الصبر إلا في فِرَاقِكَ يجمل
الصبر إلا في فِرَاقِكَ يجمل / والصعبُ إلا عن ملالكَ يَسهلُ
يا ظالماً حكَّمتهُ في مُهجَتي / حَتّامَ في شرع الهَوى لا تعدلُ
أنفَقتُ عُمري في هَواكَ تكرُّماً / وتضنُّ بالنّزر القليل وتَبخلُ
إن تَرمِ قَلبي تَصمِ نَفسكَ إِنهُ / لَكَ مَوطِن تَأوي إليه وَمنزلُ
أَتظنُّ أَني بالإساءة مُقلع / كيفَ الدّواء وقد أصيبَ المقتلُ
أعرض وصُدَّ وجُر فَحبك ثابت / بتنقل الأحوال لا يتنقَّلُ
واللَّه لا أسلوكَ حتى أنطوي / تَحتَ الترابِ ويحتَويني بالجندلُ
تَتبدَّلُ الدُّنيا وحُبُّكَ ثابتٌ / في القلبِ لا يفنى ولا يَتبدَّلُ
مَن لي بأهيفَ قد أقامَ قيامتي / خَدٌّ لَهُ قانٍ وطَرف أكحلُ
نشوانَ من خمر الصبا لا يسمع الش / شكوى ويصغي للوشاة فيقبلُ
مُتلوِّن متغيِّر متعتِّبٌ / مُتعنِّتٌ متمنِّع متدَلِّلُ
إن قلتُ متُّ من الصبابَة قال لي / ظُلماً وأَي صَبابةٍ لا تقتلُ
أو قلتُ قد طَال العذاب يقول لي / ما سوف تلقى مِن عذابكَ أطولُ
قَسماً بترب نِعاله فَمحاجِري / أبَداً بغير غباره لا تُكحلُ
وصَعيدُ بَيتٍ حَله فركائبي / تَسعى به دُونَ البيوت وترملُ
لأخالفنَّ عَوَاذِلي لو أنهُ / ممن يظل على هَواهُ ويَعدِلُ
ولأهتكَنَّ على الهوى سِتر الحيا / إنَّ الفضيحةَ في المحبةِ أجملُ
يَصفرُّ وجهي حين أَنظر وجههُ / خَوفاً فَيدركه الحياء فيخجلُ
فكأنَّما بِخدُودِه من حُمرةٍ / ظَلَّت إليها من دَمي تَتحوَّلُ
هو مُلبسي حُللَ الضنا ومُعلمي / من زلتي ما كنت منها أجهلُ
لولاه لم أرد الحياة ولم أقل / طلب الثراء من القناعة أجملُ
من أجله أخشى المماتَ وأتقي / ولأجله أرجُو الغنى وأؤملُ
أستعذِبُ التعذيب فيه كأنَّما / جُرَع الحميم هي البرود السلسلُ
لا فَرَّجَ الرَّحمنُ كربَةَ عَاشِق / طلب السُّلوَّ وخاب فيما يسألُ
لا تُنكروا فَيضَ الدُّموع فإنها / نفسي يُصعِّدُها الغرام المشعلُ
هي مُهجَتي طوراً تَحلل بالبكا / أسفاً وطوراً بالزَّفير تحللُ
يا كرخُ جادَ عليكَ مدرارُ الحيا / وسقى ثراكَ من الرَّواعدِ مُسبلُ
إن كان جِسمي عَنكَ أصبح راحلاً / كرهاً فَقلبي قاطِنٌ لا يرحلُ
ما رُمتُ بَعدكَ بالمدائنِ صبوةً / إلا ثنى الثاني هَواكَ الأولُ
أنا عَاذرٌ إن طُلَّ بعدَ طلاكَ لي / حُبّ دمٌ أو غازَلتني المُغزِلُ
يا راكباً تهوي به شَدَنيّةٌ / حرفٌ كما تهوي حصاة من علُ
هَوجاء تَقطعُ جَوزَ تيَّارِ الفلا / حتى تَبوصَ على يَديها الأرجُلُ
عُج بالغريّ على ضريحٍ حولَه / نادٍ لأملاكِ السماءِ ومحفلُ
فَمسبِّحٌ ومقدسٌ وممجدٌ / ومعظمٌ ومكبِّر ومهلِّلُ
والثم ثراه المسكَ طيباً واستلم / عيدانهُ قُبلاً فَهنَّ المندَلُ
وانظر إلى الدَّعواتِ تسعد عندهُ / وجُنود وحي اللَّه كيف تنزَّلُ
والنورُ يلمعُ والنواظِرُ شخَّصٌ / واللسنُ خرسٌ والبَصائر ذُهَّلُ
واغضض وغُضَّ فَثَمَّ سِرٌّ أعجمٌ / دقَّت معانيهِ وأمرٌ مشكلُ
وقلِ السلامُ عَليكَ يا مَولى الورى / نصّاً بهِ نَطقَ الكتابُ المنزلُ
وَخِلافَةً ما إِن لها لو لم تكُن / منصوصةً عن جيدِ مجدك معدلُ
عجباً لقومٍ أخروكَ وكعبكَ ال / عالي وخدُّ سِواكَ أضرَعُ أسفلُ
إن تمسِ مَحسوداً فسؤددك الذي / أعطيت محسود المحل مبجَّلُ
عضبٌ تحزُّ به الرقاب يمدُّه / رأيٌ بعزمتِه يحزُّ المفصِلُ
وعلومُ غيبٍ لا تنال وحكمةٌ / فصلٌ وحكمٌ في القضية فيصلُ
عَجباً لهذي الأرض يضمر تُربها / أطواد مجدك كيفَ لا تتزلزلُ
عَجباً لأملاكِ السماءِ يَفوتها / نظر لوجهكَ كيف لا تتهيلُ
يا أيها النبأ العظيم فمهتدٍ / في حبه وغواة قوم ضلَّلُ
يا أيُّها النار التي شبّ السنا / منها لموسى والظلام مجلِّلُ
يا فلكَ نوحٍ حيثُ كلّ بسيطةٍ / بحرٌ يمور وكلُّ بحرٍ جدولُ
يا وارثَ التوراةِ والإنجيل وال / فرقان والحكم التي لا تعقلُ
لولاك ما خلقَ الزمانُ ولا دجى / غِبَّ ابتلاج الفجر ليلٌ أليَلُ
يا قاتِلَ الأَبطالِ مجدك للعدى / من غربِ مخذمكَ المهنَّد أقتلُ
بذباب سيفكَ قَرَّ فارعُ طَوده / بَعدَ التأوُّد واستقام الأميلُ
إن كانَ دينُ محمدٍ فيه الهدى / حَقاً فحبكَ بَابُهُ والمدخلُ
لولاك أصبح ثلمة لا تُتقى / أطرافها ونقيصةٌ لا تكملُ
كم جَحفلٍ لِلجزءِ من أجزَائهِ / يومَ النزالِ يقلُّ قولكَ جحفلُ
أثوابهُ الزردُ المضاعفُ نَسجه / لكنهُ بالزَّاغبية مخملُ
يحيي المنيةَ منهُ طعنٌ أنجلُ / برحٌ محاجرهُ وضربٌ أهدلُ
نَهنهتُ سورَتهُ بِقلبِ قلَّبٍ / ثبتٍ يُحالفه صَقيلٌ مصقلُ
صلى عليكَ اللَّهُ من متسربلٍ / قمصاً بهنّ سواكَ لا يَتسربلُ
وجزاكَ خيراً عن نَبيك إنهُ / ألفاكَ ناصرَهُ الذي لا يُخذلُ
سمعاً أمير المؤمنينَ قصائداً / يَعنو لها بِشرٌ ويخضع جَروَلُ
الدُّرُّ من ألفاظِها لكنهُ / دُرٌّ له إبنُ الحديد يفصِّلُ
هيَ دونَ مدح اللَّه فيكَ وفوق ما / مدح الورى وعلاكَ منها أكملُ