المجموع : 9
مرت حياتي دون أمنيَة
مرت حياتي دون أمنيَة / وتقلَّبت مَللا على ملل
حتى لقيتك ذات أمسية / فعرفت فيك مطالع الأمل
طافت بي الأيام واحدة / لم تلقني فرحاً ولا جزعا
وتمرّ فارغة وحاشدة / وقد استوت ضيقاً ومتّسعا
والعمر سارَ كأنه العدم / سقمي به عندي كعافيتي
فأذقتني ما لم يذقه فمٌ / من أي كاس كنت ساقيتي
ما هذه الدنيا التي اقتربت / فيها المنى والظلّ والثمر
تجتاز وامضة فمذ وثبت / وثب الهوى وتمهّل القدر
قدماك ما انتقلا على درج / حاشاك بل خطرا على ثبج
كسفينة خفّت على اللجج / نَشوى بما حملت من الفرَج
في مظلم متعرج كابِ / والليل تغزوني جحافله
دقّت يد النعمى على بابي / والعيش خابى النجم آفله
يا للمقادير الجسام ولي / من ظلمها صرخات مجنون
باكي الفؤاد مشرّد الأمل / وقف الزمان وبابه دوني
مزّقتِ ظلمة كل ديجور / وألنت ما قد كان منه عصَى
وفتحتِ مصراعيه للنور / ما كنت إلا ساحراً وعصا
ماء ضربت الصخر فانبجسا / وجرى الغداة زلاله العذب
أيقول دهري إن ما يبسا / هيهات يرجع عوده الرطب
صيّرت دعواه لتفنيدِ / وحطمته وهزمت حجّته
وأعدت ما قد جفّ من عودي / مخضوضراً وأقمت صعدته
يا من رأت طللاً كتمثالِ / يستعرض العمر الذي مرَّا
وكأنه في رسمه البالي / ندم الأسيف ودمعة حرَّى
ورد ذوى أو طائر صمتا / العمر مثل الظلّ منتقل
الناس لا يدرون من ومتى / والناس إن علموا فقد جهلوا
ما خطبهم في روضة حالت / أو صوّحت أفنانها الخُضُل
نزل الربيع بها فنضّرها / وأحالها بشبابه لحنا
ومشى الشتاء لها فغيّرها / وأحالها لفظاً بلا معنى
هذا حديث يشبه السِّحرا / هيهات أفرغ من روايته
شفق المغيب جعلته فجرا / وبدأت عمري من نهايته
إني لطيرٌ حائر باكِ / قد كانت الأحزان فلسفتي
ذابت حناناً يوم لقياك / وجرت أغاريداً على شفتي
يا من طويت عليه جارحتي / وسألت عنه الأنجم الزّهرا
وضربت في الصحراء أجنحتي / أستلهم الكثبان والقفرا
والماء أنهَل حيثما كانا / والبرق أتبَع حيثما لمعا
فأرى صفاء الود غيمانا / والمطلق المجهول ممتنعا
همٌّ أناخ فما انجلى
همٌّ أناخ فما انجلى / وخلا مكانُك لا خلا
ليل الحياة وكان لي / لِي في الهواجس أطولا
كم لحظةٍ في الصدر نا / شبة كجزّاز الكلا
كالرمس فارغةٍ وإن / حفلت بإيحاشِ البِلى
في إِثر أخرى لم تكن / إلا كجرداء الفلا
بَرَّحنَ بي من وحشةٍ / وقتلتُهن تململا
وجُنِنَّ من قلقي عَلي / ك وكيف لي أن أعقلا
قد رِشنَ لي سهماً يُحا / ول من يقيني مقتلا
فتعرَّض الماضي الجمي / لُ بوجهه متهلِّلا
فلوى عناني فالتفت / تُ فلم أجد لي مَوئِلا
إلا دروعَ اليأس إن / نَ اليأسَ أيسر محمِلا
يقتادني فأردُّه / عن خاطري وأقول لا
يا هند إن يك قلبُك ال / وافي تغيَّرَ أو سلا
وحصدت آمالي فإن / نَ الموتَ أرحمُ منجلا
ملكي ومحرابي وقد
ملكي ومحرابي وقد / س فؤادي المتبتل
لمن الجمال الفخم ير / فُل في الغلائل والحُلي
متألقاً في خاطري / متألقاً في المحفل
أقبل بما ولَّت به الد / دنيا وهاتِ وعلل
وابسط جناحك فوق قل / بينا الغداةَ وظلل
طِر حيث شئت فإن دنو / ت لناظري فتمهَّل
واهاً لهذي الطلعة الس / سَمراء عند المجتلي
بغلائل الأضواء وش / شَتها رِقاقُ الأَنمل
وشَّت بشاشتها نضا / رةُ وجهك المتهلّل
فكأن طفل الفجر نا / م على وسادة جدول
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا / ومَنِ الخيالُ موسِّداً محمولا
يا همّ قلبي في صبا أيامه / وسهاد عيني في الليالي الأولى
عيناي كذّبتا وقلبي لم تدع / دقاتُه شكاً ولا تأويلا
يا أيها الملك العليل أفق تجد / مضناك بين العائدين عليلا
يوم المآب كم انتظرتك باكياً / وبعثتُ أحلامي إليك رسولا
خاطبت عنك فما تركت مخاطباً / وسألت حتى لم أدع مسؤولا
وغرقتُ في الأمل الجميل فلم أدع / متخيَّلاً عذباً ولا مأمولا
وبكيتُ من يأسي عليك فلم أذر / عند المحاجر مدمعاً مبذولا
وأسائل الزمن الخفيّ لعله / يشفي أواماً أواماً أو يبل غليلا
يا أيها الزمن الذي أسراره / لا تستطيع لها العقول وصولا
بالله قل أوَ ما وراءك لحظة / جمعت خليلاً هاجراً وخليلاً
هي لحظةٌ وهي الحياة ومن يعش / من بعدها يجد الحياة فضولا
مرَّ الظلام وأنت ملء خواطري / ودنا الصباح ولم أزل مشغولا
وأتى النهار على فتى أمسى بما / حمل النهار من الشؤون ملولا
وكذا الحياةُ تملُّ إن هي أقفرت / ممن يهوّن عِبئها المحمولا
كد على كدٍّ ولست ببالغ / إلا ضنى متتابعاً ونحولا
صدأ الحوادث بدّل الإشراق في / فكري وكدّر خاطري المصقولا
وتتابع الأنواء في أفق الصّبا / لم يُبق لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة / مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي / فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا
ويثور بي حبي فإن لفظٌ جرى / بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلت بنبعه أرد الهوى / فأذاقنيه محطماً ووبيلا
ما راعني ما ذقته وخشيت أن / ألقاك بالداء الدفين جهولا
فأشدّ ما عانى الفؤاد صبابةٌ / شبّت وظل دفينها مجهولا
يا رسمَ من أعطى الهوى
يا رسمَ من أعطى الهوى / مفتاحَ قلبي المقفلِ
في حبه فنيَ الصبا / وشباب أيامي بلي
يا ويح ما ضيعت في / هِ من قليل مخجلِ
ماضيَّ ضاع ولو قدر / ت لجدت بالمستقبلِ
يا رسم كم من ليلةٍ / أبكي وأستبكيك لي
حتى رجعتُ مخادعاً / ومَضيتُ جد مضلّلِ
أرنُو لدمعي بادياً / في وجهك المتهللِ
فإخال عينك هَزّها / شَكوى الغريب المهملِ
فَبَكَت وتلك دموعها / هَذِي تَسيل وذِي تَلي
قد زُرتُ أيكك بعد أن طال النوى
قد زُرتُ أيكك بعد أن طال النوى / وإليه كنتُ محلقاً بخيالي
يا من جروا في البال ما برحوا به / أترى جرينا عندكم في البال
عهد مضى بين الهواجس والمنى / والنفس بين تعجب وسؤال
حتى رجعت كأنما رجع الصبا / لي بالأزاهر والربيع الحالي
فإذا بقلبي فرحتان فهذه / بلقاك أنت وفرحة بجلال
يا قرة العينين يا تملي
يا قرة العينين يا تملي / يا واسع التدبير والحيلِ
يا خالع الضرسين في سنة / ومعقم الآلات في الحلل
يا نفس إن راح الخليل وعنده
يا نفس إن راح الخليل وعنده / ورد الخليل فعجّلي برحيلي
حملوا على الأعواد فنَّا خالداً / وارحمتاه لكوكب محمول
هو مصرع للعبقرية روّعت / في عرشها والتاج والإكليل
رَسمَ الحبيبِ الأوَّلِ
رَسمَ الحبيبِ الأوَّلِ / دعني لحسنِكَ أجتلي
بنواظرٍ مقروحةٍ / بالنوم لم تتكحَّلِ
دعها تعبُّ سناكَ فه / يَ شقيةٌ لم تنهلِ
بالصبر بالآلامِ هل / حملتكَ إلا أنملي
إني أغارُ من الظلا / مِ وأنتما في معزلِ
وأقول كُن بينَ الضلو / عِ وفي الجوانح فانزلِ
فهناكَ قلبٌ لم يخن / عهداً ولم يتبدلِ
يلقَى ضياءَك بالسجو / دِ كعابدٍ في هيكلِ
يا رسمُ من أعطَى الهوى / مفتاح قلبي المقفلِ
في حبه فَنِيَ الصبا / وشبابُ أيامي جَلِي
يا ويحَ ما ضيَّعتُ في / هِ من قليلٍ مخجلِ
ماضيَّ ضاعَ ولو قدر / تُ لجدتُ بالمستقبلِ
يا رسمُ كم مِن ليلةٍ / أبكي وأستبكيك لي
قل هل تركتُك مرةً / بالدمعِ غير مبلّلِ
حتى رجعتَ مخادِعاًَ / ومضيتَ جدَّ مضلَّلِ
أرنو لدمعي بادياً / في وجهِكَ المتهللِ
فأخال عينَكَ هزَّها / شكوى الغريبِ المهمَلِ
فبكت وتلكَ دموعها / هذي تسيلُ وذي تلي
يا رسم كم معنى / حملتَ لناظرِ المتأملِ
تلك الشفاهُ الحانيا / تُ على أرَقِّ مقبّلِ
عمَّ ابتسمنَ إِذ انفرج / نَ أعَن عتابٍ مرسلِ
أم عن قساوةِ هاجرٍ / في الناعِمينَ مدلّلِ
تلك العيونُ الراميا / تُ سهامَهُنَّ بمقتلي
كم هِجنَ أشجانَ الشجي / يِ ونلنَ من قلبِ الخلي