المجموع : 8
يا بارِقاً حَلَبَ البَليخَ غَمامَهُ
يا بارِقاً حَلَبَ البَليخَ غَمامَهُ / لا زالَ مِنكَ عَلى البَليخِ سِجالُ
كَم لَيلَةٍ بِكَ لا أُراعي نَجمَها / قَصُرَت وأَرِدِيَةُ الظَلامِ طِوالُ
زَهَرَت رِياضُك في فَسيحٍ زاهِرٍ / عِطِرُ العَشِيِّ مُمسَّكِ الأَذيالِ
فَكَأَنَّ فارَ المِسكِ يَفتِقُ ريحهُ / في رَوضِكَ الغَدَواتُ وَالآصالُ
وَلَرُبَّ لابِسَةٍ قِناعَ تَحِيَّةٍ / حَوراءَ تَخطُبُ حُسنَها الآمالُ
يَصِفُ القَضيبُ عَلى الكَثيبِ قَوامها / وَلَها مِنَ البَدرِ المُنيرِ مِثالُ
كَسَتِ الحَداثَةُ طَرفَها وَلِسانَها / خَمراً وَماءُ شَبابِها مُختالُ
وَتَسَرَّعَت فيها سُلافَةُ لذَّةٍ / قَد جالَ فيها البارِدُ السِلسالُ
كَشَفَت قِناعَ السِرِّ دونَ حَديثِها / وَتَكَلَّمَت بِلِسانِها الجِربالُ
دِمَنٌ تَرَحَّلَتِ الدِيارُ بِتُربِها / وَتَحَوَّلَت بِنُجومِها الأَحوالُ
سَبَقَ القَضاءُ بِكُلِّ ما هُوَ كائِنٌ / فَليَجهَد المُتَصَرِّفُ المُحتالُ
إِنَّ الجَنوبَ تَهيجُني نَفحاتُها / وَيَحِنُّ قَلبي أَن تَهُبَّ شَمالُ
لا تَطلُبَنَّ العُذرَ مِنّي ظالِماً / فَبُكاءُ مِثلي في الرُسومِ ضَلالُ
يا دارَ سُعدى ما لِرَبعِكِ خاشِعاً
يا دارَ سُعدى ما لِرَبعِكِ خاشِعاً / حَلَّ البِلى بِطُلولِها فَأَحالَها
لا زالَتِ الأَنواءُ وَهيَ غَزيرَةٌ / تَسقي بِلادَكِ سَهلَها وَجِبالَها
سَقياً لِسُعدى ما أَلَذَّ حَديثَها / وَأَجَلَّ مَجلِسَها وَأَنعَمَ بالَها
أَيّامَ أَجرى في عنانِ مَشيئَتي / مَرَحاً تَجرُّ غِوايَتي أَذيالُها
وَمُدَرَّعينَ عَداوَةً لا أَتّقي / إِدبارَ ظنته وَلا إِقبالَها
ما زالَ يَحرُسُ حَيَّةَ في حجرِها / صَمّاءَ لَو عَلِقَت بِهِ لَهَوى لَها
وَلَو أَنَّ نابَيها أَصابا كَفَّهُ / ما ذاقَ مِن طَعمِ الحَياةِ بِلالَها
لَو قُلتُ قافِيَةً تَرَكتُ عَلى اِستِهِ / وَسماً يَراهُ بارِزاً مِن خالَها
مِن عُصبَةٍ تَعِبَت لِكَسبِ مَثالِبٍ / في المُخزِياتِ فَأَكثَرَت أَعمالَها
لَو فَضَّ لُؤمُها بِكُلِّ قَبيلَةٍ / مَلَأَ البِلادَ حُزونَها وَرِمالَها
يا رُبَّ قافِيَةٍ عَلِقَت مُتونها / حَتّى إِذا اِطَّرَدَت حَلَلَت عِقالَها
فَمَضت كَأَنَّ مُتونَها هِندِيَّة / كَالبَرقِ أَخلَصَت القُيون صِقالَها
ما مَدَّ يَحيى كَفّهُ لِكَريمَةٍ / بَعُدَت عَلى الآمالِ إِلّا نالَها
مَلِكٌ لَوَ اَنَّ الراسِياتِ بِحِلمِهِ / وُزِنَت شَوامِخُها إِذاً لا شالَها
الحِلمُ يَملُكُهُ لَدى سَطَواتِهِ / وَالجودُ يَملِكُ كَفَّهُ وَنَوالَها
لا يَلتَوي صَدرُ الأُمورِ وَوردُها / أَبَداً إِذا ما البَرمَكيّ أَجالَها
وَسَليلُ يَحيى جَعفَرٍ وَشَبيهُهُ / كَالنَعلِ تَحذو كَيفَ شِئتَ مِثالَها
ما زالَ بِالبَلَدِ الشَآمِ يَسوسُهُ / حَتّى رَوى فِتيانَهُ وَأَزالَها
أَحيا سَبيلَ الحَقِّ في أَطرافِها / وَأَماتَ باطِلَ أَمرِها وَضَلالَها
بَخِلَت عَلَيكَ بِوَصلِها جُمَلُ
بَخِلَت عَلَيكَ بِوَصلِها جُمَلُ / فَكَذاكَ جملٌ شَأنُها البُخلُ
وَإِلى اِبنِ مَنصورٍ تَجاذُبُنا / أَعناقُها فَتكفُّها الجَدلُ
مَلِكٌ يَفيضُ سِجالُ نائِلِه / أَبَداً فَلَيسَ يَغبّهُ سَجلُ
بَذَلَ الرِجالُ بِقَدرِ ما مَلَكَت / وَبِجودِ جودِ يَمينِهُ البَذلُ
فَلِغَيرِهِ الأَموالُ صامِتَةً / وَلَنا التَوَسُّعُ وَالنَدى الجَزلُ
فَضَلَت يَداهُ الفاخِرينَ مَعاً / فَلَهُ عَلى مَن فاخَرَ الفَضلُ
آمَنَ الزَمانُ وَريبهُ رَجُلٌ / في ظِلِّ راحَتِهِ لَهُ رَحلُ
ثِنتانِ يَختَلِبانِ زائِرَهُ / كَرَمٌ وَوَجهٌ ضاحِكٌ سَهلُ
لا مَجدَ نَعرِفُهُ وَلا كَرَمٌ / إِلّا وَمَنصورٌ لَهُ أَهلُ
رَدَّ السِباخَ نَدى يَدَيهِ وَأَهلُها
رَدَّ السِباخَ نَدى يَدَيهِ وَأَهلُها / مِنها بِمَنزِلَةِ السِماكِ الأَعزَلِ
قَد أَيقَنوا بِذَهابِها وَهَلاكِهم / وَالدَهرُ يوعِدُهُم بِيَومٍ أَعضَلِ
فَاِفتَكها لَهُم وَهُم مِن دَهرِهِم / بَينَ الجِرانِ وَبَينَ حَدِّ الكَلكَلِ
ما كانَ يُرجى غَيرُهُ لِفَكاكِها / يُرجى الكَريمُ لِكُلِّ خَطبٍ مُعضِلِ
وَتَنالُ مِنكَ بِجِدِّ مُقلَتِها
وَتَنالُ مِنكَ بِجِدِّ مُقلَتِها / ما لا يُنالُ بِجِدِّهِ النَصلُ
فَإِذا نَظَرتَ إِلى مَحاسِنِها / فَلِكُلِّ مَوضِعِ نَظرَةٍ قَتلُ
لا تَعذِلوني في مَديحي مَعشَراً
لا تَعذِلوني في مَديحي مَعشَراً / خَطَبوا المَديحَ إِلَيَّ بِالأَموالِ
يَتَزَحزَحونَ إِذا رَأَوني مُقبِلاً / عَن كُلِّ مُتَّكئٍ مِنَ الإِجلالِ
أَقلِل عِتابَ مَن اِستَرَبتَ بِوُدِّهِ
أَقلِل عِتابَ مَن اِستَرَبتَ بِوُدِّهِ / ما إِن تُنالُ مَوَدَّةٌ بِقِتالِ
وَكَأَنَّما التَدريجُ في بَطناتِها
وَكَأَنَّما التَدريجُ في بَطناتِها / أَمواجُ دجلَة في هُبوبِ الشَمأَلِ