المجموع : 3
شُكْراً لمن أعطاك مَا أعطاكا
شُكْراً لمن أعطاك مَا أعطاكا / رَبٌّ أَذَلَّ لِمُلْكِكَ الأَملاكا
فَشَفَى الأَمانِي من يمينكَ مِثلَما / رَوّى سيوفَكَ من دماءِ عِداكا
شِيَمٌ بِعَدْلِ اللهِ فيك تقسَّمَتْ / فِي العَالَمِينَ معايشاً وهلاكا
والله أَشْقَى جَدَّ من عاداكا / صُنْعاً وأَسْعَدَ جَدَّ مَنْ والاكا
يا حَيْنَ مختارٍ لسُخْطِكَ بعدما / ضاءَتْ لَهُ الدنيا بنجمِ رِضاكا
جَدَّتْ مساعِيهِ ليَحْفِرَ هُوَّةً / فهوَى إليها من سماء عُلاكا
لَفَحَتْهُ نارٌ باتَ يقدحُ زَنْدَها / فِي روضةٍ ممطورةٍ بِنَداكا
أَمسى وأَصبحَ بَيْنَ ثَوْبَيْ غَدْرَةٍ / سَلَبَتْهُ ما ألبستَ من نُعْماكا
أَوَ مَا رأى المُغتَرُّ عُقْبَى مَنْ سَعى / فِي كُفْر مَا أَسْدَتْ لَهُ يُمْنَاكا
أَوَ مَا رآك قَد اسْتَعَنْتَ بذي العلا / فأعانَ واسْتَكْفَيْتَهُ فكَفاكا
أَوَ مَا رأى أَحكامَهُ وقضاءَهُ / يَجْرِي بمَهْلِكِ مَنْ يشُقُّ عَصاكا
أَوَ مَا رأى إِشراقَ تاجِكَ فِي الورى / والمكْرُمَاتِ الزُّهْرَ بعضَ حُلاكا
أَوَ مَا رأى مفتاحَ بابِ اليُمْنِ فِي / يُمْنَاكَ والميسورَ فِي يُسْراكا
ومتى رأى دَاءً جهِلْتَ دواءَهُ / أَوْ خطبَ دهرٍ قبْلهُ أَعْياكا
مَا كَانَ أَبْيَنَ فِي شواهِدِ عِلْمِهِ / أَنَّ الرياسة لا تُريدُ سِوَاكا
حتى هَوَتْ قَدَماهُ فِي ظُلَمِ الرَّدى / لما اهْتَدى فِيهَا بِغَيْرِ هُدَاكا
وأراك فِيهِ اللهُ منْ نِقْمَاتِهِ / عاداتِه فِي حَتْفِ مَن عاداكا
قُلْ للمُصَرَّعِ لا لَعاً من صَرْعَةٍ / وافَيْتَها بغياً عَلَى مَوْلاكا
تبّاً لسَعيِكَ إِذ تَسُلُّ مُعانِداً / لِخِلافِهِ السيف الَّذِي حلّاكا
وسقاك كأساً للحتوف وَكَمْ وَكَمْ / مِنْ قَبْلِها كأْسَ الحياةِ سقاكا
لا تَفْلُلِ الأَيَّامُ سيفاً ماضياً / فضَّ الإِلهُ بشفرتيه فاكا
حَيِيَتْ لموتكَ أَنْفُسٌ مظلومَةٌ / كانت مناياهُنَّ فِي مَحْياكا
فانْهَضْ بخِزْي الدينِ والدنيا بما / قَدْ قَدَّمَتْ فِي المُسلِمِينَ يَدَاكا
هذا جزاءُ الغَدْرِ لا عَدِمَ الهُدى / مولىً بسعيكَ فِي النفاق جزاكا
يا أَيُّهَا المولى الَّذِي نَصَرَ الهُدى / وحَمى الثغورَ وَذَلَّلَ الإِشرَاكا
لا يُبْعِدِ الرحمنُ إِلّا مُهْجَةً / ضلَّتْ وَفِي يدها سِرَاجُ هُدَاكا
تَعْساً لِمَنْ ناواك بل ذُلّاً لِمنْ / ساماك بَلْ خِزْياً لمن جاراك
فابلُغْ مُنَاكَ فإِنَّ غاياتِ المنى / للمسلمين بأَنْ تنالَ مُنَاكا
حتى ترى النَّجْلَ المُبارَكَ رافِعاً / عَلَمَ السيادة جَارياً لمداكا
ويُريكَ فِي شِبْلِ المكارِم والهُدى / والبِرِّ أَفضَلَ مَا أَرَيْتَ أَباكا
قُل لِلخلافة قَدْ بلغْتِ مُناكِ
قُل لِلخلافة قَدْ بلغْتِ مُناكِ / ورَأَيتِ مَا قَرَّتْ بِهِ عَيْناكِ
مَهْديُّ أُمَّة أحمدٍ وكريمُها / وحليمُها يأْوي إِلَى مأواكِ
وسليلُ نفس إِمامها وشهيدها / قمَريْك فِي الدنيا وما قمراكِ
هذا تَعَجَّل من كَرامة رَبِّهِ / فِي الخلد مثوىً جَلَّ عن مثواك
ودعوتِ يا ثاراتهِ فمُحَمَّدٌ / بالسيف أَوَّلُ سامعٍ لَبَّاكِ
الخائضُ الغَمَرات غير مُروَّعٍ / بالموت زَاحَمَهُ إِلَى مَحْياكِ
فأضاءَت الدنيا لأوَّل وَهْلَةٍ / وصل الإله سناءه بسناكِ
ما كُنتِ قابلةً سواه وَلَمْ يكُنْ / يوماً يريد حياته لِسِواكِ
ولكم شجَاهُ منك فِي جنح الدجى / إِعوالُ محزونٍ وزفرةُ باكِ
حتى تلاقى مَا دهاك بعزمةٍ / لَمْ يُعْيِها الدَّاءُ الَّذِي أعياكِ
في كَفِّهِ السيفُ المقلَّدُ جَدُّهُ / بالمَرْجِ إِذ تَبَّتْ يدُ الضحَّاكِ
وسَعى فأَدْرَكَ بعد ثأرك ثأْرهُ / من كلِّ ممتنعٍ من الإدراكِ
وأَباح كُلَّ حمىً لكُلِّ مُضَلِّل / غَاوٍ أَباحَ حمى الهدى وحماكِ
فشفى نفوس المسلِمين ونفسَهُ / لمّا سقى الدنيا دماءَ عداكِ
بشهيد آل الله والمَلِك الَّذِي / لا كُفْءَ من دمه الكريم الزاكي
لَبِسَتْ عَلَيْهِ الأرضُ ثوبَ حِدَادِها / وبدت نجومُ الليلِ وَهْيَ بَوَاكِ
فَحَوى الخلافةَ والسناءَ وليُّهُ / رَغْماً لكلِّ مُعاندٍ أَفَّاكِ
حُكْماً من الحَكَمِ العَلِيِّ لطالبٍ / أَبداًَ دَمَ الخلفاءِ والأَمْلاكِ
حتى تَنَجَّزَ موعِدُ اللهِ الَّذِي / لَمْ تَخْفَ فِيهِ مَوَاعِدُ الإيشاكِ
يا لابِساً لعدوِّهِ ووليِّهِ / بطشَ الأُسودِ وعِفَّةَ النُسَّاكِ
ما أَبهجَ الدنيا لَدَيْكَ بِعِزَّة ال / دِينِ الحنيفِ وذِلَّةِ الإِشْراكِ
إن غَصَّ يومُ القوط منكَ بِرُسْلِهِمْ / فَغَداً بيوم الرُّومِ والأَتراكِ
سمعوا بدعوتِكَ الَّتِي نادَتْهُمُ / أَوْطانُهُمْ منها تَرَاكِ تَرَاكِ
فالرَّوْعُ مُنقطعٌ إليهم وَاصِلٌ / ليلَ البَيَاتِ لهم بيومِ عِراكِ
بمثالِ طعنٍ فِي الكُلى متتابعٍ / وخيالِ ضَرْبٍ فِي الرِّقَابِ دِرَاكِ
فتيمَّمُوكَ ومن أَشكِّ سلاحِهِمْ / سِيمى الخضوعِ وبزَّةُ الهُلَّاكِ
مُتَعَوِّذِينَ من الفَناءِ بصَفْحَتَيْ / سيفٍ لمثلِ دمائِهِم سَفَّاكِ
فكأَنَّما خاضتْ إليك وجوهُهُمْ / ناراً تَضَرَّمُ فِي غضاءِ أَرَاكِ
حتى اجتلَوْا قمر الخلافةِ حولَهُ / أَمثالَ زَهْرِ كَواكبِ الأَفلاكِ
فاغلِبْ ولا تَزَلِ الخلافةُ والهدى / من سعدِ جَدِّكَ فِي سلاحٍ شاكِ
واشرب بأَكواسِ السرور وسَقِّها / رِفْهاً مدى الأَيَّامِ هاتِ وَهاكِ
وأَنا الشريدُ وظلُّ عِزِّكَ مَوئلي / وأَنا الأَسيرُ وَفِي يديكَ فِكاكي
أَدَبٌ أَضَاءَ المشرقَيْن وتحتَهُ / حظٌّ يَئِنُّ إليك أَنَّةَ شاكِ
اليومَ نادَتْكَ السيادَةُ هَيْتَ لَكْ
اليومَ نادَتْكَ السيادَةُ هَيْتَ لَكْ / فِي مُلْكِ مَنْ حَلّاكَ بَهْجَةَ مَا مَلَكْ
ورأى جبينَكَ قَدْ تَلأْلأَ للمُنى / نُوراً فَتَوَّجَكَ السناءَ وكَلَّلَكْ
فلك السيادةُ والقيادَةُ دُونَهُ / وله الرياسَةُ والسياسَةُ ثُمَّ لَكْ
صَدَقَتْ فِرَاسَتُهُ شمائِلَكَ الَّتِي / منه فأَغْمَدَ سَيْفَهُ واسْتَبْدَلَكْ
وأَخَذْتَ سيفَ النصرِ منه بِحَقِّهِ / وحَمَلْتَ من أَعبائِهِ مَا حَمَّلَكْ
فرمى بكَ الثَّغْرَ القَصِيَّ تَيَقُّناً / أَلّا يَرى غيرَ المُهَنَّدِ مَوْئِلَكْ
والفتحُ مُبْتَهِجٌ إِلَيْكَ كَأَنَّهُ / للعُرْفِ والإِكرامِ مِمَّنْ أَمَّلَكْ
ولَرُبَّ وجهٍ للمنايا دُونَهُ / عَمَّمْتَهُ بالسيفِ حِينَ اسْتَقْبَلَكْ
في غمرةٍ أَعْيا الحِمامَ طريقُها / ففتحتَ فِيهِ للقنا حَتَّى سَلَكْ
ونهضتَ والإِسلامُ يَهتِفُ معلناً / يَا مُنْذِراً قرَّة عينٍ لِي وَلَكْ
فَسَقَيْتَ ظِمْءَ الغيظِ من مُهَجِ العِدى / مَا عَلَّكَ الشَّبِمَ القَرَاحَ وأنْهَلَكْ
أَلفٌ كأُسْدِ الغابِ أُلِّفَ شَمْلُهُمْ / ليزيدَهُمْ ذو العَرشِ فيما نَفَّلَكْ
فَقَسَمْتَهُمْ بَيْنَ الصَّوارِمِ والقَنا / إِلّا الَّذِينَ مَلأْتَ مِنْهُمْ أَحْبُلَكْ
أُمراءُ أَجنادٍ ونُخْبَةُ دولَةٍ / كانوا ذخيرةَ نُخْبَةِ الأَيّامِ لَكْ
وحَمى ابْنُ شَنْجٍ منك آجِلَ مِيتَةٍ / أَلْقَتْ إِلَيْكَ بعُذْرِ مَا قَدْ أَعجلَكْ
فالحَيْنُ يُدْنِيهِ إِلَيْكَ لِتقتَضِي / عبداً يُهَيِّئُ وجْنَتَيْهِ ليُنعِلَكْ
قلِقاً تناهى فِي البلادِ فِرارُهُ / ونَهى ضميرَ النفسِ أَنْ يَتَمَثَّلَكْ
ويذودُ عن أجفانِهِ سِنَةَ الكَرى / كَيْ لا يُرِيهِ الحُلْمُ أن يَتَأَوَّلَكْ
ويحيدُ عن جَوِّ السَّماءِ بطَرْفِهِ / أَلّا يَرى بَيْنَ الكواكِبِ مَنْزِلَكْ
ولكم أَراهُ البَدْرُ حَيْنَ حِمامِهِ / لما اسْتَبَدَّ بِهِ الكمالُ فَخَيَّلَكْ
ودَوِيُّ سيفِكَ فِي رقابِ حُماتِهِ / عَجِلٌ إِلَيْكَ برِقِّهِ ويَقِلُّ لَكْ
ولقد تفَهَّمَ فِيهِ لَفْظَ مُخاطِبٍ / خَلِّ البلادَ لأَهلِها لا أُمَّ لَكْ
لِمَنِ اسْتَرَدَّ حياةَ نفسِكَ عَفْوُهُ / وقدِ انْتَحى سهمُ المَنِيَّةِ مَقْتَلَكْ
ولمن تُلَبِّيهِ السماءُ وأَرضُها / مدداً إِلَيْكَ لَهُ مَلِيكاً أَوْ مَلَكْ
ولِمُقْحِمٍ عينَيْكَ فِي رَهَجِ الوغى / خيلاً تَغصُّ بِهِنَّ أَقطارُ الفَلَكْ
فَلْيَهْنِ سَعْيُكَ يَا مُظَفَّرُ أُمَّةً / جاهَدْتَ عنها مَنْ بَغى حَتَّى هلَكْ
ورَمَيْتَ دونَ ثغورِها ونُحُورِها / من لَمْ يَدِنْ بالحَقِّ حَتَّى دانَ لَكْ
ولئن شَكَرْتُ اللهَ فِيكَ جزاءَ مَا / قسَمَ الفضائِلَ فِي الملوكِ فَفَضَّلَكْ
فلَقَدْ بَلا شُكْرِي بِما خُوِّلْتُهُ / أَنِّي وَرِقَّ بَنيَّ مِمّا خَوَّلَكْ
فلَئِنْ لَبسْتُ بكَ الثناءَ فَحَقَّ لي / ولَئِنْ لَبسْتَ بيَ الثناءَ فحَقَّ لَكْ