يا لَوعَةً حارَ النِطاسِي فيكِ
يا لَوعَةً حارَ النِطاسِي فيكِ / كَم يَشتَكي غَيري وَكَم أُخفيكِ
إِن بُحتُ بِالشَكوى فَغايَةُ مُجهَدٍ / لَم تُبقي لي كَبِداً فَأَستَبقيكِ
أَجِنايَةَ الطَرفِ الكَحيلِ عَلى الحَشا / اللَهُ حَسبي في الدَمِ المَسفوكِ
ما في الشَرائِعِ لا وَلا في أَهلِها / مَن يَستَحِلُّ الأَخذَ مِن جانيكِ
يا هَذِهِ كَم تَشحَذينَ غِرارَهُ / أَوَ ما خَشيتِ حَدَّهُ يُؤذيكِ
يا أُختَ ظَبيِ القاعِ لَو أَعطَيتِهِ / لَحظَيكِ صادَ الصائِديهِ أَخوكِ
روحي فِدى عَينَيكِ مَهما جارَتا / في مُهجَتي وَأَبي فِداءُ أَبيكِ
رَمَتا فَكُلُّ مُصَمِّمٍ وَمُقَوِّمٍ / نابٍ وَكُلُّ مُسَرَّدٍ وَحَبيكِ
اللَهُ في قَتلى جُفونِكِ أَنَّهُم / ظَلَموا نُفوسَهُم وَما ظَلَموكِ
إِن تُبصِريني أَتَّقي فَتَكاتِها / فَلَقَد أَصولُ عَلى القَنا المَشبوكِ
كَم تَجحَدينَ دَمي وَقَد أَبصَرتِهِ / وَرداً عَلى خَدَّيكِ غَيرَ مَشوكِ
رُدّي حَياتي إِنَّها في نَظرَةٍ / أَو زَورَةٍ أَو رَشفَةٍ مِن فيكِ
لَو تَنظُرينَ إِلى قَتيلِكِ في الدُجى / يَرعى كَواكِبَهُ وَيَستَرعيكِ
وَاللَيلُ مِن هَمِّ الصَباحِ وَضَوإِهِ / حَيرانُ حيرَةَ عاشِقٍ مَهتوكِ
لَعَجِبتِ مِن زَورِ الوُشاةِ وَإِفكِهِم / وَمِنَ الَّذي قاسَيتُ في حُبّيكِ
حَولي إِذا أَرخى الظَلامُ سُجوفَهُ / لَيلانِ لَيلُ دُجى وَلَيلُ شُكوكِ
تَمتَدُّ فيهِ بِيَ الكَآبَةُ وَالأَسى / مِثلَ اِمتِدادِ الحَرفِ بِالتَحريكِ
مالي إِذا شِئتُ السُلُوَّ عَنِ الهَوى / وَقَدِرتُ أَن أَسلوكِ لا أَسلوكِ
فُكّي إِساري إِنّنَ خَلفِيَ أُمَّةً / مَضنوكَةً في عالَمٍ مَضنوكِ
وَأَحِبَّةً سَدَّ القُنوطُ عَلَيهِمُ / وَالخَوفُ كُلَّ مُعَبِّدٍ مَسلوكِ
لا تَسأَليني كَيفَ أَصبَحَ حالُهُم / إِنّي أَخافُ حَديثُهُم يُشجيكِ
باتوا بِرَغمِهِم كَما شاءَ العِدى / لا حُزنُهُم واهٍ وَلا بِرَكيكِ
لا يَملِكونَ سِوى التَحَسُّرِ إِنَّهُ / جَهدُ الضَعيفِ الواجِدِ المَفلوكِ
تَتَرَقرَقُ العَبَراتُ فَوقَ خُدودِهِم / يا مَن رَأى دُرَراً بِغَيرِ سُلوكِ
أَخَذَ العَزيزَ الذُلُّ مِن أَطواقِهِ / وَالجوعُ يَأخُذُ مُهجَةَ الصُعلوكِ
قُل لِلمُبَذِّرِ في المَلاهي مالَهُ / ماذا تَرَكتَ لِذي الأَسى المَتروكِ
أَيَبيتُ يَشرَبُ مِن مَعينِ دُموعِهِ / وَتَبيتُ تَحسوها كَعَينِ الديكِ
وَيَروحُ في أَطمارِهِ وَتَميسُ في / ثَوبٍ لِأَيّامِ الهَناءِ مَحوكِ
إِن كُنتَ تَأبى أَن تُشارِكُهُ سِوى / نُعمى الحَياةِ فَأَنتَ غَيرُ شَريكِ
يا ضَرَّةَ البَلجيكِ في أَحزانِها / تُبكيكَ حَتّى أُمَّةُ البَلجيكِ
حَمَلتُ ما يُعيِ الشَواهِقَ حَملُهُ / يا لَيتَ ما حُمِلتِ في شانيكِ
سَلَّ البُغاةُ عَلَيكِ حُمرَ سُيوفِهِم / لا أَنتِ جانِيَةٌ وَلا أَهلوكِ
جُنَّ القَضاءُ فَغالَ حُسنَكِ قُبحُهُ / وَأَذَلَّ أَبناءُ الطَغامِ بَنيكِ
لا أَشتَكي الدُنيا وَلا أَحداثَها / هَذي مَشيأَةُ ذي المَشيأَةِ فيكِ
لَو أَملِكُ الأَقدارَ أَو تَصريفَها / لَأَمَرتُها فَجَرَت بِما يُرضيكِ
وَلَو أَنَّها تَدري وَتَعقُلُ لَاِنثَنَت / تَرمي بِأَسهُمِها الَّذي يَرميكِ
إِن يَفتَديكِ أَخو الغِنى بِنُضارِهِ / فَبِدِرهَمي وَبِمُهجَتي أَفديكِ
وَمَنازِلُ البُؤَساءِ أَولى بِالنَدى / وَلَأَنتِ أَولاها بِمالِ ذَويكِ
يا أُمَّةً في الغَربِ يَنعَمُ شَطرُها / رِفقاً بِشَطرٍ بائِسٍ مَنهوكِ
جادَت عَلَيكُم قَبلَما كُنتُم بِكُم / جودوا بِبَعضِ العَسجَدِ المَسبوكِ