خَطبٌ طُرقتُ به أمرّ طُروقِ
خَطبٌ طُرقتُ به أمرّ طُروقِ / فَظُّ الحلول عليَّ غير شفيقِ
فكأنَّمَأ نُوبُ الزمان محيطة / بي راصدات لي بكلّ طريقِ
هل مُستجار من فضاضة جورها / أم هل أسير صروفها بطليقِ
حتى متى تُنحي عليَّ خطوبها / وَتُغِصّني فجعاتها بالريقِ
ذَهَبت بكل موافقٍ ومرافقٍ / ومناسبٍ ومصاحبٍ وصديقِ
وطريفةٍ وتليدةٍ وحبيرةٍ / صِينَت وركن للزمان وثيقِ
حتى بديكٍ كنتُ آلف قربهُ / حلو الشمائل في الديوك رشيقِ
ألقى عليه الدهر منه كَلكلاً / يفني الورى ويشتّ كل فريقِ
ورماه منه بحدّ سهم صائبٍ / لذخائر المستظهرين علوقِ
حزني عليه دائماً ما غرَّدَت / ورق الحمام ضُحَىً بذروة نيقِ
أَربيب منزلنا وَنَشوَ حجورنا / وغَذِيَّ أيدينا نداء مشوقِ
لهفي عليك أبا النذير لو انَّهُ / دَفَعَ المنايا عنك لهف متوقِ
وعلى شمائلك اللواتي ما نمت / حتى ذَوَت من بعد حسن سموقِ
لما نفعت وصرتَ عِلق مَضِنَّةٍ / ونشأتَ نَشْءَ المقبل الموموقِ
وتكاملت جُمل الكلام بأسرها / لك من جليل خالص ودقيقِ
وحباك مَن حيَّاك كلّ مودّةٍ / لك من خليلٍ صادقٍ وصديقِ
وغدوتَ ملتحفاً بمرط حبرت / فيه بديع الوشي كفّ أنيقِ
كالجلنارة أو صفاء عقيقةٍ / أو لمعِ نارٍ أو وميض بروقِ
أو قهوةٍ تختال في بلورةٍ / بتأنق الترذيق والتصفيقِ
وكأنما الجاديُّ جاد بصِبْغةٍ / لك أو طلعت مضمخاً بخلوقِ
ولبستَ كالطاووس ريشاً لامعاً / متلألئاً ذا رونقٍ وبريقِ
من حمرة مع صفرة في زرقةٍ / تخفى بحليتها على التحقيقِ
عرض يجلّ عن القياس وجوهر / لطفت معانيهِ على التدقيقِ
وكأَنَّ سالِفَتَيْك تبر سائل / وعلى المفارق منك تاج عقيق
وكأنّ مجرى الصوت منك إذا جَفَت / وَنَبَت عن الأسماع بحّ حُلوقِ
نايٌ رقيقٌ ناعم قرّت به / نغم تؤلفه من الموسيقي
تزقو وتصفق بالجناح كمُنتشٍ / وصلت يداه النقر بالتصفيقِ
وتميسُ مُمتَطياً لسبع دجائجٍ / مثل المهارى أحدقَت بفَنيقِ
فَتُمُيرنا منهُنَّ بيضاً دائماً / رزقاً هنيئًا ليس بالممحوقِ
فيها بدائع صَنعَةٍ ولطائفٍ / أُلِّفنَ بالتهذيب والتوفيقِ
فبياضُها ورق وتِبرٌ مُحّها / في جوف عاج بُطّنَت بدبيقِ
خلطان مائيّان ما اختلطا على / سَيلٍ ومختلط المزاج رقيقِ
يغدو عليه من طهاه بِعُجَّةٍ / ويروحُ بالمشويّ والمصلوقِ
نعم لعمرك لو تدوم هنيئة / هل دام رزق لامرىءٍ مرزوق
ابكي إذا عايَنتُ ربعك مقفراً / بتحنُّنٍ وَتَفَجّع وشهيقِ
ويزيدني جزعاً لفقدك صادحٌ / في منزلٍ دانٍ إليَّ لصيقِ
فتأسّفي أبداً عليك مواصل / بسواد ليلٍ والتماع بروقِ
وإذا أفاق ذوو المصائب سلوةً / وتأسياً أمسيتُ غير مفيق
صبراً لفقدك لا قلىً لكن كما / صبر الأسير لشدّةٍ ولضيقِ
لا تَبعُدَن وان نَأت بك نيَّةٌ / في منزل نائي المزار سحيقِ
وَسَقى عظامك صَوب مُزن هاطلٍ / غَدِقٍ رعود في ثراك بروقِ