المجموع : 13
كانَ الشَبابُ مَطِيَّةَ الجَهلِ
كانَ الشَبابُ مَطِيَّةَ الجَهلِ / وَمُحَسِّنَ الضَحِكاتِ وَالهَزلِ
كانَ الجَميلُ إِذا اِرتَدَيتُ بِهِ / وَمَشَيتُ أَخطِرُ صَيَّتَ النَعلِ
كانَ الفَصيحُ إِذا نَطَقتُ بِهِ / وَأَصاخَتِ الآذانُ لِلمُملي
كانَ المُشَفَّعَ في مَآرِبِهِ / عِندَ الفَتاةِ وَمُدرِكَ التَبلِ
وَالباعِثي وَالناسُ قَد رَقَدوا / حَتّى أَكونَ خَليفَةَ البَعلِ
وَالآمِري حَتّى إِذا عَزَمَت / نَفسي أَعانَ يَدَيَّ بِالفِعلِ
فَالآنَ صِرتُ إِلى مُقارَبَةٍ / وَحَطَطتُ عَن ظَهرِ الصِبى رَحلي
وَالكَأسُ أَهواها وَإِن رَزَأَت / بُلَغَ المَعاشِ وَقَلَّلَت فَضلي
صَفراءُ مَجَّدَها مُرازِبُها / جَلَّت عَنِ النُظَراءِ وَالمِثلِ
ذُخِرَت لِآدَمَ قَبلَ خِقَتِهِ / فَتَقَدَّمَتهُ بِخَطوَةِ القَبلِ
فَأَتاكَ شَيءٌ لا تُلامِسُهُ / إِلّا بِحِسِّ غَريزَةِ العَقلِ
فَتَرودُ مِنها العَينُ في بَشَرٍ / حُرِّ الصَحيفَةِ ناصِعٍ سَهلِ
فَإِذا عَلاها الماءُ أَلبَسَها / حَبَباً كَمِثلِ جَلاجِلِ الحِجلِ
حَتّى إِذا سَكَنَت جَوانِحُها / كَتَبَت بِمِثلِ أَكارِعِ النَملِ
خَطَّينِ مِن شَتّى وَمُجتَمِعٍ / غُفلٍ مِنَ الإِعجامِ وَالشَكلِ
فَاِعذِر أَخاكَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ / مَرَنَت مَسامِعُهُ عَلى العَذلِ
يا رُبَّ صاحِبِ حانَةٍ قَد رُعتُهُ
يا رُبَّ صاحِبِ حانَةٍ قَد رُعتُهُ / فَبَعَثتُهُ مِن نَومِهِ المُتَزَمِّلِ
عَرَفَت ثِيابَ الطارِقينَ كِلابُهُ / فَيَبِتنَ عَن سَنَنِ الطَريقِ بِمَعزَلِ
ما زِلتُ أَمتَحِنُ الدَساكِرَ دونَهُ / حَتّى دُفِعتُ إِلى خَفِيِّ المَنزِلِ
فَعَرَفتُهُ وَاللَيلُ مُلتَبِسٌ بِنا / بِرَفيفِ صَلعَتِهِ وَشَيبِ المِسحَلِ
يا صاحِبَ الحانوتِ لا تَكُ مَشعِياً / إِنَّ الشَرابَ مُحَرَّمٌ كَمُحَلَّلِ
فَدَعِ الَّذي نَبَذَت يَداكَ وَعاطِني / لِلَّهِ دَرُّكَ مِن نَبيذِ الأَرجُلِ
مِمّا تَخَيَّرَهُ التُجارُ تَرى لَها / قَرصاً إِذا ذيقَت كَقَرصِ الفُلفُلِ
وَلَها دَبيبٌ في العِظامِ كَأَنَّهُ / قَبضُ النُعاسِ وَأَخذُهُ بِالمِفصَلِ
عَبِقَت أَكُفُّهُم بِها فَكَأَنَّما / يَتَنازَعونَ بِها سِخابَ قَرَنفُلِ
تَسقيكَها كَفٌّ إِلَيكَ حَبيبَةٌ / لا بُدَّ إِن بَخِلَت وَإِن لَم تَبخَلِ
نَزِّه صَبوحَكَ عَن مَقالِ العُذَّلِ
نَزِّه صَبوحَكَ عَن مَقالِ العُذَّلِ / ما العَيشُ إِلّا في الرَحيقِ السَلسَلِ
ما العَيشُ إِلّا أَن تُباكِرَ شُربَها / صَفراءَ زُفَّت مِن قُرى قُطرَبُّلِ
تُهدي لِقَلبِ المُستَكينِ تَخَيُّلاً / وَتُلينُ قَلبَ البازِخِ المُتَخَيِّلِ
وَكَأَنَّ شارِبَها لِطيبِ نَسيمِها / وافَت مَشارِبُهُ سَحابُ قَرَنفُلِ
وَلَقَد دَخَلتُ عَلى الكَواعِبِ حُسَّراً / فَلَقينَني بِتَبَسُّمٍ وَتَهَلُّلِ
فَأَصَبتُ مِن طُرَفِ الحَديثِ لَذاذَةً / وَأَصَبنَها مِنّي وَلَمّا أَجهَلِ
دَع عَنكَ ما جَدّوا بِهِ وَتَبَطَّلِ
دَع عَنكَ ما جَدّوا بِهِ وَتَبَطَّلِ / وَإِذا مَرَرتَ بِرَبعِ قَصفٍ فَاِنزِلِ
لا تَركَبَنَّ مِنَ الذُنوبِ خَسيسَها / وَاِعمَد إِذا قارَفتَها لِلأَنبَلِ
وَخَطيئَةٍ تَغلو عَلى مُستامِها / يَلقاكَ آخِرُ طَعمِها بِالأَوَّلِ
لَيسَت مِنَ اللاتي يَقولُ لَها الفَتى / عِندَ التَنَدُّمِ لَيتَني لَم أَفعَلِ
حَلَّلتُ لا حَرَجاً عَلَيَّ حَرامَها / وَلَرُبَّما وَسَّعتُ غَيرَ مُحَلَّلِ
أَينَ الجَوابُ وَأَينَ رَدُّ رَسائِلي
أَينَ الجَوابُ وَأَينَ رَدُّ رَسائِلي / قالَت تَنَظَّر رَدَّها في قابِلِ
فَمَدَدتُ كَفّي ثُمَّ قُلتُ تَصَدَّقي / قالَت نَعَم بِحِجارَةٍ وَجَنادِلِ
إِن كُنتَ مِسكيناً فَجاوِز بابَنا / وَاِرجِع فَما لَكَ عِندَنا مِن نائِلِ
يا ناهِرَ المِسكينِ عِندَ سُؤالِهِ / اللَهُ عاتَبَ في اِنتِهارِ السائِلِ
رَسمُ الكَرى بَينَ الجُفونِ مَحيلُ
رَسمُ الكَرى بَينَ الجُفونِ مَحيلُ / عَفّى عَلَيهِ بُكاً عَلَيكِ طَويلُ
ناظِراً ما أَقلَعَت لَحَظاتُهُ / حَتّى تَشَحَّطَ بَينَهُنَّ قَتيلُ
أَحلَلتُ مِن قَلبي هَواكِ مَحَلَّةً / ما حَلَّها المَشروبُ وَالمَأكولُ
بِكَمالِ صورَتِكِ الَّتي في مِثلِها / يَتَحَيَّرُ التَشبيهُ وَالتَمثيلُ
فَوقَ القَصيرَةِ وَالطَويلَةُ فَوقَها / دونَ السَمينِ وَدونَها المَهزولُ
إِنَّ الَّتي أَبصَرتَها
إِنَّ الَّتي أَبصَرتَها / سَحَراً تُكَلِّمُني رَسولُ
لَيسَت هِيَ القَصدُ الَّذي / يومى إِلَيهِ وَلا السَبيلُ
أَدَّت إِلَيَّ رِسالَةً / كادَت لَها نَفسي تَسيلُ
مِن ساحِرِ العَينَينِ يَج / ذِبُ خَصرَهُ رِدفٌ ثَقيلُ
مُتَقَلِّدٌ قَوسَ الصِبا / يَرمي وَلَيسَ لَهُ رَسيلُ
فَلَوَ اِنَّ أُذنَكَ بَينَنا / حَتّى تَسَمَّعُ ما نَقولُ
لَرَأَيتَ ما اِستَقبَحتَهُ / مِن أَمرِنا وَهُوَ الجَميلُ
وَعَلِمتَ أَنّي في نَعي / مٍ لا يَحولُ وَلا يَزولُ
آنَستُ نَفسي بِالتَوَح
آنَستُ نَفسي بِالتَوَح / حُدِ لا أُريدُ بِهِ بَديلا
موفٍ عَلى شَرَفِ المَنِي / يَةِ مُضمِرٌ حَزَناً دَخيلا
لَكِنَّ وارِدَةَ الحِما / مِ مَوائِلاً عِندي مُثولا
يا جيرَةً ذَهَبَت عَلَي / يَ عَلَوا بِها عَرضاً وَطولا
أَمسى الحَبيبُ وَلا أُطي / قُ إِلى زِيارَتِهِ سَبيلا
أَلقَت مُراقَبَةَ العُيو / نِ لِتَجتَني قالاً وَقيلا
إِن دامَ ذا كانَ البَقا / ءُ وَلا بَقيتُ لَهُ قَليلا
سَجَدَ الجَمالُ لِحُسنِ وَج
سَجَدَ الجَمالُ لِحُسنِ وَج / هِكَ وَاِستَراحَ إِلى جَمالِك
وَتَشَوَّقَت حورُ الجِنا / نِ مِنَ الخُلودِ إِلى مِثالِك
فَعَشِقتُ وَجهَكَ إِذ رَأَي / تُكَ وَاِعتَمَدتُ عَلى وِصالِك
يا ظالِمي لَيسَ المُحِب / بُ وَإِن تَجَلَّدَ مِن رِجالِك
يا رَبَّةَ الوَجهِ الجَميلِ
يا رَبَّةَ الوَجهِ الجَميلِ / وَالخالِ في الخَدِّ الأَسيلِ
جودي وَلَو بِكُدادِ ما / تَسخو بِهِ نَفسُ البَخيلِ
بِقَليلِ نَيلِكِ إِنَّما / يَنمو الكَثيرُ مِنَ القَليلِ
اللَهُ خَلَّصَني وَرَأ / يُ الفَضلِ مِن حَلَقِ الكُبولِ
وَأَقالَ مِن عَنَتِ الزَما / نِ وَقَد يَئِستُ مِنَ المَقيلِ
حَيِّ الدِيارَ وَأَهلَها أَهلا
حَيِّ الدِيارَ وَأَهلَها أَهلا / وَاِربَع وَقُل لِمُفَنِّدٍ مَهلا
حُبُّ المُدامَةِ مُذ لَهِجتُ بِها / لَم يُبقِ لي في غَيرِها فَضلا
إِنّي نَدَبتُ لِحاجَتي رَجُلاً / صافي السَماحَةِ وَاِحتَوى النُبلا
وَسَمَت بِهِ الهِمَمُ العِظامُ إِلى ال / رُتَبِ الجِسامِ فَبايَنَ المِثلا
تَلقى النَدى في غَيرِهِ عَرَضاً / وَتَراهُ فيهِ طَبيعَةً أَصلا
فَاِسبِق أَيا عَبدَ الإِلَهِ بِها / وَاِجعَل لِعَقبِكَ ذُخرَها نَجلا
كَلِّم أَخاكَ يُكَلِّمُ الفَضلا / وَلِيَبلُني حَسَناً كَما أَبلى
إِنّي وَصَلتُ بِكَ الرَجاءَ عَلى / بُعدِ المَدى إِذ كُنتَ لي أَهلا
وَإِذا وَصَلتَ بِعاقِلٍ أَمَلاً / كانَت نَتيجَةُ قَولِكَ الفِعلا
قالوا السلامُ عليكِ يا أطلالُ
قالوا السلامُ عليكِ يا أطلالُ / قلت السلامُ على المحيل محالُ
فدعوا لتبكيةِ الديار وأهلها / ولنا بأهلِ مودّةٍ أشغالُ
لا تبكينَّ على الطَلَل
لا تبكينَّ على الطَلَل / وعلى الحبيبِ إذا رحَل
من غابَ عنكَ فلا تقل / يا ليتَ شعري ما فعَل
إن تلتمس بدلاَ بهِ / يوماً تجد ألفي بدَل
وأباكَ فاعصِ ولا تطع / وأخاكَ فاجفُ ولا تصل
والجارَ خلّ سبيلَهُ / وأقذفهُ من أعلى جبَل
والجارَ إن تحفظ لهُ / حقاً فجهلُكَ قد كمل
وأقطع من الرحم الذي / بكَ في المناسبةِ اتّصَل
وإذا أخ يوماً بهِ / عثرَ الزمان فلا تقل
واجعل يديكَ على التي / ملكت يداه بالحيل
وإذا أباك غششتَهُ / فعَن الغريبِ فلا تسَل
وليضربِ الثقلانِ في / نقضِ العهودِ بك المثل
دع عنكَ قولَ الناسِ هذا لا يجوز ولا يحل /
وأطع هواكَ وغادِها / صهباءَ ترمي بالشعَل
ونكِ الغلامَ إذا نشا / وإذا التحى وإذا اكتهل
وحريمَ جارِكَ فانتهك / والمالَ منهُ فاستحل
وإذا دُعيتَ إلى التقى / والصالحاتِ من العمَل
فأجب بأن لا ناقةٌ / لي في الصلاح ولا جمل
لا تحفلنَّ بمَن لحا / كَ على هواك ولا تبَل
لا تضمرنّ إلى الذي / صاحبتَهُ إلّا الدخَل
وأجب إذا عطسَ الندي / مُ بذبحةٍ وإذا سعَل
سيّان عندكَ فليكن / مَن لمي صلكَ ومَن وصَل
واشهر بسفيِكَ مصلتاً / واقطع على الناس السُبل
واسلك سبيلاً واحداً / بذوي التفرّقِ في المِلَل
واضمر لهم سُمّاً وهَب / لهمُ من القولِ العَسَل
حتى إذا أمنوكَ مِن / جهلٍ ومثلهمُ جهَل
فاقتلهمُ واصلبهمُ / جمعاً على أعلى دَقَل
وإذا أتى شهرُ الصيا / مِ ففيه بالمَرض اعتلل
وإذا سُئِلتَ أجائزٌ / فيه اللواطُ فقُل أجَل
منعَ النفوسَ من التي / تهوى العظيمُ من الزلَل
لا تقربِ البيتَ الحرا / مِ وخلّه حتى يحَل
وإذا رأيت ركائباً / نحو الحجيج حدَت فقُل
ما لي يُطوّفُ بي وما / أنا بالأسير على جَمَل
فإذا كبرتَ ولم تطق / حملَ الصوارمِ والأسَل
فخذِ الزجاجَ ورضّهُ / واطرحهُ في طرُقِ السفَل
فبذاكَ أنتَ مجاهدٌ / ولكَ الغنيمةُ والمَثَل
وإلى إلهكَ في التجا / وزِ عن خاياك ابتهِل
فهو المجيبُ لمَن دعا / وهو الجوادُ إذا سُئِل
هذي وصاةُ أبي نؤا / سٍ مُذ نشا لذوي الجدَل
أوصى بها من بعدما / لاقى من الدهر الدوَل