القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 9
في ساحَةِ البَدَوِيِّ حَلَّت ساحَةٌ
في ساحَةِ البَدَوِيِّ حَلَّت ساحَةٌ / عِزُّ البِلادِ بِعِزِّها مَوصولُ
وَأَتى الحُسَينُ يَزورُ قُطبَ زَمانِهِ / يَرعى وَيَحرُسُ رَكبَهُ جِبريلُ
زادَت مَواسِمُنا بِطَنطا مَوسِماً / لِمَليكِهِ التَقديسُ وَالتَبجيلُ
بِالساحَتَينِ لِكُلِّ راجٍ مَوئِلٌ / وَلِكُلِّ عافٍ مَربَعٌ وَمَقيلُ
قُل لِلفَقيرِ إِذا سَأَلتَ فَلا تَخَف / رَدّاً فَما في الساحَتَينِ بَخيلُ
بَرَكاتُ هَذي لا يَغيضُ مَعينُها / نَفَحاتُ تِلكَ كَثيرُها مَأمولُ
قَد أَخصَبَ الإِقليمُ حينَ حَلَلتَهُ / وَالغَيثُ لا يَبقى عَلَيهِ مُحولُ
وَبَدا يَموجُ بِساكِنيهِ وَعِطفُهُ / قَد كادَ مِن طَرَبِ اللِقاءِ يَميلُ
ذَكَروا بِمَقدَمِكَ المُبارَكِ مَوقِفاً / قَد قامَ فيهِ أَبوكَ إِسماعيلُ
في مِثلِ هَذا اليَومِ خَلَّدَ ذِكرَهُ / أَثَرٌ لَهُ بَينَ العِبادِ جَليلُ
نَثَرَ السُعودَ عَلى الوُفودِ وَحَولَهُ / يَتَجاوَبُ التَكبيرُ وَالتَهليلُ
دامَت مَآثِرُهُ وَمَن يَكُ صُنعُهُ / كَأَبيكَ إِسماعيلَ كَيفَ يَزولُ
فَاِهنَأ بِمُلكِكَ يا حُسَينُ فَعَهدُهُ / عَهدٌ بِتَحقيقِ الرَجاءِ كَفيلُ
وَاِنهَض بِشَعبِكَ في الشُعوبِ فَإِنَّما / لَكَ بَعدَ رَبِّكَ أَمرُهُ مَوكولُ
وَليَهنَئِ البَدَوِيَّ أَنَّ صَديقَهُ / عَن وُدِّهِ المَعهودِ لَيسَ يَحولُ
قَد جاءَهُ يَسعى إِلَيهِ وَحَولَهُ / أَعلى وَأَكرَمُ مَن سَقاهُ النيلُ
الشَعبُ يَدعو اللَهَ يا زَغلولُ
الشَعبُ يَدعو اللَهَ يا زَغلولُ / أَن يَستَقِلَّ عَلى يَدَيكَ النيلُ
إِنَّ الَّذي اِندَسَّ الأَثيمُ لِقَتلِهِ / قَد كانَ يَحرُسُهُ لَنا جِبريلُ
أَيَموتُ سَعدٌ قَبلَ أَن نَحيا بِهِ / خَطبٌ عَلى أَبناءِ مِصرَ جَليلُ
يا سَعدُ إِنَّكَ أَنتَ أَعظَمُ عُدَّةٍ / ذُخِرَت لَنا نَسطو بِها وَنَصولُ
وَلَأَنتَ أَمضى نَبلَةٍ نَرمي بِها / فَاِنفُذ وَأَقصِد فَالنِبالُ قَليلُ
النَسرُ يَطمَعُ أَن يَصيدَ بِأَرضِنا / سَنُريهِ كَيفَ يَصيدُهُ زَغلولُ
إِنّا رَمَيناهُم بِنَدبٍ حُوَّلٍ / عَن قَصدِ وادي النيلِ لَيسَ يَحولُ
بِأَشَدِّنا بَأساً وَأَقدَمِنا عَلى / خَوضِ الشَدائِدِ وَالخُطوبُ مُثولُ
بِفَتىً جَميعِ القَلبِ غَيرِ مُشَتَّتٍ / إِن مالَتِ الأَهرامُ لَيسَ يَميلُ
فاوِض وَلا تَخفِض جَناحَكَ ذِلَّةً / إِنَّ العَدُوَّ سِلاحَهُ مَفلولُ
فاوِض وَأَنتَ عَلى المَجَرَّةِ جالِسٌ / لِمَقامِكَ الإِعظامُ وَالتَبجيلُ
فاوِض فَخَلفَكَ أُمَّةٌ قَد أَقسَمَت / أَلّا تَنامَ وَفي البِلادِ دَخيلُ
عُزلٌ وَلَكِن في الجِهادِ ضَراغِمٌ / لا الجَيشُ يُفزِعُها وَلا الأُسطولُ
أُسطولُنا الحَقُّ الصُراحُ وَجَيشُنا ال / حُجَجُ الفِصاحُ وَحَربُنا التَدليلُ
ما الحَربُ تُذكيها قَناً وَصَوارِمٌ / كَالحَربِ تُذكيها نُهىً وَعُقولُ
خُضها هُنالِكَ بِاليَقينِ مُدَرَّعاً / وَاللَهُ بِالنَصرِ المُبينِ كَفيلُ
أَزَعيمُهُم شاكي السِلاحِ مُدَجَّجٌ / وَزَعيمُنا في كَفِّهِ مِنديلُ
وَكَذَلِكَ المِنديلُ أَبلَغُ ضَربَةً / مِن صارِمٍ في حَدِّهِ التَضليلُ
لَكَ وَقفَةٌ في الشَرقِ تَعرِفُها العُلا / وَيَحُفُّها التَكبيرُ وَالتَهليلُ
زَلزِل بِها في الغَربِ كُلَّ مُكابِرٍ / لِيَرى وَيَعلَمَ ما حَواهُ الغيلُ
لا تَقرَبِ التاميزَ وَاِحذَر وِردَهُ / مَهما بَدا لَكَ أَنَّهُ مَعسولُ
الكَيدُ مَمزوجٌ بِأَصفى مائِهِ / وَالخَتلُ فيهِ مُذَوَّبٌ مَصقولُ
كَم وارِدٍ يا سَعدُ قَبلَكَ ماءَهُ / قَد عادَ عَنهُ وَفي الفُؤادِ غَليلُ
القَومُ قَد مَلَكوا عِنانَ زَمانِهِم / وَلَهُم رِواياتٌ بِهِ وَفُصولُ
وَلَهُم أَحابيلٌ إِذا أَلقَوا بِها / قَنَصوا النُهى فَأَسيرُهُم مَخبولُ
فَاِحذَر سِياسَتَهُم وَكُن في يَقظَةٍ / سَعدِيَّةٍ إِنَّ السِياسَةَ غولُ
إِن مَثَّلوا فَدَعِ الخَيالَ فَإِنَّما / عِندَ الحَقيقَةِ يَسقُطُ التَمثيلُ
الشِبرُ في عُرفِ السِياسَةِ فَرسَخٌ / وَاليَومُ في فَلَكِ السِياسَةِ جيلُ
وَلِكُلِّ لَفظٍ في المَعاجِمِ عِندَهُم / مَعنىً يُقالُ بِأَنَّهُ مَعقولُ
نَصَلَت سِياسَتُهُم وَحالَ صِباغُها / وَلِكُلِّ كاذِبَةِ الخِضابِ نُصولُ
جَمَعوا عَقاقيرَ الدَهاءِ وَرَكَّبوا / ما رَكَّبوهُ وَعِندَكَ التَحليلُ
يا سَعدُ أَنتَ زَعيمُنا وَوَكيلُنا / وَعَلَيكَ عِندَ مَليكِنا التَعويلُ
فَاِدفَع وَناضِل عَن مَطالِبِ أُمَّةٍ / يا سَعدُ أَنتَ أَمامَها مَسئولُ
النيلُ مَنبَعُهُ لَنا وَمَصَبُّهُ / ما إِن لَهُ عَن أَرضِها تَحويلُ
وَثِقَت بِكَ الثِقَةَ الَّتي لَم يَنفَرِج / لِلرَيبِ فيها وَالشُكوكِ سَبيلُ
جَعَلَت مَكانَكَ في القُلوبِ مَحَبَّةً / أَو بَعدَ ذاكَ عَلى الوَلاءِ دَليلُ
كادَت تُجَنُّ وَقَد جُرِحتَ وَخانَها / صَبرٌ عَلى حَملِ الخُطوبِ جَميلُ
لَم يَبقَ فيها ناطِقٌ إِلّا دَعا / لَكَ رَبَّهُ وَدُعاؤُهُ مَقبولُ
يا سَعدُ كادَ العيدُ يُصبِحُ مَأتَماً / الدَمعُ فيهِ أَسىً عَلَيكَ يَسيلُ
لَولا دِفاعُ اللَهِ لَاِنطَوَتِ المُنى / عِندَ اِنطِوائِكَ وَاِنقَضى التَأميلُ
شَلَّت أَنامِلُ مَن رَمى فَلِكَفِّهِ / حَزُّ المُدى وَلِكَفِّكَ التَقبيلُ
هَذا وِسامُكَ فَوقَ صَدرِكَ ما لَهُ / مِن بَينِ أَوسِمَةِ الفَخارِ مَثيلُ
حَلَّيتَهُ بِدَمٍ زَكِيٍّ طاهِرٍ / في حُبِّ مِصرَ مَصونُهُ مَبذولُ
في كُلِّ عَصرٍ لِلجُناةِ جَريرَةٌ / لَيسَت عَلى مَرِّ الزَمانِ تَزولُ
جاروا عَلى الفاروقِ أَعدَلَ مَن قَضى / فينا وَزَكّى رَأيَهُ التَنزيلُ
وَعَلى عَلِيٍّ وَهوَ أَطهَرُنا فَماً / وَيَداً وَسَيفُ نَبِيِّنا المَسلولُ
قِف يا خَطيبَ الشَرقِ جَدِّد عَهدَنا / قَبلَ الرَحيلِ لِيُقطَعَ التَأويلُ
فاوِض فَإِن أَوجَستَ شَرّاً فَاِعتَزِم / وَاِقطَع فَحَبلُكَ بِالهُدى مَوصولُ
وَاِرجِع إِلَينا بِالكَرامَةِ كاسِياً / وَعَلَيكَ مِن زَهَراتِها إِكليلُ
إِنّا سَنَعمَلُ لِلخَلاصِ وَلا نَني / وَاللَهُ يَقضي بَينَنا وَيُديلُ
كَم دَولَةٍ شَهِدَ الصَباحُ جَلالَها / وَأَتى عَلَيها اللَيلُ وَهيَ فُلولُ
وَقُصورِ قَومٍ زاهِراتٍ في الدُجى / طَلَعَت عَلَيها الشَمسُ وَهيَ طُلولُ
يا أَيُّها النَشءُ الكِرامُ تَحِيَّةً / كَالرَوضِ قَد خَطَرَت عَلَيهِ قَبولُ
يا زَهرَ مِصرَ وَزَينَها وَحُماتَها / مَدحي لَكُم بَعدَ الرَئيسِ فُضولُ
جُدتُم لَها بِالنَفسِ في وَردِ الصِبا / وَالوَردُ لَم يُنظَر إِلَيهِ ذُبولُ
كَم مِن سَجينٍ دونَها وَمُجاهِدٍ / دَمُهُ عَلى عَرَصاتِها مَطلولُ
سيروا عَلى سَنَنِ الرَئيسِ وَحَقِّقوا / أَمَلَ البِلادَ فَكُلُّكُم مَأمولُ
أَنتُم رِجالُ غَدٍ وَقَد أَوفى غَدٌ / فَاِستَقبِلوهُ وَحَجِّلوهُ وَطولوا
عُثمانُ إِنَّكَ قَد أَتَيتَ مُوَفَّقاً
عُثمانُ إِنَّكَ قَد أَتَيتَ مُوَفَّقاً / شَروى سَمِيِّكَ جامِعِ التَنزيلِ
جَمَّعتَ أَشتاتَ القَريضِ وَزِدتَهُ / حُسناً بِهَذا الشَرحِ وَالتَذييلِ
وَجَلَوتَ مِرآةَ العَروضِ صَقيلَةً / لِلنيلِ فَاِستَوجَبتَ شُكرَ النيلِ
لا تَعجَبوا فَمَليكُكُم لَعِبَت بِهِ
لا تَعجَبوا فَمَليكُكُم لَعِبَت بِهِ / أَيدي البِطانَةِ وَهوَ في تَضليلِ
إِنّي أَراهُ كَأَنَّهُ في رُقعَةِ ال / شِطرَنجِ أَو في قاعَةِ التَمثيلِ
يا صارِماً أَنِفَ الثَواءَ بِغِمدِهِ
يا صارِماً أَنِفَ الثَواءَ بِغِمدِهِ / وَأَبى القَرارَ أَلا تَزالُ صَقيلا
فَالبيضُ تَصدَأُ في الجُفونِ إِذا ثَوَت / وَالماءُ يَأسُنُ إِن أَقامَ طَويلا
أَهلاً بِمَولايَ الرَئيسِ وَلَيسَ مِن / شَرَفِ الرِئاسَةِ أَن أَراكَ وَكيلا
فَاِطرَح مَعاذيرَ السُكوتِ وَقُل لَنا / هَلّا وَجَدتَ إِلى الكَلامِ سَبيلا
وَاِضرِب عَلى الوَتَرِ الَّذي اِهتَزَّت لَهُ / أَعطافُنا زَمَناً وَغَنِّ النيلا
وَاِردُد عَلى مُلكِ القَريضِ جَمالَهُ / تَصنَع بِصاحِبِكَ القَديمِ جَميلا
مازالَ يَرجو أَن يُقالَ عِثارُهُ / حَتّى أَقالَ اللَهُ إِسماعيلا
شَبَحاً أَرى أَم ذاكَ طَيفُ خَيالِ
شَبَحاً أَرى أَم ذاكَ طَيفُ خَيالِ / لا بَل فَتاةٌ بِالعَراءِ حِيالي
أَمسَت بِمَدرَجَةِ الخُطوبِ فَما لَها / راعٍ هُناكَ وَما لَها مِن والي
حَسرى تَكادُ تُعيدُ فَحمَةَ لَيلِها / ناراً بِأَنّاتٍ ذَكَينَ طِوالِ
ما خَطبُها عَجَباً وَما خَطبي بِها / ما لي أُشاطِرُها الوَجيعَةَ ما لي
دانَيتُها وَلِصَوتِها في مَسمَعي / وَقعُ النِبالِ عَطَفنَ إِثرَ نِبالِ
وَسَأَلتُها مَن أَنتِ وَهيَ كَأَنَّها / رَسمٌ عَلى طَلَلٍ مِنَ الأَطلالِ
فَتَمَلمَلَت جَزَعاً وَقالَت حامِلٌ / لَم تَدرِ طَعمَ الغَمضِ مُنذُ لَيالي
قَد ماتَ والِدُها وَماتَت أُمُّها / وَمَضى الحِمامُ بِعَمِّها وَالخالِ
وَإِلى هُنا حَبَسَ الحَياءُ لِسانَها / وَجَرى البُكاءُ بِدَمعِها الهَطّالِ
فَعَلِمتُ ما تُخفي الفَتاةُ وَإِنَّما / يَحنو عَلى أَمثالِها أَمثالي
وَوَقَفتُ أَنظُرُها كَأَنّي عابِدٌ / في هَيكَلٍ يَرنو إِلى تِمثالِ
وَرَأَيتُ آياتِ الجَمالِ تَكَفَّلَت / بِزَوالِهِنَّ فَوادِحُ الأَثقالِ
لا شَيءَ أَفعَلُ في النُفوسِ كَقامَةٍ / هَيفاءَ رَوَّعَها الأَسى بِهُزالِ
أَو غادَةٍ كانَت تُريكَ إِذا بَدَت / شَمسَ النَهارِ فَأَصبَحَت كَالآلِ
قُلتُ اِنهَضي قالَت أَيَنهَضُ مَيِّتٌ / مِن قَبرِهِ وَيَسيرُ شَنٌّ بالي
فَحَمَلتُ هَيكَلَ عَظمِها وَكَأَنَّني / حُمِّلتُ حينَ حَمَلتُ عودَ خِلالِ
وَطَفِقتُ أَنتَهِبُ الخُطا مُتَيَمِّماً / بِاللَيلِ دارَ رِعايَةِ الأَطفالِ
أَمشي وَأَحمِلُ بائِسَينِ فَطارِقٌ / بابَ الحَياةِ وَمُؤذِنٌ بِزَوالِ
أَبكيهِما وَكَأَنَّما أَنا ثالِثٌ / لَهُما مِنَ الإِشفاقِ وَالإِعوالِ
وَطَرَقتُ بابَ الدارِ لا مُتَهَيِّباً / أَحَداً وَلا مُتَرَقِّباً لِسُؤالِ
طَرقَ المُسافِرِ آبَ مِن أَسفارِهِ / أَو طَرقَ رَبِّ الدارِ غَيرَ مُبالي
وَإِذا بِأَصواتٍ تَصيحُ أَلا اِفتَحوا / دَقّاتُ مَرضى مُدلِجينَ عِجالِ
وَإِذا بِأَيدٍ طاهِراتٍ عُوِّدَت / صُنعَ الجَميلِ تَطَوَّعَت في الحالِ
جاءَت تُسابِقُ في المَبَرَّةِ بَعضُها / بَعضاً لِوَجهِ اللَهِ لا لِلمالِ
فَتَناوَلَت بِالرِفقِ ما أَنا حامِلٌ / كَالأُمِّ تَكلَأُ طِفلَها وَتُوالي
وَإِذا الطَبيبُ مُشَمِّرٌ وَإِذا بِها / فَوقَ الوَسائِدِ في مَكانٍ عالي
جاءوا بِأَنواعِ الدَواءِ وَطَوَّفوا / بِسَريرِ ضَيفَتِهِم كَبَعضِ الآلِ
وَجَثا الطَبيبُ يَجُسُّ نَبضاً خافِتاً / وَيَرودُ مَكمَنَ دائِها القَتّالِ
لَم يَدرِ حينَ دَنا لِيَبلُوَ قَلبَها / دَقّاتِ قَلبٍ أَم دَبيبَ نِمالِ
وَدَّعتُها وَتَرَكتُها في أَهلِها / وَخَرَجتُ مُنشَرِحاً رَضِيَّ البالِ
وَعَجَزتُ عَن شُكرِ الَّذينَ تَجَرَّدوا / لِلباقِياتِ وَصالِحِ الأَعمالِ
لَم يُخجِلوها بِالسُؤالِ عَنِ اِسمِها / تِلكَ المُروءَةُ وَالشُعورُ العالي
خَيرُ الصَنائِعِ في الأَنامِ صَنيعَةٌ / تَنبو بِحامِلِها عَنِ الإِذلالِ
وَإِذا النَوالُ أَتى وَلَم يُهرَق لَهُ / ماءُ الوُجوهِ فَذاكَ خَيرُ نَوالِ
مَن جادَ مِن بَعدِ السُؤالِ فَإِنَّهُ / وَهوَ الجَوادُ يُعَدُّ في البُخّالِ
لِلَّهِ دَرُّهُمُ فَكَم مِن بائِسٍ / جَمِّ الوَجيعَةِ سَيِّئِ الأَحوالِ
تَرمي بِهِ الدُنيا فَمِن جوعٍ إِلى / عُريٍ إِلى سُقمٍ إِلى إِقلالِ
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ واجِفٌ / نَفسٌ مُرَوَّعَةٌ وَجَيبٌ خالي
لَم يَدرِ ناظِرُهُ أَعُرياناً يَرى / أَم كاسِياً في تِلكُمُ الأَسمالِ
فَكَأَنَّ ناحِلَ جِسمِهِ في ثَوبِهِ / خَلفَ الخُروقِ يُطِلُّ مِن غِربالِ
يا بَردُ فَاِحمِل قَد ظَفِرتَ بِأَعزَلٍ / يا حَرُّ تِلكَ فَريسَةِ المُغتالِ
يا عَينُ سُحّي يا قُلوبُ تَفَطَّري / يا نَفسُ رِقّي يا مُروءَةُ والي
لَولاهُمُ لَقَضى عَلَيهِ شَقاؤُهُ / وَخَلا المَجالُ لِخاطِفِ الآجالِ
لَولاهُمُ كانَ الرَدى وَقفاً عَلى / نَفسِ الفَقيرِ ثَقيلَةَ الأَحمالِ
لِلَّهِ دَرُّ الساهِرينَ عَلى الأُلى / سَهِروا مِنَ الأَوجاعِ وَالأَوجالِ
القائِمينَ بِخَيرِ ما جاءَت بِهِ / مَدَنِيَّةُ الأَديانِ وَالأَجيالِ
أَهلِ اليَتيمِ وَكَهفِهِ وَحُماتِهِ / وَرَبيعِ أَهلِ البُؤسِ وَالإِمحالِ
لا تُهمِلوا في الصالِحاتِ فَإِنَّكُم / لا تَجهَلونَ عَواقِبَ الإِهمالِ
إِنّي أَرى فُقَراءَكُم في حاجَةٍ / لَو تَعلَمونَ لِقائِلٍ فَعّالِ
فَتَسابَقوا الخَيراتِ فَهيَ أَمامَكُم / مَيدانُ سَبقٍ لِلجَوادِ النالِ
وَالمُحسِنونَ لَهُم عَلى إِحسانِهِم / يَومَ الإِثابَةِ عَشرَةُ الأَمثالِ
وَجَزاءُ رَبِّ المُحسِنينَ يَجِلُّ عَن / عَدٍّ وَعَن وَزنٍ وَعَن مِكيالِ
لِلَّهِ دَرُّكَ كُنتَ مِن رَجُلِ
لِلَّهِ دَرُّكَ كُنتَ مِن رَجُلِ / لَو أَمهَلَتكَ غَوائِلُ الأَجَلِ
خُلُقٌ كَأَنفاسِ الرِياضِ إِذا / أَسحَرنَ غِبَّ العارِضِ الهَطِلِ
وَشَمائِلٌ لَو أَنَّها مُزِجَت / بِطَبائِعِ الأَيّامِ لَم تَحُلِ
جَمُّ المَحامِدِ غَيرُ مُتَّهَمٍ / جَمُّ التَواضُعِ غَيرُ مُبتَذَلِ
يا دَولَةَ الأَخلاقِ رافِلَةً / مِن قاسِمٍ في أَبهَجِ الحُلَلِ
كَيفَ اِنطَوَيتِ بِهِ عَلى عَجَلٍ / أَكَذا تَكونُ مَصارِعُ الدُوَلِ
يا طالِعاً لِلشَرقِ لَجَّ بِهِ / نَحسُ النُحوسِ فَقَرَّ في زُحَلِ
هَلّا وَصَلتَ سُراكَ مُنتَقِلاً / عَلَّ السُعودِ تَكونُ في النُقَلِ
ما لي أَرى الأَجداثَ حالِيَةً / وَأَرى رُبوعَ النيلِ في عَطَلِ
فَإِذا الكِنانَةُ أَطلَعَت رَجُلاً / طاحَ القَضاءُ بِذَلِكَ الرَجُلِ
أَوَ كُلَّما أَرسَلتُ مَرثِيَةً / مِن أَدمُعي في إِثرِ مُرتَحِلِ
هاجَت بِيَ الأُخرى دَفينَ أَسىً / فَوَصَلتُ بَينَ مَدامِعِ المُقَلِ
إِن خانَني فيما فَجِعتُ بِهِ / شِعري فَهَذا الدَمعُ يَشفَعُ لي
وَلَقَد أَقولُ وَما يُطاوِلُني / عِندَ البَديهَةِ قَولُ مُرتَجِلِ
يا مُرسِلَ الأَمثالِ يَضرِبُها / قَد عَزَّ بَعدَكَ مُرسِلُ المَثَلِ
يا رائِشَ الآراءِ صائِبَةً / يَرمي بِهِنَّ مَقاتِلَ الخَطَلِ
لِلَّهِ آراءٌ شَأَوتَ بِها / في الخالِدينَ نَوابِغَ الأُوَلِ
قَد كُنتَ أَشقانا بِنا وَكَذا / يَشقى الأَبِيُّ بِصُحبَةِ الوَكَلِ
لَهفي عَلَيكَ قَضَيتَ مُرتَجِلاً / لَم تَشكُ لَم تَستَوصِ لَم تَقُلِ
غَلَّ القَضاءُ يَدَ القَضاءِ فَذا / يَبكي عَلَيكَ وَذاكَ في جَذَلِ
شَغَلَتكَ عَن دُنياكَ أَربَعَةٌ / وَالمَرءُ مِن دُنياهُ في شُغُلِ
حَقٌّ تُناصِرُهُ وَمَفخَرَةٌ / تَمشي إِلَيها غَيرَ مُنتَحِلِ
وَحَقائِقٌ لِلعِلمِ تَنشُدُها / ما لِلحَكيمِ بِهِنَّ مِن قِبَلِ
وَفَضيلَةٌ أَعيَت سِواكَ فَلَم / تَمدُد إِلَيهِ يَداً وَلَم يَصِلِ
إِن رَيتَ رَأياً في الحِجابِ وَلَم / تُعصَم فَتِلكَ مَراتِبُ الرُسُلِ
الحُكمُ لِلأَيّامِ مَرجِعُهُ / فيما رَأَيتَ فَنَم وَلا تَسَلِ
وَكَذا طُهاةُ الرَأيِ تَترُكُهُ / لِلدَهرِ يُنضِجُهُ عَلى مَهَلِ
فَإِذا أَصَبتَ فَأَنتَ خَيرُ فَتىً / وَضَعَ الدَواءَ مَواضِعَ العِلَلِ
أَولا فَحَسبُكَ ما شَرُفتَ بِهِ / وَتَرَكتَ في دُنياكَ مِن عَمَلِ
واهاً عَلى دارٍ مَرَرتُ بِها / قَفراً وَكانَت مُلتَقى السُبُلِ
أَرخَصتُ فيها كُلَّ غالِيَةٍ / وَذَكَرتُ فيها وَقفَةَ الطَلَلِ
ساءَلتُها عَن قاسِمٍ فَأَبَت / رَدَّ الجَوابِ فَرُحتُ في خَبَلِ
مُتَعَثِّراً يَنتابُني وَهَنٌ / مُتَرَنِّحاً كَالشارِبِ الثَمِلِ
مُتَذَكِّراً يَومَ الإِمامِ بِهِ / يَومَ اِنتَوَيتُ بِذَلِكَ البَطَلِ
يَومَ اِحتَسَبتُ وَكُنتُ ذا أَمَلٍ / تَحتَ التُرابِ بَقِيَّةَ الأَمَلِ
جاوِر أَحِبَّتَكَ الأُلى ذَهَبوا / بِالعَزمِ وَالإِقدامِ وَالعَمَلِ
وَاِذكُر لَهُم حاجَ البِلادِ إِلى / تِلكَ النُهى في الحادِثِ الجَلَلِ
قُل لِلإِمامِ إِذا اِلتَقَيتَ بِهِ / في الجَنَّتَينِ بِأَكرَمِ النُزُلِ
إِنَّ الحَقيقَةَ أَصبَحَت هَدَفاً / لِلراكِبينَ مَراكِبَ الزَلَلِ
لِلَّهِ آثارٌ لَكُم خَلَدَت / صاحَ الزَوالُ بِها فَلَم تَزُلِ
لِلَّهِ أَيّامٌ لَكَم دَرَجَت / طالَت عَوارِفُها وَلَم تَطُلِ
نِعمَ الظِلالِ لَوَ اِنَّها بَقِيَت / أَو أَنَّ ظِلّاً غَيرُ مُنتَقِلِ
جَلَّ الأَسى فَتَجَمَّلي
جَلَّ الأَسى فَتَجَمَّلي / وَإِذا أَبَيتِ فَأَجمِلي
يا مِصرُ قَد أَودى فَتا / كِ وَلا فَتىً إِلّا عَلي
قَد ماتَ نابِغَةُ القَضا / ءِ وَغابَ بَدرُ المَحفِلِ
وَعَدا القَضاءُ عَلى القَضا / ءِ فَصابَهُ في المَقتَلِ
حَلّالُ عَقدِ المُعضِلا / تِ قَضى بِداءٍ مُعضِلِ
وَيحَ الكِنانَةِ ما لَها / في غَمرَةٍ لا تَنجَلي
باتَت وَكارِثَةٌ تَمُر / رُ بِها وَكارِثَةٌ تَلي
يا زَهرَةَ الماضي وَيا / رَيحانَةَ المُستَقبَلِ
كُنّا نُعِدُّكِ لِلشَدا / ئِدِ في الزَمانِ المُقبِلِ
يا لابِسَ الخُلُقِ الكَري / مِ المُطمَئِنِّ الأَمثَلِ
فارَقتَنا في حينِ حا / جَتِنا وَلَم تَتَمَهَّلِ
يا رامِياً صَدرَ الصِعا / بِ رَماكَ رامي الأَجدَلِ
يا حافِظاً غَيبَ الصَدي / قِ وَيا كَريمَ المِقوَلِ
أَيُّ المَحامِدِ غَضَّةً / بِحُلاكَ لَم تَتَجَمَّلِ
تَلهو لِداتُكَ بِالصِبا / لَهواً وَأَنتَ بِمَعزِلِ
تَسعى وَراءَ الباقِيا / تِ الصالِحاتِ وَتَعتَلي
بَينَ المَحابِرِ وَالدَفا / تِرِ دائِباً لا تَأتَلي
أَدرَكتَ عِلمَ الآخِري / نَ وَحُزتَ فَضلَ الأَوَّلِ
أَدنى مَرامِكَ هِمَّةٌ / فَوقَ السِماكِ الأَعزَلِ
وَأَجَلُّ قَصدِكَ أَن تَرى / مِصراً تَسودُ وَتَعتَلي
دَرَجَ الأَحِبَّةُ بَعدَ ما / تَرَكوا الأَسى وَالحُزنَ لي
لَم يَحلُ لي مِن بَعدِهِم / عَيشٌ وَلَم أَتَعَلَّلِ
لي كُلَّ عامٍ وَقفَةٌ / حَرّى عَلى مُتَرَحِّلِ
أَبكي بُكاءَ الثاكِلا / تِ وَأَصطَلي ما أَصطَلي
لَم يُبقِ لي يَومُ الفَقي / دِ عَزيمَةً لَم تُفلَلِ
يَومٌ عَبوسٌ قَد مَضى / بِفَتىً أَغَرَّ مُحَجَّلِ
مَن لَم يُشاهِد هَولَهُ / عِندَ القَضاءِ المُنزَلِ
لَم يَدرِ ما قَصمُ الظُهو / رِ وَلا اِنخِزالُ المَفصِلِ
يا قَبرُ وَيحَكَ ما صَنَع / تَ بِوَجهِهِ المُتَهَلِّلِ
عَبَّستَ مِنهُ نَضرَةً / كانَت رِياضَ المُجتَلي
وَعَبَثتَ مِنهُ بِطُرَّةٍ / سَوداءَ لَمّا تَنصُلِ
يا قَبرُ هَل لَعِبَ البِلى / بِلِطافِ تِلكَ الأَنمُلِ
لَهفي عَلَيها في الطُرو / سِ تَسيلُ سَيلَ الجَدوَلِ
لَهفي عَلَيها في الجِدا / لِ تَحُلُّ عَقدَ المُشكِلِ
لَهفي عَلَيها لِلرَجا / ءِ وَلِلعُفاةِ السُؤَّلِ
يا قَبرُ ضَيفُكَ بَينَنا / قَد كانَ خَيرَ مُؤَمَّلِ
لَم يَنقَبِض كِبراً بِنا / ديهِ وَلَم يَتَبَذَّلِ
إِنّي حَلَلتُ رِحابَهُ / فَنَزَلتُ أَكرَمَ مَنزِلِ
وَنَهِلتُ مِن أَخلاقِهِ / فَوَرَدتُ أَعذَبَ مَنهَلِ
قَصرَ الدوبارَةِ ما لِلَيثِكَ رابِضاً
قَصرَ الدوبارَةِ ما لِلَيثِكَ رابِضاً / وَالذِئبُ في قَصرِ الإِمارَةِ يَحجِلُ
إِنّي سَمِعتُ بِعابِدينَ عُواءَهُ / فَعَجِبتُ كَيفَ يَسودُ مَن لا يَعقِلُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025