المجموع : 4
هل تعلمان طريقة لم تطرق
هل تعلمان طريقة لم تطرق / أو مورداً للشكر غير مرنق
فأقابل الكرم الذي سبق المنى / نحوي بشكر نحوه لم يسبق
من كل ناطقة المحاسن حرة / أجرى عليها الرزق حر المنطق
راحت شرود الذكر ينشر طيها / كرم يقيد بالثناء المطلق
واخترتها شكراً لمنة منعم / يختار للمنن الرجال وينتقي
تستعبد الأحرار منه صنائع / الحقن منهم عاطلاً بمطوق
نعم أقرتهم على طبقاتهم / وسقت جميعهم بنوء مطبق
من خاطب صلت المعاني مصقع / أو شاعر ثبت المباني مفلق
ملك إذا أسدى يداً حلت به ال / أيدي الجسام محل تاج المفرق
تحتل من غسان حيث تجمعت / شعب تفرق في الفخار لتلتقي
تقرأ المدائح من صحائف مجده / كرم الأصول من الفروع البسق
لما سعى نحو العلى فات المدى / عفواً وصفحة خده لم تعرق
مسحت بنو رزيك غيرة لاحق / ما أملوه بسابق لم يلحق
ونضت يمين الله منه صارماً / عاداته تفليق هام الفيلق
لم يلق نازلة بقلب خافق / أبداً ولم يرجع بسعي مخفق
داحي مجال الصبر أوسع ما ترى / صبراً وصدراً في المجال الضيق
تدري مواقفه الحميدة أنه / خرق له فيهن جرأة أخرق
تنهل في الأزمات حمة مشفق / منه وفي العزمات صولة محنق
كفل الجواد المستقل بسرجه / محراب عسكره وحصن المتقي
قد قلت للآمال وهي مسرة / عزاً يخاف مذلة المسترزق
الغاية القصوى أمامك فاحضري / جيش المنى واستوعبي واسترزقي
وتيقني أن قد وقعت بموقف / أدنى مراتبه العلى وتحققي
أعزيز مصر دعوة من واثق / نفست عنه خناق حظ موثق
أعتقه من رق الزمان وخله / وقف الثناء على ولاء المعتق
واسمع محاسن لفظه لا حسنه / كالدر بل أنقى من الدر النقي
ما شأن عقد نظامها ضيق ولا / أزرت عليها عقدة من منطق
إن أحسنت فلأجل إحسان سرت / آمالها في صورة المتألق
لولا ندى ماء السماحة ما غدا / ماء الفصاحة مهرقاً في مهرق
لما أدار مدامة الأحداق
لما أدار مدامة الأحداق / دبت حميا نشوة الأخلاق
جار المدير لها ولو عدل الهوى / في حكمه لامت جوار الساقي
ظبي أعار الليل طرة شعره / وأمد ضوء الصبح بالإشراق
وسنان ذاب السحر في آماقه / وأذاب ماء الروح في آماقي
كتب الجمال على صحيفة خده / عذر المحب وحجة المشتاق
ما كنت أدري قبل رؤية وجهه / أن الخدود مصارع العشاق
أشفقت من إعراضه وصدوده / فوقعت فيما خفت من إشفاقي
وافقته مذ كان وهو مخالفي / فأعجب لطول خلافه ووفاقي
خلق من الأيام معروف لها / مازال يجزي طاعة بشقاق
وافقتها زمن الشباب فأقسمت / لا كان رفق العيش بعض رفاقي
وصحبتها بعد المشيب فأخفقت / منها المطامع أيما إخفاق
ولقد كشفت لها قناع قناعة / خلعت رداء العجز والإملاق
وركبت أعجاز القوافي طالباً / بصدورها شرف الحياة الباقي
وإلى أبي الغارات واهنت الخطا / أيدي جيادي بالثناء رباقي
مولى الملوك الصالح الهادي إلى / شرع الندى ومكارم الأخلاق
يممت ساحته التي لاقى الغنى / فيها كساد مدائحي بنفاق
ولثمت راحته التي قسمت بها / معلومة الآجال والأرزاق
أحيا بها وأمات حتى خلتها / جمعت زعاف السم والدرياق
والغيث ينبوع الحياة وطالما / وافى مع الإغراق بالإحراق
ملك أصوغ مديحه من شعره / فصلاته عندي بلا استحقاق
لما علقت به وثقت بمنعم / أمسى كريم العهد والميثاق
أعتقت من رق الملوك مطامعي / ورميت عصمة ودهم بطلاق
أما وقد أصبحت من خدامه / فالشام شامي والعراق عراقي
فإذا حنت مصر علي وربها / فالأرض داري والسماء رواقي
من مبلغ اليمن الذي فارقته / ما غاب عنه من حديث فراقي
إني وردت الجود يفهق بحره / وشربت من كأس الغنى بدهاق
في ظل فياض المواهب أبلج / حلت يداه من الزمان وثاقي
أنسيت حين وردت غمر نواله / ما اعتدت من ثمد ومن رقراق
للناصر بن الصالح الشرف الذي / فاقت به مصر على الآفاق
ملك إذا استثنى أباه وجده / فضل الورى طرأً على الإطلاق
أنظره أو فانظر أباه تجدهما / سيين في شرف وفي أخلاق
من آل رزيك الذين سما بهم / شرف لنيل العز والأعراق
من دوحة المجد التي أغصانها / مجحدية الثمرات والأوراق
آساد حرب لم ترع بكريهة / وبدور مجد لم تشن بمحاق
أضحى بمحيي الدين كل معاند / وفؤاده كلوائه الخفاق
عضد الإمام ومجد الإسلام الذي / يرمي عيون عداه بالإطراق
الفارس المزري بكل منازل / في يوم معركة ويوم سباق
والواضع الأرماح بعد نباله / في الدرع بين ترائب وتراق
من لا يروعه الهياج إذا التقى / والتف ساق في الجلاد بساق
شاهدت في الميدان مثل فعاله / في الحرب بين ذوابل ورقاق
يرمي ويطعن جامعاً في حالة / عمل النصال الزرق والأفواق
بموارق من نبله شبهتها / برماحه في المعشر المراق
في ظهر وردي الأديم كأنه / برق تألق في متون براق
ملك إذا جادت سماء نواله / أزرت بصوب الوابل الغيداق
لا أشتكي ظمأ الأماني بعدما / روت سحائبه ثرى إملاقي
من شاكر عني نداه فإنني / عن شكر ما أولاه ضاق نطاقي
منن تخف عليه إلا أنها / نقلت مؤونتها على الأعناق
قد كنت حراً قبل أنعمه التي / حكمت عوارفهن باسترقاقي
فالله يبقيه ووالده فقد / سادا ملوك الأرض باستحقاق
ما هاج مزنة دمعه المترقرق
ما هاج مزنة دمعه المترقرق / إلا تألق بارق بالأبرق
برق يذكرني وميض مباسم / يسري الهوى في ضوئها المتألق
من كل ثغر مثل ثغر مخافة / خاف طريق رضابه لم يطرق
نسج العفاف عليه ثوب صيانة / هم الخيانة عندها لا يرتقي
سقياً لأيام الشباب فإنها / روض الحياة وزهرة المستنشق
أيام يصطحب الغواني والغنى / في ظل أغصان الشباب المورق
ومواطن اللذات حالية الثرى / تثني على نعم السحاب المغدق
والليل يخضب فرقه بممسك / والصبح يمسح لونه بمخلق
ويد النعيم تخط فوق عراصها / من لم يقض بك الحياة فقد شقي
واللوم يفرق أن يلم بمسمعي / برق متى ما لم يلاطف يبرق
تندى أسرة وجهه فكأنه / ريان من ماء النضارة قد سقي
كالبدر إلا أنه مستوهب / نور المحيا من سواد المفرق
عبث الفراق بشمله فتمزقت / أثواب ذاك العيش كل ممزق
واعتاض بعد نمارق مصفوفة / حر الهواجر وافتراش النمرق
مستبدلاً بلذيذ عيش مونق / وصدور أندية ظهور الأنيق
يا حادي القلص النواجي قل لها / نصي إلى صدر الزمان واعنقي
وتجنبي ثمد النطاف وأوردي / هيم المنى بحر الموفق تستقي
وخذي أماناً من يديه ففيهما / شعب السلامة والمهالك تلتقي
يجد المسائل والرسائل ربها / من علمه ونواله المتدفق
وتروع أفئدة الملوك يراعه / في كفه كالأفعوان المطرق
تمضي إذا نبت الظبي وتطول إن / قصر القنا وتفل غرب الفيلق
يخشى ويرجى بؤسها ونعيمها / فالدهر مجموع بها في مهرق
كم أطلقت من أسر كل بلاغة / في الخافقين وقيدت من مطلق
وتقلدت منها الطروس محاسناً / تحكي بجوهرها نطاق المنطق
أهدت له طوق الثناء مناقب / أعربن في تقليل كل مطوق
حجت أبا الحجاج نحوك همة / تختار أفراد الزمان وتنقي
جعلتك جنتها وجنتها التي / ضمنت أمان المنتقى والمنتقي
ترتاد روض الورد لا روض الندى / رفعاً لها عن وبله المترقرق
فاجعل قبولك للمديح ثوابه / وانشر مطارفه على العرض النقي
إن قلت قد خرست خلاخل ساقها
إن قلت قد خرست خلاخل ساقها / فاسمع لما يوحيه نطق نطاقها
هيفاء حابى الحسن صورة وجهها / حتى كأن الحسن من عشاقها
تلقى اللثام بوردة شفقية / تشتق عند اللثم من إشفاقها
عجب الهوى لثلاثة لم تتفق / إلا لها فاعجب لحسن وفاقها
السقم من ألحاظها والسحر من / ألفاظها والضعف من ميثاقها
لولا سكون السكر في أجفانها / ما نابت الأقداح عن أحداقها
شمس إذا شرق الدجى بجبينها / حيث بأخت الشمس في إشراقها
بكر إذا عقد الزلال نكاحها / فألهم أول خائف لطلاقها
وإذا الدجى حيتك حية همه / بزعافها فأفزع إلى ترياقها
كرمية تسقي العروق مجاجة / كرم الثرى قد مج في أعراقها
كالنار يكتب نورها بشعاعه / أمناً على الوجنات من إحراقها
كالبرق مازجه الغمام بمزنة / تتلهب الجمرات من رقراقها
أخلاق حضرة أحمد بن محمد / أحلى وأعذب من مدار مذاقها
هو رحلة الدنيا التي عقدت له / فوق الهدى ما انحل من أصفاقها
وكأنما الإسكندرية مكةٌ / والرفق والتوفيق زاد رفاقها
من مشرق الدنيا ومغربها إلى / يمنيها مع شامها وعراقها
وفد إليك وطالبون ودائعاً / قيدت ما جهلوه من إطلاقها
هجروا الديار وكل واضحة الطلى / ذاقوا افتراق العيش يوم فراقها
وتعوضوا عنها بقصدك زلفة / فكوا بها الأعناق من أرباقها
بيض الركائب والوجوه كأنما / خلع الأنوق عليه لون نياقها
يتزاحم الركبان في أكوارها / كتزاحم الأعناق في إعناقها
عصب إذا خفقت ملائكة السما / من فوقها لم أخش من إخفاقها
قصرت خطا الإسناد عنك ولم تطل / ونقلت ما تطويه عن حذاقها
درجوا وجئت من الرواية عنهم / بطرائق قربت على طراقها
فالمستقي بين النبي وبينها / داني الرشاء لواردي أعماقها
ولقد طويت السابقين بهمة / سيان خاطف برقها وبراقها
وحملت أوساق الرياسة عالماً / أن الفحول تضج من أوساقها
وأبى كمالك أن يحوز نقيصة / حاز الرجال جذاعها بحقاقها
وكأنها فرض يرد بردة / ألزمتهم بعقالها وعناقها
ولرب غامضة إذا ما استقبلت / كشفت بالبرهان من إغلاقها
ويد من المعروف لما استبهمت / أبوابها فتحت من أغلاقها
أحرزت دينك خلف ظهرك والتقى / يمتاز أهل الصدق عن مذاقها
ورقعت نفسك أن تبيت مزاحماً / لمناكب الأخلاط في أسواقها
وتنافست في الرزق أنفس معشر / كان اليسير يكف من أرزاقها
أطفا تكاثرها سنا أنوارها / فأضاء نور تقاك عند محاقها
وإذا تعقدت النوائب والتوت / أشطانها حللت عقد وثاقها
وعظيمة يشكو المخنق ضيقها / وسعت منه بعد ضيق خناقها
هذا ارتجال روية يعنو لها / عصف الرياح الهوج يوم سباقها
لو راهنت خطراتها طيف الكرى / لا عتاق في المضمار دون عتاقها
تفنى على الإنفاق كل ذخيرة / وكنوزها تنمو على إنفاقها
وهني الإماء عقيدة دينية / إن لم ترع أسماعها بعتاقها
وهي الحرائر إن برمت برقها / متفضلاً وبخلت باسترقاقها
وصداقها صدق المودة وحده / إن المودة من أجل صداقها
وإذا دعوت لها فقد وفيتها / بل زدتها شرفاً على استحقاقها