غَنِّي بأودية الربيع وطوفي
غَنِّي بأودية الربيع وطوفي / وصفي الطبيعةَ يا فتاةَ الريفِ
وَلَّى خريفُ العام بعد ربيعه / ولَكَمْ ربيعٍ مرَّ بعد خريفِ
يا أخت طالعة الشموس تطلَّعي / للورد بين مفتَّحٍ وكفيفِ
والطير هدارٌ فأفقٌ أكدرٌ / يرمي الغمامَ به وأفقٌ يوفي
لهفانَ يرتادُ الجداول باكياً / من كلِّ طيفٍ للربيع لطيفِ
أهدى الشتاءُ إليه من نَغمِ الأسى / صَخَبَ الرياح وأنَّةَ الشادوفِ
هذا بعبرته يجودُ وهذه / ما بين نقْسٍ في الربى وزفيفِ
إني لأذكرُ حقلنا وليالياً / أزهرنَ في ظلٍّ لديه وريفِ
ومراحنا بِقُرى الشمال وكوخَنا / تحت العرائش في ظلالِ اللوفِ
نلقي الخمائلَ بالخمائلِ حولنا / متعانقاتٍ سابغاتِ الفوفِ
ذكرى الطفولة أنتِ وحدك للصِّبا / حُلُمٌ يرفِّه عنه بالتشويفِ
يا رُبَّ رسمٍ من ربوعك دارسٍ / قَصُرَ الثواءُ به وطال وقوفي
إني طويتُ العيش بعدك ضارباً / في الأرض منفرداً بغير أليفِ
صَدَفَ الفؤادُ عن الشباب ولهوه / ومضى عن الأحبابِ غير صدوفِ
يا رُبَّ ليلٍ دبَّ في أحشائه / منا لفيفٌ سار إثر لفيفِ
نقتافُ آثار الطيور شوارداً / بين النخيلِ على رمال السِّيفِ
شادٍ هنا وهناك رَنَّةُ مِزْهَر / النجمُ في خفقٍ له ورفيفِ
والبدرُ نَقَّبهُ الغمامُ كأنه / وجهٌ تألَّقَ من وراءِ نصيفِ
والنهرُ سلسال الخرير كأنه / قيثارة سحريةُ التعزيفِ
قومي عذارى الريف والتمسي الرُّبى / نُضراً وغني بالغدير وطوفي
وتفيَّأي الدوحَ الظَّليل ومربأ / للفنِّ تحت أزاهرٍ وقطوفِ
غُصن يطلُّ الفجرُ من ورقاتِه / ويُقبِّلُ الأنداءَ جدَّ شغوفِ
أين الغديرُ عليه يخلع وشيَه / صنعُ الأنامل رائعُ التفويفِ
يا حبذا هو من مراحٍ للصبا / والكوخُ من مشتىً لنا ومصيفِ
صُوَرٌ نزلن على بنانِ مصورٍ / صُوِّرن من نسق أغرَّ شريفِ
أغرينَ بي حُلُمَ الطفولة والهوى / وأثرنَ بي ذكرى ليالي الريفِ