المجموع : 19
قَمرٌ إذا عاتَبتُهُ شغَفاً بِهِ
قَمرٌ إذا عاتَبتُهُ شغَفاً بِهِ / غَرسَ الحياءُ بوجنتَيْهِ شَقيقَا
وتلهّبتْ خجَلاً فلولا ماؤها / مترقرِقٌ فيها لصار حَرِيقَا
وازْوَرَّ عنِّي مُطرِقاً فأضلَّنِي / أن أهتدي نحوَ السُّلوِّ طَريقَا
فَليلْحَني مَن شاءَ فيهِ فَصَبوَتي / بهواهُ سُكرٌ لستُ مِنهُ مُفيقَا
انظُر شَماتَةَ عاذِلي وسُرورَهُ
انظُر شَماتَةَ عاذِلي وسُرورَهُ / بكُسُوفِ بَدرِي واشتِهارِ مَحاقهِ
غَطّى ظَلامُ الشّعْرِ من وَجناتِه / صُبحاً تضيءُ الأرضُ من إشراقهِ
وهو الجهُولُ يقولُ هذا عارضٌ / هُو عارضٌ لكن على عُشّاقِهِ
للهِ ليلتُنا التي رَحُبَتْ لَنا
للهِ ليلتُنا التي رَحُبَتْ لَنا / فيها المسرّةُ في مجالٍ ضَيّقِ
ما شَابَها لولا مَشِيبُ ظلامِها / كَدَرٌ ولا راعَتْ بِواشٍ مُحنَقِ
فلوِ استطعتُ خَضَبتُها بشَبيبتي / وجعلتُ لونَ صَباحِها في مَفرِقي
يَا لائِمي أُنْظُر إلى قَمرٍ
يَا لائِمي أُنْظُر إلى قَمرٍ / في الأرضِ في وجنَاتِه شَفَقُ
وبخدِّهِ وَردٌ إذا نَظَرَتْ / عَيني إليه تَناثَر الورَقُ
سبحانَ مَن أذكى بوجنتهِ / نارَ الحياءِ وليسَ يَحتَرقُ
لو أحْسنوا في مَلِكنَا أو أعتَقوا
لو أحْسنوا في مَلِكنَا أو أعتَقوا / لَصَفَا لَهُم من وُدّنا ما رنَّقُوا
مَلّكْتُهم رِقّي كما حكم الهوَى / فأبى اعتسَافُ جَمالِهم أن يَرفُقُوا
لَهِجُوا بهَجري في الدُّنوِّ كأنّهُم / لم يعلَمُوا أنّ الزّمانَ يُفَرِّقُ
أمُشَيِّعِي باللّحظِ خَوفَ رَقِيبِه / والدّمعُ من أجفانِه يترقرَقُ
قد كنتُ أخضعُ قبلَ بَيْنِكَ للنّوى / فالآنَ لستُ من التّفَرّقِ أفْرَقُ
هّذي النّوَى قد نَالني من صَرْفِها / ما كُنتُ منه زمانَ وصلِكَ أُشْفِقُ
ويَهيجُنِي بعد اندمالِ صَبَابَتِي / ورْقاءُ مادَ بِهَا قضيبٌ مُورِقُ
عجماءُ تَنطِقُ بالحَنينِ ولم يَهِج / شوقَ القلوبِ كاعَجمِيٍّ ينطِقُ
بي مَا بَها لكن كتَمتُ وأعلَنَتْ / ودموعُها حُبِسَتْ ودمعيَ مُطْلَقُ
كمْ دُونَ رَبْعِك مَهْمهٌ مُتقاذِفٌ / تَشقَى الركابُ به وبيدٌ سَمْلَقُ
ملَّ السُّرَى فيه الصِّحَابُ فعرَّسُوا / والشّوْقُ يُوضِع بي إليكَ ويُعنِقُ
قَطَعتْ إليكَ بنا المَطِيُّ وحثَّها / أشواقُها والشّوقُ نعم السّيِّقُ
بَارَتْ مَطارحَ لَحْظِهَا فيخالُها الرْ / رائِي تَسابقَ لحظُها والأسؤقُ
تَشكُو إلينا شوقَها وحنينَها / وَلرَكْبُها منْها أحَنُّ وأشْوَقُ
مَعْقُولةٌ بِيَد الغَرامِ طليقةٌ / هَل يُفتَدى ذاكَ الأسيرُ المطْلقُ
مُنيَتْ بحَمْلِ غَرامِنا وغَرامِها / فَتجشّمتْ مالا تُطيقُ الأيْنُقُ
ألِفَ القِلَى وأجَابَ دَاعيةَ النّوَى
ألِفَ القِلَى وأجَابَ دَاعيةَ النّوَى / فَبُليتُ منه بِهِجرَةٍ وفرَاقِ
والصّبُّ راحتُهُ البكاءُ ومُذْ نَأى / إنْسانُ عَينِيَ أمْحلَتْ آمَاقي
لو كنتُ أطمعُ في بقاءِ عُهودِهِ / سكنَتْ بَلابِلُ قَلبيَ الخَفّاقِ
رفقاً بقلب الصّبِّ رفقَا
رفقاً بقلب الصّبِّ رفقَا / هُو دُونَكم بالبَيِنِ يَشْقَى
لا تَحسَبَنْه يَاخ خليْ / يَ القَلب بَعد البعْد يَبْقَى
في زُمرة الشّهدَاءِ يُح / شَرُ في غَدٍ إن مَاتَ عِشْقا
مَن مُبلغُ النّائِي المقيمِ تَحيّةً
مَن مُبلغُ النّائِي المقيمِ تَحيّةً / مِن رَاحلٍ شَاكٍ جَوَى أشْوَاقِهِ
لَهجٍ مع اليأْسِ المُبينِ بذكْرِه / قَلقِ الحشَا لِبِعادِهِ خَفّاقِهِ
وهُو الخَلِيقُ بأن يَموتَ كآبةً / لكنّ حُسنَ الصّبرِ من أخْلاقِه
إنْ تَقْطَعِ الأيّامُ منك عَلائِقِي
إنْ تَقْطَعِ الأيّامُ منك عَلائِقِي / فأنَا المُواصِلُ بالودَادِ الصّادِقِ
أرضَى من العهدِ القديمِ بِرَعْيِهِ / ومنَ الزّيَارَةِ بالخَيالِ الطّارِقِ
هَذا وعِندي للفِراقِ مآتِمٌ / فيهَا التّجمّلُ والعَزَاءُ مُفارِقِي
وأُلاَمُ في شَكْوَى جَوَايَ وقَلّمَا / يَحظى المُفارِقُ بالرّفِيقِ الرّافِقِ
هَل يُغْنِيَنْ صَمتي عن الشّكْوى إذا / شَكَت الجَوَى زَفَراتُ قَلبي الخَافِقِ
هَبْني أكَفكِفُ زَفْرَتي وَمَدامِعي / مَا حيْلَتي وَشَجَا التّجمّلِ خَانِقِي
أنا كالحمامِ تَبُوحُ حينَ تَنُوحُ بالشكْ / وَى ولَم تَفْغَر لَها فَمَ نَاطِقِ
بِالغَورِ أهلُكِ يابُثَينَ وأهلُنا
بِالغَورِ أهلُكِ يابُثَينَ وأهلُنا / بالأبْرَقَينِ فأينَ أينَ المُلْتقى
بَعُدَ المزَارُ فلو سَرى لزيارتِي / طيفُ الخيالِ ثَناهُ هولُ المُرتَقى
كم شِمتُ برقاً منك أخْلَفَ نوْءُه / قبلَ النّوى وظننتُ ظَنّا أخْفَقَا
فَعلامَ أجزَعُ للفِراقِ وإنّنِي / لأرَاه أرْأفَ بالقُلوبِ وأرفَقَا
أشْتاقُكمْ فإذا نَظرتُ إليكُمُ
أشْتاقُكمْ فإذا نَظرتُ إليكُمُ / زادَ الدّنُوّ صَبَابَتي وتَشَوُّقي
فَمتَى أُفِيقُ وبُعدُكُم يُذكي جَوَى / قَلْبِي ويُضرِمُ شوْقَه أن نَلْتَقِي
يا اُبنَ الأُلَى جمعَ الفخارَ لبِيتهمْ
يا اُبنَ الأُلَى جمعَ الفخارَ لبِيتهمْ / ما شَتَّتُوهُ من العَطاءِ وفرّقُوا
وتَملَّكُوا رِقَّ الأكارِمِ بالّذِي / فَكّوا به رِقَّ العُنُاةِ وأطلَقُوا
أشكُو إلى عَلياكَ هَمّاً ضَاقَ عَن / كِتمانِه صَدرِي وما هو ضَيِّقُ
وطوارِقاً للهمّ أَقريها الكرَى / وتَلُظُّ بي صُبحاً فما تَتَفَرَّقُ
لو لم أُمَنِّ النّفسَ أنَّكَ كاشفٌ / كُرباتِهَا عَنْها لكادتْ تَزهَقُ
أنا عائذٌ بك من عُقوقٍ مُحبطٍ / عَملي فَعِصياني لأمرِكَ مُوبِقُ
لا تُلزِمَنِّي بالهَوانِ وحَملِهِ / إنَّ اُحتمالَ الهُونِ ثِقْلٌ مُرهِقُ
دَعني وقَطعَ الأرضِ دُونَ مَعاشِرٍ / كُلٌّ عليَّ لِغيرِ جُرمٍ مُحنَقُ
تَغلِي عليَّ صُدورُهم من غَيظِهم / فتكادُ من غيظٍ عليَّ تَحرَّقُ
تَعشَى إذا نَظرُوا إليّ عُيونُهم / تحتى كأنّ الشّمسَ دُوني تُشرِقُ
كَسَدَت عليَّ بضَائِعي فيهم فَلاَ / أدَبي ولا نَسَبِي عليهم يَنفُقُ
أعيَا عليَّ رضاهُم فيئستُ من / إدراكِه ما النَّجمُ شيءٌ يُلحقُ
إن أغْشَهُمْ قالُوا خَلُوبٌ مَاذِقٌ / أوْ أَجْفُهُم قالُوا عَدوٌّ أَزرقُ
قد أفسدُوا عَيشِي عَلَيَّ وعيشَهُم / فأنا الشَقِيُّ بِهم وبي أيضاً شَقُوا
فاسَمحْ ببُعدِي عنهمُ برضَاكَ لِي / إنَّ الّذي ترضَى عليه مُوفَّقُ
فلعلَّ بعضَ العُمرِ وهو أَقَلُّهُ / ألاّ يُكدِّرَ بالهُمومِ ويُمذَقُ
وعَسَى قلوبٌ أعضَلَتْ أدواؤُها / في قُربِنَا بعد التَّفرِّقِ تُفرِقُ
فضلُ الأقارِب بِرُّهُم وحُنوُّهُم / فإذا جَفوْني فالأباعِدُ أرفَقُ
أتظّنِني أرجُو عَواطِفَ وُدِّهِمْ / إنّي إذاً عبدُ المطامعِ أخْرقُ
بَيني وبَيْنَهُمُ هِناتٌ في الحشَا / منها نُدوبٌ ما بقِيْتُ وما بقَوُا
لا تَغتَرِرْ برجَائِهِمْ أن يُحسِنُوا / كم قد رأينَا من رجاءِ يُخفِقُ
خُذ ما تَراهُ ودعْ أحاديثَ المُنى / إنَ الأماني فيهمُ لا تَصدقُ
وأغِثْ فإنّ السّيلَ قد بلغَ الزُّبَى / حقًّا وأدرِكْني قُبيلَ أُمزَّقُ
بَعُدتْ مسافةُ بينِنَا وتوحّشَتْ
بَعُدتْ مسافةُ بينِنَا وتوحّشَتْ / حتّى على طيفِ الخيالِ الطّارِقِ
ويئستُ من أن نَلتقِي لكنّنِي / ألقَى تذكُّركُم بقلبٍ خَافِقِ
وأُغيِّضُ العَبراتِ وهي فرائِدٌ / من لُؤلؤٍ فَتفيضُ سمطَ عَقائقِِ
لا تُفسِدَنَّ نَصيحتِي بشِقَاقِ
لا تُفسِدَنَّ نَصيحتِي بشِقَاقِ / وأبيكَ ما السُّلوانُ من أخْلاقي
حظَرَ الوفاءُ عليَّ أن أسلُو فلا / فُكَّ السُّلُوُّ من الغرامِ وَثَاقي
لا ترجُوَنَّ لِيَ الشِّفاءَ من الجوَى / واليأسُ كلُّ اليأسِ من إِفراقي
كيف الإفاقةُ للَّدِيغِ أَخي اُلهَوى / من دَائِه والسُّمُّ في الدِّريَاقِ
سُقْمُ الجفُون سَقَامُه وشفاؤُه / فيها فمَنها الدّاءُ وهي الرّاقي
وأغنّ راعتْنِي النّوَى بفِراقِهِ / ولَكَم فُجعتُ ولا كذَا بِفراقِ
أخلُو بأفكارِي لِتُدنَي شخصَه / خُدَعُ المُنَى من قلبيَ الخفّاقِ
وأُكرِّرُ التَّسآلَ عنه لجاهلٍ / علمِي وتلك عُلالةُ المشتاقِ
فإذا تسامحَ لِي اُلزَّمانُ بقُربِه / من بعدِ بَيْنَيْ فُرقةٍ وشِقَاقِ
باثثْتُهُ وجْدي وقلتُ يَرِقِّ لي / فأجابَني بالصّمتِ والإطراقِ
ويلومُنْي فيهِ رفيقٌ يدَّعِي / نُصحِي أضاعَ النُّصحُ حقَّ رِفاقي
إِيهاً كلانا يشتكي حَرَّ الهَوى / لكنْ جهِلْتَ تَبايُنَ العُشّاقِ
أنت استضأْتَ بنارِه متبصِّراً / وأنا صُلِيتُ بجمرِهِ المِحراقِ
أتلومُنِي بعد الهُبوبِ من الكرَى / وحشاكَ مثلوجٌ ودمعُكَ راقي
لا دَرَّ درُّك سوف يُفرِدُكَ الهوَى / منّي فلا تتعجَّلَنَّ فِرَاقي
أسلَمتَنِي للوجدِ إن أرضاكَ أَن / أضْنَى فكُلُّ رِضايَ أنّكَ باقي
إن جُرْتَ عن نهجِ الكرامِ فمرشِدٌ / لك مُرشدٌ بمكارِمِ الأخلاقِ
فاعمَدْ لمجدِ الدّين تلقَ المجدَ ما / لاقيتَه أَكرِمْ به مِن لاَقي
فإذا وصلتَ إلى أغرِّ محَجَّبٍ / مخلوقةٍ كفّاهُ للإنفاقِ
فاربَعْ بربعٍ لا يزالُ نَزيلَه / حُسنُ الثّناءِ وخَشيةُ الخَلاّقِ
واُبلِغْ تَحيةَ نازحٍ قذَفَتْ به / أيدِي النّوَى في أسحَقِ الآفاقِ
قد كانَ بالشّامِيِّ يُعرفُ بُرهةً / من دَهرِهِ والآنَ فهْوَ عِرَاقي
أنضَى الوجيفُ رِكابَه وجيادَه / فكأنَّهُنَّ قلائدُ الأعناقِ
وهو الجليدُ على خُطوبِ زمانِه / لا يشتكِي منها سوَى الأشواقِ
ينزُو لذكر أبي سلاَمَةَ قلبُهُ / فيكادُ يمرُقُ من حَشاً وصِفَاقِ
واهتِفْ به يا خيرَ من أرجوه لِلْ / لَأْوَاءِ أو أدعُوهُ يومَ تَلاقِ
بي لوعَتان عليكَ يضعُفُ عنهما / جَلَدِي من الأشْواقِ والإشفاقِ
فالشوقُ أنتَ بهِ العليمُ وغالبُ ال / إشفاقِ مما أنْتَ فيَّ مُلاقِي
وإذا اُخطأَتْكَ الحادثاتُ فكلُّ ما / ألقَاهُ محمولٌ على الأَحدَاقِ
يا راكبَ الشِّدَنِيَّةِ الغَيْداقِ / ومُتَابِعَ الزّمَلانِ بالإِعْنَاقِ
في فتيةٍ وصَلُوا السُّرَى حتى انبَرت / أجسامُهم أخفَى من الأَرماقِ
من كلِّ مهتَزٍّ بكفِّ نُعاسِه / هزَّ الوليدِ ثِنَايَةَ المِخْرَاقِ
وضَعَ النُّعاسُ على الأكُفِّ خُدودَهم / فكأَنّهم خُلقُوا بلا أعْنَاقِ
إِمّا بلغتُم سالمينَ فبِلِّغوا / أوفَى تحيّةِ مُشئمٍ لِعَراقي
وتوسّمُوا ذاكَ المُحيَّا واُمتَرُوا / تِلكَ البَنانَ مفاتِحَ الأَرزاقِ
من آل مُنقِذٍ اُلذينَ عِرَاصُهُم / ملأى من الزُّوَّارِ والطُّرُّاقِ
اللاّبِسينَ من المكارمِ جُنّةً / ما للمَعَايِبِ غيرَها من وَاقِ
يتهلّلُون لدَى النَّوالِ وفي الوغَى / يَسطُون بالإرعاد والإبرَاقِ
يا أيُّها المولَى الذي بِبِعادِه / عنِّي قَرُبتُ من الرّدى المُعتَاقِ
لي أنَّهُ الشَّاكِي الشجيُّ لِما بهِ / إمَّا ذُكِرتَ ولوعةُ المشتاقِ
وإذا الجفونُ نظرنَ بعدكَ نُزهَةً / عاقبتُهُنَّ بدمعِيَ المُهراقِ
لا تطلُبَنْ منِّي المسرَّةَ إنَّها / عَذراءُ قد متَّعتُها بطَلاقِ
أمَّا أبوكَ فداؤُهُ مُستحكِمٌ / ما إنْ له بِسواكَ من إفْراقِ
كيف السُّلُوُّ لَه وأنَّى صَبرُه / عن مُصطفىً بمكارِم الأخلاقِ
ذُو مُهجةٍ تنزُو إليكَ ومقلةٍ / تبكي عليكَ إليكَ بالأشواقِ
لمّا علمتُ بعَجْزِهِ عن نَظمِ ما / يُنهِي إليكَ وذاكَ باستحقاقِ
أجريتُ طِرْفِي في سباقِك دُونه / وعَهِدتُهُ أبداً من السُّبَّاقِ
وبذلتُ جَهدِي بالنِّيابَةِ عنه باُلنْ / نَزرِ القليلِ من الكثير الباقي
جَرياً على شَغَفِي بكم ومحبَّتي / لكُمُ وحِفظِ العهدِ والميثاقِ
قد كنتُ أحسَبُ أن آ / مِدَ مُنتهى أَمدِ الفراقِ
وأُسكِّنُ القلبَ الْخَفُو / قَ إليكُمُ بِمُنَى التّلاقي
وأقولُ قد رقَّ الزَّما / نُ لِبرحِ وجدي واشْتياقي
وإذا بهِ مُستصغِرٌ / ما قد لقِيتُ وما أُلاَقي
يقضِي بتشتِيتِي وإر / جاءِ اللّقاءِ إلى التّلاقي
ضياءَ الدّين ما شَوقٌ دعَانِي / فأَسمَعَنِي بمصرَ من العِراقِ
بمحدُودٍ فأشرحُه ولا في / قُوى الأقلام تسطيرُ اشتياقي
ولكِنّي سأُرْجِئُهُ وأَرجُو / مُشافَهَتِي به عندَ التلاقِي
إذا ما كنتُ جارَكَ ذَا اشتياقٍ / إليكَ فكيفَ بي بعدَ الفِراقِ
ولي شكوَى من الأيّامِ أضحَتْ / لها نَفْسِي تَرَدَّدُ في التّراقي
أكلَّفُ من أذَاهَا فوقَ وَسعِي / وأحمِلُ كارهاً غيرَ المُطاقِ
ويُلزِمني الإِباءُ الصّبرَ فيما / يَنوبُ وطعمُهُ مرُّ المَذاقِ
ومغفورٌ لها إن أسعَفَتْنِي / بقربك ما لقيتُ وما أُلاقي
كَم إلى كَم يُلحى المحبُّ المشوقُ / وهو من سَكرةِ الهَوى لا يُفيقُ
حمّلوهُ وهو الضّعيفُ من التّع / نيفِ فيهم واللّومِ ما لا يُطيقُ
شجَّعوهُ على القطيعة والصَّبْ / بُ من الصَّدِّ والفراقِ فَرُوقُ
ولَحَوْهُ من ساحِلِ البحر والمس / كينُ في لُجّةِ الغرام غَريقُ
والسّقيمُ العانِي يُعانِي من الأو / صابِ ما لا عَانَى المعافَى الطّليقُ
يا عذُولي إليكَ عنّي فما أن / تَ كما تدَّعِي الصَديقُ الصَّدُوقُ
ليس للصَّبِّ من تباريحِ ما يَلْ / قى مُعينٌ ولا رفيقٌ رفيقُ
إنّما الحبُّ كالقيامَةِ ما في / هِ حميمٌ ولا شقيقٌ شَفيقُ
وأخُو الوجدِ ما إلى قلبِه المحْ / جُوبِ بالحبِّ للسُّلُوِّ طريقُ
خانَهُ الأصفياءُ حتى التّأسّي / وجفَاهُ حتّى الخيالُ الطّروقُ
وإذا نَهْنَهَ الدّموعَ استَجمَّتْ / وهَمَتْ وهي لُؤْلُؤٌ وعقيقُ
يا أشرفَ الوُزراءِ أخْ
يا أشرفَ الوُزراءِ أخْ / لاقاً وأكرَمَهم فَعالا
وأعزّهُم جاراً وأمْ / نَعهُم حِمىً وأجلَّ آلاَ
وأعمَّهم جُوداً إذَا / جادُوا وأكثَرَهم نَوالاَ
فلِذاكَ قد أضحى الأنا / مُ على مكارِمِه عِيالا
وحَمى البلادَ بسيفِه / عن أن تُذَال وأن تُدَالا
وأحَلّ بالإفرنجِ في / بَرٍّ وفي بحرٍ نَكالاَ
حتّى لقد سَئموا لِقَا / ءَ جيوشِ مصرٍ والقِتالا
نبَهْتَ عبداً طالَما / نبَّهْتَه قدراً وحالا
وعتَبْتَه فأنَلْتَه / شرَفاً ومجداً لن يُنالا
وكسوتَه شَرفاً إذا / ما طاوَلَتْهُ الشُّهْبُ طالاَ
لكنَّ ذاكَ العتبَ يُش / عِلُ في جوانحِهِ اُشتعَالا
أسَفاً لجَدٍّ مالَ عن / هُ إلى مَساءَتِه ومَالا
وحماهُ وهو الحائِمُ ال / ظمآنُ أن يَرِدَ الزّلاَلا
وأجَرَّ مِقْولَه فَصِرْ / نَ الحادثاتُ له عِقَالا
فَلَوِ اُستَطاعَ السّعيَ وهْ / وَ الفرضُ لم يرضَ المَقالا
لكنّها الأيامُ تُو / سِعُنَا مِطالا واعتلالاَ
وتُسوّفُ الرّاجِي وتُو / رِدُ الصّدى الظمآنَ آلاّ
والدَّهرُ لاينفَكُّ يَب / رِي أو يَريشُ لَنا النّبالا
ويصدّنَا عمّا نُحا / وِله جِهاراً واغْتِيالاَ
وإذا حمِدنَاهُ على / حَالٍ تنكَّرَ واستَحالا
وذُنُوبُه مفغورَةٌ / لو كاثَرتْ فينا الرِّمَالاَ
بالصالِح المَلِكِ الذي / جمَعَ المهابَة والجَلالا
مَلِكٌ إذا زُغنَا أقَا / لَ وإنْ سألناهُ أنَالا
فيُبيحُ جَاهِلَنا وسا / ئِلَنا نوالاً واحتِمالا
فإِليه معذرةُ المُقَصْ / صِرِ من إساءَتِه استَقَالا
وبفضلِ مَالِكه تَعَوْ / وَذَ أن يَظُنَّ به المَلاَلا
أو أنَّه يشكُو الكَلاَ / لَ لسَمعِه السِّحرَ الحَلاَلا
وهو النَّهوضُ بما تَحَمْ / مَلَهُ ولو حَمَل الجِبالا
أمَّا السَّرايَا حين ترْ / جعُ بعد خِفّتِها ثِقالا
فكذَاك عادَ وفُودُ با / بِكَ مُثْقَلينَ نَثاً ومَالاَ
ومسيرُها في كلِّ أرْ / ضٍ تبتغِي فيهَا المَجَالا
فكذَاك فضلُك مثلُ عَدْ / لِك في الدُّنَا سارَا وجَالا
فاسلَمْ لنا حتى نرى / لك في بَنِي الدّنيا مِثَالا
واشدُد يدَيْك بودِّ نُو / رِ الدين والقَ به الرِّجَالاَ
فهو المُحامي عن بلا / دِ الشامِ جمعاً أن تُذَالا
ومبيدُ أملاكِ الفرنْ / جِ وجمعَهم حالاً فَحالا
ملِكٌ يتيهُ الدَّهرُ والد / دُنيا بدولتِه اختيالاَ
جمَعَ الخِلالَ الصّالحا / تِ فلم يَدعْ منها خِلالاَ
فإذا بدَا للنّاطِري / نَ رأت عيونُهُمُ الكَمالا
فَبَقيتُما للمُسلِمِي / نَ حِمىً وللدّنيا جَمالا
قومٌ يموتُ النّاسُ عندَهُمُ
قومٌ يموتُ النّاسُ عندَهُمُ / ضُرّاً وهُمْ منهُم على فَرَقِ
كالبَحرِ يهلِكُ فيه راكبُهُ / عَطَشاً ويخشى الموتَ بالغَرقِ
لِدَتِي وإخوانُ الشَبابِ مضَوْا
لِدَتِي وإخوانُ الشَبابِ مضَوْا / قَبلي وكَم من بعدهم أبْقَى
كُنّا كأفْراسِ الرّهانِ جَرَوْا / في غَايةٍ فتقدَّمُوا سَبْقَا
وهُمُ إذا بلغُوا المدَى وقَفُوا / حتى تَضُمَّ الحلْبَةُ الخَلْقَا
ثَلُجَ النَّباتُ فراقَ لونُ مشيبِهِ
ثَلُجَ النَّباتُ فراقَ لونُ مشيبِهِ / فعلامَ لونُ الشَّيبِ ليس يروقُ
ما ذَاكَ إلاّ أنَّ ذَا داعٍ إلى / طِيبِ السُّرورِ وذاك عنهُ يَعُوقُ
وإذا أخُو الشَّيبِ استَجاب للذَّةٍ / ومسرَّةٍ فسرورُهُ مسروقُ
هذي ديارهم عفت وتفرقوا
هذي ديارهم عفت وتفرقوا / فسل المنازل عنهم ماذا لقوا
تخبرك أن الأرض قد وارتهم / رأيت لهم أن يسمعوا أو ينطقوا
وبقيت بعدهم لهَمٍّ فادح / وكآبة تضني وخطب يطرق
أرجو اللحاق بهم ودون لقائهم / باب من الأجل المؤقت مغلق
فإذا نهاني عن رجاء لقائهم / يأسي هفا قلب إليهم شيق