القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 2
ما لي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ
ما لي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ / وسَلَوْتُ كُلَّ مَلِيحَةٍ إِلاَّكِ
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمامَ صَبَابتي / ومَضَلَّتِي وهُدَايَ في يُمْنَاكِ
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُلُّ شَيْءٍ باسِمٌ / وإِذا هَجَرْتِ فكُل شَيْءٍ باكِي
هذا دَمِي في وَجْنَتَيْكِ عَرَفْتُهُ / لا تَسْتَطِيعُ جُحُودَهُ عَيْنَاكِ
لو لم أَخَفْ حَرَّ الْهَوَى وَلَهِيبَهُ / لَجَعَلْتُ بَيْنَ جَوَانحِيِ مَثْواكِ
إِنِّي أَغارُ منَ الْكؤُوسِ فَجنِّبي / كأْسَ الْمُدَامَةِ أَنْ تُقَبِّلَ فاكِ
خَدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَا / قد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْتِ حُلْوَ لَماكِ
لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِكِ نَشْوَةٌ / سَحَرَ الأَنَامَ بِفِعْلِهَا عِطْفَاكِ
قالَتْ خَلِيلتُها لها لِتُلينَها / ماذا جَنَى لَمَّا هَجَرْتِ فَتاكِ
هِيَ نَظْرَةٌ لاقَتْ بِعَيْنِكِ مِثْلَهَا / ما كَانَ أَغْنَاهُ وما أَغْناكِ
قد كَانَ أَرْسَلَها لِصَيْدِكِ لاَهِياً / فَفَرَرْتِ مِنْهُ وعادَ في الأَشْرَاكِ
عَهْدي بِه لَبِقَ الْحديثِ فَمَا لَهُ / لا يَسْتَطيعُ الْقَوْلَ حِينَ يَرَاكِ
إِيَّاكِ أَنْ تَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ / عَرَفَ الحياةَ بحُبِّهِ إِيَّاكِ
إِنَّ الشَّبَابَ وَدِيعَةٌ مَرْدُودَةٌ / والزُّهْدُ فِيه تَزَمُّتُ النُّسَّاكِ
فَتَشَمَّمِي وَرْدَ الْحياةِ فَإِنَّهُ / يَمْضِي ولا يَبْقَى سِوَى الأشْوَاكِ
لم تُنْصِتي وَمَشَيْتِ غَيْرَ مُجيبَةٍ / حَتَّى كأَنَّ حَديِثَها لِسِواكِ
وَبَكَتْ عَلَيَّ فما رَحِمْتِ بُكاءَها / ما كانَ أعْطَفَهَا وما أَقْساكِ
عَطَفَتْ عَلَيّ النَّيِّرَاتُ وساءَلَتْ / مَذْعُورَةً قَمَرَ السَماءِ أَخاكِ
قالَتْ نَرى شَبَحاً يَرُوحُ ويَغْتَدِي / ويَبُثُّ في الأكْوانِ لَوعَةَ شاكِي
أنَّاتُ مَجْرُوحٍ يُعالِجُ سَهْمَهُ / وزَفِيرُ مَأسُورٍ بِغَيرِ فَكاكِ
يَقْضِي سَوادَ الَّليلِ غَيْرَ مُوَسَّدٍ / عَيْنٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ ذاكِي
حَتَّى إذا ما الصبْحُ جَرَّدَ نَصْلَهُ / ألْفَيْتَهُ جِسْماً بِغَيْرِ حَراكِ
إِنَّا نكادُ أسىً عَلَيْهِ ورَحْمَةً / لِشَبابِهِ نَهْوِي مِنَ الأَفْلاكِ
مِنْ عَهْدِ قابِيلٍ ولَيْسَ أمامَنا / في الأرْضِ غَيْرُ تَشاكُسٍ وعِراكِ
ما بَيْنَ فَاتِكَةٍ تَصُول بِقَدِّها / وفَتىً يَصُولُ بِرُمْحِهِ فَتَّاكِ
يا أرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِري / وكَفَاكِ مِنْ تِلْكَ الدِماءِ كَفاكِ
في كُلِّ رَرْعٍ مِنْ رُبُوعِكِ مَأْتَمٌ / وثَوَاكِلٌ ونَوادِبٌ وبَواكِي
قد قامَ أهْلُ الْعِلْم فيك ودَبَّرُوا / بَرِئتْ يَدِي مِنْ إِثمِهِمْ ويَداكِ
كاشَفْتِهِمْ سِرَّ الْعَناصِرِ فَانْبَرَوْا / يَتَخَيَّرُونَ أمَضَّها لِرَداكِ
نَثَرُوا كنانَتَهُمْ وكُلَّ سِهامِها / لِلْفَتْكِ والتَدْمِيرِ والإِهْلاكِ
دَخَلُوا عَلَى الْعِقْبانِ في أوْكارِها / وتسَرَّبُوا لمسابِحِ الأسمَاكِ
فَتأَمَّلي هَلْ في تُخُومِكِ مَأْمَنٌ / أَمْ هَلْ هُنالِكَ مَعْقِلٌ بِذُراكِ
ظَهْرُ الُليُوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكَبٍ / أَوْفَى وأَكرَمُ مِنْ أَدِيمِ ثَراكِ
لَيْتَ الْبحارَ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّرتْ / أو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَماءَ طَوَاكِ
لم يَبْقَ في الإِنْسانِ غَيْرُ ذَمائِهِ / فَدَراكِ يا رَبَّ السَماءِ دَراك
وإذا النُفُوسُ تَفَرَّقَتْ نَزَعاتُها / قامَتْ إِذا قامَتْ بِغَيْر مَساك
والسَيْفُ أَظْلَمُ ما فَزِعْتَ لِحُكْمِه / والْحَزْمُ خَيْرُ شَمائِلِ الأَمْلاكِ
ومِنَ الدماءِ طَهارَةٌ وَعدالَةٌ / ومِنَ الدماءِ جنايَةُ السُّفاكِ
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياةِ فإِنْ هَوَى / هَوَتِ الْحَياةُ لأَسْفلِ الأدْرَاك
عُرْسٌ أقيمَ على الدمِ المسفوكِ
عُرْسٌ أقيمَ على الدمِ المسفوكِ / أأُرَدِّدُ الألحانَ أم أبكيكِ
باريسُ حيَّرْتِ القريضَ فمرّةً / يشدو وحيناً والِهاً يَدْثيك
نهكَتْكِ داهيةُ الْخُطوبِ فلم تَدعْ / للفوْزِ غيرَ حُشاشةِ المنهوك
إنْ كان ما تَعْنِي الحياةُ تنفُّساً / فالعيشُ خَيْرٌ في ظِلالِ النوك
لَهفي عليكِ ولهفَ شعري ما الذي / لاقيتِ من جَبَريّةٍ وفُتوك
ما بين ظُلْمٍ كالمنونِ مُحجَّبٍ / عاتٍ وظلمٍ كاسمِه مهتوك
ألقيتِ نفسَكِ للطغاةِ غنيمةً / ومضَى القضاءُ فعزّ مَنْ يُنجيكِ
جُرْحُ الهزيمةِ لا تَجِفُّ دماُه / وتجفُّ داميةُ القنا المشكوك
ناديتِ لا بيتانُ في تسعينهِ / مُصْغٍ ولا لافالُ بين ذَويك
ولقيتِ من عَسْفِ العدوِّ وكيدِه / دونَ الذي لاقيتِ من أهليكِ
ولي الْحُماةُ فما أجابوا دعوةً / لمّا دعاهم للردَى داعيك
تركوك للموتِ الزُؤام وأدبروا / يا ليتَهم للموتِ ما تركوك
ومضَوْا حيَارَى ذاهلين فما رأوا / كَفَّيْكِ ضارعةً ولا سمِعوك
قذفوا السلاحَ فصبّه أعداؤُهم / غُلاً فكاد حديدهُ يُرْديك
ونُعِيتِ للدنيا فشبَّتْ لوعةٌ / أصلَى القلوبَ بحرِّها ناعيكِ
ويلَ الشبابِ من النعومةِ إنَّها / أعراضُ سُمٍّ للشعوبِ وشيك
ما أتعسَ الزمنَ الجديدَ بِفِتْيةٍ / قتلوه في التصفيفِ والتدليك
قلبٌ كقُرْطِ الغانياتِ مُفَرّغٌ / وإرادةٌ من حيْرةٍ وشُكوك
عاشوا صعاليكَ الحياةِ وليتهم / فازوا بصدقِ عزيمةِ الصُّعْلوك
أبقتْ ليالي الأُنسِ من أخلاقهم / فزعَ النعامةِ وازدهاءَ الديك
باريسُ هالتْكِ الدماءُ غزيرةً / فسقطتِ بين نَصالِ جزّاريك
خِفْتِ القذائِفَ أن تهدَّ معالماً / فتهدّمَ التاريخُ في أيديك
ما كان أحْرَى لو دُكِكْتِ إلى الثرىَ / وتركتِ ذكْراً ليس بالمدكوكِ
ما برجُ ايفَ حين يسلَمُ مانعٌ / هَمْساً يطِنُّ غداً بأذْنِ بنيك
لو طال صبرُكِ في المكارهِ ساعةً / لرأيتِ أنّ الموتَ قد يُنجيك
إنّ الذي خلقَ الكرامةَ صانها / بالسيفِ يمحو رأْيَ كلِّ أفيك
بين المهانةِ والمَعَزّةِ خُطوةٌ / فإذا ضلِلْتِ فقلَّ مَنْ يَهديك
شتانَ بين فتىً يموتُ مجالِداً / وفتىً يموتُ بجُرْعةِ الفينيك
شتّى أساليبُ الحياةِ ولا أرَى / للمجدِ غيرَ طريقهِ المسلوك
سرُّ البطولةِف الشدائدِ جُرْأةٌ / سيَّانِ تَفرى الخطبَ أم يَفريك
قد كنتِ في السبعين أكرمَ موقفاً / والغانياتُ بشَعرِها تفديكِ
باريسُ قد ضرب الثبات بلندنٍ / مَثَلاً إلى أمثالِه يدعوك
عبَستْ لهم دنكركُ فاقتحموا الردَى / ومشَوا بوجهٍ للمنونِ ضحوك
واستقبلوا نُوّبَ الزمانِ ضراغماً / لما تخلّف عاهلُ البلجيك
جعلوا الهزائِمَ سُلّماً فتسلّقوا / للنصرِ فوقَ جماجمٍ وتَرِيك
أصْلَتْهُمُ الهيجاءُ نارَ جحيمها / فتخلّصوا كالعَسْجدِ المسبوكِ
لو أنَّهم وهَنوا لزالتْ ريحُهم / وقضَوْا عبيدَ الذلِّ والتفكيك
ولمَا رمى شرْ بُرْجَ منهم جَحْفَلٌ / في مأزِقٍ كفمِ الليوثِ ضَنيك
ولما رأت روما طلائعَ نجدةٍ / تشري المحامدَ بالدمِ المسفوكِ
ولما مضَى روميلُ يلعَقُ جُرْحَه / ويجرُّ ذيلَ العاثرِ المفلوك
ولما جرت في البحرِ تخطِرُ سُفْنُهم / من آخرِ الهادي إلى البلطيك
باريسُ والذكرىَ جحيمٌ فانظُري / نحوَ السماءِ لعلّها تُتسيك
وتذكّري ماضيكِ فهو مَجادةٌ / قد كان أستاذَ الوَرى ماضيك
يا أمَّ هوجو كلُّ شِعْرٍ يرْتَجي / لو كان يَلْقَى وحيَه من فيك
أشعلتِ مصباحَ الفنون فأشرقت / بضيائه الأيامُ بعد حلوك
فيكِ الثقافةُ بالمجانةِ تلتقي / ماذا أقولُ وكلُّ شيءٍ فيك
يا كعبةَ الدنيا ويا نادي الهوَى / الآنَ كيفَ الحالُ في ناديكِ
أتُرَى البلابلُ لا تزالُ صوادحاً / ام راعها الغِربانُ في واديكِ
والغانياتُ أُفزِّعتْ أسرابُها / وتفرّق السُّمارُ عن شاديك
طلعتْ عليكِ مع الصباح فوارسٌ / ومشَى الغريمُ لحقِّه المتروك
طاحوا بقيدكِ في الهواء وكم لهم / مِنَنٌ على المأسورِ والمملوك
وجنودُكِ الأحرارُ تستبقُ الْخُطا / لتردَّ صفعتَها إلى غازيك
فتفرّق الأعداءُ عنكِ بَدائداً / والطعنُ فوق قفاهُمُ المصكوك
سبحانَ من لا حكم إلاّ حكمهُ / يُمضِي إرادتَه بغير شريك
عودي إلى ظلِّ السلامِ وأشْرِقي / كالشمسِ تعلو الأفْقَ بعد دُلوكِ
واستقبلي الدنيا جديداً واعلمي / أنّ الأسَى والحزنَ لا يُجديك
قَدَرُ الإلهِ إذا كرِهتِ لقاءه / فلعَلَّ في عُقْباه ما يرضيك

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025