المجموع : 16
متهلل زجل تحنُّ رواعدٌ
متهلل زجل تحنُّ رواعدٌ / في حجرتيه وتستطير بروقُ
سدت أوائله سبيل أواخر / لم يدر سائقهن كيف يسوق
فسجا وأسعد حالبيه بدرة / منه سواعدُ ثرَّةٌ وعروق
وتنفست فيه الصبا فتبجست / منه الكلى فأديمه معقوق
حتى إذا قُضيت لقيعان الملا / عنه حقوق بعدهن حقوق
طفقت رواياه تجر مزادها / فوق الربا ومزادها مشقوق
وتضاحك الروض الكئيب لصوبه / حتى تفتق نوره المرتوق
وتنسمت نفحاته فكأنه / مسك تضوع فأره مفتوق
وتغرد المُكَّاء فيه كأنه / طَرِبٌ تعلَّل بالغناء مَشوق
لا تكثرن ملامة العشاقِ
لا تكثرن ملامة العشاقِ / فكفاهم بالوجد والأشواقِ
إن البلاء يطاق غير مضاعَفٍ / فإذا تضاعف كان غير مطاق
أتلومهم للنفع أم لتزيدهم / باللوم إقلاقا على إقلاق
ما للذي أضحى يلوم ذوي الهوى / أمسى صريع مواقع الأحداق
أنى يعنف كل معنوف به / يَثني يديه على حشا خفّاق
تهدي الحمامة والغراب لقلبه / شجواً بساق تارة وبغاق
ويشوقه برق السحاب وإنما / يعنى ببرق المبسم البرّاق
متصعداً زفراته متحدّراً / عبراته أبداً قريح مآقي
لم يُسقَ فوه من الثغور شفاءه / فلوجنتيه من المدامع ساقي
يبكي الشجيُّ بعبرةٍ مهراقةٍ / بل بالدماء على دم مهراق
تضحي أحبته تُوَلَّى سفحه / عند الفراق وعند كل تلاقي
يجزونه طول الجفاء بأنه / لم يخلُ من شعَفٍ مدرِّ فُواق
شهد الوفاء وكل شيء صادقٍ / أن الجزاء هناك غير وفاق
أصغت إلى العشاق أذني مرةً / ومن الجميل تعاطفُ العشاق
فشكا الشجِيُّ من الخلي ملامة / وشكى الوفي تلون المذّاق
فدع المحب من الملامة إنها / بئس الدواء لموجع مقلاق
لا تطفئنَّ جوى بلوم إنه / كالريح تغري النار بالإحراق
وأرى رقى العذال غير نوافع / لا سيَّما لمتيَّم مشتاق
ما للمحب إذا تفاقم داؤه / غير الحبيب يزوره من راقي
أخذ الإله لنا بثأر قلوبنا / من مصميات للقلوب رشاق
رقت مياه وجوههن لناظر / وقلوبهن عليه غير رقاق
هيف القدود إذا نهضن لملعب / وإذا مشين صوادق الإيناق
حرنت بهن روادفٌ ممكورة / ومتونهن الغيد في إعناق
يهززن أغصاناً تباعد بالجنى / وتروق بالإثمار والإيراق
ومن البلية منظر ذو فتنة / نائي المنافع شاعف الإيناق
ومن العجائب أن سمحنا للهوى / بدمائنا وبخلن بالأرياق
مُزنٌ يُمِطنَ الريَّ عن أفواهنا / ويَجُدن للأبصار بالإبراق
صيد حرمناه على إغراقنا / في النزع والحرمان في الإغراق
وأما ومن لو شاء ما خلق الهوى / ولما ابتلى أصحابه بفراق
ما من مزيد من بلية عاشق / وندى وخير في أبي إسحاق
لله إبراهيم واحد عصره / ما أشبه الأخلاق بالأعراق
أضحت فضائله تؤمُّ به العلا / وكأنهن إلى السماء مراقي
لصفحتُ عن دهري به وذنوبُهُ / قد أوبقته أشدَّ ما إيباق
ملك له فطن دقاقٌ في العلا / تركته والأخلاق غير دقاق
يستعبد الأحرار إلا أنه / يستعبد الأحرار بالإعتاق
ومتى أصابك منه رقُّ صنيعةٍ / فكطوق زين لا كغُلِّ وثاق
يا رُبَّ أسرى للخطوب أصابَهم / منه بإعتاق وباسترقاق
ولما تعمد رقهم لكنه / لا بد للمعروف من أرباق
والرق في الإعتاق حكم للعلا / حكمت به والأسر في الإطلاق
رق الصنائع في الرقاب وأسرها / ما منهما وأبيك إلا باقي
يا من يقبل كف كل ممخرق / هذا ابن أحمد غير ذي مخراق
قبل أنامله فلسن أناملاً / لكنهن مفاتح الأرزاق
حظيت وفازت من أنامل سيّدٍ / نفع المسود فساد باستحقاق
نفحاتُهُ مُلكٌ وفي تأميله / روح القلوب ومسكة الأرماق
وإلى ابن أحمد أرقلت بي ناقتي / في كل أغبر قاتم الأعماق
جبت الخروق بكل خرق ماجد / إن الخروق مسالك الأخراق
نأتمُّ أروعَ نهتدي بجبينه / والله ضارب قبة ورواق
كالبدر تمَّ وكللته سعودُه / لا زال شانئه هلال محاق
قالت سعودي يوم فزت بقربه / قسماً لفزت بأنفس الأعلاق
حر تذكره الخطوب خَلاقةً / في الحال تنسي الحرَّ كل خلاق
يلقي الرجال ثناؤه وعطاؤه / بذكاء رائحة وطيب مذاق
خرق يعم ولا يخص بفضله / لكنه كالغيث في الإطباق
عفَّت مدائحه وعف فما ترى / منكوحةً إلا بخير صداق
ألفيتُ عاذله يروض سماحه / ليعوق منه وليس بالمُنعاق
شكراً بني حواء إن أخاكم / من خير ما رزقت يد الرزاق
أضحى ابن أحمد ساح ماء سماحه / فيه وماء شبابه الغيداق
وأُمِدَّ من ماء الحياء بثالثٍ / صافي القرارة رائق الرقراق
لله أمواه هناك ثلاثةٌ / تُغذى بهنَّ مكارم الأخلاق
أوفى بأعلى رتبة وتواضعت / آلاؤه فأحطن بالأعناق
كالشمس في كبد السماء محلها / وشعاعها في سائر الآفاق
بل كالسماء وكل ما زينت به / وكأرضها في قربه من لاقي
يا من يسائل من له بكفائه / من للسماء وأرضها بطباق
آسى هناتٍ مستشارُ خليفة / كافي شآمٍ مستماحُ عراق
ما زال مشترك القِرى في دهره / بين الطوارق منه والطرّاق
فقِرىً لطارقةٍ يحل نطاقها / من بعد ما شُدَّت أشد نطاق
وقرى يليه لطارق طلب القرى / فجرى له بالعين والأوراق
قسم الزمان على ضياء ساطع / وندى كمعروف السماء بُعاق
من لمحة بمشورة لمملَّكٍ / أو نفحة بجدىً لذي إملاق
فله إذا الأيام أشبه خيرها / يومُ الضعيفة صُبِّحت بطلاق
يوم كيوم الصحو في إشراقه / وغد كيوم الغيث في الإغداق
لا بل كلا يوميه يصبح فائزاً / بمحامد الإغداق والإشراق
يا قرب مستقياته لوروده / يا بعد أغوار هناك عماق
قل للإمام إذ اجتباه لأمره / ظفرت يداك بفاتق رتاق
مفتاح رأي حين يغلق بابه / مغلاق شر أيما مغلاق
متوقد الحركات تحسب أمره / لمعان برق أو حفيف بُراق
فإذا تفرد للخطوب بفكره / فله سكينة حيةٍ مطراق
وإذا التقى أمر الوزير وأمره / سدّا طريق الحادث المنباق
شهد الخليفة إذ أعانا بأسه / أن النصال تعان بالأفواق
إني رأيتك يا ابن أحمد سيداً / فينا بحق واجب وحقاق
لاحظت رفدك عند إرفاد الورى / فرأيته كاليمِّ عند سواقي
جادوا وجدت فأحدقت بثمادهم / غمرات بحرك أيّما إحداق
فتزاجروا عن غيِّهم وتصارحوا / نصحاً جلا الشبهات بعد ملاق
ورأيت رأيك بين آراء العدا / كالسيف بين جماجم أفلاق
كادوا وكدت فأزهقت ما دبَّروا / إحدى هناتك أيما إزهاق
أرهقتهم قدر البوار بقوة / وهبت لرأيك أوشك الإرهاق
ما للدهاة لدى محالك موئلٌ / لا في سلالمهم ولا الأنفاق
أنت الذي كبح المكائد كيده / حتى ركضن دوامي الأشداق
لله درك من مضرٍّ مرفقٍ / متألِّهِ الإضرار والإرفاق
كم ظِلِّ يومٍ ممطرٍ لك مصعقٍ / متحمد الإمطار والإصعاق
لبست محاسنك المحامد إنها / نظرت فلم تر غيرها من واقي
خذها شروداً في البلاد مقيمة / سمراً لذي سمرٍ وزادَ رفاق
أنت الذي ما قال فيه مقرظ / قولاً فأسلمه بلا مصداق
أنت الذي للوعد منه وعنده / سبق وللإنجاز وشكُ لحاق
من ذا يعد الحمد غيرك مغنماً / ويرى المواهب أفضل الإنفاق
من ذا يعد النفل فرضاً واجباً / أو يجعل الميعاد كالميثاق
يفديك من يُثني عليه صديقه / بعبوس كبر وابتسام نفاق
يا من يجود لدى السؤال بطرفه / ولدى النوال بأحسن الإطراق
يا من صفت لي في ذراه شرائعي / حتى تركت تتبع الأرزاق
أضحى المديح يساق نحوك إنه / يلفى ببابك نافق الأسواق
فالبَسه ما لبس الحمام حليَّه / في الأيك من وشح ومن أطواق
وعمرت ما عمرت مكارمك التي / تبلى ثياب الدهر وهي بواقي
واسلم أبا إسحاق لابس غبطة / وعِداك للإبعاد والإسحاق
لا يبعدنَّ شبابُك الغرنيقُ
لا يبعدنَّ شبابُك الغرنيقُ / أيام منظره عليك أنيقُ
سقياً لأزمان مضت أيامُها / بيضاً كأن غروبهن شروق
إذ للشبيبة صبوة تُصبي بها / وبشاشة يصبى بها وتروق
يهتز فيك لأريحيات الصبا / غصن تفيَّأه الظباءُ وريق
هيهات أيتها الكواعب كالدمى / مالي بكنَّ مع المشيب صديق
مني عليكن السلام تحية / إن الشباب هراقَه مُهريق
لم تجمع الأيام شمل أحبةٍ / إلا وشرط صروفها التفريق
يا آل طاهر المطهر كاسمه / إن اللسان بمدحكم لطليق
إن ينسني عصر الشباب وعهده / عصر فعصركم لذاك خليق
قد قلت للدهر الملحِّ بصرفه / لما اعتصمت بحبلكم ستفيق
أمسى مجاوركم يحلُّ بنجوةٍ / ما للخطوب بها عليه طريق
من خان أو نكث العهود فعهدُكم / عهدٌ أُمِرَّ على الوفاء وثيق
وكأن وعدكم تقيَّل عهدكم / فلقاحه بنتاجه مرهوق
لِتَعُذ بسَيبِكُمُ المطامعُ والمنى / فعليكم لعداتها التصديق
ما زلتم ترقون في درَج العلى / حتى أشار إليكم العيُّوق
مهما سرقت عن الأوائل فيكمُ / فلغير باع بالمديح يضيق
لكنهم نحلوا سواكم مجدَكم / فرددتُ حقَّكم وذاك حقيق
ما المدح مسروق لكم من غيركم / بل منكم في غيركم مسروق
سبقت إليَّ صنيعةٌ من مُحسنٍ
سبقت إليَّ صنيعةٌ من مُحسنٍ / وأراك تأنفُ أن تكون اللاحقا
وإذا جمعت إلى اللِّحاق محبةٌ / للسبق بالإحسان كنت السابقا
ما قَدرُ ما تجدي عليك بطالتي / قَدْرٌ تبيع به لساناً ناطقا
إن لم تكن في فعل خير قائداً / فاطلب بجهدك أن تكون السائقا
يا ليت شعري والحوادث جمة
يا ليت شعري والحوادث جمة / هل أشتكي دهري وأنت صديقي
وشكايتي الأيام دون شكايتي / إن خانني عند النهوض رفيقي
إني أعوذ بما تأكد عقده / بيني وبينك أن تُضيع شقيقي
أو أن يجور به الزمان عن الغنى / أو بي وأنت طريقه وطريقي
فيم التنازع والشقاقُ
فيم التنازع والشقاقُ / والأمر بينكما وفاقُ
البنتُ بنتُكما معاً / شهدت به السبع الطباق
فلخالد فيها ولا / دة من له يجب الصداق
ولخصمه فيها ولا / دة من بكفيه الطلاق
ومعاشر بصقوا على ما قلته
ومعاشر بصقوا على ما قلته / لم أرض أوجههم مَمَجَّ بصاقي
فبصقت في الأحراح من نسوانهم / وطعنتهن بأيما مزراق
ومججت في أرحامهن مجاجة / أوجدتهن لها ألذ مذاق
وكذاك أجزي كل منفقِ بصقةٍ / في غير موضعها من الإنفاق
أشكو الفراق إلى التلاقي
أشكو الفراق إلى التلاقي / وإلى الكرى سهر المآقي
وإلى السلوِّ تفجعي / وإلى التصبر ما ألاقي
وإلى الذي شطت به / عني النوى طول اشتياقي
وطوت حشاي على الجوى / لما طوته يدُ الفراق
صبراً فرب تفرُّقٍ / آت بقرب واتفاق
أشجتك داعية مع الإشراقِ
أشجتك داعية مع الإشراقِ / هتفت بساق في ذؤابة ساقِ
أيكيَّةٌ تدعو بشجو إن دعا / ريب الزمان قرينها بفراق
تدعو أماويت الشجى في صوتها / أبداً تراه دائم الإطراق
لو تستطيع تسلَّبت من طوقها / لو كان منتحلاً من الأطواق
طرقت بنشوة روضةٍ ربعيةٍ
طرقت بنشوة روضةٍ ربعيةٍ / بات الندى في نورها يترقرقُ
خلق تخلقه زمانك مرة / وإلى الخليقة يرجع المتخلِّق
لو أمتع المرءَ الشبابُ حياتَه / أزرى به أن المآرب تخلق
قد أخلق الناس الهدايا كلها
قد أخلق الناس الهدايا كلها / إلا الكلام فإنه لم يَخلَقِ
فجعلت إهدائي إليك قصيدة / بكراً بخاتم ربها لم تفتقِ
تيس تنفق بالدلال ليشتهى
تيس تنفق بالدلال ليشتهى / فازداد مقتاً بالدلال وما نفق
فكأنه من يبسه وسواده / محراك تنور تلوَّى فاحترقْ
ومدامة كدم الذبيح شربتها
ومدامة كدم الذبيح شربتها / والبدر يجنح من خلال المشرقِ
وكأنما زهر الكواكب حوله / درر نثرن على بساط أزرقِ
يا من بغرته الهلال أما ترى
يا من بغرته الهلال أما ترى / قمر السماء وقد بدا في المشرقِ
كخريدةٍ نظرت إلى إلفٍ لها / فتلثَّمت خجلاً بكم أزرقِ
قالت شقائق قبره
قالت شقائق قبره / ولرب أخرسَ ناطقُ
فارتقتَهُ ولزمتُهُ / فأنا الشقيق الصادقُ
عسُرتْ علينا دعوةُ السَّمكِ
عسُرتْ علينا دعوةُ السَّمكِ / أنَّى وَجودُك ضامنُ الدركِ
يا من أضاءَ شهابُ غرَّتِهِ / فجلا ظلامَ الليل ذي الحلكِ
اذكرْ هداكَ اللَّهُ موعِدنا / ودعِ السكون له إلى الحرك
واعلمْ وُقيتَ الجهلَ أنك في / قصرٍ تليهِ مطارحُ السمكِ
والفضلُ من كفيك مشتركٌ / لكنّ فضلك غيرُ مُشتركِ
وحريمُ مالكَ جِدُّ منتَهكٍ / لكنَّ عِرضك غيرُ مُنتهكِ
والعُرف تُسديه إلى لَسِنٍ / خيرُ المتاعِ وأفضلُ التِّرَكِ
وثناءُ مثلي غيرُ مُطَّرحٍ / وسؤالُ مثلِك غير مُتَّركِ
وبناتُ دجلةَ في فنائكُمُ / مأسورةٌ في كلِّ مُعتركِ
تُفرَى بأمثالِ الدروعِ وأح / ياناً بمثلِ نوافذِ الشِّكك
بيضٌ كأمثال السبائك بل / مشحونة بالشحم كالعُكك
تغني عن الزيات قاليَها / وتُبخِّر الشاوين بالوَدَكِ
حَسُنتْ مناظرُها وساعَدها / طعمٌ كَحَلِّ معاقد التِّكَكِ
والنَّاقِهُ الغَرْثان يرقبها / قلقُ الخواطرِ متعبُ الملكِ
مُتَسحِّباً منكم على كرمٍ / يا آل بشر لا على حسكِ
والهازِباءُ هديَّةٌ ذهبتْ / مذ جاوزت أُسْكُفَّةَ الحنكِ
وافى فألقيناه في مِعدٍ / لم نُلقهُ للنسلِ في بِرَكِ
فمضى وأحوجَنا إلى خلفٍ / من سيِّدٍ كالبدرِ في الفلك
وكذا المطاعمُ كلُّها جُعِلتْ / مُسَكاً مجدَّدةً على مُسكِ
هي خِلْعَةٌ ليست بباقيةٍ / كالخزِّ والسمَّورِ والفنكِ
هاتيك كالشيء المقيمِ لنا / والزادُ كالمجتاز في السِّكَك
فليصطد الصيادُ حاجتنا / تصطدْ مودَّتنا بلا شركِ