لَو عايَنَت عَيناكَ بَهجَةَ جِلَّقا
لَو عايَنَت عَيناكَ بَهجَةَ جِلَّقا / وَرَأَيتَ مَنظَرَها البَهيجَ المونِقا
لَرَأَيتَ حُسناً كُلُّ حُسنٍ دونَهُ / تُعيي البَليغَ صِفاتُهُ أَن ينطِقا
وَأَزالَ حَملاتِ الكَتائِبِ في الوَغى / مَوجُ اِطِّرادِ مِياهِها مُتَدَفِّقا
جَنّاتُ عَدنٍ لَم تَكُن مُمتازَةً / عَنها بِشَيءٍ عَزَّ إِلّا بِالبَقا
وِلدانُها وَنِساؤُها كَالحورِ وَال / وِلدانِ بَل أَبهى وَأَشهى مَنطِقا
مِن كُلِّ جائِلَةِ الوِشاحِ تَخالُها / بَدراً عَلى الغُصنِ الرَّطيبِ تَأَلَّقا
وَمُهَفهَفٍ ثَمِلِ القَوامِ يَحُلُّ بِال / لَحَظاتِ مِن ذي الدينِ ما عَقَدَ التُّقى
لَو شاءَ جاءَ بِما تُحَتِّمُهُ إِذا / ما اِهتَزَّ مِن تيهِ الصِبا مُتَمَنطِقا
ما إِن يُلامُ فَتىً يُرى في جِلَّقٍ / أَيّامَ طيبِ سُبوتِها أَن يَعشَقا
أَنّى التَفَتَّ بِها رَأَيتَ أَهِلَّةً / تَرنو بِمِثلِ عُيونِ غزلانِ النَّقا
مَيدانُها لِلهَمِّ أَمسى مَغرِباً / لَكِن لِشَمسِ الحُسنِ أَضحى مَشرِقا
كَم مِن غَريبٍ جاءها مُتَبَغدِدٍ / فَبَدَت مَحاسِنُها لَهُ فَتَدَمشَقا
مَن ذَمَّها يَوماً وَفَضَّلَ غَيرَها / فَلذاكَ مَوسومُ الجَبينِ بِأَحمَقا
مَن كانَ يَفخَرُ بِالخَليجِ وَكَسرِهِ / وَالنيلُ قَد عَمَّ البِلادَ وَطبَّقا
فَلِكُلِّ سَبتٍ مِن دِمَشقَ مَفاخِرٌ / أَصبَحنَ أَولى بِالفَخارِ وَأَليَقا
بَلَدٌ تَراهُ إِذا البِلادُ تَسابَقَت / في حَلبَةِ التَفضيلِ جاءَ الأَسبَقا
أَكرِم بِنَبتِ رِياضِهِ وَغِياضِهِ / وَالنّورُ نورٌ بِالحَدائِقِ مُحدِقا
وَالوُرقُ تَشدو وَالغُصونُ رَواقِصٌ / إِذ هَبَّ في الوَرَقِ النَسيمُ فَصَفَّقا
فَكَأَنَّما الأَرضُ السَماءُ طلاوَة / وَالزَهرُ كالزُهرِ الكَواكِبِ رَونَقا
مِن أَبيَضٍ يَقَقٍ وَأَصفَرَ فاقِعٍ / لَوناً يَسُرُّ الناظِرينَ وَأَزرَقا
وَكَأَنَّما المَنثورُ مَنظوماً عَلى / قُضُبِ الزَبَرجَدِ وَالزُمُرُّدِ مُشرِقا
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ يَوماً مِثلَها / أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لَن يَخلُقا