القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 16
المُلكُ بَينَ يَدَيكَ في إِقبالِهِ
المُلكُ بَينَ يَدَيكَ في إِقبالِهِ / عَوَّذتُ مُلكَكَ بِالنَبِيِّ وَآلِهِ
حُرٌّ وَأَنتَ الحُرُّ في تاريخِهِ / سَمحٌ وَأَنتَ السَمحُ في أَقيالِهِ
فيضا عَلى الأَوطانِ مِن حُرِيَّةٍ / فَكِلاكُما المُفتَكُّ مِن أَغلالِهِ
سَعِدَت بِعَهدِكُما المُبارَكِ أُمَّةٌ / رَقَّت لِحالِكِ حِقبَةً وَلِحالِهِ
يَفديكَ نَصرانِيُّهُ بِصَليبِهِ / وَالمُنتَمي لِمُحَمَّدٍ بِهِلالِهِ
وَفَتى الدُروزِ عَلى الحُزونِ بِشَيخِهِ / وَالمَوسَوِيُّ عَلى السُهولِ بِمالِهِ
صَدَقوا الخَليفَةَ طاعَةً وَمَحَبَّةً / وَتَمَسَّكوا بِالطُهرِ مِن أَذيالِهِ
يَجِدونَ دَولَتَكَ الَّتي سَعِدوا بِها / مِن رَحمَةِ المَولى وَمِن أَفضالِهِ
جَدَّدتَ عَهدَ الراشِدينَ بِسيرَةٍ / نَسَجَ الرَشادُ لَها عَلى مِنوالِهِ
بُنِيَت عَلى الشورى كَصالِحِ حُكمِهِم / وَعَلى حَياةِ الرَأيِ وَاِستِقلالِهِ
حَقٌّ أَعَزَّ بِكَ المُهَيمِنُ نَصرَهُ / وَالحَقُّ مَنصورٌ عَلى خُذّالِهِ
شَرُّ الحُكومَةِ أَن يُساسَ بِواحِدٍ / في المُلكِ أَقوامٌ عِدادُ رِمالِهِ
مُلكٌ تُشاطِرُهُ مَيامِنَ حالِهِ / وَتَرى بِإِذنِ اللَهِ حُسنَ مَآلِهِ
أَخَذَت حُكومَتُكَ الأَمانَ لِظَبيَهِ / في مُقفِراتِ البيدِ مِن رِئبالِهِ
مَكَّنتَ لِلدُستورِ فيهِ وَحُزتَهُ / تاجاً لِوَجهِكَ فَوقَ تاجِ جَلالِهِ
فَكَأَنَّكَ الفاروقُ في كُرسِيِّهِ / نَعِمَت شُعوبُ الأَرضِ تَحتَ ظِلالِهِ
أَو أَنتَ مِثلُ أَبي تُرابٍ يُتَّقى / وَيَهابُهُ الأَملاكُ في أَسمالِهِ
عَهدُ النَبِيِّ هُوَ السَماحَةُ وَالرِضى / بِمُحَمَّدٍ أَولى وَسَمحِ خِلالِهِ
بِالحَقِّ يَحمِلُهُ الإِمامُ وَبِالهُدى / في حاضِرِ الدُستورِ وَاِستِقبالِهِ
يابنَ الخَواقينِ الثَلاثينَ الأُلى / قَد جَمَّلوا الإِسلامَ فَوقَ جَمالِهِ
المُبلِغينَ الدينَ ذُروَةَ سَعدِهِ / الرافِعينَ المُلكَ أَوجَ كَمالِهِ
الموطِئينَ مِنَ المَمالِكِ خَيلَهُم / ما لَم يَفُز إِسكَندَرٌ بِوِصالِهِ
في عَدلِ فاتِحِهِم وَقانونِيِّهِم / ما يَحتَذي الخُلَفاءُ حَذوَ مِثالِهِ
أَمّا الخِلافَةُ فَهيَ حائِطُ بَيتِكُم / حَتّى يُبينَ الحَشرُ عَن أَهوالِهِ
أُخِذَت بِحَدِّ المَشرَفِيِّ وَحازَها / لَكُمُ القَنا بِقِصارِهِ وَطِوالِهِ
لا تَسمَعوا لِلمُرجِفينَ وَجَهلِهِم / فَمُصيبَةُ الإِسلامِ مِن جُهّالِهِ
طَمَعُ القَريبِ أَوِ البَعيدِ بِنَيلِها / طَمَعُ الفَتى مِن دَهرِهِ بِمَحالِهِ
ما الذِئبُ مُجتَرِئاً عَلى لَيثِ الشَرى / في الغالِبِ مُعتَدِياً عَلى أَشبالِهِ
بِأَضَلَّ عَقلاً وَهيَ في أَيمانِكُم / مِمَّن يُحاوِلُ أَخذَها بِشِمالِهِ
رَضِيَ المُهَيمِنُ وَالمَسيحُ وَأَحمَدٌ / عَن جَيشِكَ الفادي وَعَن أَبطالِهِ
الهازِئينَ مِنَ الثَرى بِسُهولِهِ / الدائِسينَ عَلى رُؤوسِ جِبالِهِ
القاتِلينَ عَدُوَّهَم في حِصنِهِ / بِالرَأيِ وَالتَدبيرِ قَبلَ قِتالِهِ
الآخِذينَ الحُصنَ عَزَّ سَبيلُهُ / مِثلَ السُها أَو في اِمتِناعِ مَنالِهِ
المُعرِضينَ وَلَو بِساحَةِ يَلدِزٍ / في الحَربِ عَن عِرضِ العَدُوِّ وَمالِهِ
القارِئينَ عَلى عَلِيٍّ عِلمُها / وَعَلى الغُزاةِ المُتَّقينَ رِجالِهِ
المُلكُ زُلزِلَ في فُروقٍ ساعَةً / كانوا لَهُ الأَوتادَ في زِلزالِهِ
لَولا اِنتِظامُ قُلوبِهِم كَكُفوفِهِم / لَنَثَرتُ دَمعي اليَومَ في أَطلالِهِ
وَالمَرءُ لَيسَ بِصادِقٍ في قَولِهِ / حَتّى يُؤَيِّدَ قَولَهُ بِفِعالِهِ
وَالشَعبُ إِن رامَ الحَياةَ كَبيرَةً / خاضَ الغِمارَ دَماً إِلى آمالِهِ
شُكرُ المَمالِكِ لِلسَخِيِّ بِروحِهِ / لا لِلسَخِيِّ بِقيلِهِ أَو قالِهِ
إيهٍ فُروقُ الحُسنِ نَجوى هائِمٍ / يَسمو إِلَيكَ بِجَدِّهِ وَبِخالِهِ
أَخرَجتِ لِلعُربِ الفِصاحِ بَيانَهُ / قَبَساً يُضيءُ الشَرقَ مِثلَ كَمالِهِ
لَم تُكثِرِ الحَمراءُ مِن نُظَرائِهِ / نَسلاً وَلا بَغدادُ مِن أَمثالِهِ
جَعَلَ الإِلَهُ خَيالَهُ قَيسَ الهَوى / وَجُعِلتِ لَيلى فِتنَةً لِخَيالِهِ
في كُلِّ عامٍ أَنتِ نُزهَةُ روحِهِ / وَنَعيمُ مُهجَتِهِ وَراحَةُ بالِهِ
يَغشاكِ قَد حَنَّت إِلَيكِ مَطِيُّهُ / وَيَؤوبُ وَالأَشواقُ مِلءُ رِحالِهِ
أَفراحُهُ لَمّا رَآكِ طَليقَةً / أَفراحُ يوسُفَ يَومَ حَلِّ عِقالِهِ
وَسُرورُهُ بِكِ مِن قُيودِكِ حُرَّةً / كَسُرورِ قَيسٍ بِاِنفِلاتِ غَزالِهِ
اللَهُ صاغَكِ جَنَّتَينِ لِخَلقِهِ / مَحفوفَتَينِ بِأَنعُمٍ لِعِيالِهِ
لَو أَنَّ لِلَّهِ اِتِّخاذَ خَميلَةٍ / ما اِختارَ غَيرَكَ رَوضَةً لِجَلالِهِ
فَكَأَنَّما الصِفَتانِ في حُسنَيهِما / ديباجَتا خَدٍّ يَتيهُ بِخالِهِ
وَكَأَنَّما البُوسفورُ حَوضُ مُحَمَّدٍ / وَسَطَ الجِنانِ وَهُنَّ في إِجلالِهِ
وَكَأَنَّ شاهِقَةَ القُصورِ حِيالَهُ / حُجُراتُ طَهَ في الجِنانِ وَآلِهِ
وَكَأَنَّ عيدَكِ عيدُها لَمّا مَشى / فيها البَشيرُ بِبِشرِهِ وَجَمالِهِ
تيهي بِعيدِكِ في المَمالِكِ وَاِسلَمي / في السِلمِ لِلآلافِ مِن أَمثالِهِ
وَاِستَقبِلي عَهدَ الرَشادِ مُجَمَّلاً / بِمَحاسِنِ الدُستورِ في اِستِهلالِهِ
دارُ السَعادَةِ أَنتِ ذَلِكَ بابُها / شُلَّت يَدٌ مُدَّت إِلى إِقفالِهِ
أَيّامُكُم أَم عَهدُ إِسماعيلا
أَيّامُكُم أَم عَهدُ إِسماعيلا / أَم أَنتَ فِرعَونٌ يَسوسُ النيلا
أَم حاكِمٌ في أَرضِ مِصرَ بِأَمرِهِ / لا سائِلاً أَبَداً وَلا مَسؤولا
يا مالِكاً رِقَّ الرِقابِ بِبَأسِهِ / هَلّا اِتَّخَذتَ إِلى القُلوبِ سَبيلا
لَمّا رَحَلتَ عَنِ البِلادِ تَشَهَّدَت / فَكَأَنَّكَ الداءُ العَياءُ رَحيلا
أَوسَعتَنا يَومَ الوَداعِ إِهانَةً / أَدَبٌ لَعَمرُكَ لا يُصيبُ مَثيلا
هَلّا بَدا لَكَ أَن تُجامِلَ بَعدَ ما / صاغَ الرَئيسُ لَكَ الثَنا إِكليلا
اُنظُر إِلى أَدَبِ الرَئيسِ وَلُطفِهِ / تَجِدِ الرَئيسَ مُهَذَّباً وَنَبيلا
في مَلعَبٍ لِلمُضحِكاتِ مُشَيَّدٍ / مَثَّلتَ فيهِ المُبكِياتِ فُصولا
شَهِدَ الحُسَينُ عَلَيهِ لَعنَ أُصولِهِ / وَيُصَدَّرُ الأَعمى بِهِ تَطفيلا
جُبنٌ أَقَلَّ وَحَطَّ مِن قَدرَيهِما / وَالمَرءُ إِن يَجبُن يَعِش مَرذولا
لَمّا ذَكَرتُ بِهِ البِلادَ وَأَهلَها / مَثَّلتَ دَورَ مَماتِها تَمثيلا
أَنذَرتَنا رِقّاً يَدومُ وَذِلَّةً / تَبقى رِحالاً لا تَرى تَحويلا
أَحَسِبتَ أَنَّ اللَهَ دونَكَ قُدرَةً / لا يَملُكُ التَغييرَ وَالتَبديلا
اللَهُ يَحكُمُ في المُلوكِ وَلَم تَكُن / دُوَلٌ تُنازِعُهُ القُوى لِتَدولا
فِرعَونُ قَبلَكَ كانَ أَعظَمَ سَطوَةً / وَأَعَزَّ بَينَ العالَمينَ قَبيلا
اليَومَ أَخلَفَتِ الوُعودَ حُكومَةٌ / كُنّا نَظُنُّ عُهودَها الإِنجيلا
دَخَلَت عَلى حُكمِ الوِدادِ وَشَرعِهِ / مِصراً فَكانَت كَالسُلالِ دُخولا
هَدَمَت مَعالِمَها وَهَدَّت رُكنَها / وَأَضاعَتِ اِستِقلالَها المَأمولا
قالوا جَلَبتَ لَنا الرَفاهَةَ وَالغِنى / جَحَدوا الإِلَهَ وَصُنعَهُ وَالنيلا
كَم مِنَّةٍ مَوهومَةٍ أَتبَعتَها / مِنّا عَلى الفَطِنِ الخَبيرِ ثَقيلا
في كُلِّ تَقريرٍ تَقولُ خَلَقتُكُم / أَفَهَل تَرى تَقريرَكَ التَنزيلا
هَل مِن نَداكَ عَلى المَدارِسِ أَنَّها / تَذَرُ العُلومَ وَتَأخُذُ الفُوتبولا
أَم مِن صِيانَتِكَ القَضاءَ بِمِصرَ أَن / تَأتي بِقاضي دِنشِوايَ وَكيلا
أَم هَل يَعُدُّ لَكَ الإِضاعَةَ مِنَّةً / جَيشٌ كَجَيشِ الهِندِ باتَ ذَليلا
اُنظُر إِلى فِتيانِهِ ما شَأنُهُم / أَوَ لَيسَ شَأناً في الجُيوشِ ضَئيلا
حَرَّمتُهُم أَن يَبلُغوا رُتَبَ العُلا / وَرَفَعتَ قَومَكَ فَوقَهُم تَفضيلا
فَإِذا تَطَلَّعَتِ الجُيوشُ وَأَمَّلَت / مُستَقبَلاً لا يَملِكوا التَأميلا
مِن بَعدِ ما زَفّوا لِإِدوَردَ العُلا / فَتحاً عَريضاً في البِلادِ طَويلا
لَو كُنتُ مِن جُمرِ الثِيابِ عَبَدتُكُم / مِن دونِ عيسى مُحسِناً وَمُنيلا
أَو كُنتُ بَعضَ الإِنكِليزَ قَبِلتُكُم / مَلِكاً أُقَطِّعُ كَفَّهُ تَقبيلا
أَو كُنتُ عُضواً في الكُلوبِ مَلَأتُهُ / أَسَفاً لِفُرقَتِكُم بُكاً وَعَويلا
أَو كُنتُ قِسّيساً يَهيمُ مُبَشِّراً / رَتَّلتُ آيَةَ مَدحِكُم تَرتيلا
أَو كُنتُ صَرّافاً بِلُندُنَ دائِناً / أَعطَيتُكُم عَن طيبَةٍ تَحويلا
أَو كُنتُ تَيمَسَكُم مَلَأتُ صَحائِفي / مَدحاً يُرَدَّدُ في الوَرى مَوصولا
أَو كُنتُ في مِصرٍ نَزيلاً جاهِداً / سَبَّحتُ بِاِسمِكِ بُكرَةً وَأَصيلا
أَو كُنتُ سِريوناً حَلَفتُ بِأَنَّكُم / أَنتُم حَوَيتُمُ بِالقَناةِ الجيلا
ما كانَ مِن عَقَباتِها وَصِعابِها / ذَلَّلتُموهُ بِعَزمِكُم تَذليلا
عَهدُ الفِرَنجِ وَأَنتَ تَعلَمُ عَهدَهُم / لا يَبخَسونَ المُحسِنينَ فَتيلا
فَاِرحَل بِحِفظِ اللَهِ جَلَّ صَنيعُهُ / مُستَعفِياً إِن شِئتَ أَو مَعزولا
وَاِحمِل بِساقِكَ رَبطَةً في لُندُنٍ / وَاِخلِف هُناكَ غِرايَ أَو كَمبيلا
أَو شاطِرِ المُلكَ العَظيمَ بِلادَهُ / وَسُسِ المَمالِكَ عَرضَها وَالطولا
إِنّا تَمَنَّينا عَلى اللَهِ المُنى / وَاللَهُ كانَ بِنَيلِهِنَّ كَفيلا
مَن سَبَّ دينَ مُحَمَّدٍ فَمُحَمَّدٌ / مُتَمَكِّنٌ عَنّا الإِلَهُ رَسولا
صَدّاحُ يا مَلِكَ الكَنا
صَدّاحُ يا مَلِكَ الكَنا / رِ وَيا أَميرَ البُلبُلِ
قَد فُزتُ مِنكَ بِمَعبَدٍ / وَرُزِقتُ قُربَ الموصِلي
وَأُتيحَ لي داودُ مِز / ماراً وَحُسنَ تَرَتُّلِ
فَوقَ الأَسِرَّةِ وَالمَنا / بِرِ قَطُّ لَم تَتَرَجَّلِ
تَهتَزُّ كَالدينارِ في / مُرتَجِّ لَحظِ الأَحوَلِ
وَإِذا خَطَرتَ عَلى المَلا / عِبِ لَم تَدَع لِمُمَثِّلِ
وَلَكَ اِبتِداءاتُ الفَرَز / دَقِ في مَقاطِعِ جَروَلِ
وَلَقَد تَخِذتَ مِنَ الضُحى / صُفرَ الغَلائِلِ وَالحَلي
وَرَوَيتَ في بيضِ القَلا / نِسِ عَن عَذارى الهَيكَلِ
يا لَيتَ شِعرِيَ يا أَسي / رُ شَجٍ فُؤادُكَ أَم خَلي
وَحَليفُ سُهدٍ أَم تَنا / مُ اللَيلَ حَتّى يَنجَلي
بِالرُغمِ مِنّي ما تُعا / لِجُ في النُحاسِ المُقفَلِ
حِرصي عَلَيكَ هَوىً وَمَن / يُحرِز ثَميناً يَبخَلِ
وَالشُحُّ تُحدِثُهُ الضَرو / رَةُ في الجَوادِ المُجزِلِ
أَنا إِن جَعَلتُكَ في نُضا / رٍ بِالحَريرِ مُجَلَّلِ
وَلَفَفتُهُ في سَوسَنٍ / وَحَفَفتُهُ بِقُرُنفُلِ
وَحَرَقتُ أَزكى العودِ حَو / لَيهِ وَأَغلى الصَدنَلِ
وَحَمَلتُهُ فَوقَ العُيو / نِ وَفَوقَ رَأسِ الجَدوَلِ
وَدَعَوتُ كُلَّ أَغَرَّ في / مُلكِ الطُيورِ مُحَجَّلِ
فَأَتَتكَ بَينَ مُطارِحٍ / وَمُحَبِّذٍ وَمُدَلِّلِ
وَأَمَرتَ بِاِبني فَاِلتَقا / كَ بِوَجهِهِ المُتَهَلِّلِ
بِيَمينِهِ فالوذَجٌ / لَم يُهدَ لِلمُتَوَكِّلِ
وَزُجاجَةٌ مِن فِضَّةٍ / مَملوءَةٌ مِن سَلسَلِ
ما كُنتُ يا صَدّاحُ عِن / دَكَ بِالكَريمِ المُفضَلِ
شَهدُ الحَياةِ مَشوبَةً / بِالرِقِّ مِثلُ الحَنظَلِ
وَالقَيدُ لَو كانَ الجُما / نُ مُنَظَّماً لَم يُحمَلِ
يا طَيرُ لَولا أَن يَقو / لوا جُنَّ قُلتُ تَعَقَّلِ
اِسمَع فَرُبَّ مُفَصِّلٍ / لَكَ لَم يُفِدكَ كَمُجمِلِ
صَبراً لِما تَشقى بِهِ / أَو ما بَدا لَكَ فَاِفعَلِ
أَنتَ اِبنُ رَأيٍ لِلطَبي / عَةِ فيكَ غَيرِ مُبَدَّلِ
أَبَداً مَروعٌ بِالإِسا / رِ مُهَدَّدٌ بِالمَقتَلِ
إِن طِرتَ عَن كَنَفي وَقَع / تَ عَلى النُسورِ الجُهَّلِ
يا طَيرُ وَالأَمثالُ تُض / رَبُ لِلَّبيبِ الأَمثَلِ
دُنياكَ مِن عاداتِها / أَلّا تَكونَ لِأَعزَلِ
أَو لِلغَبِيِّ وَإِن تَعَل / لَلَ بِالزَمانِ المُقبِلِ
جُعِلَت لِحُرٍّ يُبتَلى / في ذي الحَياةِ وَيَبتَلي
يَرمي وَيُرمى في جِها / دِ العَيشِ غَيرَ مُغَفَّلِ
مُستَجمِعٍ كَاللَيثِ إِن / يُجهَل عَلَيهِ يَجهَلِ
أَسَمِعتَ بِالحَكَمَينِ في ال / إِسلامِ يَومَ الجَندَلِ
في الفِتنَةِ الكُبرى وَلَو / لا حِكمَةٌ لَم تُشعَلِ
رَضِيَ الصَحابَةُ يَومَ ذَ / لِكَ بِالكِتابِ المُنزَلِ
وَهُمُ المَصابيحُ الرُوا / ةُ عَنِ النَبِيِّ المُرسَلِ
قالوا الكِتابُ وَقامَ كُل / لُ مُفَسِّرٍ وَمُوَوِّلِ
حَتّى إِذا وَسِعَت مُعا / وِيَةً وَضاقَ بِها عَلي
رَجَعوا لِظُلمٍ كَالطَبا / ئِعِ في النُفوسِ مُؤَصَّلِ
نَزَلوا عَلى حُكمِ القَوِي / يِ وَعِندَ رَأيِ الأَحيَلِ
صَدّاحُ حَقٌّ ما أَقو / لُ حَفِلتَ أَم لَم تَحفَلِ
جاوَرتَ أَندى رَوضَةٍ / وَحَلَلتَ أَكرَمَ مَنزِلِ
بَينَ الحَفاوَةِ مِن حُسَي / نٍ وَالرِعايَةِ مِن عَلي
وَحَنانِ آمِنَةٍ كَأُم / مِكَ في صِباكَ الأَوَّلِ
صِح بِالصَباحِ وَبَشِّرِ ال / أَبناءَ بِالمُستَقبَلِ
وَاِسأَل لِمِصرَ عِنايَةً / تَأبى وَتَهبُطُ مِن عَلِ
قُل رَبَّنا اِفتَح رَحمَةً / وَالخَيرُ مِنكَ فَأَرسِلِ
أَدرِك كِنانَتَكَ الكَري / مَةَ رَبَّنا وَتَقَبَّلِ
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا / كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي / يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ / عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ / وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً / صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا
أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً / وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا
وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً / فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا
عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا / عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا
وَاليَومَ أَصبَحَتا بِحالِ طُفولَةٍ / في العِلمِ تَلتَمِسانِهِ تَطفيلا
مِن مَشرِقِ الأَرضِ الشَموسُ تَظاهَرَت / ما بالُ مَغرِبِها عَلَيهِ أُديلا
يا أَرضُ مُذ فَقَدَ المُعَلِّمُ نَفسَهُ / بَينَ الشُموسِ وَبَينَ شَرقِكِ حيلا
ذَهَبَ الَّذينَ حَمَوا حَقيقَةَ عِلمِهِم / وَاِستَعذَبوا فيها العَذابَ وَبيلا
في عالَمٍ صَحِبَ الحَياةَ مُقَيَّداً / بِالفَردِ مَخزوماً بِهِ مَغلولا
صَرَعَتهُ دُنيا المُستَبِدِّ كَما هَوَت / مِن ضَربَةِ الشَمسِ الرُؤوسُ ذُهولا
سُقراطُ أَعطى الكَأسَ وَهيَ مَنِيَّةٌ / شَفَتَي مُحِبٍّ يَشتَهي التَقبيلا
عَرَضوا الحَياةَ عَلَيهِ وَهيَ غَباوَةٌ / فَأَبى وَآثَرَ أَن يَموتَ نَبيلا
إِنَّ الشَجاعَةَ في القُلوبِ كَثيرَةٌ / وَوَجَدتُ شُجعانَ العُقولِ قَليلا
إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَقيقَةَ عَلقَماً / لَم يُخلِ مِن أَهلِ الحَقيقَةِ جيلا
وَلَرُبَّما قَتَلَ الغَرامُ رِجالَها / قُتِلَ الغَرامُ كَمِ اِستَباحَ قَتيلا
أَوَكُلُّ مَن حامى عَنِ الحَقِّ اِقتَنى / عِندَ السَوادِ ضَغائِناً وَذُحولا
لَو كُنتُ أَعتَقِدُ الصَليبَ وَخَطبُهُ / لَأَقَمتُ مِن صَلبِ المَسيحِ دَليلا
أَمُعَلِّمي الوادي وَساسَةَ نَشئِهِ / وَالطابِعينَ شَبابَهُ المَأمولا
وَالحامِلينَ إِذا دُعوا لِيُعَلِّموا / عِبءَ الأَمانَةِ فادِحاً مَسؤولا
كانَت لَنا قَدَمٌ إِلَيهِ خَفيفَةٌ / وَرِمَت بِدَنلوبٍ فَكانَ الفيلا
حَتّى رَأَينا مِصرَ تَخطو إِصبَعاً / في العِلمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا
تِلكَ الكُفورُ وَحَشوُها أُمِّيَّةٌ / مِن عَهدِ خوفو لا تَرَ القِنديلا
تَجِدُ الَّذينَ بَنى المِسَلَّةَ جَدُّهُم / لا يُحسِنونَ لِإِبرَةٍ تَشكيلا
وَيُدَلَّلونَ إِذا أُريدَ قِيادُهُم / كَالبُهمِ تَأنَسُ إِذ تَرى التَدليلا
يَتلو الرِجالُ عَلَيهُمُ شَهَواتِهِم / فَالناجِحونَ أَلَدُّهُم تَرتيلا
الجَهلُ لا تَحيا عَلَيهِ جَماعَةٌ / كَيفَ الحَياةُ عَلى يَدَي عِزريلا
وَاللَهِ لَولا أَلسُنٌ وَقَرائِحٌ / دارَت عَلى فِطَنِ الشَبابِ شَمولا
وَتَعَهَّدَت مِن أَربَعينَ نُفوسَهُم / تَغزو القُنوطَ وَتَغرِسُ التَأميلا
عَرَفَت مَواضِعَ جَدبِهِم فَتَتابَعَت / كَالعَينِ فَيضاً وَالغَمامِ مَسيلا
تُسدي الجَميلَ إِلى البِلادِ وَتَستَحي / مِن أَن تُكافَأَ بِالثَناءِ جَميلا
ما كانَ دَنلوبٌ وَلا تَعليمُهُ / عِندَ الشَدائِدِ يُغنِيانِ فَتيلا
رَبّوا عَلى الإِنصافِ فِتيانَ الحِمى / تَجِدوهُمُ كَهفَ الحُقوقِ كُهولا
فَهوَ الَّذي يَبني الطِباعَ قَويمَةً / وَهوَ الَّذي يَبني النُفوسَ عُدولا
وَيُقيمُ مَنطِقَ كُلِّ أَعوَجِ مَنطِقٍ / وَيُريهِ رَأياً في الأُمورِ أَصيلا
وَإِذا المُعَلِّمُ لَم يَكُن عَدلاً مَشى / روحُ العَدالَةِ في الشَبابِ ضَئيلا
وَإِذا المُعَلِّمُ ساءَ لَحظَ بَصيرَةٍ / جاءَت عَلى يَدِهِ البَصائِرُ حولا
وَإِذا أَتى الإِرشادُ مِن سَبَبِ الهَوى / وَمِنَ الغُرورِ فَسَمِّهِ التَضليلا
وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم / فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا
إِنّي لَأَعذُرُكُم وَأَحسَبُ عِبئَكُم / مِن بَينِ أَعباءِ الرِجالِ ثَقيلا
وَجَدَ المُساعِدَ غَيرُكُم وَحُرِمتُمُ / في مِصرَ عَونَ الأُمَّهاتِ جَليلا
وَإِذا النِساءُ نَشَأنَ في أُمِّيَّةً / رَضَعَ الرِجالُ جَهالَةً وَخُمولا
لَيسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن / هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا
فَأَصابَ بِالدُنيا الحَكيمَةِ مِنهُما / وَبِحُسنِ تَربِيَةِ الزَمانِ بَديلا
إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ / أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا
مِصرٌ إِذا ما راجَعَت أَيّامَها / لَم تَلقَ لِلسَبتِ العَظيمِ مَثيلا
البَرلَمانُ غَداً يُمَدُّ رُواقُهُ / ظِلّاً عَلى الوادي السَعيدِ ظَليلا
نَرجو إِذا التَعليمُ حَرَّكَ شَجوَهُ / أَلّا يَكونَ عَلى البِلادِ بَخيلا
قُل لِلشَبابِ اليَومَ بورِكَ غَرسُكُم / دَنَتِ القُطوفُ وَذُلِّلَت تَذليلا
حَيّوا مِنَ الشُهَداءِ كُلَّ مُغَيَّبٍ / وَضَعوا عَلى أَحجارِهِ إِكليلا
لِيَكونَ حَظُّ الحَيِّ مِن شُكرانِكُم / جَمّاً وَحَظُّ المَيتِ مِنهُ جَزيلا
لا يَلمَسُ الدُستورُ فيكُم روحَهُ / حَتّى يَرى جُندِيَّهُ المَجهولا
ناشَدتُكُم تِلكَ الدِماءَ زَكِيَّةً / لا تَبعَثوا لِلبَرلَمانِ جَهولا
فَليَسأَلَنَّ عَنِ الأَرائِكِ سائِلٌ / أَحَمَلنَ فَضلاً أَم حَمَلنَ فُضولا
إِن أَنتَ أَطلَعتَ المُمَثِّلَ ناقِصاً / لَم تَلقَ عِندَ كَمالِهِ التَمثيلا
فَاِدعوا لَها أَهلَ الأَمانَةِ وَاِجعَلوا / لِأولى البَصائِرِ مِنهُمُ التَفضيلا
إِنَّ المُقَصِّرَ قَد يَحولُ وَلَن تَرى / لِجَهالَةِ الطَبعِ الغَبِيِّ مُحيلا
فَلَرُبَّ قَولٍ في الرِجالِ سَمِعتُمُ / ثُمَّ اِنقَضى فَكَأَنَّهُ ما قيلا
وَلَكَم نَصَرتُم بِالكَرامَةِ وَالهَوى / مَن كانَ عِندَكُمُ هُوَ المَخذولا
كَرَمٌ وَصَفحٌ في الشَبابِ وَطالَما / كَرُمَ الشَبابُ شَمائِلاً وَمُيولا
قوموا اِجمَعوا شَعبَ الأُبُوَّةِ وَاِرفَعوا / صَوتَ الشَبابِ مُحَبَّباً مَقبولا
ما أَبعَدَ الغاياتِ إِلّا أَنَّني / أَجِدُ الثَباتَ لَكُم بِهِنَّ كَفيلا
فَكِلوا إِلى اللَهِ النَجاحَ وَثابِروا / فَاللَهُ خَيرٌ كافِلاً وَوَكيلا
العامُ أَقبَلَ قُم نُحَيِّ هِلالا
العامُ أَقبَلَ قُم نُحَيِّ هِلالا / كَالتاجِ في هامِ الوُجودِ جَلالا
طُغرى كِتابِ الكائِناتِ لِقارِئٍ / يَزِنُ الكَلامَ وَيَقدُرُ الأَقوالا
مَلَكَ السَماءَ فَكانَ في كُرسِيِّهِ / بَينَ المَلائِكِ وَالمُلوكِ مِثالا
تَتَنافَسُ الآمالُ فيهِ كَأَنَّهُ / ثَغرُ العِنايَةِ ضاحَكَ الآمالا
وَالشَمسُ تُزلِفُ عيدَها وَتَزُفُّهُ / بُشرى بِمَطلَعِهِ السَعيدِ وَفالا
عيدُ المَسيحِ وَعيدُ أَحمَدَ أَقبَلا / يَتَبارَيانِ وَضاءَةً وَجَمالا
ميلادُ إِحسانٍ وَهِجرَةُ سُؤدَدٍ / قَد غَيَّرا وَجهَ البَسيطَةِ حالا
قُم لِلهِلالِ قِيامَ مُحتَفِلٍ بِهِ / أَثنى وَبالَغَ في الثَناءِ وَغالى
نورُ السَبيلِ هَدى لِكُلِّ فَضيلَةٍ / يَهدي الحَكيمُ لَها وَسَنَّ خِلالا
ما بَينَ مَولِدِهِ وَبَينَ بُلوغِهِ / مَلَأَ الحَياةَ مَآثِراً وَفِعالا
مُتَواضِعٌ وَاللَهُ شَرَّفَ قَدرَهُ / بِالشَمسِ نِدّاً وَالكَواكِبِ آلا
مُتَوَدِّدٌ عِندَ الكَمالِ تَخالُهُ / في راحَتَيكَ وَعَزَّ ذاكَ مَنالا
وافٍ لِجارَةِ بَيتِهِ يَرعى لَها / عَهدَ السَمَوأَلِ عُروَةٌ وَحِبالا
عَونُ السُراةِ عَلى تَصاريفِ النَوى / أَمِنوا عَلَيهِ وَحشَةً وَضَلالا
وَيُصانُ مِن سِرِّ الصَبابَةِ عِندَهُ / ما باتَ عِندَ الأَكثَرينَ مُذالا
وَيُشَكُّ فيهِ فَلا يُكَلِّفُ نَفسَهُ / غَيرَ التَرَفُّعِ وَالوَقارِ نِضالا
ساءَت ظُنونُ الناسِ حَتّى أَحدَثوا / لِلشَكِّ في النورِ المُبينِ مَجالا
وَالظَنُّ يَأخُذُ في ضَميرِكَ مَأخَذاً / حَتّى يُريكَ المُستَقيمَ مُحالا
وَمِنَ العَجائِبِ عِندَ قِمَّةِ مَجدِهِ / رامَ المَزيدَ فَجَدَّ فيهِ فَنالا
يَطوي إِلى الأَوجِ السَماواتِ العُلا / وَيَشُدُّ في طَلَبِ الكَمالِ رِحالا
وَيَفُلُّ مِن هوجِ الرِياحِ عَزائِماً / وَيَدُكُّ مِن مَوجِ البِحارِ جِبالا
وَيُضيءُ أَثناءَ الخَمائِلِ وَالرُبى / حَتّى تَرى أَسحارَها آصالا
وَيَجولُ في زُهرِ الرِياضِ كَأَنَّهُ / صَيبُ الرَبيعِ مَشى بِهِنَّ وَجالا
أُمَمَ الهِلالِ مَقالَةً مِن صادِقٍ / وَالصِدقُ أَليَقُ بِالرِجالِ مَقالا
مُتَلَطِّفٍ في النُصحِ غَيرِ مُجادِلٍ / وَالنُصحُ أَضيَعُ ما يَكونُ جِدالا
مِن عادَةِ الإِسلامِ يَرفَعُ عامِلاً / وَيُسَوِّدُ المِقدامَ وَالفَعّالا
ظَلَمَتهُ أَلسِنَةٌ تُؤاخِذُهُ بِكُم / وَظَلَمتُموهُ مُفَرِّطينَ كَسالى
هَذا هِلالُكُمُ تَكَفَّلَ بِالهُدى / هَل تَعلَمونَ مَعَ الهِلالِ ضَلالا
سَرَتِ الحَضارَةُ حُقبَةً في ضَوئِهِ / وَمَشى الزَمانُ بِنورِهِ مُختالا
وَبَنى لَهُ العَرَبُ الأَجاوِدُ دَولَةً / كَالشَمسِ عَرشاً وَالنُجومِ رِجالا
رَفَعوا لَهُ فَوقَ السِماكِ دَعائِماً / مِن عِلمِهِم وَمِنَ البَيانِ طِوالا
اللَهُ جَلَّ ثَناؤُهُ بِلِسانِهِم / خَلَقَ البَيانَ وَعَلَّمَ الأَمثالا
وَتَخَيَّرَ الأَخلاقَ أَحسَنَها لَهُم / وَمَكارِمُ الأَخلاقِ مِنهُ تَعالى
كَالرُسلِ عَزماً وَالمَلائِكِ رَحمَةً / وَالأُسدِ بَأساً وَالغُيوثِ نَوالا
عَدَلوا فَكانوا الغَيثَ وَقعاً كُلَّما / ذَهَبوا يَميناً في الوَرى وَشَمالا
وَالعَدلُ في الدُولاتِ أُسٌّ ثابِتٌ / يُفني الزَمانَ وَيُنفِدُ الأَجيالا
أَيّامَ كانَ الناسُ في جَهَلاتِهِم / مِثلَ البَهائِمِ أُرسِلَت إِرسالا
مِن جَهلِهِم بِالدينِ وَالدُنيا مَعاً / عَبَدوا الأَصَمَّ وَأَلَّهوا التِمثالا
ضَلّوا عُقولاً بَعدَ عِرفانِ الهُدى / وَالعَقلُ إِن هُوَ ضَلَّ كانَ عِقالا
حَتّى إِذا اِنقَسَموا تَقَوَّضَ مُلكُهُم / وَالمُلكُ إِن بَطُلَ التَعاوُنُ زالا
لَو أَنَّ أَبطالَ الحُروبِ تَفَرَّقوا / غَلَبَ الجَبانُ عَلى القَنا الأَبطالا
مَحجوبُ إِن جِئتَ الحِجا
مَحجوبُ إِن جِئتَ الحِجا / زَ وَفي جَوانِحِكَ الهَوى لَه
شَوقاً وَحُبّاً بِالرَسو / لِ وَآلِهِ أَزكى سُلالَه
فَلَمَحتَ نَضرَةَ بانِهِ / وَشَمَمتَ كَالرَيحانِ ضالَه
وَعَلى العَتيقِ مَشَيتَ تَن / ظُرُ فيهِ دَمعَكَ وَاِنهِمالَه
وَمَضى السُرى بِكَ حَيثُ كا / نَ الروحُ يَسري وَالرِسالَه
وَبَلَغتَ بَيتاً بِالحِجا / زِ يُبارِكُ الباري حِيالَه
اللَهُ فيهِ جَلا الحَرا / مَ لِخَلقِهِ وَجَلا حَلالَه
فَهُناكَ طِبُّ الروحِ طِب / بُ العالَمينَ مِنَ الجَهالَه
وَهُناكَ أَطلالُ الفَصا / حَةِ وَالبَلاغَةِ وَالنَبالَه
وَهُناكَ أَزكى مَسجِدٍ / أَزكى البَرِيَّةِ قَد مَشى لَه
وَهُناكَ عُذرِيُّ الهَوى / وَحَديثُ قَيسٍ وَالغَزالَه
وَهُناكَ مُجري الخَيلِ يَج / ري في أَعِنَّتِها خَيالَه
وَهُناكَ مَن جَمَعَ السَما / حَةَ وَالرَجاحَةَ وَالبَسالَه
وَهُناكَ خَيَّمَتِ النُهى / وَالعِلمُ قَد أَلقى رِحالَه
وَهُناكَ سَرحُ حَضارَةٍ / اللَهُ فَيَّأَنا ظِلالَه
إِنَّ الحُسَينَ اِبنَ الحُسَي / نِ أَميرَ مَكَّةَ وَالإِيالَه
قَمَرُ الحَجيجِ إِذا بَدا / دارُ الحَجيجِ عَلَيهِ هالَه
أَنتَ العَليلُ فَلُذ بِهِ / مُستَشفِياً وَاِغنَم نَوالَه
لا طِبَّ إِلّا جَدُّهُ / شافي العُقولِ مِنَ الضَلالَه
قَبِّل ثَراهُ وَقُل لَهُ / عَنّي وَبالِغ في المَقالَه
أَنا يا اِبنَ أَحمَدَ بَعدَ مَد / حي في أَبيكَ بِخَيرِ حالَه
أَنا في حِمى الهادي أَبي / كَ أُحِبُّهُ وَأُجِلُّ آلَه
شَوقي إِلَيكَ عَلى النَوى / شَوقُ الضَريرِ إِلى الغَزالَه
يا اِبنَ المُلوكِ الراشِدي / نَ الصالِحينَ أُلي العَدالَه
إِن كانَ بِالمُلكِ الجَلا / لَةُ فَالنَبِيُّ لَكُم جَلالَه
أَوَلَيسَ جَدُّكُمُ الَّذي / بَلَغَ الوُجودَ بِهِ كَمالَه
اُنظُر إِلى الأَقمارِ كَيفَ تَزولُ
اُنظُر إِلى الأَقمارِ كَيفَ تَزولُ / وَإِلى وُجوهِ السَعدِ كَيفَ تَحولُ
وَإِلى الجِبالِ الشُمِّ كَيفَ يُميلُها / عادي الرَدى بِإِشارَةٍ فَتَميلُ
وَإِلى الرِياحِ تَخِرُّ دونَ قَرارِها / صَرعى عَلَيهِنَّ التُرابُ مَهيلُ
وَإِلى النُسورِ تَقاسَرَت أَعمارُها / وَالعَهدُ في عُمرِ النُسورِ يَطولُ
في كُلِّ مَنزِلَةٍ وَكُلِّ سَمِيَّةٍ / قَمَرٌ مِنَ الغُرِّ السُماةِ قَتيلُ
يَهوي القَضاءُ بِها فَما مِن عاصِمٍ / هَيهاتَ لَيسَ مِنَ القَضاءِ مُقيلُ
فَتحُ السَماءِ وَنورُها سَكَنا الثَرى / فَالأَرضُ وَلهى وَالسَماءُ ثَكولُ
سِر في الهَواءِ وَلُذ بِناصِيَةِ السُها / المَوتُ لا يَخفى عَلَيهِ سَبيلُ
وَاِركَب جَناحَ النَسرِ لا يَعصِمكَ مِن / نَسرٍ يُرَفرِفُ فيهِ عِزرائيلُ
وَلِكُلِّ نَفسٍ ساعَةٌ مَن لَم يَمُت / فيها عَزيزاً ماتَ وَهوَ ذَليلُ
أَإِلى الحَياةِ سَكَنتَ وَهيَ مَصارِعٌ / وَإِلى الأَماني يَسكَنُ المَسلولُ
لا تَحفَلَنَّ بِبُؤسِها وَنَعيمِها / نُعمى الحَياةِ وَبُؤسُها تَضليلُ
ما بَينَ نَضرَتِها وَبَينَ ذُبولِها / عُمرُ الوُرودِ وَإِنَّهُ لَقَليلُ
هَذا بَشيرُ الأَمسِ أَصبَحَ ناعِياً / كَالحُلمِ جاءَ بِضِدِّهِ التَأويلُ
يَجري مِنَ العَبَراتِ حَولَ حَديثِهِ / ما كانَ مِن فَرَحٍ عَلَيهِ يَسيلُ
وَلَرُبَّ أَعراسٍ خَبَأنَ مَأتَماً / كَالرُقطِ في ظِلِّ الرِياضِ تَقيلُ
يا أَيُّها الشُهَداءُ لَن يُنسى لَكُم / فَتحٌ أَغَرُّ عَلى السَماءِ جَميلُ
وَالمَجدُ في الدُنيا لِأَوَّلِ مُبتَنٍ / وَلِمَن شُيِّدَ بَعدَهُ فَيُطيلُ
لَولا نُفوسٌ زُلنَ في سُبُلِ العُلا / لَم يَهدِ فيها السالِكينَ دَليلُ
وَالناسُ باذِلُ روحِهِ أَو مالِهِ / أَو عِلمِهِ وَالآخَرونَ فُضولُ
وَالنَصرُ غُرَّتُهُ الطَلائِعُ في الوَغى / وَالتابِعونَ مِنَ الخَميسِ حُجولُ
كَم أَلفُ ميلٍ نَحوَ مِصرَ قَطَعتُم / فيمَ الوُقوفُ وَدونَ مِصرٍ ميلُ
طوروسُ تَحتَكِمُ ضَئيلٌ طَرفُهُ / لَمّا طَلَعتُم في السَحابِ كَليلُ
تَرخونَ لِلريحِ العِنانَ وَإِنَّها / لَكُم عَلى طُغيانِها لَذَلولُ
اِثنَينِ اِثرَ اِثنَينِ لَم يَخطُر لَكُم / أَنَّ المَنِيَّةَ ثالِثٌ وَزَميلُ
وَمِنَ العَجائِبِ في زَمانِكَ أَن يَفي / لَكَ في الحَياةِ وَفي المَماتِ خَليلُ
لَو كانَ يُفدى هالِكٌ لَفَداكُمُ / في الجَوِّ نَسرٌ بِالحَياةِ بَخيلُ
أَيُّ الغُزاةِ أُلي الشَهادَةِ قَبلَكُم / عَرضُ السَماءِ ضَريحُهُم وَالطولُ
يَغدو عَلَيكُم بِالتَحِيَّةِ أَهلُها / وَيُرَفرِفُ التَسبيحُ وَالتَهليلُ
إِدريسُ فَوقَ يَمينِهِ رَيحانَةٌ / وَيَسوعُ فَوقَ يَمينهِ إِكليلُ
في عالَمٍ سُكّانُهُ أَنفاسُهُم / طيبٌ وَهَمسُ حَديثِهِم إِنجيلُ
إِنّي أَخافُ عَلى السَماءِ مِنَ الأَذى / في يَومِ يُفسِدُ في السَماءِ الجيلُ
كانَت مُطَهَّرَةَ الأَديمِ نَقِيَّةً / لا آدَمٌ فيها وَلا قابيلُ
يَتَوَجَّهُ العاني إِلى رَحَماتِها / وَيَرى بِها بَرقَ الرَجاءِ عَليلُ
وَيُشيرُ بِالرَأسِ المُكَلَّلِ نَحوَها / شَيخٌ وَبِاللَحظِ البَريءِ بَتولُ
وَاليَومَ لِلشَهَواتِ فيها وَالهَوى / سَيلٌ وَلِلدَمِ وَالدُموعِ مَسيلُ
أَضحَت وَمِن سُفُنِ الجَواءِ طَوائِفٌ / فيها وَمِن خَيلِ الهَواءِ رَعيلُ
وَأُزيلَ هَيكَلُها المَصونُ وَسِرُّهُ / وَالدَهرُ لِلسِرِّ المَصونِ مُذيلُ
هَلِعَت دِمَشقُ وَأَقبَلَت في أَهلِها / مَلهوفَةً لَم تَدرِ كَيفَ تَقولُ
مَشَتِ الشُجونُ بِها وَعَمَّ غِياطَها / بَينَ الجَداوِلِ وَالعُيونِ ذُبولُ
في كُلِّ سَهلٍ أَنَّةٌ وَمَناحَةٌ / وَبِكُلِّ حَزنٍ رَنَّةٌ وَعَويلُ
وَكَأَنَّما نُعِيَت أُمَيَّةُ كُلُّها / لِلمَسجِدِ الأَمَوِيِّ فَهوَ طُلولُ
خَضَعَت لَكُم فيهِ الصُفوفُ وَأُزلِفَت / لَكُمُ الصَلاةُ وَقُرِّبَ التَرتيلُ
مِن كُلِّ نَعشٍ كَالثُرَيّا مَجدُهُ / في الأَرضِ عالٍ وَالسَماءِ أَصيلُ
فيهِ شَهيدٌ بِالكِتابِ مُكَفَّنٌ / بِمَدامِعِ الروحِ الأَمينِ غَسيلُ
أَعوادُهُ بَينَ الرِجالِ وَأَصلُهُ / بَينَ السُهى وَالمُشتَري مَحمولُ
يَمشي الجُنودُ بِهِ وَلَولا أَنَّهُم / أَولى بِذاكَ مَشى بِهِ جِبريلُ
حَتّى نَزَلتُم بُقعَةً فيها الهَوى / مِن قَبلُ ثاوٍ وَالسَماحُ نَزيلُ
عَظُمَت وَجَلَّ ضَريحُ يوسُفَ فَوقَها / حَتّى كَأَنَّ المَيتَ فيهِ رَسولُ
شِعري إِذا جُبتَ البِحارَ ثَلاثَةً / وَحَواكَ ظِلٌّ في فُروقَ ظَليلُ
وَتَداوَلَتكَ عِصابَةٌ عَرَبِيَّةٌ / بَينَ المَآذِنِ وَالقِلاعِ نُزولُ
وَبَلَغتَ مِن بابِ الخِلافَةِ سُدَّةً / لِسُتورِها التَمسيحُ وَالتَقبيلُ
قُل لِلإِمامِ مُحَمَّدٍ وَلِآلِهِ / صَبرُ العِظامِ عَلى العَظيمِ جَميلُ
تِلكَ الخُطوبُ وَقَد حَمَلتُم شَطرَها / ناءَ الفُراتُ بِشَطرِها وَالنيلُ
إِن تَفقِدوا الآسادَ أَو أَشبالَها / فَالغابُ مِن أَمثالِها مَأهولُ
صَبراً فَأَجرُ المُسلِمينَ وَأَجرُكُم / عِندَ الإِلَهِ وَإِنَّهُ لَجَزيلُ
يا مَن خِلافَتُهُ الرَضِيَّةُ عِصمَةٌ / لِلحَقِّ أَنتَ بِأَن يُحَقَّ كَفيلُ
وَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّ في خُلَفائِهِ / عَدلاً يُقيمُ المُلكَ حينَ يَميلُ
وَالعَدلُ يَرفَعُ لِلمَمالِكِ حائِطاً / لا الجَيشُ يَرفَعُهُ وَلا الأُسطولُ
هَذا مَقامٌ أَنتَ فيهِ مُحَمَّدٌ / وَالرِفقُ عِندَ مُحَمَّدٍ مَأمولُ
بِاللَهِ بِالإِسلامِ بِالجُرحِ الَّذي / ما اِنفَكَّ في جَنبِ الهِلالِ يَسيلُ
إِلّا حَلَلتَ عَنِ السَجينِ وَثاقَهُ / إِنَّ الوِثاقَ عَلى الأُسودِ ثَقيلُ
أَيَقولُ واشٍ أَو يُرَدِّدُ شامِتٌ / صِنديدُ بُرقَةَ موثَقٌ مَكبولُ
هُوَ مِن سُيوفِكَ أَغمَدوهُ لِريبَةٍ / ما كانَ يُغمَدُ سَيفُكَ المَسلولُ
فَاِذكُر أَميرَ المُؤمِنينَ بَلاءَهُ / وَاِستَبقِهِ إِنَّ السُيوفَ قَليلُ
ما بَينَ دَمعي المُسبَلِ
ما بَينَ دَمعي المُسبَلِ / عَهدٌ وَبَينَ ثَرى عَلي
عَهدُ البَقيعِ وَساكِني / هِ عَلى الحَيا المُتَهَدِّلِ
وَالدَمعُ مِروَحَةُ الحَزي / نِ وَراحَةُ المُتَمَلمِلِ
نَمضي وَيَلحَقُ مَن سُلا / في الغابِرينَ بِمَن سُلي
كَم مِن تُرابٍ بِالدُمو / عِ عَلى الزَمانِ مُبَلَّلِ
كَالقَبرِ ما لَم يَبلَ في / هِ مِنَ العِظامِ وَما بَلي
رَيّانُ مِن مَجدٍ يَعِز / زُ عَلى القُصورِ مُوَثَّلِ
أَمسَت جَوانِبُهُ قَرا / راً لِلنُجومِ الأُفَّلِ
وَحَديثُهُم مِسكُ النَدِي / يِ وَعَنبَرٌ في المَحفِلِ
قُل لِلنَعيِّ هَتَكتَ دَم / عَ الصابِرِ المُتَجَمِّلِ
المُلتَقي الأَحداثَ إِن / نَزَلَت كَأَن لَم تَنزِلِ
حَمَلَ الأَسى بِأَبي الفُتو / حِ عَلَيَّ ما لَم أَحمِلِ
حَتّى ذَهِلتُ وَمَن يَذُق / فَقدَ الأَحِبَّةِ يَذهَلِ
فَعَتِبتُ في رُكنِ القَضا / ءِ عَلى القَضاءِ المُنزَلِ
لَهَفي عَلى ذاكَ الشَبا / بِ وَذاكَ المُستَقبَلِ
وَعَلى المَعارِفِ إِذ خَلَت / مِن رُكنِها وَالمَوئِلِ
وَعَلى شَمائِلَ كَالرُبى / بَينَ الصَبا وَالجَدوَلِ
وَحَياءِ وَجهٍ يُؤ / ثَرُ عَن يَسوعَ المُرسَلِ
يا راوِياً تَحتَ الصَفي / حِ مِنَ الكَرى وَالجَندَلِ
وَمُسَربَلاً حُلَلَ الوِزا / رَةِ باتَ غَيرَ مُسَربَلِ
وَمُوَسَّداً حُفَرَ الثَرى / بَعدَ البِناءِ الأَطوَلِ
إِنّي اِلتَفَتُّ إِلى الشَبا / بِ الغابِرِ المُتَمَثِّلِ
وَوَقَفتُ ما بَينَ المُحَق / قَقِ فيهِ وَالمُتَخَيَّلِ
فَرَأَيتُ أَيّاماً عَجِل / نَ وَلَيتَها لَم تَعجَلِ
كانَت مُوَطَّأَةَ المِها / دِ لَنا عِذابَ المَنهَلِ
ذَهَبَت كَحُلمٍ بَيدَ أَن / نَ الحُلمَ لَم يَتَأَوَّلِ
إِذ نَحنُ في ظِلِّ الشَبا / بِ الوارِفِ المُتَهَدِلِ
جارانِ في دارِ النَوى / مُتَقابِلانِ بِمَنزِلِ
أَيكي وَأَيكُكَ ضاحِكا / نِ عَلى خَمائِلِ مونبِلي
وَالدَرسُ يَجمَعُني بِأَف / ضَلِ طالِبٍ وَمُحَصِّلِ
أَيّامَ تَبذُلُ في سَبي / لِ العِلمِ ما لَم يُبذَلِ
غَضَّ الشَبابُ فَكَيفَ كُن / تَ عَنِ الشَبابِ بِمَعزِلِ
وَإِذا دَعاكَ إِلى الهَوى / داعي الصِبا لَم تَحفِلِ
وَلَوِ اِطَّلَعتَ عَلى الحَيا / ةِ فَعَلتَ ما لَم يُفعَلِ
لَم يَدرِ إِلّا اللَهُ ما / خَبَّأَت لَكَ الدُنيا وَلي
تَجري بِنا لِمُفَتَّحٍ / بَينَ الغُيوبِ وَمُقفَلِ
حَتّى تَبَدَّلنا وَذا / كَ العَهدُ لَم يَتَبَدَّلِ
هاتيكَ أَيّامُ الشَبا / بِ المُحسِنِ المُتَفَضِّلِ
مَن فاتَهُ ظِلُّ الشَبي / بَةِ عاشَ غَيرَ مُظَلَّلِ
يا راحِلاً أَخلى الدِيا / رَ وَفَضلُهُ لَم يَرحَلِ
تَتَحَمَّلُ الآمالُ إِث / رَ شَبابِهِ المُتَحَمِّلِ
مَشَتِ الشَبيبَةُ جَحفَلاً / تَبكي لِواءَ الجَحفَلِ
فَاِنظُر سَريرَكَ هَل جَرى / فَوقَ الدُموعِ الهُطَّلِ
اللَهُ في وَطَنٍ ضَعي / فِ الرُكنِ واهي المَعقِلِ
وَأَبٍ وَراءَكَ حُزنُهُ / لِنَواكَ حُزنُ المُثكَلِ
يَهَبُ الضِياعَ العامِرا / تِ لِمَن يَرُدُّ لَهُ عَلي
لَيسَ الغَنِيُّ مِنَ البَرِيَّ / ةِ غَيرَ ذي البالِ الخَلي
وَنَجيبَةٍ بَينَ العَقا / ئِلِ هَمُّها لا يَنسَلي
دَخَلَت مَنازِلَها المَنو / نُ عَلى الجَريءِ المُشبِلِ
كَسَرَت جَناحَ مُنَعَّمٍ / وَرَمَت فُوادَ مُدَلَّلِ
فَكَأَنَّ آلَكَ مِن شَجٍ / وَمُتَيَّمٍ وَمُرَمَّلِ
آلُ الحُسَينِ بِكَربُلا / في كُربَةٍ لا تَنجَلي
خَلَعَ الشَبابَ عَلى القَنا / وَبَذَلتَهُ لِلمُعضِلِ
وَالسَيفُ أَرحَمُ قاتِلاً / مِن عِلَّةٍ في مَقتَلِ
فَاِذهَب كَما ذَهَبَ الحُسَي / نُ إِلى الجِوارِ الأَفضَلِ
فَكِلاكُما زَينُ الشَبا / بِ بِجَنَّةِ اللَهِ العَلي
شَرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً
شَرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً / وَتَلَقَّ مِن أَوطانِكَ الإِكليلا
يَهنيكَ ما أُعطيتَ مِن إِكرامِها / وَمُنِحتَ مِن عَطفِ اِبنِ إِسماعيلا
اليَومَ يَومُ السابِقينَ فَكُن فَتىً / لَم يَبغِ مِن قَصَبِ الرِهانِ بَديلا
وَإِذا جَرَيتَ مَعَ السَوابِقِ فَاِقتَحِم / غُرَراً تَسيلُ إِلى المَدى وَحُجولا
حَتّى يَراكَ الجَمعُ أَوَّلَ طالِعٍ / وَيَرَوا عَلى أَعرافِكَ المِنديلا
هَذا زَمانٌ لا تَوَسُّطَ عِندَهُ / يَبغي المُغامِرُ عالِياً وَجَليلا
كُن سابِقاً فيهِ أَوِ اِبقَ بِمَعزِلٍ / لَيسَ التَوَسُّطُ لِلنُبوغِ سَبيلا
يا قاهِرَ الغَربِ العَتيدِ مَلَأتَهُ / بِثَناءِ مِصرَ عَلى الشِفاهِ جَميلا
قَلَّبتَ فيهِ يَداً تَكادُ لِشِدَّةٍ / في البَأسِ تَرفَعُ في الفَضاءِ الفيلا
إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَديدَ وَبَأسَهُ / جَعَلَ الحَديدَ لِساعِدَيكَ ذَليلا
زَحزَحتَهُ فَتَخاذَلَت أَجلادُهُ / وَطَرَحتَهُ أَرضاً فَصَلَّ صَليلا
لِمَ لا يَلينُ لَكَ الحَديدُ وَلَم تَزَل / تَتلو عَلَيهِ وَتَقرَأُ التَنزيلا
الأَزمَةَ اِشتَدَّت وَرانَ بَلاؤُها / فَاِصدِم بِرُكنِكَ رُكنَها لِيَميلا
شَمشونُ أَنتَ وَقَد رَسَت أَركانُها / فَتَمَشَّ في أَركانِها لِتَزولا
قُل لي نُصَيرُ وَأَنتَ بَرٌّ صادِقٌ / أَحَمَلتَ إِنساناً عَلَيكَ ثَقيلا
أَحَمَلتَ دَيناً في حَياتِكَ مَرَّةً / أَحَمَلتَ يَوماً في الضُلوعِ غَليلا
أَحَمَلتَ ظُلماً مِن قَريبٍ غادِرٍ / أَو كاشِحٍ بِالأَمسِ كانَ خَليلا
أَحَمَلتَ مِنّا بِالنَهارِ مُكَرَّراً / وَاللَيلِ مِن مُسدٍ إِلَيكَ جَميلا
أَحَمَلتَ طُغيانَ اللَئيمِ إِذا اِغتَنى / أَو نالَ مِن جاهِ الأُمورِ قَليلا
أَحَمَلتَ في النادي الغَبِيِّ إِذا اِلتَقى / مِن سامِعيهِ الحَمدَ وَالتَبجيلا
تِلكَ الحَياةُ وَهَذِهِ أَثقالُها / وُزِنَ الحَديدُ بِها فَعادَ ضَئيلا
شمس النهار وأختها
شمس النهار وأختها / في الأرض منها مستظلة
هذى لدى أفق وذى / من أفق عصمتها مطلة
رام الجهول نزولها / والجهل يركب ألف زَلة
فترفعت عنه ولم / تُنزل عليه سوى المظلة
قالوا فرنسا أنذرت سلطاننا
قالوا فرنسا أنذرت سلطاننا / قطع العلائق والوعيد مهول
وتساءلوا ماذا يكون فعالها / فأجبتهم فاشودة وتزول
لك أن تلوم ولى من الأعذار / إن الهوى قَدَر من الأقدار
ما كنت أُسلم للعيون سلامتي / وأبيح حادثة الغرام وقارى
وطَر تعلَّقه الفؤاد وينقضى / والنفس ماضية مع الأوطار
يا قلب شأنك لا أمدّك في الهوى / أبدا ولا أدعوك للإقصار
أمرى وأمرك في الهوى بيد الهوى / لو أنه بيدى فككت إسارى
جَارِ الشبيبة وأنتفع بجوارها / قبل المشيب فما له من جار
مَثَل الحياة تُحَبُّ في عهد الصبا / مثَل الرياض تحب في آذار
أبدا فروق من البلاد هي المنى / ومناى منها ظبية بسوار
ممنوعة إلا الجمال بأسره / محجوبة إلا عن الأنظار
خطَواتها التقوى فلا مزهوَّة / تمشى الدلال ولا بذات نِفَار
مرت بنا فوق الخليج فأسفرت / عن جَنة وتلفتت عن نار
في نسوة يورِدن من شِئن الردى / نظَرا ولا ينظرن في الإِصدار
عارضتُهن وبين قلبي والهوى / أمر أحاول كتمه وأداري
وسالت ما شغل الملائك بالثرى / فأجبن عيد خليفة المختار
صبحَ الجلوس جلتك أشرف ليلة / وجلوت للدنيا أجل نهار
الملك بينهما بأيمن طالع / والدين بينهما بخير منار
تاب الزمان إليه عن أحداثه / بفتى على أحداثه جبار
عمر الأمانة لا تراه غافلا / عن حرمة أو نائما عن ثار
عش يا أمير المؤمنين لأمة / ترضاك في الإعلان والإسرار
لو كان يجلس في الجوارح مالك / لجلست في الأسماع والأبصار
إن الذي جعل الخلافة هالة / قد زانها بالبدر في الأقمار
ألقى أزِمتها إليك وحازها / لك عن خلائف أربعين كبار
تعطى المشارق كل عام عيدها / بمجمل الأعوام والأعصار
بابر ممدود البناء بنى لها / ركنا قد كانت بغير جدار
ويهز عطفيه الزمان ويزدهى / بأغر فيه محجل الآثار
جالى الجنودَ كأنهم شهب الدجى / ومنيرهم من كل ليث ضار
ولقد ينال حمى الإله ببعضهم / مالا تنال الأرض بالأسوار
أخليفة الرحمن دعوة مهتد / بإمامة في ضوء يلدز سار
ماذا رجوت من الحفاوة عنده
ماذا رجوت من الحفاوة عنده / يا بائع القرآن بالإنجيل
دع ملك إدورد وخل بلاده / يكفيك عسكره بوادى النيل
خلقان فيك تخلفا وتباعدا / حب الجميل وكفر كل جميل
أهل الجريدة والذين بمالهم
أهل الجريدة والذين بمالهم / وبجاههم بين الملا عملوها
ما في الجريدة من نرجيه سوى / لطفى فردّوه لنا وكلوها
أسخطتُ جدى الشاذلي
أسخطتُ جدى الشاذلي / إذ خنت نعمة فندلى
لما عجلت أضعته / يا ليتني لم أعجل
ما غشني وأضلني / إلا نصائح نجدلي
مبداى كان شرم برم / واليوم صار ترللي
إني اشتريت مراقبا / لا أرتضيه بفرغلي
يوما علىّ وتارة / إن جدت بالدينار لي
قد كان طاهر قال لي / لكنني لم أحفل
ضَلَّلت أبناء البلاد بأسطر
ضَلَّلت أبناء البلاد بأسطر / ملأت قلوب الغافلين ضلالا
فاصدف عن الجهل العميق فقلما / يجنى الجهول من الجهالة مالا
إنا برئنا من حماك إلى الذي / يحمى الأسود ويحفظ الأشبالا
حاولت أن تذاكي القلى بقلوبنا / لمليك مصر وكان ذاك محالا
ثم أَّدرعت الناشئين لحربه / فرأوا ببرديك امرأ ختالا
خلعوك واستلوا إليك يراعهم / فإذا نبا استلوا إليك نعالا
صداح يا ملك الكنا
صداح يا ملك الكنا / ر ويا أمير البلبل
قد فزت منك بمعبد / ورزقت قرب الموصلي
وأتيح لي داود مز / مارا وحسن ترتل
فوق الأسرة والمنا / بر قط لم تترجل
تهتز كالدينار في / مرتج لحظ الأحول
وإذا خطرت على الملا / عب لم تدع لممثل
ولك ابتداءات الفرز / دق في مقاطع جرول
ولقد تخذت من الضحى / صفر الغلائل والحلى
ورويت في بيض القلا / نس عن عذارى الهيكل
يا ليت شعري يا أسير / شج فؤادك أم خل
وحليف سهد أم تنا / م الليل حتى ينجلى
بالرغم منى ما تعا / لج في النحاس المقفل
حرصي عليك هوى ومن / يحرز ثمينا ينجل
والشح تحدثه الضرو / رة في الجواد المجزل
أنا إن جعلتك في نضا / ر بالحرير مجلل
ولففته في سُوسن / وحففته بقَرنفل
وحرقت أزكى العود حو / لَيه وأغلى الصندل
وحملته فوق العيو / ن وفوق رأس الجدول
ودعوت كل أغر في / ملك الطيور محجل
فأتتك بين مُطارح / ومحبذ ومدلل
وأمرت بابني فالتقا / ك بوجهه المتهلل
بيمينه فالوذج / لم يهد للمتوكل
وزجاجة من فضة / مملؤة من سلسل
ما كنت يا صدّاح عن / دك بالكريم المفضل
شهد الحياة مشوبة / بالرق مثل الحنظل
والقيد لو كان الجما / ن منظما لم يحمل
يا طير لولا أن يقو / لوا جُن قلت تعقل
اسمع فرب مفصل / لك لم يفدك كمجمل
صبرا لما تشقى به / أو ما بدا لك فافعل
أنت أبن رأى للطبي / عة فيك غير مبدل
أبدا مروع بالإسا / ر مهدد بالمقتل
إن طرت عن كنفي وقع / ت على النسور الجهل
يا طير والأمثال تض / رب للبيب الأمثل
دنياك من عاداتها / ألا تكون لأعزل
أو للغبي وإن تع / لل بالزمان المقبل
جُعلت لحر يبتلَى / في ذى الحياة ويبتلى
يرمى ويرمَي في جها / د العيش غير مغفل
مستجمع كالليث إن / يُجهل عليه يجهل
أسمعت بالحكمين في ال / إسلام يوم الجندل
في الفتنة الكبرى ولو / لا حكمة لم تشعل
رضى الصحابة يوم ذ / لك بالكتاب المنزل
وهم المصابيح الروا / ة عن النبي المرسل
قالوا الكتاب وقام كل / ل مفسر ومؤول
حتى إذا وسعت معا / وية وضاق بها على
رجعوا لظلم كالطبا / ئع في النفوس مؤصل
نزلوا على حكم القو / ى وعند رأى الأحيل
صداح حق ما أقو / ل حفلت أم لم تحفل
جاورت أندى روضة / وحللت أكرم منزل
بين الحفاوة من حسي / ن والرعاية من على
وحنان آمنة كأم / ك في صباك الأول
صح بالصباح وبشر ال / أبناء بالمستقبل
واسأل لمصر عناية / تأتي وتهبط من عل
قل ربنا افتح رحمة / والخير منك فأرسل
أدرك كنانتك الكري / مة ربنا وتقبل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025