القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 20
مِدَحٌ عليكَ ثيابُها فكأنَّما
مِدَحٌ عليكَ ثيابُها فكأنَّما / نَهَلَتْ من المسك الذكيِّ وعَلَّتِ
تاللَّه مَالَكَ أن تَعِيبَ ملابساً / من ذلك العَرقِ الذَّكيِّ ابْتَلَّتِ
هَبْهَا تخلَّتْ من فضائلِ نَفْيها / أتخالها مما أعَرْتَ تَخَلَّتَ
يا ابن التي كانت إذا سُئلتْ
يا ابن التي كانت إذا سُئلتْ / عما استبان بها من الحَبلِ
قالت رِياح وهْي كاذبة / وتعللت في ذاك بالعللِ
حتى أتتهم بابنِ زانيةٍ / سلَّتْ سلالته على عجلِ
مِن عبدِ سوءٍ كان عاهَرها / وهما على حَرْفٍ من الوجلِ
ما مُهرت مهراً ولا نُكِحَتْ / إذْ ذاك في حَليٍ ولا حُلَلِ
أتُرى الرياحَ تحولَّتْ حَبلاً / إنّ الرياحَ لجمَّةُ النُّقلِ
أبني رياح إن نعمتَكم / عارُ الزمانِ وعُرَّة الدولِ
رمضانُ يزعمُهُ الغواةُ مباركٌ
رمضانُ يزعمُهُ الغواةُ مباركٌ / صدقُوا وجدّك إنه لَطويلُ
شهرٌ لعمرُك لا يقلُّ قليلهُ / وكذا المبارك ليس منه قليل
تتطاولُ الأيام فيه بجهدِها / فكأنَّ عهدَ الأمسِ منه محيل
لو أنه للقاطعين مسافةً / لحسبتَ أن الشبر فيها مِيل
أصبحتُ بين خصاصةٍ وتجمُّلٍ
أصبحتُ بين خصاصةٍ وتجمُّلٍ / والمرءُ بينهما يموتُ هزيلا
فامددْ إليَّ يداً تعوّدَ بطنُها / بذلَ النّوالِ وظهرُها التقبيلا
نبتِ البقاعُ بجنب عبدِكَ ضاحياً / فامهدْ لعبدك في ذَراك مَقِيلا
وأفي عليه الظلَّ بعد زوالهِ / لا زال ظِلُّكَ ما حييتَ ظليلا
عيني لعينكَ حينَ تنظرُ مَقتلُ
عيني لعينكَ حينَ تنظرُ مَقتلُ / لكن عينَكَ سهمُ حتفٍ مُرسَلُ
ومن العجائب أن معنىً واحداً / هو منك سهمٌ وهو مني مقتلُ
لعدوّك الحدُّ الأفلُّ
لعدوّك الحدُّ الأفلُّ / ما عِشْتَ والخدُّ الأذلُّ
ولك اعتلاءُ الجَدّ في / خفضٍ وعيشٍ لا يُمَلُّ
يا حجة اللَّه التي / لخصيمها السعيُ الأضلُّ
ما زلتُ أعلمُ أن جي / شاً أنت فيه لا يفلُّ
أنَّى تُرادَى صخرةٌ / يُردَى بها الملِك الأجلُّ
نفسي فداؤُك يومَ أش / به أورقَ القوم الأبلُّ
إذْ كلُّ رأيٍ آفلٌ / وهلالُ رأيك يستَهلُّ
أنت الذي نعشَ الموا / ليَ رأيُهُ حتى استقلّوا
من بعدِ ما كَبتِ الجدو / دُ بِهم فأشفَوا أو أضلّو
لو لم تكن أنت الطبي / بَ لهم هنالك ما أبلُّوا
شمَّرْتَ نحوَ عدوِّهم / وكأنّك السِّمعُ الأزلُّ
وتلَوْك في سَنن الرشا / د فشمَّروا ثم اشمعلُّوا
ولربَّ شِمّيرٍ يُجَر / رُ بعقْبهِ الذيلُ الرّفلُّ
فثنوْا أعنَّتهم بعزْ / زٍ باذخٍ لا يستذلُّ
بك أفلح السيفُ الحسا / مُ وأنجحَ الرمحُ المِتَلُّ
لولاك جارا عن مقا / تِل معشرٍ جارُوا وضلُّوا
لكن أريتَهُما الهدى / بمعالم لك لا تضلُّ
وعقدْتَ من عُقد المكا / يدِ للعِدا ما لا يُحلُّ
تلك التي من زاولتْ / فعروش دولتِه تُثَلُّ
صفرَتْ يدُ الصفار بل / شُلَّتْ وحُقُ لها تشلُّ
أرمَتْ سواداً أنتَ في / ه لقد أتتْ أمراً يجلُّ
ما أُطلقتْ في ذاك إل / لا حين آن لها تُغَلُّ
ملَّ الذينَ اشتاقهُم / عند اللقاءِ ولم يملّوا
وسلاهمُ وبصدْرِهِ / منهم غليلٌ لا يُبَلُّ
ولَّى يرى الأرضَ العري / ضةَ ماله فيها محلُّ
ويرى جوارحَ جسمه / وأخفُّهن عليه كَلُّ
لا يطمئن من الحِذا / رِ بهِ المبيتُ ولا المظلُّ
بيْنَاه في جيشٍ كرُك / نِ مُتالع إذ قيل فلُّ
كثرَ الثرى بجنوده / لكنْ محقْتَهمُ فقلّوا
وضربْتَهم بسيوفِ كي / دٍ مُغمداتٍ لا تُسلُّ
لو هزَّ أدناها الأشلْ / لُ فرى الحديدَ بها الأشلُّ
قد طال ما غلب الكثي / رَ من العديد بها الأقلُّ
لولا الذي أبْلَتْ لما / أغنى سيوفَ الهند سلُّ
شرعتْ شرائعَ للظُّبا / فيها لها نهْلٌ وعَلُّ
فانصاع جمعُ المارقي / ن كأنَّهُم نَعَمٌ تُشَلُّ
ولّوا وحَبُّ قُلوبهم / بالطَّعْن من دبرُ يحلُّ
والأرضُ تُسْقى من دما / ئِهمُ فتُوبَلُ أو تُطلُّ
فبكل قاعٍ منهمُ / بطلٌ لجبهتِه يُتَلُّ
يَتلاومون وينشدو / ن من الهوادةِ ما أضلّوا
لا زلْتَ نجماً يُهتدَى / بك في الظلام ويُستدلُّ
مِرْدَى خطوبٍ للملو / ك برأيهِ عَقْدٌ وحَلُّ
ينبوعَ حزمٍ يُستقى / منه الصوابُ ويستملُّ
في ظل عيش لا يزا / ل من النعيم عليهِ ظِلُّ
تَضْفو عليك فُضُولُه / فيُعاشُ فيه ويُستظلُّ
قوْمي بنو العباسِ حلمُهمُ
قوْمي بنو العباسِ حلمُهمُ / حِلْمي هَواك وجهلُهُم جهلي
نَبْلي نِبالُهُمُ إذا نزلتْ / بي شدةٌ ونِبالُهم نَبلي
لا أبتغي أبداً بهم بدلاً / لفَّ الإلهُ بشملهم شملي
ومتى وردْتُ حياضهم معهم / لم يشْربوا صفواتها قبلي
قومٌ غدا بِرّي وتَكْرِمَتي / من شُغْلِهم ومديحُهم شُغلي
المُنعمونَ عليَّ أنعُمَهم / والحامِدون لكلّ ما أُبلي
أنا منهُمُ بقضاءِ مَنْ خُتمت / رسلُ الإله به وهم أهلي
مولاهُمُ وغذِيّ نعمتهِم / والرُّومُ حين تَنصُّني أصلي
حُكماءُ هذا الناسِ رُوقَتُهم / أتعيبُ أصلي ويكَ أم فَصْلي
ومتى اعتصَمْتُ بهم فهم جبلي / ومتى رعيتهمُ فهُم سَهلي
ومتى صفدْتُ ففضلهُم صفدي / ومتى أجرْتُ فحبلُهم حَبْلي
ومتى دعوتُهمُ لنائبةٍ / حَدِبوا عليّ ولم يَرَوْا خَذْلي
يَهَبون دون دمي دماءَهُمُ / وأرى قليلاً دونهم قتلي
وإذا غدوتُ وجمعُهم حَشدي / لم تُستَطعْ خَيْلي ولا رَجلي
يا مَنْ يميلُ إلى عدوّهمُ / ما أنْتَ من جِدّي ولا هَزْلي
من لا يرى شمسي إذا طلعتْ / فقد استقاد عماهُ لي تبلي
حسبي عماهُ من عُقوبتِه / وكفاهُ من عذلِ امرئٍ عذلي
لا يأملنَّ معاشرٌ جيَفٌ / جزْري خبائثَهم ولا أكلي
أكرمْتُ نصلي عن لُحومِهمُ / وخُلقتُ يعرف مَضْربي نَصلي
يا راغباً نزعت به الآمالُ
يا راغباً نزعت به الآمالُ / يا راهباً قذفتْ به الأوجالُ
ذهب النوالُ فما يُحسُّ نوالُ / وعفا الفعالُ فَما يحسُّ فعالُ
أودى الزمانُ بمن يعلّم أهلهُ / كيف النعيمُ فكيف ينعم بالُ
سلبَ الزمانُ جمالَه عن نفسهِ / فغدا وراحَ وما عليه جمالُ
ذهَب الذي ذهبتْ يداهُ وفيهما / للراغبين مناله ومصالُ
ذهب الذي نالتْ يداه من العلا / ما لا ينالُ من المديحِ مقالُ
يا سوءتا للأرض كيف تماسكَتْ / وقد استُزيلَ وحقُّها الزلزالُ
وكفَى من الزلزالِ بعد محمدٍ / أنْ لَيْسَ يُعْرَفُ بعده إفضالُ
ذهب الذي كان الصيامُ شعارَه / ولضيفهِ الإنزالِ والآكالُ
فكأنه رمضانُ في إخباتِه / وكأنه في جوده شوّالُ
ذهب الذي أوصاه آدمُ إذ مضَى / بعياله فهمُ عليه عيالُ
ذهب الذي ما كان يمطل وعدَه / وله إذا جارى السماحَ مِطالُ
أودى محمدٌ بنُ نصرٍ بعدما / ضُربت به في سروه الأمثالُ
ملكٌ تنافست العلا في عمرهِ / وتنافستْ في يومِه الآجالُ
من لم يعاين سيرَ نعشِ محمدٍ / لم يدرِ كيف تسيَّرُ الأجبالُ
يا حفرةً غلبتْ عليه جَنّةً / كانت به وبنفسِها تختالُ
الآن أيقن من يشكُّ ويمتري / أن البقاعَ من البقاعِ تُدالُ
إمّا أصيب فللنجومِ مغاورٌ / تغتالُهُنّ وللجبالِ زوالُ
ولقد يُعزّينا عليه أنَّهُ / وافى كمالَ العُمرِ منهُ كمالُ
أسدٌ مضى وتخلفتْ أشبالُه / وعليَّ أن تستأسِدَ الأشبالُ
ولمَا حَظيتُ بعُرفه ولقد جَرَتْ / بوفاتِه مِحنٌ عليَّ ثِقالُ
وخلوتُ ممّا نالهُ من مالِه / غيري وقد شقيتْ به الأموالُ
ولمَا عرضتُ له فخاب تعرُّضي / لكن عففتُ وألحف السؤَّالُ
وذخرتُه للدّهرِ أعلمُ أنه / كالحصنِ فيه لمنْ يؤول مآلُ
وتمتعتْ نفسي بروحِ رجائه / زمناً طويلاً والتمتعُ مالُ
فرأيتُه كالشمسِ إن هي لم تُنل / فضياؤها والرفقُ فيه يُنالُ
والحقُّ يأمرُ أن يقال وحقُّه / أنْ لا يخالفَ أمره القُوّالُ
لهفي لفقدِكَ يا محمدُ إنه / فُقدت به النفحات والأنفالُ
باللَّهِ أقسم أن عُمرك ما انقضى / حتّى انقضى الإحسانُ والإجمالُ
صلّى الغُدوُّ عليك والآصالُ / وتغمدتكَ بظلّها الأظلالُ
وبكتك أوعيةُ الدموع وتارةً / غيثٌ كعَرفك مُسبلٌ هطَّالُ
وعفا الثَرى عن حُرّ وجهٍ لم يزلْ / حُرَّ اللقاء إذا عرا السؤّالُ
وتماسكت أوصال كفّ لم تزلْ / بنوالها تتماسك الأوصالُ
يا زينةَ الدنيا وزينةَ أهلِها / وثمالَ من أعيا عليه ثمالُ
حالتْ بدارِك بعدَك الأحوالُ / وتغوّلتْ بقطينها الأغوالُ
وبكاك مِنْ بستانِ قصركِ زاهرٌ / لثناك من نفحاتِه أشكالُ
وبكت حمائمُه وعاد غناؤها / نوحاً يُهاجُ بمثلِهِ البلبال
أعزِرْ عليَّ بمنزلاتِك أن غدتْ / ولهنَّ دونك عامرٌ وحلالُ
أعزِزْ عليَّ بصافناتك أن غدتْ / تبكي السروجُ لهنّ والأجلالُ
أعززْ عليَّ بعارفاتك أن غدتْ / يبكي الرجاءُ لهنَّ والتأمالُ
أعززْ عليَّ بأصدقائك أن غدوا / ولشخصكَ الغالي بهم إخلالُ
أصِقالَ كل مروءةٍ مجفوةٍ / ما للمروءةِ مذ أَفَلْتَ صِقالُ
أصبحتَ بعدَ منَافح ومَجامرٍ / لثرىً يُهالُ عليك أو ينهالُ
أمَّا وحليتُك المُذالةُ للبِلى / فاذهبْ فكلُّ مصونةٍ ستُذالُ
قد كنتُ أبكي منْ صريمةِ خُلَّةٍ
قد كنتُ أبكي منْ صريمةِ خُلَّةٍ / كان الشبابُ معوّضي أمثالَها
فالآن حقَّ ليَ البكاءُ على الذي / كان المُضمَّنَ عطفها ووصالَها
وعلى الذي لو كان أخلفَ خُلةً / من خُلةٍ أو ردّها فأمالَها
كم خُلةٍ لي صارمتني بعدَه / لو كان أوجدني بها أبدالَها
وإذا شبابُك بتَّ منك حِبالَهُ / بتَّت له منك النساء حبالَها
ما استشرفتْ منك العيونُ ضئيلا
ما استشرفتْ منك العيونُ ضئيلا / لكنْ عظيماً في الصدورِ جليلا
أقْبلتَ في خِلعِ الولايةِ طالعاً / والناسُ حولَك يوفضون قبيلا
فكأنك البدرُ المنيرُ مكلَّلاً / من طالعاتِ سعودهِ إكليلا
كم من غليلٍ يومَ ذلك هجتَهُ / لا زلتَ في صدرِ الحسودِ غليلا
منْ كان جمَّلهُ لَبوسُ ولايةٍ / وأعاره التعظيمَ والتبجيلا
فبذاتِ نفسِكَ ما يكون جمالُها / وبمائهِ كان الحسامُ صقيلا
تبّاً لمَنْ تَعميَ بصيرةُ رأيهِ / حتّى يراك بما سِواك نبيلا
إني لأكبِرُ أنْ أراك مهنَّأً / إلّا بما يتجاوزُ التأميلا
لأحقُّ منك بأن يُهنأ معشرٌ / رُزِقُوكَ حظاً في الحظوظ جزيلا
أنصفتَهم وأقمتَ عدلكَ فيهمُ / ميزانَ قِسطٍ لا يميلُ مَميلا
فهَدتْ عيونُهُمُ وأفرخَ روعُهم / وأقام منهم مَنْ أرادَ رحيلا
منْ بعدِ ما سألَ الحميمُ حَميمَهُ / ما بالُ دفّكَ بالفراش مذيلا
لا يعدموك فقد نصحْتَ إمامَهم / ووضعْتَ إصْرهُمُ وكان ثقيلا
أرفقتَهم في خرجِهم ووفرتَهم / وكذا المُدِرُّ يُقدّمُ التحفيلا
فتنافسوا بك في العمارةِ بعدما / طالَ العِداءُ فعُطّلتْ تعطيلا
فقضاكَ ريْعُ العدلِ ما أعطيتهم / أوفى قضاءٍ واصطنعْتَ جميلا
والعدلُ مغزرةٌ لكلّ حلوبةٍ / والجَوْرُ يُعقبُ رِسلَها تشويلا
لِمْ لا تكونُ لدى إمامِك مُرتضىً / لا يبتغي بك في الكُفاةِ بديلا
وإذا وليتَ فليسَ يعْدَمُ قائلاً / ما كان رأيُ إمامِنا ليفيلا
تَجبي له مالَ البلادِ وحمدها / إذ لا تضيعُ من الحقوقِ فتيلا
قال الإمام وقد جمعتهما له / حظانِ مثلُهما بمثلكِ نِيلا
أنت الذي يَمري اللّقاح برفقهِ / ملءَ الوِطابِ ولا يُجيع فصيلا
أسمعتَهُ شكرَ الرعيَّةِ بعدما / جارَ الولاةُ فأسمعوه عويلا
كسبتْ له التجويرَ قبلك عصبةٌ / فكسبْتَ بعدهُمُ له التعديلا
ولقد قطعتَ إليه كلَّ حِبالة / لا يستطيعُ لها الدهاةُ حويلا
ولقد ركبْتَ إليه كُلَّ مخوفةٍ / لو زلَّ راكبُها لطاحَ قتيلا
ووهبتَ نفسكَ للمتالفِ دونَهُ / ورأيتَ ذلك في الإمام قليلا
شهدَ الخليفةُ والرعيةُ أنه / ما كان جولُك عِند ذاك مهيلا
شهدَ الخليفةُ والرعيةُ أنه / ما كان رأيك عند ذاك سحيلا
أنتَ الذي قطعَ الحبائلَ بعدما / أزِمَت أزامِ وعضَّلتْ تعضيلا
فنجوتَ من أيدي الأخابثِ سالماً / ورهنتَهم لهفاً عليك طويلا
ولئنْ نجوتَ لقد ركبْتَ عزيمة / حَذَّاءَ تسبقُ داعراً وجديلا
وأجلتُ رأياً أحوذياً مثلَهُ / فيما ينوبُ من الخطوبِ أُجيلا
ولقلَّ ما ينجو امرؤٌ من مثلها / بالرأي إلّا أنْ يكونَ أصيلا
دبَّرتَ تدبيرَ المدبّرِ إنه / ما كان عندَ مَضلَّةٍ ضِلّيلا
بلْ كنتَ للملكِ السعيدِ وديعةً / أمرَ الإلهُ بحفظِها جبريلا
بل ذا وذاك وإن وُهبتَ لأمةٍ / تعفو فضولَكَ بكرةً وأصيلا
ولقد بلاك الطالبونَ فثُبِّطُوا / أن يُدركوكَ وخُذّلوا تخذيلا
ورأوا مكانك ريثَما أخليتَهُ / كمكانِ بعضِ الراسياتِ أزيلا
فسرَوْا على حَرَدٍ إليك وأعملوا / طلباً يحثُّ به الرعيلُ رعيلا
فسُتِرتَ دونهمُ بسترِ كثافةٍ / حتى خفيتَ وما خفيتَ ضئيلا
فثنوا أعنّةَ راجعين بخيبةٍ / كرجوعهم أيامَ ساقوا الفيلا
ولعلّهم لو أدركوك لأُرسِلتْ / طيرُ العذابِ عليهمُ السّجِّيلا
ولمَا خفيت بأن وجهك لم يكن / في كل ليلٍ دامسٍ قنديلا
لكن بأن خالوه بدراً باهراً / وإذا أخال شبيهُ شيءٍ خِيلا
ما قدرُ ليلٍ أن تكونَ لبستَهُ / فاخْتِينَ نُوركَ تحتَه واغتيلا
أنَّى تُجلّلُك الدجى يا بدرَها / لن تستطيع لك الدجى تجليلا
ولما خفيتَ بأن نَشْركَ لم ينلْ / أقصى مدى نشرٍ ونيَّفَ ميلا
لكن بأنْ حسبوه رَيّا روضةٍ / هبّتْ لها ريحُ الشمال بَليلا
واللَّهُ ثبّطَهم بذاك فكذَّبوا / فيك اليقينَ وصدّقوا التخييلا
كم ليلةٍ نسي الصباحَ مساؤها / قد بِتَّ فيها بالسُّهادِ كحيلا
ما نمتَ نومَ غريرةٍ في خِدْرها / لكن سَريْتَ سُرى الرجال رجيلا
ولعمرُ جمعِ الزنجِ يومَ لقيتَهم / ما صادفوك يراعةً إجفيلا
شهدتْ بذلك في جبينك ضربةٌ / كانتْ على صِدقِ اللقاء دليلا
تركتْ بوجهك للحفيظة مِيسماً / ما رجَّعتْ وُرقُ الحمامِ هديلا
من بعدِ ما غادرتَهم وكأنما / قعرتْ بهم عُصفُ الرياحِ نخيلا
ما زلت تنكؤهم بحدّ شائكٍ / لم تألُهُم قرحاً ولا تقتيلا
تقريهُمُ طعناً أبجَّ وتارةً / ضرباً يُزيّلُ بينهم تزييلا
حتى إذا ألبَ الجميعُ وألَّلوا / تلقاءَ نحرك حَدَّهُمْ تأليلا
أسرُوك إذ كَثَروكَ لا لعزيمةٍ / فشلت عليك ولا لصبرٍ عِيلا
لكنْ رمَوْكَ بدُهمِهم وكأنهُم / جيشٌ أجابَ دعاءَ إسرافيلا
فانقدْتَ طوعَ الحزمِ لا مستقتلاً / خَرِقاً ولا سلسَ القيادِ ذليلا
ورأيتَ أن تَبقى لهم فتكيدهم / أجدى ومثلُك أحسنَ التمييلا
وقتالُ من لا تستطيع قِتالهُ / في الناس يكسبُ رأيكَ التفييلا
ومن اتَّقى التحيينَ فيما يتّقي / فكذاك أيضاً يتَّقي التجهيلا
بل أعجلوكَ عن المِراس كأنهم / عُنفٌ من السيلِ استخفَّ حميلا
لا فُلَّ حدُّك من حسامٍ صارمٍ / ترك القِراعُ بحدّهِ تفليلا
لو حُكتَ في السيفِ الذي كافحتَهُ / ما حاك فيك لأسرعَ التهليلا
لو مَسَّهُ الألمُ الذي أحذاكه / أو دونَ ذاك لما استفاقَ صليلا
أو فلَّ فيه حُرُّ وجهك فلّةً / في حُرّ وجهك ريعَ منه وهيلا
للَّه نفسٌ يومَ ذاك أذلْتها / ولرُبَّ شيءٍ صينَ حين أُذيلا
لوقفْتها نصبَ الكريهةِ موقفاً / ما كان تعذيراً ولا تحليلا
لا جاهلاً قدْرَ الحياةِ مغمَّراً / بل عارفاً قدْرَ الحياة بسيلا
مثل الهزبرِ المستميتِ إذا ارتدى / أشباله من خلفِهِ والغيلا
والحربُ تغلي بالكُماةِ قدورَها / والموتُ يأكلُ ما طهتْه نشيلا
تخِذوا الحديدَ مغافراً وأشلَّةً / وتخذتَ صبركَ مِغْفراً وشليلا
نفسٌ طلبتَ بها العلا فبلغتها / وركبتَ منها كاهلا وتليلا
وإذا أذلتَ النفسَ في طلب العلا / فلتُلفَيَنَّ لما ملكتَ مُذيلا
أتُراك بعد النفس تبخلُ باللُّهى / اللَّهُ جارُكَ أن تكونَ بخيلا
ما كنتَ تمضي في اللقاء مُصمِّماً / فتكون في شيءٍ سِواهُ كليلا
مَنْ جاد بالحَوْباء جاد بمالهِ / فالمالُ أيسرُ هالكٍ تعجيلا
ونظرتُ ما بخلُ امرىءٍ وسماحُهُ / والرأي يُوجدُ أهلَهُ التأويلا
فالبخلُ جُبنٌ والسماحُ شجاعةٌ / لا شكَّ حين تُصحِّحُ التحصيلا
جَبُنَ البخيلُ من الزمان وصَرْفِهِ / فتهيَّبَ الإفضالَ والتنويلا
واستشعرتْ نفسُ الجوادِ شجاعةً / فرجا الزمانَ على الزمانِ مُديلا
وإذا امرؤٌ مُنح الشجاعة لم يجدْ / عنه السماحُ لرحلهِ تحويلا
ولقلَّ ما جاد امرؤٌ ليستْ له / نفسٌ ترى حدَّ الزمانِ فليلا
ليشمّرِ الغادي إليك ذُيولَه / كيما يروحَ مُرفَّلاً ترفيلا
فلربَّ تشميرٍ إليك رأيتُهُ / بالأمسِ أعقبَ أهلهُ تذييلا
جُعل البخيلُ لما يفيدُ قرارةً / لكنْ جُعلتَ لما تفيدُ مَسيلا
صرفتْ يداك إلى المكارم والعلا / عن مالك التثمير والتأثيلا
شذَّبتَ في دارِ الفناءِ أثيلَهُ / ليكون في دارِ البقاءِ أثيلا
ما سوَّلتْ نفسٌ لصاحبها الغنى / إلا انبريتَ تُصدّقُ التسويلا
تَعِدُ المنى عنك الغنى فتفي به / وتقيمُ جودَك بالوفاء كفيلا
وتفي بما يعدُ الكذوبُ كأنما / كُفّلتَ ذلك دونَهُ تكفيلا
ولو استطعتَ إذا وفيتَ بوعدِهِ / نفَّلتَه حُسنَ الثنا تنفيلا
ولرُبَّ مرجوّ سواك مُؤمَّل / ألفاه راجيهِ عليك محيلا
فقبلتَ منه حَوالةً مكروهةً / ورأيتها حظاً إليك أَميلا
ونقدتَ صاحبَها الثوابَ مُعجّلاً / إذ ما سألتَ بنقدهِ تأجيلا
يفديك مَنْ تفدي بمالك عرضَهُ / وتذودُ عنه الذمَّ والتبخيلا
لولاك أصبحَ عرض كُلّ مبخَّل / شلواً يُمزقه الهجاء أكيلا
الناسُ أدهمُ أنت فيه غُرَّةٌ / جُعلَ الأفاضلُ تحتَها تحجيلا
لو كنتَ في عصرِ النبيّ محمدٍ / أوحَى الإلهُ بمدحِك التنزيلا
شاركتَ إبراهيم في اسمٍ واحدٍ / ونسختَه شبهاً كإسماعيلا
لم يُبقِ إبراهيم إرثَ خليفةٍ / إلا وقد قُبّلتها تقبيلا
ولئنْ تقدّمك الخليلُ بزُلفةٍ / لبمثلِ ما تُسديه كان خليلا
تقواك تقواهُ وبرُّك برُّهُ / للَّهِ درُّكُما أباً وسليلا
ولقد دعوتَ اللَّه مثلَ دعائهِ / عند البلاءِ فزلَّ عنك زليلا
يفتنُّ فيك المادحونَ وكلُّهم / يتجنّبُ التشبيه والتمثيلا
فُتَّ العديلَ فما يقالُ كأنه / مَنْ ذا رأى لك في الأنامِ عديلا
هذا أبا إسحاق موقفُ عائذٍ / بك من نوائبَ لم يَدَعْنَ ثَميلا
يتواعدُ الأيامَ منك بجحفلٍ / ينفي الأوابدَ هدَّةً وصهيلا
شئزَ المقيلَ بحيث عبدُك ضاحياً / فامهدْ لعبدك في ذَراك مقيلا
وأفىءْ عليه الظَّلَّ بعد زواله / لا زال ظلُّك ما حييت ظليلا
يا منْ عليه عيالُ آدمَ بعْدَهُ / أكفلْ أخاك وإن غدوتَ مُعيلا
يا منْ تكفَّل للعبادِ برزقهِم / أتخالُني فيمنْ كفلْتَ دخيلا
سوّيتَ بين الخلقِ إلا واحداً / قد كان يأملُ عندك التفضيلا
لا تقسمِ الضّيزَى كقسمةِ معشرٍ / نصبوا موازينَ الفواضل مِيلا
صُنْ عرضَ عبدكِ أن يُذالَ فإنه / ما كان قطُّ لبِذلةٍ منديلا
صُنْ وجهَ عبدك عن سؤال معاشرٍ / ألفاهُمُ شرَّ البريةِ حِيلا
منْ مانعٍ مرعىً وآخرَ باذلٍ / مرعىً توخَّمه الكرامُ وبيلا
إنْ منَّ منَّن فاستمرَّ مريرُهُ / مِنْ مِنَّةٍ فُعلت ومنٍّ قِيلا
فكأن ما يُسديه شهدٌ مُعجِبٌ / فيه الذُّعافُ مثمَّلاً تثميلا
أصبحتُ أرجو منك عاجلَ نائلٍ / ما زال مرجوّاً لديك مَنيلا
وكأنني بي شاكرٌ لك قائلٌ / لاقَيْتُ خيرَ مُنفّل تنفيلا
لاقيتُ من لاقى الزمانَ تحامياً / عني فَنَكّلَ صرفهُ تنكيلا
وأقال جَدّي بعد طولِ عِثارهِ / لا زلتَ للجدِّ العثورِ مُقيلا
لاقيتُ إبراهيمَ واحدَ عصرِه / وكَفى به من جُملة تفصيلا
لاقيتُ مَنْ ألوى بنحسي سعدُهُ / لا زال سعداً للنحوسِ مُزيلا
قالت لحرماني سماحةُ كفِّهِ / لن تستطيعَ لسنتي تبديلا
صدقتْ مُنَى نفسي لديه عِداتها / ولقد عهدتُ عداتِها تعليلا
وارتشتُ ريشَ غنىً أطار جديدُه / ما رثَّ من حالي فطار نسيلا
أنت الذي ما قيل حين مدحتُهُ / خاطبتَ رسماً بالفلاة مُحيلا
بل قيل لي لا فال رأيك مادحاً / أمَّلْتَ مأمولاً وشِمتَ مُخيلا
أصبحتُ بين خصاصةٍ وتجمُّلٍ / والمرءُ بينهما يموتُ هزيلا
فامددْ إليّ يداً تعوَّد بطنُها / بذلَ النوالِ وظهرُها التقبيلا
ووسيلتي أني قصدتُك لا أرى / إلا عليك لحاجتي تعويلا
وأجبتُ مَنْ قال اتَّصِل بوصيلةٍ / حسبي بسؤددِ منْ مدحتُ وصيلا
ما في خلائق مَنْ مدحتُ نقيصةٌ / أبغي لها بوسيلة تكميلا
جُعلَ الرشاءُ لمنْ طُوالةُ شُربُهُ / لا لامرىءٍ مثلي يؤمُّ النيلا
ساحتْ مواردُهُ فليسَ رشاؤهُ / إلا شرائعَ سُهِّلَتْ تسهيلا
فعلامَ تقتسمُ الوسائل بينهم / حمدي فيذهبُ جُلُّهُ تضليلا
لا أُشركُ الشركاءَ في حمدِ امرئٍ / منه أؤمّلُ وحْدَهُ التمويلا
أنَّى أخوِّلُ من سواه محامدي / وهو الذي أرجو به التحويلا
وكّلتُ مجدَك باقتضائك حاجتي / وكفى به متقاضياً ووكيلا
إني رأيتُك جنةً عدنيةً / قد هُدّلتْ ثمراتُها تهديلا
حملتْ فذللتِ الغصون بحملِها / وكفتْ أكُفّ جُناتها التذليلا
أحسنتُ فيك الظنَّ وهي وسيلةٌ / شُفِّعتُ إنْ أحسنتُ فيك القيلا
ولو التقيتَ وحاتماً لحسبتَهُ / أعداه جودُك أن عراك نزيلا
فقد اكتُنِفْتَ بكلِّ أمرٍ لا تَرى / معه إلى بخسِ الجزاء سبيلا
خذها أبا إسحاقٍ صنعةَ شاعرٍ / صنعٍ أطالَ لفكرهِ التمهيلا
وأطاعه حرفُ الروي فلم يجىءْ / فيه بمفعولٍ يشوبُ فعيلا
كثرتْ معاني المدحِ فيك فهيَّأتْ / للمادحِ التكثير والتطويلا
فأطلتُ إيفاءً لمجدك حقَّهُ / بل لستُ فيك وإن أطلتُ مُطيلا
ولمَا جعلْتُك إذ أطلتُ كموردٍ / قَذَفٍ أُمِرَّ رشاؤُه فأطيلا
بالجانبِ الشرقي شمسٌ أشرقتْ
بالجانبِ الشرقي شمسٌ أشرقتْ / فتضاءلت شمسُ النهارِ خمولا
يبدو لأبصارِ العيونِ ضياؤها / فترى الخفيَّ وتعرفُ المجهولا
فإذا غدا بصرٌ يباهرُ نورَها / رَجَعته مطروفَ الشعاع كليلا
إني رأيتُك حالماً أنشدتني
إني رأيتُك حالماً أنشدتني / بيتين قاداني عليك على أمَلْ
أيعوذُني متعوِّذٌ من دهرِهِ / فأعيذَ مالي بالمعاذر والعِلَلْ
إني لأستحيي المكارمَ أن أرى / مالاً يُصان وحُرَّ وجهٍ يبتَذَلْ
حيّ المعاهدَ والمنازلْ
حيّ المعاهدَ والمنازلْ / المقفراتِ بل الأواهلْ
بُدِّلنَ آراماً خوا / ذلَ بعدَ آرامٍ خواذلْ
حرَّكنَ شجْوك للسؤا / لِ وما أحَرْنَ جوابَ سائلْ
فابعثْ بهنّ من الدمو / عِ وقِفْ بهن من الرواحلْ
وسلِ الملائحَ بالملا / ئِحِ والعطابلَ بالعطابِلْ
اللائي أشْبَهنَ الغصو / نَ المستقيماتِ الموائلْ
وكَملْنَ كلَّ وسامةٍ / في غير أسنانٍ كواملْ
حُلّين حَلياً خِلقةً / مجبولة لا نحلَ ناحلْ
فإذا عطلْن من الحُلْي / ي فلسْن منه بالعواطلْ
وإذا غدونَ يمِسْن في / تلك الغلائِل والمراسلْ
غارت عليهن الثُّديْ / يُ هناك من مس الغلائلْ
وإذا لبسْنَ خلاخِلاً / كذَّبْن أسماء الخلاخلْ
تأبى تخلخلَهُنَّ أسْ / وُقُ مُرجحنّاتٍ بخادلْ
لكنهنّ بخائِلٌ / لهْفي على تلكَ البخائلْ
قد غُلِّظتْ تلك القلو / بُ ولُطّفتْ تلك الأناملْ
لي شاغلٌ في حبهنْ / نَ عن التي تدعى بشاغلْ
بظراء تُمسخُ لامُها / راءً إذا رأتِ الفياشِلْ
ولربما جُنَّتْ لها / فترى عواليها سوافلْ
عجباً لبردِ غنائها / وغناؤها ثُكْلُ الثواكلْ
ما باله كالزمهري / رِ مُهيّجاً وجَعَ المفاصلْ
هلّا استحرَّ لأنه / ثكلٌ وللشّبَقِ المُدَاخلْ
حُلقتْ ذوائبُها التي / خُلقت لصُنَّاع المناخِلْ
بل لحيةُ الرجلِ الذي / أضحى بها جَمَّ البلابلْ
ماذا يُضيعُ من الوسا / ئِلِ في هواها والرسائلْ
لكن شهوته اللِّبا / ءُ فما يُحبُّ سوى الحواملْ
وهي التي قد أقسمتْ / أن لا تُعَدَّ مع الحوائلْ
أتراك تسلمُ يا سلا / مةُ أن تكون من الثيَاتلْ
وقد احتملْتَ بها قرو / ناً لا ينوء بهنّ حاملْ
كنْتَ القصيرَ فقد غدوْ / تَ بطولهنّ من الأطاولْ
لا تَخْلونَ بشاغلٍ / حتى تُعِدَّ لها قوابلْ
إن التي عُلّقْتَها / تَزْنِي الفرائضَ والنوافلْ
قالوا تُعاهِرُ في الدرو / بِ فقلتُ كلا بل تُعاظلْ
لكن أراك تُحِبُّها / حُبَّ المُشاكلِ للمشاكلْ
أشْبهتها في بردِ أع / لاها أو في حَرّ الأسافلْ
كم قد سترْتُ معايباً / لمعتْ بها فيكَ المخائلْ
ووقفتُ دونك للخصو / مِ بموقفِ الخَصْم المُجادلْ
قالوا صديقك سيدٌ / بادي النباهةِ غيرُ خاملْ
نمَّتْ بذاك شواهدٌ / فيه أنمُّ من الجلاجلْ
ولربَّ عيبٍ قد تَبَيْ / يَنَ بالشواهدِ والدلائلْ
صدقُوا وما كذبوا عليْ / ك فلم أناضح أو أُناضلْ
إني لأعلم أنك ال / مطعونُ في غيرِ المقاتلْ
ما إنْ تزال فريسةً / في خَلْوةٍ تحت الكلاكلْ
وإن استترتَ بقحبةٍ / لك عند ناكتها طوائلْ
أنشأتَ تَخدَعُنا وأمْ / رُكَ بيّنٌ بادي الشَّواكلْ
وعدلتَ من طبلٍ إلى عو / دٍ وأنت من الطوابلْ
بل ليتَ كنتَ من الطوا / بِل أنت من سَقْط الزَّواملْ
وخضبْتَ خُنْثَك بالتغزْ / زُلِ والبغاءُ هناك ناصلُ
مثل التي أضحت تكا / تمُ حَملها والضَّرعُ حافلْ
تتنحَّلُ المتعشِّقا / تِ وأنت بغَّاءٌ حُلاحِلْ
أنَّى يصلنك لا وصلْ / نَ ولو بقين بلا مُواصِلْ
أنت الذي فاق الورى / في القُبح من حافٍ وناعلْ
وتُناك غيرَ مُساترٍ / للغانيات ولا مخاتلْ
فعلامَ يمنحنَ الهوى / غيرَ الجميل ولا المجاملْ
ولقد شهدنك راكباً / فوق الغِلاظ من الغراملْ
تبغي بها تقويمَ أيْ / رِك وهو كالسكران مائلْ
فبصُرْن فيك بفارسٍ / يغْشى الحروبَ ولا يُقاتلْ
وأرى غِناءك في المجا / لسِ مثلَ ذكرك في المحافلْ
وأراك فيه ناهقاً / وتظنّ أنك فيه صاهلْ
وتُراكَ فيه فارساً / والحق أنك فيه راجلْ
وتُراكَ فيه عالياً / والحق أنك فيه سافلْ
وأراكَ تعملُ صالحاً / تُعتدُّ فيه أضلَّ عامِلْ
أكفلْتَ نَغْلَي شيخةٍ / ولدتهما من غيرِ طائلْ
ولدتْهُما من غيرِ شي / خِك ذي الفضائل والفواضلْ
وكذا الكريمُ ابنُ الكرا / مِ يعولُ أيتامَ القبائلْ
اذهبْ فإنك بعدَها / كهفُ اليتامَى والأراملْ
أقسمتُ أنك جاهلٌ / والمُمتري في ذاك جاهلْ
أتعولُ ويحك إخوةً / لا من أبيك وأنت غافلْ
ويُريبُني كلَّ الإرا / بةِ منك تأنيثُ الشمائلْ
قد كان شيخُك باسلاً / بطلاً فما لَكَ غيرُ باسلْ
إني لأحسبُ أن أُمْ / مَك لبَّستْ حقّاً بباطلْ
واغتالت الشيخَ الشقيْ / يَ فقيَّرتْه وهْو غافلْ
خذها إليك تحيةً / تَلقى المعاطس بالجنادلْ
يا معشرَ السفهاءِ وال / متمردين ذَوي المجاهلْ
أنذرتكم قبل الخسو / فِ بما ترون من الزلازلْ
أسألت رسمَ الدارِ أم لم تسألِ
أسألت رسمَ الدارِ أم لم تسألِ / دِمناً عفتْ فكأنها لم تُحلِلِ
دُرُساً براهُنَّ البِلى بريَ الضَّنا / جسمي لبينِ قطينها المتحمّلِ
فلو استطاعتْ إذ بكيْتُ دُثُورَها / لبكت نُحولي بالدموع الهُمَّلِ
ولقدْ عهدْت عِراصَها مأنُوسةً / أيامَ تعهدُني كسيفِ الصْيَقلِ
رودُ الشبيبةِ لا أُعاصي لذةً / تدعو هواي ولا أدينُ لعُذَّلي
وإذا أشاءُ غدوْتُ غيرَ مُنهنهٍ / فأروح مقْتَنِصَ الغزالِ المُطْفلِ
بؤسى الزمان وليسَ يبرحُ آخِرٌ / من صرفهِ يعفو محاسنَ أوَّلِ
وأنا المقابَلُ في أكاسرِ فارسٍ / وابنُ الملوكِ الصّيدِ غير تنحُّلِ
رفعوا يفاعي كابراً عن كابرٍ / حتى استقلَّ إلى السّماك الأعزلِ
في حيث يقصرُ باعُ كُلّ مساوِرٍ / دوني ويحْسرُ ناظرُ المتأمّلِ
فضلاً له بك يا ابنَ طاحنة الرَّحى / رَوْمي وبيتُك بالحضيضِ الأسفلِ
يا ابنَ السّفاح شهادةً مقبولةً / مثلَ الشهادةِ بالكتابِ المنزلِ
إن التي ولدتْك تخبرُ أنها / حملتْك من نُطفٍ لعدةِ أفحُلِ
بظراءُ لو نطحتْ بمُقدَمِ بظرها / ثهلانَ حلحله ولم يتحلحلِ
بخراء لو نكهتْ على صُمّ الصّفا / صدعتْ بنكهتها متونَ الجندلِ
ذفراء لو بلَّتْ برشْح أديمِها / جسدَ امرئٍ لم يَنْقَ منه بجدولِ
خضراءُ لونِ الريقِ لو نفثتْ به / مَيْثاء ألقحها الحيا لم تُبْقِلِ
حرَّى تُسَكّن نَعْظَ ألفِ حَزَوَّرٍ / شبقٍ وغُلَّةُ دائِها لم تُبللِ
لا تسخطنّ على الإله فإنما / أعمالُ طعنِ فحولها بالفَيْشلِ
لو أمهلتكَ مدى ثوائك في استها / لسلمْتَ لكنْ داؤها لم يُمهلِ
ورأتك أيسر مهلكاً ورزيةً / من دعستين بأيرِ عيرٍ أغرلِ
فاعْصب ملامَة ناظريْك برأسِها / لا بالإله وبالنبي المرسلِ
ما استوجبا منك الكُفورَ بجرمها / فدعِ الهوادةَ في الحكومةِ واعدلِ
سقياً لأمك من صديدِ جهنم / لا من صبيبِ البارقِ المتَهلِّلِ
لمَضَتْ من الدنيا وما أسِفت على / مستمتَعٍ من مَشْربٍ أو مأكلِ
إلا مُباضعةَ العبيدِ فإنها / عنها وعن خَطراتها لم تذهلِ
الموتُ يغشاها وخاطرُ قلبِها / ذِكْرُ الأيور كأنها لم تُشغلِ
واستخْلفتكَ وما نَسلتْ مكانها / فابذلْ لناكتها عجانَك وابذلِ
ولقد حبوتَهمُ بفاعلةِ التي / ذاعتْ لها مِدحُ الجوادِ المفضلِ
أزناةَ بابِ الشام طرّاً أبْشروا / من بنتِ شاعركم بخيرِ مُقبّلِ
خلفت عليكم أمهُ وتكفّلتْ / بكُمُ وعِدّةُ عشرها لم تُكْملِ
أَأُبَيَّ يوسفَ دعوةً من حاقرٍ / مستصغرٍ يأبى دعاءك من علِ
خذها إليك تذود غاشيةَ الكرى / عن أهلها وتُضيق رحبَ المنزلِ
وتُخيلك الماءَ النقاحَ كأنه / في فيك مازجه نقيعُ الحنظلِ
ولقد وزعتُ الشعرَ عنك تعظُّماً / وتنزهاً وكففتُ غربَ المِقولِ
فأبتْ جوامحُ للقريضِ غوالبٌ / جاش الضميرُ بهن جيشَ المِرجلِ
ليس الكريم من اشترى بنوالهِ
ليس الكريم من اشترى بنوالهِ / حمدَ الرجالِ وإن أنال جزيلا
لكنه من جادَ جُودَ طبيعةٍ / ورأى الفعالَ مِن الفعال جميلا
قل لابن بلبل لِمْ غلِطْ
قل لابن بلبل لِمْ غلِطْ / تَ وأنتَ شهمٌ قُلقلُ
أنّى يكون أبا لِصَق / رٍ من أبوه بلبلُ
نسبٌ يناقِضُ كنيةً / ما مثلُ ذا بك يجمُلُ
أغفلت عمّا فيهما / ما عذرُ مثلك يُقبلُ
شهرُ الصَّيام مباركٌ لكنّما
شهرُ الصَّيام مباركٌ لكنّما / جُعلتْ لنا بركاتُه في طولهِ
سافرْ بفكركَ منه في نأي المدى / ممدودِه ممطولهِ موصولهِ
منْ كان يألفهُ فكيف خروجُهُ / عني بجدع الأنف قبلَ دخولهِ
إني ليعجبني تمامُ هلالهِ / وأسرُّ بعد تمامِه بنحولهِ
شهرٌ يصدُّ المرءَ عن مشروبهِ / مما يحلُّ له ومِنْ مأكولهِ
لا أستثيبُ على قبولِ صيامِهِ / حسبي تصرُّمه ثوابَ قبولهِ
لا زلْتَ تفخمُ والثناءُ ضئيلُ
لا زلْتَ تفخمُ والثناءُ ضئيلُ / ويعزُّ عِرضُك والثراءُ ذليلُ
حَمَّلتني ما لا أُطيقُ وإنما / شأنُ الكريم الحملُ لا التحميلُ
كلفتني ما تستحق وبعضُه / ثقل على المتكلفين ثقيلُ
إن كنتَ تطلبُ في المديح مُشاكلاً / لك في الرجال فما إليه سبيلُ
أتُرى عديلك في المديح مواتياً / هيهاتِ مالكَ في الأمورِ عديلُ
عجزتْ وعيشِك عن حقوقك طاقتي / أأطيقُها وحدي وأنت قبيلُ
بل موسمٌ بل أمةٌ بل عالمٌ / بل عالمونَ وكل ذا فقليلُ
وكذاك معروفُ الكرام كفايةٌ / أبداً وأكثر مَدْحِهم تعليلُ
يأتي القليلُ من الضئيلِ بحقّهِ / كيما يكونَ من الجزيل جزيلُ
ويدُ البخيل لما استفاد قرارةٌ / ويدُ الجواد لما استفاد مَسِيلُ
هل أنتَ مستمعٌ فأنطق بالتي / يُشفى بها من ذي الغليل غليلُ
فلكم نطقتُ من الصوابِ بخطبةٍ / فيها البيان إذا أحال محِيلُ
إن العيوبَ مع التتبّع جمةٌ / وكثيرُهنّ إذا اغتفرت قليلُ
فاجعلْ تصَفُّحكَ المديحَ تفرساً / في غيبِ ما تُسدِي غداً وتُنيلُ
فلذاكَ أجدرُ أن يعانيهِ الفتى / ولذاك أخْلقُ أن يقال نبيلُ
دع مادحيك يُقصّرونَ ولا تكنْ / ممّنْ يقال مُقصرٌ وبخيلُ
إني أعيذك أن يقولوا كاتبٌ / ألِف الحسابَ فشأنه التحصيلُ
وأجلُّ منها أن يقولوا ماجدٌ / ألِف السماحَ فشأنه التسهيلُ
والبسْ جمالك عند كلّ قبيحةٍ / إن التجمّلَ بالرجالِ جميلُ
ماذا يضرُّ فتىً جليلاً قدرهُ / من أن يدقّ المدحُ وهْو جليلُ
وأحقُّ زوجٍ أن يُنتّجَ شكْله / حسناء تُذكرُ عاثرٌ ومُقيلُ
وإذا نظرتَ فإن أخلقَ منهما / لنِتاجِ مجدٍ جاحدٌ ومُنيلُ
أفيُغفرُ الكفرانُ وهْو كبيرةٌ / ويؤاخذ التشبيهُ والتمثيلُ
فعلامَ أُعذلُ في امتثال مقالةٍ / قد قالها جيلٌ سواي وجيلُ
ضُرب الركامُ لكل تهمةِ مُتهمٍ / مثلاً وشاعَ بذاك قبلي قيلُ
أفضِل وأغِضْ جفونَ عينك رأفةً / بذوي العيوبِ يجبْ لك التفضيلُ
ولقد تُصيبُ بديلَ كل مُبرِّزٍ / من مادحيك وليسَ مِنك بديلُ
كم قال جودُك للمنهنِه بدأةً / هيهات ليس لسُنّتي تبديلُ
وكذا يقولُ لمن ينهنه عوْده / هيهات ليس لنعمتي تحويلُ
ولراحتيك بداءةٌ وعُوادةٌ / وليومِ عُرفك بكرةٌ وأصيلُ
يا مَنْ يطالبُ نفسَه بحقوقنا / مثلُ الغريم فرِفده تعجيلُ
وينامُ عنا حينَ نلوي شُكرَهْ / فِعْلَ الكريمِ فشكرهُ تأجيلُ
يا منْ إذا حرَّكتَهُ لكريمةٍ / ألفيتَه والجُولُ منه مَهِيلُ
حتّى إذا نبهتَهُ لعظيمةٍ / ألفيته والرأيُ منه أصيلُ
آمالُ نفسي فيك غيرُ مَطامعٍ / لكنهنّ مزارعٌ ونخيلُ
أجملتُ من وصفي خلالك جُملةً / وعلى التجاربِ بعدها التفصيلُ
فليختبرْك السائلون فإنّهم / إن جرَّبُوك أتاهمُ التأويلُ
ليفسِرنَّ لهم فعالكَ أنه / أبداً بصدقِ المادحيك كفيلُ
لا زلتُ مرغوباً إليك مُيمّماً / مثلَ الصباحِ عليك منك دليلُ
وإذا تأمّلك المعاشِرُ أمَّلوا / ولمن تأمل ماجداً تأميلُ
ما وجَّه التأميلَ نحوك آملٌ / إلا الْتَقى التأميلُ والتمويلُ
شهدتْ بخيرٍ غُرَّةٌ وضّاحةٌ / من حقّها التعظيمُ والتبجيلُ
ووفت بموعِدها يدٌ نفَّاحةٌ / من حقّها الإفضالُ والتقبيلُ
ترجو سواك لدىَ التفكّهِ بالمنى / لكن عليك يُحَصْحص التعويلُ
لا زال تعويلٌ عليك مصدّقاً / وعلى عداك وحاسديك عويلُ
وقفاتُ رأيك في الخطوبِ تأمُّلُ
وقفاتُ رأيك في الخطوبِ تأمُّلُ / ونفاذُ عزمِك في الأمورِ توكُّلُ
للَّه درُّك من عِمادِ خِلافة / ماذا تصون بك الملوكُ وتبذلُ
ما زلتَ تَعمِدُ للمخوفِ صيانةً / وتُسلُّ فيه كما يُسلُّ المُنصلُ
فرقَ الشكوك وفي الشكوكِ تلبُّسٌ / جمع الأمورَ وفي الأمور تزيُّلُ
جلبَ المعاشَ وفي المعاشِ تعذُّرٌ / حقَنَ الدماءَ وفي الدماء تبزُّلُ
هنأَ الموفَّقَ أنه حظٌّ له / ظفرتْ يداه به يُطيبُ ويُجزِلُ
كافي المشاهدِ لا يخورُ ولا يَني / ثبتُ السجيّةِ ليسَ فه تغوُّلُ
متسربِلٌ ثوبَ الشبابِ ولم يزلْ / بالحزمِ فيه وبالوقارِ تكهُّلُ
فيه إذا افتُرِضَ البدارُ تسرُّعٌ / وله إذا حُذر العِثار ترسُّلُ
حمَّال أثقالٍ يقومُ بحملِها / كالطَّوْدِ ليس بجانبَيْهِ تخلخُلُ
فليعلمِ الملك المظفَّرُ أنه / ما للسلامةِ ما أقام ترحُّلُ
سُدَّتْ على الخَلَلِ المداخلُ كُلُّها / ولقد يُرى في كل بابٍ يدخُلُ
نِعْمَ الوزيرُ اختارهُ لأُمورهِ / في كل نائبةٍ ونعم المدْخَلُ
رجلٌ له أنَّى وكيف نسبْتَه / في الأكرمينَ تصعُّدٌ وتنزُّلُ
يقظانُ فيه تساقُطٌ وتغافُلٌ / إذْ في سواه تسقُّطٌ وتغفُّلُ
مصقولةٌ أخلاقُه لا تُجتَرى / مشحوذةٌ عزماتُه لا تَنْكلُ
ولّاهما رأياً له ومروءةً / فالرأيُ يُشحذُ والمروءةُ تُصقَلُ
تفدى بآباء البريةِ بلبلاً / وفداهُ بالأبناءِ طُرّاً بلبلُ
وكناهُ بالصقر العُقابِ كنايةً / ولَخَير إخوتك الذكيّ القُلقُلُ
ذاك الذي لا ينقضي معروفُه / إلا بمعروفٍ له لا يَعْطُلُ
ذاك الذي سبق الكرامَ فما لهُم / إلا امتثالٌ خلفه وتمثُّلُ
إنْ قال قالوا ما يقولُ وإن أبى / فضلاً أبَوْه فما عداهُ تثقُّلُ
ولهم إذا نزلوا اليفاعَ تحوّلٌ / عنْه وليس له هناك تحوُّلُ
وترى تبدّله فتحسبُ زينةً / وكأن زينة آخرين تبدُّلُ
وترى تعمُّلهم فتحسبُ هيبةً / وكأن هيبتَه هناك تعمُّلُ
هو جَوْهرٌ والناسُ أعراضٌ وهم / يتبدّلون وليس فه تبدُّلُ
هذا مقالُ الحاسديك برغْمِهم / ولهم من الحسدِ المُمِضّ تململُ
وبنور شمسكَ أبصروكَ فإنها / تجلو عمى الأبصارِ عمّن يُكْحَلُ
ما قرّظوك محبّةً لكنهم / لهمُ بذاك تتوُّجٌ وتكللُ
ومن العجائبِ أن أسائلَ مثلهم / وصفاتُك الحسنى بوصفك تكفُلُ
أنشأْتُ أسألُهم بمثلكِ بعدما / أرجَت بريّاك الرُّبى والأهْجُلُ
فكأنني بسؤالهم متنوِّرٌ / شُعلَ الذُّبالِ وللنهارِ ترحُّلُ
يا من تعرَّفتِ العُفاةُ بجودِهِ / إنّ التشاغُل باللئام تبطُّلُ
إني امرؤ أودى الزمانُ بثروتي / وألحَّ يكلمُني وكفُّك تُدملُ
فشددتُ نحوك أرحُلي مستيقناً / أني امرؤٌ ستُشدُّ نحوي أرحلُ
أرجو لديك تعجُّلاً وتأجُّلاً / ولمرتجيك تعجُّلٌ وتأجُّلُ
فليستمحْكَ فما مطامِعُ نفسِه / حُلُمٌ ألمَّ ولا مُناه تعلُّلُ
وعْدُ المنى وعْدٌ عليك نجاحُهُ / وفلاحُهُ والوعدُ عنك تكفُّلُ
ألفيتُ حاصلَ وعدِ غيرِك خِلفةً / ورأيتُ رفدك قبل وعدك يحصُلُ
مستحمِداً لا تُستذمُّ ومُشرِقاً / لا تدلَهِمُّ ونابهاً لا يخمُلُ
لم تلهُ عن حقّ المليكِ ولم تُضعْ / حقَّ الملوكِ فأيُّ حقّ يبطُلُ
عاونْتَهم ولزمْتَ طاعةَ ربّهم / ففضلْتَ بالحسنى ومثلك يفضلُ
وأحقُّ من دعتِ الملوكُ لأمرِها / مَنْ عندَه عوْنٌ وفيه تبتُّلُ
ممّن يبيتُ مع البراءةِ خاشعاً / للَّه فيه تخوُّفٌ وتوجُّلُ
تتحلَّل الشُبهاتُ في طرقاتِه / وله بأفنيةِ الحذار تظلُّلُ
وسُلوكُ مَنْ طلب البوارَ تخمُّطٌ / وسُلوكُ من طلب النجاة تخلُّلُ
فيمَنْ سواك على الضعاف تحامُلٌ / أبداً وفيك عن الضعاف تحمُّلُ
ولمعشرٍ لا يُنعمون تطاولٌ / ولراحتيك الثَّرتين تطوُّلُ
ولقد نَفيْتَ عن التطوّلِ عيبَهُ / فغدا وأصعبهُ مراماً يسهلُ
ولربّ شيءٍ ذي محاسنَ جمَّة / وله مقابحُ إن أُديم تأمُّلُ
عيبُ التطوّلِ أنه لا واجبٌ / ونراك توجبه وفيك تنصُّلُ
كمَّلْتَ بالإيجاب منه محاسناً / قد كنتُ أحسبُ أنها لا تكمُلُ
وإذا تجمّلَ بالتطوُّل أهلُهُ / فله بما قد زِدْتَ فيه تجمُّلُ
وقرنْتَ بالإيجاب أن صفّيْتَه / من كل إذلالٍ كمن يتنفّلُ
يأبى لك التفضيلُ إلا أن تُرى / وعلى التطوّلِ من يديك تفضلُ
لبروق وجهك في الوجوهِ تهلُّلٌ / ولصوبِ كفك في الأكف تهللُ
وترى نوافلَ ما أتيت فرائضاً / والفرض عند بني الزمان تنفُّلُ
متغافلاً عن ذكر ما أسديْتَهُ / وإذا وعدْتَ فذاكرٌ لا تغفُلُ
متواضعاً أبداً وقدرُك يَعتلي / متضائِلاً أبداً وأمرُك يعبُلُ
فُقْتَ الأنام صنيعة وصنائعاً / لا زلت تستعلي وقِرنك يسفُلُ
فإذا الأماثلُ خايروك صنيعةً / فكأن أيمُنَهم هنالك أشملُ
وفرعْت من شيبانَ ذِروةَ هضَبةٍ / تعلو السحابَ فأي شأنك يضؤُلُ
لمْ لا تلوذ بك الخلافةُ بعدما / أثبتّ مرساها وفيه تزلزلُ
أثبتّ آساسَ البنيّةِ بالصفا / لكنّ أجرافاً لهن تهيُّلُ
فأنمتَ ليلَ الخائفين مكحّلاً / فيه السهادَ وللدُّثور تزمُّلُ
تَرعى وتمثُل في صِلاتِك تارةً / لمن احتباك فخلفُه لك يَمْثُلُ
تغدو وفيك تشددٌ وتودُّدٌ / كالدهرِ فيه توعُّرٌ وتسهُّلُ
وبشيرُ من عاملْتَه ونذيرُهُ / في حالتَيْك تبسُّمٌ وتبسُّلُ
وكأن شخصَك حينَ يعقدُ حبوةً / جبلٌ تخاشَع في ذُراه الأجبُلُ
وإذا وقرْتَ أو اهتَزَزْتَ لصولةٍ / أرسى يلملمُ أو تزعزعَ يذبلُ
وسألتُ عنك الحاسدين فكُلُّهم / قالوا مقالاً ليسَ فيه تقوُّلُ
ذاك الوزيرُ بحقّه وبصدقِه / يُصْفي النصيحةَ للملوك وينخلُ
ذاك المؤمَّلُ للرعاةِ ومن رعوْا / إنْ صحَّ للمُتأملين تأمُّلُ
لا مَطْل فيك لطالبٍ منك الغنى / وإذا طلبتَ فإن شأوَك يمطلُ
وإذا اختُبرتَ فللعُفاة تعوّدٌ / يدعو إليك وللعِداةِ تنكُّلُ
وإذا سُئلْتَ فلا نداك تكلُّفٌ / وإذا مُدِحْتَ فلا ثناك تمحُّلُ
وكأن لهوتَك التي تعطى لُهىً / وكأنَّ سَجلكَ في المعاطِش أسجُلُ
وكأن ذمّتك التي هي عِصمةٌ / ذِمَم الورى وكأنَّ حبلكَ أحبلُ
فمتى دعا المعتافَ نحوك مرةً / فألٌ دَعتني من فعالِك أفْؤُلُ
خُذْها إليك مُقرّةً بمعايِبٍ / ترجو تغمُّدَها لديك وتأمُلُ
وأقلُّ حقّك أن تُرى متجاوزاً / عن شاعرٍ في القولِ منه تهلهُلُ
ما ضره ألا يجيدَ وما لَهُ / بسوى نداكَ إلى جداك توسُّلُ
بل ما عليك من المدائح أُحكِمتْ / أم هُلهلَت في وشي نفسك ترفُلُ
ما قد كستْك يداك مما أسدتا / كافٍ ومدْحُ المادحين تأكُّلُ
من كان يزعمُ طيبَ نشرِك آتياً / مما يقول فذاك منه تنحُّلُ
تتصرّف الأرواحُ كيف تصرّفَتْ / وثراك من مسكٍ حباه قرنفلُ
لم تُذْكِ نشرَكَ في البلادِ مدائحٌ / لِركابِها في الخافِقَيْنِ تقلقلُ
يكفيك نقلُ الشعر ذكركَ إنه / ذكرٌ له بِسدى يديك تنقُّلُ
أغنى العيانُ عن السّماعِ وما يُرى / فهْو اليقين وما يُقال تختُّلُ
بلغتْ مآثرُك البعيدَ فما الذي / نرويه عنك بمدحنا أو تنقلُ
هذا لذاك وإنْ أجاد مُجيدُنا / فلما فعلْتَ عن المقال تمهُّلُ
وبأن أجَدْتَ أجاد مدحاً مادحٌ / قسماً بمدحك ليس عنك تحلُّلُ
لولا البدائعُ من فعالك لم يكن / للمادحين إلى البديعِ تغلغُلُ
أرجو وإن رذُلتْ مدائحُ قُلتُها / أن لا يكونَ لديك مَدْحٌ يرذُلُ
لتخلُّف الشعراءِ عندك رأفةٌ / ولسبق سابقهم لديك تقبُّلُ
فمتى تقدّمَ أو تأخّر شاعرٌ / عن شأوِ صاحبه ففيك تحمُّلُ
ما كلُّ مثلومِ الكلامِ بساقطٍ / قد يُقتَنى سيفٌ وفيه تفلُّلُ
ويقومُ طِرفٌ دون شوطِ رسيله / ويحلّيان حُلىً لهنَّ تصلصلُ
عشقتْك أبكارُ القريض وعُونُه / فغدتْ إليك عواصياً منْ يعذلُ
ورأت لهاك عفاتَها أكفاءها / فغدت هناك عواصياً من يعضلُ
كم من قوافٍ لا يُنالُ وصالُها / قد أصبحت ولها إليك توصُّلُ
باتت معاولها عليك تقاتُلٌ / وغدت إليك لها إليك تقتُّلُ
متغزلات عند أروع ما لَهُ / إلا مع المِدَح الوِضاءِ تغزُّلُ
بل لا تغزُّلَ عند من لِبَنانه / رُفضَ التغزُّلُ بل هناك تبعُّلُ
سأسوء قوماً بامتداحِك همُّهم / في أن تُذَمّ وفي صنيعك يرذُلُ
لهمُ إذا أجملتُ فيك تجمُّلٌ / ولهم إذا فصّلْتُ فيك تفصُّلُ
فاسلمْ لمدحِ المادحين ولا تزل / ذا نائل يُحبَى وكيدٍ يَقْتُلُ
فكِرٌ كمقدار السماءِ إذا انتحى / لم يعصمِ الأوعالَ منه توقُّلُ
ومناصحٌ تعلَى ونبْلٌ يعتلي / وصفائح تعلو وسُمرٌ تَنهلُ
لمُنابذيك ولابن سلمك جنةٌ / لثمارها أبداً عليك تهدُّلُ
أنا من تحلله الزمانُ بتركه / ولمستجيرك بالأمان تجلّلُ
عزْبٌ من النعم الجِسامِ مقدّرٌ / بل أن يقدّرَ لي بهنّ تأهُّلُ
يا منْ سكونُ النفس في تأميلهِ
يا منْ سكونُ النفس في تأميلهِ / وبلوغها المأمولَ في تأميلِهِ
قدَرِي لديك مُظاهرٌ لبليَّتي / فاصرفْ بطرفك عن جلالِ جليلِهِ
أصبحتُ يحقر لي تطوّلك الغنى / فَتَخَطَّ قدْري وانْسَ نُبلَ نبيلِهِ
وابذلْ لعبدِك ما تيسَّر إنه / في حالةٍ تقذى جفونَ خليلِهِ
ولتبلغنَّ به الغنى لكنّه / لا بدّ قبلَ غناه من تعليلِهِ
لا تحقرنّ له التي في بذلها / إحياءُ مهجتِه وقتلُ غليلِهِ
وافرضْ له من فضل كفك قُوتَه / واعزمْ إذا اتّسعتْ على تنقيلِهِ
واملك عليه جماح نفسك إنها / تأبى من المعروفِ غيرَ جزيلِهِ
واعذرهُ في استعجالهِ بغياثهِ / لشديدِ حاجته إلى تعجيلِهِ
ولكان أوسعَ مُهلةً من غيره / لو تحسنُ الحوجاءُ في تمهيلِهِ
واعلمْ ولستَ معلَّماً بحقيقةٍ / أن النوى تأبى ازدراءَ ضئيلِهِ
كلُّ النوال معونةٌ لمناله / عندَ الضرورةِ زينةٌ لمُنيلِهِ
ليس الجوادُ من اشترى شمسَ العلا / وحياةَ سمعتِها بموتِ هزيلِهِ
يا من يجود من الجَدا بكثيرهِ / ويُغيث قبلَ كثيرهِ بقليلِهِ
فاقصدْ لحق الرأي لا جورِ الهدى / فلأنت أعلى ناظراً بجميلِهِ
وعليك عند بلوغنا آمالنا / بعريضِ فعلك في الورى وطويلِهِ
ولكم جوادِ الكفِّ بخَّل سائلاً / فرماه بالحرمان عن تبخيلِهِ
ولربما شقي الفتى بجوداه / ولربما حظي الفتى بنخيلِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025