ما بالُ دَفِّكَ بِالفِراشِ مَذيلا
ما بالُ دَفِّكَ بِالفِراشِ مَذيلا / أَقَذىً بِعَينِكَ أَم أَرَدتَ رَحيلا
لَمّا رَأَت أَرَقي وَطولَ تَقَلُّبي / ذاتَ العِشاءِ وَلَيلِيَ المَوصولا
قالَت خُلَيدَةُ ما عَراكَ وَلَم تَكُن / قَبلَ الرُقادِ عَنِ الشُؤونِ سَؤولا
أَخُلَيدَ إِنَّ أَباكِ ضافَ وِسادَهُ / هَمّانِ باتا جَنبَةً وَدَخيلا
طَرَقا فَتِلكَ هَماهِمي أَقريهِما / قُلُصاً لَواقِحُ كَالقِسِيِّ وَحولا
شُمَّ الكَواهِلِ جُنَّحاً أَعضادُها / صُهباً تُناسِبُ شَدقَماً وَجَديلا
كانَت نَجائِبَ مُنذِرٍ وَمُحَرِّقٍ / أُمّاتُهُنَّ وَطَرقُهُنَّ فَحيلا
وَكَأَنَّ رَيِّضَها إِذا باشَرتَها / كانَت مُعاوِدَةَ الرَحيلِ ذَلولا
حوزِيَّةً طُوِيَت عَلى زَفَراتِها / طَيَّ القَناطِرِ قَد نَزَلنَ نُزولا
وَكَأَنَّما اِنتَطَحَت عَلى أَثباجِها / فُدُرٌ بِشابَةَ قَد تَمَمنَ وُعولا
قُذُفَ الغُدُوِّ إِذا غَدَونَ لِحاجَةٍ / دُلُفَ الرَواحِ إِذا أَرَدنَ قُفولا
لا يَتَّخِذنَ إِذا عَلَونَ مَفازَةً / إِلّا بَياضَ الفَرقَدَينِ دَليلا
قوداً تَذارَعُ غولَ كُلِّ تَنوفَةٍ / ذَرعَ النَواسِجِ مُبرَماً وَسَحيلا
وَإِذا تَرَقَّصَتِ المَفازَةُ غادَرَت / رَبِذاً يُبَغِّلُ خَلفَها تَبغيلا
زَجِلَ الحُداءِ كَأَنَّ في حَيزومِهِ / قَصَباً وَمُقنِعَةَ الحَنينِ عَجولا
وَإِذا تَرَجَّلَتِ الضُحى قَذَفَت بِهِ / فَشَأَونَ عُقبَتَهُ فَظَلَّ ذَميلا
حَتّى إِذا حَسَرَ الظَلامُ وَأَسفَرَت / فَرَأَت أَوابِدَ يَرتَعينَ هُجولا
حَدَتِ السَرابَ وَأَلحَقَت أَعجازَها / روحٌ يَكونُ وُقوعُها تَحليلا
وَجَرى عَلى حَدَبِ الصُوى فَطَرَدنَهُ / طَردَ الوَسيقَةِ في السَماوَةِ طولا
في مَهمَهٍ قَلِقَت بِهِ هاماتُها / قَلَقَ الفُؤوسِ إِذا أَرَدنَ نُصولا
حَتّى وَرَدنَ لِتِمِّ خِمسٍ بائِصٍ / جُدّاً تَعاوَرَهُ الرِياحُ وَبيلا
سُدُماً إِذا اِلتَمَسَ الدِلاءُ نِطافَهُ / صادَفنَ مَشرِفَةَ المَثابِ دَحولا
جَمَعوا قُوىً مِمّا تَضُمُّ رِحالُهُم / شَتّى النِجارِ تَرى بِهِنَّ وُصولا
فَسَقَوا صَوادِيَ يَسمَعونَ عَشِيَّةً / لِلماءِ في أَجوافِهِنَّ صَليلا
حَتّى إِذا بَرَدَ السِجالُ لُهاثَها / وَجَعَلنَ خَلفَ غُروضِهِنَّ ثَميلا
وَأَفَضنَ بَعدَ كُظومِهِنَّ بِجِرَّةٍ / مِن ذي الأَبارِقِ إِذ رَعَينَ حَقيلا
قَعَدوا عَلى أَكوارِها فَتَرَدَّفَت / صَخِبَ الصَدى جَذَعَ الرِعانِ رَجيلا
مُلسَ الحَصى باتَت تَوَجَّسَ فَوقَهُ / لَغَطَ القَطا بِالجَلهَتَينِ نُزولا
يَتبَعنَ مائِرَةَ اليَدَينِ شِمِلَّةً / أَلقَت بِمُختَرَقِ الرِياحِ سَليلا
جاءَت بِذي رَمَقٍ لِسِتَّةِ أَشهُرٍ / قَد ماتَ أَو جَرَضَ الحَياةَ قَليلا
نَفَضَت بِأَصهَبَ لِلمِراحِ شَليلَها / نَفضَ النَعامَةِ زِفَّها المَبلولا
أَبلِغ أَميرَ المُؤمِنينَ رِسالَةً / شَكوى إِلَيكَ مُطِلَّةً وَعَويلا
مِن نازِحٍ كَثُرَت إِلَيكَ هُمومُهُ / لَو يَستَطيعُ إِلى اللِقاءِ سَبيلا
طالَ التَقَلُّبُ وَالزَمانُ وَرابَهُ / كَسَلٌ وَيَكرَهُ أَن يَكونَ كَسولا
وَعَلا المَشيبُ لِداتِهِ وَمَضَت لَهُ / حِقَبٌ نَقَضنَ مَريرَهُ المَجدولا
فَكَأَنَّ أَعظُمَهُ مَحاجِنُ نَبعَةٍ / عوجٌ قَدُمنَ فَقَد أَرَدنَ نُحولا
كَبَقِيَّةِ الهِندِيِّ أَمسى جَفنُهُ / خَلَقاً وَلَم يَكُ في العِظامِ نَكولا
تُغلى حَديدَتُهُ وَتُنكِرُ لَونَهُ / عَينٌ رَأَتهُ في الشَبابِ صَقيلا
أَلِفَ الهُمومُ وَسادَهُ وَتَجَنَّبَت / رَيّانَ يُصبِحُ في المَنامِ ثَقيلا
وَطَوى الفُؤادَ عَلى قَضاءِ صَريمَةٍ / حَذّاءَ وَاتَّخَذَ الزَماعَ خَليلا
أَوَلِيَّ أَمرِ اللَهِ إِنَّ عَشيرَتي / أَمسى سَوامُهُمُ عِزينَ فُلولا
قَطَعوا اليَمامَةَ يَطرُدونَ كَأَنَّهُم / قَومٌ أَصابوا ظالِمينَ قَتيلا
يَحدونَ حُدباً مائِلاً أَشرافُها / في كُلِّ مَنزِلَةٍ يَدَعنَ رَعيلا
شَهرَي رَبيعٍ ما تَذوقُ لَبونُهُم / إِلّا حُموضاً وَخمَةً وَدَويلا
حَتّى إِذا جُمِعَت تُخَيِّرَ طِرقُها / وَثَنى الرِعاءُ شَكيرَها المَنخولا
وَأَتَوا نِسائَهُمُ بِنيبٍ لَم يَدَع / سوءُ المَحابِسِ تَحتَهُنَّ فَصيلا
أَوَلِيَّ أَمرِ اللَهِ إِنّا مَعشَرٌ / حُنُفاءُ نَسجُدُ بُكرَةً وَأَصيلا
عَرَبٌ نَرى لِلَّهِ في أَموالِنا / حَقَّ الزَكاةِ مُنَزَّلاً تَنزيلا
قَومٌ عَلى الإِسلامِ لَمّا يَمنَعوا / ماعونَهُم وَيُضَيِّعوا التَهليلا
فَاِدفَع مَظالِمَ عَيَّلَت أَبناءَنا / عَنّا وَأَنقِذ شِلوَنا المَأكولا
فَنَرى عَطِيَّةَ ذاكَ إِن أَعطَيتَهُ / مِن رَبِّنا فَضلاً وَمِنكَ جَزيلا
أَنتَ الخَليفَةُ حِلمُهُ وَفَعالُهُ / وَإِذا أَرَدتَ لِظالِمٍ تَنكيلا
وَأَبوكَ ضارَبَ بِالمَدينَةِ وَحدَهُ / قَوماً هُمُ جَعَلوا الجَميعَ شُكولا
قَتَلوا اِبنَ عَفّانَ الخَليفَةَ مُحرِماً / وَدَعا فَلَم أَرَ مِثلَهُ مَخذولا
فَتَصَدَّعَت مِن بَعدِ ذاكَ عَصاهُمُ / شِقَقاً وَأَصبَحَ سَيفُهُم مَسلولا
حَتّى إِذا اِستَعَرَت عَجاجَةُ فِتنَةٍ / عَمياءَ كانَ كِتابُها مَفعولا
وَزَنَت أُمَيَّةُ أَمرَها فَدَعَت لَهُ / مَن لَم يَكُن غُمراً وَلا مَجهولا
مَروانُ أَحزَمُها إِذا نَزَلَت بِهِ / حُدبُ الأُمورِ وَخَيرُها مَسؤولا
أَزمانَ رَفَّعَ بِالمَدينَةِ ذَيلَهُ / وَلَقَد رَأى زَرعاً بِها وَنَخيلا
وَدِيارَ مُلكٍ خَرَّبَتها فِتنَةٌ / وَمُشَيَّداً فيهِ الحَمامُ ظَليلا
إِنّي حَلَفتُ عَلى يَمينٍ بَرَّةٍ / لا أَكذِبُ اليَومَ الخَليفَةَ قيلا
ما زُرتُ آلَ أَبي خُبَيبٍ وافِداً / يَوماً أُريدُ لِبَيعَتي تَبديلا
وَلا أَتَيتُ نُجَيدَةَ اِبنَ عُوَيمِرٍ / أَبغي الهُدى فَيَزيدَني تَضليلا
مِن نِعمَةِ الرَحمَنِ لا مِن حيلَتي / إِنّي أَعُدُّ لَهُ عَلَيَّ فُضولا
أَزمانَ قَومي وَالجَماعَةَ كَالَّذي / لَزِمَ الرِحالَةَ أَن تَميلَ مَميلا
وَتَرَكتُ كُلَّ مُنافِقٍ مُتَقَلِّبٍ / وَجَدَ التَلاتِلَ دينَهُ مَدخولا
ذَخِرَ الحَقيبَةِ ما تَزالُ قُلوصُهُ / بَينَ الخَوارِجِ هِزَّةً وَذَويلا
مِن كُلِّهِم أَمسى أَلَمَّ بِبَيعَةٍ / مَسحَ الأَكُفِّ تَعاوَرُ المَنديلا
وَإِذا قُرَيشٌ أَوقَدَت نيرانَها / وَثَنَت ضَغائِنَ بَينَها وَذُحولا
فَأَبوكَ سَيِّدُها وَأَنتَ أَميرُها / وَأَشَدُّها عِندَ العَزائِمِ جولا
إِنَّ السُعاةَ عَصَوكَ حينَ بَعَثتَهُم / وَأَتَوا دَواعِيَ لَو عَلِمتَ وَغولا
إِنَّ الَّذينَ أَمَرتَهُم أَن يَعدِلوا / لَم يَفعَلوا مِمّا أَمَرتَ فَتيلا
أَخَذوا العَريفَ فَقَطَّعوا حَيزومَهُ / بِالأَصبَحِيَّةِ قائِمَن مَغلولا
حَتّى إِذا لَم يَترُكوا لِعِظامِهِ / لَحماً وَلا لِفُؤادِهِ مَعقولا
نَسِيَ الأَمانَةَ مِن مَخافَةِ لُقَّحٍ / شُمُسٍ تَرَكنَ بِضَبعِهِ مَجزولا
كَتَبَ الدُهَيمُ وَما تَجَمَّعَ حَولَها / ظُلماً فَجاءَ بِعَدلِها مَعدولا
وَغَدَوا بِصَكِّهِمُ وَأَحدَبَ أَسأَرَت / مِنهُ السِياطَ يَراعَةً إِجفيلا
مِن عامِلٍ مِنهُ إِذا غَيَّبتَهُ / غالى يُريدُ خِيانَةً وَغُلولا
خَرِبَ الأَمانَةِ لَو أَحَطتَ بِفِعلِهِ / لَتَرَكتَ مِنهُ طابِقاً مَفصولا
كُتُباً تَرَكنَ غَنِيَّنا ذا خَلَّةٍ / بَعدَ الغِنى وَفَقيرَنا مَهزولا
أَخَذوا حُمولَتَهُ فَأَصبَحَ قاعِداً / لا يَستَطيعُ عَنِ الدِيارِ حَويلا
يَدعو أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ / خَرقٌ تَجُرُّ بِهِ الرِياحُ ذُيولا
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُماةُ جَناحَهُ / يَدعو بِقارِعَةِ الطَريقِ هَديلا
وَقَعَ الرَبيعُ وَقَد تَقارَبَ خَطوُهُ / وَرَأى بِعَقوَتِهِ أَزَلَّ نَسولا
مُتَوَضِّحَ الأَقرابِ فيهِ شُهبَةٌ / نَهِشَ اليَدَينِ تَخالُهُ مَشكولا
كَدُخانِ مُرتَجِلٍ بِأَعلى تَلعَةٍ / غَرثانَ ضَرَّمَ عَرفَجاً مَبلولا
وَلَئِن سَلِمتُ لَأَدعُوَنَّ بِطَعنَةٍ / تَدَعُ الفَرائِضَ بِالشُرَيفِ قَليلا
وَأَرى الَّذي يَدَعُ المَطامِعَ لِلتُقى / مِنّا أَتى خُلُقاً بِذاكَ جَميلا
بُنِيَت مَرافِقُهُنَّ فَوقَ مَزَلَّةٍ / لا يَستَطيعُ بِها القُرادُ مَقيلا
وَأَتاهُمُ يَحيا فَشَدَّ عَلَيهِمُ / عَقداً يَراهُ المُسلِمونَ ثَقيلا
وَتَرَكتُ قَومي يَقسِمونَ أُمورَهُم / أَإِلَيكَ أَم يَتَلَبَّثونَ قَليلا
أَخَذوا المَخاضَ مِنَ الفَصيلِ غُلُبَّةً / ظُلماً وَيُكتَبُ لِلأَميرِ أَفيلا