القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 4
هَل ليمَ نَضوُ صَبابَةٍ فَأَفاقا
هَل ليمَ نَضوُ صَبابَةٍ فَأَفاقا / أَم سيمَ صَبراً في الهَوى فَأَطاقا
ما أَتعَبَ اللُوّامَ إن مَلَكَ الهَوى / رِقَّ القُلوبِ وَطَوَّقَ الأَعناقا
حَشَدوا المَلاوِمَ وَاِنبَرى بِلِوائِهِ / يُزجي العُهودَ وَيَحشُدُ الأَشواقا
أَولى الفَوارِس بِاللِواءِ مُجاهِدٌ / يُردي الوُشاةَ وَيَنصُرُ العُشّاقا
عَرَفَ الهَوى حَرباً فَكَرَّ مُغامِراً / فيهِ وَراحَ مُبادِراً سَبّاقا
مَنَعَ الذِمارَ مَنازِلاً وَأَحِبَّةً / وَحَمى الحَقيقَةَ جيرَةً وَرِفاقا
طُف بِالحُماةِ فَهَل تَرى ذا نَجدَةٍ / إِلّا بِحَيثُ تَرى الدَمَ المُهراقا
وَالمَجدُ يَعرِفُهُ بِطيبِ مَذاقِهِ / مَن يَستَطيبُ المَوتَ فيهِ مَذاقا
وَأَرى العُلى تَأبى عَلى خُطّابِها / حَتّى يَكونَ لَه النُفوسُ صَداقا
لَيسَ الَّذي أَخَذَ الحَياةَ بِحَقِّها / مِثلَ الَّذي أَخَذَ الحَياةَ نِفاقا
يُزجي التَصَنُّعَ وَالرِياءَ بِضاعَةً / تُغري التِجارَ وَتَزدَهي الأَسواقا
حَتّى إِذا وَضَحَ اليَقينُ تَسَلَّلوا / عُصَباً تَروعُ العاصِفاتِ إِباقا
إِنَّ الغِوايَةَ لِلرِجالِ تِجارَةً / تَلِدُ البَوارَ وَتورِثُ الإِخفاقا
وَلَقَد رَأَيتُ فَما رَأَيتُ كَمُدَّعٍ / يَرجو بِأَحرارِ الرِجالِ لَحاقا
يَنسى أَباهُ وَلَو يُطاوِعهُ الثَرى / لَسَعى إِلى ساداتِهِ مُشتاقا
يَأتي وَيَذهَبُ في ظِلالِ قُصورِهِم / لا يَشتَكي عَنَتاً وَلا إِرهاقا
لَيسوا كَمَن مَلَكَ النُفوسَ فَسامَها / سوءَ العَذابِ وَغالَها اِستِرقاقا
هَزَّ الجَناحَ يُريدُ دارَةَ قَشعَمٍ / مَلَكَ الجِواءَ وَظَلَّلَ الآفاقا
تَدَعُ النُسورُ لَهُ بَعيدَ مَطارِها / وَتَحيدُ عَن هَبَواتِهِ إِشفاقا
اللَهُ بارَكَ في البُناةِ فَزادَهُم / مَجداً وَزادَ جَلالَهُم إِشراقا
مِن كُلِّ مِقدامٍ يُقيمُ لِجيلِهِ / شَرَفاً يَمُدُّ عَلى النُجومَ رُواقا
وَلَرُبَّ مَغلولِ العَزيمَةِ يَشتَكي / في كُلِّ عِضوٍ رِبقَةً وَوثاقا
لا يَستَطيعُ سِوى المَقالِ وَلا يَرى / أَحَدٌ بِما يَهذي بِهِ مِصداقا
أَسدى وَشَيَّدَ ما اِستَطاعَ وَإِنَّما / أَسدى المِدادَ وَشَيَّدَ الأَوراقا
في كُلِّ حَرفٍ مَسجدٌ أَو مَلجَأٌ / يُعيي الدُهاةَ وَيُعجِزُ الحُذّاقا
لَو شاءَ لِلسَبعِ الطِباقِ زِيادَةً / لَأَقامَ عَشراً فَوقَهُنَّ طِباقا
لَيسَ الأُلى حَمَلوا النُفوسَ كَريمَةً / مِثلَ الأُلى حَمَلوا الوُجوهَ صِفاقا
وُدُّ البِلادِ لِمَن يَقومُ بِحَقِّها / وَلِمَن يُقيمُ لِقَومِهِ الأَخلاقا
أعِدِ البناءَ وجدّدِ الميثاقا
أعِدِ البناءَ وجدّدِ الميثاقا / وخُذِ السّبيلَ مُبادِراً سبّاقا
جَدَّ النّضالُ ومن ورائك فتيةٌ / تَهبُ النُّفوسَ وتَبذلُ الأعلاقا
عَقدتْ بآياتِ الكتابِ عُهودَها / فاعقدْ عليها من سَناهُ نطاقا
إن كنتَ يوماً بانياً ومُجنِّداً / فَابْنِ العُقول وجنِّدِ الأخلاقا
أوَ ليس منكم من رَمَى بعهودكم / ومضَى يُريد بآخرين لِحاقا
يجدُ القيامَ على الحقوقِ مجانةً / ويرى الوفاءَ خديعةً ونفاقا
مَذِلُ المذاهبِ في الرجالِ مَلولُها / ما سِيمَ خُطّةَ ماجدٍ فأطاقا
إن كنتَ تبغي العِلمَ عند ثِقاتِهِ / فَسَلِ التِّجارَ وحدّثِ الأسواقا
جَمحَ الهَوى بمساومينَ أذلَّةٍ / ركبوا البَوارَ وبايعوا الإخفاقا
أجعلتموهم للحفاظِ جُنودَكم / وزعمتموهم إخوةً ورفاقا
لمّا أهابت مصرُ تسألُ مَن لها / كانوا عُقوقاً كلُّهم وإباقا
لولا دفاعُ أوليِ الحميَّةِ أعولت / جَزَعاً وضَجَّ حُماتُها إشفاقا
الحقُّ أضيعُ ما يكون إذا الهوى / ملكَ النُّفوسَ وصرَّفَ الأعناقا
والخَلقُ ليس يَهابُهم في حرمةٍ / من لا يهابُ الواحدَ الخلّاقا
إن كنتَ مُتَّخِذاً لنفسك عُدّةً / فَادْعُ الهُداةَ وشاورِ الحُذّاقا
ودَعِ المضلّلَ والمُخاتِلَ إنّنا / ضِقنا بتضليل الدعاةِ خِناقا
لولا المروءةُ وَهْيَ من أخلاقِنا / مَلأَ العِدَى بحديثنا الآفاقا
أنت الرّئيسُ هَداكَ ربُّكَ خُطّةً / بيضاءَ زِدتَ ضِياءَها إشراقا
لمّا طلعتَ ومصرُ حائرةُ الخُطى / جَعلَ الهُدى قَدَماً لمصرَ وساقا
سِرْ باللّواءِ يَدَعْ لجندِكَ شِلْوَهُ / مَنْ ظَنَّ أنّ مجالَها قد ضاقا
أرأيتَ إذ يَصفُ الحياةَ لقومِه / مَن ليس يَعرفُ للحياةِ مذاقا
أرأيتَ إذ يسقيِ الأساةُ بلادهم / كأساً من الموتِ الزُّؤام دِهاقا
أرأيت ما صَنَعَ الدُّهاةُ بأمَّةٍ / صاغوا لها الأغلالَ والأطواقا
هَشَّتْ إلى النَّعشِ المُقامِ حِيالَها / لمّا رأتْهُ مُزَخْرَفاً بَرّاقا
هُزّ اللواءَ فما لقومِكَ نُصرةٌ / حتّى تَهُزَّ لِواءَكَ الخفّاقا
اصدَعْ قُيودَ بني الكنانةِ إنّها / لا تبتغي أسراً ولا استرقاقا
يا مالِكاً عَنَتِ الوجوهُ لِعزّهِ
يا مالِكاً عَنَتِ الوجوهُ لِعزّهِ / وتَواضعتْ لجِلالهِ الأَعناقُ
تأتي فتعثرُ بالطُّبولِ وربّما / عثرت بها وبركبكَ الأبواقُ
وإذا رَحلتَ لآخرين مَطيّةً / فَرِحالُها الأسماعُ والأحداقُ
أَوَ كلّما ذَهبتْ رِكابُكَ أو أَتتْ / رَجفَ الزّمانُ وضجّتِ الآفاقُ
هَفتِ الجُموعُ ولو أَذِنْتَ لِغيرِها / طارت إليك الدُّورُ والأسواقُ
تلك الحفاوةُ لو أفادَ تصنُّعٌ / وأعزَّ شأنَ الحاكمين نِفاقُ
لو كنتَ في غيرِ الكنانةِ ما احْتَفتْ / إلا بكَ الأغلالُ والأطواقُ
لَكَ من مَساوِي الحُكم كلُّ كبيرةٍ / رِيعَتْ لها الأقلامُ والأوراقُ
الظُّلمُ دِينٌ والتعسُّفُ شِرعةٌ / والغَدْرُ عَهدٌ والهَوى ميثاقُ
يُدْلي إليك المجرمون بِمالِهِم / والله ينظرُ والدّمُ المُهراقُ
مُثْرٍ يَدوسُ على الرُّؤوسِ ومُعدَمٌ / يُودِي بِثابتِ حقِّهِ الإملاقُ
يَدعوكَ ذُو الرّكنِ الضَّعيفِ لنصرهِ / فتنوءُ آونةً وتهوِي السّاقُ
وإذا الوُلاةُ إلى الولائِم أَمْعَنوا / رَكضاً فأنت الأَبلجُ السبَّاقُ
أنت العليمُ فَصِفْ لنا حُكمَ الهَوى / وتَوجُّعَ الوِجدانِ كيفَ يُطاقُ
خَصمان يَعصفُ بالمضاجعِ منكما / تحت الظّلامِ تَغضُّبٌ وشِقاقُ
سكنت قُلوبُ الصّالحين وما ارْعَوى / فوق الحَشِيَّةِ قلبُكَ الخفّاقُ
يَنْفِي دبيبَ النومِ حين تَحسُّهُ / همٌّ يثورُ ولوعةٌ تنساقُ
قد كان ذلك ثمّ ثابَ إليكما / بعد الخصام تآلفٌ ووِفاقُ
وإذا تتابعتِ الذُّنوبُ على امرءٍ / سكنت إليها النّفسُ والأخلاقُ
شرُّ الشُّعوبِ من الحياةِ مكانةً / شعبٌ بأيدي الجاهلين يُساقُ
الحكمُ عند المصلحين كفايةٌ / والعُرْفُ عند ذوي النُّهَى استحقاقُ
وأرى النّفاقَ من الشُّعوبِ سجيّةً / يعيا بِمُعضلِ دائها الحُذّاقُ
جُنَّ المُنافِقُ بالحياةِ وما درى / أنّ الحياةَ يُفِيضُها الخلّاقُ
مَلكَ الخلائقَ أجمعين وقُدِّرتْ / بِيَمينهِ الأقسامُ والأرزاقُ
وأفاضَ من عدلٍ ومن حُرِّيَّةٍ / فيهم فلا ظُلمٌ ولا اسْتِرقاقُ
لا تسبقِِ النّفسُ الأبيَّةُ حِينَها / يوماً ولا يعتاقها الإشفاقُ
تبدو القيودُ فتقشعرُّ جُلودُنا / والجهلُ قيدٌ مُحكَمٌ ووثاقُ
مِنْ هَيْبَةٍ يُغضي القريضُ ويُطرِقُ
مِنْ هَيْبَةٍ يُغضي القريضُ ويُطرِقُ / وَيميلُ فيكَ إلى السُّكوتِ المنطقُ
إئذنْ يَفِضْ هذا البيانُ فإنّه / ممّا يُفيضُ بَيانُكَ المُتَدَفِّقُ
ما في النّوابِغِ من لبيبٍ حاذقٍ / إلا وأنتَ ألبُّ منه وأحذقُ
إن يَلْبسِ الشعرُ الجمالَ مُنوَّراً / عَبِقاً فَأنتَ جَمالُهُ والرّونقُ
والقولُ مُستلَبُ المحاسنِ عاطلٌ / حتّى يقولَ العبقريُّ المُفلِقُ
رُضْتَ الأوابدَ لي أقودُ صِعابَها / ورضيتني إنّي إذن لَمُوَفَّقُ
هي مِدحتي انطلقتْ إليك مَشُوقةً / والسُّبلُ تَسطعُ والمنازلُ تَعبَقُ
أنت المجالُ الرَّحبُ تُعتصَرُ القُوَى / فيه وتُمتَحَنُ العِتاقُ السُّبَّقُ
حسّانُ مُنبَهِرٌ وكعبٌ عاجزٌ / والشّاعر الجعديُّ عانٍ مُوثَقُ
أطمعتَهم فتنازعوا فيك المدى / وأبَيْتَ فانقلبوا وكلٌّ مُخفِقُ
لي عُذرُهم ما أنتَ من عِدَةِ المُنَى / إلا وراءَ مخيلةٍ ما تَصدُقُ
أنتَ احتملتَ الأمرَ تَنصدِعُ القُوى / ممّا يَشُقُّ على النُّفوسِ وتَصعَقُ
وسننتَ للمُتعسِّفينَ سبيلَهم / مُتبلِّجاً سمحاً يُضِيءُ ويُشرِقُ
يمشي الهُدَى فيه على يَدِكَ التي / هِيَ للهُدَى عَضُدٌ أبرُّ ومِرفقُ
ذُعِرَتْ قُريشٌ هل يُبَدِّلُ دينَها / رَجلٌ ضَعيفٌ في العشيرةِ مُملِقُ
لا المالُ يَنصرُه ولا هُوَ إنْ دعا / خَفَقَ اللِّواءُ له وخَفَّ الفيلقُ
ينهَى عن الأصنامِ وَهْي بموضعٍ / تُمْحَى حَوالَيْهِ النُّفوسُ وتُمحَقُ
المالُ والعِرضُ المُمنَّع سُورُه / والمجدُ والشَّرف الصَّميمُ المُعرِقُ
مِنْ وَصْفِه الأُسْدُ الضَّوارِي تَدَّعي / والخيلُ تَصْهَلُ والقواضِبُ تَبْرُقُ
الحقُّ أقبلَ في لواءِ إمامهِ / والحقُّ أوْلىَ أن يسودَ وأَخْلَقُ
يرمِي به سُودَ الغياهبِ ساطعاً / تَنْجَابُ حول سَناهُ أو تَتشقَّقُ
حَارَ الظّلامُ فما يلوذُ بجانبٍ / إلا يُحِيطُ به الضّياءُ ويُحدِقُ
الوحيُ مُطَّرِدٌ وبأسُ مُحمَّدٍ / جارٍ إلى غاياتهِ لا يُلحَقُ
لا الضّعفُ يأخذُ مِنْ قُواه ولا الوَنَى / بِأولئكَ الهِمَمِ الدَّوائبِ يَعْلَقُ
بَغْيُ الأُلىَ خَذَلُوه مِن أنصارِه / والبَغيُ نَصرٌ للهُداةِ مُحقَّقُ
زَعَموا الأذَى مّما يَفُلُّ مَضاءَه / فمضى البلاءُ بهِ وجَدَّ المَصْدَقُ
يأوِي إلى النَّفَرِ الضّعافِ وإنّه / لأشدُّ منهم في النِّضالِ وأوثقُ
هُمْ في حِمَى الوَحْيِ المُنزَّلِ صخرةٌ / تُعيي الدُّهاةَ وجذوةٌ تتحرَّقُ
وَهَبوا لربِّهمُ النُّفوسَ كريمةً / لا تُفتدَى منه ولا هي تُعتَقُ
المؤمنون الثّابتون على الهُدَى / والأرضُ ترجُفُ والشّوامخُ تَخفِقُ
رُزِقُوا اليقينَ فلا ذليلٌ ضارعٌ / يَطوِي الجناحَ ولا جَبانٌ مُشفِقُ
جُندُ النبيِّ إذا تقدَّمَ أقبلوا / والموتُ يَفزَعُ والمصارعُ تَفْرُقُ
صدعوا بِناءَ الشركِ تحت لوائهِ / فَهَوى وطار لِواؤُه يتمزَّقُ
إنّ الذي جَعلَ الرّسالةَ رحمةً / لم يَرْحَمِ الدَّمَ في الغَواية يُهرَقُ
بعث الرَّسُولَ مُعَلِّماً ومُهذِّباً / يبنِي الحياةَ جَديدةً يتأنَّقُ
يَتَخيّرُ الأخلاقَ يَنظمُ حُسْنَها / في كلِّ رُكنٍ قائمٍ ويُنَسِّقُ
عَفَتِ الرُّسومُ وأخلَقتْ فأقامها / شمّاءَ لا تعفو ولا هيَ تَخْلُقُ
قُدسِيَّةَ الأرجاءِ ما بِرحابِها / عَنَتٌ ولا فيها مكانٌ ضَيِّقُ
تَسَعُ الممالِكَ والشُّعوبَ بأسرها / وتفيضُ خيراً ما بَقِينَ وما بَقُوا
عَرفتْ لحاجاتِ العُصورِ مَكانَها / فَلِكُلِّ عَصرٍ سُؤلُه والمَرْفِقُ
مَنَعتْ مَغالِقُها الشرُّورَ وما بها / للخيرِ والمعروفِ بابٌ مُغلَقُ
فيها لِدُنيا العالمين مَثابةٌ / لولا التَّباعدُ والهوى المُتفرِّقُ
المُصلِحُ الأعلى أتمَّ نِظامَها / فانْظُرْ أَينقُضُهُ الغبيُّ الأَخرقُ
أَوْفىَ على الدُّنيا وملءُ فِجاجِها / بَغيٌ يُزلزِلُها وظُلمٌ مُوبِقُ
والنّاسُ فوضَى في البلادِ يغرُّهم / دِينٌ من الخَبلِ المُضِلِّ مُلفَّقُ
النّفسُ مُغلقَةٌ على أوهامِها / والعقلُ مُضطَهدٌ يُضامُ ويُرهقُ
سَجَدوا لما صَنعوا فأين حُلومُهم / ولِمَنْ جِباهٌ بالمهانةِ تُلصَقُ
أهيَ التي رَفعوا وظنّوا أنّهم / قومٌ لهم فوق السِّماكِ مُحلَّقُ
مَن يَدَّعِي شرفَ الحياةِ لمعشرٍ / كَفَروا بمن يَهبُ الحياةَ ويَخلُقُ
إن تَنْبُ مكّةُ بالرسول فما نبا / عَزْمٌ تُهَدُّ به الصِّعابُ وتُسحَقُ
كذبَ الطُّغاةُ أَيُرجفون بقتلهِ / والوَحْيُ سُورٌ والملائكُ خَنْدقُ
وَرَدَ المدينةَ زاخراً فجرى بها / آذِيُّةُ وطما العُبابُ المُغْرِقُ
بَطلٌ تَوسّعَ في ميادينِ الوغَى / لمّا تضايقَ عن مَداهُ المأزِقُ
ساسَ الحوادثَ والنُّفوسَ فتارةً / يَقِصُ الرقابَ وتارةً يترفَّقُ
يدعو إلى الحُسنَى فإن جَمَع الهوَى / فالسّيفُ مَسنونُ الغِرارِ مُذَلَّقُ
يَرمِي العوانَ بكلِّ أغلبَ باسلٍ / يهفو إلى غَمَراتِها يَتشوَّقُ
لمسَ العُروشَ فما يزال يَهزُّها / ذُعرٌ يطوفُ بها وهَمٌّ مُقلِقُ
صَدعتْ قُوى الإسلامِ شامخَ عِزِّها / فإذا المُلوكُ أذلّةٌ تَتملَّقُ
وإذا الممالكُ ما يُهلِّلُ مَغرِبٌ / إلا استجاب له وكبَّر مَشرِقُ
هذا تُراثُ المسلمينَ فبعضُه / يُزجَى علانيةً وبعضٌ يُسرَقُ
عَجزَ الحماةُ فنائمٌ مُتقلِّبٌ / فوق الحشيّةِ أو مَغيظٌ مُحنَقُ
القومُ صُمٌّ في السّلاحِ وَقومُنا / مُستصرخٌ يَعوِي وآخرُ ينعقُ
إن كنتَ ذا حقٍّ فَخُذْهُ بِقوَّةٍ / الحقُّ يخذلُهُ الضَّعيفُ فَيزهَقُ
لغةُ السُّيوفِ تَحُلُّ كلَّ قضيّةٍ / فَدَعِ الكلامَ لجاهلٍ يتشدَّقُ
وكُنِ اللّبيبَ فليس من كَلِماتِها / شَرْعٌ يُداسُ ولا نِظامٌ يُخْرَقُ
الخيلُ والرَّهَجُ المُثارُ حُروفُها / والنّارُ والدّمُ والبلاءُ المُطبِقُ
فَتّشتُ ما بين السُّطورِ فلم أَجِدْ / أنّ الأُسودَ بِصَيْدِها تتصدَّقُ
أرأيتَ أبطالَ الكِفاحِ وما جَنَى / أملٌ بأجنحةِ الرّياحِ مُعلَّقُ
لا يَأْسَ من نَفحاتِ ربّكَ إنّني / لأرى السّنا خَلَلَ الدُّجَى يتألَّقُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025