نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ / أَوْهَتْ قُوَى جَلَد المُحبِّ الوامقِ
عَجِل الفراقُ علىَّ فيك ولم أَنَلْ / وَصْلا سوى نَظرٍ كلَمْحَةِ بارقِ
وأبيكِ ما أبقَى الهوى مني سِوَى / كفٍّ تشدُّ على فؤادٍ خافق
رِفْقا بأسْرى مُقْلتيْك فقَلَّما / يبقَى على الهجرانِ صبرُ العاشق
ها قد كتمتُ هواك معْ ما أنه / نار تشَبُّ على فؤادٍ شائق
هَبْنِي قَدَرتُ على لسانٍ صامتٍ / ما حيلتي في دمع عينٍ ناطق
لو كان يَقْطُر لا عتذرتُ بعلٍة / ما حيلتي في ذي غُروبٍ دافق
إنْ لم أَخُضْ لُجَجَ الغرامِ وأمتطىِ / طلبَ الوصالِ بكل أَشْعث رائق
وأكرُّ بين الجَحْفَلَيْن معرِّضا / نفسي هناك لطاعنٍ أو راشِقِ
وأُدافع الموتَ الزؤام بمنكبي / في كل ملتبِس المَسَالكِ مازِق
نَكِرتْ كعوبَ السَّمْهَرِية راحتي / وعَدمتُ آثارَ النِّجادِ بعاتقي
وفَررتُ من خصمي وعاف مُعاشِري / خُلُقي وخُيِّب سائلي أو طارِقي
بِنْتم فما فَرِحتْ بأَوْبَةِ قادمٍ / نفسي ولا حَزِنت لفقدِ مُفارِق
أنا من فراقك بين حزنٍ ثابتٍ / لايستقلُّ وبين صبرٍ آبِق
يا هلْ حَفِظت على ثنيةِ رامةٍ / عهدي الذي أَكَّدته ومَواثِقي
حيث السَّرائرُ والنسيمُ كلاهما / مِثْلان فتنةُ سامعٍ أو ناشِقِ
والروضُ فيما نحن فيه مُؤلِّفٌ / ثغرَ الأَقاحِ إلى خدودِ شَقائق
والطَّلُّ يُحْسَب فوق مُخْضَلِّ الرُّبا / دمعَ الدَّلالِ على عِذارِ مُراهِق
يشدو الحمامُ على الأَراكِ فتَنْبَرى ال / أغصانُ بين تَمايُل وتَعانُق
يا ليتَ شِعْري هل يُعاوِد ما مضَى / أم جَذَّت الأيامُ منه عَلائقي
هبْ ذاك عاوَد كيف لي بزوالِ ما / كتبتْ صروفُ الدهرِ فوق مَفارقي
خَطٌّ غدا يَقَقَ الحروفِ فما له / يسودُّ حين يراه قلبُ الوامِق
ما للزمانِ يَخصُّني بصُروفِه / حتى ركضْنَ إلىَّ ركضَ مُسابِق
ما زال يُنْهِلني الأُجاجَ مكررا / ويُعِلُّ غيري بالزُّلالِ الرائق
وكذا الرياحُ إذا عَصَفْنَ فإنما / تأتِي على نَبْت المكان الشاهق
تغدو القَطا بين الحدائق آمنا / منها ونلعب بالمُنيفِ الباشَق
صبرا عليه فرُبَّ حالِ مُنافرٍ / حالتْ وأَضْحَى وهو أَىُّ مُصادِق