المجموع : 7
نَهرٌ كَما سالَ اللَمى سَلسالُ
نَهرٌ كَما سالَ اللَمى سَلسالُ / وَصباً بَليلٌ ذَيلُها مِكسالُ
وَمَهَبُّ نَفحَةِ رَوضَةٍ مَطلولَةٍ / في جَلهَتَيها لِلنَسيمِ مَجالُ
غازَلتُهُ وَالأُقحُوانَةُ مَبسِمٌ / وَالآسُ صُدغٌ وَالبَنَفسَجُ خالُ
وَوَراءَ خَفّاقِ النِجادِ ضُبارِمٌ / يَسري بِهِ خَلفَ الظَلامِ خَيالُ
أَلقى العَصا في حَيثُ يَعثُرُ بِالحَصى / نَهرٌ وَتَعبَثُ بِالغُصونِ شَمالُ
وَكَأَنَّ ما بَينَ الغُصونِ تَنازُعٌ / فيهِ وَما بَينَ المِياهِ جِدالُ
وَأَرَبَّ يَبرُدُ مِن حَشاهُ مَكرَعٌ / خَصِرٌ يَسُحُّ وَتَلعَةٌ مِخضالُ
مابَينَ رَوضَةِ جَدوَلَينِ كَأَنَّما / بُسِطَت يَمينٌ مِنهُما وَشِمالُ
مِثلُ الحُبابِ بِمُنحَناهُ ذُؤابَةٌ / خَفّاقَةٌ حَيثُ الرُبى أَكفالُ
وَاِنسابَ ثاني مَعطِفَيهِ كَأَنَّهُ / هَيمانُ نَشوانٌ هُناكَ مُذالُ
أَو ظِلُّ أَسمَرَ بِاللِوى مُتَأَطِّرٌ / عَطَفَت جَنوبٌ مَتنَهُ وَشَمالُ
لَم أَدرِ هَل يُزهى فَيَخطُرُ نَخوَةً / أَم لاعَبَت أَعطافَهُ الجِريالُ
فَإِذا اِستَطارَ بِهِ النَجاءُ فَنَيزَكٌ / وَإِذا تَهادى فَالهِلالُ هِلالُ
زُرَّت عَلَيهِ جُبَّةٌ مَوشِيَّةٌ / بِمَقيلِهِ أُختٌ لَها أَسمالُ
مِزَقٌ كَما يَنَقَدُّ في يَومِ الوَغى / عَن لَبَّتَي مُستَلئِمٍ سِربالُ
أَلقى بِهِ مِنها هُنالِكَ دِرعَهُ / بَطَلٌ وَجَرَّدَ وَشيَهُ مُختالُ
بَيدَ الهَجيرَةِ مِنهُ سَوطٌ خافِقٌ / وَبِساقِ لَيلَةِ صَرصَرٍ خَلخالُ
فَدَلَفتُ يَقدُمُ بي هُناكَ ضُبارِمٌ / ضارٍ لَهُ بِعَمايَةٍ أَشبالُ
شَيحانَ لا أَرتابُ مِن هَلَعٍ وَلا / أَغتابُ مِن طَبعٍ وَلا أَغتالُ
مُتَخايِلاً أَمشي البَرازَ وَدونَهُ / مِن أَرقَمٍ سِدرٌ أَلُفُّ وَضالُ
فَتَوَعَّدتني نَظرَةٌ وَقّادَةٌ / يُذكى بِها تَحتَ الظَلامِ ذُبالُ
وَهَوى كَما يَهوي أَتِيٌّ مُزبِدٌ / رَجَمَت بِهِ بَعضَ التِلاعِ تِلالُ
يَهفو الضَرّاءَ أَمامَهُ وَلَرُبَّما / يَذَرُ الكَثيبَ وَراءَهُ يَنهالُ
فَدَرَأتُ بادِرَةَ الشُجاعِ بِأَخضَرٍ / في رَقشِهِ هُوَ لِلشُجاعِ مِثالُ
جَمَدَ الغَديرُ بِمَتنِهِ وَلَرُبَّما / أَعشاكَ إِفرِندٌ لَهُ سَيّالُ
وَجَمَعتُ بَينَ المَشرَفِيِّ وَبَينَهُ / فَتَلاقَتِ الأَشباهُ وَالأَشكالُ
وَتَساوَرا يَتَكافَحانِ كَما اِلتَقى / يَوماً أَبو إِسحاقَ وَالريبالُ
وَكِلاهُما مِن أَسوَدٍ وَمُهَنَّدٍ / في ضِمنِهِ الأَوجالُ وَالآجالُ
ما ضارَ لابِسَ مِثلِهِ مِن خاتَمٍ
ما ضارَ لابِسَ مِثلِهِ مِن خاتَمٍ / أَن لا يَشُبَّ مَعَ الظَلامِ ذُبالا
مُتَأَلِّقٌ أَعداهُ لابِسُ حِليَةٍ / فَسَما جَلالاً وَاِستَزادَ جَمالا
مُتَحَمِّلاً فَصّاً يَروقُ وَحَلقَةً / مِن جُذوَةٍ وَقَدَت وَماءً سالا
في راحَةٍ خُلِقَت سَماءَ سَماحَةٍ / فَتَقارَنا نَجماً بِها وَهِلالا
أَحُسُّ المُدامَةَ وَالنَسيمُ عَليلُ
أَحُسُّ المُدامَةَ وَالنَسيمُ عَليلُ / وَالظِلُّ خَفّاقُ الرِواقِ ظَليلُ
وَالنورُ طَرفٌ قَد تَنَبَّهَ دامِعٌ / وَالماءُ مُبتَسِمٌ يَروقُ صَقيلُ
وَتَطَلَّعَت مِن بَرقِ كُلِّ غَمامَةٍ / في كُلِّ أُفقٍ رايَةٌ وَرَعيلُ
حَتّى تَهادى كُلُّ خوطَةِ أَيكَةٍ / رَيّا وَغَصَّت تَلعَةٌ وَمَسيلُ
عَطَفَ الأَراكَةَ فَاِنثَنى شُكراً لَهُ / طَرَباً وَرَجَّعَ في الغُصونِ هَديلُ
فَالرَوضُ مُهتَزُّ المَعاطِفِ نَغمَةً / نَشوانُ يَعطِفُهُ الصَبا فَيَميلُ
رَيّانُ فَضَّضَهُ النَدى ثُمَّ اِنجَلى / عَنهُ فَذَهَّبَ صَفحَتَيهِ أَصيلُ
وَاِرتَدَّ يَنظُرُ في نِقابِ غَمامَةٍ / طَرفٌ يُمَرِّضُهُ النُعاسُ كَليلُ
ساجٍ كَما يَرنو إِلى عُوّادِهِ / شاكٍ وَيَلتَمِحُ العَزيزَ ذَليلُ
وَالشَمسُ شاحِبَةُ الجَبينِ مَريضَةٌ
وَالشَمسُ شاحِبَةُ الجَبينِ مَريضَةٌ / وَالريحُ خافِقَةُ الجَناحِ بَليلُ
وَالبَرقُ مُنخَزِلٌ يُكِبُّ لِوَجهِهِ / وَيَمُجَّ روحَ الراحِ مِنهُ قَتيلُ
وَالكَأسُ طِرفٌ أَشقَرٌ قَد جالَ في / عَرقٍ عَلَيهِ مِن الحَبابِ يَسيلُ
يَسعى بِها قَمَرٌ لَهُ وَلِكَأسِهِ / وَجهٌ أَغَرُّ وَمَبسِمٌ مَعسولُ
شاكي السِلاحِ لِقَدِّهِ وَلِطَرفِهِ / رُمحٌ أَصَمُّ وَصارِمٌ مَسلولُ
وَأَخٍ تَهُزُّ لَهُ العُلى أَعطافَها / فَكَأَنَّهُ رَيحانَةٌ وَشُمولُ
راضَعتُهُ كَأسَ المُدامِ وَبَينَنا / بِجَنى الحَديثِ حَديقَةٌ وَقَبولُ
مَيّاسُ أَعطافِ السَماحِ كَأَنَّهُ / غُصنٌ تَنَفَّسَ نَورُهُ مَطلولُ
تَندى لَها وَرداً أَسِرَّةُ كَفِّهِ / أَبَداً وَبَطنُ يَمينِهِ مَبلولُ
طَلقُ الجَبينِ وَلِلحُسامِ تَبَسَّمٌ / طاوي المَصيرِ وَبِالقَناةِ ذُبولُ
لِلناسِ فيهِ مِنَ الكَلامِ شَواهِدٌ / وَبِمَضرَبِ السَيفِ الجُرازِ فُلولُ
يَمتاحُ أَرواحَ الكُماةِ بِكَفِّهِ / شَطنٌ يُمَرُّ مِنَ القَنا مَفتولُ
في حَيثُ مِن حُرِّ الطِعانِ هَجيرَةٌ / تُحمى وَمِن ظِلِّ اللِواءِ مَقيلُ
وَالنَقعُ أَدهَمُ لِلرِماحِ بِوَجهِهِ / غُرَرٌ تَلوحُ وَلِلسُيوفِ حُجولُ
وَالخَيلُ سَطرٌ بِالأَسِنَّةِ مُعجَمٌ / وَبِحَدِّ أَلسِنَةِ الظُبى مَشكولُ
وَعَسى اللَيالي أَن تَمُنَّ بِجَمعِنا
وَعَسى اللَيالي أَن تَمُنَّ بِجَمعِنا / عِقداً كَما كُنّا عَلَيهِ وَأَكمَلا
فَلَرُبَّما نُثِرَ الجُمانُ تَعَمُّداً / لِيَكونَ أَحسَنَ في النِظامِ وَأَجمَلا
خُذها يُرِنُّ لَها الجَوادُ صَهيلا
خُذها يُرِنُّ لَها الجَوادُ صَهيلا / وَتَسيلُ ماءً في الحُسامِ صَقيلا
بَسّامَةً تُصبي الأَريبَ وَسامَةً / لَولا المَشيبُ لَسِمتُها تَقبيلا
حَمَّلتُها شَوقاً إِلَيكَ تَحِيَّةً / حَمَّلتُها عَتباً عَلَيكَ ثَقيلا
مِن كُلِّ بَيتٍ لَو تَدَفَّقَ طَبعُهُ / ماءً لَغَصَّ بِهِ الفَضاءُ مَسيلا
إيهٍ وَما بَينَ الجَوانِحِ غُلَّةٌ / لَو كُنتُ أَنقَعُ بِالعِتابِ غَليلا
ما لِلصَديقِ وُقيتَ تَأكُلُ لَحمَهُ / حَيّاً وَتَجعَلُ عِرضَهُ مِنديلا
أَقبَلتَهُ صَدرَ الحُسامِ وَطالَما / أَضفَيتَهُ دِرعاً عَلَيهِ طَويلا
ماذا ثَناكَ عَنِ الثَناءِ وَنَشرِهِ / بُرداً عَلى الرَسمِ الجَميلِ جَميلا
أَرِجاً كَما عَثَرَ النَسيمُ بِرَوضَةٍ / لَدناً كَما نَضَحَ الغَمامُ مَقيلا
أَعِدِ اِلتِفاتَكَ وَاِدَّكِرها خِلَّةً / لاتَستَقِلُّ بِها عُلاكَ مُميلا
وَأَصِخ إِلى سَجعِ القَريضِ فَرُبَّما / نَدبَ القَريضُ مِنَ الوَفاءِ هَديلا
وَعُجِ المَطِيَّ عَلى الوَدادِ وَحَيِّهِ / طَلَلاً عَلى حُكمِ الزَمانِ مُحيلا
وَاِبعَث بِطَيفِكَ وَاِعتَقِدها زَورَةً / وَصِلِ السَلامَ عَلى النَوى تَعليلا
وَلَئِن سَأَلتُ بِكَ الغَمامَةَ وابِلاً / يَسِمُ الجَديبَ لَما سَأَلتُ بَخيلا
وَإِذا دَعَبتُ وَلا دُعابَةَ غَيبَةٍ / فَاِغضُض هُناكَ مِنَ العَنانِ قَليلا
وَاِصحَب وَذِهنُكَ مِن هَجيرٍ لافِحٍ / ذِكراً كَما سَرَتِ القَبولُ بَليلا
فَلَقَد حَلَلتَ مَعَ الشَبابِ بِمَنزِلٍ / يَرتَدُّ طَرفُ النَجمُ عَنهُ كَليلا
وَبَدَهتَ لا نَزرَ المَحاسِنِ مُجبَلاً / وَمَضَيتَ لاقَضمَ الغَرارِ فَليلا
مُتَدَفِّقاً أَعيا العُقولَ طَريقُهُ / فَكَأَنَّما رَكِبَ المَجَرَّ سَبيلا
يَستَوقِفُ العَليا جَلالاً كُلَّما / سَجَدَ اليَراعُ بِكَفِّهِ تَبجيلا
لا تَستَنيرُ بِكَ السِيادَةُ غُرَّةً / حَتّى يَسيلَ بِكَ النَدى تَحجيلا
وَسِوايَ يُنشِدُ في سِواكَ نَدامَةً / يا لَيتَني لَم أَتَّخِذكَ خَليلا
اللَيلُ إِلا حَيثُ كُنتَ طَويلُ
اللَيلُ إِلا حَيثُ كُنتَ طَويلُ / وَالصَبرُ إِلّا مُنذُ بِنتَ جَميلُ
وَالنَفسُ ما لَم تَرتَقِبكَ كَئيبَةٌ / وَالطَرفُ مالَم يَلتَمِحكَ كَليلُ
فَلَقَد خَلَعتَ عَلى الزَمانِ مَحاسِناً / تُثنى بِهِ أَعطافُهُ فَيَذيلُ
وَلَقَد شَمَلتَ الحَضرَتَينِ بِنِعمَةٍ / يَجري الثَناءُ بِوَصفِها فَيُطيلُ
فَالصُبحُ ثَغرٌ في جَنابِكَ ضاحِكٌ / وَاللَيلُ طَرفٌ في ذَراكَ كَحيلُ
وَأَقَمتَ مِن أَوَدٍ هُناكَ وَهَهُنا / فَدَفَقتَ آراءً وَأَنتَ جَليلُ
وَتَكَشَّفَت لَكَ حالَةٌ عَن غادِرٍ / مَلِقٍ وَمرعى الغادِرينَ وَبيلُ
فَقَعَدتَ بِالأَعداءِ قِعدَةَ خالِعٍ / ثَوبَ العَزازَةِ عَنهُ فَهوَ ذَليلُ
وَهَدَدتَ هَضبَةَ عِزِّهِ فَكَأَنَّها / نَسفاً كَثيبٌ بِالعَراءِ مَهيلُ
فَتَطَوَّقَت بِالهَونِ مِنهُ حَمامَةٌ / يَعتادُها تَحتَ الظَلامِ عَويلُ
وَأَراهُ صَبوَةَ ماجَناهُ دَهمَةً / نَظَرٌ جَزاهُ عَنِ القَبيحِ جَميلُ
فَاِعتاصَ مِن لُجٍّ وَأَعتَمَ مَسلَكٌ / وَاِلتاثَ مُلتَمَسٌ وَضاقَ سَبيلُ
وَوَشى رِداءَ الحَمدِ بِاِسمِكَ خاطِرٌ / قَد عاثَ فيهِ السُقمُ فَهوَ كَليلُ
فَسَجَعتُ في قَيدِ الشَكاةِ مُغَرِّداً / طَرَباً وَلِلطَرفِ الرَبيطِ صَهيلُ
وَلَوى العِنانَ عَنِ الإِطالَةِ أَنَّني / نِضوُ القُوى بِسُرى الفِراشِ ضَئيلُ
مادَ النُحولُ بِهِ فَلاعَبَ شَخصَهُ / ظِلٌّ تَحَيَّفَهُ السَقامُ نَحيلُ
فَمَنَعتُهُ جَمَّ المَحاسِنِ ناقِهاً / قَد كاثَرَ الأَمداحَ وَهوَ قَليلُ
وَلَكَم قَصيرٍ مِن يَراعِكَ ساحِبٍ / مِن نابِ صَدرِ الرُمحِ وَهوَ طَويلُ