خطرَتْ فمالَ الغُصْنُ وهو مُمَنطَقُ
خطرَتْ فمالَ الغُصْنُ وهو مُمَنطَقُ / وبدتْ فلاحَ البدرُ وهو مطوّقُ
وتبسّمَتْ فجلَتْ عَقيقاً نثرُه / كالعِقدِ في خَيطِ الصّباحِ منسَّقُ
وتحدّبَتْ فحسِبْتُ أنّ بمرْطِها / صَنماً يُخاطبُني وظبياً ينطِقُ
ورنَتْ ففوّقَ لحظُها نَبلاً له / عندَ الرُماةِ على السِّهامِ تفوُّقُ
وتدرّعَتْ حُمرَ الثِّيابِ فأشبهَتْ / شَمساً تورّد من سَناها المَشرِقُ
مصقولةٌ صقلَ الحُسامِ كأنّما / بعجينِ طينتِها أُديفَ الزِّئبَقُ
لم ندرِ قبل قوامِها أنّ القَنا / ممّا ينوّرُ في النُضارِ ويورِقُ
سَكْرى إذا اِنفتلَتْ للِين عِظامِها / أخشى على أوصالها تتفرّقُ
وأغضُّ طَرفي عن تموّجِ خدِّها / حذَرَاً يُراهُ فلا يعودُ فيغرَقُ
هي آيةُ الحُسنِ الّتي قد بيّنتْ / كُفْرَ العَذولِ وغيَّ من لا يعشَقُ
تهوى زيارتَها وتحذَرُ قومَها / ريحُ الصَّبا فلِذا ترِقُّ وتصفُقُ
بَيضاءُ منها الخِدْرُ يكنُفُ بيضةً / حُضِنَتْ لريشِ سِهامِ حتفٍ يُرشَقُ
لا الرّيحُ يُمكنُها تُبلّغُ نحوَها / منّي السّلامَ ولا خَيالٌ يطرُقُ
لم تخلُ كعبةُ خِدرِها من طائِفٍ / إمّا غَيورٌ أو محبٌّ شَيّقُ
وكذاك لم تبرَحْ تُرفرِفُ حولَها / إمّا بُنودٌ أو قُلوبٌ تخفُقُ
تُمسي قُلوبُ العاشقين لنارِها / تَعشو كما يعشو الفَراشُ فتُحرِقُ
كم في هواها مهجة من مُقلةٍ / تجري أسىً ويدٍ بكبدٍ تلصقُ
ولكَمْ ترى من ليثِ غابٍ دونَها / شاكي السِّلاحِ بلحظِ ريم ترمُقُ
جمعَ الشهامةَ والجَمالَ فتارةً / تخشى لقاهُ وتارةً تتشوّقُ
من كلِّ أبلجَ قدُّهُ من رُمحِه / أمضى وأوقعُ في النفوسِ وأرشقُ
حسَنٌ تشاكَلَ خدُّه وحُسامُه / فكِلاهُما بدَمِ القُلوبِ مخلَّقُ
يلقاكَ إمّا بالنُّضارِ مقرَّطاً / أو بالحديدِ يميلُ وهو مقَرْطَقُ
يفترُّ عن شنبِ الحبيبِ وإن رأى / خصماً فعن أنيابِ حتفٍ يصْلُقُ
بيدَيهِ من نارِ المنيّة مارجٌ / وبخدِّه ماءُ الشّبابِ مرَقرَقُ
ولَرُبَّ ليلٍ زُرْتُ فيه كِناسَها / والموتُ يرقُبُني وحولي يُحدِقُ
بادَرْتُها أسعى على شوكِ القَنا / وأدوسُ هاماتِ الصِّلالِ وأسحَقُ
حتّى ظَفِرْتُ بدُرّةٍ مكنونةٍ / عنها محارةُ خِدْرِها لا تُفلَقُ
فكفَفْتُ عنها عفّةً وتورّعاً / عن وصمةٍ منها لعرضيَ تلحَقُ
لولا النّقى عن وصلِها لم ينثني / حُمرُ المَنايا والحديدُ الأزرقُ
للَّهِ أيّامٌ تجمّعنا على / جَمعٍ وطرْفُ البينِ عنّا مُطرِقُ
والدّهرُ يعكِسُ ما تحاولُه النّوى / منّا فيجمَعُ بيننا ويوفّقُ
إذ عودُنا رطْبٌ وموردُ لهوِنا / عذبٌ وروضُ العيش خِصبٌ مؤْنِقُ
وبمُهجَتي أقمارُ حيٍّ بالحِمى / ضرَبوا القِبابَ على الشّموسِ وسَرْدَقوا
غُرُّ الوجوهِ كأنّهم من أنجُمٍ / أو من خِصالِ أبي الحُسينِ تلفّقوا
اِبنُ الوَصيِّ المرتَضى وسميّهُ / خلَفُ الكِرامِ السّابقينَ لمن بَقوا
غيثُ النّدى فلّاقُ هاماتِ العِدا / ربُّ المواهبِ والفصيحُ المُفلقُ
حُرٌّ لهُ شِيمٌ يُريكَ إذا اِنجلَتْ / في ليلِ حادثةٍ شُموساً تشرقُ
ومكارمٌ فيه تدلُّك أنّها / خُلُقٌ وفي طبعِ الغَمامِ تخلُّقُ
أندى الملوكِ يَداً وأكرمُهُم أباً / وأبرُّهُم للمُسلمينَ وأرفَقُ
روحُ الزّمان وقلبُه ويمينُه / كفُّ السّماحِ وزَندُه والمرفَقُ
سمْحٌ إذا مطَلَ الزّمانُ فوعدُه / أوفى من الفجرِ الأخيرِ وأصدَقُ
بحرٌ يُشَبُّ من الحَديدِ بكفّه / نارٌ يخِرُّ لها الكَليمُ ويصْعَقُ
هو في النّديِّ على السّريرِ مسرّةٌ / وإذا اِستوى بالسّرْجِ خطبٌ مُونِقُ
سبقَ الكِرامَ وقد تأخّرَ عصرُه / عن عصرهِم فهو الأخيرُ الأسبَقُ
قُل للأُلى جحدوا عُلاهُ وشكّكوا / فيهِ ألا فتأمّلوهُ وحقّقوا
وتصفّحوا صُحُفَ المعالي فهو في / صفَحاتِها المَعنى الأدقُّ فدقّقوا
لا تُدرِكُ الساداتُ سُؤدده ولو / طاروا بأجنحةِ النّسورِ وحلّقوا
كم يطلبونَ تشبُّهاً بخِصالهِ / أوَ يُشبِهُ الروضَ الأنيقَ الغلْفَقُ
ما في الكواكبِ منه أرفعُ رِفعةً / كلّا ولا في الأرض منه أحذَقُ
لفظُ الجَوادِ على كريمٍ غيرِه / إلّا أباهُ حقيقةً لا يُطلَقُ
رَيحانُهُ سُمْرُ الرّماحِ ووردُه / حُمرُ الصّوارمِ والبُنودُ الزّنبَقُ
عشِقَ المكارمَ فاِستهامَ فقلبُه / ولِعٌ بغيرِ حِسانِها لا يعْلَقُ
يلهو بنجدٍ في الحديث وقصدُه / نجْدُ المعالي لا النّقا والأبرَقُ
لولا اِشتباهُ البرقِ في ضحِكِ الظُّبا / ما شاقَهُ إيماضُهُ المتألّقُ
ولَرُبَّ ملحمةٍ بلابِلُ نَصْرِها / تشدو وأغرِبةُ المَنايا تنعَقُ
عقدَتْ عليها السّابحاتُ سحائِباً / تهمي بوارِقُها النّجيعَ وتُغْدِقُ
تَحمي سوابقُها ضغائِنَ أُسْدِها / فيكادُ جامدُها يذوبُ فيدفُقُ
عذراءُ منذ بحِجرِها وُلِد الرّدى / شبَّ الحديدُ وشابَ منها المفرِقُ
دهماءُ بيضاءُ الثّيابِ كأنّها / من بعضِها في العينِ عبدٌ أبهَقُ
ضاقَتْ فوسّعَها وإنّ فضاءَها / لولاهُ من سُمّ الخِياطِ لأضيَقُ
وعَلا غياهِبَها ولولا سَيفُه / لوثِقْتُ أنّ صباحَها لا يُفلَقُ
فرْدٌ ترى في كلِّ جارحةٍ به / يجري خضمُّ ندىً ويَسْطو فيلَقُ
ما حازَ صدرٌ قبلَهُ الدُنيا له / في جوفِه جمْعُ البريّةِ يُلحقُ
ربُّ الندى وأبو الغطارِفةِ الأُلى / فكّوا وِثاقَ المَكرُماتِ وأطلَقوا
خيرُ البَنينَ نُجومُ آفاقِ الهُدى / أقمارُ ليلِ النّقع لمّا يَغسقُ
خُلَفا ندىً للسائلين عطاؤهُم / لا ينتهي عدداً ولا يتعوّقُ
شُمُّ الأنوفِ على قساوتِهم بهم / شِيَمٌ أرقُّ من النّسيمِ وأرْوَقُ
حمَلوا الأهلّةَ بالأكفِّ وجاوَلوا / فيها النّجومَ وبالبدورِ تدرّقوا
صِيدٌ إذا رَكِبوا الجيادَ حسِبْتَها / عِقْبانَ جوٍّ بالأسودِ ترنِّقُ
لو كَلّفوا الخيلَ العُروجَ إلى السّما / كادَتْ بهم فوقَ المجرّةِ تُعنِقُ
قَسماً بِهِم وَبِمجدهم إنّي لَهَم / لسليم قلبٍ ودّهُ لا يمرقُ
إحسانُ والدِهم تملّك عاتِقي / فأنا له الرِّقُّ الّذي لا يُعتَقُ
مولىً بخدمته تشرّف عبدُه / وتهذّبَتْ أخلاقُه والمنطِقُ
منها اِكتسَبْتُ فصاحَتي فخلعتُها / مِلكاً له وأمانةً لا تُسرَقُ
فإذا بِهم قلتُ المديحَ فإنّهم / من مالِ والدِهم عليهِم أُنفِقُ
مولايَ لا برِحَتْ تهنّيكَ الوَرى / ولكَ الإلهُ بما تُريدُ يوفِّقُ
بختانِ سِبطِكَ أحمدٍ وشقيقِه ال / محمودِ فاضَ على البريّة رونَقُ
والوُرْقُ تصدَحُ بهجةً وتطرُّباً / والدّوحُ في ورقِ الغصونِ يصفِّقُ
سبطَينِ كالسِّمطَيْنِ في جيدِ العُلا / كُلٌّ مُناطٌ فوقَه ومعلّقُ
للمجد كالقُرطَينِ لا بل مرفَعُ ال / عَينَينِ أمْسى فيهِما يتحدّقُ
قبَسَيْنِ من نورَين مشتقّينِ كالن / نسرينِ بين سناهُما لا يُفرَقُ
كالفرقدَينِ تلابَسا فكلاهُما / أسنى من القمرِ المُنيرِ وأفوَقُ
درّينِ من بحرينِ كلٌّ منهما / لججٌ يتيهُ بخوْضه المتعمّقُ
شهمينِ كالسّهمين عن كثبٍ ترى / كُلّاً به تُصمى العُداةُ وتُحرَقُ
ولَدَيْ حُسينٍ ذي المفاخِر والتّقى / قمر العُلا يا لَيتهُ لا يُمحَقُ
حرٌّ له من بعدِ إحياءِ الثّنا / ذكرٌ جميلٌ يُستطابُ ويُنشَقُ
أبقى لنا منه بُدوراً خمسةً / تمّوا وأوسطُهم أتمُّ وأليَقُ
فعليهِ ما شدَتِ الحمائِمُ رحمةً / تسقيهِ ديمتُها الصّبوحَ وتعبُقُ
ملكَ السّلامةَ والأمانَ من الرّدى / وكفاكَ ربُّك ما يسوءُ ويُقلِقُ
واِنشَق رياحينَ المكارم والعُلا / واِشمَم بجَيبكِ أيَّ فخر يعْبَقُ
واِرشف هنيّاً أيَّ شهدِ مسرّةٍ / شيمٌ تغصُّ بها العُداةُ وتشرقُ
واِلبَس من الإجلالِ أشرفَ حُلّةٍ / يَبلى بجدَّتِها الزّمانُ ويخلُقُ