المجموع : 8
قالت تعال فقلت لبيكِ
قالت تعال فقلت لبيكِ / هيهات أعصي أمر عينيك
أنا يا حبيبة طائر الأيك / لم لا أغني في ذراعيك
أفديك مقبلة على جزع / بسطت إليَّ يمين مرتجف
وبها ارتعاشة طائر فزع / من قلبها تسري إلى كتفي
شحبت كلون المغرب الباكي / وتألقت كالنجم عيناها
فتلفتت كحبيس أشراك / وحكى اضطراب الموج نهداها
وأخذت أدفئ بردها بفمي / لو تنفعنَّ حرارة القبل
قلتُ اهدئي لم ثورة الندم / كفَّاك ترتجفان يا أملي
وجذبتها بذراعها نمشي / نمشي وما ندري لنا غرضا
إلفان قد فرا من العش / يتبادلان سعادة ورضا
يا لحظة ما كان أسعدها / وهناءة ما كان أعظمها
مر الغريب فباعدت يدها / وخلا الطريق فقربت فمها
مرت بنا سيارة ومضت / فضاحة خطافة النور
كشفت لعينينا وقد ومضت / ظلين معتنقين في السور
ضحكت لظلينا وقد عجبت / مما يخال فؤاد مذعور
وكأن ضحكتها وقد طربت / قطرات ماء فوق بلور
عوذتها من شر أمسية / تعيا بها وتضل أبصار
وكواكب ليست بمجدية / ظلم مكدسة وأحجار
عثرت بها فرفعتها بيدي / جسماً يكاد يشف في الظلم
ويرف مثل الزهر وهو ندي / ويخف مثل عرائس الحلم
وكأنني مما يسوء خلي / وحياتيَ انجابت حوالكها
أرمي الطريق بناظري رجل / وأنا لها طفل أضاحكها
ملكتها الدنيا بما وسعت / وأنا أهامسها بأسراري
وأسرها بحكاية وقعت / ورواية من نسج أفكاري
وإذا الطريق يسير منعطفا / وإذا رياح تضرب السدفا
وكأن منها منذرا هتفا / بلغ المسير نهاية فقِفا
يا توأما من صدري انتزعا / يا من دعا قلبي له فسعى
لم أيها الداعي هواك دعا / والدهر يأبى أن نظل مَعا
انظر ذراعيَّ اللذين هما / قد طوقاك مخافة البين
أقسم بأنك عائد لهما / إني لممدود الذراعين
أنا لا أظل وكل شي
أنا لا أظل وكل شي / ء مستمد من جلالك
في قاتم محلولك / سدّت علي به المسالك
إن لم تضعني في سنا / ك حمدت حظي في ظلالك
إن لم تضعني في يمي / نك فالتفت لي في شمالك
الرأي رأيك ليس في ال / أوقاف شيء غير ذلك
يا أحكم الحكماء لا / يفتى وفي الأوقاف مالك
أقبل بموكبك الأغَر
أقبل بموكبك الأغَر / ما أظمأَ الأبصارَ لك
العين بعدك يا قمر / عمياءُ والدنيا حلَك
تمضي وراءَ سحابة / تحنو عليك وتلثُمك
وأنا رهين كآبة / بخواطري أتوهَّمك
كن حيث شئت فما أنا / إلا معنَّى بالمحال
أغدو لقدسك بالمنى / وأزور عرشك بالخيالِ
وأقول صبراً كلَّما / عزَّ الفكاك على الأسير
روحي وروحك ربما / طابا عناقاً في الأثير
مهما تسامى موضعُك / وعلا مكانك في الوجود
فأنا خيالك أتبعُك / ظمآن أرشف ما تجود
قمرَ الأماني يا قمر / إني بهمٍّ مسقمِ
أنت الشفاء المدَّخر / فاسكب ضياءك في دمي
أفرغ خلودك في الشباب / واخلع على قلبي الصفاء
أسفاً لعمر كالحباب / والكأس فائضة شقاء
خذني إليك ونجّني / مما أُعاني في الثرى
قدحي ترنَّق فاسقني / قدح الشعاع مطهّر
واهاً لأحلامٍ طوال / وأنا وأنتَ بمعزلِ
نَعلو على قمم الجبال / ونرى العوالم من عَلِ
ما كان أقصر هذه من زورة
ما كان أقصر هذه من زورة / ما أشبعتنا من بشاشة نازك
كلا ولا رَوى النهى من زهرةٍ / بالطهر تفصح عن سمات ملائك
إنا حمدنا لليالي / قد قرَّبتنا من سنيّ سمائك
إن كان أسعدنا الزمان بساعةٍ / فكأنها أبد الخلود حيالك
يا أم مَن تستصرخين من الذي
يا أم مَن تستصرخين من الذي / قدح اللظى الموّار في عينيكِ
يا أم هل تمشين نحو النار أم / فتح الوغى ومشى الجحيم إليك
ما حلَّ بالحرية الحمراء هل / سال الدم القاني على قدميك
يا ويلها من صرخة مجنونة / ضجت لها الآفاق من شفتيك
لا تجزعي يوم الفداء فكلنا / مهج تحلق كالنسور عليك
فتلفتي تجدي عرينك عامراً / وتسمّعي كم قائل لبيك
وقف الشباب فداء محراب الحمى / وتجمّع الأشبال بين يديك
والصقر تاجك تاج فرعون الذي / جعل الشموس الزهر في كفيك
والمجد تاجك والسهى لك موطن / والشهب والأقمار في نعليك
يا مصر أنت الكون والدنيا معاً / وعظائم الأجيال في تاجيك
لا تُدمني نظراً إليّ فوالذي
لا تُدمني نظراً إليّ فوالذي / جعل الهوى قَدراً على كفيكِ
ما تلتقي عيني بعينك لحظةً / إلا رأيت صباي في عينيك
هل تأمرينَ فأفتدِي وأقيكِ
هل تأمرينَ فأفتدِي وأقيكِ / لو كان فوق الروحِ ما يفديكِ
أمسيتُ أقلَقَ راقدٍ في مضجعٍ / وكذلكَ يمسي مَن يفكِّرُ فيكِ
مستعرضاً صوَرَ الهوى وفصولَه / من كلِّ ثاوٍ في النهى متروكِ
من محزنٍ مشجٍ ومن مستنهضٍ / جبلاً وَهَى من عزميَ المدكوكِ
وقديمِ سرٍّ في هواكِ كتمتُه / أبداً وآخرَ ظاهرٍ مهتوكِ
ولَرُبَّ آمالٍ عليكِ حبستُها / وخشيتُ لو تبدو قِتَالَ ذويكِ
كالطيرِ لو كانت تطيرُ لأسرعت / ظمآنةً نحو الحياة بفيكِ
أطلقتُها وفككتُ عنها قيدَها / حتى بلغتُكِ بالمنى المفكوكِ
فدنوتُ حتى إذ ضممتُكِ باكياً / وجعلتُ حولك هالةً تحميكِ
فإذا الخيالُ مكذَّبٌ وإِذا الفؤا / دُ معذَّبٌ عبثت به أيديكِ
ولقد مرضتِ فرحتُ أشقَى ذاكرٍ / يبكي لأجلكِ كلما ذكروكِ
جندُ السقامِ وتلك جندُك في الهوى / من أيّ عهدٍ أصبحت تغزوكِ
يا زهرتي لم أدرِ هل عَرَقُ الضنى / هذا عليكِ أم الندَى يعلوكِ
ولقد ظمئتِ فكدتُ أبذلُ مدمعي / لو كنتُ أعلم أنه يرويكِ
ووددت لو أنَّ الحياةَ تحولت / ماءً وإني ماءها أسقيكِ
لكنَّ تلك حياةَ صبٍّ بائسٍ / عَرَفَ الردى مما يكابدُ فيكِ
ملئت بكاء فاستحالت مُرّةً / فغدت كمثلِ الدمعِ لا تغنيكِ
رفقاً بمهجتي التي تدرينها / قفراً رماه الحظُّ من واديكِ
وَضَعَت بساحتِكِ الرجاءَ وأقسمت / بالحبِّ والإِخلاصِ لا تعدوكِ
ذَهَبَ الشبابُ فجئتِ بعد ذهابِه
ذَهَبَ الشبابُ فجئتِ بعد ذهابِه / تذكينَ ما أطفأتِه بيديكِ
لتكاد تلفحني النسائم كلما / حمَّلتُها حُرَق الغرام لديكِ
ألفى لها وهجاً على خديكِ / وأرى لها جمراً على شفتيكِ
لا تُدمِني نظراً إليَّ فو الذي / جَعَلَ الهوى قَدَراً على كفيكِ
ما تلتقي عيني بعينِكِ لحظةً / إلا رأيتُ صبايَ في عينيكِ