المجموع : 5
ما للسُّيوفِ أما تَثوبُ فَتعطِفُ
ما للسُّيوفِ أما تَثوبُ فَتعطِفُ / وَلِمَنْ قُوىً في غيرِ حقٍّ تَزْحَفُ
جَهجاهُ مالك هِجتهَا مذمومةً / هوجاءَ لولا اللَّهُ ظلّتْ تَعصفُ
الخزرجُ انطلقوا لنصرِ حليفهِم / ومضى لنصرتك الكُماةُ الدُّلَّفُ
لَسِنانُ إذ تُؤذيهِ منكَ بضربةٍ / أولى وأخلقُ من تحبُّ وتألفُ
هَفَتِ السُّيوفُ إلى السُّيوفِ وأوشكت / صُمُّ الرماح على الرماحِ تقَصَّفُ
ومشى النبيُّ يقول يا قومُ اسكنوا / أكذاكَ تضطربُ الجبالُ وترجف
تدعون دعوى الجاهليّة جهرةً / فَمن الدُّعاةُ من الهُداةِ الهُتَّف
أوَ لستُمُ النفر الذين بنورهم / يجد السَّبيلَ الحائرُ المتعسّف
رُدّوا السُّيوفَ إلى جماجمِ معشرٍ / فيهم مَرَدٌّ للسُّيوفِ ومصرف
هدأ الرجالُ وراح ظالمُ نفسِهِ / يَهْذي فَيُمْعِنُ أو يظنُّ فيسرف
لجَّ النفاقُ فقائلٌ لا يستحي / ممّا يقولُ وسامعٌ لا يأنف
ما بالُ من جمحت به أهواؤُه / أفما يزالُ على الغَوايةِ يعكف
يُؤذِي رسولَ اللهِ يزعمُ أنّه / في قومِهِ منه أعزُّ وأشرف
ويقول موعدُنا المدينةُ إذ يُرَى / أيُّ الفريقينِ الأذلُّ الأضعف
فَلنُخرجَنَّ مُحمداً منها غَداً / وليعلمنَّ الأمرَ ساعةَ يأزف
سمع ابنُ أرقمَ ما يقول فهاجه / غَضبٌ يضيق به التّقيُّ الأحنف
ومضى يقصّ على النبيِّ حديثَهُ / فيكاد عنه من الكراهةِ يصدف
قال اتّئد فلقد يُغانُ على الفتى / فيزلُّ منه السَّمعُ أو يتحرّف
فمضى على أسفٍ يلوذُ بعمّهِ / فُيلامُ غيرَ مكذَّبٍ ويُعنَّف
قال اقتصد يا عمّ ما أنا بالذي / يُغضي إذا اغتابَ الرسولَ مُجَدِّفُ
ثَقُلَتْ عليَّ من الغبيِّ مقالةٌ / جَلَلٌ تُهَدُّ بها الجبالُ وتُنْسَفُ
واللّهِ لو ألقَى صَواعِقَها أبي / لحملتُها وذهبتُ لا أتخفَّف
رُوِيَ الحديثُ وَغِيظَ من مكروهه / عُمَرٌ فَغِيظَ المشرفيُّ المُرهَفُ
أغرى بقائِلهِ مخوفَ غرارِهِ / ما كان يَعلمُ من أذاه ويعرف
سأل الرسولَ الإذنَ فيه لعلَّه / يَشفيه من دمِه بما يترشَّف
فأبى وقال أليس من أصحابنا / دعه فتلك أشدُّ ما أتخوَّفُ
وأتى ابنُه فدعا أبي أنا خصمه / فدعوه لي إنّي به لَمُكلَّف
مُرْنِي رسولَ اللَّهِ أكْفِكَ أمرَه / فلقد عَهدتُكَ راحماً تتلطّف
إنّي أحِبُّ أبي وأعرف حقَّه / ولأنتَ بي وبه أبرُّ وأرأف
سيفي أحقُّ بهِ فإن يك غيره / عَظُمَ الأسى فيه وهالَ الموقف
إنّي لأخشى أن أرى دَمَ مُؤمنٍ / بيدي لأجلِ أبي يُراقُ وينزف
قال النبيُّ ارفِقْ بشيخكَ وارْعَهُ / إنّ العُقوقَ من البنينَ لَمَتْلَفُ
القاذفُ الجبّارُ زُلزِلَ قلبُه / بالرُّعبِ يُلقَى والمخافةِ تُقذفُ
ضَاقتْ مذاهبُه فأقبل ضارعاً / وأخو الهوانِ الضَّارعُ المستعطف
جَحَدَ الحديثَ وراح يَحلفُ ما جرى / صَدَقَ المُنَبِّئُ وافترى من يحلف
إنّ ابن أرقمَ لم تكن لتخونه / أُذُنٌ تَعِي وتصونُ ما تتلقّفُ
يبقى بها نقشُ الكلامِ كأنّما / نُقِشَتْ على الصّخرِ الأصَمِّ الأحرف
صُوَرٌ إذا وَلِيَ اللِّسَانُ أداءَها / فالزُّورُ من أعدائها والزخرف
ما رُمْتُ وصفاً حَسْبُ زيدٍ أنّه / بفرائِدِ الوحْيِ المنظَّم يُوصف
اللَّهُ أنزله بياناً صادعاً / كبَتَ الألى قلبوا الأمورَ وزيَّفوا
كشفَ الغطاءَ عن النِّفاقِ بسورةٍ / نزلتْ وكان غطاؤُه لا يُكشَف
جُرْمٌ إذا استخفى مَخافةَ ذاكرٍ / نادى الزمانُ به وضَجَّ المصحف
ما للدُّموعِ على التَّظَنُّنِ تَذرِفُ
ما للدُّموعِ على التَّظَنُّنِ تَذرِفُ / الجارُ وافٍ والهَوى متألِّفُ
لا تُنكروا حُبَّ النبيِّ لآلِهِ / وديارِهِ الأولى ولا تَتَأسَّفُوا
أحَسِبْتُمُوهُ يُريدُ عنكم مَصرفاً / مَهْلاً فليس عن الأحبَّةِ مَصْرَفُ
لمَّا فزعتم قال يا قومُ اسْكُنُوا / هِيَ يَثرِبٌ ما دُونَها مُتَخَلَّفُ
دارُ الحياةِ وَمنزلُ الموتِ الذي / مَالِي سِوَاهُ فإنْ جَهِلْتُمْ فَاعْرفوا
فَرِحُوا وأشرقَتِ الوجوهُ فما تَرَى / عَيناً تَفيضُ ولا فُؤاداً يَرجُفُ
صَدَقُوا نبيَّهُمُ الهَوَى فَقلوبُهم / مِن حولِهِ شَغَفاً تَرِفُّ وَتَعطِفُ
أنصارُهُ في الحادِثَاتِ إذا طَغَتْ / وجنودُهُ في الحربِ سَاعَةَ تَعصِفُ
هُمْ أنصفوهُ مُشرَّداً يَجِدُ الأذَى / من كلِّ ذِي جَبريَّةٍ لا يُنْصِفُ
وَتَكنَّفوهُ يُعَظِّمُونَ مَكَانَهُ / وَذوُو قرابَتِهِ تَصُدُّ وَتَصدِفُ
ما عَزَّ منزلُ قادمٍ أو زائرٍ / إلا ومنزلُهُ أعزُّ وأشرَفُ
شَدُّوا عُرَى الإسلامِ حَتّى استحكمتْ / ولَوَى السَّواعِدَ حبلُهُ المُسْتَحْصِفُ
كانوا أَساسَ بِنائِهِ وعِمادَهُ / والأرضُ تُخْسَفُ والشَّوامخُ تُنْسَفُ
انظرْ بِناءَ اللَّهِ حَوْلَ رَسولِهِ / وَصِفِ الذُّرى إن كنَّ مما يُوصَفُ
في كلِّ سورٍ منه جُندٌ يَرتَمِي / يغزو الأُلَى كفروا وموتٌ يَزحَفُ
صَبُّوا على المستضعفينَ نَكَالَهُمْ / وَجَرى القَضَاءُ فَهُمْ أذلُّ وأضعَفُ
يا معشرَ الأنصارِ ما مِن صالحٍ / إلا لكم فيهِ يَدٌ أو مَوقِفُ
لَكمُ المواقِفُ ما يُذاعُ حَدِيثُها / إلا يُهِلُّ بها الزّمانُ ويَهتِفُ
لا الشِّعرُ مُتَّهمٌ إذا بلغَ المَدَى / يُطرِي مناقِبَكُم ولا أنا مُسْرِفُ
أوَ ما كَفَاكُمْ ما يَقُولُ إلهُكُم / في مَدْحِكُمْ وَيَضُمُّ منه المُصْحَفُ
الكُتْبُ تَتْرَى والكتائبُ تَدلِفُ
الكُتْبُ تَتْرَى والكتائبُ تَدلِفُ / والبأسُ بينهما يَثورُ ويعصِفُ
الله وكَّلَ بالملوكِ رَسولَه / فإذا العروشُ بهم تَميدُ وتَرجُفُ
أهِيَ القلوبُ تَلجُّ في خَفَقاتِها / أم تلكَ أجنحةٌ تَظلُّ تُرفرفُ
رُسُلُ النبيِّ بكلِّ أرضٍ جُوَّلٌ / تَرمِي بهم هِمَمٌ نواهِضُ قُذَّفُ
حَملوا القُلوبَ الصُّمَّ يَعصِمُهم بها / دِينٌ لهم صلْبٌ ورأيٌ مُحْصَفُ
تَرمِي الجَلامِدَ والحديدَ بِقوّةٍ / تمضِي فتصدعُ ما تشاءُ وتَقصِفُ
يَخشَى العَتِيُّ المُستَبِدُّ نَكالَها / ويَهابُها المُسْتكبِرُ المُتَغطرِفُ
سِرْ في ذِمامِ اللهِ دِحْيَةُ إنّها / لك حاجةٌ ما دونها مُتخَلَّفُ
أيْقِظْ هِرَقْلَ فقد تطاولَ نَومُهُ / وأبَتْ عَمايتُه فما تَتَكشَّفُ
أيْقِظهُ إنّ اللهَ ليس كَدِينهِ / دِينٌ وليس له شَريكٌ يُعرَفُ
أخَذَ الكتابَ ورَاحَ يسألُ كلّما / وَضح اليقينُ لهُ يُلِحُّ ويُلْحِفُ
ماذا أرادَ اللَّهُ ما شأنُ الذي / بَعثَ الكتابَ بأيِّ شَيءٍ يُوصَفُ
قُلْ يا أبا سُفيانَ لا تُطِعِ الهَوى / وَدَعِ المَلامَ لِمن يَجورُ ويَجْنِفُ
أبدى هِرقلُ لقومِهِ أنْ قد صَغا / مِنْهُ إلى الإسلامِ قلبٌ مُنصِفُ
غَضِبُوا فقال رُوَيْدَكُم ما بي سوى / أن أستبين وأين منا المصرف
بعث الكتاب فقالَ إنّي مُسلمٌ / لكنّهم قومي الأُلى أتَخوَّفُ
وَاخْتَارها مِمّا يُحِبُّ هَدِيَّةً / ألقى بها من مَكْرِهِ يَتزلَّفُ
قال النبيُّ رِسالةٌ من كاشحٍ / يُبدِي الرِّضى ومُنافقٍ يَتكلَّفُ
وهَديَّةٌ سَاءتْ وسَاءَ حَدِيثُها / فالزّورُ من أسمائِها والزُّخْرُفُ
كِسرَى لكَ الويلاتُ ماذا تَبتغِي / ماذا تظنُّ بِمَنْ تُغاثُ وتُسْعَفُ
مَزقَّتَ من كُتبِ النبيِّ تميمةً / فيها مَنابِعُ رَحمةٍ لا تَنْزَفُ
وذخيرةً يَجِدُ الذَّخائِرَ كُلَّها / بِيَدَيهِ حينَ يُصيبُها المتلقِّفُ
أطلبتَ من باذانَ رأسَ مُحمّدٍ / إن لم يَتُبْ بل أنتَ غاوٍ مُسرِفُ
سَتَرى اليقينَ على يَدِ ابنكِ فَانْتَبِهْ / لَكَ مَوْعِدٌ عمّا قليلٍ يَأزَفُ
صَدَقَ النبيُّ وذاقَ كِسرَى حتفَهُ / مِن شِيرويه فما له من يَعطِفُ
وَرأى الهُدى باذانُ بعد ضلالةٍ / فمضَى على البيضاءِ لا يتعسَّفُ
نَبَذَ الهَوى فَصَحا وأصبحَ مُسلِماً / ودَعا الأُلَى معه فلم يَتخلَّفوا
لا خابَ جَدُّ القومِ إنّ إلههم / جمعَ القلوبَ على الهدى فتألَّفوا
وأتى النجَاشيَّ الكتابُ فلم يكن / مِمّن يَصُدُّ عنِ الصَّوابِ ويَصدِفُ
شَرَفٌ أُتِيحَ له وعِزٌّ زانَهُ / إنّ التقيَّ هو الأعزُّ الأشرفُ
وأبى المُقْوقِسُ أن يُفارِقَ دِينَهُ / يَخْشَى الذي يَخْشَى الغَبِيُّ المُتْرَفُ
بَعثَ الهدايا يَتَّقي بحسانِها / ما يتّقِي ذُو البِغْضَةِ المتلطِّفُ
ضَنّ الخبيثُ بِمُلكِهِ وغَداً يرى / يد غَيْرِه في مُلْكِهِ تتصرَّفُ
هذا الذي قال النبيُّ وهكذا / صَنَعَ الذي يبنِي العُروشَ وينسِفُ
والمنذرُ اتَّخذَ السّبيلَ مُسدَّداً / قَبْلَ الكتابِ يُخِبُّ فيه ويُوجِفُ
سألَ النبيَّ فقالَ ما أنا فاعلٌ / بالقومِ إذ ضَلُّوا السّبيلَ وَزَيَّفُوا
فَقَضى إليهِ الأمرَ يأخذُهم بهِ / ويُقيمُه بالحقِّ لا يَتحرَّفُ
للمسلمينَ أمورُهم وله على / مَن ضلَّ جِزيةُ عادلٍ لا يُجحِفُ
وطحا بجيفرَ جَهلُهُ وعِنادُه / فأبَى على عمروٍ وأعرضَ يأنَفُ
ورآهُ يَهدِرُ بالوعيدِ فراعه / وأتى غَدٌ فَانْقَادَ لا يَتوقَّفُ
وَانْساقَ يَتبَعُه أخوهُ وإنّه / لَمُهَذَّبٌ سَمْحٌ الخِلالِ مُثقَّفُ
وأتى اليمامةَ بالكتابِ رَسُولُها / فكذاكَ يَهذِي الطّامِحُ المتعَجْرِفُ
طُغيانُ شاعرِها وجَهْلُ خطيبها / وغروُ صاحِبها المُبيدُ المُتلِفُ
طَلَب المحالَ من النبيِّ ولم يَزَلْ / ذُو الجهلِ يُولَعُ بالمحالِ ويُشْغَفُ
يَهْذِي ببعضِ الأمرِ يَقطعهُ له / والأمرُ ما قطع الحُسامُ المُرهَفُ
والحارثُ المأفونُ طاحَ بِلُبِّهِ / خَبَلٌ تُصابُ بِهِ العقولُ فَتَضْعُفُ
ألقى الكتابَ وقالَ مُلكي ليس لي / كُفْؤٌ فَيُنزَعُ من يَديَّ ويُخْطَفُ
انْظُرْ شُجاعُ الخيلَ والجُندَ الأُلَى / تَلْقَى العدوَّ بهم تَكُرُّ وتزحَفُ
وَاذْكُرْ لِصاحبكَ الحديثَ فَرُبَّما / كَفَّ المناجِزُ وارْعَوى المُسْتَهْدِفُ
ثم استعدَّ وجاءَ قيصرَ وافدٌ / بصحيفةٍ منه تَصِرُّ وتَصْرُفُ
حَمْقاءَ يَطغى الغيظُ بين سُطورِها / وتَشُبُّ بالشَّنآنِ منها الأحرفُ
رَكِبَ الغُرورَ وقال إنّي قَاذفٌ / بالجيشِ يثرِبَ فَهْيَ قاعٌ صَفْصَفُ
قالَ ازْدَجِرْ ما أنتَ من أكفائها / واسْكُنْ فإنّك لَلغوِيُّ المُرجِفُ
فأفاقَ واتَّخَذَ الخِداعَ سَجِيَّةً / لا يَسْتَحِي منها ولا يَتعفَّفُ
بَعثَ السلامَ مع ابنِ وَهْبٍ وَادَّعَى / دَعْوَى الذي يُرخِي القِناعَ ويُغْدِفُ
قال ادَّخرني يا شُجاعُ فإنّ لي / قلباً إلى دينِ الهُدَى يَتشَّوفُ
إنّي لمتبِعٌ سبيلَ مُحمّدٍ / وإليكَ رِفْدُكَ بالكرامةِ يُرْدَفُ
سَمِعَ النبيُّ حدِيثَهُ فتكشَّفتْ / نَفسٌ مُقنَّعةٌ وقلبٌ أغْلَفُ
مُلكٌ يبيدُ ومالِكٌ يُرجَى إلى / أجلٍ يَحينُ وموعَدٍ ما يُخْلَفُ
يَأبَى الغَوِيُّ الرُّشدَ يرفعَ شأنَهُ / فإذا هوى ألفيتَهُ يَتأسَّفُ
لِلحقِّ مِئذنةٌ وَدَاعٍ مُسمِعٌ / في كلِّ شيءٍ بالخلائقِ يَهتِفُ
عَجِبَ الملوكُ لِكابرِينَ سَمَتْ بهم / هِممٌ تَميلُ عنِ العُروشِ وتَعزِفُ
المُتّقونَ هُمُ الملوكُ وإن أبَوْا / رَغدَ الحياةِ ولينَها فتقشَّفوا
عَكَفوا على آيِ الكتابِ فأفْلَحُوا / والجاهلونَ على المآثِمِ عُكَّفُ
غَضِبَ الحُماةُ لدين أَحمدَ غَضبَةً
غَضِبَ الحُماةُ لدين أَحمدَ غَضبَةً / نُصر الإِلهُ بِها وَعزَّ المُصحَفُ
قَذَفَت بِهانوتو فَطاحَ بَهبوَةٍ / تَرمِي بِأَبطالِ الرِجالِ وَتقذفُ
ما انقضَّ يَرمي المُسلِمِينَ بِعَسفِهِ / حَتّى اِنبَرى القَدرُ الَّذي لا يَعسِفُ
هاج الحُماةَ فَهاجَ كُلَّ مُشيَّعٍ / عَجِلِ الوَقائع بِالفَوارس يَعصفُ
جبريلُ يَدلِفُ بِاللواءِ وَأَحمدٌ / بَينَ الوَصيِّ وَبَينَ حَمزَةَ يَزحَفُ
أَو كلّما هاجَ التعصُّبَ أَهلُهُ / صاح الغَوِيُّ بِنا وضجَّ المُرجِفُ
في كُلِّ يَومٍ لِلتَعَصُّبِ غارَةٌ / يَدعو بِها داعِي الصَليبِ وَيَهتِفُ
ضَجَّت شُعوبُ المُسلمين وَراعهم / ظُلمُ الأُلى لَولا السياسَةُ أَنصفوا
جَعلوا الصَليبَ سِلاحَها وَتدَّفعت / عَن جانِبَيهِ دَماً فَلَم يَستنكفوا
إِنّ الصَليبَ عَلى جَهالةِ أَهلِهِ / ليرى سَبيلَ المُصلِحينَ وَيَعرِفُ
أَيَهِمُّ هانوتو بِقَبرِ مُحمَّدٍ / وَيَسوعُ حَولَيهِ يَطوف وَيَعكِفُ
أَيقولُ تِلكَ فَلا تَميدُ بِأَهلِها / باريسُ مِن فَزَعٍ وَيَهوي المُتحَفُ
فَلَسَوفَ يَنظرُ أَيّ مُلكٍ يَنطَوي / وَلَسَوفَ يَعلم أَيّ عَرشٍ يُنسَفُ
وَيحي عَلى الإِسلامِ هان وَزَلزَلَت / أَيدي الخُطوبِ شُعوبَه فَاستُضعِفوا
لَولا التَعصُّبُ لَم تُرَع في ظِلِّهِ / أُمَمٌ تَميدُ ولا ممالكُ تَرجُفُ
وَأَرى الَّذين تَفرَّقَت أَهواؤُهم / لَو أَنَّهُم غَضِبوا لَهُ لتأَلّفوا
مَهلاً دُعاةَ الشَرِّ إِنّ وَراءَكُم / يَوماً تَظلُّ بِهِ الشُعوبُ تَخطَّفُ
تَتَخبّط الأَحداث في غَمراتِهِ / وَتظلُّ عَن أَهوالِهِ تَتَكشَّفُ
لِلّهِ فيما تَفعلون بِدينهِ / عَهدٌ أَبرُّ وَمَوعدٌ ما يُخلَفُ
مَهلاً فيومئذٍ يُحَمُّ قَضاؤُهُ / إِنّ القَضاءَ إِذا جَرى لا يُصرَفُ
كشف الكِتابُ عَن المَحجَّةِ فَانظُروا / وَأَرى المحجّة عِندَكُم أَن تَصدِفوا
لُوذوا بِأروَعَ ما تَخافُ نُفوسُكُم / إِنّ الكِتابَ عَلى النُفوسِ لَأَخوَفُ
إِن الَّذي قَهرَ الجَبابر ما لَهُ / مَثَلٌ يُعَدُّ وَلا شَبيهٌ يُوصَفُ
يُزجِي أَساطيلَ القَضاءِ سُطورهُ / وَتَقود خَيلَ اللَهِ مِنهُ الأَحرُفُ
وَلربّما ركب المجرَّةَ فَاعتَلى / وَهَوى المُنيفُ عَلى العُبابِ المُشرِفُ
حِصنٌ يلوذُ الدينُ مِنهُ بِجانبٍ / عَزريلُ مُرتَقِبٌ عَلَيهِ يُرَفرفُ
تَشقى الجِواءُ بِما يُذِيبُ مِن القُوى / وَتَضيقُ بِالمُهجِ الَّتي يَتَلقَّفُ
ما بَينَ وَثبَةِ ثائِرٍ وَنُكوصِهِ / إِلّا مجالٌ للحُماةِ وَمَوقفُ
وضح السَبيلُ فما لهنّ وُقوفا
وضح السَبيلُ فما لهنّ وُقوفا / هِمَمٌ ثَوَيْنَ على الرجاء عُكوفا
يا دهرُ لا ترفُقْ ويا دنيا امنعِي / حتّى يسيرَ العاملون صُفوفا
تأبى العنايةُ أن تُجاوِرَ عاجِزاً / في العالمينَ وأن تزورَ ضعيفا
ثَمنُ الحياةِ لِمَنْ يُريدُ شِراءَها / وافٍ ويحسبه الغبيُّ طفيفا
النّفسُ منه فإن ضننتَ ببذلها / ضَنّتْ عليكَ وغادرتْكَ أسيفا
لكَ في كتابِ اللهِ خيرُ مُعلِّمٍ / فَكُنِ امرأً يَقِظَ الفُؤادِ حصيفا
إنّ الذين على هُداه تعلّموا / وجدوه بَرّاً بالشُّعوب رَؤوفا
يَهديُهم السَّنَنَ السَّوِيَّ ويبتَني / صَرْحَ الحياةِ لهم أشمَّ مُنيفا
كشفَ الظّلامَ عن القُلوبِ فأبصرَتْ / وبدا المُغيَّبُ واضحاً معروفا
الله أنزلَهُ فكان لِخَلقِهِ / نُوراً عَلا سُوَراً وعزَّ حُروفا
مَلكَ الرِّقابَ به أوائلُنا الأُلى / طُبِعُوا عليه أسنّةً وسُيوفا
دفعوا الحوادثَ والصرُّوفَ بأَنْفُسٍ / كانت حوادثَ تُتَّقَى وَصُروفا
من كلّ ماضٍ في الممالكِ نافذٍ / يجري بِمُستَبَقِ الحُتوفِ حُتوفا
يَرِدُ الدّماءَ مُطهَّراً ويخوضها / بَرَّ الوقائعِ والفتوحِ عَفيفا
يُحيي إذا أخذ اللّواءَ لِغارةٍ / بالنّفس يَسلبُها الحياةَ أُلوفا
هي حِكمةُ الإسلامِ يَعرفُ وصفَها / مَن كان من حُكمائه موصوفا
هذا بناءُ المتّقينَ لِربِّهم / لم يجعلوه على الهُدى مَوقوفا
رفعوه في ذاتِ الألهِ وإنّما / رَفعوا بهِ لِلمُسلمينَ أُنوفا
الله أكبرُ هل رأيتم مُؤمناً / عن دينِه وَكِتابهِ مَصروفا
يا قومُ ماذا تسمعون رُوَيْدَكم / إنّي لأَسمعُ في السّماءِ حَفيفا
جِبريلُ يهبط بالتَّحيّةِ فانْهَضُوا / مِلءَ السُّرادقِ هاتفين وقُوفا
اللهُ أكبرُ ما أجلَّ شِعارَنا / إنّا نراه مُحبَّباً مألوفا