قومي اِسمَعي يا هَذِهِ وَتَأَمَّلي
قومي اِسمَعي يا هَذِهِ وَتَأَمَّلي / رَقصَ الغُصونِ عَلى غِناءِ البُلبُلِ
فَالطَيرَ بَينَ تَشاجُرٍ وَتَغَرُّدٍ / وَالماءَ بَينَ تَجَعُّدٍ وَتَسَلسُلِ
أَظباءَ وَجرةَ كَم بِشَطّى آمَدٍ / مِن ظَبِيَةٍ كَحلى وَظَبيٍ أَكحَلِ
وَمُدَلَّلٍ وَمُذَلَّلٍ في حُبِّهِ / شَتّانَ بَينَ مُذَلَّلٍ وَمُدَلَّلِ
وَالعَيشَ قَد رَقَصَت حَواشي حُسنِهِ / ما بَينَ دِجلَتِها إِلى قُطرَبُّلِ
رَقمَ الرَبيعُ رُبوعَها فَكَأَنَّها / زُنجِيَةٌ تَختالُ فيها بِالحُلي
مَن لي بِجيرونٍ وَجيراني وَقَد / نادَمتُهُم في جُنحِ لَيلٍ أَليَلِ
وَلَقَد بَنَيتُ لِاِبنِ ثابِتٍ في الحَشا / بَيتاً أَرَقَّ مِنَ الصَبا وَالشَمأَلِ
لِلَّهِ دَرُّ عِصابَةٍ نادَمتُها / يَوماً بِجِلَّقَ في الزَمانِ الأَوَّلِ
وَتَنوفَةٍ مازِلتُ أَقطَعُ جَوزَها / بِمُطَّهِمٍ عَبلِ القَوائِمِ هَيكَلِ
حَتّى أَبَنتُ حَديثَ حادِثَةِ النَوى / لِمُؤَيَّدِ الدينِ الوَزيرِ أَبي عَلي
قَيلٌ يَقولُ الحَقَّ في أَعدائِهِ / بَطَلٌ مَضارِبُ سَيفِهِ لَم تُبطَلِ
في حِصنِهِ غَيثٌ وَفَوقَ حِصانِهِ / لَيثٌ يَكُرُّ عَلى الكَرَّةِ بِمسَحَلِ
مُتبَسِمٌ لِعَفاتِهِ قَبلَ النَدى / كَالبَرقِ يَلمَعُ لِلبَشارَةِ بِالوَلي
يُعطي المُحَجَّلَةَ الجِيادَ وَكَم لَهُ / في الجودِ مِن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ
وَيَرُدُّ صَدرَ السَمهَرِيِّ بِصَدرِهِ / ماذا يُؤَثِّرُ ذابِلٌ في يَذبُلِ
فَكَأَنَّهُ وَالمَشرَفِيُّ بِكَفِّهِ / بَحرٌ يَكُرُّ عَلى الكُماةِ بِجَدوَلِ
وَلَهُ البَنونَ السابِقونَ إِلى الوَغى / بِالمَشرَفِيَّةِ وَالرِماحِ الذُبَّلِ
مِن كُلِّ سَحّاحِ اليَدَينِ سَمَيذَعٍ / وَأَغَرَّ وَضّاحِ الجَبينِ شَمَردَلِ
وَرَث السَماحَةَ عَن جُدودٍ سادَةٍ / مِثلَ الإِمامَةِ في سَراةِ بَني عَلي
أَكفى الكِفاةِ لَقَد تَهَلَّلَت الدُنى / مِن وَجهِهِ المُتَأَلِّقِ المُتَهَلِّلِ
أَنتَ الَّذي مَلَأَ المَلا بِصَلادِمٍ / وَصَوارِمٍ وَمَكارِمٍ وَتَفَضُّلِ
يُحصى الحَصى إِلا مَناقِبَكَ الَّتي / يَعيا بِجُملَتِها حِسابُ الجُمَّلِ
لَكَ مَذهَبٌ في كُلِّ أَرضٍ مُذهَبٌ / وَثَناً يَفوحُ نَسيمُهُ كَالمَندَلِ
عَجَباً لِمَن أَمسى بِآمِدَ مُقَتَّرا / مِثلي وَمِثلَكَ لِلسَماحِ بِآكِلِ
مَولايَ قَد يَمَّمتُ جودَكَ ظامِئاً / وَشَرِبتَ مِن دَهري نَقيعَ الحَنظَلِ
وَقَدِ اِتَّكَلتُ عَلى نِداكَ وَسَيبِهِ / كَالبُحتُرِيِّ عَلى نَدى المُتَوَكِّلِ
فَأَصِخ لِقَصدِ قَصيدَةٍ ما مِثلُها / لِجَريرٍ في الزَمَنِ القَديمِ وَجَروَلِ
لَو أُنشِدَت بِحِمى كُلَيبٍ خالَها / في الجاهِلِيَةِ مِن لِسانِ مُهَلهِلِ