المجموع : 15
قِف بِالمَنازِلِ وَاِندُبِ الأَطلالا
قِف بِالمَنازِلِ وَاِندُبِ الأَطلالا / وَسلِ الرُبوعَ الدارِساتِ سُؤالا
أَينَ الأَحِبَّةُ أَينَ سارَت عيسُهُم / هاتيكَ تَقطَعُ في اليَبابِ أَلالا
مِثلَ الحَدائِقِ في السَرابِ تَراهُمُ / الآلُ يَعظُمُ في العُيونِ أَلالا
ساروا يُريدونَ العُذَيبَ لِيَشرَبوا / ماءً بِهِ مِثلُ الحَياةِ زُلالا
فَقَفَوتُ أَسأَلُ عَنهُمُ ريحَ الصَبا / هَل خَيَّموا أَو إِستَظَلّوا الضالا
قالَت تَرَكتُ عَلى زَرودَ قِبابَهُم / وَالعيسِ تَشكو مِن سُراها كَلالا
قَد أَسدَلوا فَوقَ القِبابِ مَضارِباً / يَستُرنَ مِن حُرِّ الهَجيرِ جَمالا
فَاِنهَض إِلَيهِم طالِباً آثارَهُم / وَاِرفُل بِعيسِكَ نَحوَهُم إِرفالا
فَإِذا وَقَفتَ عَلى مَعالِمِ حاجِرٍ / وَقَطَعتَ أَغواراً بِها وَجِبالا
قَرَبُت مَنازِلُهُم وَلاحَت نارُهُم / ناراً قَد اِشعَلَتِ الهَوى إِشعالا
فَأَنِخ بِها لا يَرهَبَنَّكَ أُسُدُها / الإِشتِياقُ يُريكَها أَشبالا
يا أَيُّها البَيتُ العَتيقُ تَعالى
يا أَيُّها البَيتُ العَتيقُ تَعالى / نورٌ لَكُم بِقُلوبِنا يَتَلالا
أَشكو إِلَيكَ مَفاوِزاً قَد جُبتُها / أَرسَلتُ فيها أَدمُعي أَرسالا
أُمسي وَأُصبِحُ لا أَلَذَّ بَراحَةٍ / أَصِلُ البُكورَ وَأَقطَعُ الآصالا
إِنَّ النِياقَ وَإِن أَضَرَّ بِها الوَجى / تَسري وَتُرفِلُ في السُرى إِرفالا
هذي الرُكابُ إِلَيكُمُ سارَت بِنا / شَوقاً وَما تَرجو بِذاكَ وِصالا
قَطَعَت إِلَيكَ سَباسِباً وَرِمالا / وَخداً وَما تَشكو لِذاكَ كَلالا
ما تَشتَكي أَلَمَّ الوَجى وَأَنا الَّذي / أَشكو الكَلالَ لَقَد أَتَيتُ مُحالا
جاء المبشرُ بالرسالة يبتغي
جاء المبشرُ بالرسالة يبتغي / أجر السرور من الكريمِ المرسلِ
فأتى به ختم الولايةِ مثلما / ختم النبوة بالنبيّ المرسل
ولنا من الختمين حظٌ وافرٌ / ورثا أتانا في الكتاب المنزَّل
الحقُّ يعلمُ والحقائقُ تُجهل
الحقُّ يعلمُ والحقائقُ تُجهل / والحجبُ تُسدلُ والمهيمن يُمهلُ
لو تُرفع الأستار لا نهتك الذي / عظُمت مقالته فأصبح يهملُ
حجبَ العقولَ نزاهة لجلاله / حتى ترى نحو الطواغيتِ تسفل
طلباً له لما علت من أجله / حارت محيرة فعادت تنزل
حكمت عليها بالزمان رياحه / لما تجلى الدهر كشفاً يرفل
شال الستورَ عن العيونِ هبوبُها / مثلَ الجنوبِ إذا تهب وشمأل
ودَبور تأتي خلفه لتسوقه / لصبا القبول لكونها تستقبل
فإذا انتفى عنه الوجود فلم يجد / جاءته نكباءُ وتلك المعدل
فدرى بها أن الذي بالهه / من منزل النكباء أصبح يعدل
وهو الكفور لعلمه بظهوره / في كلِّ شيء وهو علمٌ مجملُ
إن الظنونَ على الوجوهِ مُحالُ
إن الظنونَ على الوجوهِ مُحالُ / أهل التفكير هكذا قد قالوا
والكشفُ يقضي أنها لحياتها / فيها لها عند الشهود مجالُ
شهدتْ بذلكم الجوارحُ عندنا / في النور إذ جاءت بها الأرسال
العلمُ بحرٌ ما له من ساحل
العلمُ بحرٌ ما له من ساحل / عذبُ المشارب حكمه في النائلِ
بالجمعِ جاء من الذي أعطاكَه / ما سَلطَن المسؤول غير السائل
لما دعاه دعا له في نفسه / بالمنحر الأعلى الكريمِ القائل
واستخلص الشخصُ الذي قد ذمه / بهواه لما أنْ دعا بالحائلِ
ليصيد من شَرَك العقولِ صيودها / بشريعةٍ جلتْ عن المتطاولِ
فلذاك لم يعقبُ واعقب من له / كل الفضائلِ فاضلاً عن فاضلِ
أنتم لكل فضيلة أهلُ
أنتم لكل فضيلة أهلُ / وأنا لكل رذيلةٍ أصلُ
فافعلْ وأفعلُ فالفروعُ بأصلها / فالكلُّ يفعلُ ما هو الأهل
لاتتخذ غيرَ الإله وكيلاً
لاتتخذ غيرَ الإله وكيلاً / ولتتخذ نحو الإله سبيلا
لا تنه عن أمرٍ وأنت تريده / واعكِف عليه بُكرةً وأصيلا
لاغروانك إنْ عملت بنصِّ ما / أخبرتكم أرشدت أقوم قيلا
لا تبتغي عنه فإنك عينه / ولذاك أودِع حكمه التنزيلا
لاتعصِيَنْ أهل الحجابِ فإنهم / قد أحكموا الإجمالَ والتفصيلا
لاذوا بأحمى جابر وأعزه / وبذاك نالوا الفضل والتفضيلا
لاثوا العمائم فوقَ أرؤسِهم وما / ستروا بها قِرطاً ولا إكليلا
لاكوا بألسنةٍ حديثَ متيم / يشكو الغليلَ ويكثر التعليلا
لا بارك الرحمن فيهم إنهم / قد بدَّلوا فرقانه تبديلا
لا نصَّ أجلي من نصوص كتابه / قد رتلتْه رُسله ترتيلا
إني لأجهل ذات من علمي بها
إني لأجهل ذات من علمي بها / عين الجهالةِ فالعليم الجاهلُ
فإذا طلبتُ بحارَ معرفتي بها / جاءتْ بحارٌ ما لهن سواحلُ
ما يشغلُ الألبابَ إلا ذاتها / فقلبنا في الذات شغلُ شاغل
ما نالها من نالها إلا بها / وبما لها فهي المنال النائل
ما قلت قولاً في الوجود محققاً / إلا وأنت هو المقول القائل
فانظر بعيني ما تراه فإنه / عيني على التحقيق وهو الحاصل
لا تفصلوا بيني وبين أحبتي / إن المحب هو الحبيبُ الفاصل
إني مررت بغادة في روضة / ترعى الخزامى لم يرعها حابل
تصطاد لا تُصطاد فهي فريدةٌ / في شانها فصفاتُها تتقابل
لو أنها ظهرت بنعت مقامها / حازتْ أعاليها لذاك أسافلُ
العلم مني بالإله فريضتُه / فأنا الفريضة والحبيبُ نوافلُ
وبذا أتى وحي الإله لسمعنا / في نطقه وهو الصَّدوق القائلُ
ما مرّ بي يومٌ أراه بناظري / يمضي بنا إلا ويأتي الآجل
ما قسم الدور الذي لا قسمة / في ذاته إلا الحجاب الحائلُ
فيقال ليلٌ قد أتاه نهاره / ليزيله وهو المزيل الزائل
فإذا ظهرت لمستوى نعتي له / لم تبد أعلامٌ هناك فواصل
فرأيتُ أمراً واحداً لا تمتري / فيه العقولُ وخيره لك شامل
فلمثل هذا يعمل الشخص الذي / هو في الحقيقة بالشريعة عامل
وهو الذي فاق الوجودَ تظرُّفاً / وتصرُّفا وهو الشخيصُ الكامل
صغرته في اللفظ تعظيماً له / وهو المكبر والغنيّ العائل
فهو المجيبُ إذا سألت جلاله / وإذا أجبت نداه فهو السائل
فالأمر بين تردّ وتحيرّ / وتماثلٍ وتقابلٍ متداخل
سفرت عن الشمسِ المنيرة إذ علت / فوق العماءِ فحار فيها الداخلُ
لله نورٌ كالسراجِ يمدّه / وهن التقابل بالنزاهة يأفل
مثلٌ أتاك ولم تكن تدري به / والضاربُ الأمثال ليس يماثل
لا يقبل الإنسانُ علمَ وجودِه / إلا به فهو العليُّ السافل
ولما در في فضل معن مدخل / وأبان سحبان الفصاحة باقلُ
نفسُ الثناء أسماؤه وهي التي / ظهرتْ بنا ولنا عليه دلائل
لو لم يكن ما كان ثم بعكسه / قالت بما قلناه فيه أوائل
لولا منازلُنا لقلتُ معرِّفاً / لك يا منازلُ في الفؤادِ منازل
إن النجومَ إذا بدت أنوارها / هي في السماء لمن يسير مشاعل
يسري لنور ضيائها أهلُ السُّرى / أهلُ المعارجِ في العلوم أفاضل
وضعت يدي للمهتدين وزينة / للناظرين فسوقة وأقاول
إني أحامي عن وجود حقيقتي / بحقيقةٍ عنها اللسان يناضلُ
لا يعرفُ الحق المبين لأهله / إلا الإمام اليثربيّ العادل
لا تعذلوا من هام فيه محبة / قد أفلح الراضي وخابَ العاذلُ
والمحصناتُ المؤمنات أعفة / لا ترمهنّ فإنهنّ غوافل
يا مصغياً لنصيحتي لا تغفلن / وأعمل بها فالخاسر المتغافل
واحذر نداءَ الحقِّ يومَ ورودكم / عند السؤالِ بعلمه يا غافل
المنزلُ المعمورُ إن أخليته / عن ساكنيه هو المحلُّ الآهلُ
لا يعرف القدرَ الذي قد قلته / في نظمنا إلا اللبيبُ العاقل
القولُ قولُ الشرعِ لا تعدِل به / زُهر النُّهي عند الحقيقةِ ذابلُ
تجري على حكم الوجودِ قيودُه / فهو المحبُّ المستهامُ الناحل
لا تأملْ إلا من ينفذ حكمه / قد خاب من غير المهيمن يامل
من كان موصوفاً بكل حقيقةٍ / كونيةٍ هو للمعارفِ قابل
لا تنفرد بالعقلِ دون شريعةٍ / روضِ النهى عند الشريعة ما حل
واعكف على علم الحقيقةِ / كلٌّ إلى علمِ الحقيقة آثل
لا يقبلُ الإلقاء إلا عاقلٌ / فإذا تخلّى عنه ما هو عاقل
بيني وبين أحبتي سمر القنى / عند الحمى وتنائف ومجاهل
قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً
قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً / هل نال منه العرفون مَنالا
لا و الذي خضع الوجودُ لعزِّه / ما زادهم إلا عمىّ وضلالا
فإذا عجزتَ عن المنال علمتَه / بالعجز ليس بما اعتبرتَ مثالا
قد حاز من جعل المثالَ دليلَه / للعلمِ بالله العظيمِ خبالا
فيراه تاجاً في الرؤوس مكللاً / ويراه في رجلِ الرجالِ نعالا
ورأيته عند اللجينِ مخلصاً / للناظرين وفي النضار ذُبالا
لا تقطعن بما ترى من صورة / فالشمسُ وقتاً قد تكون هلالا
ما سمى البدرُ المنير هلاله / إلا كبرته إهلالا
حلاك تعظيمُ التشهُّد ذاته / من خلقِه سبحانه وتعالى
وتحوزُ منه مكانةً علويةً / بعلومها ومراتباً وكمالا
دارت رحى الألباب في طلبِ الذي / ما زال في أرحى العقول ثفالا
فيرى مطيهمُ لذاك من الوجى / تشكو عياءً عنده وكَلالا
في مهمه قطع السُّرى أنياطها
في مهمه قطع السُّرى أنياطها / قطعاً وزادهم العِيان مضلالا
فإذا ظفرت به فلست بظافرٍ / وتقول فيما تدعيه محالا
من يدَّعي علمَ الصفاتِ فإنه / لا يعرفُ الإدبار والإقبالا
من يدَّعي التصريف في أحكامه / قد ظنَّ ظَناً أنَّ فيه مُحالا
هيهاتِ كيفَ ومن يكيف ذاته / فهو الذي يغتالُ اين اغتالا
لما رأيتُ وجودَه من خلقه / نوراً وأنصبه الكيانُ ظِلالا
أيقنت أن الأمر فيه تحيُّر / عند اللبيبِ يهيج البَلبَالا
ويقول أهل الكشف فيه بأنه / تفصيله لا يقبلُ الإجمالا
ولذاك أنزلهم وهم في ملكه / دون الملوك أئمة أقيالا
يدعون في لحن الشريعةِ والهدى / بالوارثين الكل الرسالا
فهمُ بأرجاءِ الوجودِ مذانب / وجعافر قد أرسلوا إرسالا
ولو أنهم في كلِّ علمٍ جامعٍ / قد جرروا عجباً به أذيالا
الله كرَّمهم بعلمِ وجودِه / وسقاهمُ كاسَ العلومِ زُلالا
الكبرياءُ رداءُ من سجدت له
الكبرياءُ رداءُ من سجدت له / كلُّ الجباه وسخَّر الأقيالا
أنت الردآء وعلمكم بمن ارتدى / علمٌ لذا لا يقبلُ الإشكالا
وصفُ النفوسِ جزاؤها وهذا أتى / نصُّ الكتابِ ففصَّلوا الإجمالا
ولتتخذ إنْ كنتَ تعقل قولنا / وصف الإله لما يرون مَجالا
إن البيانَ لذي عمى في نفسه / ما زاده إلاّ عمى وضلالا
لو يدري ذو السمعِ السليمِ مقالتي / ونصيحتي عن حكمها ما زالا
وبدتْ له كالشمسِ تشرق بالضحى / ورأى عليه نورها يتلالا
ما يصدق الكنز الذي يجدونه / العارفون يرون ذاك مُحالا
ختم الإله على قلوبِ عبادِه / إنْ لا يكونوا كِبراً ضَلالا
وإن أظهروا إضلالهم وتكبروا / فالعالمون يرون ذاك خَيالا
فلذاك يظهر ذله في موقف / ويذله ربُّ الورى إذلالا
كالذر ينشرُه الإله بموقفٍ / ليذوقَ فيه خزيه ونكالا
لما تكبّر بدرُه في ذاته / لحق الصَّغارُ به فعاد هلالا
لا بل أزال الحقُّ عنه ضياءَه / مَحقاً فكان المحْقُ فيه وَبالا
لو يشهدون كما شهدت مقامه / رفعوا له أصواتهم إهلالا
وأفادهم ما قد رأوه شهادة / وتربة في قلبه ونوالا
لا يشهد البدرَ المنير هلالا / إلا عيونٌ أبصرَته كمالا
لما بدا للعينِ خلفَ حجابه / كنت الحجابَ له فكنت حجالا
ورأى الذي عاينته من حكمة / في ستره عمن يريد فشالا
لنراه حتى لا نشك بأنه / هو عينه فأتى الحجاب زوالا
فعلمتُ أنَّ الأمر لا ينفك عن / ستر عليه وكان ذاك ظِلالا
العرشُ ظلُّ الله في ملكوته / وبذا أتت أرساله أرسالا
تاه الذين تحيَّروا في ذاته / عجباً بذاك وجرّروا الأذيالا
وتقدَّسوا لما تقدس عندهم / وأنالهم تقديسهم إجلالا
ما عظم الأقوام غير نفوسهم / في عينه سبحانه وتعالى
لما علمت بأنني متحيِّر / فينا وفيه ما رددت مقالا
وعلمتُ أن العجزَ غايةٌ علمنا / بوجودِه سبحانه وتعالى
فموحد ومشرك ومعطِّل / ومشبِّه ومنزِّه يتغالى
حتى يكذبَ ما يقولُ بنفسه / عن نفسِه ويردَّه إضلالا
قد كنتُ أحسب أنَّ في أفكارنا / عين النجاةِ لمن أراد وصالا
حتى قرأتُ كتابه وحديثه / عن نفسه في ضربه الأمثالا
فعلمت أن الحقَّ في الإيمان لا / في العقل بل عاينت ذاك عقالا
في آية الشورى تحارُ عقولُنا / وتواصل الأسحار والآصالا
إن كنتَ مشغوفاً برؤية ذاته / فاقطع إليه سباسباً ورمالا
حتى تراه وما تراه بعينه / إن التنزبه يباعد الأشكالا
مثل الذي جاء الكتابُ بنصه / في رميه بتلاوتي الأنفالا
إن اللبيبَ يحاز في تكييف من / هو مثله وينازلُ الأبطالا
لله بيتٌ بالحجاز محرَّمٌ / لا يدخل الإنسانُ فيه حلالا
ما إن رأيتُ له إذا حققته / حقاً يقيناً في البيوتِ مثالا
قد أذنَ الرحمن فيه بحجه / فاتوه رُكباناً به ورجالا
بيت رفيع بالمكانةِ سابقٌ / أضحى له البيتُ الضراحُ سَفالا
هو للدخول وذا يُطاف بذاته / كالعرشِ أصبحَ قدره يتعالى
والقلبُ أشرف منه في ملكوته / ملك الوجود وحازَه أفضالا
لولا اتساعُ القلبِ ما وسع الذي / ضاقَ السما عنه فأصبح آلا
بالقيعة المثلى من أرضِ وجودِنا / ولذا كنى عنه بلا وبلالا
لا شيءَ يشبهه لذاك وجدته / في الفقدِ منصوباً لكم تمثالا
وفاكم الرحمن فيه حسابكم / قولاً وعقداً منةً وفعالا
لا يلتفتُ من قال فيه إنه / يفري الكلى ويقطع الأوصالا
بالحفظ كان وجودُه لمكانه / ولذاك يحمل عنكم الأثقالا
لولا وجودي ما عرفت وجوده / ولذاك كنتُ لكونه مغتالا
من بحثه كان اغتيالي كننه / فالبحثُ لي وله علوٌّ حالا
أمسيت فيه لكونه ذا عزة / دون الأنام مخادعاً محتالا
لما رأيت الأمر يعظم قدرُه / ورأيته يزهو بنا مختالا
حصلت أسبابُ الخداع بذلة / وتمسكن فيه فزدت دلالا
إذلاله إذلاله لوجودِنا / فلذاك لم تظفر به إذلالا
لولا وجودُ صفاتِه في غيره / مشهودةٌ ببراعةِ ما نالا
إن الإله يغار أن يُلقى به / فبكفركم قال الذي قد قالا
لما تأهل بالذي ما زلته / أصبحت للأمر العظيم عيالا
وأتى الحديثُ بثرة وبنظمه / فشربتُ ماء كالحياةِ زُلالا
الله أعظم أنْ يحيط بوصفه / خلقٌ ولو بلغ السماءَ ونالا
ما ناله أهلُ الوجودِ بأسرهم / من نعته سبحانه وتعالى
العجز يكفيهم وقد بلغوا المنى / والجاهل المغرور مَن يتغالى
لا تغل في دينِ الشريعةِ إنه / قد جاء فيه نهيه وتوالى
من خطابُ النهى في أسماعنا / حتى رأينا نورَه يتلالا
لا تغلُ في دينِ الحقيقةِ والنقل / في الله ما قال الإله تعالى
فهو اعتقادُ المؤمنين فلا تزد / إذ بلغوا في ذلك الآمالا
الصومُ لله العظيمِ بشرعه
الصومُ لله العظيمِ بشرعه / وإذا أضيف إليَّ كان مُحالا
الصومُ لله الكريمِ وليس لي / لكن إذا ما صمته وتعالى
عن صومنا فيكون ذاك الصوم لي / نقصاً وفي حقِّ الإله كمالا
إنّ الصيامَ له العلوُّ جلالة / صام النهارُ إذا النهار تعالى
وعلوّ قدر العبد فيه خضوعُه / حتى يكون من الخضوع سَفالا
والفِطر لي بالكسر وهو حقيقتي / فإذا فتحت جعلته المحلالا
الأمر في الثقلِ الحقير كمثل ما / هو في العظيم فدبّر الأثقالا
لا ترض بالأعلى إذا لم ترتقي / فيه من الأدنى وكن جوّالا
نال المدبر رتبةً علوية / عند الإله بحمله الأثقالا
من كان بدراً كاملاً في ذاته / علماً يصيِّره المحاقُ هِلالا
عند المحقق في المحاق كماله / في ذاته فكماله ما زالا
الشمسُ تظهر حكمها في عنصر / ظلماته من نورها تتلالا
من بعد ا ألقت عليه سماؤها / ماءً له سرُّ الحياةِ زُلالا
هذا الوجودُ ومن به يتجمل
هذا الوجودُ ومن به يتجمل / إن الحديث منا يقول الأوّلُ
دلَّ الدليلُ على حدوثِ واقع / عن محدث هو بالدلالة أكمل
إذ كان والأشياء لم يك عينها / فحدوثُها فرق جليُّ فيصل
عند الذي سبر الدليل بفكره / لكن متى في مثلِ ذا لا يعقل
إنَّ الزمانَ من الحوادثِ عينه / ومتى محال في الزمان فأجملوا
لو يعلمون كما علمت مكانة / ما كنت عنه بمثل هذا تسأل
لحدوثنا إذا لم نكن وظهورنا / في عيننا وكذا المكان ففصلوا
لو أنَّ رسطاليس يسمع قولنا / ورجاله نظراً عليه عوَّلوا
أنصفت في التحقيق مذ بينت ما / دلُّوا عليه بالدليل وأصّلوا
والأشعريُّ يقول مثلَ مقالتي / وإنْ أنصفوا وكذا الرجالُ الأوّلُ
والله ما زلت بهم أقدامُهم / لكن لفهم السامعين تزلزلوا
قد فرَّقوا بين الوجوبِ لذاته / ولغيره فافهم لعلك تعقل
هذا هو الإمكان عند جميعهم / فعن الحقيقة عندنا لم يعدِلوا
لكنهم ما أنصفوا إذ نوظروا / في البحث بالسرِّ الذي لا يجهلُ
لو أنهم سبروا أدلة عقلهم / وتوغلوا في قولهم وتأمّلوا
رأوا اتساع الحقَّ من انصافهم / وقبوله للقولِ فيه فاقبلوا
إخوان صدقٍ لا عداوةَ بينهم / فله العلوّ نزاهة والسفل
الله أوسع أن يقيده لنا / عقدٌ فكلُّ عقيدةٍ لا تبطل
لكن لها وجه إليه محققٌ / يدري به الحبرُ اللبيبُ الأكمل
جاء المحققُ في التجلي بالذي / وقع النكير به وما هو أنزل
فله التجلي في العقائد كلها / وأتى بذاك تبدُّلٌ وتحوُّل
لو لم يكن هذا تقيد وانتفى / إطلاقه عنه لضاق المنزل
تدري الخلائقُ في الشعور نزوله / يومَ القيامةِ وهو يوم أهول
عمت سعادته الخلائق كلهم / جاء الرسولُ به ونص المرسل
وسعَ المهيمنُ كلَّ شيءٍ رحمةً / فاعلم فليس على المكان معوَّلُ
إنَّ الإله حكى لنا ما قاله / أهلُ العدالةِ والصدورُ العدَّلُ
وهو الدعاةُ لنا وقد نطقوا بما / جاء الكتابُ به إلينا المنزل
فينا من التجريح وهو حقيقته / من غيرة قامت بهم لا تجهل
لله قاموا غيرة لم يقصدوا / ردّاً عليه لما رأوه فاوّلوا
إنَّ الحبيبَ هو الوجودُ المجملُ
إنَّ الحبيبَ هو الوجودُ المجملُ / وشخوصُ أعيانِ الكيانِ تفصلُ
ما منهمُ أحدٌ يحبُّ حبيبه / إلا وللمحبوبِ عينٌ تعقلُ
في عينِ من هو ذاتنا وصفاتنا / ووجودنا وهو الحبيبُ الأكمل
وقف للهوى بي حيث كان وجودُه / في موقفٍ عنه الطواغيت تسفلُ
طرفُ الذي يهوى سماك رامح / وفؤادُ من يهوى سماك أعزل
ما إن يرى من عارف الإله / بين المنازلِ في المجرّه منزل
لمقام من يرجى العلو لذاته / ومقام من يرجو المقام الأنزل
من كان لا يبني لذلك عندنا / هذا هو العلمُ الذي لا يجهل
والله لو ترك العباد نفوسهم / لرأيتهم وهم الرجالُ الكمل
نصر الإله فريضته مكتوبة / فانصر فإنك بعده لا تخذل
نص الرسول على الذي قد قلته / وبذاك قد جاء الكتاب المنزل
جاء الكتاب مصدِّقا لمقاله / وعليه أهلُ الله فيه عوَّلوا
ما من كتابٍ قد أضيفَ منزلٌ / لله إلا والقرآن الأفضلُ
والفضلُ فيه بأنه يجري على / ما ليس يحويه الكتابُ الأول
كره النبيُّ الفعلَ من عبد أتى / بصحيفةٍ فيها دعاءٌ ينقل
من نص توراة وقال له اقتصر / فيما أتيتَ به الغنى والموئل
عصمَ الإله كتابنا من كلِّ تح / ريفٍ وما عصمت فمالك يأفل
فاستغفر الله العظيم لما أتى / واستغفر الله لهذا المرسل
فنجا من الأمر الذي قد ضرَّه / عما أتاه به النبيُّ الأعدل
وكذاك ختم الأولياء كلامه / في الأولياءِ معظم متقبل
من ذاقَ طعم كلامه لم يسترب / في قولنا فهو الكلامُ الفيصلُ
من كان يعرف حاله ومقامَه / عن بابه وركابِه لا يعدل
من عظَّم الشرعُ المطهر قلبَه / تعظيمه فهو الإمام الجوّل
صفة المهيمن ههنا قامت به / والناسُ فيها يشهدون العقل