المجموع : 4
للطَّيفِ بَحرُ بُكايَ يَنْفَرِقُ
للطَّيفِ بَحرُ بُكايَ يَنْفَرِقُ / وإذا تقحّمَ عُذَّلي غَرِقوا
إعجازُ وَجْدٍ قد شَرعْتُ به / دينَ الغرام لكُلِّ مَن عَشِقوا
مطَرتْ سَحابةُ عَبْرتي دِيَماً / من طُولِ ما رَعدوا وما بَرقُوا
قالَ الوشاةُ لقد سلوتهُمُ / كَذِبَ الوشاةُ وليتَهم صَدقوا
بالقلبِ يَسْلو إن سلا دَنِفٌ / والقلبُ رَهْنٌ عندهم غَلِق
أَبني كنانةَ من قبائلِكمْ / بالحَزْنِ حيث تَلاقَتِ البُرَق
نَبّالةٌ يومَيْ وغىً وهوىً / أَهدافُها وسهامُها الحَدَق
وإلى المَقاتلِ لَحْظُ أَعيُنِهمْ / من نَبْلِهمْ أَهدَى إذا رشَقوا
رمَقوا فما تَركوا غداتَئذٍ / فوق البسيطةِ مَن بهِ رمَق
أَرأَيتَ كيف غدا يُديرُ لنا / عينَيْهِ ذاك الشّادِنُ الخَرِق
ليس العجيبُ إذا هُما رمَتا / والقلبُ لامةُ صَبْرِه مِزَق
أنْ لم يكُنْ عندَ النِّضالِ بدا / من نابلَيْنِ لحاسِرٍ فَرَق
عَجِبَ الخلائقُ من فؤادِ فتىً / أَرسَى بحيثُ الأسهُمُ المِرَق
يَلتَذُّ ما أَصماهُ قاتِلُه / وبه إذا لم يَرْمِه القَلَق
أشجِعْ بقَلْبي حين تَرشُقُه / لو أنّ صُدْغَك فوقَه حَلَق
يا صاحِ أَسعِدْني فكم أَنا قد / أَسعَدُْت أَصحابي الأُلَى عَشِقوا
سَلْ حَيَّهمْ عنّي وعن نفَري / كم صُبِّحوا منّا وكم طُرِقوا
عُقُباً فإمّا زائرٌ طَرِبٌ / وَجْداً وإمّا ثائرٌ حَنِق
فبأدْهَمِ الإظْلامِ أَطرُقُهمْ / وبأَشَهبِ الإصباح أَنطلِق
من دونِ ديباجِ الخدودِ لهم / كُسِيَ القِبابَ سُجوفَها السَّرق
فإذا ذهبْتَ مُسارِقاً نظَراً / أَعياكَ من سَرَقٍ بها السَّرق
أُمسي إذا ملأوا العيونَ كَرىً / والجَفْنُ منّي مِلْؤه أَرَق
وأَزورهمْ طَيْفاً وأَحسَبُني / لو زُرتُهمْ شَخْصاً لَما فَرِقوا
للهِ أهيفُ خَصْرُه أَبداً / بنواظرِ العُشّاقِ مُنْتَطِق
شمسٌ إذا غربَتْ غداةَ نوىً / فبُكايَ في آثارِها شَفَق
قد قلتُ للقلبِ امتلِك جلَداً / أَو فاستَعِرْ فالرَّكْبُ مُنْطَلِق
فأجابَ لا تَتْعَبْ بتَوْصيَتي / قبلَ التّفرُّقِ نحن نَفْتَرِق
لك أَدمعٌ لو سار رَكْبُهمُ / قُطِعَتْ بهِنّ عليهمُ الطُّرق
أطفأْتَ نارَ الخَدِّ منك بها / وتَركْتَ صَدْرَك مِلْؤه الحُرَق
كتَم الهوَى قَلْبي فأحْرَقَه / والزَّنْدُ حينَ يَبوحُ يَحْتَرِق
وبكَيتُ من شَوْقٍ ومن عجَبٍ / ظَمْآنُ وهْو بمائهِ شَرِق
أمّا الوُشاةُ فكم لنا طلَبوا / عَيْباً وأعيا الصِّدْقُ فاخَتلَقوا
من قبلِ أن خلَقوا لنا قِصصاً / يا لَيتَهمْ في النّاسِ ما خُلِقوا
أعطَيتُ أَيّامي القِيادُ على / قَسْرٍ وكيف يُجاذَبُ الوَهَق
ورَضِيتُ عن بَحْرٍ أُجاوِرُه / إن كانَ لا رِيٌّ ولا شَرَق
وقصائدٍ غُرٍّ مُحبَّرةٍ / هيَ من فؤادي لو دَرَوْا شِقَق
آتي بها سُوقَ الكَسادِ وقد / حُشِدَتْ بها الأملاكُ والسُّوَق
فَيُرخِّصونَ ويَرْخُصون وقد / قُطِعَتْ بهِنَّ إليهمُ شُقَق
كَذِبَ الأُلَى قالوا المديحُ لنا / رِيحٌ فلِمْ يُعطَى بهِ الوَرِق
فالرّيحُ أيضاً إنْ أُتيحَ لها / هَزُّ الغصونِ تَناثَر الوَرَق
أنا والبَدائعُ لن أَزالَ لها / أُمسي بجَفْنٍ ليس يَنطبِق
وبناتُ فِكْرٍ لي تَدورُ معي / وأَدورُ عُمْري وهْيَ تَأْتلِق
كبناتِ نَعْشٍ والسُّها طَلباً / للاِشْتهارِ بهنّ مُلْتَصِق
لكنْ تَرانا في سماءِ عُلاً / من حَولِ قُطْبِ المجدِ نَختَرِق
قُطْبٌ عليه عادَ مُؤْتَنِفاً / فلَكُ الممالكِ وهْو مُتّسِق
ما رأْيُه والمُلْكُ إن طرقَتْ / غَمّاءُ إلاّ الشّمسُ والأفُق
وخِطابُه والخَطْبُ إن يَعْلُ ال / أَقوامُ إلاّ اللّيلُ والفَلَق
هي دَولةٌ سَعِدَتْ بأوحدِها / فشَبيهُه في الدَّهْرِ ما رَمقوا
في كلِّ شَيءٍ أَهلُه اختلفوا / لكنْ على تَفْضيلِه اتّفقوا
ما انفَكّ مِسْكُ ثَنائنا أَبداً / وله ببُرْدِ علائه عَبَق
ما إن يَزال حَجيجُ كعبته / فِرَقاً على آثارِها فِرَق
مِن وجههِ لهمُ ومِن يده / شَمسٌ تُضيء وعَارِضٌ يَدِق
مُصْفٍ لسلطانِ الأنامِ هوىً / ففؤادُه بسِواهُ لا يَثِق
خلَصَتْ سَريرتُه وسائرهمْ / قد نافَقُوا غِشّاً فما نَفقوا
قُلْ للمُهنَّا ما يليقُ به / هُنِّئْتَ أَنَّك بالعُلا لَبِق
تَقليدُ مثْلِك شُغْلَ مملكةٍ / مثْلُ القِلادةِ زانَها العُنُق
شاني علائك قَلْبُه أَلِمٌ / طُولَ الزّمانِ وطَرْفُه أَرِق
حَنِقٌ دخيلُ الغَيْظِ ينفُخُه / حتّى بِزَرِّ الثّوبِ يَختَنِق
نَفْسي فِداؤك مِن أَخي ثقةٍ / للودِّ يَمحَضُ كُلَّ ما مَذَقوا
صدْقٌ صداقتُه لصاحِبه / فلدَيْهِ لا كذِبٌ ولا مَلَق
غَوّاصُ بَحْرِ يَمينِه قَلَمٌ / يَمتارُ منه اللُّؤْلُؤُ النَّسق
ويُضيءُ قرطاساً ومِن عجَبٍ / جَوْنٌ يُضيء بصِبْغِه يَقَق
للهِ أَبلجُ نُورُ غُرّته / مهما تَجلّى للعِدا صَعِقوا
يَسعَى الغمام وليس يُدرِكُه / مُتكلِّفاً بجَبينِه عَرَق
والبحرُ حينَ تَقيسُه كرَماً / في قَطْرةٍ من بَحْرِه غَرِق
عُودُ العُلا والمَجدُ مِطْرَفُه / مِثْلُ المشيبِ جَديدُه خَلَق
والدّهرُ مِضمارُ الكرامِ وهُمْ / أَشباهُ خَيْلٍ فيه تَستَبِق
ما إن لَحِقْتَهُمْ وقد سَبقوا / حتّى سبقْتَهُمُ فما لَحِقوا
من آلِ سالمٍ الألَى سَلِمَتْ / أَعراضُهمْ وتَمجَّد الخُلُق
تَنْميكَ أَمْلاكٌ يَمانِيَةٌ / بِيضٌ كَدُرِّ العِقْدِ قد نُسِقوا
أحسابُهمْ تَحكي سُيوفَهمُ / في الرَّوْعِ فهْي صَقيلةٌ عُتُق
غرَبوا فلمّا جئْتَ بعدَهمُ / وحكَيْتَهمْ فكأنّهمْ شَرَقوا
أَصفيَّ دينِ اللهِ دَعوةَ مَن / أَضحَى بذَيْلِ عُلاكَ يَعتَلِق
هل في الفضيلةِ أن أَعيشَ كذا / شِلْواً بكفِّ الدّهرِ أُعترَق
أيّامَ أنت مُحَكِّمٌ قلَماً / في دَولةٍ ولديكَ مُرتَزَق
وتَضُمُّنا عرَبيّةٌ كرُمَتْ / أَعراقُها فَفُروعُها سُمُق
إنْ تَعْتَنِقْ كُلَفي مُحافظةً / لا زال رَحْباً منك مُعتَنَق
فَلطالما والدّهرُ ذو دُوَلٍ / لِوَميضِ بَرْقِكَ بِتُّ أرتَفِق
نَصْرُ ابْنِ نَصْرٍ قد قَنِعْتُ به / قَرُبتْ ليَ الأنصارُ أم سَحُقوا
وعُلا عَليٍّ فوقَ كُلِّ عُلاً / سكَتوا غداةَ الفَخْرِ أَم نَطَقوا
لا زال قُطْباً في الثّباتِ له / يَأْتي ويَمْضي الصُّبْحُ والغَسَق
إنّي بقولِكَ واثِقٌ
إنّي بقولِكَ واثِقٌ / وبصَرْفِ دهريَ غيرُ واثِقْ
فاعجَلْ بِبرِّكَ أيُّها ال / مَولَى على رَغْمِ العَوائق
أهْوَى الظّباءَ وليس لي أَربٌ سوى
أهْوَى الظّباءَ وليس لي أَربٌ سوى / نظَراتِ مُشتاقٍ إلى مُشْتاقِ
لا تَقْرُبُ العَوراءُ من قَوْلي ولا / يَنْحَلُّ في الفَحْشاء عَقدُ نِطاقي
والنّاسُ مُختَلِفونَ في آدابهمْ / وكذا اخْتلافُ مآربِ العُشّاق
جاءتْ بقَدٍّ كالقَضيبِ غدا
جاءتْ بقَدٍّ كالقَضيبِ غدا / بلَواحظِ العُشّاقِ مُنْتَطِقا
وبدَتْ وقد أبدَتْ مَحاسِنَها / خَمْساً تُبيِّنُ عُذْرَ مَنْ عَشِقا
ليلاً على صُبْحِ على قَمَرٍ / في غُصْنِ بانٍ في كثيبِ نَقا
ونَواظراً مَخْلوقةً فِتَناً / قطَعتْ على أبصارِنا الطُّرُقا