المجموع : 14
غرِّد بشعر منك في روض المنى
غرِّد بشعر منك في روض المنى / روض المنى يا عَندَليب أَنيقُ
أحمامة صدحت بأجرد قاحل / هَلا صدحتِ عليه وَهوَ وَريق
يا روض زهرك قد تغير لونُهُ / لا أَنتَ أَنتَ وَلا الشَقيق شَقيق
أرسلت طَرفي في الفَضاء فَلَم يَقف
أرسلت طَرفي في الفَضاء فَلَم يَقف / فَعَلِمت أن البعد فيه سَحيقُ
يا طرف أَرجو في سراك إلى العلى / أَن لا يَعوقك عنده العيوق
بين النجوم به وأَنفسنا الَّتي / تَنوى الرَحيل من الأثير طَريق
اللَّيل داج وَالطَريق مخوفة / فضللت لَولا اللَّه وَالتَوفيق
الأقوياء بكل أَرض قد قضوا / أن لا تُراعى للضَعيق حقوق
إِنَّ الشعوب لتستحق تساوياً / لَولا اختلاف بينها وَفروق
إني أَخاف من انفجار هائِلٍ / فَعَلى النهى يتكاثر التَضييق
لَو كانَ هَذا الكَون فيه وازِعٌ / ما كانَ يَتَّسِع الجدا وَيَضيق
يودي الفَتى من حيث يسلم غيره / ما لِلسَلامة منهج مطروق
الكَون بحر من لَهيب لاهِب / وَالناس فيه سابح وَغَريق
في كل حَي شعلة من ناره / فَكأَنَّما هذي الحَياة حَريق
الشَمس قد غربت فَقامَ مَقامها
الشَمس قد غربت فَقامَ مَقامها / شفقٌ بحاشية السماء رَقيقُ
لي حين يبدي اللَيل زهر نجومه / نظر إِلى الشعرى العبور سَحيق
وكأن هَذا اللَيل سجف أَسوَد / وَكأَنَّما فيه النجوم خروق
لي عند ذكرك يا صفا إِطراقُ
لي عند ذكرك يا صفا إِطراقُ / وَدموع حزن في التراب تراقُ
وتلهف وتأسف تبديهما / بحرارة من صدري الأعماق
فيك اللَيالي أَخلفت ميثاقها / إن اللَيالي مالها ميثاق
روَّى ضريحك عارض مترجز / يرغو فيهمى ودقه الغيداق
كانَت بك الآداب راقيةً فَما / فيها مجازَفةٌ ولا إِغراق
للشعر في الآفاق حين تَقوله / نفَسٌ كَما هبَّ الصَّبا خفاق
قبلته أذواق الرواة وإنما / في الشعر قد تتفاوت الأذواق
وَمنحت بالأدب الفَضائِلَ زينةً / فكأَنَّه في جيدها أَطواق
يا مشترى الآداب لا تسعوا فقد / نفد المتاع وسدَّت الأسواق
ما كلُّ ميتٍ يا عيوني فاذرفي / من أَجله تتحلَّب الآماق
يا كوكباً من عرش رفعته هوى / من بعد ما ضاءَت به الآفاق
أين ارتفاعك في مقامات العلى / بل اين ذلك الضوء والإشراق
اخترت من جوف الثرى متبوأً / علّ الثرى لك منزل تشتاق
إن الحَياة نعم عليك ثَقيلة / والنفي بعد العز لَيسَ يطاق
لا تلجأنَّ إلى المنية يا صفا / فالموت فيه تشتت وفراق
ملكت قوافيك القلوب بحسنها / وكذلك الآداب والأخلاق
الشعر يبكي في مصابك آسفاً / والنفس والأقلام والأوراق
فقدت بك الاتراك أَكبر حجة / للفضل كانَ على اسمه إطباق
حزنت عليك أماثل وأفاضل / وبكاك صحب منهم ورفاق
تجري عَلَى وجناتهم عبراتهم / فكأنما بين الدموع سباق
يا بدرَ فضلً تم حيناً نوره / فأصابه عند التمام محاق
هل صح أنك راقدٌ في حفرةٍ / فيها عليك من الثرى أطباق
في نوعه الإنسان يشبه دوحةً / للريح بين غصونها إخفاق
والناس تسقط عند كل مهبةٍ / منها كما تتساقط الأوراق
لَم يُبقِ مني الدهرُ بعدك ياصفا / إِلّا عيوناً دمعها رقراق
دافعت مِثلي عَن حقيقة أُمَّة / ما إِن لها لدفاعك اِستحقاق
فأردت إنهاضاً به لجماعة / كسلى لها في جهلها استغراق
قَد عشت غير مطأطئٍ في دولة / خضعت لجائر حكمها الأعناق
حاربت جيش عدائها ببسالة / في موقف شخصت به الأحداق
متيقناً أن الحكومة كلها / أسرٌ يغلّ الناس واسترقاق
تنفي الرجال لغير ما ذنب جنت / وعلى الأرامل مالها إشفاق
عبثاً تحامي يا صفا عنهم فما / للقوم فاغضض مقلتيك خلاق
والسم إن أبدى صرامة فعله / يوماً فماذا ينفع الدرياق
ما خاضَت الأحرار غمر كَريهة / إِلّا وأَنت الأوّل السباق
فثبتّ حين تذبذبوا وَتنكبوا / وَرحبت لما بالنوائب ضاقوا
ما كنت إِلّا لِلعَدالة عاشقاً / وَالعَدل مَحبوب له عشاق
لعبت بلبك من سلافة حبه / كأس كَما شاء الغَرام دهاق
وقد اضطهدت فزدت ثمة شهرة / كالعود يُكثر عَرفه الإحراق
أبديت فيه من التجمّل ما به / يبني عليك من الفخار رواق
ما كنت عن نصر البريءُ بقاعدٍ / أيام عمَّ الظلم والإرهاق
وألم خطب منه تزهق أنفس / ويمور في الأرض الدمُ المهراق
باتَ الرجاء وحبله فإذا به
باتَ الرجاء وحبله فإذا به / عند الصباح بحبله مشنوق
لَهفي على شعب كبير ماجد / حرموه حكم الذات وهو حقيق
يا أمة الشرق انشطي وأفيقي
يا أمة الشرق انشطي وأفيقي / من طول نوم في الغداة عَميقِ
يا شرق أَهلك والجهالة ضلة / لا يهتدون لمنهج مطروق
يا شرق إن الناس ليس يضرهم / شيءٌ كمثل سياسة التفريق
يا شرق إن الغرب بعد هجوعه / دهراً أَفاق وأنت غير مفيق
يا شرق أَنتَ على العقول مضيق / والغرب مبقيها بلا تضييق
الغرب سباق وأَنت مقصر / يا شرق نحو مدى يرام سحيق
وَالفضل أَجمعه لمن هو سابق / والخزيُ كلُّ الخزي للمسبوق
طاروا بأَجنحة الصناعة فاِمتَطوا / ظهر الرياح مكان ظهر النوق
لا يخدعنْك تزلفٌ يدلي به / يا شرق إن الغرب غير صديق
وَطَني العراق ورب لَيل ساكت / ما كنت تسمع فيه غير شهيقي
قد طالَ حتى خلت أن نجومه / مربوطة في جوفه بعروقي
تبدي الهمومُ نواجذاً مسنونة / فأكاد من فزعي أغص بريقي
جمع الدجى شخصين تحت ردائه / من عاشق صبٍّ ومن معشوق
غربت في سيري إليه وشرقوا / شتان بين طريقهم وطريقي
إني يئست من الضياء فَلا أَرى / إلا بجانب مصر بعض بريق
العلم يا بلداً نشأت بأَرضه / ضاعت لديك حقوقه وحقوقي
يا نفس قد سبوك حين نصحتهم / هذا جزاء الصادقين فذوقي
حجر رموه يطلبون برميه / كسراً لقلب كالزجاج رقيق
قلب يطيق عظيم كل رزية / لكنه للذل غير مطيق
للبطل ألسنةٌ تقول طليقة / والحق ليس لسانه بطليق
كم أزبدوا حنقاً عليَّ وزمجروا / وعلا ضجيجهمُ إلى العيّوق
كَم قد أَشاعوا عَن لساني بينهم / نبأً يسوء الشعب غير وثيق
قالوا اطردوا الزنديق من أوطانكم / ماذا يخاف القوم من زنديق
قالوا اقتلوه إنما هو مارق / ماذا يضر المؤمنين مروقي
أَنا لست زنديقاً ولا أَنا مارق / حتى يحل لظفركم تمزيقي
قالوا اطردوا الزنديق من أوطانكم
قالوا اطردوا الزنديق من أوطانكم / ماذا يخاف القوم من زنديق
قالوا اقتلوه إنما هو مارق / ماذا يضير المؤمنين مروقي
قلت الحقيقة طالباً أن ينظروا
قلت الحقيقة طالباً أن ينظروا / فيها فقالوا مارق زنديق
وليشهد الثقلان أني مارق / إن كان في قول الصواب مروق
ما أنت زنديق تزور جهنما / بل لا يزور جهنما زنديق
إن كذبوك يضيرهم تكذيبهم / إياك أعنى أيها الصديق
أبكي ومثلي بالبكاء حقيق
أبكي ومثلي بالبكاء حقيق / آمال شعب مالها تحقيق
ولقد يذكرني بعز آفل / برق لهخلل السحاب خفوق
وكأن اشباح الجدود كتائب / للطير فوق رؤوسها تحليق
لم يحسب النفر الألى قد ضيقوا / ماذا يجر وراءه التضييق
لم ينتزع من هؤلاء غرورهم / نسب لهم في الهالكين عريق
ضيم العراق فهل قضت ابناؤه / ام هل لابناء العراق عقوق
مني العراق بثملة رجيعة / جو العراق بشدهم مخنوق
ما بال دنيا المسلمين تأخرت / أهناك شيء في الخفاء يعوق
وقد ابتلاني اللَه جل جلاله / بغراب سوء ذم منه نعيق
وبضفدع لولا اطراد نقيقه / ما كنت اعلم انه مخلوق
ولعل من ضل السبيل سيهتدي / يوما ومن قد نام سوف يفيق
ولعل ايام السلام قريبة / ولعل ايام السلام تروق
اني لاوطاني وان لم تحترم / ادبي الذي ابثثته لصديق
بيني وبين مواطن احببتها / عهد كما شاء الولاء وثيق
ايام اني قد ثملت بحبها / ما كان لا كأس ولا ابريق
حب الديار ومن بها لي مسكر / وكأنما حب الديار رحيق
الشمس قد غربت فلاح وراءها
الشمس قد غربت فلاح وراءها / شفق بحاشية السماء رقيق
ويخال مبصره اذا لم ينتبه / ان الذي يرنو اليه حريق
وكأن هذا الليل ثوب اسود / وكأنما فيه النجوم خروق
ناموا وكاد السيل يجرف ركبهم / والليل ساج والرقاد عميق
وتجاذب الليل البهيم وصبحه / حتى بدا وقميصه مشقوق
تمشي الشعوب الى الامام جميعها / زمراً فتتسع الخطى وتضيق
لا يستوي سرعانها وبطاؤها / والطائرات رفيعة والنوق
الفى فريق في الزهادة رشده / واختار اشباع الحياة فريق
الشعب حول الرافدين مكبل / والشعب حول الرافدين حنيق
شتان بين الشعب وهو منقيد / يشكو الاذى والشعب وهو طليق
ولقد امد الطرف مشتاقا الى / آتى العراق فلا يلوح بريق
أتصان للشعب الهضيم حقوقه / ام ليس للشعب الضعيف حقوق
لا تحسبن الظالمين بنجوة / من نقمة بالظالمين تحيق
سأول يوم سقوطهم في وجههم / هذا جزاء الخائنين فذوقوا
كل امرئ فله عقول جمة
كل امرئ فله عقول جمة / ولكل عقل فيه منها منطق
والمرء لا تدري اذا حاججته / فيما يقول باي عقل ينطق
بلغ الشباب النزر من غاياتهم
بلغ الشباب النزر من غاياتهم / اما الشيوخ فانهم قد اخفقوا
اغنم جديدك من حياتك انه / عما قليل من حياتك يخلق
الشيخ ينشد راحة ولعلها / امل وراء هلاكه يتحقق
ان القميص به خروق جمة / فاذا رتقت فاي فتق ترتق
ستنام تحت الارض في ملحودة / والشمس فوق الارض بعدك تشرق
لاحسن عند النفس بعد زهوقها / والنفس الا مرة لا تزهق
اما العراق فانه لشقائه / ممن ترباهم لعون يرهق
يا شعب لا تيأس فانك بالغ / نشزاً به يا شعب انت الا خلق
يا شعب سوف تكون دوحا جذعه / ضخم فانت اليوم خصن مورق
قد تفشل الاقوام في مجهودها / لكن اليها اليأس لا يتطرق
ووددت لو اضحى شتاتك وحدة / او كان لا يتفرق المتفرق
يا شعب ان طريق مجدك واضح / فانهجه حثحاثا وانت موفق
واذا الشعوب على ضؤولة شأنها / همت لاسباب التقدم تخلق
يا قومنا استقلالكم هو كاذب / لا مثلما قد صور المتملق
اني على الاوطان انفق مهجتي / اما الدخيل فاي شيء ينفق
قد يسكت المهضوم الا زفرة / منه والا عبرة تترقرق
من بعد ان خف الدجى في ليلتي / ما بال نجم الصبح لا يتألق
ليلى التي انا منذ حين باسمها / في كل بيت من قصيدي اشهق
ليست سوى وطني وما وطني سوى / شرفي الذي اسمو به واحلق
ليلى اجل ليلى التي اعززتها / هي كل ما انا في حياتي اعشق
شعري بما في القلب مني ناطق / واذا سكت فان دمعي ينطق
ما زال قلبي خافقا بولائه / ويظل ثم يظل قلبي يخفق
جثمانه هذا فاين المنطق
جثمانه هذا فاين المنطق / وغلافه هذا فاين المخفق
اين ابتسامته التي كانت على / شفتيه ان لاقيته تتألق
بل اين نظرته التي كانت لما / يبدي المخاطب من خواطر تسبق
اين استقلت تلكم الكلم التي / كانت كانوار الربيع تفتق
اين العقاب مهدهداً في جوه / ترنو العيون اليه وهو محلق
السيف ذاك السيف الا انه / صدئ الحديدة ما عليه رونق
ما بال ذاك القلب بين ضلوعه / بعد الحماسة ساكنا لا يخفق
ما خطب روض الشعر اصبح دوحه / بين البواسق اجرداً لا يورق
ماذا ببلبل ايكه وهو الذي / ملأ الفضاء شهاقه لا يشهق
جاؤا بجبران وما جاؤا به / جسد له من غير روح ترفق
صدق النعيّ فان جبراناً قضى / وتهدم الباني واودى المشفق
قد هزّ مغربها النعيّ بليله / فاهتز عند الصبح منه المشرق
الموت يصدق في جميع حديثه / اما الحياة فقلما هي تصدق
لهفي على حرية في اهلها / بالرغم من حرس السلامة تخنق
ليل وزوبعة وبحر ثائر / ماذا سيفعل في العباب الزورق
ولعله في الصبح يلفى سالما / ولعله قبل السلامة يغرق
جاؤا برمته يحف بنعشها / جمهورهم من كل صنف رزدق
وامام ذاك النعش يمشي جحفل / ووراء ذاك النعش يمشي فيلق
والشعب في تلك المواكب كلها / باك على ادب ذوي او مطرق
كانت مدامعهم تبث شجونهم / فكأنما تلك المدامع تنطق
لا فرد الا والدموع بعينه / رجراجة فكأنما هي زئبق
سمدت قرى لبنان عند نعيه / الا دموعا قد جرت تتدفق
الدهر فرق شمل جمع ناهض / والدهر يجمع تارة ويفرق
يا فاكرا في القبر يسبر غوره / الغور مما انت تحسب اعمق
جبران كان بخالدات قصيده / لا بالثياب قشيبة يتأنق
حر اذا ما الجأته حاجة / لا يطلب الزلفى ولا يتملق
ولقد يقود إلى صلاح امة / فرد باخلاق زكت متخلق
أمصور الارواح بعد جسومها / صور اذا ما اسطعت روحك تزهق
في القبر ليلك سرمد لا ينقضي / والشمس فوقك كل يوم تشرق
ان كان روح المرء تبقى بعده / فالجسم هين كونه يتمزق
سر في سبيل المجد ميتاً مثلما / قد سرت حيا ثم انت موفق
يا من تجرد آخراً من حسه / ما ان يضيرك ان قبرك ضيق
لا اذكر الادب الذي يتمته / الا اكد له بدمعي اشرق
لا حي الا وهو يوما هالك / ولعلنا بالسابقين سنلحق
بقيت لنا الغبراء نمشي فوقها / ولك الوسيع من السماء الازرق
سر في طريقك للسماء فعندها / شمس تغيب والف شمس تشرق
لا تأخذنك عند سيرك رهبة / ما في طريق الخلد شيء موبق
في النفس منك جميع ما احسسته
في النفس منك جميع ما احسسته / من سيء سمج ومن اعلاق
فاذا ذهبت فكل شيء ذاهب / واذا بقيت فكل شيء باق