومَ ظالمةً / ما ليس من عَقْدي ولا حَلِّي
إنّ المشيبَ وقد ذُمِمْت به / من فعل ربِّكِ ليس من فعلي
ما إنْ نزلتُ عليه أرْحُلَه / وهو الّذي وافى إلى رَحْلي
مَن مبلغٌ عنّي لأشكرَه ال / ملكَ العزيزَ وجامعَ الفضلِ
والفاعلَ الفعلاتِ ما عُهدتْ / بين الأنام وقائلَ الفَصلِ
أَنت الّذي سوّيتَ معتلياً / بالفخرِ بينَ الفَرع والأصلِ
للَّه دَرُّك في الهياجِ وقد / قامَ الحِمامُ به على رِجْلِ
والحكمُ للسّمرِ الطّوالِ به / في القومِ أو للأبيضِ النَّصْلِ
والحربُ تعذِمُ كلَّ مُضْطَبِعٍ / بروائها بنيوبها العُصْلِ
وهناك من شرّ القنا عَلَقٌ / كالطَّلِّ آونةً وكالوَبْلِ
والطّعنُ يفتقُ كلَّ واسعةٍ / كالباب فاغرةٍ إلى الأكلِ
في موقفٍ زلقٍ تشيب به / لو أبصَرَتْه مفارقُ الطِّفلِ
ملآن بالآسادِ ضاريةً / غصّان من خيلٍ ومن رِجْلِ
كنتَ الأعزَّ به وقد خفضتْ / فيه رؤوس القوم من ذُلِّ
وسَقَيْتَ أُمّاتِ الكماةِ به / ضرباً وطعناً جرعةَ الثُّكلِ
حتّى كأنّك لا تخاف ردىً / أو لا تعاف مرارَةَ القتلِ
كم قد فرجتَ وأنتَ محتقرٌ / لا ترتضي مِن ضَيّقٍ أَزْلِ
ونفختَ من كَرَمٍ قضى ومضى / روحاً لنا وقتلتَ مِن مَحْلِ
وأريتَنا أنّ الألَى سُطِرَتْ / نَفَحاتُهمْ كانوا أُولي بُخْلِ
قد كان في قلبي وأنت على / شكواك مثلُ صوائبِ النَّبْلِ
وكأنّني لمّا سمعتُ به / حيرانُ ممتلئٌ من الخَبْلِ
ولو اِنّني أسطيع فِدْيَتَها / لفديتُها بالنّفسِ والأهلِ
وحملتُ ثِقْلاً لاِمرئٍ حملتْ / طولَ الزّمانِ يميُنه ثِقْلي
أنتمْ إذا خفتُ الأذى عُصُري / وإذا ضَحيتُ فأنتمُ ظِلّي
وإذا ضُربتُ فأنتُمُ جُنَنِي / وإذا ضَربتُ فأنتُمُ نَصْلي
وإذا ظمئتُ فمن غديركمُ / نَهلي ومن جَدْواكُم عَلِّي
ولقد فرغتُ من الأمور معاً / وثناؤكمْ ومديحكمْ شُغلي
ولأنتَ من قومٍ إذا وعدوا / سفّوا عن الإخلافِ والمَطْلِ
زحموا الكواكبَ عن مراكزها / ومشوا على النَّسْرين بالنَّعْلِ
والوعرُ كالجردِ المبين إذا / قطعوا مدىً والحَزْنُ كالسَّهْلِ
يا مالكاً لا مثلَ يعدلُه / ما في ولائك آخَرٌ مثلي
ما كان بعضي في يَدَيْ بشرٍ / فالآن خذْ منّي هوىً كُلّي
وَاِسمَعْ مديحاً بتّ أنظمه / يمليه منك عليَّ ما يُملي
أغليتُه دهراً ومذ عَلِقتْ / بك راحتي أرخصت ما أغلي
مَن ذا الّذي يَنجو من الآجالِ
مَن ذا الّذي يَنجو من الآجالِ / في هابطٍ من أرضهِ أو عالِ
ومَنِ المعرّجُ عن صُروفِ نوائبٍ / يُجرَرْنَ فيه أو حُتوفِ ليالِ
يا قربَ بين إقامةٍ وترحُّلٍ / والصّبحُ صبحُ العيش والآصالِ
وإذا اللّيالي قوّضَتْ ما تبتَني / فكأنّها ما بلّغتْ آمالي
ما لي أُعلَّلُ كلَّ يومٍ بالمنى / وأُساقُ من عِدٍّ إلى أوشالِ
ويغرّني الإكثارُ من نَشَبٍ وما ال / إكثارُ إلّا أوَّلُ الإقلالِ
قطّعْ حبالك من فتىً عصفتْ به / هوجُ المنون فقد قطعتُ حبالي
كم من أخٍ عُرِّيتُ منه بالرَّدى / فَعططتُ قلبي منه لا سِرْبالي
ووصلتُه حيّاً ولمّا أن أتتْ / رُسُل الحِمامِ إليه مات وِصالي
جزعي رخيصٌ يوم فاجَأَ فقدُه / قلباً به صبّاً وصبرِيَ غالِ
ونبذته في حفرةٍ مسدودة ال / أعماق عن رِيحَي صَباً وشمالِ
وكأنّه لمّا مضى بمسرّتي / عَجِلاً أتاني من مَطيفِ خيالي
حتّى متى أَنَا في إِسارِ غَرورةٍ / وَرْهاءَ تُسحرني بكلّ مُحالِ
ما لي بها إلّا الشّجى وعلى الصّدى / وقدِ اِستَطال عليَّ غيرُ الآلِ
بخلائقٍ مملولةٍ مذمومةٍ / عُوجٍ ولكنْ ما لهنّ ملالي
أوَ ما رأيتَ وقد رأيتَ معاشراً / سَكَنوا كما اِقتَرحوا قِلالَ معالِ
حكّوا بهامِهِمُ السّماءَ وجرّروا / في الخافقين فواضلَ الأذيالِ
وتحلّقوا شرفاً وعزّاً باهراً / والموتُ حطّهُمُ من الأجبالِ
من كلّ مهضوم الحَشا سبطِ الشّوى / كَرَماً وممتدِّ القناةِ طوالِ
دخّالِ كلِّ كريهةٍ ولّاجِها / جوّابِ كلِّ عظيمةٍ جوّالِ
متهجّمٍ إذْ لاتَ حين تهجّمٍ / واليومُ مُثْرٍ من قنىً ونصالِ
وإذا هُمُ سُئِلوا ندىً وجدوا وقد / سَبقوا إليه قبل كلّ سؤالِ
طلعوا على أُفقِ النّدى في ساعةٍ / لا طالعٌ فيها طلوعَ هلالِ
يا نازحاً عنّي على ضَنّي به / خذ ما تشاء اليومَ مِن إِعْوالِي
قد كنتُ ذا ثِقْلٍ ولكنْ زادني / فيك الرّدى ثِقْلاً عل أثقالي
يا لَيتني ما إنْ تخذتُك صاحباً / وأُحيلَ ودٌّ بيننا بِتَقالِ
فارقتني وأُخِذْتَ قسراً من يدي / من غير أنْ خطر الفراقُ ببالي
مَن ذا قضى من شملنا بتبدّدٍ / ورمى اِجتماعاً بيننا بزِيالِ
إن يَسلُ عنك الجاهلون محاسناً / عرّسْنَ فيك فلستُ عنك بسالِ
أو لَمْ تَرُعهم بالفراق فإنّني / مذ بِنتَ ممتلئٌ من الأَوجالِ
إنْ تدنُ منّي وُصلةً وقرابةً / فَلأَنتَ في قلبي من الحُلّالِ
وأجلُّ من قُرباك بالنسب الّذي / لا حمدَ فيه قرابةُ الأفعالِ
فدعِ التّناسبَ بالشّعوب فما له / جدوىً تَفِي بتناسب الأحوالِ
ما ضرّ خِلّي أن يكون مفارقاً / في عنصري وخلاله كخِلالي
وإذا خليلي لم أُطِقْ فعلاً به / يكفي الرّدى زوَّدتُه أقوالي
وسقى الإلهُ حفيرةً أُسْكِنْتَها / ما شئتَ من سحٍّ ومن هطّالِ
وأتَتْكَ عفواً كلُّ وَطْفاءِ الكُلى / ملأى من اللّمَعانِ والجَلْجالِ
وإذا مَضتْ عَجْلى اِستَنابتْ غيرها / كيلا تضرّ بذلك الإعجالِ
وَإِذا اِنقلبتَ إلى الجِنانِ فإنّما / ذاك التفرّقُ غايةُ الإقبالِ
ولقيتَ من عفو الإلهِ وصفحهِ / فوقَ الّذي ترجو بغير مِطالِ
وإذا نجوتَ السّوءَ في يومٍ به / كان الجزاءُ فإنّ كعبَك عالِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025