سِحْر نطقتُ به وأنت المنطِقُ
سِحْر نطقتُ به وأنت المنطِقُ / ولكَ الولاءُ ولي بعرشكَ موثِقُ
يا أفقَ إلهامي ووحيَ خواطري / هذا نشيدي في سمائكَ يخفِقُ
توحي إليَّ الشعرَ علويَّ السنى / مصر ونورُ شبابكَ المتألِّقُ
وشواردٌ هزَّ النجومَ رويُّها / والكونُ مصغٍ والشعاعُ يُصفِّقُ
في ليلةٍ للنفس فيها هِزَّةٌ / ولكلِّ قلبٍ صبوةٌ وتشوُّقُ
ريَّا الأديمِ كلجَّةٍ مسجورةٍ / يسري عليها للملائكِ زورقُ
غنَّى بها الشعرُ الطروبُ وأقبلت / بالزهرِ حوريَّاتُهُ تتمنطقُ
وشدا الرعاةُ الملهَمون كأنما / سيناءُ من قبَسِ النبوةِ تُشرقُ
هيَ من طوالعِك الحسانِ وإنه / أمَلٌ لمصرَ على يديكَ يُحقَّقُ
مصرٌ إذا سُئلت فأنت لسانُها / وجنانُها وشعورُها المتدفِّقُ
فتلقَّ فرحتَها بعيدكَ إنَّه / عيدٌ يهنئُ مصرَ فيه المشرقُ
مولايَ هلْ لي أن أُقبلَ راحةً / بيضاءَ تُحيي المأثراتِ وتخلُقُ
مرَّتْ على الوادي فكلُّ شِعابِهِ / عَينٌ مفَجَّرَةٌ وغصنٌ مُورقُ
وجَلوتَها للناظرينَ فأبصروا / برهانَ ربك ساطعاً يتألقُ
لو رُدَّ فرعونٌ وسِحْرُ دعاتهِ / وتساءلوا بكَ مُجمعينَ وأحدقوا
لقِفَتْ عصاكَ عصيَّهم فتصايحوا / لا سحرَ بعد اليوم أنتَ مُصدِّقُ
يا باعثَ الرُّوح الفتيِّ بأمةٍ / تسمو بها آمالُها وتُحلِّقُ
أغلى الذخائر في كنوز فخارِها / تاجٌ يُجمِّلهُ بنوركَ مفرِقُ
صاغَتهُ من آمالِها ودمائها / وأجلّهُنَّ دمُ الشباب المهْرَقُ
إن أنسَ لا يَنسَ اليمينَ ويومهُ / قلبي الطروبُ وجفنيَ المغرورِقُ
وهُتافُ روحي في خِضمٍّ صاخبٍ / خِلتُ الفضاء الرَّحبَ فيه يغرقُ
القائد الأعلى وتحتَ لوائهِ / حُرَّاسُ مصرَ الباسلونَ السُّبَّقُ
طافوا بساحتكَ الكريمةِ فيلقاً / يحدُوهُ منْ آمالِ مصرٍ فيلقُ
وأنلتَهُمْ شرَفَ المثولِ فقرَّبوا / مُهَجاً يحوطُكَ حُبُّها ويُطوِّقُ
وضعوا الأكفَّ على الكتاب وأقسموا / وسُيوفُهمْ من لوعةٍ تتحرَّقُ
أوْمى لها الماضي فجنَّ حديدُها / حتى تكادَ بغيرِ كفٍّ تُمشقُ
ذكرَتْ بك النصرَ المبينَ وفاتحاً / يطأُ الجبالَ الشامخاتِ ويَصعقُ
يا صنوَ إبراهيمَ لو ناديتُه / بك لاستجاب وجاء باسمكَ ينطقُ
لك مصرُ والسودانُ والنهر الذي / يحيا المواتُ به ويغنيَ المُملِقُ
عرشٌ قوائمهُ التُّقى وظلالهُ / عَدْلٌ وروحانيةٌ وترفُّقُ
المسجدُ الأقصى يودُّ لو أنه / أسرى إليهِ بكَ الخيالُ الشيِّقُ
كم وقفةٍ لكَ في الصلاةِ كأنما / عمرٌ تحُفُّ به القلوبُ وتخفُقُ
لما وقفتَ تلفّتَ المحرابُ من / فرحٍ وأنتَ لديه حانٍ مطرقُ
ويكاد من بَهَج يضيءُ سِراجَه / وجهٌ عليه من الطهارةِ رَونقُ
أحييتَ سنةَ مالكينَ سما بهمْ / في الشرق أوج حَضارةٍ لا يُلحَقُ
فانين في حبِّ الإله ولن ترى / بعد الأُلوهة ما يُحبُّ ويُعْشَقُ
طُهْرٌ عَصَمْتَ به الشبابَ وإنما / شِيمُ الملوكِ به أحقُّ وأخلقُ
تُغضي لرقّتكَ النفوسُ مهابةً / وتهُمُّ بالنظرِ العيونُ فتُشفِقُ
إنَّ السيوفَ تُهاب وهي رقيقةٌ / وخَلائقُ العظماءِ حين تُرفَّقُ
ألقى البشيرُ على المدائنِ والقرى / نبأً كصوت الوحيِ ساعةَ يطلَقُ
عَبر الضِّفافَ الحالماتِ فمسَّحت / جَفناً وهبّ نخيلها يتأنَّقُ
فرحٌ تَمثّلَ مصرَ فهي خواطرٌ / صدَّاحةٌ وسرائرٌ تترقرقُ
اليومَ آمنَتِ الرعيةُ أنها / أدنى لقلبكَ في الحياة وألصقُ
آثرْتها فحبتْكَ من إيثارِها / تاجاً شعائرهُ الولاءُ المطلقُ
مَلكاتُ مصرَ الرائعاتُ إذا بدا / كفٌ تشير له وعينٌ ترمُقُ
وحديثُ أرواحٍ يَضوعُ عبيرهُ / ومن الطهارة ما يَضوعُ ويَعْبَقُ
يا صاحبيْ مصرٍ أظلَّكما الرِّضى / وجرى بيُمنِكما الربيعُ المونِقُ
وفداءُ عرشكما المؤثَّلِ أمةٌ / أمستْ خناصرُها عليه تُوَثَّقُ
يا شمسُ يا أمَّ الحياةِ تكلمي / فلقد يُثابُ على الكلام الصَّيْدَقُ
أأعزُّ منا تحتَ ضوئِك أمةٌ / هي بالحياة وبالسيادة أخْلَقُ
إنّا بنوكِ وإن سُئلتِ فأُمنا / مهدُ الشموسِ وعرشُهنَّ المعْرِقُ
عرشٌ لفاروقَ العظيمِ يزينهُ / هذا الشبابُ العبقريُّ المشرقُ