الليل بعد الرّاحلين طويل
الليل بعد الرّاحلين طويل / أوما لصبغك يا ظلام نصول
يطوي الزمان النابغين فتنطوي / لذهابهم أمم و يهلك جيل
و لربّ نعش غاب في طيّاته / فتح أغرّ و موطن و قبيل
و الناس أسياف فمنها مغمد / صديء و منها الصارم المسلول
و الخطب خطب النابغين فحقّه / بالمشرقين تفجّع و عويل
في كلّ يوم للعروبة كوكب / يهوي و سيف يعتريه فلول
قبر بعاصمة الرّشيد و آخر / في مصر حق ستوره التقبيل
بدران قد بكر الأفول عليهما / و لكلّ بدر مشرق و أفول
و مشيّعان إلى الثرى بمواكب / يرتدّ عنها الطرف و هو كليل
فيها رعيل من ملائكة العلى / و من الجدود الأكرمين رعيل
عيسى و أحمد و الكليم و عصبة / فيها الأمين المنتقى جبريل
يا للعروبة أين نور نبوغها / الزيت جفّ و أطفئ القنديل
بغداد شاكية و مصر مرنّة / و الشام حاسرة القناع ثكول
تلك الأقانيم الثلاثة واحد / بردى الشام و دجلة و النيل
قالوا : السياسة قلت : رغم دهاتها / ظلّ العروبة في الربوع ظليل
نسب أغرّ و ذروة مضريّة / نبت الربيع بها قنا و نصول
و عقيدة وطنيّة عربيّة / فيها نصول على العدى و نطول
هذا هو الحقّ الصّراح فحسبكم / قول السياسة كلّه تدجيل
يا غاصبي حقّ العروبة حسبكم / منّا فروع للعلا و أصول
أسهبتم بوعودكم و أطلتم / ضد البلاغة ذلك التطويل
و رفعتم المنديل و هي خديعة / هزم السّلام و مزّق المنديل
قد ضاع في الاويل صدق عهودكم / ألكلّ عهد عندكم تأويل
لا تنكروا حقّ الحياة لأمّة / فيها النّبوغ على الحياة دليل
و تداركوا هذا السلام بطبّكم / و دوائكم إنّ السلام عليل
طعنته أطماع السياسة طعنة / نفذت فراح السلم و هو قتيل
و لقد جزعت من السياسة إنّها / غول و هل تلد السلامة غول
دين السياسة جاء فيه مبشّرا / بالمشرقين : الجيش و الأسطول
قولوا لمن غصب القويّ حقوقه / ألسيف باستردادهنّ كفيل
وإذا تكلّمت الصوارم والقنا / سكت الضعيف ولجلج المكبول
وإذا علا صوت الضعيف فربّما / أخفى صداه زماجر وصهيل
وأرى القويّ يطاع غير مخالف / و يخالف القرآن و الإنجيل
ألشرع ما سنّ القويّ بسيفه / فلسيفه التحريم و التحليل
إن قال صدّقه الزمان فقوله / و حي و زور حديثه تنزيل
و الدهر أعدل من عرفت حكومة / والشاهدون على الزمان عدول
دول تدول و لا مرّد لأمره / يحمى الكناس و يستباح الغيل
و لربّما هزّ اللواء مظفّر / ماضي العزيمة أصيد بهلول
من آل يعرب لا تلين قناته / أنف أشمّ و ساعد مفتول