المجموع : 8
خلِّ النديم فما يكون رحيقُهُ
خلِّ النديم فما يكون رحيقُهُ / وأدر لَماك إذا غفا إبريقُهُ
لم يُصبني كأسُ النديم وخمرُهُ / لو دام لي ثغر الحبيب وريقه
أن تحمِ عن أهل الهوى كأس اللَّمى / فالخمرُ أجود ما يكون عتيقه
حاشا لعهدك بعد ما عوذتَه / بدقيق خصرك أن يُحَلَّ وثيقه
عين تؤرقها عدتك قروحها / وحشاً تؤججه عداك حريقه
حمّل فؤادي ما تشاء يُطق به / إلاّ جفاكَ فذاك لست أطُيقه
ما نسبة الخَصرْ النحيف مع الحشا / فهل استُعير من الوشاح خفوقه
أنا ليس لي عنه غنى فلو ارتضى / دينَ المسيح فانني بِطْريقه
لا أدّعي هجر الخيال وإنما / أرَّقْتُ اجفاني فَسُد َّ طريقه
طرف تنازعه هوىً ومهابة / هذاك يجذِ به وذاك يعوقه
أم كيف يسلو عنك نشوان ومِن / كأس الغرام صَبوحهُ وغَبوقه
قالوا : نَزالِ . فقلت : هل يخشى الوغى / قلبي واسمر قده معشوقه
كذَب الوُشاة فما يزال كعهده / رَغم الصدود يشوقني وأشوقه
ما راق في عيني سواه ولا انثني / شئ سواي عن الأنام يروقه
بالرغم مني بعد طول تواصل / أرضى بطيف منك عز طُروقه
وقف البيان عليكما فتغزُ لي / بك والثناء إلى " علي " أسوقه
ما أبعدَ الشأوين هذا إن يضيق / منه الحشا فبذا يُفَرَّج ضيقه
دع عنك من كعبٍ وحاتِم إنما / للّجود معنى عنده تحقيقه
المجد ما روجت فيه بضائعاً / للمكرُمات فما عُكاظُ وسوقه
نسب زهت بابي الجواد فروعُه / وإلى محمدِ ينتمين عروقه
ذو عزمة مشهورة لو طاردت / شُهْبَ السما ما عاقه عَيُّوقه
صال العدى فقست صلود صفاته / وسرى الندى فاهتز منه وريقه
لو يدَّعي الحساد شأوك في العلى / لعريق مجدك يُستَذمُّ عريقه
أنعم بليلتك التي قضَيتها / والبدرُ من بين السُّتور شروقه
لله أيُ رِتاج باب رمتَه / حتى استُبيح بهجمة مغلوقه
عجباً لقلبٍ بالوصال تروعه / ودمٍ بلا ذنب هناك تُريقه
لي فيك صوغٌ للبلاغة لو خلا / جيدُ الفتاة لزانها منسوقه
أرفدتُه لك لا كبائر سلعة / لكن كما هنّا الصديق صديقه
دُمتم على مر الزمان مباهيا / بكمُ وأخطي جمعكم تفريقه
أسفا تبيت رباك وهي مدرّة
أسفا تبيت رباك وهي مدرّة / للرزق رهن الفقر والاملاق
خدعوك إذ سمّوا قيودك حلية / ما أسبه الاصفاد بالأطواق
لك في العراق جوانح ملهوفة / تشكو الذي تشكينه وتلاقي
أني شآمي إذا نسب الهوى / وإذا نسبت لموطن فعراقي
ويذيع منك البرق كامن لوعتي / فيدي على قلبي من الاشفاق
رقت طباع بنيك فهي إذا انبرت / سألت كصفو نميرك الرقراق
كم في الجوانح لي إليهم زفرة / كمنت ليوم تزاور وتلاقي
ورسائل برقية مهزوزة / اسلاكها من قلبي الخفاق
أما الهوى فدليله شرقي متى / ذكروا رباك بدمعي المهراق
أرقت أجفاني فلو راودتها / غمضاً لما طاوعن في الاطباق
قالوا : دمشق فقلت : غاية الربى / قالوا : لذاك تطاول الاناق
أبن الشام سلام صب واجد / يهدي إليكم أكرم الأعلاق
يهفو إليكم لوعة لا مدَّعي / ما أهون الدعوى على العشاق
أنا ما بكيت الشعر ذل وإنما / أبكي الشعور يباع في الأسواق
أنا للتجاذب نقطة إن سَّرني / لقياكم ساء العراق فراقي
ما كان أصفى ما أسال من الهوى / هذا اليراع بهذه الأوراق
طوت الخطوبُ من الشباب صحيفةً
طوت الخطوبُ من الشباب صحيفةً / لم ألقَ منها ما يُعِز فراقَها
ومسهدٍ راع الظلامَ بخاطر / لو كان بالجوزاء حَلّ نطاقها
ترنو له زُهرُ النجوم وإنها / لو أنصفته لسَوّدتْ أحداقها
أفدي الضُّلوع الخافقات يروعني / أن الرقاد مسكِّن خفاقها
وأنا الموآخذ في شظايا مهجة / حَمّلْت مالا تستطيع رقاقها
ضمنت لي العيش المهنأ لوعة / أَخذت على شُهْب السما آفاقها
يشتاق إن يردَ اللواذع منهلا / صبٌ ولولا لذةٌ ما اشتاقها
هزجٌ اذا ما الوُرق نُحن لانني / خالفت في حب الأسى أذواقها
كم نفثةٍ لي قَنَّعتْ وجه الدجى / هماً وأوحت للسُها إخفاقها
ومهونٍ وجدي عَدَتْهُ لواعجٌ / اخرسن ناطقَ عذله لو ذاقها
ما في يديْ هي مهجةٌ وهفا بها / داءٌ ألّح وَعبرةٌ وأراقها
يا مهبِطَ الرسل الدعاة إلى الهدى / عليا بنيك عن العلى ما عاقها
زحفت بمدرجة الخُطوب ففاتها / شأو المُجِدِّ من الشعوب وفاقها
لحقت فلسطينٌ بأندلسٍ اسىً / والشامُ ساوت مصرَها وعراقها
مهضومةٌ من ذا يرد حقوقها / وأسيرةٌ من ذا يفُك وَثاقها
يسمو القويُّ وذاك حكم لم يدع / حتى الغصونَ فشذَّبت أوراقها
نقضت مواثيقَ الشُّعوب ممالكٌ / باسم العدالة أبرمت إرهاقها
يا للرفاقِ لموطن لجّوا به
يا للرفاقِ لموطن لجّوا به / حتى ازدرى أخلاقه فتخلقا
فإذا نزت همجٌ الى طمع نزا / اوصَفّقَتْ فيه قرودٌ صفقا
ترك القريبَ من الصلاح ففاته / ورجا البعيدَ من الظنون فأخفقا
دبّت عقاربه الى جيرانه / اوما ترى بغداد أعدت جِلَّقا
أهل الخورنق والسدير ولو سعوا / رفعوا سديراً ثانياً وخورنقا
سبحان من خلق الرجالَ فلم يجدْ / رجلاً يحق لموطن أن يُخلقا
ما إن يزالُ مرَّشحاً لأُموره / متجبراً أو طامعاً أو أحمقا
وطني وداؤك أنفسٌ مملوءة / جَشَعاً فمن لي أن تُبِلَّ وُتفرقِا
بلوى الشعوب مخادعون إذا ادَّعوا / للنصح كذَّبتِ الفِعالُ المنطقا
الآن يلتمسون فكّ وَثاقه / من بعد ما نزل البلاء وأحدقا
وطني ومن لك ان تعود فترتقي / من بعد ما أعيا وعزّ المرتقى
ما إن ترى عينٌ لصبْحِك مَصْبحاً / للعاشقين ولا كليلِك مَغْبقا
زَهَرْت رياضك واجَتليتَ محَّلثاً / وصفت مياهك واحْتسيْتَ مرنقا
أفتلك دجلةُ بالنعيم مرفرفاً / تجري وبالعذب الزلال مصَّفقا
باتت تدفقها الرياح وإنما / ضاقت مسايلُ مائها فتدفقا
وبكت لواردها أسىً وكأنها / أمست تصعِّد منه صدراً ضيِّقاً
أقضى مرامِك أن تَفيضَ فتشتكى / ظمأ ربوعُك او تفيض فتغرقا
لو يعلم الشجرُ الذي أنبتَّهُ / ما حل فيك منَ الأذى ما أورقا
رَجَعت خلاءً كفُّهم بك ثرةً / وَرَجعت انت أبا الخزائن مُملِقا
اشفقت مما قد مُلكت قساوةً / ان لا ترِقَّ اذا ملكتَ فتُشفقا
مالي وطارقةُ الخطوب اذا دهت / فلكم سألت الله ان لا تُطرقا
عزم الرجال اذا تناهى حدهُّ / مثلُ الكِمام اذا استوى فتفتقا
مَثَلٌ جرى فيما مضى لمحنكٍ / من " يعرب " رام السداد فَوُفِّقا
أعيا به جمع العِصي فلم يُطِق / تحطيم َوحدتهنَّ حتى فرَّقا
أهدى لكم لو تقتفون سبيله / مَثَلاً به كان السبيلَ الى البقا
يا " ذكرياتُ " تَحَشَّدي فِرقا
يا " ذكرياتُ " تَحَشَّدي فِرقا / تسَعُ الخيالَ وتملأُ الأُفُقا
وتأهَّبي زُمراً تجهزني / محضَ الأسى والذُّعرَ والقلقا
هُزِّي الرِّتاجَ عليَّ أُحكِمُه / وتقحَّمي البابَ الذي انغلقا
الليلُ صُبِّي في قرارتهِ / من وحشةٍ ما يفزَعُ الغَسَقا
والريحُ خلِّيها اذا صفِرَت / في البيت تُوسِعُ من به فَرقَا
خَلِّي الصغار من الأسى فَزَعاً / يتساءلون : من الذي طَرَقا
ودَعي الكِبار يرَوْنَ مدخنَةً / فيه ولا يجدون محترِقا
والنَوم من فَزَعِ " الرؤى " يبساً / رُدِّيه او بدمائها غَرِقا
ليعودَ مما " تنفُثين " به / مِسخاً فلا نَوماً ولا أرَقا
والصبحُ رُدِّيه لَمبْسِمه / شَرِقاً وبالعبرات مُختنِقاً
ثم اطلِعي من كلِّ زاوية / ذاك الجبينَ ووجهَه الطَلِقا
حتى إذا انتصف الأصيل به / فتكوّري في صُلبه شَفَقا
ثم اسكُبي نَضْحَ الدماء به / ثم ابعَثي من نَشْرها عَبِقا
وتمزّقي قِطَعاً مضرّجةً / تمتصُّ من نَضَحاتِه عَلَقا
فكأن فيها الصُلْبَ منغلقاً / بجراحه والصدرَ منخرقا
يا ذكريات تجسَّدي بَدَناً / غضَّ الصِّبَا وتعطَّري خُلُقا
عُريانَ : لا خَتَلا ولا وَغَراً / ضَحْيانَ : لا صَلَفاً ولا مَلَقا
لم تتركي من كلِّ شاردةٍ / نَمَطاً ولا من نأمةٍ نَسَقا
ثم ابدَهيني كلَّ آونةٍ / منها بما يستامُني رَهَقا
يا ذكرياتٌ كلُّها حُرقٌ / تَطَأ الفُؤادَ وتلهبُ الحَدَقا
من لي بشِعرٍ خالقٍ شجناً / للناس يُعجزهم بما خَلَقا
هي صُورة حمراءُ من شَجني / تُدمي اليَراع وتُرعب الوَرَقا
ليَرىَ الذين تجاهَلوا برَمَاً / أسيانَ : كيفُ يُكابد الحُرَقا
من لي باطيافٍ تُراوحني / بالهمِّ مُصطبَحاً ومُغتبَقا
متسلسلات كلما وَجَدَتْ / فيها فراغاً أفَرغَتْ حَلقا
مستجمعات كلَّ خاطرةٍ / ما جدَّ من عهدٍ وما خَلِقا
ما كان مثلَ القبر مُختفياً / تُبديه مثلَ النجم مُنبثِقا
فَرِحاً ومكتئباً ومختلِطاً / بهما ومُتَّحداً ومفترِقا
من لي بها وكأنَّها بشرٌ / عن نفسه يَروي اذا نطَقا
من لي باشباحٍ أنوءُ بها / رَسْفَ السجين بقيَدِه عَلِقا
حتى اذا انصَرَمَت بدا شَبَحٌ / حُلوٌ يكادُ يُطيرني نَزَقا
طوراً نَروح معاً على ظَمَاً / منها وطوراً نستَقي غَدَقا
يوماً بقَعر البيت يُوغرنا / حَنَقاً قضاءٌ مُوغِر حَنِقا
وهُنيهة نرتاد مُرتفِعاً / من هَضْب " لبنانٍ " ومُنْزَلِقا
من لي بها تَعتادُ قارئها / فَرَقاً كما تَعتادني فَرَقا
وتردُّ – مثلي – عيشَه رَنِقاً / وتَسُدُّ – مثلي – حَولَه الطُرقا
من لي بشِعرٍ خالقٍ حُرَقاً / تطأ الفؤادَ وتُلهِبُ الحَدَقا
ليريُهم القلبينِ قد لَصِقا / صِنويَن كيف اذا هُما افتَرَقا
واذا هما – والموت بينهما - / مدّا من الجْيدينِ فاعتَنَقا
وتساءَلا : ما ضرَّ لو سلكا / كَفَناً معاً وبحبله عَلِقا
حتى اذا استبقى احرُّهما / رَمَقاً واسلَمَ خِدنُهُ رَمَقا
وحثا التُرابَ بوجهه قَدَرٌ / عبّا لكل مُفارق طَبَقا
وانداحَتِ الدنيا بناظرِه / حتى لظَنَّ رحابَها نَفَقا
ومضى حسابُّهما برُمَّته / ما انفكَّ من دَين وما انغَلَقا
صَفَقَ اليدين كأنَّ مرتجِعاً / يرجُو لصاحِبه بما صَفَقا
وكأنما يُعطي الشقيقَ دماً / ان الشقيقَ بدمعه شَرِقا
وكأنما انشقَّ الضريحُ له / ب " رعى السحابُ ضريحَه وسَقَى "
يا لَلرفاق ومثلُ ما كابدتُه
يا لَلرفاق ومثلُ ما كابدتُه / مما أُلاقي كابَدَتْهُ رفاقي
وطني نقيض شُكوله فرجالهُ / شابوا وما شّبوا عن الأطواق
عِتْقُ النِجار يَبين بين خُيوله / أما الرجال به فغير عِتاق
ضرب الأسى سُوْراً عليه وأحدقت / سودُ الحوادث أيَّما إحداق
إيهٍ خليليَ لا تَرُزْني طامِعاً / في منطقي فيَريبَكَ استنطاقي
فلقد أكون وما غُلقن مقاولي / واليوم وهي كثيرة الأغلاق
إن أطوِ يلتهبِ الضميرُ وإن أبُحْ / يوما ففوق يدي يد الارهاق
ممَّ التعجبُّ صاحبِيَّ وإنما / قَسَمَ الحظوظ مقسِّم الأرزاق
والحَذق في سبك القريض وصوغه / متفاوت متفاوت الحُذاق
وأجلُّ ما ترك الفتى من بعده / أثرٌ على مر الليالي باق
لا يفخرنْ أحد علىَّ بشعره / الفخرُ مدَّخرٌ ليوم سباق
" شوقي وحافظ " لا يَجُسُّ سواكما / نَبْضَ القريض وما له من واق
لكما الخِيارُ إذا الرجال تنافسوا / أو حرّروا دعوى بلا مِصداقق
أن تَقْتُلا أو تُحرقِا متشاعراً / أو تقطعا يد شاعر سرّاق
هل تحكمانِ اليومَ حكماً عادلاً / خِلواً من الارهاب والاشفاق
في شاعر لزِم البُيوتَ وأخفقت / منه المآرب أيَّما إخفاق
لكما شكا ظلم العراقِ وذِلةٌ / أن يشتكي ظلمَ العراق عراقي
أهدى سوايَ نفيسَه وأنا الذي / أُهدي إليه نفائسَ الأعلاق
" شوقي وحافظ " أوضِحا في أيَّنا / لُطْفُ الخيال والشعورُ الراقي
أأنا الذي اتخذ البلاد شعاره / أم هم وقد لبسوا ثياب نفاق
في كل يوم في رداءٍ وَفْقَ ما / تفضي بذلك عملةُ " الأوراق "
وأنا الذ أعطى القوافيَ حقها / مِن ناصعاتٍ في البيان رِقاق
تُجلى على قُرَّائها فتُميلُهُمْ / سكراً كما يَجلو السُّلافَ الساقي
أم هم وكم بيتٍ لهم مستجَنٍ / ناب عن الأسماع والأذواق
وأنا الذي صان القريض عن الذي / يُزري به من فُرقةٍ وشِقاق
ومدائح كانت لفرط غُلُوِّها / تشكو من المخلوق للخلاق
أم هم وقد باعوا الضمائر واشتروا / عيشَ الذليل وبُلغةَ الأرماق
غَنَّوا سواهم يطلُبون عَتاده / فكأنهم " جَوْق " من الأجواق
أبياتُكمْ تبقى لهمْ وهباتُهُمْ / ليست بباقية على الانفاق
وأجلُّ من هبةٍ يُذِلَّ بها الفتى / أشعارَهُ صبرٌ على الاملاق
عاراً أرى وانا " الأديب " بضاعتي / معروضةً كبضائعِ الأسواق
كيف التجددُ في القريض وأهلُه / شدّتْهُمُ أطماعهم بوثَاق
أخذوا على الآداب من عاداتهم / وجمودِهم فيها بكل خناق
إني لأصبو للقريض تهذّبت / منه الحواشي صبوةَ المشتاق
وأُريدُ شعراً ليس في أبياته / غيرُ القلوب تَبِين للأحداق
وأجل ما خلق الاله لخلقه / وحسابُ فضلِ الله غير مطاق:
الشعرُ في تأثيره والغيثُ / في آثاره والشمسُ في الاشراق
نادمتُ خلان الأسى
نادمتُ خلان الأسى / وسُقِيتُ من كأسٍ دِهاقِ
مثلَ اصطباحي من كؤوس الهم / والألَم اغتباقي
هذي النفوسُ الشاعراتُ / تلذَّذت بالإحتراق
غنَّيت نفسي إذ رأيت / نفوسها غنَّت رفاقي
كّلٌ يقول أنا أحوز السبقَ / في يوم السباق
مالي أنوح على سواي / وميِّتي رهنُ السياق
ساقي المدامِ إذا قَضَت / هذي البلاد فانتَ باقي
روحي : وروحٌ الشعر والأوطانِ / كل في التراقي
كل البلاد سَعت لتُصلِحَ / شأنها إلا عراقي
صَدْعَ الزجاجِ تصدَّعَ / استقلالُنا بيد النِفاقِ
شتانَ فيما أرتئيه / مَذاقُ صحبي من مَذاقي
حَلَبات آدابٍ العراق / بَكَت على الخيل العِتاق
لم يبقَ لي غيرُ / المخُاتِل والمُنافقِ والمُتاقي
أفٍّ لها من أوجهٍ / قابلْنَنّي سودٍ صِفاق
اما غِنايَ فظاهرٌ / محضٌ كأغنية السَواقي
تتكسُر النَبَراتُ في الأشعارِ / من ضيقِ الخِناق
نَزَفّت دموعُ العين ثم / تحَجرَّت هذي المآقي
ولكثرة الباكين ضاعت / حرمةُ الدّمع المُراق
هذا بياني تعرِفون الروحَ / فيه من السِياق
يا رقةٍ في الطبع بانَتْ / بين أبياتٍ رِقاق
أنت التي هوَّنتِ من / هذي الشدائدِ ما أُلاقي
وانا المديَنُ لمهجةٍ / حَمَّلتُها غيرَ المُطاق
آلامَأيامٍ مَضَينَ / وخوفَ أيامٍ بواقي
اما التمردُ في شعوري / فهو من أثَر الوَثاق
أحييتُمُ نَفْساً أردتُمْ / مَوتَها بالإختناق
لا تقتضي تلك الخشونةَ / بعضُ أبياتٍ رِقاق
ماذا تُرَجِّى " فارك " / من بعد حادثهِ الطَلاق
ما سرها لقياكُمُ / فيسوؤُها وقعُ الفِراق
قم يا " جميل " فحامِني / يا حاميَ الأدبِ العراقي
يا من بشعرِكَ ظنَّتْ الاقوامُ / أنَّ الشَعبَ راقي
قبلي باحجارٍ رُشِقتَ / لقاءَ هاتيك الرِشاق
تلك العرائسُ كم لَقَت / ضيماً وهُنَّ بلا صَداق
أو بعدَ ذا يتشدَّقونَ / بقُرب دورِ الإنعتاق
هبَّ النسيم فهبتِ الأشواقُ
هبَّ النسيم فهبتِ الأشواقُ / وهفا إليكمْ قلبه الخّفاقُ
وتوافَقا فتحالفا هو والأسى / وحَمامُ هذا الأيكِ والأطواق
عارٌ على أهل الهوى ان تُزدرى / هذي النفوسُ وتُشترى الأعلاق
ذَم الفراقَ معاشرٌ جهلوكُمُ / من أجلكم حتى الفراقُ يُطاق
ما شوقُ أهل الشوق في عُرفِ الهوى / نُكرٌ فقد خُلِقوا لكي يشتاقوا
أما الرفاقُ فلم يَسُؤْني هجرهمْ / إذ ليس في شرع الغرام رفاق
لو أُبرم الميثاقُ ما كَمَلَ الهوى / شرطُ الهوى ان يُنقَض الميثاق
كُتُبُ الاله تشّرفت في ذكره / وبذكركمْ تتشرفُ الأوراق
هذا القريض تكبَّرت بُرُآتهُ / إذ ضاق من ألم الفراق خناق
عَمَرت بذكركمُ اللذيذِ مجالسٌ / وازَّيَّنَتْ بهواكُمُ أسواق
ماذا أذُم من الهوى وبفضله / قد رق لي طبعٌ وصحَّ مَذاق
هي " فارسٌ " وهواؤها ريح الصَّبا / وسماؤها الأغصانُ والأوراق
وَلِعَتْ بها عُشّاقها وبليةٌ / في الشرق إنْ وَلِعَتْ بها العشاق
سالت بدفاق النُّضار بقاعُها / وعلى بنيها شحتِ الأرزاق
يا بنتَ " كومرثٍ " أقلَّى فكرةً / فلقد أضرَّ برأسك الإخفاق
وتطلَّعي تَتَبَيَّني الفجرَ الذي / تتوقعينَ وتنجلي الآفاق
لي في العراق عصابةٌ لولاهمُ / ما كان محبوباً الىّ عراقُ
لا دجلةٌ لولاهمُ وهي التي / عذُبت تروق ولا الفراتُ يذاق
" شمرانُ " تُعجِبُني وزهرةُ روضها / وهواؤها ونميرُها الرَّقراق
متكسراً بين الصخور تمُدّهُ / فوقَ الجبال من الثُّلوج طِباق
وعليه من وَرَقِ الغُصونِ سُرادقٌ / ممدوةٌ ومن الظِلالِ رُواق
في كل غصْنٍ للبلايل ندوةٌ / وبكل عودٍ للغنا " إسحاق "
كانت منايّ فلم تُعَقْ وعجيبةٌ / أني أُحب منىً فلا تُعتاق
سرُّ الحياة نجاحُ آمالِ الفتى / أما المماتُ فسرُّه الإخفاق